الفصل 13
الفصل الثالت عشر
ألام تنخر القلب، وتشق الصدور، كان يقف أمام غرفة العمليات منكس الرأس، يحارب دموعه حتى لا تنسدل على صفحات وجهه من شدة الألم الذي يشعر به يمزق قلبه، كيف لن التقصير في حقها، كيف تركها فريسة لضباع مولاها الشيطان، كان يشعر بالقلق الشديد قبل خروجه صباحا، لم تكن هي فقط من تشعر به، أراد أن يطمئنها قليلا ولم يظهر لها قلقه الشديد عليها، كان يثق جيدا أنه قد وضع الحراسة الكافية لتأمين منزله على أكمل وجه، بل وشدد الحراسة منذ الحادثة الأخيرة التي تسببت في اختطاف الصغيرات، كان يدرك جيدا أن هذه الحية ستتسبب لهم بالأذى الشديد، لمنه لم يصور له عقله أن يكون مصابه في نبض قلبه، ألم تملكه أنه أيضا تسبب في إيلامها بدلا من إسعادها وإدخال السرور على قلبها الذي ينبع بالطيبة، لا يستطيع أن يمحوا هذا المشهد من ذاكرته، ظل يغلق عينيه ويفتحها علَه يتمكن من محوه، كان يجلس مع صديقه بغرفة المكتب الخاصة به، يخبره عما اكتشفه منه حول العلاقة التي تربطه برجل الأعمال "مصطفى الألفي" ليون هاتفه برقم يخص المنزل، قلقه ازداد، ليجيب سريعا، ولكنه انتفض من موضعه إثر سماعه لما يخبره به، انتبه رفيقه لما يحدث، فقد شعر بخطب جلل، بادر بسؤاله لكنه ركض سريعا ولم يجبه، انطلق معه سريعا خوفا من أن سيكون الصغار قد أصابهم سوءاً كالمرة الماضية، دقائق مرت عليهم كالدهر، كانت السيارة تبتلع الطريق بنهم، ولكن صدمة شلت حواسهم عندما دخلا للمنزل، وجدا الدماء تفترش المكان، رجال الإسعاف يحاولون بجهد واضح حملها على الناقل بحرص شديد حتى لا يصيبها أذى أو يتضرر عمودها الفقري، خاصة، والدته تبكي بحرقة شديدة، والجميع يطغوا عليهم الحزن، انتفض سريعا يخطوا صوبها، لكنه كامن يشعر بثقل خطواته، حاول لمسها ولكن المسعف حذره من تحريكها; وأخبره بضرورة نقلها للمشفى سريعا، وهي منذ وصولهم وهي بالداخل، ولم يخرج أحد حتى يبرد نار قلبه، ربتة خفيفة على كتفه، جعلته يرفع رأسه قليلا يرى الجميع ملتف حوله، وقد حضر والديها أيضا، مُزع قلبه عندما رأى والدتها والدمع يتلألأ بعينيها، نكس رأسه بخزي، لم يلمه أحد، ولكن يكفيه لومه وعتابه لذاته، في هذه اللحظة انفرج الباب معلنا عن خروج الطبيب، نظر لهم بحزن شديد، يدرك حالتهم جيدا، لكنه يجب أن ينفذ مهمته، انطلق لسانه بالسؤال بلهفة عاشق قلق ،
أحمد : خير يا دكتور، في ايه؟
يبدأ الطبيب حديثه بالسؤال أولا عن كونه زوجها،
الطبيب: حضرتك جوزها ؟
أحمد : أيوة أنا جوزها، في ايه، بالله عليك تتكلم وتطمني
الطبيب : أنا عارف ان الوضع صعب، لكن واجبي يلزمني أقول لكم الحالة وضعها إيه، لأن القرار في إديكم
كان الجميع يقفون كمن على رؤوسهم الطير، لم ينطق أحدهم ولم ينبث ببنت شفة، ليكمل الطبيب
- الحقيقة المدام اتعرضت للضرب الشديد، وضرب بعنف، أدى للنزيف الحاد، بالإضافة للكدمات المتفرقة على جسمها، وكمان إديها تضررت بشكل واضح يدل على انها كانت بتحاول تدافع عن الأجنة، لكن...
أحمد : لكن إيه يا دكتور!
الطبيب: في الحقيقة النزيف مش بيقف، إحنا قررنا نفتح قيصري، لكن في حاجة ....
حضرتك لازم تقرر يا إما ننقذ الأم، يا إما ننقذ الأجنة...
صدمة تملكته لكنه قرر سريعا،
أحمد : الأم .. أنا عاوز مراتي، بالله عليك خرجها ليا بخير
الطبيب: بس في نقطة حضرتك لازم تعرفها، إن الرحم حصله تهتك من شدة الضرب في حالة المدام وخاصة إنها حامل في توأم، وكمان حصل له تمزق…يعني لازم نشيل الرحم....
وكم الصدمات التي تتوالى عليه، ولكنه لا يريد يكفيه الصغيرات سيربيهم، ولن يقصر معهم، خاصة وأنه يشعر وكأنهم صغاره، ما فعله الله خيرا، ماذا لو اهتم بأطفاله وأهمل الصغار، لذا مان قراره لا نقاش فيه،
أحمد : أنا عاوز الأم، أياً كان السبب
ترمهم الطبيب بعدما أخبرهم أنهم يحتاجون نقل دماء لها بسبب فقدها للكثير من الدماء
تقدم والده محتضنا إياه بدموع غلبت المآقي وانسدلت تعبر عن فخر وامتنان
الأب فتحي : مكنتش اعرف ان ربنا عوضه كبير أوي كدة، انت أثبت ليا ان الأصل غالب، وعرفت إنك مش بس بتحبها انت بتعشقها
أحمد: بعدما سمح لدموعه بالتحرر، والله هي النبض اللي بيخلي قلبي ينفض ويعيش، من غيرها اموت، بدعي ربنا ياخد من عمري ويديه لها
في هذه اللحظة اقترب مروان وحسام بخطوات ثقيلة، لا يدرون كيف سيبدؤون بالحديث في هذا الأمر، فالوضع ثقيل للغاية، لكنهم يجب أن ينهوه حتى يتمكنوا من أخذ حقها، تقدم مروان بهدوء متحدثا
مروان : أحمد، عمي، احنا مسكنا اللي عملوا العملة دي....
عند هذه النقطة استمع للحديث ليرفع عينيه التي كانت حمراء كالدماء من البكاء، لتتحول نبرته للشراسة
أحمد : هما فين ؟
ينظر حسام ومروان لبعضهم البعض، ولكن لم يجبه أحد منهم
أحمد : بعدما تغلب غليان الغضب على صوته وظهر جليا، بقولك هما فين يا مروان، واوعى تخبي عليا، لأني مش هسامحهم، ولا هسيبهم
مروان : بهدوء، عارف انك موجوع، وعاوز تاخد حقك منهم، بس لازم تهدى وتشوف مين السبب الرئيسي والمحرض لهم
الأب فتحي : لازم تهدى يا أحمد، لأني مش هتقبل حق بنتي ناقص، دلوقتي نجلاء محتاجة لنا كلنا جنبها،
لم يهدأ، ولكن يجب عليه التحلي بالصبر مؤقتا حتى يطمئن عليها
*****************†******
كانت تجلس مع والديها عقب قدومها من جامعتها، تتذكر حديثها في الصباح مع رفيقتها المقربة حول حل خطبة أخيها، لا تدري لما شعرت بالسعادة في هذا الوقت، مان تتحدث معها بهزل لمن داخلها كانت تتمنى أن يحدث ما تحدثت به، لا تعلم لنا أصبح هذا الشعور يدغدغ قلبها، كان والديها يتناولان الطعام بهدوء، لكنهم يتمكنوا من ملاحظة الابتسامة على وجه طفلتهم، ينظرون لبعضهم بتعجب ثم يعاودون النظر إليها مقررين الحديث معها لمعرفة ما يحدث معها
مصطفى : يا ترى حبيبة بابا مبسوطة كدة ليه، لا والضحكة من الودن للودن !
فاطمة : الله يرحم أول يوم كانت بتبيع حزن، لتختم حديثها بضحكة لمناغشة صغيرتها
تنتبه لهم هنا : بصراحة يا ماما الفضل لصاحبتي ورفيقتي الجديدة، بنت ونعم الأدب والأخلاق
فاطمة : ياا سلام على المدح، هنا نفسها بتمدح حد
هنا : ولا زالت البسمة ترتسم على وجهها، لا يا ماما رؤى دي حاجة تانية خالص، طيبة أوي بزيادة، ومؤدبة وأخلاق عاليا بزيادة، رغم إن والدها ووالدتها متوفيين، بس اخوها الكبير رباها وعلمها، تعرفي بحسه بيتعامل معاها زي أبيه سليم ما بيتعامل معايا
لكنهما انتبها للاسم، ليتساءل والدها : اسمها رؤى إيه؟!
تنتبه له زوجته بكامل حواسها منتظرة إجابة ابنتها
هنا : تقريبا رؤى محمود، أنا كنت شوفت اسمها على دفتر المحاضرات
صدمة هل يمكن أن يكون مجرد تشابه فقط، لينظرا لبعضهما البعض لكن والدتها تتحدث بانفعال،
فاطمة بانفعال: مش عارفة تشوفي الاسم كامل يا هنا، ازاي صحبتك ومش عارفة اسمها
هنا باستغراب من رد فعل والدتها : في ايه يا ماما، أنا عارفة كل حاجة عنها، عارفة اسمها واسم باباها واسم اخوها، وحكت ليا كل حاجة عنها، ايه اللي حصل خلى حضرتك تتعصبي
كانت تتحدث وهي توزع النظرات بين والدها ووالدته
مصطفى : بهدوء ظاهريا، مفيش يا حبيبتي هي ماما قلقانة عليكي بس، بس ابقي اعزمي صاحبتك على حفلة عيد ميلادك عشان ماما تتعرف عليها
هنا : قفزت فرحة ، بجد يا بابا اعزمها، بس هي مش ترضى تيجي لوحدها، لازم اخوها ييجي معاها
مصطفى : وهو لازال على نفس هدوءه اعزميهم هما الاتنين مش مشكلة،
تغادر وهي تقفز فرحة كالأطفال، ليبدأ الحديث بينهم
فاطمة : تفتكر يكونوا هما يا مصطفى
مصطفى : ممكن اه وممكن لا، متبنيش أمل غير لما نتأكد عشان منحطش نفسنا في موقف محرج
****
كانت بالداخل، والأطباء يعملون على قدم وساق، حتى يتمكنوا
من إنقاذها، لكنها كانت بعيدة كل البعد عن هذا العالم المليء
بالشرور، كانت تعيش في عالم الأحلام، عالم يخلوا من الحقد، والشر، والألم، كانت ترى أنها تجلس على شاطئ البحر، ترتدى فستانا شديد البياض، واللون الأزرق، والأخضر، والأبيض، يعملوا في تناغم لتجميل هذا المكان الساحر، ظلت تنظر خولها بانبهار شديد، لشدة جمال المكان من حولها، لفت انتباهها نبتتان، إحداهما قوية، والأخرى يبدوا عليها الوهن، نظرت لهما بعاطفة، فاليافعة، كان الماء يصلها، فكانت تزداد نضارة، والأخرى لا يصل إليها الماء، لتنظر بابتسامة وتجلب بعض قطرات المياه وتقم بوضعها عليها فتعود لها الحياة، ظلت تنظر لهما بابتسامة، وهنا على صوت الإنذار معلنا عن خطب ما، وشيء غريب يحدث، ساد الهرج والمرج بداخل غرفة العناية، لينتاب القلق جميع من بالخارج، استبد بهم القلق حتى أصبحوا على شفا حفرة من الانهيار، فالجميع أعصابهم تلفت من الانتظار، يريدون الاطمئنان عليها،في هذه اللحظة تحديدا خرج الطبيب معلنا عن حاجتهم للدماء، فالنزيف لا زال مستمرا، ذهب الجميع، ولكن تطابقت فصيلتها مع زوجها، وأخيها، ورفض الطبيب أخذ الدماء من والدتها; نظرا لكبر سنها مرت الساعات عليهم ببطيء شديد إلى أن انفتح باب غرفة العناية، والطبيب يتنهد كمن يحمل ثقلا على صدره، لم يجرؤ أحدا منهم التطرق للسؤال، علم الطبيب حالتهم، لينظر داخل عيني زوجها، يرى الدموع المتحجرة تهدد بالهطول، ابتسم ببساطة وهو يخبرهم
الطبيب : في البداية يا جماعة اللي حصل ده يعتبر إعجاز، الندام كانت جاية شبه ميتة، لكن ربنا الحافظ، الحمد لله قدرنا ننقذ الأم….
ترددت العبارات بالحمد، والشكر لنجاتها، وصحبها دمعات طفرت من عيون الجمبع، لكن صمت الجميع عندما أكمل الطبيب حديثه
- لكن للأسف شلنا الرحم، لأنه التهتك اللي حصل له مكنش له علاج، وكان لازم يتشال ...
صمت الجميع بحزن شديد على حالها التي أصبحت عليه، وما ستعانيه في الأيام المقبلة، ليكمل الطبيب
- بس في خبر كويس، الأجنة كمان قدرنا بفضل الله ننقذهم، لكن في واحد منهم تعبان شوية، هما حاليا في الحضانة، هيفضلوا فترة لحد ما نتأكد إنهم كويسين،
انطلقت الفرحة تغزوا قلوب، ووجوه الجميع، فالله رحيم بعباده، وغادر الطبيب بعد أن أخبرهم أنها ستبقى في الرعاية لمدة 48 ساعة حتى تستقر حالتها
دقائق وكان يتحرك مغادرا، سأله صديقه،
حسام : رايح فين يا أحمد!
أحمد : بابتسامة تغلبت عليها دموع الفرح، رايح اصلي، واشكر ربنا على لطفه بيا، وعلى كرمه عليا
اتجه صوبه الجميع،
مروان : بابتسامة، كلنا جايين معاك، حمدلله على سلامتها، ومبروك عليك يا ابوا ....
ليصمت، صحيح هتسميهم ايه يا صاحبي
أحمد بابتسامة: لما والدتهم تقوم بالسلامة هي اللي هتسميهم
وهاقد انكشفت الغمة قليلا، حمدوا الله جميعا على نجاتها، ولكنه لم يغفل عن أخذ حقها، فليطمئن عليها أولا، وبعدها سيعاقب الفاعل
❣️❣️❣️❣️❣️❣️❣️❣️❣️❣️❣️❣️
على إحدى المقاهي كان يجلس بجوار رفيقه، كان يتحدث معه بهدوء شديد أنكر وجوده داخله، عندما بدأ في لومه على تركه أخته، وفسخ الخطبة، لكنه اعتمد على العقل والحكمة في الرد، فلا يريد أ يفقد علاقته بصديق طفولته،
شريف بمعالم غضب واضحة : كدة يا محمد ده انت الوحيد اللي عمري مكنت اتخيل انك تعمل كدة، فسخت الخطوبة حتى من غير متتكلم معايا، طب كنت راعي العشرة
محمد بهدوء : انت عارف يا صحبي أنا عشان عامل حساب ومراعي العشرة فسخت الخطوبة، بص يا شريف جميلة إنسانة كويسة، وجميلة جدا، وهي طلبت بتعجيل الجواز، وأنا بصراحة مش هقدر اتحوز في الوقت الحالي، انت عارف وضعي وظروفي، ثانيا حرام عليا لما اركنها جنبي وانا مش قادر على الجواز ماديا، وهي من حقها تتجوز، ده غير طبعا رؤى أنا يستحيل اتجوز واسببها أو ابعدها عني، هي ملهاش غيري
كان يتحدث بثبات شديد، لم يشأ أن يضع اللوم عليها حتى لا تسقط منزلتها أمام أخيها، اختار أن يكون هو المخطئ الوحيد في الأمر، حتى لا يسبب لها الأذى إذا ما تقدم أحدهم لخطبتها، وكذلك مراعاة لخاطر صديقه
شريف وقد هدأ قليلا : يعلم حساسية رفيقه تجاه أخته، وكذلك أمر المال، بص يا محمد احنا اتفقنا على كل حاجة، وبعدين جميلة ازاي تطلب حاجة زي كدة ، هي ملهاش دخل بالموضوع ده كلام رجالة، وبعدين بالنسبة لرؤى أنا سبق وطلبتها منك، بس انت ....
محمد : شريف سبق وتكلمنا في الموضوع ده، وقلت لك ان رؤى لسة صغيرة، أنا يستحيل اجوزها عشان افضي مكان لنفسي عشان اتجوز، رؤى هتفضل معايا لحد ما تخلص تعليمها، وبعدها افكر اذا كانت تقبل تتجوز ولا لأ، ويستحيل افرض عليها وضع أنا متأكد إنه غلط، انت صاحبي ومفيش فيك عيب، لكن أنا مش هجني على اختي بإيدي، دي لسة يدوب داخلة أولى جامعة، تعليمها أهم مرحلة، وانا وعدت ابويا اني انفذ وصيته أحافظ على الأمانة
شريف بحزن فقد أمل ان يوافق على هذا الأمر: خلاص يا صاحبي، يعني كدة خلاص مفيش أمل ترجع لجميلة، ومدة علاقتنا انتهت
محمد : انت اتجننت يا شريف، أنا حتى لو مش خطيب احتك، انت هتفضل صاحبي، وبعدين جميلة بكرة يتقدم لها الأحسن مني بإذن الله
انتهى لقائهم القصير بعدما لم يجد شريف حلا لإثنائه عن العدول عن الأمر، ليستأذن بالمغادرة، بقي هو جالسا لبعض الوقت، ليرن هاتفه برقم صديقه بالعمل
محمد السلام عليكم، ايه يا حسين في حاجة يا ابني!
حسين : بنبرة بها بعض الحزن ، لا بس كنت هسألك عملت ايه في مقابلتك لاخو خطيبتك
محمد : بزفرة، الحمد لله الموضوع انتهى على خير، كدة خلاص ارتحت
حسين بتردد أيخبره بما حدث أم ماذا، لكنه قرر إخباره، عندما طال صمته أبعد الهاتف عن أذنه ليتأكد أن الخط لازال وفتوحا، ليتحدث بتعجب
محمد : مالك يا حسين ساكت له!
حسين : بص يا محمد هو انت عارف مرات المدير بتاعنا، حصلت لها حادثة و....
انتفض في جلسته : مدام نجلاء، حادثة ايه يا حسين انطق
حسين : بيقولك في ناس دخلوا البيت وضربوها جامد، وهي دلوقتي في المستشفى بين الحياة والموت
محمد بصدمة واضحة : انت بتقول ايه، دخلوا ضربوها في بيتها ازاي، دي دي حامل، لا حول ولا قوة إلا بالله
حسين : هو ده اللي سمعته، مش عارف بقي ايه للي حصل، قلت اعرفك بما إنك بقيت يعني قريب لهم
محمد: تسلم يا حسين أنا بالفعل لازم روح لهم، ده احنا كلنا عيش وملح مع بعض، شكرا يا صاحبي يلا سلام
ليغادر عائدا لمنزله عقب انهاء المكالمة، قرر مهاتفة رئيسه، لكن لينتظر قليلا، فلا يدري ما ذا سيقول
حل الليل سريعا معلنا عن بعض الراحة لمن لاقوا الألم والعذاب ، والقلق طوال اليوم، والبعض الآخر يستعدون للخروج، والسهر،
في إحدى الملاهي الليلية كانت تجلس لجواره تنظر إليه بشرود، تريد أن ترى ماذا يدور بداخله، تقرر سؤاله فجأة
جنى : نادر ممكن اسألك سؤال، بس بشرط تجاوبني بصراحة
نادر : بس الصراحة دي هتزعلك يا جنى
جني بابتسامة سخرية : يممن عاوزة اشوف الحقيقة اللي مش قادرة اشوفها، احنا نعرف بعض من زمان، ليه مقولتش ليا لما نخلص دراسة نتجوز، يعني أول ما اتعرفت عليك منا لسة في ثانوي، وعلاقتنا بدأت رسائل على التيليفون، وقتها كان تفكيرك ايه عني
نادر : الأول كنتي عجباني، لكن مش هنكر لما وافقتي تكلميني ورديتي عليا، قلت خلاص كدة نتسلى شوية
جنى بصدمة : تتسلى ! يعني مكنتش بتحبني زي ما كنت بتقول !
نتدر : بصي يا جنى الواحد مننا عاوز يبان دنجوان، بصريح العبارة عايز يبقي مقطع السمكة وذيلها، ويفرح لما بيلاقي البنات هتموت عليه، لكن لما يحب بجد، ويتجوز، عمره ما هيبص لواحدة كلمها، ولا حتى قبلت تكلمه، أو تخرج معاه
جنى : وقد تملك الألم منها، يعني انتوا بتلعبوا بينا، واه فهمت انت بتجري ورى رؤى ليه، عشان مطولتهاش
نادر: عليكي نور هي دي اللي تنفع زوجة، وحبيبة، والواحد يأمنها على بيته، لكن اللي كلمت واحد عندها استعداد تكلم عشرة، ومتتأمنش على بيت
جنى : معاك حق، احنا اللي بنسمح للذئاب تنهش فينا، احنا اللي بنديلهم الفرصة، احنا اللي غلطنا لما الواحد منكم يجي يكلمنا واحنا تستعناه ونرد عليه ونسمحله يقرب، وهو أقل من كدة، احنا قيمتنا كبيرة لكن احنا اللي بنرخص منها
لتتركه وتغادر بدموع تملأ مقلتيها
نادر: لو عرفتوا كدة من البداية، مكنش حد مننا فكر يختار الأنضف
❣️❣️❣️❣️❣️❣️❣️❣️❣️
ألام تنخر القلب، وتشق الصدور، كان يقف أمام غرفة العمليات منكس الرأس، يحارب دموعه حتى لا تنسدل على صفحات وجهه من شدة الألم الذي يشعر به يمزق قلبه، كيف لن التقصير في حقها، كيف تركها فريسة لضباع مولاها الشيطان، كان يشعر بالقلق الشديد قبل خروجه صباحا، لم تكن هي فقط من تشعر به، أراد أن يطمئنها قليلا ولم يظهر لها قلقه الشديد عليها، كان يثق جيدا أنه قد وضع الحراسة الكافية لتأمين منزله على أكمل وجه، بل وشدد الحراسة منذ الحادثة الأخيرة التي تسببت في اختطاف الصغيرات، كان يدرك جيدا أن هذه الحية ستتسبب لهم بالأذى الشديد، لمنه لم يصور له عقله أن يكون مصابه في نبض قلبه، ألم تملكه أنه أيضا تسبب في إيلامها بدلا من إسعادها وإدخال السرور على قلبها الذي ينبع بالطيبة، لا يستطيع أن يمحوا هذا المشهد من ذاكرته، ظل يغلق عينيه ويفتحها علَه يتمكن من محوه، كان يجلس مع صديقه بغرفة المكتب الخاصة به، يخبره عما اكتشفه منه حول العلاقة التي تربطه برجل الأعمال "مصطفى الألفي" ليون هاتفه برقم يخص المنزل، قلقه ازداد، ليجيب سريعا، ولكنه انتفض من موضعه إثر سماعه لما يخبره به، انتبه رفيقه لما يحدث، فقد شعر بخطب جلل، بادر بسؤاله لكنه ركض سريعا ولم يجبه، انطلق معه سريعا خوفا من أن سيكون الصغار قد أصابهم سوءاً كالمرة الماضية، دقائق مرت عليهم كالدهر، كانت السيارة تبتلع الطريق بنهم، ولكن صدمة شلت حواسهم عندما دخلا للمنزل، وجدا الدماء تفترش المكان، رجال الإسعاف يحاولون بجهد واضح حملها على الناقل بحرص شديد حتى لا يصيبها أذى أو يتضرر عمودها الفقري، خاصة، والدته تبكي بحرقة شديدة، والجميع يطغوا عليهم الحزن، انتفض سريعا يخطوا صوبها، لكنه كامن يشعر بثقل خطواته، حاول لمسها ولكن المسعف حذره من تحريكها; وأخبره بضرورة نقلها للمشفى سريعا، وهي منذ وصولهم وهي بالداخل، ولم يخرج أحد حتى يبرد نار قلبه، ربتة خفيفة على كتفه، جعلته يرفع رأسه قليلا يرى الجميع ملتف حوله، وقد حضر والديها أيضا، مُزع قلبه عندما رأى والدتها والدمع يتلألأ بعينيها، نكس رأسه بخزي، لم يلمه أحد، ولكن يكفيه لومه وعتابه لذاته، في هذه اللحظة انفرج الباب معلنا عن خروج الطبيب، نظر لهم بحزن شديد، يدرك حالتهم جيدا، لكنه يجب أن ينفذ مهمته، انطلق لسانه بالسؤال بلهفة عاشق قلق ،
أحمد : خير يا دكتور، في ايه؟
يبدأ الطبيب حديثه بالسؤال أولا عن كونه زوجها،
الطبيب: حضرتك جوزها ؟
أحمد : أيوة أنا جوزها، في ايه، بالله عليك تتكلم وتطمني
الطبيب : أنا عارف ان الوضع صعب، لكن واجبي يلزمني أقول لكم الحالة وضعها إيه، لأن القرار في إديكم
كان الجميع يقفون كمن على رؤوسهم الطير، لم ينطق أحدهم ولم ينبث ببنت شفة، ليكمل الطبيب
- الحقيقة المدام اتعرضت للضرب الشديد، وضرب بعنف، أدى للنزيف الحاد، بالإضافة للكدمات المتفرقة على جسمها، وكمان إديها تضررت بشكل واضح يدل على انها كانت بتحاول تدافع عن الأجنة، لكن...
أحمد : لكن إيه يا دكتور!
الطبيب: في الحقيقة النزيف مش بيقف، إحنا قررنا نفتح قيصري، لكن في حاجة ....
حضرتك لازم تقرر يا إما ننقذ الأم، يا إما ننقذ الأجنة...
صدمة تملكته لكنه قرر سريعا،
أحمد : الأم .. أنا عاوز مراتي، بالله عليك خرجها ليا بخير
الطبيب: بس في نقطة حضرتك لازم تعرفها، إن الرحم حصله تهتك من شدة الضرب في حالة المدام وخاصة إنها حامل في توأم، وكمان حصل له تمزق…يعني لازم نشيل الرحم....
وكم الصدمات التي تتوالى عليه، ولكنه لا يريد يكفيه الصغيرات سيربيهم، ولن يقصر معهم، خاصة وأنه يشعر وكأنهم صغاره، ما فعله الله خيرا، ماذا لو اهتم بأطفاله وأهمل الصغار، لذا مان قراره لا نقاش فيه،
أحمد : أنا عاوز الأم، أياً كان السبب
ترمهم الطبيب بعدما أخبرهم أنهم يحتاجون نقل دماء لها بسبب فقدها للكثير من الدماء
تقدم والده محتضنا إياه بدموع غلبت المآقي وانسدلت تعبر عن فخر وامتنان
الأب فتحي : مكنتش اعرف ان ربنا عوضه كبير أوي كدة، انت أثبت ليا ان الأصل غالب، وعرفت إنك مش بس بتحبها انت بتعشقها
أحمد: بعدما سمح لدموعه بالتحرر، والله هي النبض اللي بيخلي قلبي ينفض ويعيش، من غيرها اموت، بدعي ربنا ياخد من عمري ويديه لها
في هذه اللحظة اقترب مروان وحسام بخطوات ثقيلة، لا يدرون كيف سيبدؤون بالحديث في هذا الأمر، فالوضع ثقيل للغاية، لكنهم يجب أن ينهوه حتى يتمكنوا من أخذ حقها، تقدم مروان بهدوء متحدثا
مروان : أحمد، عمي، احنا مسكنا اللي عملوا العملة دي....
عند هذه النقطة استمع للحديث ليرفع عينيه التي كانت حمراء كالدماء من البكاء، لتتحول نبرته للشراسة
أحمد : هما فين ؟
ينظر حسام ومروان لبعضهم البعض، ولكن لم يجبه أحد منهم
أحمد : بعدما تغلب غليان الغضب على صوته وظهر جليا، بقولك هما فين يا مروان، واوعى تخبي عليا، لأني مش هسامحهم، ولا هسيبهم
مروان : بهدوء، عارف انك موجوع، وعاوز تاخد حقك منهم، بس لازم تهدى وتشوف مين السبب الرئيسي والمحرض لهم
الأب فتحي : لازم تهدى يا أحمد، لأني مش هتقبل حق بنتي ناقص، دلوقتي نجلاء محتاجة لنا كلنا جنبها،
لم يهدأ، ولكن يجب عليه التحلي بالصبر مؤقتا حتى يطمئن عليها
*****************†******
كانت تجلس مع والديها عقب قدومها من جامعتها، تتذكر حديثها في الصباح مع رفيقتها المقربة حول حل خطبة أخيها، لا تدري لما شعرت بالسعادة في هذا الوقت، مان تتحدث معها بهزل لمن داخلها كانت تتمنى أن يحدث ما تحدثت به، لا تعلم لنا أصبح هذا الشعور يدغدغ قلبها، كان والديها يتناولان الطعام بهدوء، لكنهم يتمكنوا من ملاحظة الابتسامة على وجه طفلتهم، ينظرون لبعضهم بتعجب ثم يعاودون النظر إليها مقررين الحديث معها لمعرفة ما يحدث معها
مصطفى : يا ترى حبيبة بابا مبسوطة كدة ليه، لا والضحكة من الودن للودن !
فاطمة : الله يرحم أول يوم كانت بتبيع حزن، لتختم حديثها بضحكة لمناغشة صغيرتها
تنتبه لهم هنا : بصراحة يا ماما الفضل لصاحبتي ورفيقتي الجديدة، بنت ونعم الأدب والأخلاق
فاطمة : ياا سلام على المدح، هنا نفسها بتمدح حد
هنا : ولا زالت البسمة ترتسم على وجهها، لا يا ماما رؤى دي حاجة تانية خالص، طيبة أوي بزيادة، ومؤدبة وأخلاق عاليا بزيادة، رغم إن والدها ووالدتها متوفيين، بس اخوها الكبير رباها وعلمها، تعرفي بحسه بيتعامل معاها زي أبيه سليم ما بيتعامل معايا
لكنهما انتبها للاسم، ليتساءل والدها : اسمها رؤى إيه؟!
تنتبه له زوجته بكامل حواسها منتظرة إجابة ابنتها
هنا : تقريبا رؤى محمود، أنا كنت شوفت اسمها على دفتر المحاضرات
صدمة هل يمكن أن يكون مجرد تشابه فقط، لينظرا لبعضهما البعض لكن والدتها تتحدث بانفعال،
فاطمة بانفعال: مش عارفة تشوفي الاسم كامل يا هنا، ازاي صحبتك ومش عارفة اسمها
هنا باستغراب من رد فعل والدتها : في ايه يا ماما، أنا عارفة كل حاجة عنها، عارفة اسمها واسم باباها واسم اخوها، وحكت ليا كل حاجة عنها، ايه اللي حصل خلى حضرتك تتعصبي
كانت تتحدث وهي توزع النظرات بين والدها ووالدته
مصطفى : بهدوء ظاهريا، مفيش يا حبيبتي هي ماما قلقانة عليكي بس، بس ابقي اعزمي صاحبتك على حفلة عيد ميلادك عشان ماما تتعرف عليها
هنا : قفزت فرحة ، بجد يا بابا اعزمها، بس هي مش ترضى تيجي لوحدها، لازم اخوها ييجي معاها
مصطفى : وهو لازال على نفس هدوءه اعزميهم هما الاتنين مش مشكلة،
تغادر وهي تقفز فرحة كالأطفال، ليبدأ الحديث بينهم
فاطمة : تفتكر يكونوا هما يا مصطفى
مصطفى : ممكن اه وممكن لا، متبنيش أمل غير لما نتأكد عشان منحطش نفسنا في موقف محرج
****
كانت بالداخل، والأطباء يعملون على قدم وساق، حتى يتمكنوا
من إنقاذها، لكنها كانت بعيدة كل البعد عن هذا العالم المليء
بالشرور، كانت تعيش في عالم الأحلام، عالم يخلوا من الحقد، والشر، والألم، كانت ترى أنها تجلس على شاطئ البحر، ترتدى فستانا شديد البياض، واللون الأزرق، والأخضر، والأبيض، يعملوا في تناغم لتجميل هذا المكان الساحر، ظلت تنظر خولها بانبهار شديد، لشدة جمال المكان من حولها، لفت انتباهها نبتتان، إحداهما قوية، والأخرى يبدوا عليها الوهن، نظرت لهما بعاطفة، فاليافعة، كان الماء يصلها، فكانت تزداد نضارة، والأخرى لا يصل إليها الماء، لتنظر بابتسامة وتجلب بعض قطرات المياه وتقم بوضعها عليها فتعود لها الحياة، ظلت تنظر لهما بابتسامة، وهنا على صوت الإنذار معلنا عن خطب ما، وشيء غريب يحدث، ساد الهرج والمرج بداخل غرفة العناية، لينتاب القلق جميع من بالخارج، استبد بهم القلق حتى أصبحوا على شفا حفرة من الانهيار، فالجميع أعصابهم تلفت من الانتظار، يريدون الاطمئنان عليها،في هذه اللحظة تحديدا خرج الطبيب معلنا عن حاجتهم للدماء، فالنزيف لا زال مستمرا، ذهب الجميع، ولكن تطابقت فصيلتها مع زوجها، وأخيها، ورفض الطبيب أخذ الدماء من والدتها; نظرا لكبر سنها مرت الساعات عليهم ببطيء شديد إلى أن انفتح باب غرفة العناية، والطبيب يتنهد كمن يحمل ثقلا على صدره، لم يجرؤ أحدا منهم التطرق للسؤال، علم الطبيب حالتهم، لينظر داخل عيني زوجها، يرى الدموع المتحجرة تهدد بالهطول، ابتسم ببساطة وهو يخبرهم
الطبيب : في البداية يا جماعة اللي حصل ده يعتبر إعجاز، الندام كانت جاية شبه ميتة، لكن ربنا الحافظ، الحمد لله قدرنا ننقذ الأم….
ترددت العبارات بالحمد، والشكر لنجاتها، وصحبها دمعات طفرت من عيون الجمبع، لكن صمت الجميع عندما أكمل الطبيب حديثه
- لكن للأسف شلنا الرحم، لأنه التهتك اللي حصل له مكنش له علاج، وكان لازم يتشال ...
صمت الجميع بحزن شديد على حالها التي أصبحت عليه، وما ستعانيه في الأيام المقبلة، ليكمل الطبيب
- بس في خبر كويس، الأجنة كمان قدرنا بفضل الله ننقذهم، لكن في واحد منهم تعبان شوية، هما حاليا في الحضانة، هيفضلوا فترة لحد ما نتأكد إنهم كويسين،
انطلقت الفرحة تغزوا قلوب، ووجوه الجميع، فالله رحيم بعباده، وغادر الطبيب بعد أن أخبرهم أنها ستبقى في الرعاية لمدة 48 ساعة حتى تستقر حالتها
دقائق وكان يتحرك مغادرا، سأله صديقه،
حسام : رايح فين يا أحمد!
أحمد : بابتسامة تغلبت عليها دموع الفرح، رايح اصلي، واشكر ربنا على لطفه بيا، وعلى كرمه عليا
اتجه صوبه الجميع،
مروان : بابتسامة، كلنا جايين معاك، حمدلله على سلامتها، ومبروك عليك يا ابوا ....
ليصمت، صحيح هتسميهم ايه يا صاحبي
أحمد بابتسامة: لما والدتهم تقوم بالسلامة هي اللي هتسميهم
وهاقد انكشفت الغمة قليلا، حمدوا الله جميعا على نجاتها، ولكنه لم يغفل عن أخذ حقها، فليطمئن عليها أولا، وبعدها سيعاقب الفاعل
❣️❣️❣️❣️❣️❣️❣️❣️❣️❣️❣️❣️
على إحدى المقاهي كان يجلس بجوار رفيقه، كان يتحدث معه بهدوء شديد أنكر وجوده داخله، عندما بدأ في لومه على تركه أخته، وفسخ الخطبة، لكنه اعتمد على العقل والحكمة في الرد، فلا يريد أ يفقد علاقته بصديق طفولته،
شريف بمعالم غضب واضحة : كدة يا محمد ده انت الوحيد اللي عمري مكنت اتخيل انك تعمل كدة، فسخت الخطوبة حتى من غير متتكلم معايا، طب كنت راعي العشرة
محمد بهدوء : انت عارف يا صحبي أنا عشان عامل حساب ومراعي العشرة فسخت الخطوبة، بص يا شريف جميلة إنسانة كويسة، وجميلة جدا، وهي طلبت بتعجيل الجواز، وأنا بصراحة مش هقدر اتحوز في الوقت الحالي، انت عارف وضعي وظروفي، ثانيا حرام عليا لما اركنها جنبي وانا مش قادر على الجواز ماديا، وهي من حقها تتجوز، ده غير طبعا رؤى أنا يستحيل اتجوز واسببها أو ابعدها عني، هي ملهاش غيري
كان يتحدث بثبات شديد، لم يشأ أن يضع اللوم عليها حتى لا تسقط منزلتها أمام أخيها، اختار أن يكون هو المخطئ الوحيد في الأمر، حتى لا يسبب لها الأذى إذا ما تقدم أحدهم لخطبتها، وكذلك مراعاة لخاطر صديقه
شريف وقد هدأ قليلا : يعلم حساسية رفيقه تجاه أخته، وكذلك أمر المال، بص يا محمد احنا اتفقنا على كل حاجة، وبعدين جميلة ازاي تطلب حاجة زي كدة ، هي ملهاش دخل بالموضوع ده كلام رجالة، وبعدين بالنسبة لرؤى أنا سبق وطلبتها منك، بس انت ....
محمد : شريف سبق وتكلمنا في الموضوع ده، وقلت لك ان رؤى لسة صغيرة، أنا يستحيل اجوزها عشان افضي مكان لنفسي عشان اتجوز، رؤى هتفضل معايا لحد ما تخلص تعليمها، وبعدها افكر اذا كانت تقبل تتجوز ولا لأ، ويستحيل افرض عليها وضع أنا متأكد إنه غلط، انت صاحبي ومفيش فيك عيب، لكن أنا مش هجني على اختي بإيدي، دي لسة يدوب داخلة أولى جامعة، تعليمها أهم مرحلة، وانا وعدت ابويا اني انفذ وصيته أحافظ على الأمانة
شريف بحزن فقد أمل ان يوافق على هذا الأمر: خلاص يا صاحبي، يعني كدة خلاص مفيش أمل ترجع لجميلة، ومدة علاقتنا انتهت
محمد : انت اتجننت يا شريف، أنا حتى لو مش خطيب احتك، انت هتفضل صاحبي، وبعدين جميلة بكرة يتقدم لها الأحسن مني بإذن الله
انتهى لقائهم القصير بعدما لم يجد شريف حلا لإثنائه عن العدول عن الأمر، ليستأذن بالمغادرة، بقي هو جالسا لبعض الوقت، ليرن هاتفه برقم صديقه بالعمل
محمد السلام عليكم، ايه يا حسين في حاجة يا ابني!
حسين : بنبرة بها بعض الحزن ، لا بس كنت هسألك عملت ايه في مقابلتك لاخو خطيبتك
محمد : بزفرة، الحمد لله الموضوع انتهى على خير، كدة خلاص ارتحت
حسين بتردد أيخبره بما حدث أم ماذا، لكنه قرر إخباره، عندما طال صمته أبعد الهاتف عن أذنه ليتأكد أن الخط لازال وفتوحا، ليتحدث بتعجب
محمد : مالك يا حسين ساكت له!
حسين : بص يا محمد هو انت عارف مرات المدير بتاعنا، حصلت لها حادثة و....
انتفض في جلسته : مدام نجلاء، حادثة ايه يا حسين انطق
حسين : بيقولك في ناس دخلوا البيت وضربوها جامد، وهي دلوقتي في المستشفى بين الحياة والموت
محمد بصدمة واضحة : انت بتقول ايه، دخلوا ضربوها في بيتها ازاي، دي دي حامل، لا حول ولا قوة إلا بالله
حسين : هو ده اللي سمعته، مش عارف بقي ايه للي حصل، قلت اعرفك بما إنك بقيت يعني قريب لهم
محمد: تسلم يا حسين أنا بالفعل لازم روح لهم، ده احنا كلنا عيش وملح مع بعض، شكرا يا صاحبي يلا سلام
ليغادر عائدا لمنزله عقب انهاء المكالمة، قرر مهاتفة رئيسه، لكن لينتظر قليلا، فلا يدري ما ذا سيقول
حل الليل سريعا معلنا عن بعض الراحة لمن لاقوا الألم والعذاب ، والقلق طوال اليوم، والبعض الآخر يستعدون للخروج، والسهر،
في إحدى الملاهي الليلية كانت تجلس لجواره تنظر إليه بشرود، تريد أن ترى ماذا يدور بداخله، تقرر سؤاله فجأة
جنى : نادر ممكن اسألك سؤال، بس بشرط تجاوبني بصراحة
نادر : بس الصراحة دي هتزعلك يا جنى
جني بابتسامة سخرية : يممن عاوزة اشوف الحقيقة اللي مش قادرة اشوفها، احنا نعرف بعض من زمان، ليه مقولتش ليا لما نخلص دراسة نتجوز، يعني أول ما اتعرفت عليك منا لسة في ثانوي، وعلاقتنا بدأت رسائل على التيليفون، وقتها كان تفكيرك ايه عني
نادر : الأول كنتي عجباني، لكن مش هنكر لما وافقتي تكلميني ورديتي عليا، قلت خلاص كدة نتسلى شوية
جنى بصدمة : تتسلى ! يعني مكنتش بتحبني زي ما كنت بتقول !
نتدر : بصي يا جنى الواحد مننا عاوز يبان دنجوان، بصريح العبارة عايز يبقي مقطع السمكة وذيلها، ويفرح لما بيلاقي البنات هتموت عليه، لكن لما يحب بجد، ويتجوز، عمره ما هيبص لواحدة كلمها، ولا حتى قبلت تكلمه، أو تخرج معاه
جنى : وقد تملك الألم منها، يعني انتوا بتلعبوا بينا، واه فهمت انت بتجري ورى رؤى ليه، عشان مطولتهاش
نادر: عليكي نور هي دي اللي تنفع زوجة، وحبيبة، والواحد يأمنها على بيته، لكن اللي كلمت واحد عندها استعداد تكلم عشرة، ومتتأمنش على بيت
جنى : معاك حق، احنا اللي بنسمح للذئاب تنهش فينا، احنا اللي بنديلهم الفرصة، احنا اللي غلطنا لما الواحد منكم يجي يكلمنا واحنا تستعناه ونرد عليه ونسمحله يقرب، وهو أقل من كدة، احنا قيمتنا كبيرة لكن احنا اللي بنرخص منها
لتتركه وتغادر بدموع تملأ مقلتيها
نادر: لو عرفتوا كدة من البداية، مكنش حد مننا فكر يختار الأنضف
❣️❣️❣️❣️❣️❣️❣️❣️❣️