الفصل الثاني

الحياة في نهاية المطاف تغلب، وإن بدا غير ذلك والبشر راشدون مهما ارتبكوا أو اضطربوا أو تعثرت خطواتهم، والنهايات ليست نهايات، لأنّها تتشابك ببدايات جديدة.

وضعت قلمها الحبر علي مفكرتها الورقية الصغيرة التي تداوم علي ان تكتب بداخلها ما يدور في عقلها او يخطر في بالها لتنتهي من كتاباتها ودموع عيونها تفصح عن ما بداخلها من حزن شديد وعميق.

لتقترب سيدة مسنة منها تهزها بطرف أناملها وهي تجلس بجانبها وتقول لها بتسأول:
- هل انتي بخير؟!
،ملامح وجهك الشاحب تدل على انه يحمل خلفه الكثير و الكثير من الآلام.

لترفع الفتاة عيونها العسلية الغارقة بالدموع لتتدراك موقفها ومشاعرها المضطربة التي قليلا ما تظهر للعلن، فهي معتادة دائما ان تخفي داخل قلبها كل ما تشعر به.

لتقول لها بهدوء:
- انا بخير يا امي لا تقلقي !!!

لتنظر السيدة المسنة للبحر وتقول وهي شاردة بالتركيز فيه وتقول بحكمة:
- اعلم ان ظلمه البحر شديدة، لكن ظلمة افكارك اشد واقسي
ف انا اري في عيونك انك ستجلبي الكثير من الدمار مثل والدتك الراحله.

اطلقت معدية بور فؤاد إنذار الوصول لتنذر الركاب بوصولهم الي واجهتم ليتحرك جميع الركاب الي منفذ الخروج، لتجلس تلك الجميلة صاحبة الملامح الحزينة شاردة في بحر احلامها مع حديث تلك المسنة وهي تنظر لها بتركيز شديد.



لتنتفض الفتاة من علي مقعدها تنظر باتجاه الإنذار وتلتفت مره اخري للسيدة المسنة لتجدها قد اختفت تماما كانها لم تكن ابدا ؛ لتغمض الفتاة عيونها بعمق وهي تتنفس مطولاً، فا هي تري هلاوس بصريه من جديد.
هل ما تراه هلاوس من صنع عقلها ام انها ارواح هائمة تجذبها روحها المتعطشة للانتقام.

لتنهض الفتاة تمرر يديها بعناية علي فستانها الرمادي الانيق تعدل من هيئتها وتمرر أناملها علي وجنتيها تخفف دموعتها التي تمردت عليها وظهرت للعلن،
وتلتقط شنطتها وتركض بعيد عن السيدة لتقفز للجهة الاخري من جهة الوصول ذلك من عقدة نفسية تسمي بالرهاب الاجتماعي، لتجد ان الجميع منشغل في اعمالة لتخرج من شنطتها ورقة صغيرة بها عنوان لترفع عيونها من الورقة وتشير لاول سيارة أجرة لتقصد العنوان في الورقة.


في القاهرة الكبرى
في منظمة اجتماعية من شأنها الدفاع عن حقوق الطفل
جلست السكرتيرة تؤدي عملها بمتابعة اوراق كثيرة أمامها ليرن هاتف المكتب لترد بمهنية:
-الو؟!
من المتصل؟!

لتنتفض السكرتيرة وهي تجيب بنبره صارمه:
-اوامرك يا حضره المدير، لا يا سيدي هي في مهمه عمل قصيره لبورسعيد ستعود في خلال يومين.

لتغلق الهاتف وتتنفس الصعداء لتنظر لزميلتها في المكتب المجاور لها وهي تقول بجديه:
- كل احوال العمل لا تسير جيدا في غيابها، فالمدير لا يستطيع أن يعتمد غير عليها.

لترفع الاخري عيونها من جهاز الكمبيوتر امامها لتقول لها بتسأول:
- عن من تتحدثين؟!

لتجيب السكرتيرة بهدوء:
- اتحدث عن امينة الحزبي، القوة الخفية لتلك المنظمة عمودها الأساسي والمدير يعتمد عليها في كل كبيرة وصغيرة.


