روايه ارض الخوف

Nadaelamir`بقلم

  • الأعمال الأصلية

    النوع
  • 2022-12-13ضع على الرف
  • 14.6K

    جارِ التحديث(كلمات)
تم إنتاج هذا الكتاب وتوزيعه إلكترونياً بواسطة أدب كوكب
حقوق النشر محفوظة، يجب التحقيق من عدم التعدي.

الفصل الاول

أعلم أني لست مصابة بلعنة، بل أنا اللعنة ذاتها؛ أنا رائحة الموت والرعب وهو يعصف في يوم ممطر بالخوف في قلوب الناس.
هل هناك حل؟!
ولكن لحظة، هل أنا ابحث لمعضلتي عن حل من البداية أم تتماشي حياتي جدًا مع لعنتي؟
لا أعلم، ولكن في داخل عقلي الكثير والكثير من الشر للجميع!!
فالهلاك سيكون علي يدي.

12 يونيو ٢٠١٨

وقفت فتاه في الثلاثين من عمرها أمام معديه بور فؤاد تنظر للمارة وازدحامهم للوصول إلى مقعد في المعدية، لينظر رجل في العقد السادس من عمره وهو يطل بزيه الرسمي من المعدية ويقول لها بمهنية:

-  لقد أوشكت المعدية علي الذهاب يا آنسة.

لتفيق من شرودها وتبتسم له بهدوء وتخطي خطواتها بهدوء داخل المعدية لتتحرك بحذائها الأسود العالي الأنيق الذي يصدر منه طوت طرقات خطوات ثابته لتستقر في مقعدها بجانب الشباك، لتضع حقيبتها الجلدية علي الكرسي المجاور لها وتعود لشرودها من جديد، فزيارتها لبورسعيد بعد تلك السنوات العديدة الماضية لم تكن أبدًا بالخطوة السهلة لها.

لكن العمل لا يحدد لنا مكان أو يعترف بزمان فهو متغير دائما وفقا لمتطلبات القضايا المتعلقة بعملها كناشطة لحقوق الطفل وإنقاذه في أي مكان يتطلب منها الذهاب إليه.

مرت المعدية في طريقها علي منزل قديم متهالك البنيان رفعت عيونها العسلية الواسعة المزينة بكحل اسود غجري يبرز جمالها الطبيعي، لتبتسم باستهزاء وهي تري ذكريات جميلة جدًا مؤلمة أيضا تمر أمام عيونها. لتعود برأسها للخلف وهي تغلق عيونها بألم لتمر داخل رأسها ذكريات جاهدت كثيرا لتدعي نسيانها.

في أواخر الثمانينات في مدينه بورسعيد الحبيبة.

تركض فتاه صغيره ذات الشعر الطويل الأشقر وهي تحمل بالونات بألوان مختلفة في يديها بفرحة وتتأرجح بفستانها بلون البحر لونها المفضل دائما كلون معشوقها البحر وهو يدور بثنيات قماشه حول نفسه ليبزر جمال تفاصيله، فاليوم مناسبة خاصة جدًا بها يوم عيد ميلادها، يوم انتظارها لقبطان سفينتها البكر في بحر أحلامها وأمنياتها وهو والدها.

في انتظار أن يعلن عن قدومه بطرقات يديه القوية علي الباب ليجلب معه هديتها التي طالت انتظارها، فمنذ آخر مقابلة جرت بينهما في آخر عطلة له وعدها بأنه لن يفوت أبدا يوم قدومها للحياة لتعطي لحياته معني ولون مختلف إلا بوجود هدية مميزة جدًا لها لتكمل سعادتها.

لتقترب الفتاة من باب منزلها بفرحة وسعادة لتتلاشي ابتسامتها تدريجيًا وها هي يصل إلي مسامعها صوت والدتها المنهارة بشدة وهي تصرخ وتلهث بصعوبة بين شهقات دموعها، ليتجمد الدماء في عروق الفتاه الصغيرة فهي دائما تحضر نوبات غضب لوالدتها لكن تلك المرة مختلفة تمامًا، لتقترب وجها بالقرب من الباب لتجاهد أن تسمع ما يدور بالداخل، ليصل لمسامعها حديث والدتها ووالدها وهي تقول بلهفة مسرعة:
-  فبأي ذنب تقتل محبوبتك زوجتك المخلصة لك بدم بارد.

لتتسع عيون والدتها وهي تسمع رد والدها بقله حيله لتصرخ بضعف وهي تتوعد له بانتقام مماثل بدم بارد منه ومن تلك الشمطاء التي سكنت وجدانه مؤخرًا وجعلته يعصف بأحوال المنزل باستهتار وتهور دون اعتبار لأي حسابات، لتلقي والدتها بالهاتف من بين يديها وتصرخ بكل قوه كأنها تريد أن تجرح أحبالها الصوتية بعنف شديد، لتلتقط كاس زجاجي يفوح منه رائحه الخمر وترتشفه مرة واحدة بنهم شديد كأنه سيعالج كل جروحها.

ولكن ثواني قليلة!!
هل عادت والدتها لتناول الخمر من جديد بعد رحلات عديدة، ولا منتهية هدفها العلاج عن إدمانها للخمور، لتغمض الصغيرة عيونها العسلية الواسعة لثواني وهي تفكر بعقلها الصغير عقل فتاة في العاشرة من عمرها، من المؤكد أنها لم تقتلع أبدًا عن الخمر وهو سبب نوبات غضبها الأخيرة.

فعادة إدمان الخمر أصبحت صديقتها الوحيدة والمفضلة التي لازمتها في فترات غياب والدها الطويلة عن المنزل، لتترنح بعدها وهي تبحث بصعوبة عن الفراش لتلقي نفسها عليه وتذهب في عالم من الأحلام الخيالية.

لتفتح الطفلة عيونها علي قوة فتح والدتها للباب بقوة شديدة ووالدتها تسحبها من يديها الهزيلتين وتهزها بعنف شديد وتقول بانهيار عصبي جدًا:
-  لم تأتيه الشجاعة ليواجهك بأنه أناني جًدا ليتحمل مسئولياته كأب مسئول، أن يعتذر حتي عن حضور عيد ميلادك
فلديه خطط أخري مع تلك الحية الصفراء.

لتلتفت والدتها لمفاتيح سيارتها الرياضية وتبتسم بفرحه كبيره وهناك ما يدور في عقلها لتركض باتجاه المفاتيح وطفلتها في يديها تسحبها بقوه شديدة خلفها وهي تردد بخوف شديد:
-  أريد رؤيه والدي؛ أنا خائفة بشدة أرجوكِ اهدئي.

لتلفت والدتها لها وهي تبتسم و تقول ما بين أنيابها:
-  سنذهب له فورًا؛ سنتجمع كعائلة صغيرة في النهاية وإن كانت دون رغبة والدك الملعون.

لتسحبها والدتها للخارج وهي تنصاع لأوامرها كدميه صغيرة لا حيلة لها، لتنفلت أطراف البالونات بألوانها المختلفه من بين يد الفتاة لتنظر لها بضياع وهي تري أخر آمالها في عيد ميلاد سعيد كأي طفلة طبيعية يتلاشى مع طيران البالونات في الهواء، لتفتح والدتها باب سيارتها الخلفي وتلقي بابنتها بداخلها وتستقل سيارتها لتقودها بسرعة كبيرة، لتنكمش الفتاه بخوف حول نفسها وهي تبكي بذعر شديد وهي تري كل أثار الطريق تتحرك كالأشباح من نافذة السيارة.

أخذت الفتاة تضع يديها علي أذنها من إثر صوت صرير إطار السيارة المرتفع وتغمض عيونها بقوه شديدة كأنها تريد الهروب من كل ما يحدث لها، ف عقلها الصغير لا يستوعب كيف لأم بالغة مسئولة عن طفله تعرضها لخطر جسيم وتقود سيارتها بتهور ورعونة.

لم تدرك الفتاة أن ما تفكر به ما هو إلا عاصفة صغيرة تعلن عن قدوم طوفان سيدمر بقوه كل ما هو أمامه، لتضغط الأم بأقدامها علي مكبح السيارة وتتوقف بشكل مفاجئ أمام الميناء.
لتنظر للبحر مطولا وهي تضحك بهستيريا كبيرة وتلتفت بعيونها إلي صغيرتها لتراها كالعصفور الصغير منكمش حول ذاته خائف من السقوط لتقول الأم لطفلتها بنبرة استهزاء:
-  ما الذي أصابك يا نبتة حبنا الصغيرة أنا ووالدك؟!
لا تخافي يا طفلتي الصغيرة فأنا وجدت الحل أخيرًا الحل النهائي لمأساتنا.

لتحرك الطفلة يديها من علي عيونها في لحظات أمل ضعيف فوالدتها تبث بداخل نفسها أمل زائف ستعمل علي أن تتمسك به بقسوة حتي تتقطع يديها من التمسك بحبل الأمل، لتهمس الطفلة بصوت ضعيف جدًا يكاد لا يظهر من بين توتر جسدها:
-  لماذا نحن هنا اذًا؟! أرجوكِ فلنعود إلي منزلنا وأنا أعدك يا أمي سوف أطيعك وأتناول طعامي للنهاية.

لتبتسم والدتها بصوت مرتفع جدا وهي تعود برأسها للخلف، فسذاجة الأطفال وبراءتهم لا تستوعب أبدًا أي مكائد أو خطر في هذا العالم، لتفتح عيونها وهي تمد يديها أمام فم طفلتها تمنعها من الحديث وتقول بحنين كبير وهي تشير إلى خارج السيارة وهي تقول:
-  في هذا المكان الملعون جرت أول مقابلة بيني وبين والدك الملعون، لقد سمم عقلي وأذني بحديثه المعسول، ليجعلني ضعيفة المقاومة والإرادة أمامه لأقرر أن أخطو بكل إدراكي الكامل داخل سجنه الأبدي، ليصبح سجاني الأبدي وحبل إعدامي ليقرر أن بعد كل ما قدمته له من تضحيات إنني لا أناسبه وتلك الحية الشقراء من تناسبه ليلقي بي وبكي من سفينته لنلقي مصيرنا المجهول، فهو لا يريد أن يتحمل مسئوليتنا من الآن، فوالدك قرر جعل يوم عيد ميلادك يا صغيرتي أهم يوم في حياتنا مناسبة خاصة به فقط لترضي أنانية وغروره، والدك الآن يتمم مراسم زواجه علي عشيقته.

لتبكي الطفلة بصمت وهي تري والدتها منهارة أمامها تتحدث بالكثير عن حياتهم مما يفوق عقلها الصغير استيعابه لتقول الوالدة بحزن شديد:
-  لا تحزني أرجوكِ! ودعي ابتسامتك المشرقة آخر ما تراه عيوني.

لترتبك الفتاه أمام طلب والدتها لتقرر والدتها أن تبادر بالابتسامة لتنصاع الطفلة الصغيرة لرغبة والدتها وتبتسم لها بتوتر وذعر
ما بين دموع عيونها ورعشة شفتيها لتدع أسنانها تظهر بصعوبة، لتمرر والدتها يديها علي شعرها بحب لتهمس لها بهدوء:

-  أنا أحبك وسأظل احبك دائمًا يا صغيرتي.

لتلتفت الأم مرة أخرى للأمام وتمسك مقود السياره وهي تغلق عيونها بالم شديد وتضغط بمقدمة قدمها علي مكبح السيارة لتتحرك السيارة للفراغ بسرعة كبيرة، لتطير السيارة في الهواء من علي ارتفاع بالغ لتسقط في البحر لترتطم رأس الطفلة في مقعد والدتها وتغيب عن الوعي لتجلس بهدوء تستقبل مصيرها الأبدي هي ووالدتها.
لتبدأ السياره في الاختفاء داخل البحر نهائيا وهي تختفي للاسفل.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي