الفصل الثالث

ارتداه وهبط إلى الأسفل، متوجها إلى حجرة صغيرة
بحديقة منزله.

بناها منذ أعوام عندما حضر حيوانه المدلل
إلى منزله ( فوكس هو كلب من فصيله نادرة)

فتح ياسر الباب نهض الكلب ونبح، وهو في حالة
هيجان شديد، دنا منه ياسر ومسد على فروته
الناعمة، ولكنه ظل غاضبا منه.

لقد نسيه ياسر، وانشغل بالعمل أكثر من أسبوع
، فنظر له ياسر وقال بنبرة هادئه وهو مازال يضع يده على فروه:
-أهدا يا فوكس.

لكن فوكس كان ينظر له بغضب وينبح عليه، ياسر
وهو ما يزال ينظر إلى عينيه:

-هذه أخر مرة انشغل عنك، يبدوا أن الكلب
فهمه فهدى نباحه.

فطلب من الخادمة أن تحضر له طعام
ذهبت الخادمة لأحضار الطعام،
وما هي إلا بضع دقائق، إلا وقد جلبته فالتهم فوكس كله، وياسر ينظر له وايبتسم.

فتح قيوده، وخرج به من المنزل بعد أن طلب من طقم الحراسه إلا يتبعوه.

في الحديقة....
وصل ياسر وبجانبه فوكس وجلس على إحدى
الكراسي المنتشرة في الحديقة بعد أن أعياه
التعب.
دس يده في جيبه واخرج هاتفه ضغط على
بعض الازرار وعندما رد أحمد
طلب منه أن يذهب إلى الشركة،
ما إن شعر بتحسن حتى نهض مغادرا المكان٠.

في أحد المنازل تجار المخدرات في مصر...

جلس جاسر مع أحدى قائد رجاله للمشاورة.
جاسر: أنا لا امزح في العمل.
-قاسم: لو يعلم مأمون بما نخطط سيقتلنا جميعنا.

جاسر بنبرة حادة:
-لماذا تخاف من مأمون لهذه الدرجة، أنه رجل مثلنا
لولا أنه مسنود من رجل أكبر منه، هو الذي يقف
بجانبه ويدعمه، لكنت قضيت عليه منذ زمن.

- قاسم: ولكنه رجل الوحيد في مصر الذي يقوم
بتوزيع.

جاسر وشرار يتطاير من عينيه:
- أنا سأنهيه، سأمحي ذكره من الأرض...

أنا يعاملني بهذه الطريقة، ويأخذ نسبتي في الأرباح، ولم يكتفي بذلك بل يحاسبني في ارباحي، وحتى
السعر يفاصلني فيه.

-قاسم بضيق: انت تعرف مأمون جيدا
كلمه واحد، وسعر واحد، وهو لا يحب أن يفاصل في
أسعاره، ولديه العديد من التجار من يعمل تحت أمره، ولا يخالفه أحد منهم.

جاسر بغضب وبصوت مرتفع:
-وأنا لن أنسى له ما فعل، واسنتقم منه شر انتقام.

-قاسم بفزع: حسن لو يعرف أني أتحدث معك الآن،
وأخبرك بما يفعل لن يتركني وشأني.

-جاسر: لا تخف، أنا معك ولن أتخلى عنك أنا أيضا
لدي رجالي، ولست أقل منه في شيء.

-قاسم بخوف: هل شاهدت مأمون من قبل؟
-جاسر بلا مبالاة: لقد شاهدته مرتين.

-قاسم بترقب: أخبرني عن شكله، لاني لم اشاهده
طيلة حياتي، ولست أنا فقط بل جميع الرجال
لم يراه أحد.

جاسر وهو يرفع حاجبة بضيق:
-لا يختلف عن أي رجل، ولكنه قوي البنية.
-قاسم بضيق: ربنا يتولانا برحمته.

(في الكلية)...
جلست رؤى مع صديقاتها خارج الجامعة، في أحد
المطاعم القريبة يتناولون بعض الأطعمة الجاهزة،
ويرتشفون العصير.....
فالتهمت ندى الشطيرة الخاصة بها وقالت:

- ربنا يرحمنا من المدرس الجديدة لقد قالوا أخبروني
أنه شديد، ولا يتساهل مع أحد، ومادته بالغة
الصعوبة.

رؤى بلا مبالاة:
-لا يهمني، أنا كل عام الأولى على الدفعة، ولن
تعجزني هذه المادة.

-ندى بضيق: انت لن تعجزك، ولكني انجح كل العام
بالعافية فماذا سأفعل معه؟

رؤى رافعة حاجبها ونظر لها وقائلة:
-عليك أن تجدي وتجتهدي هذا العام ،ويكفي
إهمال.

جنى وهي تتوقف عن الأكل وتقول:
-الحمدالله شبعت.
-ندى بإستغراب: ولكنك لم تأكلي إلا بضع لقيمات.

- جنى: أنا أقوم بحمية غذائية كي أنقص وزني،
لقد زاد وزني في الفترة الماضية.

- رؤى بلا حمية بلا تعب، كلي أكل منتظم وأكثري
من الفواكة والخضروات،وابتعدي عن نشويات
وسكر فقط.

- ندى: هي كل مرة تقرر أتابع نظام غذائي كي تخسر وزنها واتنتظم فيه فترة، ما تلبث أن تتركة، ويزيد
وزنها بعد ذلك الضعف.

- جنى بضيق: سأحاول هذه المرة أن التزم، وخاصة أني قرأت عن مخاطر السمنة على الإنسان.

-رؤى: وأنا وندى سنحاول مساعدتك في الجامعة
بعدم تناول الطعام غير الصحي الذي يضر بصحتك.

ندى وهي تنظر إلى الساعة التي تلتهم معصمها
فقالت برعب:
- لقد تأخرنا على المحاضرة، لم يبقى له سوى
عشر دقائق.

نهضت روى ودفعت الحساب ثم غادروا جميعا
إلى الجامعة.

ما أن وصلو إلى الجامعة حتى وجدت لؤي أمامها،
وايبتسم في وجهها وهي تنظر له بضيق فقالت :

ماذا تريد يا لؤي؟
- نظر الى عيناه وقال:
-اين كنت؟
-وماشأنك بي؟

- زميلتي وأريد إلا طمئنان عليها
- وأنا، لا أريد اطمئنانك علي وابتعد عن الطريقي.

-أنا لن أيأس منك، وسأظل أحاول حتى تشعرين
بقلبي.

- لا تتعب نفسك معي، فلن يكون لدي مشاعر
تجاهك، ابتعد أفضل لك
قامت بدفعه، ومضت في طريقها وهو يستشاظ
غضبا منها.

عادت رؤى إلى المنزل وعلامات الضيق ظاهرة على
محياها فقالت:
-مساء الخير.
- مساء النور، لاحظت أن رؤى لا تبدوا بحاله
جيدة فسألتها:
- هل حصل شيء معك في الجامعة؟

-لا، لم يحصل شيء ولكني اشعر بالتعب فقط.
نهضت ونظرت إلى والدتها وقالت:
- سأذهب إلى غرفتي كي ارتاح.
- اذهبي يا عزيزتي.

صعدت رؤى إلى غرفتها ما إن ادارت المقبض حتى
تغيرت ملامح وجهها إلى، غضب عارم يريد الفتك به.

حدثت نفسها: ماذا يريد مني؟ إلا يكف عن مطاردتي في الجامعة، ايظن اني مثل تلك الفتيات التي
يعرفهن.

زفرة بضيق علي أن أحاول ان تحاشى التحدث معه في الجامعة، ثم نهضت كي تأخذ حمام ينسيها ما حصل اليوم.

في اليوم التالي...

في فيلا ياسر الجارحي...
أستيقظ مبكرا ثم دلف للمرحاض للاغتسال، فوقف
تحت حوض المياة الكبيرة وأسفل صنبور المياة
الكبيرة ذات الفتحات الصغيرة ( الدش )

تسللت قطرات الباردة على وجهه ... ولم يمر وقت
طويل حتى عاد إلى رشده، وخرج من المرحاض بعد أن أحاط خصره بمنشفها قطنية باللون كحلي غامق...

دلف إلى غرفة الملابس واختار قميصا أبيض، وبنطال أسود وحوله خصره وضع (حزام رصاصي)

من إحدى الماركات العالمية.. وأمسك بجاكته الجلد وضعه على كتفه، بعد أن تأكد من هيئته بالمرآة.

هبط إلى الأسفل بصوت مرتفع نادى خادمته نجيبة.
- ياسر بصوت مرتفع: نجيبة، نجيبة
نجيبة وهي تأتي مسرعة:
-نعم، يا سيدي ياسر دس يده في جيبه ثم قال:
- هل جهزت ما طلبت منك؟
-أجل.
-جيد، ضعي كل شي في حقيبة العربية، وأنا سأتي
حالا.

- أومراك يا سيدي، أنا سأذهب الآن عن اذنك.

ياسر وهو ينظر لها:
- تفضل، أجرى ياسر المكالمة ثم خرج جلس خلف
المقود، وانطلق بعد أن تأكد أن نجيبة وضعت
كل الأشياء الذي طلبها منها.

توجه إلى دار الأيتام التي يقوم كل شهر بإرسال
المساعدات لهم .

ما إن وصل إلى دار الأيتام رحبت به المديرة بحفوه.

حيث كان يعطي الدار المال ببذخ، طلبت منه المديرة أن يذهب لرؤية الأطفال لأنهم بإنتظارة..

ما إن دنا من غرفة الأطفال وأدار المقبض حتى جرى
الأطفال بتجهه وارتموا في أحضانه، والإبتسامة تزين ثغورهم لمجيئه فقد غاب عنهم أكثر من الشهر
طلب منهم أن يهدائوا وقال:

- هل تسمحون لي بالجلوس؟
ابتعد الأطفال عنه، توجة إلى إحدى المقاعد القريبة وجلس فجأء الجميع يجلس بقربه.

- نظرت له المديرة بإبتسامة وقالت:
سأترك معهم، واذهب لتفقد باقي غرف الدار.

- ياسر بتفهم: تفضل

- قال إحدى الأطفال: أنا أحبك كثير
فهل تحبني؟

فرد ياسر بتأثر:
-وأنا أحبك أيضا،
فسأل أخرى نفس سؤال الأول، فرد عليه ياسر بنفس
الإجابة ثم بدأ جميع الأطفال يسألونه نفس السؤال، وكأنها عدوة انتشرت بينهم.

كان ياسر يجيب والابتسأمة لا تفارق ثغره ثم طلب من الأطفال أن يتبعوه حتى وصل إلى حقيبة العربية.

قام بفتحها فخرج العديد من الهدية وشرع في
توزيعها على عليهم، وهم يبتسمون.

حتى وصل إلى أخر هدية كانت فتاة صغيرة أمامه،
وكان الخجل جليا عليها فدنا منها واعطها هديتها.

تفاجئ بنظارتها له ثم دنت منه ولثمته وهرولت،
وهو مصدوم من فعلتها ما لبث أن ابتسم.

عاد ليجلس ويتذكر أخته الذي تدرس خارج مصر
، لقد اشتاق لها كثير
ود لو يستطيع السفر كي يراها.

لاح في مخيلته منذ الشهر عندما هاتفها،وهي
ردت عليه بغضب:
لماذا انت مشغول عني؟

-العمل يا حببتي
- لقد اشتقت لك كثيرا، وأشعر بالوحدة هنا.
- وأنا اشتقت لك كثير وقريبا سأتي لرؤيتك.
هتفت بغضب:
- انت دائما تخبرني انك ستأتي لزيارة، ولكنك
لم تفعلها يوما.

- ليس بيدي، فأنت تعلمين اني أعمل
من أجلك وأريد أن تدخلي أفضل الجامعات.

وقد اخترت لك بعد تخرجك أي جامعة من هؤلاء:
كامبردج، أو جامعة كاليفورنيا...

- وأعدك اني سأتي قريبا لزيارتك هناك
- هل تقول الصدق؟
-أجل.

- ربنا لا يحرمني منك يا أخي.
- ولا منك يا قلب أخوك.
ثم تحدث طويلا ثم أغفل الخط عاد إلى واقع فزفر
بضيق ثم نهض وانطلق بسيارته.

بعد مرور أسبوع...
- في تمام الساعة الرابعة ونصف فجرا بمنزل رشوان، قام برتدى سترته الواقية من الرصاص، ثم وقف أمام مرآته، وارتدى قميص أسود بعد أن أدى الصلاة
الفجر، ثم طلب من الله العون..

دس يده في جيبه وقام بالاتصال بخطيبته نسرين.

كانت هي مشغولة بأداء فريضتها، شعرت بالخوف
عندما رن هاتفها في تلك الساعة فدنت منه بهلع، وجدت اسم رشوان يومض في الشاشة.

ترددت كثير قبل الإجابة، ولكنها استجمعت
شجاعتها وامسكت الهاتف وضغطت على الرد.

-نسرين بخوف: هل انت بخير؟
- حاول رشوان أن يطمئنها فقال:
- هل اديت فريضتك؟
-الحمدلله.
- ربنا يتقبل منك.
- مني ومنك بإذن لله.

ما سبب اتصالك في هذا الوقت المبكر.
زفر بضيق وقال:
-لدي عملية مهمة، وكنت أريد أن أسلم عليك.

- نسرين وقد تسلل القلق إلى قلبها، ولكنها
لم ترد أن تشعره بذلك:
-ستعود بإذن الله بخير لا تخاف.

- خذ كتاب الله وقراءه في الطريق.
- أنه معي، لا يفارقني في أي وقت.
- استودعتك الله الذي لا تضيع ودائعه يحفظك لي.

ابتسم رشوان ثم قال:
- سأغفل الخط الآن، مع سلامه.

كانت ماتزال تشعر بالخوف عليه فدعت لله أن
يحفظه لها.

حاولت النوم، ولكن نوم جافى مضجعها.. فجلست
على فراشها تنتظر بزوغ الفجر، ما إن نشرت الشمس خيوطها البيضاء حتى غادرت غرفتها متوجها إلى
الأسفل.

في الأسفل..
- كان مجدي قد نهض باكرا فلمح نسرين تنزل،
وملامحه لا توحي بالخير. فسألها:

- هل حصل شيء؟ ولماذا نهضت اليوم باكرا على
غير عادتك.

نسرين بضيق:
أمجد لديه عملية، وأنا خائفة عليه كثيرا.

دنا منها مجدي وربت على كتفيها وقال:
-لا تخاف ليست هذه أول مرة يخرج فيها رشوان
لعملية، تفائلي بالخير.
- يارب، يرجع بسلامة.

في روسيا،، وتحديدا في موسكو
كان حسن يتحدث في الهاتف مع مأمون، والغضب
يعتريه.

حسن وهو يتحدث بصوت مرتفع:
- كلنا اعترضنا للخسارة، وخسرتي أكثر من خسارتك
بإضعاف، ومع ذلك هادئ وماسك أعصابي، والموضوع يحتاج منا تصرف بالعقل وإلا سنخسر أشياء أخرى.

كل شيء سيتعوض والفلوس تتعوض
المهم انك بخير.

لارا وهي تقترب من حسن:
-هل حصل شيء؟

حسن بغضب يملأ محياه:
-لقد نصبوا لنا كمين، واستطاعوا أخذ مجموعة
من الرجال مأمون.

-لارا برعب:
-هل مأمون بخير؟
- لقد كنت اتحدث معه منذ قليل وهو بخير،
ولكن استطاعوا الإمساك ببعض رجاله.

نظرت له بتوجس وقالت:
- سفري بعد يومين إلى المصر، ماذا أفعل؟

تنهد بضيق وقال:
- سنأجل سفرك حالي لحد ما الموضوع ينتهي.

لارا والحزن ظاهر على محيأها: ولكني كنت أريد رؤية مأمون.

نظر لها بخبث وهتف:
-سيصل مأمون بعد يومين.

انفرجت أساريرها وقالت:
- هل تقول صدق؟
-أجل، غادرت لارا وهي تحمد لله على مجيئ
مأمون غريبا.

في الشركة ياسر الجارحي...
كان ياسر يتحدث، وشرار يتطاير من عينيه ضرب يده
على سطح مكتبه بغضب؛ فسقط عنه بعض الأشياء وقال بصوت يملؤه الغضب:

-أنا ياسر الجارحي يفعل معي ذلك، لن ارحمه،
وسأجعله يتمنى الموت ولا يطوله.

أحمد وهو يحاول أن يهدئ من الوضع:
- عليك أن تهدئ الآن، وحمد لله أنه كشف أمامك،
وعرفت أنه الخائن.

ياسر يرفع حاجبه:
- لقد كنت أعرف ذلك من مدة، وكنت العب معه...
حتى انتقم منه شر انتقام.

أحمد برعب:
- لا تتصرف من عقلك، عليك أن تستمع إلى الزعيم.

ياسر وهو يقترب منه، وشرار يتطاير من عينيه ثم هتف بصوت مرتفع:
- أنت تعرفني جيدا، تفكيري من عقلي، وأنا لا أنصت
إلى أحد سوى نفسي.

.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي