الفصل الثاني

.





ولا تزال فاطمة تنظر إليهن وتراقب كل شئ ولكنها لم تفهم شئ،








ثم تلتفت أنظار الجميع وكل الحاضرين إلى كتلة من الثقة والوقار والوسامة والشموخ متمثلة في إنسان يلفت أنظار الجميع عند حضوره في أي مكان يذهب إليه، مفتول العضلات عندما تراه تظنه في سن الثلاثة والعشرين من عمره، يطل بابتسامة ترسم إبتسامة أخرى على وجه من يراها بلا تفسير، إنه الأستاذ الجامعي،







يصعد إلى مكانه ويمسك بالميكروفون ويبدأ حديثة:


السلام عليكم، مرحباً بالطلبة الجُدد في بداية الأمر وقبل أن نشرح أى شئ سأعرفكم بنفسي، انا الدكتور يوسف صادق،






ثم يتحدث بحِده ونبرة جديه :






البعض يعرفني لأن أغلب الطلاب الموجودة الآن في القاعة راسبين وأما عن الجُدد ف يكفي أن تسألوا زملائكم عني، لأ أريد أن أسمع صوت ثرثرة أثناء الشرح، أنا أحب المزاح من باب التخفيف عليكم ولكن هذا سيكون في بعض الأحيان، ولا تعتادوا على هذا الأمر.





وأثناء حديث هذا الأستاذ تثرثر بعض الفتيات فيما بينهن،






يتشاورون أمر فاطمة، ويتفقون على الأمر الذي سيفعلونه بها،








يقول الدكتور بغضب:


للتو قلت أنني لا أريد الثرثرة، أنتن قفن،








قامت الفتيات بالنهوض من مكانهن مطأطأين رؤوسهن في خجل مزيف، وجوههن تُخفي خُبثاً.









الدكتور:

أنتن مرة أخرى؟ أنا اعرفكن، لقد رسبتم للمرة الثالثة إلى الآن،




اجيبو لماذا كنتم تتحدثون وما الأمر المهم للغاية الذي يجعلكم تتحدثون فيه أثناء الشرح وفي محاضرتي أنا على وجه الخصوص،


ألا تعرفن أنني احب الإلتزام؟

ثم تقول واحده منهن وعيناها مليئة بالدموع الزائفة:


لقد سُرقت محفظتي وخاتمي الثمين، وكنا نتحدث في هذا الأمر.


الدكتور: ومن الذي فعل ذلك؟

ثم تقوم بالاشارة إلى
فاطمة:



هذه الفتاه هي التي سرقتني،






تُصعق فاطمة من شدة المفاجأة وتتسع عيناها من شدة هول الموقف

ولا تنطق بكلمة واحدة ولا تظهر على ملامحها سوى نظرات الاندهاش، لا تصدق ماذا تقول هذه الفتاة!!






لقد اتهمت هذه الفتاة فاطمة بالسرقة، مع أنها لا تعرفها ولم تراها من قبل، فاطمة قد تكاد تُجن!!



ثم تقول فاطمة بصوت خافت بنبرة متقطعة في الحديث وهي ترتجف


: ما..ذا

.. أنا



الفتاة:

نعم أنتِ من سرقتي أغراضي، هيا أعطني ما أخذتيه مني فوراً


يُحدق الدكتور عيناه ويضم حاجبيه متعجباً ويقول في نفسه:

ييدوا أنها فتاة مهذبة، ونظرات البراءة التي في عينيها ليست طبيعية بالمره، انا متأكد أن هناك شئ خفىّ وراء كل هذا


يرتفع صوت الفتاة الكاذبة بالبكاء
قائلة:


انا أريد محفظتي وخاتمي



ثم تقول موبخة ل فاطمة لكي تجعلها ترتجف أكثر، وتجعلها تتلعثم في كلماتها من شدة الخوف:



، يآل هذا الظلم، يآل هذه القسوة، لماذا نفعل كل هذا ببعضنا، ما الذي يدفع الإنسان أن يؤذي غيره بهذه الطريقة البشعة، ما الذ...........





ثم يقاطعها الدكتور:


كفاكِ صياحاً أيتها الفتاة،

ما اسمكِ؟


تقول الفتاة اسمي أحلام،

الدكتور:

حسناً يا أحلام، سنعرف من الذي سرقكِ، وسنتأكد من السارق على الفور، ولكن إن كنتِ تدعين أن هذه الفتاة هي من سرقتك واتضح عكس ذلك، فسوف تُعاقبين على هذا.




ثم يوجه كلامه لفاطمة قائلاً:


و أنتِ أيتها الفتاة ما اسمكِ؟

تنهض فاطمة من مكانها وهي ترتجف وتملأ عيناها الدموع قائلة:



أنا.... أنا اسمي فاطمة.


الدكتور:


حسناً اهدأي يا فاطمة وكُفي عن البكاء، سيتضح كل شئ الآن.



تغضب أحلام من فعل الدكتور وتقول:


أراكَ متعاطفاً معها، انها سارقة،



الدكتور: أولاً يجب عليكِ أن تخفضي صوتكِ عند الحديث معي، أفهمتِ؟


أحلام في خوف وتوبيخ:

أنا، أنا اعتذ....


يقاطعها الدكتور قائلاً:

ثانياً، البينة على المُدَعِي، فما دليلُك على أن هذه الفتاة هي من سرقت أغراضكِ؟


أحلام: معي شهود

الدكتور: شهود؟ وأين هم؟

أحلام:


ها هنّ زميلاتي اللاتي يجلسن، لقد رأينها صباحاً وهي تسرق محفظتي وخاتمي من الحقيبة، بينما كنت أتكلم في الهاتف، وبعدها عدت للجلوس في مكاني مرة اخرى فلم أجدهم في الحقيبة.


فاطمة تنهار من كثرة البكاء:


كاذبة، كاذبة أنا لم أفعل ذلك..

أحلام:

ها هنّ الشهود أمامك يا دكتور ، وعددهم ثلاثة، قفن يا فتيات لكي يراكن الدكتور ويتأكد،



يقفن قائلين:

نعم لقد رأيناها وهي تسرق، نعم نحن نشهد على ذلك...



الدكتور:


اصمتوا، اوقفوا هذه الفوضى، والآن اجيبوني عن اسألتي، كيف تجمعتم ببعضكنّ في وقت واحد ورأيتموها؟




تجيب واحدة منهم:

لقد كنا نتناول وجبة الإفطار سوياً، ورأيناها




لا تزال فاطمة تبكي وكادت أن يغمى عليها من كثرة البكاء،
تقوم فتاة أخرى لكي تسندها وتقول:


أيتها الفتاة إهدأى يجب أن تصمدي أكثر من ذلك، إهداي يا حبيبتي أنا أشعر أنكِ مظلومة وسيظهر الحق وستأخذي حقكِ من تلك الفتيات




يلاحظ الدكتور ما يحدث مع فاطمة، يقول لزميلتها التي تسندها:

ما بها؟

=تكاد أن تفقد وعيها

الدكتور:


حسناً دعيها ترتاح بالجلوس قليلاً





تغضب أحلام وتلك الفتيات
حليفاتها، ويملأ وجوههن الغل، وتملأ عيناهنّ نظرات الحقد، وقد تكاد عيناهن أن تُخرج شرارة حارقة تلقيها على الدكتور الذي يتعاطف مع تلك الفتاة، وأنه قد يكاد أن يُفسد لهن الخطة







.................................
على الناحية الأخرى حيث يتواجد عمر وزياد في اول يوم لهم في العمل، وهم سعداء أنهم وجدوا عملاً، وعملاً يجمعهم أيضاً، يآل السعادة التي يحظان بهما اليوم
يتقابل عمر وزياد بلبس العمل الجديد.



يقول زياد في مزاح وسخرية:


يآل الروعة، ماهذا الجمال يا صديقي تبدو وسيما بهذه البدلة.



عمر:

حقاً ؟ هل تسخر مني يا زياد، حسناً فأنت ترتدي نفس هذه البدلة أيها الأحمق


زياد: ههه أعلم ذلك أيها المشاكس


عمر بكل ثقة:

على كل حال انا دائماً أبدو وسيماً


زياد: ما هذه النرجسية!

عمر:

كُف عن المزاح الآن وهيا إلى العمل يا صديقي



زياد:عمر!


نعم يا زياد ما بك؟


زياد في نبرة حزن:


أليس من المفترض أن نكون أنا وأنت في الجامعة الآن، نحضر المحاضرات بعد أن نتناول وجبة إفطار انا وأنت ونشرب العصير ونتجه إلى قاعة المحاضرات، لم لسنى مثل تلك الطلبة! أليس من حقنا أن نعيش مثل قُرناءنا الذين من نفس أعمارنا،




عمر:

يضع يده على كتف صديقه زياد


ويقول في نبرة هادئة يملأها الحب والتقدير:



زياد، يا أفضل صديق لي إن لم تكن أنت صديقي الوحيد، أنت أخي، كنت عندما أيئس أنت من تخرجني من كل هذا وتعطيني الأمل، لا بأس ببعض المتاعب التي نواجهها في هذه الحياة القاسية، ولكن، نواجهها سوياً نحن يد واحدة نتعاون، ونتكاتف، ويخاف كل منّا على الآخر، صديقي أنظر إلى الجانب المشرق نحن مجتمعان إلى الأبد إن شاء الله، ولن نتفرق،


وبالنسبة للعمل فنحن انتفقنا أننا سنذهب إلى الجامعة ثلاثة أيام في الأسبوع، ونعمل باقي الاسبوع في هذا المطعم.

أليس كذلك؟

يمسح زياد دموعه قائلاً:


هل تشم رائحة السمك الشهيه


يضحك عمر قائلاً:


يا مرحباً بزياد صاحب الوجه البشوش، والفتى اللطيف



زياد :

وجودك يكفيني يا صديق

عمر: وانا أيضاً اكتفي بك صديقاً أيها المزعج ، هيا يا صديقي لا تحمل هماً، ودعنا نذهب إلى العمل





يعمل زياد وعمر في مطعم الأسماك، ويقومان بتقديم الطعام إلى الزبائن، بوجه بشوش وفرحة تملأ قلوبهم ووجوههم فقد وجدوا هذا العمل بعد شقاء كبير في البحث عن عمل، ولكن وجد زياد أخيراً عملاً جيداً، وفوق كل ذلك سيجمعهما سوياً

ينصرف كلُ منهم إلى عملِه في رحلة شقاءٍ جديدة
~
على الناحية الأخرى في الجامعة
وفاطمة عالقة في المشكلة، والتي لم تدرِ ماذا فعلت!!
ولماذا يحدث معها كل هذا.







ولا يزال الأستاذ الجامعي يسأل ويحقق في الأمر، لكي يفهم من المظلوم من الظالم، وعلى غير عادته أشفق على هذه الفتاه.



رُغم أن من يعرف "يوسف صادق"

والمُعتاد على من يسمع هذا الإسم، لا يطرأ على ذهنه سوى رجل قاسي القلب، لا يعرف معنى الشفقة ولا الرحمة،






تردف أحلام قائلة:


أنا أريد تفتيش هذه الفتاة، لكي تتأكد أنها هي من سرقت أغراضي، وانا اُجزِم أننا سنجد كل شئ معها وستتضح الحقيقة، إنها فتاة سارقة ومجرمة.



فاطمة تكاد أن تنفجر، لم تستطع السكوت عن هذا الكلام، وعن هذه الإتهامات التي سببت لها جُرحاً كبيراً، الكلام الذي بمثابة جمر محترق ينزل على رأسها من السماء. يحرق قلبها وجسدها،


اتصرخ بصوتٍ عالٍ، ووجها،
وعيناها إنقلبا للون الأحمر من كثرة البكاء:




أنا لم أسرق شيئاً، أتفهمين!!

تصرخ بصوت أعلى:
أنتِ كاذبة، انا لا أعرفك، هذه هي المرة الأولى التي أراكِ فيها،


تُدير رأسها إلى الدكتور وهي تصرخ قائلة :


إنها كاذبه ولا يحق لها أن تتهمني هذا الإتهام،







ينظرلها الدكتور بنظرة شفقة، وعيناهُ قد تكاد أن
تملأها الدموع، دموع ظرفت.فجأه،.وهو لم يتوقع.ذلك




يقول في لنفسه في تعجب :

ما بك يا يوسف!

ماذا أصابك؟! لم تشفق على هذه الفتاة!
لم جعلت قلبك يرتجف خوفاً عليها!


ثم يعود إلى صوابه ويردف قائلاً:
إهداي أيتها الفتاة، وتمالكي أعصابكِ قليلاً.


أحلام في غيظ: تهدأ؟. ولماذا لم تقل لي أنا أيضاً اهدأي؟
ثم تقول في خبث:
أم أن لها معزة خاصة، ومعاملة رقيقة

ثم تخضع في القول وتتمايع قائلة: أم أنها رقيقة إلى حد إعجاب كل من ياراها بها.

ذات الجمال العفيف، والمظهر الجزاب، ولا يعلم احداً حقيقتها،



يغضب الدكتور غصباً شديداً يظهر على ملامح وجهه، فهو يعرف هذه الفتاة، ويعرف أنه لايأتي من ورائها سوى المصائب،
ومن طريقة حديثها تأكد أنه تُخفي أذىً كبيراً لهذة الفتاة التي تُدعى فاطمة،

يقول وقد امتلك وجهه الغضب:


أنتِ...



إلزمي حدكِ، وأما عن هذا الكلام الذي قولتيه للتو فسوف أعاقبكِ عليه عقاباً شديداً ولكن فيما بعد

تقول أحلام في خوف مزيف: ولكن انا...
ماذا فعلتُ لكل هذا؟


الدكتور: حقاً؟
ماذا فعلتي؟ أنت قولتي كلاماً فيه إتهامات لاستاذ جامعي ولكن سوف اعاقبك عليه في ما بعد والآن لنرى ما حقيقة هذه السرقة، وحقيقة ما تدعينه





ثم تحاول أحلام الاعتذار من الدكتور لكي يسامحها ويقوي موقفها أمام الجميع قائلة:


ولكن... دكتور حقاً انا آسفه

انا أعتذ........


يقاطعها الدكتور قائلاً: انا لا أريد منكِ اعتذاراً، اصمتي

سوف أحاسبكِ فيما بعد على هذه الوقاحة

ثم يلتفت إلى فاطمة ويتكلم. معها بجدية وبنفس نبرة الصوت، قائلاً:

أنتِ أيتها الفتاة، قلتِ لي ما اسمكِ؟

تقول مرتجفة ولا زالت تبكي بالدموع التي لا تتوقف:

اسمي فاطمة..

الدكتور:

حسناً يا فاطمة، أين كنتِ في القوت التي تدعي أحلام انكِ سرقتِ أغراضها







تقول فاطمة بكلام يختلط فيه البكاء، والخوف، وبكلام متقطع من شدة التوتر:




كنت هنا في القاعة أحضر المحاضرة التي تسبق محاضرتك يا دكتور، والتي كانت تلقيها الاستاذة الفاضلة، الدكتورة "لوتس"


ولم أخرج من مكاني، ولم اتحرك حتى،
حتى أنني تناولت وجبة الافطار مع أمي في البيت

ولا يزال الدكتور ينظر إليها وهي تتكلم، وينظر وهو يبتسم من شدة براءتها وطريقة حديثها الجزابة
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي