الفصل 14

الفصل الرابع عشر
"اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت، خلقتني، وأنا عبدك، وعلى عهدك ووعدك ما استطعت، أعوز بك من شر ما صنعت، أبوء لك بنعمتك عليا وأبوء بذنبي، فاغفر لي، فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت"
كانت تجلس بانتظار عودة أخيها، كان القلق ينهش قلبها كالنار
تأكل ما فيها، ازداد قلقها وتفاقم عندما هاتفها أنه سيذهب لملاقاة صديقه " شريف" ، كانت تعلم أن الأمور لن تمر ببساطة هكذا، خاصة أنها لم تشعر بالراحة تجاه هذه الفتاة مطلقا، دوما كانت تشعر بالقلق تجاهها، لم ترتح لها مطلقا، لكنها لم تشأ أن تسبب القلق لأخيها، كانت تريد سعادته فقط، لكنها دوما لم ترتح لها مطلقا، دقائق مرت قبل أن يدخل أخيها قاطعا أفكارها وتأملها، لتهب راكضة لاستقباله تحتضنه، وتتحدث ببكاء
رؤى: أبيه محمد اتأخرت ليه كدة، قلقتني عليك
يربت على رأسها وكتفها بحنية شديدة، يعلم جيدا مدى قلقها، أراد أن يطمأنها ويبعث الراحة داخلها
محمد : حبيبتي ليه قلقانة كدة مفيش حاجة، وبعدين هو احنا كنا هنتخانق، اتكلمنا وحطينا النقط على الحروف،
وبعدين شريف صاحبي، وأنا واثق في عقليته، بس كدة خلاص انا فهمته اني انا مش هقدر اكمل الجواز دلوقاي، وربنا يوفقها مع اللي يناسبها
ترفع رأسها مبتعدة عن أحضانه
رؤى : ده بسبي يا أبيه، حضرتك سيبت خطيبتك بسبي، عشان....
محمد : اوعي تقوليها، انت سامعاني، أنا عمري ما اتخلى عنك مهما حصل، انتِ عزوتي وعيلتي الوحيدة اللي باقية ليا في الدنيا دي، لو طلت افضل من غير جواز العمر كله عشانك هفضل، لكن عمري ما اتخلى عنك أو اسيبك، سامعة حسك عينك تقولي حاجة زي كدو مرة تانية
تمكن الدمع من مقلتيها حتى أضحت الرؤية مشوشة أمامها، ترى ابتسامة أخيها المشجعة لها، التي تفيض بالحنان الذي لم تلقاه طوال سنوات عمرها عقب وفاة والديها، لا تريد أن تكون عبئاً يثقل كاهله، لكنها ما بيدها حيلة
رؤى : غصب عني يا أبيه، مش عاوزة اكون حمل عليك أكتر من كدة، انت من حقك تحب وتتجوز، من حقك يكون لك طفل تحبه ويرعاك بعدين، أنا مش هتحمل اشوفك كدة بتظلم نفسك عشاني، مش هقدر
يحدثها بهدوء عقب معرفة ما يدور بخلدها من شعور بالذنب تجاهه: رؤى حبيبتي، أنا مش عاوزك تفكري كدة نهائي، أنا لسة النصيب مأردش إني اتجوز، وبعدين الجواز محتاج مسؤولية، ومحتاج استطاعة عشان اقدر اتحمل مسؤولية بيت وزوجة، وأولاد، وانا دلوقتي المقومات دي مش موجودة عندي، فحرام عليا أظلم واحدة معايا لأي سبب، ثانيا بقى، غنا لسة ملقتش الإنسانة اللي اقدر احس اني مخطوف لما اشوفها، أو نظري يتثبت عليها لمجرد اني بس لمحتها، لسة الإنسانة دي ملقيتهاش، وبعدين دي مهمتك بقي طالما انتي حاسة بالذنب الكبير ده، مهمتك تلاقي إنسانة حلوة خَلقاً وخُلقا، عشان اطمن واتجوز، ينهي حديثه مبتسما بخبث
لكنه تفاجأ بها تضحك كمن أصابها مس ما، حالة من التعجب الشديد أصابته
محمد : مالك يا بت يا رؤى ! هو العفريت ركبك ولا إيه!
لكنها ازدادت ضحكا، لتتحدث من بين ضحكاتها: تعرف يا أبيه في واحدة طلبت إيدك مني النهاردة
ضيق عيناه متعجبا من حديثها، ومن الحالة التي وصلت إليها،
محمد : نعم واحدة طلبت ايدي ازاي مش فاهم!
تحاول التحكم في ضحكاتها قليلا، حتى تتمكن من الحديث،
رؤى: أصل بصراحة يا أبيه غنا كنت رايحة الكلية النهاردة زعلانة عشانك بسبب اللي حصل، فهنا جت وتكلمت معايا شوية لما لقتني يعني بعيط، ولما حكيت لها إحساسي وإنك ممكن تكون سيبت جميلة بسببي، قالت لي جوزيني أخوكي، وانا اجوزك اخويا
محمد : حاول التحكم في ابتسامته قدر المستطاع، ليواصل الحديث بجدية، اه وانتوا الاثنين طول الوقت قاعدين تتكلموا ومش بتحضروا المحاضرات يا رؤى هانم
توقفت عن الضحك وتوسعت عيناها من الصدمة، لتتحدث بصوت من بين أسنانها
رؤى : ايه ده هو الموضوع قلب عليا ولا إيه، ماشي يا هنا بس لما اشوفك هتوديني في داهية
بعدما انتبه لحديثها أمسك بها من تلابيبها، محمد : بتقولي ايه يا هانم سمعيني، هااه بتروحي تقعدوا انتي وصاحبتك ترغوا وتسيبوا اللي وراكم
رؤى: سريعا ، والله لأ يا أبيه في الفراغ اللي بين المحاضرات بس، وبعدين فكر كدة بهدوء، ده حتى هنا بيضة وملونة
صدمة أخرى، محمد : نعم بيضة وملونة ! بت انتِ بتجيبي الكلام ده منين!
تحيب سريعا : من هنا !
تدرك ما قالت، وتضع يدها سريعا على فمها، تنظر له بعيون متوسلة المغفرة
محمد : شكل هنا دي خطر عليكي ا.....
لكن قبل أن يتم حديثه قاطعته: لا يا أبيه والنبي متقول ليا ابعدي عنها، هنا صحبتي وأنا بحبها، هي بس كانت بتهزر معايا عشان ابطل عياط وزعل
محمد : مين قال لك إني هطلب منك تبعدي عنها، ده كويس انها خرجتك من حالة العزلة اللي كنتي فيها، وبعدين كويس انك ارتحت لها وحبيتيها، شكلها باين عليها مؤدبة
رؤى : أيوة والله يا أبيه، هنا طيبة، ومحترمة، وبتحبني، كمان عزمتني أنا وحضرتك عشان نحضر عيد ميلادها في بيتهم، قالت لي ان باباها ومامتها طلبوا منها تعزمنا
محمد : وهما يعرفونا منين !
رؤى : لأ يا أبيه هنا قالت لهم إني مش هروح من غير حضرتك متكون معايا، عشان كدة
محمد : خليها بظروفها، بس اشوف اللي حصل لأحمد بيه ومراته وبعدين نشوف
رؤى : إيه حضرتك قصدك أبلة نجلاء! ليه مالها ! ايه اللي حصل!
يجلس وهو يجيبها بتنهيدة : واحد صاخبي كلمني قال لي ان في ناس دخلوا البيت عليها وضربوها وهي دلوقتي في المستشفى بين الحياة والموت
شهقة قوية تدل على صدمتها : ايه ضربوها، بس دي حامل وتعبانة، طب هي حصلها ايه يا أبيه
محمد : مش عارف لسة عاوز اكلم احمد بيه بس مش عارف هقول ايه
رؤى : لأ يا أبيه لازم تكلمهم وتتطمن عليهم، دول دخلوا بيتنا وعرفناهم، وأبلة نجلاء حبتها جدا، عشان خاطري يا أبيه اتصل عشان اطمن عليها
محمد : حاضر هتصل عليهم
❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️

على الجانب الآخر كان يجلس على مقعد أمام غرفة العناية يضع رأسه بين كفيه، لا يعلم كيف سيخبرها بما أصبحت عليه، وما أصبحت عليه حالتها، وحالة الصغار، وحالتهم التي لازالت بين الحياة والموت، لاحظ صديقه حالة التخبط والألم الدي يعانيه من الحادث الذي لم يحسب له حسابا، اقترب منه رابتا على كتفه مؤازرا إياه،
لا يعلم أي حديث سيكون الأفضل في حالته تلك، لكنه يحاول الحديث
حسام : أحمد مينفعش الحالة اللي انت فيها دي، لازم تفوق وتقوى عشان هي هتكون في أمس الحاجة لوجودك جنبها، هي حاليا هتكون أضعف من أي وقت، انت أقوى من كدة، وكمان لازم تاخد خقها
أحمد : يرفع رأسه بعيون قد أصبح لونهم كالدماء، من شدة الحزن والألم،
مش عارف هواجهها ازاي، هبص في عينيها ازاي وانا المفروض حمايتها، وأمانها، ازاي وهي اتعرضت لأبشع أنواع الألم، والعذاب وهي في بيتي، مش قادر يا حسام، مش قادر حاسس إني مش هقدر ابص في عنيها
حسام: عارف الوجع اللي جواك قد ايه، بس لازم تفوق وتجيب حقها عشان تعرف تواجهها، رغم إني عارف إن هي عمرها متحملك ذنب اللي حصل
أحمد : مش عارف حاسس إني تائه، وروحي بتتسحب مني، المهم قولي مروان مسك الحيوانات دي
حسام : أيوة اتمسكوا، بس في حاجة لازم تعرفها
أحمد: حاجة إيه !
حسام : اللي بعت الناس دي، هي نيهال، وكمان طلبت منهم يأذوها بحيث إنها متقدرش تخلف مرة تانية، وكمان كانت بتشوف اللي بيحصل من خلال التيليفون، كانوا مشغلين لها مكالمة فيديو
صدمة شلت تفكيره، وشل لسانه عن الحديث،
أحمد : انت بتقول إيه! ازاي ده كله! إيه ده دول شياطين، هما اللي اعترفوا
حسام : أيوة اعترفوا، وكمان اللي دخلهم الفيلا .....
يقطع حديثهم رنين الهاتف معلنا عن قدوم اتصال ،
أحمد : الو
على الجانب الآخر، محمد : أيوة يا أحمد بيه أنا محمد ، أنا سمعت اللي حصل، واتصلت بس عشان اسأل عن حضرتك، وكمان رؤى كانت عاوزة تتطمن على مدام نجلاء، يارب تكون بخير
أحمد : شكرا يا محمد، الحمد لله أنا كويس، والحمد لله ربنا نجانا من كارثة، وممكن تجي انت ورؤى في أي وقت، بس نجلاء تفوق بس
محمد : ربنا يريح بالك وتتطمن عليها، اسف لإزعاجك، بإذن الله اكلم حضرتك عشان نطمن عليها، مع السلامة
أحمد : الله يسلمك
حسام :ده محمد الألفي !
أحمد : أيوة كان بيسأل عن اللي حصل
يقطع حديثهم خروج الطبيب من الغرفة يخبرهم بأنها تحاوزت مرحلة الخطر، وهي في طريقها للإفاقة، حمدا الله كثيرا وقررا إبلاغ الجميع بهذه الأخبار المفرحة، عقب إجبارهم على المغادرة،
حسام : هتصل بيهم ابلغهم وهعرفهم ميجوش دلوقتي برده
❣️❣️❣️❣️❣️❣️❣️❣️❣️❣️❣️❣️❣️❣️❣️❣️❣️❣️❣️❣️❣️❣️❣️❣️
كان يسير بخطىً ثابتة يشق الأرض شقاً، من يراه يكاد يجزم أنه يريد تجاوز شيء يجثم على قلبه، كان في قرارة نفسه يشعر بذنب يؤرق حياته، يريد أن يكفر عن الخطيئة التي كان سببا فيها، ذنب مازال جرحه لم يندمل ولو قليلا; بل ملأه القيح حتى صار لا يرجا برأه، قطع سيل أفكاره وجلده لذاته صوت رفيقه وابن عمه،
حامد : ازيك يا حسن، عامل ايه يا واد عمي
يجيبه بابتسامة بسيطة، حسن : الحمد لله يا حامد عايش اهه، ومستحمل الوجع يمكن ربنا يهون عليا
ينظر لرفيقه بأسي على ما أصابه وفك ترابط عائلته، حامد: كفاية يا حسن ده كان نصيب وبعدين انت بتقول فاطمة رجعت هي وجوزها بقالهم فترة، حاول تكلمها، أو تشوفها يمكن يكون في أمل وتقدر تسامحك ويجتمع شملكم من تاني
ينظر بألم واضح، وترتسم بسمة بها من الألم ما يكفيه: كلمت مصطفى واتكلم معايا، لكن فاطمة رافضة تتكلم مع حد فينا، لكن هحاول اقابلها واشوفها، لو كلت ابوس راسها هاعمل كدة، المهم
تسامحني، ولاقي ولاد أختي واخدهم في حضني،
واحب على راسهم كمان
❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️

كان يجلس بهدوء على مكتب والده، يراجع بعض الأوراق الهامة التي لا بد من إنهائها قبيل مغادرته لمقر الشركة هنا، كان يعيد حديثه مع صديقه " حسام" في المكالمة الهاتفية الأخيرة، الذي طلب فيها إن يساعده بإيجاد أبناء عمومته، لكن هل يوجد بالفعل أملا في تحقيق هذا الأمر، هل سيتمكنون من إيجادهم!
ولكن إن وجدوهم كيف سيواجهونهم بالحقيقة المؤلمة!
والأهم من هذا، كيف سيتقبلون الأمر؟ وماذا سيكون وقع الصدمة عليهم!
فهاهو فقط مجرد فكرة تؤرقه، وتماد تذهب عقل، فكيف سيكون وضعهم !
قطع صوت أفكاره دخول أخته الكبرى بعاصفة هوجاء، تكاد تطيح بمن حولها، ينظر لها بتعجب واضح من طريقتها في اقتحام مكتبه بهذه الطريقة، لتتحدث بعصبية ظاهرة
رنا : سليم، رائف راح فين يا سليم، انت موكله بشغل تاني برة الشركة، ولا ايه!
يجيبها بهدوء : أولا ، رائف انتي المفروض اللي تكوني عارفة هو راح فين، لسبب بسيط إنه جوزك ،ثانيا ،انا مكلفتهوش بشغل جديد، هو بيعمل شغله اللي بيعمله من أكتر من 7 سنين، وحضرتك والله أعلم نسيتي يا مدام رنا إن ده جوزك، ثالثا، بقي انا هنصحك بصفتي أخوكي، يمكن أنا أصغر منك لكن هقولك نصيحة، خلي بالك من جوزك، وعمري بيتك متخربيهوش طالما جوزك بيحبك ويتمنى رضاك، وراضي بعيوبك قبل مميزاتك
تبتسم بسخرية رنا : اه هو اشتكى لك وعينك المحامي بتاعه صح، طب والله.....
يقاطعها بعصبية : انت مخك ضرب شكلك كدة، وبدل متعقلي بقيتي بتخرفي، جوزك اشتكى لما فاض بيه، يا شيخة حرام عليكي، ده احنا كل يوم كنا بنسمعه يترجاكي عشان تعبريه، إيه البعيدة مبتحسش، ولا خلاص البرامج اللي بتسمعيها لحست دماغك، مش انتي اختي بس قسما بالله هو خسارة فيكي، ومن حقه يدور على واحدة تحبه وتخاف عليه، لما يحتاجها يلاقيها، ولما يتعب يترمي في حضنها، مش واحدة بيشحتها، ولو اتجوز محدش هيلومه لأنك انتي اللي غلطانة
تنظر له وقد اتسعت حدقتيها رنا : ايه يتجوز !
سليم بسخرية : هو ده اللي لفت انتباهك، أيوة يتجوز حقه، ولا حضرتك فاكرة ايه، نصيحتي فوقي قبل فوات الأوان،
ثم يتركها ويغادر، يقول لها قبل خروجه من الغرفة، جهزي نفسك عشان هترجعي معايا مصر
❣️❣️

كانتا تسيران لجوار بعضهما البعض، إحداهما ترتسم الابتسامة على محياها، والأخرى ابتسامتها يشوبها بعض الحزن، كانت تفكر لما أذى البشر يصل للفتك بالأرواح، هل أصبحت الروح البشرية مهانة لهذه الدرجة، لكن كيف وهي قد كرمها الله جل وعلى هل يصل الإيذاء لطفل لم يرى الحياة بعد، يقطع سيل أفكارها جذب رفيقتها من يدعا وهي تحدثها بفرحة
هنا : بقولك يا رؤتي انتي قلتي لاخوكي عشان تيجي حفلة عيد ميلادي بكرة، بحد أنا أول مرة اكون مبسوطة كدة
رؤى : بابتسامة بسيطة لفرحة صديقتها فهي تبدوا كطفلة صغيرة، وإيه سبب الفرحة الكبيرة دي
هنا : عشان عيد ميلادي ده أول مرة يكون جنبي أخت وصاحبة جميلة زيك كدة، وكمان أبيه سليم ورنا أختي جايين بكرة، وحاسة ان في حاجة كويسة هتحصل
رؤى : ربنا يبسطك كمان وكمان بس انا قلت لأبيه محمد امبارح بس مرسنيش على حاجة، ولا قال اه، ولا قال لأ
هنا بعبوس كالأطفال : لا يا رؤى بالله عليكي انتي لازم تيجي ليا من بدري عشان تساعديني، وكمان اعرفك على بابا وماما، هتحبيهم جدا
رؤى : خلاص متبوزيش كدة هتحايل عليه وبإذن الله يوافق
كان يسيران بسعادة حقيقية ليس بها زيف، ليظهر أمامهم شخص كرهوا رؤيته، ليبادر بالحديث
نادر بابتسامة واسعة : أنسة رؤى كنت عاوز اتكلم معاكي شوية، ممكن نقعد نتكلم شوية
كانت هنا تنتظر رد صديقتها كيف سيكون ردها في مثل هذا الموقف، أما هي كانت تقف لا تدري ما ذا تفعل أمام هذا الشاب الذي لا تطيق رؤيته، تنظر له وعيناها قد بلغ بها الغضب مبلغه
رؤى : أستاذ نادر أنا مبتكلمش مع شاب غريب عني، ولا واخد من عير محارمي، ثانيا هو حضرتك شايفني ايه عشان تتطلب مني طلب زي دا، لو سمحت متحاولش توقفني بالطريقة دي وتتكلم معايا تاني، بعد إذنك
وكانت تهم بالمغادرة، ليحاول إيقافها مرة أخرى، لكن هذه المرة يحاول الحديث
نادر : أنا بس كنت عاوز اقول لك إني معجب بيكي، وعاوز اتقدم لك
صدمة أخرى جعلت كلا منهما تنظر للأخرى، لتحاول هنا الحديث، ولكن توقفها يد رؤى
رؤى : والله اللي اعرفه ان اللي بيكون معجب بواحدة بيروح يطلبها من أهلها، دينا قال كدا "وادخلوا البيوت من أبوابها"
ثم تتركه واقفا وتغادر، لتتسع ابتسامته ظنا منه أنها موافقة على طلبه، ليلتفت مغادرا ولكنه يفاجأ بآخر شخص كان يريد رؤيته في هذا الوقت، ليزفر بضيق واضح، كانت تقف وهي تضم ساعديها معا
جنى : انت ليه مصر تجري وراها وهي مش طايقاك أصلا، ليه متخيل إنها ممكن تقبل بيك
نادر : حاجة متخصكيش يا جنى وبعدين أنا بصراحة كدة هي دي الوحيدة اللي اقدر أمنها على بيتي، ومن غير لف ودوران، هي اللي اقدر ائتمنها على شرفي، مهو مش معقول هروح اتجوز واحدة اتكلمت معاها وصاحبتها وخرجنا مع بغض، يعني من الآخر الصلاحية بتاعتها خلصت
جنى : وقد اتسعت عيناها من شدة وقع الكلمات عليه، هل كانت ترخص من حالها بهذه الطريقة، هل أخطأت عندما سمحت لحقير مثله بالحديث معها، هي المخطئة الوحيدة في هذا،
قصدك اني رخيصة صح، وانت عارف كويس إني مكلمتش حد غيرك
نادر بسخرية: وانا اصدق ازاي إنك مكلمتيش حد تاني، وبعدين اللي تكلم واحد قبل الجواز ممكن تكلم عشرة بعد الجواز
ثم يتركها ويغادر ويتركها تقف كمن على رأسها الطير، تغادر والدموع تنهمر من عينيها كشلال نهر جار، لا تريد أن يراها أحد هكذا،
أما الصديقتين كانتا تسيران بهدوء لكن هنا لم تستطع أن تصمت كثيرا،
هنا : بت يا رؤى ايه اللي انت قلتيه ده انت بجد موافقة ان الواد اللزج ده يتقدم لك
رؤى: كان لازم اقول كدة عشان يبعد عن طريقي يا هنا خصوصا إنه مش عاوز يسيبني في حالي من زمان، لكن انا يستحيل اقبل بيه لو هو اخر واحد في الكون
هنا : مش فاهمة تقصدي إيه ! لتنظر بصدمة، اوعي يكون هو اللي كانت جارتك دي جايباه عشان يتكلم معاكي
رؤى : وهي تومئ برأسها، أيوة هو نفسه، هو اللي خلاني كرهت الخروج من البيت، وخلاني اخاف اروح مدرستي
هنا : فهمتك يا روحي، المهم دلوقتي سيبك من الواد الثقيل ده وتعالي نكمل كلامنا عن حفلة عيد ميلادي
لتعود الضحكة ترتسم على محياهم من جديد
*********************
كان يجلس لجوارها عقب نقلها لغرفة عادية منتظراً إفاقتها، كان يتألم كثيرا لألمها، كانت خلال إفاقتها تحاول الحركة ولكنها مع كل حركة كانت تتأوه بألم، كان بمسك يدها لحظة تألما يخبرها بوجوده لجوارها، كانت كمن يشعر بوجوده لتعود للاطمئنان وتهدأ، كان القلق مستبدا به، لا يعلم كيف سيخبرها عن وضعها هذا، وكيف سينظر بعيناها وهو يشعر أنه المذنب بحقها، يقطع سيل أفكاره ضغطة على يده ينظر لها بسعادة وفرحة بلغت عنان السماء، كانت تحاول الاستيقاظ، وفتح عينيها، لكن الضوء لم يكن يعطيها الحرية لذلك، ليبدأ الحديث معها سريعا
أحمد : نجلاء حبيبتي انت سامعاني، حاولي تفتحي عيونك، طيب حاسة بإيه
لم يصدر عنها أي شيء سوى بضع همهمات، كانت تحاول رفع يدها وتضعها على موضع ألمها، حاولت ببطئ شديد حتى تمكنت من وضع يدها على موضع جنينيها، تحاول الكلام، لكنها لم تستطع سوى النطق بكلمة واحدة،
نجلاء : و و لا دي
ينظر بدموع تترقرق من عينيه أحمد : حبيبتي اطمني ولادنا بخير كلهم، والله كويسين ربنا نجاهم
نجلاء : ولادي فين يا أحمد
أحمد : والله العظيم ولادنا كلهم بخير، بس لأنهم اتولدوا بدري قبل معادهم فموجودين في الحضانة،
لينظر للأسفل وشعور بالخزي تملكه، أنا عارف إني قصرت في حقك، وقصرت في حمايتي ليكي، بس والله العظيم غصب عني أنا عمري متوقعت انها ممكن تأذيكي في قلب بيتي، سامحيني
وهنا لم يتمالك دموعه أكثر لتنهمر دموعه بشدة كفيضان لم يستطع أحد إيقافه، ليشعر بضغطة قوية على يده، وتبدأ الحديث بضعف شديد، فلا زالت الألام تداهمها كلما خرج المخدر من جسدها
نجلاء : اوعى تقول كدة يا حبيبي، ده انا محستش بالأمان غير معاك، مهما حصل هتفضل أماني وسندي بعد ربنا، اللي حصل ليا ده قضاء من عند ربنا، وده مكتوب ليا من زمان، لو ربنا مكتبهوش ليا عمره ما كان هيحصل، أنا بس كنت خائفة على الروح اللي جوايا، كنت خائفة على ولادي، لكن أنا عمري ما هلومك أبدا، أنا متأكدة إن جرحك وألمك، أكبر مني بكثير
أحمد :والله العظيم الوجع اللي حاسس بيه مخليني بموت ألف مرة، بس والله العظيم لأجيب لك حقك، حتى لو خدت روحها
نجلاء: حقي أنا واثقة انك هتاخده، لكن اوعي تضحي بنفسك، أنا مقدرش اعيش من غيرك،
وعند هذه اللحظة دلف الطبيب للغرفة برفقة حسام بعدما رأى رفيقه يتحدث مع زوجته وهي تفيق، طمأنهم عليها وأنها تتناثل للشفاء، وقدم الجميع للاطمئنان عليها، ولكن القلق كان من إخبارها بالآثار التي ألمت بحالتها

❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️
انتهي الفصل ياريت اعرف رأيكم ومستنية دعمكم بكرة بإذن الله
البث هعمله على صغحتي الشخصية الساعة3
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي