البارت السادس

في اليوم التالي، أرسلت لهم القصة وأنا أشعر بالتوتر والخوف؛ فقد كنت قلقة من أن يخبروني بأن قصص دنيا أفضل من قصتي، كما أنني لم أقم بقراءة أي قصة لدنيا من قبل، لذلك لم أكن أعلم إذا ما كان يجب عليَ القلق أم لا.

لكنني تفاجئت عندما نالت القصة على إعجاب الجميع؛ فقد قاموا بمدحها وأخبروني بأنهم لم يتوقعوا أن تنال إعجابهم إلى هذا الحد.

بينما كتب كريم على المجموعة التي كنا نتحدث من خلالها:
_قصة جميلة وواقعية، شعرت كما لو أنها كانت حقيقية، لقد كنت أتحمس في كل سطر للوصول إلى السطر الذي يليه؛ لمعرفة ما حدث لذلك الرجل المصاب بسرطان البروستاتا.

إبتسمت بسعادة عند رؤيتي ما كتبه كريم؛ فقد كان هدفي هو أن يعترف بإعجابه بقصتي وبأنه أخطأ في حكمه المسبق، وقد تحقق ما أردته في النهاية.

إتفقنا على اللقاء في الجامعة في اليوم التالي كي نقوم بتصوير الڤيديو؛ فقد كان يجب علينا الإسراع قليلًا في إعداد المنشورات التي سنشارك بها في حملتنا.

إستيقظت مبكرًا في اليوم التالي؛ حتى أختار ما سأرتديه، فقد كنت أفكر طوال الليل في أفضل ما يمكنني إرتداءه، كان ذلك اللقاء سيكون أول لقاء نكون فيه أنا وكريم وجهًا لوجه.

إخترت بليزر يصل إلى فوق الركبة، كان لونه يشبه الجينز الفاتح ولكنه لم يكن مصنوعًا من الجينز، كان مرفوعًا لأعلى قليلًا من الكتف، وكانت أكمامه منفوخة قليلًا.

وإرتديت بنطالاً باللون الثلجي وهاف بوت باللون البيج، كنت أبدو جميلة للغاية في تلك الملابس، بعد ذلك قمت بوضع مستحضرات التجميل على وجهي ثم خرجت من المنزل.

كان الجميع في الشارع ينظرون لي بدهشة في الشارع، لقد إعتدت على تلك النظرات منذ تغيري، من المؤكد أن بعضهم يقومون بإبداء إعجابهم بأناقتي، والبعض الأخر ينظرون لي بحنق؛ لأنني من وجهه نظرهم لا أرتدي الملابس المناسبة للمحجبات.

لكنني لم أكن أهتم لرأي أي شخص سوى رأيي؛ فطالما نالت ملابسي على إعجابي، إذاً لن أهتم بما يعتقده الناس، سأفعل فقط ما أريده.

عندما وصلت إلى الجامعة كان المكان مزدحمًا للغاية، كما أنني لم أتمكن من إيجاد الفريق الخاص بي، ولم يكن لدي رصيد في هاتفي كي أتصل بتسنيم.

أردفت بخجل وانا أقوم بسؤال أحدهم:
_هل تعلم أين هو فريق سكورا؟

لم يهتم ذلك الشاب بسؤالي وتركني بمفردي وذهب بعيدًا، شعرت بالإحراج الشديد وتمنيت لو أن الأرض تقوم بإبتلاعي، كما أنني قمت بلوم نفسي بشدة؛ فقد كان الشاب الذي قمت بسؤاله أحد أكثر الشباب السيئين في دفعتنا، ولكن كانت الشمس تمليء المكان ولم أستطع رؤيته جيدًا عندما قمت بسؤاله.

أردف مهران بإبتسامة:
_تعالي سأساعدك على الوصول إلى فريقك.

كان يبدو من كلام مهران بأنه قد سمع سؤالي الذي قمت بسؤاله إلى علي، مما أشعرني بالخجل الشديد؛ فقد شاهدني أحدهم وأنا أتعرض لهذا الموقف المحرج.

إن مهران شاب في نفس سني وفي دفعتي، كان شابًا معروفًا بإبتسامته طوال الوقت، عندما قام مهران في ذلك الوقت بمساعدتي ظننت بأنه شخص طيب، كما أنه كان يبدو من إبتسامته أنه شخص جيد.

قام بالفعل بإيصالي إلى فريقي، ثم قمت بشكره وأردفت بإبتسامة:
_هل تأخرت يا إسراء؟ أين الجميع، لا يوجد سوى جواد.

كانت إسراء هي مساعدة تسنيم، كان كريم أيضًا مساعد تسنيم، لكن إسراء كانت دومًا جادة في عملها وتشعر بالمسئولية عكس كريم.

أردف جواد بجدية:
_لقد تأخر الجميع في المجيء، لكن كريم أخبرني بأنه على وشك الوصول.

أردفت إسراء بحماس:
_ما رأيك في أن نبدأ في إختيار الأسئلة التي سنقوم بسؤالها للناس في الڤيديو الذي سنقوم بتصويره، بدلًا من الجلوس وإنتظارهم؟

أومأت برأسي بالإيجاب ووافق جواد أيضًا على ذلك الأمر، لا أخفي عليكم توتري الشديد في ذلك اليوم؛ فقد كانت تلك أول مرة أتحدث فيها إلى الشباب، ولم أكن معتادة على الإختلاط بالناس، حتى أنني كنت أواجه صعوبة في شراء شيء من البقالة.

أردفت بجدية:
_ما رأيكم في سؤالهم إذا ما كانوا يرون أن الرجل يستطيع البكاء في الشارع، أو سؤالهم عن آخر مرة إضطروا فيها إلى البكاء.

أردفت إسراء بجدية:
_هذا رائع يا ندى! فكروا معي في الأسئلة الأخرى التي يجب علينا سؤالها.

أردف جواد بجدية:
_يمكننا عرض صورة ذلك الرجل الذي كان واقفًا بين الناس ينظر إلى البحر بإبتسامة، ثم إخبارهم إذا ما كان ذلك الرجل يشعر بالسعادة أم لا، ثم نقوم بمفاجئتهم عن طريق إخبارهم بأن ذلك الرجل قد انتحر في نفس اليوم الذي إلتقطت فيه هذه الصورة.

أردفت إسراء بجدية:
_فكرة رائعة يا جواد! أحسنت في التفكير فيها! نريد سؤالهم عدة اسئلة أخرى، مثلًا ما رأيكم في سؤالهم عن رأيهم فيما يخص الذكورة السامة وعن تأثيرها على الذكور.

أردفت بجدية:
_فكرة رائعة! يمكننا بهذه الطريقة عرض أرائهم للعامة؛ فقد يتفق بعض الشباب على وجود مشكلة جادة تدعى الذكورة السامة، والبعض الآخر يتفق على عدم وجود هذه المشكلة من الأساس.

أثناء حديثنا وصل كريم، نظرت بعيدًا عنه وأنا أشعر بالتوتر الشديد، كما أن قلبي كان يدق بسرعة وكأنه سينخلع من مكانه.

جلس معنا ولكن لم نخبره بتلك الأسئلة التي إتفقنا عليها، كان كل شيءٍ معدًا ولم يكن ينقصنا سوى إختيار الأشخاص الذي سيظهرون في الڤيديو.

أردف كريم بمرح:
_أريد المشاركة في ذلك الڤيديو، ولكن عليكم إخباري أولاً بتلك الأسئلة التي ستقومون بطرحها عليَ.

أردفت إسراء بجدية:
_ستعرفها في الڤيديو؛ فنحن نريد تصوير ڤيديو واقعي، لذلك لن نستطيع إخبارك بتلك الأسئلة الآن، كما أنك يمكنك إعتباره عقابًا على تأخرك.

نظر لها كريم بغيظ وأردف:
_حسناً ولكن ستقومون بحذف السؤال الذي لا يعجبني.

أردف جواد بسخرية:
_هل أنت اللورا ونحن لا ندري يا كريم؟ لماذا سنقوم بحذف ما لا يعجبك؟ لقد أعجبتنا الأسئلة التي قمنا بإختيارها، ولن نقوم بتغييرها خصيصًا لأجلك.

قمنا بعد ذلك بتصوير الڤيديو، كان كريم قد أبدى رده فعل مبالغ فيها عندما علم بإنتحار ذلك الرجل في الصورة؛ فقد قام بالتحديق في الكاميرا بعينيه الخضراوتين، مما جعله يبدو مخيفًا.

أردف كريم بحنق:
_أريد حذف ذلك الجزء وتصويره من البداية، كما أن صيغة عرضكم لما حدث لذلك الرجل لم تعجبني؛ لماذا تقومون في البداية بسؤالي عما يبدو ظاهرًا في الصورة، ثم تصدموني وتخبروني بأنه إنتحر؟

أردفت إسراء بجدية:
_أنت مدلل يا كريم، بالعكس لقد كانت ردة فعلك واقعية للغاية، أخبرتك أننا لا نريد خداع الناس، نريد تحري الشفافية والصدق في حملتنا.

زفر كريم بضيق وقرر عدم تكبير الموضوع، مر اليوم على ما يرام وقمنا بتصوير ڤيديو رائع، كان يومًا مليئًا بالضحك والمزاح؛ فقد كان كريم مستمرًا في إلقاء النكات ومحاولة إضحاكنا كما لو كان مهرجاً.

لا أخفي عليكم بأنني لم أعجب بتلك الشخصية، كنت أظن بأنه مازال محتفظًا بشخصيته القديمة، ولكن شخصيته الجديدة كانت أقرب إلى المهرج الذي يقوم فقط بإضحاك الناس.

فطوال اليوم لم يتصرف بجدية أبدًا، أنا لا أحب الأشخاص المدللين غير القادرين علي التصرف بجدية؛ فليس هذا النوع من طرازي.

أمضيت عدة أيام دون التفكير في كريم، ظننت في تلك الفترة بأنني تمكنت من نسيانه مما أشعرني بالسعادة؛ فإذا تمكنت فعلاً من فعل ذلك فسأكون قد خرجت من هذه التجربة بالعديد من الأشياء التي إستفدت بها مثل تغيري دون التعرض لأي إيذاء أو حزن.

يتبع.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي