" الفصل 13.."
ثم افتح صورة الغلاف الجديد وقارن بين تالة وجين ، ثم زفر بسأم وأغلق الحاسوب ونظر إلى الفتاة النائمة ، ثم نهض متجه نحوها و وقف ينظر إليها بإعجاب واضح يمسح على وجنتها بظهر يده برقة ، فتنهدت جين وتململت على الفراش لتنم على ظهرها ، ليبتسم جوزيف ثم اقترب من شعرها يستنشق اكرها مغمض العينين ثم وجد نفسه يهبط لأسفل وقبلها على انفها برقة ، ثم أخذ قبلة رقيقة من شفاها وتعمق بها مغمض عيناه ، وشعر بنبضات قلبه تدق برهبة بالغة للمرة الاولى ، ثم ابتعد عنها لينظر إليها بابتسامة خفيفة ويبدو عليه السعادة الذي لم يشعر بها من قبله ، عشق الفتاة الصغيرة من الوهلة الأولى ، عشقها القلب الذي ينبض الأن بفضلها وبفضل عينيها الحميلتين ..
ثم استقل مكانه ينظر إليها بنفس الابتسامة ثم أخرج تهنيده قوية من صدره وذهب إلى النوم بأريحية
***
في الصباح كان بيير يلتقط بعض الصور الاحترافية لفتاة ، وعندما رأى جوليا صديقة جين المقرب التقط أخر صورة على وجه السرعة ، ثم تقدم نحوها مناديا عليها ، لتلتفت إليها بابتسامة وتسعة وصافحته بسعادة ، وجاءت تتحدث تسأل هو أولا وبحده :
-العروس لم تأتي بعد ؟!
لتختفي ابتسامتها فجأة ثم تنهدت بهدوء وتساءلت بخيبة امل :
-لما أنت مهتم بها لهذا الحد ؟!
-العمل .. من أجل العمل ومستقبلها
قذف تلك الكلمات بحده بالغة لتتعجب جوليا من طريقة حديثه ، ثم قالت له بهدوء :
-لم يخبرني بموعد عودتها
ثم تركته وذهبت ليقف يدخن سيجارة للحظات ليست قليلة ، واستمع إلى تالة تنادي فالتفت إليها وقالت بثقة :
-التقط لي باقي صور المجلة
سحب أخر دخان من السيجارة ثم زفره في الهواء وهو يتطلع إليها بجمود ، ثم القى بالسيجارة على الأرض وتقدم نحوها وهو يضبط شيئا ما بالكاميرا ، ثم وقف يقول لها كيف تقف ليلتقط الصور ..
أما داخل مكتب جوزيف كان ارنو يتشاجر مع فيليب على عدم نزول الإعلان حتى الأن ، وارنو لم يعلم بيع الأسطوانة لشركة أخرى ، وأخبره ارنو أن جوزيف كان مشغول في زواجه ليجيب عليه بحنق :
-هذا ليس من شأني ارنو .. كان ينتهي من الشغل اولا ثم يتزوج ..
ثم مد يده إليه متابعا :
-اريد السي دي الخاص بالإعلان
ليعقد ذراعيه أمام صدره يتطلع إلى ذاك الوغد بحده وقال بتحدي :
-لن تأخذ السي دي .. ولا تستطيع أخذه إلا بإذن من جوزيف
ليضم يده إليه ويبتسم بثقة بالغة يعلم سببها جيدا ، وهو انه كان يمتلك نسخة أخرى من الإعلان وقام ببيعها ، ثم تنهدت بعمق وترك ارنو ليغادر ، وعقب خروجه مباشرة اتصل ارنو على هاتف جوزيف ، الذي لا يزال نائما ومد يده إلى ادراج الصدر ليأخذ الهاتف ينظر إليها معقد حاجبيه ، ثم تحدث معه بنعاس ليخبره ارنو بكل شيء ، وقال جوزيف بسأم :
-حسنا .. سنتحدث في وقت لاحق
***
قبل أن يذهب إلى المزرعة ذهب إلى غرفة حبيبته أديل حتى يطمئن عليها ، ولكن تفاجأ انها ليست في غرفتها فأغلق الباب ، ثم اتجه نحو المطبخ ليجد السيدة مكفي وتساءل عن أديل لتخبره انها تضع الفطار على المائدة ، فاتجه نحو الغرفة و دخل متجه نحوها بخطوات بطيئة وهي تضع الأطباق بشكل منظم ، ويبدو عليها الارهاق و واضح من تعبيرات وجهها انها تشعر بألم ، وجاءت تأخذ طبق تفاجأت بيد أخرى تأخذ ذاك الطبق و وضعه جانبا ، فنظرت إليه ونظر إليها هو الأخر ثم تساءل بهدوء :
-لماذا خرجتي من غرفتك اليوم ؟!
-أنا بخير .. مجرد جرح سطحي
وضع يده على بطنها مكان الجرح ثم جلس على ركبتيه ، وقبلها على بطنها لتعقد حاجبيها ونظرت حولها خوفا من أن يأتي أحد ، بينما رفع جان رأسه متمتما بالاعتذار مجددا ، فقالت بالهمس الممزوج بالخوف :
-لقد سمحتك يا جان .. أرجوك انهض قبل أن يراك والدك
امسك بيدها وقبلها برقة ثم نهض واقفا ليقبل جبينها برقة ، ثم ابتعدت أديل عنه و وضعت باقي الأطباق في توتر ، ثم خرجت وظل جان مستند بمرفقه إلى المقعد ينظر إلى الفراغ ويرى أديل كأنها لا زالت واقفة ، دخلت أوجيني و وقفت بجواره تطلع إليه في دهشة ولم ينتبه لها ، ثم القت عليه الصباح ليفيق من شروده وينظر إليها ثم بادلها بالصباح وجلس على المقعد ، فجلست على المقعد المقابل له وقالت دون مقدمات :
-لقد تحدثت أمي معي في أمر زواجنا
وضع في فمه عنبه ومضغها بهدوء ثم ابتلعها ونظر إليها ببرود قائلا :
-أحب أديل وأنت تعلمين ذلك
ابتسمت حتى تبين له انها لا تهتم لكن داخلها نار تحرق قلبها وقالت ببرود مصطنع :
-أذني لن تستمع إلى ما هتفت به للتو
ارتفع حاجبيه باللامبالاة فيما دخل الجميع وجلسوا حول مائدة الطعام ، واليوم جاء جوزيف ماسكا بيد زوجته ليشاركهن في تناول الفطار ، رحب الجميع بهن كثيرا وقابلة أوجيني العروس بالعناق ثم تناول كل منهم فطاره في صمت ..
في الخارج دلف توماس إلى المطبخ ينظر إلى أديل بابتسامة خبيثة قائلا :
-شخصية ما ينتظرك في غرفة المعيشة .. يقول أنه كيفن ابن عمك
ازدردت لعابها بصوت مستمع وشعرت بالتوتر حتى شعرت بألم في جرحها ، ثم تركت ما في يدها وخرجت متجه نحو الغرفة بخطوات سريعة ، فيما خرج جان بعد أن انهى طعامه ليرى أديل وهي تدخل الغرفة ، به ذهب ليغسل يداه أولا ، فيما وقفت أديل توبخه على مجيئه إلى هنا ، فانتظر حتى انتهت من ذاك الحديث الذي لا يعطي اهتمام ، وتحدث ببرود :
-جئت هنا لكي أرى صديقي توماس .. وفي نفس الوقت اطمئن عليكِ
عقدت حاجبيها في دهشة متسائلة :
-توماس بك ؟! .. منذ متى وأنتم أصدقاء ؟!
-هذا ليس من شأنك .. وغدا اراكِ في المنزل لنتحدث في أمر زواجنا
ردت عليه بحده بالغة :
-لا اوافق على هذا الزواج .. قلت لك من قبل
ليقول بثقة :
-كلا ستوافقين يا ابنة عمي .. رغما عنك وعن والدك والعائلة بأكملها
جاءت تتحدث دخل جان فضغطت على شفتيها وتصنعت الهدوء ، فيما نظر كيفن إليه بحنق ، لأنه يعلم قصة حبه مع أديل من توماس ، فيما شبه جان عليه وعلم أنه الذي رأى واقفا مع أديل من قبل ، ثم جلس على الاريكة المقابلة له واضعا ساق فوق الأخرى وطلب من أديل فنجان قهوة ، لتذهب على الفور دون ان تتفوه بكلمة ، ثم شبك كيفن يديه في بعضها البعض وتسأل بتذمر :
-ماذا تريد من أديل ؟!
ليفتح ذراعيه قليلا ورد عليه ببرود :
-اريد فنجان قهوة
جز على أسنانه بقوة حتى كادت أن تنكسر ثم نهض وكاد أن يتشاجر معه ، ولكن دخل توماس وطلب من كيفن أن يأتي ليذهب معه ، فزفر جان بينما خرج الاثنان وبعد دقائق قليلة عادت اديل حاملة فنجان القهوة ، و وضعته على المنضدة ، فامسك جان بيدها وجذبها إليه لتجلس جواره متأوه ونظرت إليه متعجبة ، بينما تساءل جان بحده ممزوجة بالغيرة :
-لماذا جاء إلى هنا ؟!
أخذت تحرك يديها محاولة تحريرها من يده وهي تقول بصوت هادئ :
-لا أعلم .. واتركني قبل أن يأتي أحد ويرانا
اغمض عيناه لبرهه ثم فتحهما ونظر إليه بحب هامسا :
-أغار عليكِ من هذا المعتوه
عقب انتهاء كلماته مباشرة أخذ قبله شفاها متعمقا به جاذبا إياها إليه بيده التي وضعها حول عنقها ، استسلمت له لأنها على يقين أن يوم ما سيأتي ولن ترى ثانية ، ومن المحتمل أن تكون هذه القبلة الأخيرة ، بادلته بقبلاتها لتخبره أنه تحبه ، تحبه كثيرا وامتلك قلبها بالكامل ، ثم حررها من قبلته بهدوء مستند بجبينه على جبينها واستمع إلى صوت انفاسها هادئة ، اما عن أنفاسه الساخنة فشعرت بها على انفها ، ثم ابتعدت عنه ونهضت وهي تستأذن للمغادرة ، ثم غادرت فيما تناول جان فنجان القهوة واستنشق رائحته أولا وخيل له أنه يستنشق رائحة فتاته الرائعة ، ثم تناول أول رشفة ليشعر بالنشوة
***
جاء والد جين وجلس اكسيل مع دانييل بك و زوج ابنته ، فيما صعدت ميلين إلى غرفة ابنتها وجلست لتطمئن عليها وعلى أحوالها ، لتقول جين بنبرة عتاب :
-تقيدت حريتي يا أمي .. أصبح لدي زوج لن استطيع الخروج دون أذنه
وضعت يدها على كتفها برقه وتحدثت بهدوء :
-ولكن ليس كأي زوج يا ابنتي
لتبتسم بخفة ثم قالت ساخرة :
-تزوجت وأنا لا زلت قاصر
تنهدت بسأم من كثرة حديثها ثم فتحت حقيبة بلاستيكية وأخرجت منها منامة بيضاء طويلة ومفتوحة من الجانب الأيمن.. وطلبت منها أن ترتدي اليوم لتميل جين بشفتيها جانبا ثم أخذت المنامة وهي تحرك رأسها موافقة ، وبعد مضي ساعة تقريبا ، ودعت والديها قبل مغادرتهم ، ثم عادت إلى غرفتها و وقفت تنظر إلى المنامة ضاغطة على شفتيها بأسف وخجل ، وعندما دخل جوزيف وضعتها داخل حقيبتها على الفور ثم واضعته جوار ادراج الصدر ، ثم مسحت على وجهها وهي تنظم أنفاسها ثم التفتت إليه ، لتجده جلس على الأريكة يشعل سيجارة ثم فتح الحاسوب يتابع العمل ، فتقدمت نحوه لتجلس إلى جواره وبعد دقائق من الصمت رن هاتفه ، فرفعت رأسها قليلا لتنظر إلى شاشة الهاتف التي تضيء باسم تالة ، فجزت على اسنانها بغيظ فيما تناول جوزيف الهاتف ، وخرج إلى الشرفة ليتحدث معها ، أخذت جين تضغط على يديها بقوة و وقفت أمام الشرفة لتنظر إليه بحده وغيرة واضحة ، ثم تناولت المنامة والروب الخاص بها ، ثم دلفت إلى المرحاض لترتديها ثم فوقها الروب ، وتركت شعرها ينسدل على ظهرها ، بعد ذلك خرجت وهي تحبك الروب ولا يزال جوزيف يتحدث في الهاتف ..
فتناولت زجاجة عطرها لتضع القليل ثم وضعت فوق الفراش وفي انحاء الغرفة ، ثم مددت على الفراش مستنده بظهرها إلى وسادة وعيناها على الشرفة منتظرة خروج جوزيف ، وبعد دقائق قليلة انهى المكالمة وخرج ليستنشق ذاك العطر الساحر الذي خطف قلبه على الفور ، فيما اصطنعت جين انها تنظر إلى شيء ما في الجوال ، فنظر جوزيف إليها بابتسامة خفيفة ثم اطفأ السيجارة وأغلق الحاسوب ثم تقدم نحوها ومدد بجوارها ، وهي ترمقه بنظرات سريعة متوترة ويديها ترتعش ، مما لاحظ جوزيف وأمسك بيدها تاركا الجوال يسقط من بين يديها ، ثم تساءل بهدوء :
-لماذا ترتعش يدك ؟!
سحبتهما من يده وهي تومئ بالنفي قائلة بتوتر :
-لا شيء لا شيء
ثم وضعت رأسها على الوسادة وأعاطته ظهرها ، فوضع راحته على كتفها ودفن أنفه بين خصل شعرها مستنشقا عطرها الساحر ، ثم قبلها برقة على أذنها وهمس داخلها :
-عطرك يخطف القلب .. ويشتت العقل حقا ..
ثم تساءل دون مقدمات :
-تُحبيني يا جين ؟!
عقدت حاجبيها متعجبة من سؤاله ثم استقلت على ظهرها لتنظر وقالت بتلعثم :
-لا .. فقط .. أجبرني والدي على الزواج بك .. ولكن .. ولكن كنت رافضة فقط لكوني صغيرة و ..
ابتلع باقي حديثها بقبلة عميقه أخذها من شفاها ، فاتسعت عيناها بصدمة ، فالذي فعله للتو لم يكن في الحسبان وتعجبت منه كثيرا ، لماذا يقبلها قبل أن يعترف بحبه لها أو تعترف له ، فيما شعر جوزيف بالسعادة وهو يقبل الفتاة التي عشقها قلبه ، ثم ابتعد عنها قليلا وقال بجدية :
-لن أقترب منك حتى تبلغين سن العشرون فقط .. اذا وافقتي على العيش معي
لا زالت تنظر إلى عيناه بصدمة ولا تستطيع التحدث ، فيما تابع جوزيف بحسم :
-ستأتي معي غدا إلى باريس
ثم وضع رأسه على الوسادة جاذبا الغطاء إليه وأخرج تهنيده قوية من صدره بأريحيه ثم اغمض عيناه مستعد للذهاب إلى النوم ، فيما رفعت جين انامل يدها لتضعها على شفاها الذي قبلها منذ لحظات ، و صدرها يعلو ويهبط بدقات قلبها التي تدق داخله ، ثم وجدت نفسها تبتسم ودفنت وجهها في كفيها بخجل ، ثم وضعت رأسها على الوسادة واضعة الغطاء على رأسها وتنهدت بصوت عالي ، اخترقت مسامع جوزيف الذي لا زال مستيقظ ، وصوت تنهداتها تدل على سعادتها البالغة ، ولهذا ابتسم جوزيف
***
وقت الاستيقاظ ولا زالت جين نائمة ولكن جهز جوزيف حقيبة سفر متوسطة الحجم ثم وضعها جانبا ، و وقف بجوار الجميلة النائمة وايقظها بهدوء لتنظر إليه بوجه عابس ، ثم طلب منها أن تجهز للمغادرة ثم خرج من الغرفة ، فنهضت جين وهي تفرض ذراعيها ثم دلفت إلى المرحاض وأخذت حماما ساخن ، ثم خرجت وجهزت حقيبة السفر خاصتها وبدلت ثيابها ، واستعدت للذهاب بعد ساعة تقريبا ، وصعد جوزيف إلى الغرفة واخذ الحقائب وخرج ، فيما وقفت جين أمام المرآة تطلع إلى ثيابها وهيئتها ثم خرجت ..
ودعت الجميع مع جوزيف ثم استقلت معه السيارة ليغادر القرية متجه إلى مدينة باريس ، وأخذت تلتقط بعض الصور لها وهي داخل السيارة ، وبعض الصور ظهر جوزيف فيها دون أن ينتبه ، ثم وضعت الهاتف جانبا واستندت بظهرها إلى المقعد ترمقه بنظرات سريعة ، وأخذت تفكر في حديث تحدثه به ليتحدث معها ، حتى اخترعت حديث متسائلة :
-لماذا تقود بنفسك ؟! .. رجال الأعمال لديهن سائق خاص
ليجيب عليها دون أن ينظر إليها :
-أحب أن أقود سيارتي بنفسي
اومأت بالفهم ولم تجد حديث أخر تحدثه به ، وهو لم يتكلم ، فنظرت إلى الطريق من خلف النافذة وهي تزفر بزهق ، ثم أخرجت ذراعها من النافذة ، فنظر جوزيف إليها ثم فتح سقف السيارة لترفع رأسها إلى السقف ثم ارتسمت ابتسامة على ثغرها ، ونهضت لتستقبل الهواء القوي ليجعل شعرها يتراقص خلفها وتشعر بالسعادة ، وبعد وقت ليس قليل وصل إلى باريس واتجه مباشرة إلى برج باريس ، ثم صف سيارته جانبا لتنظر جين إليه متسائلة :
-لماذا وقفت هنا ؟!
قال وهو يغلق سقف السيارة :
-من اجل التنزه والتجول
ثم ترجل من السيارة فابتسمت جين ابتسامة واسعة ثم ترجلت هي الأخرى ، و وقفت بجواره فأمسك بيدها واتجه نحو مطعم مشهور ، وجلس الاثنان على إحدى الطاولات لتناول الفطار ، والصمت بينهم ولكن قلوبهم تنبض وعيناهم تتحدث ، تتحدث بكل ما يخص الحب ، ولمعة عيناها التي رآها جوزيف جعلته يبتسم ابتسامة خفيفة ، ثم تناول رشفة من القهوة وهو يستنشق عطرها ، ثم نظر إلى جين التي مثل قهوته المفضلة ، بمجرد أن يستنشق رائحتها يشعر بالسعادة ، وعندما يقترب منها ليقبل شفاها يشعر بالنشاط والحيوية ..
اقسم جوزيف من تلك الافكار التي لم تكن في الحسبان ، بينما كانت تتناول جين الفطار بشغف ، وجاءت تضع القليل من المربى على الخبز لطخت سبابتها ، وفعلت كما تفعل دائما وهي ان تضع أصبع يدها في فاها لتتذوق المربى ، ونظرت إلى جوزيف الذي ينظر إليها فسحبت سبابتها من فاها وشعرت بالخجل منه ، وأخبرت نفسها انه حتما سوف يشمئز منها ، ولكن فعل جوزيف عكس ما توقعته تماما ، تناول يدها ولطخ سبابتها بالمربى ثم تذوقها ، فاتسع فاها في دهشة وغير مستوعبه ما فعله للتو ، ثم ترك يدها وهو يقول بإعجاب :
-مربى رائعة .. حقا رائعة
عضت على شفاها السفلى ثم أطرقت رأسها خجلا ثم تناولت الخبز بهدوء ، وعقب انتهائهم أخذها جوزيف ليتجول معها في شوارع باريس ، باريس الحب والإحساس ، ومضت فتاة جميلة من جوار جوزيف ليلتفت برأسه ينظر إليها بقصد ليرى ردة فعل جين التي نظرت إليه في دهشة ثم نظرت إلى الفتاة بغيظ ، وغضبت منه كثيرا ثم تركت يده و سارت بخطوات سريعة ، ليبتسم جوزيف ثم مضى خلفها بخطوات أسرع من خطواتها ليلحق بها وأحاط كتفها بذراعه ، فابتعدت عنه وسبقته بخطوتين ، فقبض على معصمها ليديرها إليه ثم حملها على كتفه ، وضربها على مؤخرتها ، فشهقت جين في دهشة وطلبت منه أي يتركها ولكن رفض ، وجميع المارة ينظرون إليهم بابتسامة والبعض بدأ بالهمس الجانبي ..
رأى جوزيف رجل عازف والبعض يقفون حوله ، فتقدم نحوه ثم وضع جين على الأرض برفق لتضربه على صدره بغيظ ، ثم نظرت إلى العازف وأخذت تصفق مع الجميع وعلى ثغرها ابتسامة واسعة ، بينما نظر جوزيف إليه بسعادة وابتسامته تختفي تدريجيا ، وشعر بشيء لم يشعر به من قبل ، شعر بسعادة بالغة عندما تسبب في سعادة فتاة عشقها قلبه ، فتاة القهوة ، قهوته المفضلة ، حقا شيء جميل عندما تكون السبب في سعادة من تحب ، ذاك الاحساس بمائة عام من السعادة
***
عصى جان اوامر والده مجددا بسبب زواجه من ابنة عمه ، وبالصدفة استمعت أديل إلى ذاك الحديث ، و وقفت في المطبخ حزينة ، كانت تعلم جيدا أن جان ليس لها من البداية ، وقصة حبهم قصة فاشلة محكوم عليها بالإعدام ..
دخل توماس المطبخ وأغلق الباب لتلتفت أديل إليه بلهفة خوف ، فرفع كفيه على انها تهدأ ثم تحدث بجدية :
-كنت أعلم أن جان لن يتزوجك .. عمي دانييل لن يسمح لـ جان أن يتزوج بالخادمة
لترد عليه بثقة :
-وانا ايضا كنت أعلم .. ماذا تريد اذا ؟!
-اود أن اتزوجك يا أديل .. وسأجعلك أميرة هذا القصر
حركت رأسها بالنفي عدة مرات دون تفكير ، ليتعجب توماس من رفضها وكأنه لم يعلم شيء عن الذي بينها وبين جان ، وقال بحده :
-ترفضين أن تكوني أميرة القصيرة ؟! .. ستكونين زوجة لإحدى رجال عائلة أورليان .. والجميع سيحبك ويركع لك .. كيف ترفضين هذا العرض
ازدردت لعابها بصوت مستمع وتحدثت بنبرة بكاء وكأن قلبها هو الذي يتحدث وليست شفاها :
-ارفض من أجل جان .. اذا تزوجتك سوف أجرح قلبه وسينكسر ظهره .. وأنا لا استطيع أن أفعل هذا به
تعجب من حديثها ثم تحدث ساخرا :
-ولكن هو جرح قلبك وكسر ظهرك
-هذا ليس برغبته .. أعلم جيدا أن جان لن يحب أحد غيري وأنا لن أحب أحد غيره
ثم ذهبت تاركا كلماتها تدور حول رأس ذاك المعتوه ، وعندما استوعب كلماتها غضب كثيرا و ركل الطاولة بقدمه ، وأخذ يمسح على رأسه ويدور حول نفسه بجنون ، ولكن لماذا يفعل هذا ؟! ، حقا وقع في عشق أديل ! ، لم ينتبه له من قبل كانت بالنسبة له مجرد خادمة ، ولكن شقيقته وجان هن من جعلوا ينتبه إلى تلك الحسناء ..
بينما وقفت أديل أمام باب غرفة مكتب دانييل بك و وقفت تدق الباب ، ليأذن لها بالدخول ودخلت مغلقة الباب خلفها ، ثم وقفت خلف المكتب تنظر إليه بحزن واضح وقالت بنبرة صوت مرتعشة :
-دانييل بك .. سوف اترك العمل هنا .. والدتي تحتاج لي وايضا ستبدأ دراستي
شعر بشيء ما في نبرة صوتها وحزن كثيرا على ذاك القرار ، يحب تلك الفتاة كثيرا كأبنته ولا يحب ان تترك العمل هنا ، ولكن لن يقيد حريتها وقال :
-حسنا يا ابنتي .. اتمنى لكي التوفيق دائما أديل
ثم استقل مكانه ينظر إليها بنفس الابتسامة ثم أخرج تهنيده قوية من صدره وذهب إلى النوم بأريحية
***
في الصباح كان بيير يلتقط بعض الصور الاحترافية لفتاة ، وعندما رأى جوليا صديقة جين المقرب التقط أخر صورة على وجه السرعة ، ثم تقدم نحوها مناديا عليها ، لتلتفت إليها بابتسامة وتسعة وصافحته بسعادة ، وجاءت تتحدث تسأل هو أولا وبحده :
-العروس لم تأتي بعد ؟!
لتختفي ابتسامتها فجأة ثم تنهدت بهدوء وتساءلت بخيبة امل :
-لما أنت مهتم بها لهذا الحد ؟!
-العمل .. من أجل العمل ومستقبلها
قذف تلك الكلمات بحده بالغة لتتعجب جوليا من طريقة حديثه ، ثم قالت له بهدوء :
-لم يخبرني بموعد عودتها
ثم تركته وذهبت ليقف يدخن سيجارة للحظات ليست قليلة ، واستمع إلى تالة تنادي فالتفت إليها وقالت بثقة :
-التقط لي باقي صور المجلة
سحب أخر دخان من السيجارة ثم زفره في الهواء وهو يتطلع إليها بجمود ، ثم القى بالسيجارة على الأرض وتقدم نحوها وهو يضبط شيئا ما بالكاميرا ، ثم وقف يقول لها كيف تقف ليلتقط الصور ..
أما داخل مكتب جوزيف كان ارنو يتشاجر مع فيليب على عدم نزول الإعلان حتى الأن ، وارنو لم يعلم بيع الأسطوانة لشركة أخرى ، وأخبره ارنو أن جوزيف كان مشغول في زواجه ليجيب عليه بحنق :
-هذا ليس من شأني ارنو .. كان ينتهي من الشغل اولا ثم يتزوج ..
ثم مد يده إليه متابعا :
-اريد السي دي الخاص بالإعلان
ليعقد ذراعيه أمام صدره يتطلع إلى ذاك الوغد بحده وقال بتحدي :
-لن تأخذ السي دي .. ولا تستطيع أخذه إلا بإذن من جوزيف
ليضم يده إليه ويبتسم بثقة بالغة يعلم سببها جيدا ، وهو انه كان يمتلك نسخة أخرى من الإعلان وقام ببيعها ، ثم تنهدت بعمق وترك ارنو ليغادر ، وعقب خروجه مباشرة اتصل ارنو على هاتف جوزيف ، الذي لا يزال نائما ومد يده إلى ادراج الصدر ليأخذ الهاتف ينظر إليها معقد حاجبيه ، ثم تحدث معه بنعاس ليخبره ارنو بكل شيء ، وقال جوزيف بسأم :
-حسنا .. سنتحدث في وقت لاحق
***
قبل أن يذهب إلى المزرعة ذهب إلى غرفة حبيبته أديل حتى يطمئن عليها ، ولكن تفاجأ انها ليست في غرفتها فأغلق الباب ، ثم اتجه نحو المطبخ ليجد السيدة مكفي وتساءل عن أديل لتخبره انها تضع الفطار على المائدة ، فاتجه نحو الغرفة و دخل متجه نحوها بخطوات بطيئة وهي تضع الأطباق بشكل منظم ، ويبدو عليها الارهاق و واضح من تعبيرات وجهها انها تشعر بألم ، وجاءت تأخذ طبق تفاجأت بيد أخرى تأخذ ذاك الطبق و وضعه جانبا ، فنظرت إليه ونظر إليها هو الأخر ثم تساءل بهدوء :
-لماذا خرجتي من غرفتك اليوم ؟!
-أنا بخير .. مجرد جرح سطحي
وضع يده على بطنها مكان الجرح ثم جلس على ركبتيه ، وقبلها على بطنها لتعقد حاجبيها ونظرت حولها خوفا من أن يأتي أحد ، بينما رفع جان رأسه متمتما بالاعتذار مجددا ، فقالت بالهمس الممزوج بالخوف :
-لقد سمحتك يا جان .. أرجوك انهض قبل أن يراك والدك
امسك بيدها وقبلها برقة ثم نهض واقفا ليقبل جبينها برقة ، ثم ابتعدت أديل عنه و وضعت باقي الأطباق في توتر ، ثم خرجت وظل جان مستند بمرفقه إلى المقعد ينظر إلى الفراغ ويرى أديل كأنها لا زالت واقفة ، دخلت أوجيني و وقفت بجواره تطلع إليه في دهشة ولم ينتبه لها ، ثم القت عليه الصباح ليفيق من شروده وينظر إليها ثم بادلها بالصباح وجلس على المقعد ، فجلست على المقعد المقابل له وقالت دون مقدمات :
-لقد تحدثت أمي معي في أمر زواجنا
وضع في فمه عنبه ومضغها بهدوء ثم ابتلعها ونظر إليها ببرود قائلا :
-أحب أديل وأنت تعلمين ذلك
ابتسمت حتى تبين له انها لا تهتم لكن داخلها نار تحرق قلبها وقالت ببرود مصطنع :
-أذني لن تستمع إلى ما هتفت به للتو
ارتفع حاجبيه باللامبالاة فيما دخل الجميع وجلسوا حول مائدة الطعام ، واليوم جاء جوزيف ماسكا بيد زوجته ليشاركهن في تناول الفطار ، رحب الجميع بهن كثيرا وقابلة أوجيني العروس بالعناق ثم تناول كل منهم فطاره في صمت ..
في الخارج دلف توماس إلى المطبخ ينظر إلى أديل بابتسامة خبيثة قائلا :
-شخصية ما ينتظرك في غرفة المعيشة .. يقول أنه كيفن ابن عمك
ازدردت لعابها بصوت مستمع وشعرت بالتوتر حتى شعرت بألم في جرحها ، ثم تركت ما في يدها وخرجت متجه نحو الغرفة بخطوات سريعة ، فيما خرج جان بعد أن انهى طعامه ليرى أديل وهي تدخل الغرفة ، به ذهب ليغسل يداه أولا ، فيما وقفت أديل توبخه على مجيئه إلى هنا ، فانتظر حتى انتهت من ذاك الحديث الذي لا يعطي اهتمام ، وتحدث ببرود :
-جئت هنا لكي أرى صديقي توماس .. وفي نفس الوقت اطمئن عليكِ
عقدت حاجبيها في دهشة متسائلة :
-توماس بك ؟! .. منذ متى وأنتم أصدقاء ؟!
-هذا ليس من شأنك .. وغدا اراكِ في المنزل لنتحدث في أمر زواجنا
ردت عليه بحده بالغة :
-لا اوافق على هذا الزواج .. قلت لك من قبل
ليقول بثقة :
-كلا ستوافقين يا ابنة عمي .. رغما عنك وعن والدك والعائلة بأكملها
جاءت تتحدث دخل جان فضغطت على شفتيها وتصنعت الهدوء ، فيما نظر كيفن إليه بحنق ، لأنه يعلم قصة حبه مع أديل من توماس ، فيما شبه جان عليه وعلم أنه الذي رأى واقفا مع أديل من قبل ، ثم جلس على الاريكة المقابلة له واضعا ساق فوق الأخرى وطلب من أديل فنجان قهوة ، لتذهب على الفور دون ان تتفوه بكلمة ، ثم شبك كيفن يديه في بعضها البعض وتسأل بتذمر :
-ماذا تريد من أديل ؟!
ليفتح ذراعيه قليلا ورد عليه ببرود :
-اريد فنجان قهوة
جز على أسنانه بقوة حتى كادت أن تنكسر ثم نهض وكاد أن يتشاجر معه ، ولكن دخل توماس وطلب من كيفن أن يأتي ليذهب معه ، فزفر جان بينما خرج الاثنان وبعد دقائق قليلة عادت اديل حاملة فنجان القهوة ، و وضعته على المنضدة ، فامسك جان بيدها وجذبها إليه لتجلس جواره متأوه ونظرت إليه متعجبة ، بينما تساءل جان بحده ممزوجة بالغيرة :
-لماذا جاء إلى هنا ؟!
أخذت تحرك يديها محاولة تحريرها من يده وهي تقول بصوت هادئ :
-لا أعلم .. واتركني قبل أن يأتي أحد ويرانا
اغمض عيناه لبرهه ثم فتحهما ونظر إليه بحب هامسا :
-أغار عليكِ من هذا المعتوه
عقب انتهاء كلماته مباشرة أخذ قبله شفاها متعمقا به جاذبا إياها إليه بيده التي وضعها حول عنقها ، استسلمت له لأنها على يقين أن يوم ما سيأتي ولن ترى ثانية ، ومن المحتمل أن تكون هذه القبلة الأخيرة ، بادلته بقبلاتها لتخبره أنه تحبه ، تحبه كثيرا وامتلك قلبها بالكامل ، ثم حررها من قبلته بهدوء مستند بجبينه على جبينها واستمع إلى صوت انفاسها هادئة ، اما عن أنفاسه الساخنة فشعرت بها على انفها ، ثم ابتعدت عنه ونهضت وهي تستأذن للمغادرة ، ثم غادرت فيما تناول جان فنجان القهوة واستنشق رائحته أولا وخيل له أنه يستنشق رائحة فتاته الرائعة ، ثم تناول أول رشفة ليشعر بالنشوة
***
جاء والد جين وجلس اكسيل مع دانييل بك و زوج ابنته ، فيما صعدت ميلين إلى غرفة ابنتها وجلست لتطمئن عليها وعلى أحوالها ، لتقول جين بنبرة عتاب :
-تقيدت حريتي يا أمي .. أصبح لدي زوج لن استطيع الخروج دون أذنه
وضعت يدها على كتفها برقه وتحدثت بهدوء :
-ولكن ليس كأي زوج يا ابنتي
لتبتسم بخفة ثم قالت ساخرة :
-تزوجت وأنا لا زلت قاصر
تنهدت بسأم من كثرة حديثها ثم فتحت حقيبة بلاستيكية وأخرجت منها منامة بيضاء طويلة ومفتوحة من الجانب الأيمن.. وطلبت منها أن ترتدي اليوم لتميل جين بشفتيها جانبا ثم أخذت المنامة وهي تحرك رأسها موافقة ، وبعد مضي ساعة تقريبا ، ودعت والديها قبل مغادرتهم ، ثم عادت إلى غرفتها و وقفت تنظر إلى المنامة ضاغطة على شفتيها بأسف وخجل ، وعندما دخل جوزيف وضعتها داخل حقيبتها على الفور ثم واضعته جوار ادراج الصدر ، ثم مسحت على وجهها وهي تنظم أنفاسها ثم التفتت إليه ، لتجده جلس على الأريكة يشعل سيجارة ثم فتح الحاسوب يتابع العمل ، فتقدمت نحوه لتجلس إلى جواره وبعد دقائق من الصمت رن هاتفه ، فرفعت رأسها قليلا لتنظر إلى شاشة الهاتف التي تضيء باسم تالة ، فجزت على اسنانها بغيظ فيما تناول جوزيف الهاتف ، وخرج إلى الشرفة ليتحدث معها ، أخذت جين تضغط على يديها بقوة و وقفت أمام الشرفة لتنظر إليه بحده وغيرة واضحة ، ثم تناولت المنامة والروب الخاص بها ، ثم دلفت إلى المرحاض لترتديها ثم فوقها الروب ، وتركت شعرها ينسدل على ظهرها ، بعد ذلك خرجت وهي تحبك الروب ولا يزال جوزيف يتحدث في الهاتف ..
فتناولت زجاجة عطرها لتضع القليل ثم وضعت فوق الفراش وفي انحاء الغرفة ، ثم مددت على الفراش مستنده بظهرها إلى وسادة وعيناها على الشرفة منتظرة خروج جوزيف ، وبعد دقائق قليلة انهى المكالمة وخرج ليستنشق ذاك العطر الساحر الذي خطف قلبه على الفور ، فيما اصطنعت جين انها تنظر إلى شيء ما في الجوال ، فنظر جوزيف إليها بابتسامة خفيفة ثم اطفأ السيجارة وأغلق الحاسوب ثم تقدم نحوها ومدد بجوارها ، وهي ترمقه بنظرات سريعة متوترة ويديها ترتعش ، مما لاحظ جوزيف وأمسك بيدها تاركا الجوال يسقط من بين يديها ، ثم تساءل بهدوء :
-لماذا ترتعش يدك ؟!
سحبتهما من يده وهي تومئ بالنفي قائلة بتوتر :
-لا شيء لا شيء
ثم وضعت رأسها على الوسادة وأعاطته ظهرها ، فوضع راحته على كتفها ودفن أنفه بين خصل شعرها مستنشقا عطرها الساحر ، ثم قبلها برقة على أذنها وهمس داخلها :
-عطرك يخطف القلب .. ويشتت العقل حقا ..
ثم تساءل دون مقدمات :
-تُحبيني يا جين ؟!
عقدت حاجبيها متعجبة من سؤاله ثم استقلت على ظهرها لتنظر وقالت بتلعثم :
-لا .. فقط .. أجبرني والدي على الزواج بك .. ولكن .. ولكن كنت رافضة فقط لكوني صغيرة و ..
ابتلع باقي حديثها بقبلة عميقه أخذها من شفاها ، فاتسعت عيناها بصدمة ، فالذي فعله للتو لم يكن في الحسبان وتعجبت منه كثيرا ، لماذا يقبلها قبل أن يعترف بحبه لها أو تعترف له ، فيما شعر جوزيف بالسعادة وهو يقبل الفتاة التي عشقها قلبه ، ثم ابتعد عنها قليلا وقال بجدية :
-لن أقترب منك حتى تبلغين سن العشرون فقط .. اذا وافقتي على العيش معي
لا زالت تنظر إلى عيناه بصدمة ولا تستطيع التحدث ، فيما تابع جوزيف بحسم :
-ستأتي معي غدا إلى باريس
ثم وضع رأسه على الوسادة جاذبا الغطاء إليه وأخرج تهنيده قوية من صدره بأريحيه ثم اغمض عيناه مستعد للذهاب إلى النوم ، فيما رفعت جين انامل يدها لتضعها على شفاها الذي قبلها منذ لحظات ، و صدرها يعلو ويهبط بدقات قلبها التي تدق داخله ، ثم وجدت نفسها تبتسم ودفنت وجهها في كفيها بخجل ، ثم وضعت رأسها على الوسادة واضعة الغطاء على رأسها وتنهدت بصوت عالي ، اخترقت مسامع جوزيف الذي لا زال مستيقظ ، وصوت تنهداتها تدل على سعادتها البالغة ، ولهذا ابتسم جوزيف
***
وقت الاستيقاظ ولا زالت جين نائمة ولكن جهز جوزيف حقيبة سفر متوسطة الحجم ثم وضعها جانبا ، و وقف بجوار الجميلة النائمة وايقظها بهدوء لتنظر إليه بوجه عابس ، ثم طلب منها أن تجهز للمغادرة ثم خرج من الغرفة ، فنهضت جين وهي تفرض ذراعيها ثم دلفت إلى المرحاض وأخذت حماما ساخن ، ثم خرجت وجهزت حقيبة السفر خاصتها وبدلت ثيابها ، واستعدت للذهاب بعد ساعة تقريبا ، وصعد جوزيف إلى الغرفة واخذ الحقائب وخرج ، فيما وقفت جين أمام المرآة تطلع إلى ثيابها وهيئتها ثم خرجت ..
ودعت الجميع مع جوزيف ثم استقلت معه السيارة ليغادر القرية متجه إلى مدينة باريس ، وأخذت تلتقط بعض الصور لها وهي داخل السيارة ، وبعض الصور ظهر جوزيف فيها دون أن ينتبه ، ثم وضعت الهاتف جانبا واستندت بظهرها إلى المقعد ترمقه بنظرات سريعة ، وأخذت تفكر في حديث تحدثه به ليتحدث معها ، حتى اخترعت حديث متسائلة :
-لماذا تقود بنفسك ؟! .. رجال الأعمال لديهن سائق خاص
ليجيب عليها دون أن ينظر إليها :
-أحب أن أقود سيارتي بنفسي
اومأت بالفهم ولم تجد حديث أخر تحدثه به ، وهو لم يتكلم ، فنظرت إلى الطريق من خلف النافذة وهي تزفر بزهق ، ثم أخرجت ذراعها من النافذة ، فنظر جوزيف إليها ثم فتح سقف السيارة لترفع رأسها إلى السقف ثم ارتسمت ابتسامة على ثغرها ، ونهضت لتستقبل الهواء القوي ليجعل شعرها يتراقص خلفها وتشعر بالسعادة ، وبعد وقت ليس قليل وصل إلى باريس واتجه مباشرة إلى برج باريس ، ثم صف سيارته جانبا لتنظر جين إليه متسائلة :
-لماذا وقفت هنا ؟!
قال وهو يغلق سقف السيارة :
-من اجل التنزه والتجول
ثم ترجل من السيارة فابتسمت جين ابتسامة واسعة ثم ترجلت هي الأخرى ، و وقفت بجواره فأمسك بيدها واتجه نحو مطعم مشهور ، وجلس الاثنان على إحدى الطاولات لتناول الفطار ، والصمت بينهم ولكن قلوبهم تنبض وعيناهم تتحدث ، تتحدث بكل ما يخص الحب ، ولمعة عيناها التي رآها جوزيف جعلته يبتسم ابتسامة خفيفة ، ثم تناول رشفة من القهوة وهو يستنشق عطرها ، ثم نظر إلى جين التي مثل قهوته المفضلة ، بمجرد أن يستنشق رائحتها يشعر بالسعادة ، وعندما يقترب منها ليقبل شفاها يشعر بالنشاط والحيوية ..
اقسم جوزيف من تلك الافكار التي لم تكن في الحسبان ، بينما كانت تتناول جين الفطار بشغف ، وجاءت تضع القليل من المربى على الخبز لطخت سبابتها ، وفعلت كما تفعل دائما وهي ان تضع أصبع يدها في فاها لتتذوق المربى ، ونظرت إلى جوزيف الذي ينظر إليها فسحبت سبابتها من فاها وشعرت بالخجل منه ، وأخبرت نفسها انه حتما سوف يشمئز منها ، ولكن فعل جوزيف عكس ما توقعته تماما ، تناول يدها ولطخ سبابتها بالمربى ثم تذوقها ، فاتسع فاها في دهشة وغير مستوعبه ما فعله للتو ، ثم ترك يدها وهو يقول بإعجاب :
-مربى رائعة .. حقا رائعة
عضت على شفاها السفلى ثم أطرقت رأسها خجلا ثم تناولت الخبز بهدوء ، وعقب انتهائهم أخذها جوزيف ليتجول معها في شوارع باريس ، باريس الحب والإحساس ، ومضت فتاة جميلة من جوار جوزيف ليلتفت برأسه ينظر إليها بقصد ليرى ردة فعل جين التي نظرت إليه في دهشة ثم نظرت إلى الفتاة بغيظ ، وغضبت منه كثيرا ثم تركت يده و سارت بخطوات سريعة ، ليبتسم جوزيف ثم مضى خلفها بخطوات أسرع من خطواتها ليلحق بها وأحاط كتفها بذراعه ، فابتعدت عنه وسبقته بخطوتين ، فقبض على معصمها ليديرها إليه ثم حملها على كتفه ، وضربها على مؤخرتها ، فشهقت جين في دهشة وطلبت منه أي يتركها ولكن رفض ، وجميع المارة ينظرون إليهم بابتسامة والبعض بدأ بالهمس الجانبي ..
رأى جوزيف رجل عازف والبعض يقفون حوله ، فتقدم نحوه ثم وضع جين على الأرض برفق لتضربه على صدره بغيظ ، ثم نظرت إلى العازف وأخذت تصفق مع الجميع وعلى ثغرها ابتسامة واسعة ، بينما نظر جوزيف إليه بسعادة وابتسامته تختفي تدريجيا ، وشعر بشيء لم يشعر به من قبل ، شعر بسعادة بالغة عندما تسبب في سعادة فتاة عشقها قلبه ، فتاة القهوة ، قهوته المفضلة ، حقا شيء جميل عندما تكون السبب في سعادة من تحب ، ذاك الاحساس بمائة عام من السعادة
***
عصى جان اوامر والده مجددا بسبب زواجه من ابنة عمه ، وبالصدفة استمعت أديل إلى ذاك الحديث ، و وقفت في المطبخ حزينة ، كانت تعلم جيدا أن جان ليس لها من البداية ، وقصة حبهم قصة فاشلة محكوم عليها بالإعدام ..
دخل توماس المطبخ وأغلق الباب لتلتفت أديل إليه بلهفة خوف ، فرفع كفيه على انها تهدأ ثم تحدث بجدية :
-كنت أعلم أن جان لن يتزوجك .. عمي دانييل لن يسمح لـ جان أن يتزوج بالخادمة
لترد عليه بثقة :
-وانا ايضا كنت أعلم .. ماذا تريد اذا ؟!
-اود أن اتزوجك يا أديل .. وسأجعلك أميرة هذا القصر
حركت رأسها بالنفي عدة مرات دون تفكير ، ليتعجب توماس من رفضها وكأنه لم يعلم شيء عن الذي بينها وبين جان ، وقال بحده :
-ترفضين أن تكوني أميرة القصيرة ؟! .. ستكونين زوجة لإحدى رجال عائلة أورليان .. والجميع سيحبك ويركع لك .. كيف ترفضين هذا العرض
ازدردت لعابها بصوت مستمع وتحدثت بنبرة بكاء وكأن قلبها هو الذي يتحدث وليست شفاها :
-ارفض من أجل جان .. اذا تزوجتك سوف أجرح قلبه وسينكسر ظهره .. وأنا لا استطيع أن أفعل هذا به
تعجب من حديثها ثم تحدث ساخرا :
-ولكن هو جرح قلبك وكسر ظهرك
-هذا ليس برغبته .. أعلم جيدا أن جان لن يحب أحد غيري وأنا لن أحب أحد غيره
ثم ذهبت تاركا كلماتها تدور حول رأس ذاك المعتوه ، وعندما استوعب كلماتها غضب كثيرا و ركل الطاولة بقدمه ، وأخذ يمسح على رأسه ويدور حول نفسه بجنون ، ولكن لماذا يفعل هذا ؟! ، حقا وقع في عشق أديل ! ، لم ينتبه له من قبل كانت بالنسبة له مجرد خادمة ، ولكن شقيقته وجان هن من جعلوا ينتبه إلى تلك الحسناء ..
بينما وقفت أديل أمام باب غرفة مكتب دانييل بك و وقفت تدق الباب ، ليأذن لها بالدخول ودخلت مغلقة الباب خلفها ، ثم وقفت خلف المكتب تنظر إليه بحزن واضح وقالت بنبرة صوت مرتعشة :
-دانييل بك .. سوف اترك العمل هنا .. والدتي تحتاج لي وايضا ستبدأ دراستي
شعر بشيء ما في نبرة صوتها وحزن كثيرا على ذاك القرار ، يحب تلك الفتاة كثيرا كأبنته ولا يحب ان تترك العمل هنا ، ولكن لن يقيد حريتها وقال :
-حسنا يا ابنتي .. اتمنى لكي التوفيق دائما أديل