الفصل الثالث

ليس للطفوله عمر كما يقول البعض.
ففي كل منا طفل يظل بداخله الي الابد يميل إلى كل الأفكار الشيطانيه احيانا يتطوق إلى الحنين والأمان في كل يوم، لذلك كلما ضاقت بنا الحياه كلا منا يهرب إليه ولكن لا نعلم لماذا هل لنجد ضالتنا أم أنها مجرد الوسيله الهروب؟ لا أدرى ذلك ولكن ما اعترف به وبشده أن ليس للطفوله عمر.

لتسمع امينة الحزبي همس بصوت منخفض خلفها همس امرأه تتحدث معها وهي تقول بهدوء مميت كفحيح الأفاعي:
من المحزن ان اراكي تحققي احلام طفولتك مع غيري.

لتلتفت امينه الحزبي لتري والدتها تجلس خلفها بوجة شاحب كالاموات يميل الي الابيض الشاهق عيونها قد ابيضت بالكامل ورأسها مصابه بشده بجرح عميق يبدو انه قد مر عليه الكثير من السنوات ولم يلتئم بعد.

لتبتسم والده أمينة الحزبي لها وهي تقول بابتسامة هادئه و هي تواجه امينه بجبروت وقسوة:
- نعم يا امينه انا موجودة امامك وتريني بعيونك وليست مجرد احلام او كابوس في منامك فمهما جاهدتي لتقنعي عقلك اني شبح لا وجود لي،
ساظل اظهر لكي في كل الأوقات وفي جميع الأماكن فانا مازلت اعيش داخلك.

لتتسع عيون امينة من الصدمه وتتدارك ما يحدث لها ما هي الا هلاوس بصرية متكررة الحدوث بالنسبه لها، لتمد اطراف أناملها وهي ترتعش بشدة وتنتفض من الخوف الي عنقها الي تلك القلادة الذهبيه التي دائما ترتديها ولم تخلعها من عنقها منذ سنوات عديدة.

ف سر ارتداءه‍ا لتلك القلادة الذهبية ليس بالهين ابدا بل هي تذكر نفسها دائما بتلك الفرصة الذهبية التي اعطاها الله لها بعمر جديد ومستقبل جديد لتذكر نفسها دائما انها لابد ان تتمسك به وتحافظ عليه بكل ما اوتيت من قوة.

لتتمسك بالقلادة الذهبية علي هيئة فتاة ترقص الباليه لتغلق امينة الحزبي عيونها بقوة وتردد بهستيريا:
-انتي لست هنا، فأنتي لست موجودة من الأساس.
فأنتي من صنع خيالي فقط.

لتحرك جسدها بحركه لا اراديه للامام وللخلف وهي تغلق عيونها وتردد كلماتها بصوت منخفض مرات متتالية لا عدد لها.

فامينة الحزبي كعادتها باستمرار عندما تتوتر او تقابل مشكلة تلجأ لتلك الحيلة لتشتت عقلها عن حقيقة انها تري والدتها المتوفاة امامها.

اقترب منها الفتي الصغير وهو ينظر لها لمده دقائق معدودة وهو يراها تردد كلمات غير مفهومة له ليمد يدية بالقرب من رسغها بهدوء ليلمسها بحنان ويقول لها بدفء:
-امينة ما اصابك؟!
لماذا لم تكملي حديثك بشأن خططنا المستقبليه في مدينة القاهرة ؟؟
وما ينتظرنا لنفعله كاصدقاء.

لتفتح امينة الحزبي عيونها وتنظر لاناملة الصغيره وهي تلمس يديها
يالله علي هذا الشعور الرائع الذي لمس قلبها ف اناملة الصغيرة جعلت روحها تستمد بطاقة ايجابية تكفيها لسنوات عديدة

لتلتفت امينة الحزبي بجانبها باتجاه تواجد والدتها لتري والدتها قد اختفت نهائيا من امام عيونها، وان ما رددته ما هو الا الحقيقه فوالدتها ماضي مؤلم تتعايش معه منذ سنوات عديده تراها امامها في لحظات، قد توهمت امينه ان ماضيها قد محي تماما ليصفعها الماضي ويذكرها بان شبح الماضي لا يمكن ان يختفي أبدا.


لتتنفس امينه بقوه شديدة وهي تبتسم براحه بال كبيرة وتقول له بنبره مختلطه ببراءه اطفال كروحها الشبيه بروح الاطفال:
- خططنا عديده جدا سأشرح لك القليل منها في طريق ذهابنا للقاهرة وسأترك الباقي مفأجاه لك.

لتمسك يديه الصغيرتين بين يديها وتقربها من شفتيها لتقبلها بحب وحنان وهي تقول له بدفء:
لكن يا عزيزي أكد لك ان في انتظارك اشخاص عديدة سيسعدوا بوجودك وسيهتموا بك وبصحتك وراحتك،
بالاضافه الي انك ستكون العديد من الصداقات مع اطفال مميزين مثلك.

ليبتسم الفتي الصغير لها بعيونة البريئة ليقترب منها يلقي نفسه بين احضانها وهو يدع لها مصيرة تقررة كما تشاء
فقد لمس قلبة الصغير الامان والصدق والاستقرار داخل حديثها وعيونها بعد الم وعناء قد واجهة علي يد والدتة وزوج والدتة.

لتنهض امينة الحزبي من علي المقعد وتمد يديها للفتي الصغير ليتشبث بيديها لتتحرك امينة خطوات بعيد عن منزل الطفل بكل ذكرياتة السيئة التي عاشها داخلة.

لتلتفت امينة باتجاه البحر وتنظر مطولا وهي تتذكر ما حدث لها في طفولتها لتتنهد بحرية وهي تتذكر وعدها التي قطعتة علي نفسها،
بانها لن تقهر ابدا ولن تصبح ضعيفة ابدا مهما واجهتها من الظروف.

لتبدأ امينة الحزبي والفتي الصغير رحلتها باتجاه مستقرة الجديد وهو منظمة اجتماعية لرعاية الطفل وتهتم به لتوفر له حياه جديده بدون اي مشاكل.

مع تخطي القطار السريع محطة القاهره ليصدر صافرة وصولة ليعلن لمستلقية وصولهم لمرادهم نظرت امينة من نافذة القطار لتبتسم بفرحة كبيرة وتخرج هي والفتي الصغير في صحبتها لتجد سيارة فاخرة وهي تابعة للمنظمة في انتظارها هي وضيفها الجديد.

لتستقلها امينه والطفل وتبتسم بفرحه كبيره وهي تري عيونة تلمع من شدة اندهاشة بكل ما حولة من اضواء صاخبة ومباني مرتفعة جدا حياه جديده مختلفه كليا عليه من الحياه في بورسعيد بهدوها وهواءها النقي،لتمر السيارة من بوابة المنظمة وهي تمر بين ممر بين الحدائق الخضراء الواسعة والورورد الملونة المميزة التي تضيف بهجة و روح مميزة للمكان.

توقفت السيارة لتنزل امينة وتلتفت لباب الطفل لتفتح له باب سيارتة وتصطحبة تحت عيونة والدتة البديلة التي تقف امام بوابة المنظمة بانتظارة،
فهو من الان اصبح مسئولياتها ورعايتها فقوانين المنظمة
ان كل مجموعة صغيرة من الاطفال يصبح لهم ام بديلة.

ام بلدية تهتم بهم وتحميهم تحافظ علي صحتهم ونفسيتة وتعليمهم وتربيته بطريقه سليمه لينشأ انسان مثالي بعيد ومختلف عن نشأته السابقه تماما فالام البديله تصبح معلمته ورقيبه علي جميع تصرفاته فيصبح كل شئ خاص بهم مسئولياتها.

لتخفض امينة الحزبي مستواها من الطفل وتقترب منة وتقول له بهدوء:
-أريد أن اعرفك علي صديقة جديدة لك وهي ماما ايناس
والدة للعديد من الاطفال هنا تلعب معهم ولديها العديد والعديد من القصص المشوقة التي ستقصها لك كل يوم قبل النوم.

لينظر الفتي لها بفرحة ويركض معها بحب وتشويق لما سيراة معها ف امينه لم تتوقف طوال طريقها للقاهره بان تشرح له ما سيتعلمة يوميا وصداقتة العديدة مع الاطفال في انتظارة.

لتبتسم امينة الحزبي وهي تراه يركض معها بفرحة كبيرة وهي تري حياتة تحولت علي يديها من حزن والم نفسي وجسدي لطفل جديد مقبل علي كل ما هو في انتظارة.

لتسمع امينة الحزبي صوت يأتي من خلفها وهي تتحدث بابتسامه استهزاء:
-اتعجب واتسأل دائما كيف لكي ان تجمعي بكل مجهود كل الأطفال من جميع أنحاء الجمهوريه، وتعجزي علي ان تريني طفل صغير واحد فقط من صلبك.

لتبتسم امينه الحزبي بفرحه كبيره وهي تهز رأسها بالنفي وتقول بحب لصديقتها الوحيده التي ساعدها القدر وحظها الجيد من الحياه ان تحظي بها، ففي وسط مصاعب حياه امينة منذ الصغر كفأها الله بصديقه مخلصه كمها فهي مها محاميه قانونيه تعمل في منظمه لرعايه الطفل مع امينه الحزبي.

مها محاميه مميزه جدا جمعتهم صداقه مميزة جدا بامينة لتشابة ظروف معيشتهم ف مها وامينه ليسا من سكان القاهرة ف امينة من بورسعيد ومها من الصعيد بالتحديد من قنا.

ليجتمعا في سكن مشترك لسنوات معدودة قبل ان يدق قطار الزواج علي باب مها وتستقل في منزل مع زوجها، ف منذ تلك اللحظة ومها لا يشغل بالها سوي ان تطمئن علي امينه مع زوج مخلص يحبها ويراعها وتري اطفال امينه وتهتم بهم.

لكن مع رفض امينه القاطع للإرتباط وللزواج واخبرت مها مرار وتكرار انها لا تري نفسها ام جيده ابدا
لترد امينة الحزبي بنبرة هادئه علي مها:
-الم اخبرك يا عزيزتي مها اني لا اصلح للزواج او للارتباط ولا اري نفسي ابدا ام، فانا اخصائية للدفاع عن حقوق الطفل بكل ما اوتيت من قوة.
فلن ادع ابدا انانيتي تدفعني لان انجب طفل ويتدمر في زواج فاشل.

لتغلق مها عيونها بأسي وحزن وهي تتحاول ان تتنفس بعمق شديد فهي تعلم مدي قسوه هذا الحديث علي قلب امينة لكن واجبها كصديقه جيده ان تعالج كل أزمات صديقتها لتقول بصدق وأمانة:
- انا اؤمن جدا بكي يا عزيزتي، اؤمن انك ستصبحي زوجه جيده وام اكثر من رائعه ان تركتي شبح الماضي ونظرتي بتفأول للمستقبل، لماذا تعاقبي نفسك علي اخطاء ارتبكها غيرك؟!

لتقاطعها أمينة الحزبي بنبرة صارمة وهي تقول بغضب:
انزلي الي ارض الواقع يا مها فما اصابي لم تكن وعكة صحية او كابوس سئ،بل انا طفلة تعرضت للقتل علي يد اقرب الاشخاص لي وهي والدتي.
فقد قررت والدتي بكل سهولة ان تعاقب والدي بقتل نفسها وقتلي بدم بارد دون النظر لرغبتي ان رغبت في الحياة او الموت.

لتقترب مها من يد امينة تحتويها بين يديها وتقول بحب:
اعتذر لذكري هذة الذكري السيئة خصوصا بعد عودتك من بورسعيد فمن المؤكد ان تلك الزيارة لم تكن بالهينة أبدا علي مشاعرك ونفسيتك.

لتهز أمينة رأسها بالايجاب لتقترب سكرتيرة المدير وهي تنظر الي امينة الحزبي وتقول بلهفة كبيرة:
حمدا لله علي حضورك الان يا استاذة امينة، فالمدير يسأل عنك بشكل هستيري منذ الصباح ويطلب حضورك لمكتبه فورت.

لتتحرك امينه باتجاة مكتب المدير وخلفها السكرتيرة لتقف امينة امام المكتب تعدل من هيئتها وتدق باطراف أناملها باب المكتب وتدلف للداخل لتبدأ بشرح للمدير ما فعلتة في رحلتها لبورسعيد.

ليحييها المدير علي نشاطها المعتاد منها لإنقاذها الاطفال ومحافظتها علي حياتهم ليبلغها ان منظمتهم قد ترشحت منذ فترة طويلة لجائزة افضل منظمة للحفاظ علي حقوق الطفل وقد فازت بها أخيرا.

ليقرر المدير ان ينظم حفلة خيرية للاحتفال بهذا الإنجاز الكبير ولن تخلي الحفلة من نشاطات ترفيهية للاطفال اليتامي،وقد قررت ان ارشح افضل موظف في المنظمة وقد فازت بها أمينة الحزبي بجدارة.

قد لقي اقتراح الحفلة ونشاطاتها اقبال كبير من امينة الحزبي لما ستجلبة من سعادة كبيرة للاطفال اليتامي، لتخرج امينة الحزبي من مكتب المدير وهي في قمة سعادتها ليستقبلها جميع زملائها بالتهاني والتحيات والتقدير لمجودها التي جعلها تستحق مكانة افضل موظف في المنظمة بجدارة.

في وسط تهاني زملاء أمينة الحزبي وقفت زميلة امينه تلوح بيديها بظرف ورقي لتبتسم بابتسامه كبيرة ساخره وهي تقول بصوت مرتفع يتعمد ان يصل لكل من في المنظمة وهي تقول باستهزاء:
- ظرف ورقي جديد يحمل اسم امينه الحزبي كالمعتاد من بورسعيد،
لو كنت مكانك لقرأته امام الجميع فجميعنا فضولنا يحترق شوقا لمعرفه ما به من اسرار.

لتلتفت امينة الحزبي وهي تنظر لها بهدوء مميت يخفي خلفه الكثير والكثير من المشاعر المتضاربة خلفة.

ها هي الان ينكشف سرها التي حاولت كثيرا اخفاءة ينكشف امام الكل وهو سر والدها وطفولتها القاسية، وها هو ينكشف علي يد الد اعداءها من تتمني ان تراها في اسوء حالاتها دائما.

لتقول امينة الحزبي لها بهدوء:
- يالله علي اصرارك يا تغريد واخلاصك لاستلام كل جواباتي، لكن يا عزيزتي اريد ان ابلغك ان توفري مجهودك الرائع في العمل وخدمه الأطفال الأبرياء عوضا عن استلام بريدي لتبلغي الكل بسري الضخم

لتلتفت امينه الحزبي للجميع وتقول بصوت مرتفع يصل لمسامع كل من في المنظمه وهي تقرر ان تواجهه مخاوفها بشجاعه كبيره وقوة:
- فانا امينه الحزبي يتيمه الاب والام قد عشت في منظمه اجتماعيه لرعايه الايتام.


ليتحول تهاني الجميع الي صمت تحت عيون ونظرات كل موظفي المنظمه لتتحرك امينة بهدوء شديد بينهم بعزة نفس مزيف وتباهي بقوه مزيفه.

لتستقل سيارتها وتتجة لمنزلها لتنهار من البكاء فور دخولها لمنزلها لينهار تماسكها المزيف وقوتها المعلنة، اللعنه علي هذا العالم ف كل ما به يذكرها بماضيها التي تجاهد لنسيانة وكأنة امر مستحيل الحدوث.

ولكن كعادتها أمينة الحزبي لا تستلم ابدا للضعف او للحزن تضغط علي نفسها دائما لتظهر بقوة شديدة وثبات انفعالي رهيب جدا مهما كانت تعاني من ازمات ومشاكل نفسية،
لتمرر يديها علي خزانة ملابسها تنتقي اجمل فساتين السهره لتختار افخم فستان لديها لترتدية وتقف امام المرأة تنظر لنفسها بهدوء شديد، وهي تذكر نفسها دائما بالوعد الذي قطعتة علي نفسها بأنها لن تسمح لأي سبب ان يجعلها تنهار من جديد مهما تكلف الامر.


اتجهت امينة الحزبي للحفلة لتتوج بجائزة افضل موظف في المنظمة بجدارة وتتستلم جائزتها وتقف بشموخ تنظر لعيون كل من حولها وهي تري انعكاس صورتها فيهم وهي ففي افضل حالتها، ليتهاتف عليها التهاني والمباركات لتشعر امينة بانها لا تتنفس بشكل جيد في منتصف كل الازدحام الهائل فهي تعاني من رهاب الاماكن المغلقة والمزدحمة.

لتختار ان تنفرد بنفسها قليلا في الشرفة لعلها تستطيع أن تستنشق القليل من الهواء النقي يصل جيدا، لتضع جائزتها علي سور الشرفة وتغلق عيونها بهدوء وهي تتنفس بعمق الهواء النقي، لتستمع لصوت انفاس متسارعة بجانبها تجاهد ان تأخد انفاسها بصعوبة شديدة كأنها تركض من مكان بعيد.

لتفتح امينة عيونها بلهفة مسرعة لتجد طفلة صغيرة تحتمي خلف ظهر امينة تلهث لتأخد انفاسها بصعوبة، لتلتفت امينة لها وتنخفض لمستواها وهي تحاول الاقتراب منها لتطمئنها ف ملامح وجهها يبدو عليه الذعر الشديد.

لتقول أمينة بلهفة كبيرة:
- من انتي يا صغيرة ولماذا تركضي بهذا الشكل؟!

لتلهث الطفلة الصغيرة لتحاول ان تتحدث بين شهقات انفاسها لتقول بصوت متقطع ضعيف:
-
- انقذيني فهما يحاولان قتلي
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي