الفصل الثاني عشر
أغلقت آية ورائها الباب فسمعت صوت جدتها تقول :
_ هل أتيتي يا آية؟!
أجابتها بعدما جلست على إحدى الأرائك لتأخذ نفسها قليلاً و هي تخلع حذائها قائلة بوهن:
_ نعم يا جدتي ثواني و سآتي إليكِ.
دخلت غرفتها محاولة تخفيف توترها والسيطرة على أعصابها وقلبها الذى ينبض كأنه خرج من سباق خيل خشية أن تلاحظ جدتها توترها...
أبدلت ملابسها وألقت نظرة سريعة على جدتها وتوضأت وصلت علها تهدأ...
نزلت سارة بآخر اليوم لشقة جدتها ووقفت أمام آية وقالت بحرج :
- أنا آسفة يا آية لأنني تركتك بمفردك معه و صعدت لشقتنا .
اجابتها آية و هي تعبث بهاتفها قائلة بجمود:
_ عادى يا سارة لا تقلقي.. ما حدث أفضل لكلانا يجب أن يعرف انني لم أعد صغيرته.. لقد كبرت و عليه تقبل ذلك الأمر سواء بإرادته أو رغما عنه.
فقالت لها سارة بقلق :
_ الله يستر فأنا لا أعلم ما بنيته لكِ.. فهو لن يمررها تلك المرة على خير اعلم ذلك جيداً.
أشاحت آية بيدها وقالت بلا مبالاة :
_ لم أعد أخشاه و لا أخشى ردة فعله.. أنا الآن حرة.
في المساء اجتمعت آية بمروان في غرفة جدتهم لينقل الجدة على سريرها ولم يتحدث معها ولم ينظر لها وكأنها غير موجودة معهم وهذا ما آلمها..
فأقسي عقاب ممكن ان يوقعه مروان عليها هو خصامه لها .... فهى لا تستطيع أن تحرم من حديثه معها و لو كان قاسياً ونظرة عينه لها و لو كانت باردة.... .
جلست بغرفتها المظلمة و هي تضم ساقيها لصدرها بحزن و تتنهد بأسي.. فدلفت عليها سارة متعجبة و هي تقول:
_ ما هذا الظلام التي تجلسين به.. كنتي بالسابق تخشين الظلام حبيبتي.
اضاءت سارة الغرفة فغطت آية عينيها بألم و هي تقول:
_ اغلقيه أريد أن أبقي بمفردي إذا سمحتِ.
اقتربت منها سارة و سالتها بإشفاق على حالتها تلك:
_ ماذا هناك حبيبتي.. وما فائدة بقاؤكِ بمفردك هذا؟!
فقالت لسارة بحزن وهي مازالت تنكس رأسها :
_ أرأيتِ يا سارة كيف عاملني اليوم.. ينوى خصامي و هو يعلم أن أكتر شيء أبغضه بالحياة هو الخصام.
ملست سارة على شعراتها المنسدلة حولها و قالت برفق:
_ لا يهمك يا حبيبتي منه.. لقد خاصمني أنا أيضاً، شعوري المتواضع انه يشعر بالغيرة عليكِ و هذا مؤشر جيد جداً.
رفعت آية رأسها و ابتسمت بخفوت و هي تقول بفرحة :
_ حقاً!! هل من الممكن أن يكون غضبه هذا غيرةً عليّ إذا فمن المحتمل أن يكون قد أحبني.
وضعت سارة ساقاً فوق الأخرى و هي تقول بهدوء:
_ لم لا من الممكن ان يكون قد أحبكِ و لا يشعر.. نحن سنظل على خطتنا كي يستسلم.. المهم ألا تضعفي كعادتك أمامه.
تهدل وجه آية و قالت بوهن :
_ هذا يكفي لقد تعبت و بدأ اليأس يتملكني و لم أعد أعرف ماذا أفعل كي يشعر بحبي له.
وقفت سارة متمطأة و هي تقول بتثاؤب:
_ فلتتركيها على الله فلو كان خيراً لكِ لقربه منكِ و إن كان شراً أبعده عنكِ.
و تركتها وصعدت لشقتها لتنام... حاولت آية جاهدة أن تنام فى هذه الليلة ولكن لم تنم الا القليل ...
• * * * * *
في اليوم التالي.. طرق حازم مكتب اللواء خاصته و دلف قائلا برسمية جادة:
_ صباح الخير يا سيدى.
أشار له اللواء أن يدخل.. فأغلق ورائه الباب و دلف مسرعا فأجابه اللواء قائلا:
_ صباح الخير.. تفضل بالجلوس.
جلس فأمامه فأردف قائلا بجدية:
_ ماذا فعلت بقضية رجل الأعمال فؤاد الساعاتي هل توصلتم لشيء عن موضوع التهديدات التي تأتيه دائما من أرقام دولية تلك.
أومأ حازم برأسه و هو يقول مسرعاً:
_ نعم يا سيدى فتلك الأرقام تمويه ليس إلا و المرسل من داخل البلد و يحاول إبعاد التهمة عنه بتلك الحركات السينمائية.
استند اللواء على مكتبه بكلتا يديه و هو يسأله:
_ و ما هي آخر تطورات بحثك يا حضرة الضابط؟!
اجابه حازم بتعقل:
_ نحن نعرف جيداً من المرسل و لا نستطيع الاقتراب منه أو اتهامه بأي شيء نظراً للحصانة البرلمانية التي يتمتع بها.
أومأ اللواء برأسه و قال ببديهية:
_ وما العمل إذاً من وجهة نظرك؟!
زم حازم شفتيه و أجابه:
_ حل وحيد أن تظل راما ابنة فؤاد بيه مختفية كما هي و تظل حراستنا لها كما هي أيضاً حتي تنتهي تلك المناقصة و يأخذها منه او تذهب للآخر.
ارتدى اللواء نظارته و قال مؤكداً:
_ و أنا أيضاً أرى ذلك.. و كما قلت الحراسة عليها شديدة و بإذن الله لن يصلوا إليها و لن يصيبها مكروه.
وقف حازم منتصباً و قال برسمية:
_ تمام يا فندم إن توصلت لشيء جديد سأخبرك بإذن الله.
ثم التف مغادراً.. و ما أن وصل للباب حتي عاد بعينيه إليه و سأله بتلهف:
_ سيدى هل هناك أخبار عن زيد فجميعنا نفتقده؟!
طالع الأوراق أمامه و قال بهدوء:
_ كما قلت سابقاً لآسر إنه بمأمورية و لا تقلق فهو بخير حال و الحمد لله و أشعر أنه لا ينوى العودة لعمله.
ضيق حازم عينيه و خرج وهو يفكر في حديثه كيف لزيد ألا يرغب بالعودة.. ما قصده..
نفض رأسه و سار ناحية مكتبه....
****************************************
الاشتياق..
ذلك الوحش الكاسر الذى يهزمنا بسهولة و يسر و لا نستطيع مجابهته أو هزيمته.. و الأقسى هو الاستسلام له..
فهناك من يستحق أن تبدأ معه أنت و تنهي اشتياقك و هناك من لا يستحق ان تهدر كرامتك من أجله..
عدت الأيام والأسابيع و مروان على حالته لا يتحدث مع آية وهى تزيد من تصرفاتها التي تغضبه أكثر وتموت من بعدها أكثر وأكثر ....
لم تشعر آية بحالها و قد اقتربت من إيساف أكثر في تلك الأيام محاولة للانتقام من مروان.. و لم تعرف أنها تنتقم من حالها و ستدفع ثمن ذلك غالياً .
كانت حالتهما قد صارت واضحة للجميع و لم يؤثر حديث أحد بهما.. فما زاد من جفاء مروان ذاك هو اللامبالاة التي ترتديها آية أمامه و تكسو وجهها و تصرفاتها...
بيومٍ دخلت إليها سهام غرفتها وقالت بضيق :
_ آية حبيبتي مرت شهور و أنتِ و مروان على حالكما ذاك و نحن لم نعتاد ان تطول فترة خصامكما هكذا.
فقالت لها آية بحزن و هي تكتب على حاسوبها :
_ هو من ابتدأ الخصام يا خالتي.. يريدني أن أرتدى كما يحلو له و أكل كما يريد و اخرج متى شاء.. رغم أنه لا يعامل سارة مثلما يعاملني.
التفتت ناحيتها و قالت بتنهيدة حزينة:
_ ربما لأنني يتيمة و لا يوجد لي أباً أو أماً يدافعان عني فيسمح لنفسه بأن يتحكم بي بهذا الشكل و إن اعترضت يخاصمني.
فقالت لها سهام بلوم و هي تطالعها بحزن :
_ يتيمة يا آية و أنا علي قيد الحياة.. و تقوليها بوجهي هكذا ببساطة.
وقفت آية مسرعة و قالت باعتراض:
_ لا يا حبيبتي أنا لا أقصد أن اجرحكِ و أنتِ تعلمين جيداً غلاتك عندي و ماذا تعنين لي.
فقالت لها سهام بتفهم :
_ هداكما الله حبيبتي.. المهم كيف حالكن بالجامعة فالاختبارات على الأبواب.
اجابتها آية بابتسامة ودودة:
_ لا تقلقي نحن و الحمد لله متفوقتين و ثقتنا بأنفسنا عالية جدا.. فقط ادعي لنا هذا ما نحتاجه منكِ.
ربتت سهام على ذراعها و قالت بحنو:
_ يعلم الله انني أدعوا لكم بكل صلاة انتم الثلاثة.
نكست آية رأسها بحزن و قالت بمرارة :
_ تحدثي مع مروان يا خالتي و قولي له يكفي جفاءً لهذا الحد فنحن على أعتاب الاختبارات و لا نريد شيئا يشتتنا.
اجابتها سهام بأسى :
_ لقد تحدثت معه كثيراً و لكنكِ تعلميه جيداً و تعلمين مكانتكِ عنده فهو يعتبركِ اكثر من أخت له.. دائما ما يقول انكِ ملكه فلم يتوقع منكِ أن تقولي له لا على أي شيء.
تنهدت آية بأسي و قالت بمرارة :
_ لمتى سأظل على حالتي بقول نعم و حاضر دائماً.. عليه أن يعلم أنني تغيرت و يحترم اختياري.
فقالت لها سهام لتخفف عنها بعقلانية :
_ إذا لا تكترثين لما يفعله و إفعلي أنتِ ما تريدينه طالما أنكِ مقتنعة به و على صواب.
• * * * * *
الحياة كما اللوحة البيضاء و نحن من نلونها و نرسم بها شخصيات و أماكن كثيرة.. ونستطيع طمس أى رسمة قديمة باللون الأسود أو الأبيض و نعاود الرسم على اللوحة من جديد...
ما أقسي الحياة حين يصيبك الخوف و الهلع من اللون الأبيض.. خواء و هدوء قاسي مرتبط بأقسى سنين عمرك..
لأول مرة تخذلها الفرشاة و تعصي أوامرها.. اغلقت راما عينيها و سحبت نفساً طويلاً في محاولة لتهدأ نفسها و السيطرة على فيض ذكرياتها القاسي..
وقف غنام بجوارها مستشعراً توترها من رعشتها.. دنا منها وسألها بقلق:
_ راما هل أنتِ بخير؟!
فتحت عيناها و طالعته بتنهيدة حزينة و قالت:
_ لا تقلق أنا بخير و لكنني شردت بالبعيد فتألمت.
سحب كرسيه و جلس بجوارها و هو يقول بهدوء:
_ أشعر أنكِ تحملين بداخلكِ الكثير إذا أردتِ الحديث سأسمعك و بعد أن تنتهي سأمحي كل ما قلته من ذاكرتي.
شردت بالبحر و هي تقول بنبرة عميقة كعمق البحر أمامها:
_ المرض.
عقد حاجبيه غير مستوعباً لكلمتها و مغزاها و سألها بترفق:
_ ماذا تعنين بالمرض.. هل أنتِ مريضة؟! فأنا لاحظت أنكِ تتعاطين الكثير من الأدوية و تعقمين كل أشيائك تقريباً و اصبحتِ تعقميني أنا شخصياً.
طالعته بنظرات موءودة و هي تقول بخواء:
_ لم أعد مريضة بعد.. ولت فترة المرض و بقيت اعراضها الجانبية... لكن هناك من دفع ثمن تخطيها.
هز رأسه و هو يحاول استيعاب ألغازها ثم سألها بهدوء:
_ وضحي أكثر لو أمكن.
اعتدلت في جلستها و هي تمسح كفيها بمحارم ورقية معقمة و التفتت بجسدها ناحيته و بعدما اصبحت قبالته قالت:
_ أنا قضيت طفولتي كاملة و صبايا أتنقل من مشفي لمشفى و من طبيب لطبيب و من بلد لبلد و أنا.... و أنا اغسل الكُلي.
اتسعت عيناه و قال بصدمة:
_ كنتِ مريضة كُلى!!
أومأت برأسها و شردت بالبعيد قائلة بتنهيدة طويلة:
_ نعم.. ذقت الأمرين و كنت اعاني من آلام لا يستطيع شخص بالغ تحملها.. أثناء جلسة الغسيل كنت أءن بصمت كي لا تتألم أمي على ألمي.
تابعت بعيون تملؤها الدموع الحارقة قائلة:
_ كان لابد من إجراء عملية نقل كُلى و لكن سنى حينها كان يمنع إجراء عملية كبيرة كهذه.. و عندما بلغت الثامنة عشر أجريت العملية و كانت نقل الكليتان و ليست واحدة فقط.
كانت كل عضلة به تريد ضمها لصدره كي تخرج حزنها ذاك و تترك لدموعها العنان.. لكنه ربت على كفها قائلا بحنو:
_ المهم الآن أنكِ بخير.
تطلعت راما بكفه الملامسة لكفها بدفء غريب.. و تابعت بشجن:
_ لا لستُ بخير.. ضميري يؤنبني بكل دقيقة.. لا أعرف للنوم المتواصل طعم.. احاسب نفسي بقسوة.
فسالها غنام باندفاع من عدم فهمه قائلا بتلهف:
_ ولم تقسين على نفسكِ هكذا أنا لا افهم شيئاً؟!
تركت راما لدموعها العنان و هي تصرخ بجنون:
_ لأن أبي وضع مبلغاً مالياً كبيراً لمن يتبرع لي بكُليته و الحاجة أرغمت شخصان على التخلي عن جزء هام من جسدهما مقابل المال و الحاجة.. هل فهمت الآن؟!
هدأها غنام مسرعاً و هو يقول بقوة:
_ إهدءى يا راما انفعالك هذا ربما يضرك.
سحبت راما كفها من كفه و وقفت تطالع البحر و قالت بشرود:
_ لا تتعامل معي علي أنني مريضة تحتاج شفقتك.
وقف هو الآخر و وقف بجوارها و قال ببساطة:
_ وهل عندما تخشين علي من عصبيتي و من الجراثيم و من البنات ايضاً تعد تلك شفقة منكِ.
ابتسمت بهدوء و عادت بعينيها العسلية إليه و قالت بحماس تعجب هو منه:
_ هل تأتي معي لزيارة هذان الشخصان و الاطمئنان على صحتيهما و لكن دون علم رمزية فهي ستخبر أبي؟!
فكر غنام قليلاً و قال بهدوء:
_ لا أعتقد انها فكرةً صائبة يا راما.
زمت شفتيها بطفولة و قالت برجاء:
_ ارجوك يا غنام وافق من أجلي.. ارجوك.
يا الله... كم يقاوم و بشدة التمادي بمشاعره تجاهها فهذا لا يصح الآن على الأقل.. فابتعد بأنظاره عنها و قال بجدية:
_ حسناً امهليني بعد الوقت سأذهب لإنهاء بعض الأعمال غداً و حينما أعود سأرد عليكِ إما بالموافقة أو الرفض.
ضحكت راما بخفوت و هي تقول بسخرية:
_ جل ما أبغي هو أن أعرف أين تذهب حينما تختفي.. فأنا حتي الآن لا أعلم عنك شيئاً.. شهور مرت لنا معاً و لازلت لغزاً محيراً لي يا غنام.
بادلها ضحكتها الرائقة بابتسامة متسعة و هو يقول بفتور:
_ أنا مجرد شخص تعرف علي أميرة مثلُكِ صدفة ليكون له شأن بقربها .. تعرفين.. نحن نشبه قصة الشاطر حسن و الأميرة ياسمين.
زادت ضحكاتها و هو يتأملها بحب...
وهمس بداخله قائلا :
_ و أنا جل ما ابغي ان أضمك لصدري لآخر العمر حبيبتي.
• * * * * * *
بدأ الاستنفار في المنزل و في جميع المنازل تقريباً لقرب ميعاد الاختبارات ، ومروان متوتر دائما ويذاكر كثيرا...
أما سارة فأصبحت مقيمة عند آية فى منزل جدتها بصفة دائمة...
مع الوقت بدأت علاقة مروان وآية تعود ولكن ليس بكاملها ... فالتحفظ كان متبادل بينهما...
بيومٍ عاد مروان متأخراً من جلسه مع أصدقائه فى المقهى القريب من بيته.. فمر على شقة جدته طرق الباب ففتحت له سهام وقالت بجدية :
_ مروان من الجيد أنك أتيت.. أنا سأصعد لشقتنا لأن والدك قد عاد مبكراً و من المؤكد أنه يحتاجني الآن.. أنت إبقي مع جدتك و إفعل لها ما تريد و لا تزعج الفتيات لأنهم يراجعون دراستهم.
أجابها مروان قائلا بانصياع و هو يدلف للداخل:
_ حسناً يا أمي سأنتهي و أجلس لأتسامر مع جدتي قليلاً و إن رغبت شيء سأنفذه لها و حينما أنتهي سأتي إليكِ.
ملست على ذراعه و قالت بابتسامة ممتنة:
_ شكراً لك حبيبي.
تركته وصعدت مسرعةً وأغلق ورائها الباب وإتجه ناحية غرفة جدته فمر على غرفة آية أولاً .. وبعد أن سار بعض الخطوات وقف مكانه مذهولا مما وقعت عيناه عليه...
فرجع بعض الخطوات ليقف أمام باب غرفة آية ، يعلم أن ما يفعله خطأ كبير و لكن صدمته لجمته...
رآها جالسة مع سارة ترتدى قميص قطني للنوم بدون أكمام يصل طوله عند الركبة لونه وردى أظهر بياضها الناصع الممزوج باللون الوردي ..
وبشرتها الناعمة كبشرة الأطفال وشعرها الطويل الأسود كسواد الليل والتي ترفعه على هيئة ذيل حصان يصل لما بعد ظهرها...
بدت له أنثى مكتملة الأنوثة .. وليست طفلته الصغيرة كما كان يراها دائماً .. أخذ يتفحصها بجرأة غير مصدق جمالها التي تخفيه وراء إسدالها وحجابها التي ترتديهم فى حضرته دائما...
_ هل أتيتي يا آية؟!
أجابتها بعدما جلست على إحدى الأرائك لتأخذ نفسها قليلاً و هي تخلع حذائها قائلة بوهن:
_ نعم يا جدتي ثواني و سآتي إليكِ.
دخلت غرفتها محاولة تخفيف توترها والسيطرة على أعصابها وقلبها الذى ينبض كأنه خرج من سباق خيل خشية أن تلاحظ جدتها توترها...
أبدلت ملابسها وألقت نظرة سريعة على جدتها وتوضأت وصلت علها تهدأ...
نزلت سارة بآخر اليوم لشقة جدتها ووقفت أمام آية وقالت بحرج :
- أنا آسفة يا آية لأنني تركتك بمفردك معه و صعدت لشقتنا .
اجابتها آية و هي تعبث بهاتفها قائلة بجمود:
_ عادى يا سارة لا تقلقي.. ما حدث أفضل لكلانا يجب أن يعرف انني لم أعد صغيرته.. لقد كبرت و عليه تقبل ذلك الأمر سواء بإرادته أو رغما عنه.
فقالت لها سارة بقلق :
_ الله يستر فأنا لا أعلم ما بنيته لكِ.. فهو لن يمررها تلك المرة على خير اعلم ذلك جيداً.
أشاحت آية بيدها وقالت بلا مبالاة :
_ لم أعد أخشاه و لا أخشى ردة فعله.. أنا الآن حرة.
في المساء اجتمعت آية بمروان في غرفة جدتهم لينقل الجدة على سريرها ولم يتحدث معها ولم ينظر لها وكأنها غير موجودة معهم وهذا ما آلمها..
فأقسي عقاب ممكن ان يوقعه مروان عليها هو خصامه لها .... فهى لا تستطيع أن تحرم من حديثه معها و لو كان قاسياً ونظرة عينه لها و لو كانت باردة.... .
جلست بغرفتها المظلمة و هي تضم ساقيها لصدرها بحزن و تتنهد بأسي.. فدلفت عليها سارة متعجبة و هي تقول:
_ ما هذا الظلام التي تجلسين به.. كنتي بالسابق تخشين الظلام حبيبتي.
اضاءت سارة الغرفة فغطت آية عينيها بألم و هي تقول:
_ اغلقيه أريد أن أبقي بمفردي إذا سمحتِ.
اقتربت منها سارة و سالتها بإشفاق على حالتها تلك:
_ ماذا هناك حبيبتي.. وما فائدة بقاؤكِ بمفردك هذا؟!
فقالت لسارة بحزن وهي مازالت تنكس رأسها :
_ أرأيتِ يا سارة كيف عاملني اليوم.. ينوى خصامي و هو يعلم أن أكتر شيء أبغضه بالحياة هو الخصام.
ملست سارة على شعراتها المنسدلة حولها و قالت برفق:
_ لا يهمك يا حبيبتي منه.. لقد خاصمني أنا أيضاً، شعوري المتواضع انه يشعر بالغيرة عليكِ و هذا مؤشر جيد جداً.
رفعت آية رأسها و ابتسمت بخفوت و هي تقول بفرحة :
_ حقاً!! هل من الممكن أن يكون غضبه هذا غيرةً عليّ إذا فمن المحتمل أن يكون قد أحبني.
وضعت سارة ساقاً فوق الأخرى و هي تقول بهدوء:
_ لم لا من الممكن ان يكون قد أحبكِ و لا يشعر.. نحن سنظل على خطتنا كي يستسلم.. المهم ألا تضعفي كعادتك أمامه.
تهدل وجه آية و قالت بوهن :
_ هذا يكفي لقد تعبت و بدأ اليأس يتملكني و لم أعد أعرف ماذا أفعل كي يشعر بحبي له.
وقفت سارة متمطأة و هي تقول بتثاؤب:
_ فلتتركيها على الله فلو كان خيراً لكِ لقربه منكِ و إن كان شراً أبعده عنكِ.
و تركتها وصعدت لشقتها لتنام... حاولت آية جاهدة أن تنام فى هذه الليلة ولكن لم تنم الا القليل ...
• * * * * *
في اليوم التالي.. طرق حازم مكتب اللواء خاصته و دلف قائلا برسمية جادة:
_ صباح الخير يا سيدى.
أشار له اللواء أن يدخل.. فأغلق ورائه الباب و دلف مسرعا فأجابه اللواء قائلا:
_ صباح الخير.. تفضل بالجلوس.
جلس فأمامه فأردف قائلا بجدية:
_ ماذا فعلت بقضية رجل الأعمال فؤاد الساعاتي هل توصلتم لشيء عن موضوع التهديدات التي تأتيه دائما من أرقام دولية تلك.
أومأ حازم برأسه و هو يقول مسرعاً:
_ نعم يا سيدى فتلك الأرقام تمويه ليس إلا و المرسل من داخل البلد و يحاول إبعاد التهمة عنه بتلك الحركات السينمائية.
استند اللواء على مكتبه بكلتا يديه و هو يسأله:
_ و ما هي آخر تطورات بحثك يا حضرة الضابط؟!
اجابه حازم بتعقل:
_ نحن نعرف جيداً من المرسل و لا نستطيع الاقتراب منه أو اتهامه بأي شيء نظراً للحصانة البرلمانية التي يتمتع بها.
أومأ اللواء برأسه و قال ببديهية:
_ وما العمل إذاً من وجهة نظرك؟!
زم حازم شفتيه و أجابه:
_ حل وحيد أن تظل راما ابنة فؤاد بيه مختفية كما هي و تظل حراستنا لها كما هي أيضاً حتي تنتهي تلك المناقصة و يأخذها منه او تذهب للآخر.
ارتدى اللواء نظارته و قال مؤكداً:
_ و أنا أيضاً أرى ذلك.. و كما قلت الحراسة عليها شديدة و بإذن الله لن يصلوا إليها و لن يصيبها مكروه.
وقف حازم منتصباً و قال برسمية:
_ تمام يا فندم إن توصلت لشيء جديد سأخبرك بإذن الله.
ثم التف مغادراً.. و ما أن وصل للباب حتي عاد بعينيه إليه و سأله بتلهف:
_ سيدى هل هناك أخبار عن زيد فجميعنا نفتقده؟!
طالع الأوراق أمامه و قال بهدوء:
_ كما قلت سابقاً لآسر إنه بمأمورية و لا تقلق فهو بخير حال و الحمد لله و أشعر أنه لا ينوى العودة لعمله.
ضيق حازم عينيه و خرج وهو يفكر في حديثه كيف لزيد ألا يرغب بالعودة.. ما قصده..
نفض رأسه و سار ناحية مكتبه....
****************************************
الاشتياق..
ذلك الوحش الكاسر الذى يهزمنا بسهولة و يسر و لا نستطيع مجابهته أو هزيمته.. و الأقسى هو الاستسلام له..
فهناك من يستحق أن تبدأ معه أنت و تنهي اشتياقك و هناك من لا يستحق ان تهدر كرامتك من أجله..
عدت الأيام والأسابيع و مروان على حالته لا يتحدث مع آية وهى تزيد من تصرفاتها التي تغضبه أكثر وتموت من بعدها أكثر وأكثر ....
لم تشعر آية بحالها و قد اقتربت من إيساف أكثر في تلك الأيام محاولة للانتقام من مروان.. و لم تعرف أنها تنتقم من حالها و ستدفع ثمن ذلك غالياً .
كانت حالتهما قد صارت واضحة للجميع و لم يؤثر حديث أحد بهما.. فما زاد من جفاء مروان ذاك هو اللامبالاة التي ترتديها آية أمامه و تكسو وجهها و تصرفاتها...
بيومٍ دخلت إليها سهام غرفتها وقالت بضيق :
_ آية حبيبتي مرت شهور و أنتِ و مروان على حالكما ذاك و نحن لم نعتاد ان تطول فترة خصامكما هكذا.
فقالت لها آية بحزن و هي تكتب على حاسوبها :
_ هو من ابتدأ الخصام يا خالتي.. يريدني أن أرتدى كما يحلو له و أكل كما يريد و اخرج متى شاء.. رغم أنه لا يعامل سارة مثلما يعاملني.
التفتت ناحيتها و قالت بتنهيدة حزينة:
_ ربما لأنني يتيمة و لا يوجد لي أباً أو أماً يدافعان عني فيسمح لنفسه بأن يتحكم بي بهذا الشكل و إن اعترضت يخاصمني.
فقالت لها سهام بلوم و هي تطالعها بحزن :
_ يتيمة يا آية و أنا علي قيد الحياة.. و تقوليها بوجهي هكذا ببساطة.
وقفت آية مسرعة و قالت باعتراض:
_ لا يا حبيبتي أنا لا أقصد أن اجرحكِ و أنتِ تعلمين جيداً غلاتك عندي و ماذا تعنين لي.
فقالت لها سهام بتفهم :
_ هداكما الله حبيبتي.. المهم كيف حالكن بالجامعة فالاختبارات على الأبواب.
اجابتها آية بابتسامة ودودة:
_ لا تقلقي نحن و الحمد لله متفوقتين و ثقتنا بأنفسنا عالية جدا.. فقط ادعي لنا هذا ما نحتاجه منكِ.
ربتت سهام على ذراعها و قالت بحنو:
_ يعلم الله انني أدعوا لكم بكل صلاة انتم الثلاثة.
نكست آية رأسها بحزن و قالت بمرارة :
_ تحدثي مع مروان يا خالتي و قولي له يكفي جفاءً لهذا الحد فنحن على أعتاب الاختبارات و لا نريد شيئا يشتتنا.
اجابتها سهام بأسى :
_ لقد تحدثت معه كثيراً و لكنكِ تعلميه جيداً و تعلمين مكانتكِ عنده فهو يعتبركِ اكثر من أخت له.. دائما ما يقول انكِ ملكه فلم يتوقع منكِ أن تقولي له لا على أي شيء.
تنهدت آية بأسي و قالت بمرارة :
_ لمتى سأظل على حالتي بقول نعم و حاضر دائماً.. عليه أن يعلم أنني تغيرت و يحترم اختياري.
فقالت لها سهام لتخفف عنها بعقلانية :
_ إذا لا تكترثين لما يفعله و إفعلي أنتِ ما تريدينه طالما أنكِ مقتنعة به و على صواب.
• * * * * *
الحياة كما اللوحة البيضاء و نحن من نلونها و نرسم بها شخصيات و أماكن كثيرة.. ونستطيع طمس أى رسمة قديمة باللون الأسود أو الأبيض و نعاود الرسم على اللوحة من جديد...
ما أقسي الحياة حين يصيبك الخوف و الهلع من اللون الأبيض.. خواء و هدوء قاسي مرتبط بأقسى سنين عمرك..
لأول مرة تخذلها الفرشاة و تعصي أوامرها.. اغلقت راما عينيها و سحبت نفساً طويلاً في محاولة لتهدأ نفسها و السيطرة على فيض ذكرياتها القاسي..
وقف غنام بجوارها مستشعراً توترها من رعشتها.. دنا منها وسألها بقلق:
_ راما هل أنتِ بخير؟!
فتحت عيناها و طالعته بتنهيدة حزينة و قالت:
_ لا تقلق أنا بخير و لكنني شردت بالبعيد فتألمت.
سحب كرسيه و جلس بجوارها و هو يقول بهدوء:
_ أشعر أنكِ تحملين بداخلكِ الكثير إذا أردتِ الحديث سأسمعك و بعد أن تنتهي سأمحي كل ما قلته من ذاكرتي.
شردت بالبحر و هي تقول بنبرة عميقة كعمق البحر أمامها:
_ المرض.
عقد حاجبيه غير مستوعباً لكلمتها و مغزاها و سألها بترفق:
_ ماذا تعنين بالمرض.. هل أنتِ مريضة؟! فأنا لاحظت أنكِ تتعاطين الكثير من الأدوية و تعقمين كل أشيائك تقريباً و اصبحتِ تعقميني أنا شخصياً.
طالعته بنظرات موءودة و هي تقول بخواء:
_ لم أعد مريضة بعد.. ولت فترة المرض و بقيت اعراضها الجانبية... لكن هناك من دفع ثمن تخطيها.
هز رأسه و هو يحاول استيعاب ألغازها ثم سألها بهدوء:
_ وضحي أكثر لو أمكن.
اعتدلت في جلستها و هي تمسح كفيها بمحارم ورقية معقمة و التفتت بجسدها ناحيته و بعدما اصبحت قبالته قالت:
_ أنا قضيت طفولتي كاملة و صبايا أتنقل من مشفي لمشفى و من طبيب لطبيب و من بلد لبلد و أنا.... و أنا اغسل الكُلي.
اتسعت عيناه و قال بصدمة:
_ كنتِ مريضة كُلى!!
أومأت برأسها و شردت بالبعيد قائلة بتنهيدة طويلة:
_ نعم.. ذقت الأمرين و كنت اعاني من آلام لا يستطيع شخص بالغ تحملها.. أثناء جلسة الغسيل كنت أءن بصمت كي لا تتألم أمي على ألمي.
تابعت بعيون تملؤها الدموع الحارقة قائلة:
_ كان لابد من إجراء عملية نقل كُلى و لكن سنى حينها كان يمنع إجراء عملية كبيرة كهذه.. و عندما بلغت الثامنة عشر أجريت العملية و كانت نقل الكليتان و ليست واحدة فقط.
كانت كل عضلة به تريد ضمها لصدره كي تخرج حزنها ذاك و تترك لدموعها العنان.. لكنه ربت على كفها قائلا بحنو:
_ المهم الآن أنكِ بخير.
تطلعت راما بكفه الملامسة لكفها بدفء غريب.. و تابعت بشجن:
_ لا لستُ بخير.. ضميري يؤنبني بكل دقيقة.. لا أعرف للنوم المتواصل طعم.. احاسب نفسي بقسوة.
فسالها غنام باندفاع من عدم فهمه قائلا بتلهف:
_ ولم تقسين على نفسكِ هكذا أنا لا افهم شيئاً؟!
تركت راما لدموعها العنان و هي تصرخ بجنون:
_ لأن أبي وضع مبلغاً مالياً كبيراً لمن يتبرع لي بكُليته و الحاجة أرغمت شخصان على التخلي عن جزء هام من جسدهما مقابل المال و الحاجة.. هل فهمت الآن؟!
هدأها غنام مسرعاً و هو يقول بقوة:
_ إهدءى يا راما انفعالك هذا ربما يضرك.
سحبت راما كفها من كفه و وقفت تطالع البحر و قالت بشرود:
_ لا تتعامل معي علي أنني مريضة تحتاج شفقتك.
وقف هو الآخر و وقف بجوارها و قال ببساطة:
_ وهل عندما تخشين علي من عصبيتي و من الجراثيم و من البنات ايضاً تعد تلك شفقة منكِ.
ابتسمت بهدوء و عادت بعينيها العسلية إليه و قالت بحماس تعجب هو منه:
_ هل تأتي معي لزيارة هذان الشخصان و الاطمئنان على صحتيهما و لكن دون علم رمزية فهي ستخبر أبي؟!
فكر غنام قليلاً و قال بهدوء:
_ لا أعتقد انها فكرةً صائبة يا راما.
زمت شفتيها بطفولة و قالت برجاء:
_ ارجوك يا غنام وافق من أجلي.. ارجوك.
يا الله... كم يقاوم و بشدة التمادي بمشاعره تجاهها فهذا لا يصح الآن على الأقل.. فابتعد بأنظاره عنها و قال بجدية:
_ حسناً امهليني بعد الوقت سأذهب لإنهاء بعض الأعمال غداً و حينما أعود سأرد عليكِ إما بالموافقة أو الرفض.
ضحكت راما بخفوت و هي تقول بسخرية:
_ جل ما أبغي هو أن أعرف أين تذهب حينما تختفي.. فأنا حتي الآن لا أعلم عنك شيئاً.. شهور مرت لنا معاً و لازلت لغزاً محيراً لي يا غنام.
بادلها ضحكتها الرائقة بابتسامة متسعة و هو يقول بفتور:
_ أنا مجرد شخص تعرف علي أميرة مثلُكِ صدفة ليكون له شأن بقربها .. تعرفين.. نحن نشبه قصة الشاطر حسن و الأميرة ياسمين.
زادت ضحكاتها و هو يتأملها بحب...
وهمس بداخله قائلا :
_ و أنا جل ما ابغي ان أضمك لصدري لآخر العمر حبيبتي.
• * * * * * *
بدأ الاستنفار في المنزل و في جميع المنازل تقريباً لقرب ميعاد الاختبارات ، ومروان متوتر دائما ويذاكر كثيرا...
أما سارة فأصبحت مقيمة عند آية فى منزل جدتها بصفة دائمة...
مع الوقت بدأت علاقة مروان وآية تعود ولكن ليس بكاملها ... فالتحفظ كان متبادل بينهما...
بيومٍ عاد مروان متأخراً من جلسه مع أصدقائه فى المقهى القريب من بيته.. فمر على شقة جدته طرق الباب ففتحت له سهام وقالت بجدية :
_ مروان من الجيد أنك أتيت.. أنا سأصعد لشقتنا لأن والدك قد عاد مبكراً و من المؤكد أنه يحتاجني الآن.. أنت إبقي مع جدتك و إفعل لها ما تريد و لا تزعج الفتيات لأنهم يراجعون دراستهم.
أجابها مروان قائلا بانصياع و هو يدلف للداخل:
_ حسناً يا أمي سأنتهي و أجلس لأتسامر مع جدتي قليلاً و إن رغبت شيء سأنفذه لها و حينما أنتهي سأتي إليكِ.
ملست على ذراعه و قالت بابتسامة ممتنة:
_ شكراً لك حبيبي.
تركته وصعدت مسرعةً وأغلق ورائها الباب وإتجه ناحية غرفة جدته فمر على غرفة آية أولاً .. وبعد أن سار بعض الخطوات وقف مكانه مذهولا مما وقعت عيناه عليه...
فرجع بعض الخطوات ليقف أمام باب غرفة آية ، يعلم أن ما يفعله خطأ كبير و لكن صدمته لجمته...
رآها جالسة مع سارة ترتدى قميص قطني للنوم بدون أكمام يصل طوله عند الركبة لونه وردى أظهر بياضها الناصع الممزوج باللون الوردي ..
وبشرتها الناعمة كبشرة الأطفال وشعرها الطويل الأسود كسواد الليل والتي ترفعه على هيئة ذيل حصان يصل لما بعد ظهرها...
بدت له أنثى مكتملة الأنوثة .. وليست طفلته الصغيرة كما كان يراها دائماً .. أخذ يتفحصها بجرأة غير مصدق جمالها التي تخفيه وراء إسدالها وحجابها التي ترتديهم فى حضرته دائما...