في مدينه بورسعيد الحبيبه

وقفت الفتاة تنظر للورقة بتدقيق شديد لترفع عيونها وهي تري انها قد وصلت لمكانها المنشود، لتعدل من هيئتها وتصعد علي السلالم لتصل للدور الثاني وتمد يديها لتدق علي زجاج الباب الخشبي.

ليصدر من الداخل صوت امرأه غاضبة تصيح من الداخل وهي تقول بصوت مرتفع جدا:
- من المغفل الذي يدق في هذا الوقت المبكر.؟!

لتفتح البااب وتظهر من خلفه امرأه غاضبه جدا تنظر بتفحص للفتاه ولمظهرها الانيق لتعوج شفتيها وهي تقول باستهزاء:
- من انتي يا عزيزتي.؟!
هل اتيتي لطلب المواد المخدره من ناجي في هذا الوقت المبكر.؟!

لتبتسم الفتاة بهدوء شديد وهي تقول بنبرة واثقة جدا من نفسها:
لا بل انا عذرائيل متجسد في هيئة انسانه، اتيت هنا خصيصا لابلغلك ان عدد البلاغات المقدمه ضدك انتي وهذا المدعو ناجي
كفيل ليجعلك تتعفنين انتي وذلك المغفل في السجن لسنوات طويلة جدا.


لتتسع عيون المرأه وهي تجاهد لتبتلع ريقها بصعوبة وهي تقول بتسأول:
هل انتي من الشرطة؟!

لتبتسم الفتاة وهي تقول بنبرة متباهية جدا بنفسها:
لا بل انا امينة الحزبي اتيت هنا لاري ابنك الصغير من يصدر صوتة وصراخة وتوسلاتة للجيران المحيطين بكم، بسبب معاملتكم الوحشية له وتعنيفكم له المستمر.

لتتلجلج المرأه وهي تقول بنفي قاطع:
لا يا سيدتي من المؤكد انكي قد قصدتي عنوان خاطئ، فانا ليس لدي اي أطفال فانا امرأة عاقر لا انجب اي اطفال.

لتبتسم امينة الحزبي وتدفع جسد السيده لتمر داخل المنزل وهي تبحث بعيونها داخل المنزل ليرتفع صوتها وهي تهتف بلهفة شديدة:
يا ادم اخرج يا عزيزي، لا تخاف فانا اتيت خصيصا لانقذك.

ليخرج فتي في العاشره من عمره هزيل البنيان يعاني من سحجات واصابات ناجمه عن حروق في رأسه وذراعيه وكدمات في عيونه وفمه، ينظر بتوتر شديد لامينة الحزبي ليبتلع ريقة وهو يختبئ خلف الكرسي فيبدو انه قد عاني من الكثير من الذكريات السيئه.

لتقترب امينة الحزبي منة وتخفض جسدها لمستواه وهي تقول له بنبرة هادئة فهي تعلم ما مدي الدمار النفسي الذي من المؤكد انه قد اصاب نفسيتة ومدي الاوجاع التي يشعر به من حروق جسده واصاباتة، لتمد يديها له وهي تقول بهدوء شديد:
لا تخاف يا عزيزي، سأخرجك من هذا السجن في غصون ثواني.

لتنفعل المرأه علي امينة الحزبي وهي تجاهد ان تتهرب من مسئولياتها تجاة هذا الفتي المسكين، فهي تعلم جيدا ما فعلتة به هي وزوجها جراء رؤيته لهم وهما يتاجروا في المواد المخدره السامه، ليقص ببراءه هذا الطفل المسكين لمعلمة عن ما قد شاهدة بعيونة البريئتين عن والدتة وزوج والدتة يفعلانه من افعال منافيه للقانون وتعرضهم للمسأله القانونيه.

ليقرر المدرس ان يخاطر بثقه طالبة البرئ ويذهب لوالدتة وزوج والدتة يرشدهم الي الطريق الصحيح ويبلغهم ان تلك المرة ادم قد قص ما شاهدة علية هو فقط، في المره التالية من الممكن ان يتحدث امام اي شخص اخر ليبلغ عنهم الشرطه.

ليقرر الزوجان ان يصبحان جلاد وقاضي علي هذا الطفل الصغير لينقضان عليه يذيقانة جميع انواع العذاب والقسوة الوحشية ليصرخ الطفل وهو يستنجد باي شخص يغيثة من هذه المعاملة الوحشية.

ليصل صوتة الي معلمة فهو يقطن علي بعد منزلين من منزل ادم ليقرر ان يتخذ اجراء قانوني بطلب المساعدة من امينة الحزبي فهي لها باع كبير في إنقاذ الاطفال.


اعترضت والدة ادم بشده علي اقتراب أمينه الحزبي من ادم لتنظر لها امينه وتخرج هاتفها المحمول لتقول بمهنية:
- البلاغ صادق يا سيدي اريد منك التدخل سريعا.

ليمر ثواني قليله حتي ينقض افراد الشرطه وهما يهشمان باب المنزل ويقبضان علي والده ادم
ليركض ادم يحتمي داخل احضان امينه لتشدد علي احتضانه وهي تهمس داخل اذنه الصغيره:
- قد انتهي هذا الكابوس يا صغيري، لا تخف من الان فأنت معي.

ليخرج ادم بصحبه أمينه الحزبي بين افراد الشرطه تصطحبه بأمان فقد اصبح من الان من ضمن مسئولياتها رعايته الصحيه والنفسيه تحت رعاية المنظمه،
فهذا هدفها الاساسي رعايه اطفال الشوارع والاطفال من يعانوا من التعنيف علي يد ذويهم.

لينظر لها احد افراد الشرطة وهو يقول لزميله:
-من تلك الجميله الجريئه التي اقتحمت هذا الوكر بقلب شجاع ولم تخشي ابدا اي عواقب خطيرة علي حياتها؟! .

ليبتسم الشرطي وهو يقول بأعجاب شديد:
- تلك الجريئه هي امينه الحزبي قد انقذت الكثير والكثير من الاطفال المشردين والمعنفين بشجاعه واقدام خلال سنوات عديدة.


ليصمت الشرطي قليلا وينظر حوله ليري ان كان قد يصل حديثه هذا الي اي شخص اخر غير مسامع صديقه ليقترب من مسامع صديقه ويقول بهدوء:
- قد سمعت شائعات عنها انها في الماضي عانت من طفوله مخيفه جدا مماثله لهؤلاء الأطفال التي تنقذهم.

لتقترب أمينة الحزبي وفي يديها ادم لتبتعد عن الشرطه قليلا لتدعهم يقوموا بعملهم بعيد عن مسامع ادم او ان يري والدته مكبله بمقابض الحديد في يديها

لتصطحبة امام المنزل ليري البحر لتجلس امينة الحزبي علي الكرسي المقابل للبحر وبجانبها ادم
لتضع يديها بأحكام بين يديها لتبث داخل قلبة القليل من الامان والهدوء فهو بحاجه شديدة له

لتقول امينة الحزبي بنبرة طفولية تصل لسن ادم:
- هل من الممكن ان نصبح اصدقاء؟!

ليرفع ادم عيونه بتوتر ويهز رأسه بضعف لتبتسم امينة وهي تقول له بمرح شديد:
- هل تعلم ان صداقتي ممتعه جدا سنفعل سويا الكثير والكثير من النشاطات المسلية، سنذهب للقاهره سويا وسنذهب لجميع الاماكن السياحية فيها


لتسمع امينة الحزبي همس بصوت منخفض خلفها همس امرأه تتحدث معها وهي تقول بهدوء مميت كفحيح الأفاعي :
من المحزن ان اراكي تحققي احلام طفولتك مع غيري.

لتلتفت امينه الحزبي لتري والدتها تجلس خلفها بوجة شاحب يميل الي الابيض الشاهق عيونها قد ابيضت بالكامل ورأسها مصابه بشده بجرح عميق يبدو انه قد مر عليه الكثير من السنوات ولم يلتئم بعد.

لتبتسم والده أمينة الحزبي لها وهي تقول بابتسامة هادئه وهي تواجهه امينه بجبروت وقسوة:
- نعم يا امينه انا موجودة امامك وتريني بعيونك وليست احلام او كابوس فمهما جاهدتي لتقنعي عقلك اني شبح ولا وجود لي،
ساظل اظهر لكي في كل الأوقات وفي جميع الأماكن فانا مازلت اعيش داخلك.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي