البارت السابع

ظهرت نتيجة تلك الحملة التي شاركنا فيها، وفزنا بالمركز الثاني على مستوى الجمهورية، مما أشعرنا بالسعادة الشديدة؛ فقد كان هذا إنجاز عظيم.

قامت اللورا في ذلك الوقت بإخبارنا بأنها تود أن نتناول الغداء معاً؛ للإحتفال بهذا الإنجاز وتكليلًا لجهدنا طوال الفترة الماضية.

قمت بإختيار ثياب جميلة كالعادة، ثم ذهبت إلى ذلك المطعم الذي إتفقنا على اللقاء فيه، ولكنني كنت أشعر بالخجل؛ فقد كانت هذه هي أول مرة أتناول فيها الطعام مع شباب.

إنتهينا من تناول الطعام، وجلسنا نمزح ونتبادل أطراف الحديث، لكن كريم كان يتجنب النظر إليَّ؛ وكأنه سمع بذلك الكلام الذي أخبرت به أمنية الجميع.

لكنني تجاهلته أيضًا؛ فلم يعد أمره يهمني كالسابق، كما أنني لن أشعر بالضيق بسبب تلك الشائعات التي قامت الساحرة أمنية بنشرها؛ فأنا أعلم بأنني بريئة ولم أفعل أي شيء سيئ.

أردفت تسنيم بتساؤل:
_لماذا لا تتحدثين معنا يا ندى؟ هل تشعرين بالخجل منا؟

نظر لي كريم في تلك اللحظة بعينيه الخضراوتين؛ وكأنه ينتظر ردي، أردفت بتوتر:
_لا أعلم ما الذي يجب عليَّ قوله، لذلك أكتفي بالصمت.

أردفت تسنيم بتساؤل:
_هل هذه أول مرة تشاركين فيها في نشاط خاص بالجمعية العلمية؟

أومأت برأسي بالإيجاب، فأردفت تسنيم:
_ما رأيك يا كريم أن تتحدث معها عن المواضيع التي تخص سكورا، أنت تعلم أن لدي إختبارات في طب أطفال في تلك الفترة، ولن أستطيع تولي تلك المهمة، كما أنك المساعد الخاص بي؛ وأظن بأنك لن ترفض هذه المهمة.

أردف كريم بإعتراض:
_لماذا لا تقوم إسراء بهذه المهمة؟ أليست هي مساعدتك أيضًا؟

أردفت تسنيم بجدية:
_هذا لأنها كانت مسئولة عن الحملة الماضية، وكانت تتابعكم في الفترة التي لم أكن موجودة فيها، بينما أنت لم تفعل أي شيء سوى الضحك.

نظر كريم إلى إسراء بحنق؛ فقد علم أنها أخبرت تسنيم بكل ما حدث في ذلك اليوم، وأنها إشتكت منه وأخبرتها بأن كريم لم يكن جادًا على الإطلاق.

أردف كريم بجدية:
_ولكنكِ كنتِ تعلمين بأنني شخص غير جاد عندما وافقتي على إختياري كمساعد لكِ، لا أظن أن هذا الأمر جديد عليكِ.

أردفت تسنيم بجدية:
_ستحصل على بعض النقاط إذا ما وافقت على طلبي، بدون أي إعتراض آخر.

كان الجميع في هذه الجمعية العلمية يسعون لإكتساب النقاط؛ كي يحصلوا على منح خارج البلاد لمدة قصيرة قد تكون شهرًا أو شهرين، لذلك ظهر على كريم الرضا عندما أخبرته تسنيم بأمر النقاط.

لكنني كنت أشعر بالحزن؛ فقد كان كريم يرفض بشدة وكأنه لا يطيقني، هل أنا شخص سيئ إلى هذا الحد؟ لم أكن أرغب في العودة إلى نقطة الصفر وأكره نفسي من جديد، لذلك قررت الرفض.

أردفت بإعتراض:
_سأتعلم كل شيء مع الوقت يا تسنيم، لا داعي لإجبار كريم على ما لا يريده.

ثم نهضت من على الطاولة، وقمت بتوديعهم وداعًا سريعًا، وخرجت من المطعم، كنت أحاول مقاومة رغبتي في البكاء، لم أكن أريد البكاء لأن كريم يكرهني؛ بل لأنني عدت إلى نقطة الصفر وبدأت أكره نفسي مرة أخرى، أنا لا أحب التواجد في مكان لا يتم تقديري فيه، ولا أحب أن أكون شخصًا ثقيلًا على أي أحد.

كنت قد أشفقت على نفسي، عندما إعترض كريم بشدة على تعليمي بعض الأمور عن سكورا؛ فقد أشعرني رفضه بأنني شخص سيئ، وأنه فقط سيجبر على التعامل معي وتعليمي لأجل النقاط.

لكن أثناء سيري، شعرت بأحدهم يمسك يدي فإستدرت وصفعت ذلك الشخص.

نظرت إلى ذلك الشخص وكان كريم، نظر لي كريم بضيق وأردف:
_حسنًا أنا أستحق هذه الصفعة؛ لأنني ضايقتك قبل قليل، ولكن على الأقل ليس في الشارع.

ثم نظرت إلى الناس حولنا، كانوا ينظرون إلينا وهم يضحكون ويشيرون إلى كريم.

أردفت بإعتذار:
_أنا آسفة حقًا؛ لقد كنت أظن أن من قام بإمساك يدي هو شخص يريد الإعتداء عليَّ.

وأضفت بجدية:
_ثم لماذا قمت بإمساك يدي؟

أردف كريم بجدية:
_أردت الإعتذار منكِ عما بدر مني منذ قليل، ولكن صدقيني إن هذا الأمر ليس متعلقًا بكِ؛ فقد إعترضت على تعليمك لأن لدي الكثير من المسئوليات في هذه الفترة، لقد إقترب ميعاد فرح أخي وكان يريدني أن أكون معه بإستمرار في الأيام المقبلة.

أردفت بإبتسامة:
_لا بأس، لست متضايقة منك، يمكننا فعل شيء فيما يخص ذلك الموضوع؛ سأقوم بالبحث عن موضوعات سكورا بنفسي، وسأكذب على تسنيم وأخبرها بأنك تساعدني.

ظهر على وجه كريم الدهشة، وأردف بتساؤل:
_ولماذا ستقومين بفعل ذلك؟ لستِ مجبرة علي مساعدتي في ذلك الموضوع، كما أنني سأحاول التوفيق بين الموضوعين معاً، لذلك أنتِ لستِ مضطرة إلى الكذب.

أردفت بهدوء:
_إذاً يمكنك إرسال ما يخص سكورا على مواقع التواصل الإجتماعي، وسأنظر إليها، لست مضطرًا إلى اللقاء بي.

أردف كريم بتفكير:
_ولكنكِ لن تفهمي الموضوع إذا ما قمت فقط بإرساله على مواقع التواصل الإجتماعي، لا تقلقي لن نلتقي في الشارع أو في مكان خاص، سنلتقي في الكشك الخاص بالجمعية العلمية.

أومأت برأسي بالإيجاب وذهبت بعيدًا عنه؛ قبل أن يشعر بقلبي الذي ينبض بعنف في وجوده، علمت في تلك اللحظة بأنني لم أستطع نسيانه كما كنت أظن؛ بل فقط كنت أحاول إقناع نفسي بأنه ليس مناسبًا لي.

في اليوم التالي إستيقظت على رسالة كريم، كان يسألني إذا ما كنت سأستطيع اللقاء به في وقت الظهر، أرسلت إليه ردي بالموافقة، ونهضت من على السرير كي أستعد.

أردفت أمي بشك:
_أين ستذهبين؟ ليس لديكِ جامعة اليوم.

أردفت بتوتر:
_لدي إجتماع يخص الجمعية العلمية التي إلتحقت بها مؤخرًا.

أردتف أمي بسخرية:
_ستقومين بإضاعة وقتك بدون فائدة.

أردفت بإبتسامة يختبئ ورائها غضبي:
_لقد درست كثيراً في البارحة، لذا لا تقلقي، كما أنني أملك حرية إختيار المشاركة في الأنشطة التي أريدها؛ فأنا في الجامعة ولم أعد في المدرسة، أنتِ تهتمين بتقديري فقط أليس كذلك؟ إذاً ستتركيني أتصرف على راحتي؛ طالما أنني أحصل في النهاية على التقدير الذي يرضيكي.

ثم خرجت من البيت، وذهبت إلى كشك الجمعية العلمية، كان ذلك الكشك في الجامعة، لذلك كنت أشعر بالأمان عندما أخبرني كريم بأننا سنلتقي فيه، كما أنه من المؤكد أنه سيكون بداخله عدة أشخاص أيضًا، ولن نكون الشخصين الوحيدين الموجودين فيه.

لكن عندما وصلت إلى هناك، لم يكن يوجد أي شخص في الكشك سوى كريم، كنت على وشك الكلام وإخباره بأنني لن أتمكن من الجلوس معه بمفردنا، ولكنني في ذلك الوقت تلقيت صفعة قوية، كانت قوية إلى الحد الذي جعلني أقع على الأرض.

أردف خالي بغضب:
_هل قمتِ بتدنيس شرفنا؟! لقد كانت أمكِ محقة في الشك فيكِ بعد قراءة يومياتك، لكن لن تستطيعي الإنكار؛ فقد أمسكت بكِ متلبسة هذه المرة.

يتبع.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي