الفصل الثاني 2
نظرت توبات لابنتها، ومن الصدمة التي حدثت لها، لم تنطق بأي كلمة، فقد شعرت وكأن خنجر مسموم، قد نفذ لقلبها.
احاسيس مختلفه، لكن السلوك الوحيد الذي عبرت به هو البكاء، والذي شعرت أنه ينبع، من روحها وعظامها.
بكت وكأن روحها، قد تم وأدها، وشاهدت امامها طفلة صغيرة الحجم، في حدود الكيلو والنصف وزنا، كل مافيها صغير الا ملامح وجهها البارزة، وتلك الشامة الكبيرة الغريبة الشكل المقززة، التي اعلا انفها .
حتي لونها يختلف علي لون بشرة، والديها وجميع اخواتها، بل وافراد عائلتها اجمع.
انتفضت زوجه خالها، عندما شاهدتها، وارتعش جسدها بأكمله، وقالت
_ يا حفيظ
لم تدرك انها تكلمت، بصوت مرتفع فزادت، من حزن الأم التي مازال، خلاص مولودتها يقبع برحمها ،فلم تكمل الداية عملها، بل كانت تشغل بالها بالمولودة غريبه اللون.
وكعادة كثير من السيدات، اول شئ فكرت به، هو مقارنة، الطفلة بأي رجل في القرية، فالطفلة لا تشبه اباها، او اي احد من عائلتها، انتبهت الداية،علي صوت ست ابوها، التي قد فهمت من ملامح المرأة، ما تفكر فيه فقالت بشدة وحسم
_ اعتقد انك لم تنتهي بعد، قومي بربط السرة، وقطعها من الخلاص، وسأساعدك في إخراجه من رحمها،
وبالفعل وضعت الداية، يدها اسفل توبات، اما ست ابوها، فأخذت بتدليك بطن ابنتها بشدة، حتي هبط خلاص المولودة، والذي كان كبير الحجم، نوعا ما غامق اللون.
حسمت ست ابوها الأمر، بشدتها التي اكتسبتها من وضعها، فهى كبيرة للعائلة فهي الجدة، ولا تستطيع امرأة ابنها ان تعارضها هذا اولا.
وثانيا لا تريد، أن تقهر ابنتها، حتي لا تحزن وتمرض، خصوصا وهي في أول يوم لها من ايام النفاس، عندما تكون الام في أضعف حالاتها، الجسمانية والمعنوية.
ست ابوها: احملي الصغيرة، يا راوية والبسيها ذلك الجلباب.
نفذت راوية زوجه سليم الامر، وهي صامته الا ان عينيها، تنطق بتساؤلات كثيرة .
اما توبات الصامتة، التي مازالت الصدمة تمتلكها، كانت مازالت تبكي بصمت.
ساعدتها والدتها ان تقف، علي قدميها وتقوم القابلة بتنظيف، جسدها بعدما نزعت،عنها جميع ملابسها.
وبقطع عديدة، من الاقمشة القطنية، التي قامو بغمسها، في المياه الساخنة ازالت، جميع الدماء العالقة بجسدها.
كانت كل نظرات، توبات تتجه لصغيرتها، مشاعر مختلفة كره وشفقة في آن واحد.
وبعدما تم تغير ملابس، توبات اجلستها والدتها علي السرير مرة اخري، بعد تغيير الملاءات، ثم دثرتها جيدا، وربتت علي وجها وقبلتها، وهي تهمس لها بصوت خافت:
-حبيبتي سأعطيك ابنتك، وضميها لصدرك واعطيها، من حنانك لكي ترضعيها ، اجعليها تشم رائحتك وتشعر بك حتى تطمئن فهي ترتجف
ناولت رواية، الصغيرة لوالدة زوجها، والتي بدورها نقلتها لابنتها الصامته، الا من صوت بكائها الخافت:
ست أبوها:لماذا تبكي حسبتك، عاقلة راضية بعطاء الله.
-توبات: حزينة يا امي، لان الصغيرة حملت ذنوب ابيها، الذي ينقش في قبور الموتي وأي موتى يا امي، انهم ملوك وامراء كهنة، وسحرة وضعت الارصاد علي قبورهم، وهو بعد الاف السنين،
ذهب مع الخواجات، لاقلاقهم فعاقبوه في ابنته، انا مشفقة عليها يا امي ، عندما تكبر من سيتزوجها، انها تشبه المومياوات مثل ذاك التمثال، الذي أتى به منذ ليلتين.
كانت الجدة وراوية، بدأوا في البكاء الا ان الداية، تكلمت وكأنها فهمت، مايجري وان توبات، بريئة مما صوره، لها عقلها
ـالداية: فهمت الآن، سبب لون بشرتها وصغر حجمها، كان الله في عونك ، اعتقد بالفعل انها لعنة الفراعنة، التي يقولون عنها، اتعلمون ان جميع العمال ماتوفي منتصف الليل ، وتم اعطاء اموال كثيرة لذويهم، الولد رماح ولد هريدي مات وعندما ارادت والدته الصراخ، ضربها زوجها بالقلم علي وجهها، كي تصمت، فقد حصل علي أموال كثيرة، يستطيع الآن أن يبني داره بالمسلح، ويزوج اولاده وبناته.
-ست ابوها: اصمتي قليلا بدلا من مواساتها، تقولين كلام يرعبها اكثر علي زوجها واولادها.
صمتت الداية، وبعدها استأذنت في الانصراف، لكن قبلا ستخرج للرجال وتقوم بابلاغهم.
صمتت ست ابوها وغادرت الداية، الحجرة وأغلقت الباب ورائها.
وكأن الصغيرة ارادت، التحدث بحرية فبدأت تبكي، بصوت خافت نظرا لحجمها الصغير، وعندما قربت توبات ثديها الملئ باللبن، للصغيرة ووضعته في فمها حتي قامت الصغيرة بالتقاطه والرضاعة .
جلست ست ابوها، بجانب زوجة ابنها سليم علي السرير الآخر، منتظرين ان تذهب الداية، للرجال والتحدث معهم.
نهضت توبات مرة واحدة، وهي تنظر لرواية وقالت لها:
-راويه اذهبي سريعا، لمنزل فاطمة اخت سعاد رحمها الله، زوجة ابني عبدالجليل، واحضري لي الصغيرة شمس، لترضعها عمتها بدلا من أن تدور، سعاد بابنة أختها على المنازل، طالبة إرضاع الطفلة اليتيمة، سنستردها منهم وستتربي مع المولودة، وتصبح اختها بالرضاعه علها تكون، سند لها ووليفه لايام حياتها.
وكأن توبات تشاهد المستقبل، ستكون شمس سند وعون، واخت بل وشقيقة روح ماكينا سيكون، بينهم رباط روحيا غريبا حتي ان شمس، ستجبر زوجها ان يتزوج من ماكينا.
-نعم اعلم ذلك
لقد شعرت ان احد قرائي، الاعزاء سيقول :لايجوز
اكمل قرائتك، وستعرف لماذا حدث ذلك.
رضخت راوية لاوامر والدة زوجها ، اما توبات فقد احست، بحنان لابنتها بعدما انكرتها في البداية.
دخل باقي الأبناء يشاهدون اخيهم او اختهم واندفعو مرة واحدة،
وباشارة من يد جدتهم، توقفوا
ست ابوها: يجب ان تعلموا أنتم الثلاثة، ان والدتكم قد انجبت، اختا لكم لكنها ضعيفة وصغيرة، ويجب أن أعلمكم انكم كبار وستهتمون بها راضية وهنية ستساعدون والدتكم في رعايتها، وأنت يا غالب ستكون السند، والظهر لاختك الصغرى، بل لاخواتك البنات جميعا فانت رجلهم، وسندهم في الحياه حتي عندما يتزوجو.
وقامت برفع صوتها
-افهمتم .
نطق الثلاثة في ان واحد
-فهمنا يا جدة.
وعندما اقتربو من والدتهم، ليشاهدو الصغيرة، صرخ ثلاثتهم ثم اقترب غالب ليشاهدها، عن قرب
-غالب: انها قبيحة يا امي، سيقوم الأولاد بسبي، بسببها أنها تشبه، التمثال الذي أحضره أبي
راضية:صحيح يا امي، انها لا تشبهنا فانا بيضاء وشعري بني، وايضا اختي هنية واخي يشبه، ابي فهو حسن الشكل ايضا اما هذه انها تشبه المعزة الصغيرة.
-هنية: لماذا ليس لها لحم، في جسدها مثلنا يا امي، ان لها جلد اسمر مجعد علي عظام، فقط انا لا، العب معها او اتحدث معها.
-غالب: فهمت هي مريضة وستموت ، انا لن المسها حتي، لاتعديني واصبح مثلها.
جدتهم: كلامي سينفذ، والا عقابي في انتظار، من يهمل فيكم اختكم، او يسبها باي لفظ او صفة، انها اختكم شقيقتكم من نفس الام ونفس ذات الاب وانا جدتها ومن يغضبها كان، يغضبني وهي تحت حمايتي يوم وفاتي.
دخل الرجال عند هذه الكلمة.
كان اول شخص حضر مسرعا، هو عبد الستار كبير العائله، الذي نطق فورا وهو يقول لزوجته ما عاش، ولا كان من يغضبك او يغضب الصغيره، انها في حمايتي انا ايضا، لقد حكت لنا الداية جميع ما حدث، وقت الولاده وبعدها واعتقد انها الان تدور، على بيوت القرية جميعها كي تخبرهم بالأمر.
كان غلاب يقف، خلف سليم وعبد الجليل وكانه يتخفى، او يحتمي بهما فقد نبهته زوجته مرارا، وتكرارا ان لا تذهب الى تلك القبور فشعر، أن ما حدث المولودة الجديدة، ما هو إلا عقاب نبشه ودخوله المقابر القديمة الخاصة بالفراعنة، وان عقابه كان اشد، واقوى فالعمال قد ماتوا وارتاحوا اما، هو سيظل يشاهد ابنته ويشاهد نتيجه افعاله فهو، لم يغتني الى الان حتى التمثال الذي وضع عليه كل اماله ما هو الا تمثال، من الخزف باستثناء ذلك الخاتم، الذي قالوا عنه انه يجلب القوه لذلك سيكون، من نصيب صغيرته حتى تكبر بقوه، ولا يستطيع احد ان يتنمر عليها يوما ما.
- مشكله ماكينه هنا، ان الخذلان عندما ياتي من الغرباء، لن يكون قوي او يؤثر فينا لو كانت لنا، عائله فتصدى لمن يؤذينا من الخارج، لكن من سيقوم بازيتها وخذلانها بل، وتحطيمها كليا هم اقرب الناس لها هم، من سيقومون بتغيير شخصياتها من تلك المعزة الصغيرة، كما ستناديها هنيه لبقية، عمرها الحيوان المفترس لبؤة جائعه للدماء، دائما ستشاهدهم وهم يتعذبون، مثلما عذبوها كثيرا ستجعلهم يرقعون، تحت اقدامها طالبين منها الغفران لكنها لم تسامح أحدا منهم.
-نظرت التوبات لابيها بحزن شديد،
وقالت له
-توبات: لقد نبهت عليه، يا والدي كثيرا مرارا وتكرارا منذ العام الماضي، وانا اتحدث معه لن يأتينا، من وراء نفش القبور الا الخراب، اتعلم كمية الحوادث التي حدثت في الآونة الأخيرة، لنا كل هذا بسبب تلك القبور، وبسبب ذلك الشيخ الذي جعل غلاب احد اعوانه
سوما نظرت لزوجها، وهي تقول علك الان قد ارتحت بعدما حل بنا غضبهم،
- نهرها والدها، الذي قال لها
- ان ما حدث لهم ما هو الا نصيب الله قضاءه وقدره، ولن يستطيعوا تغييره بل الاهم الان ان يكونوا، سند وعدد لتلك الصغيرة ودعا الله، ان تاتي الايام القادمه بكل الخير وأن يتبدل، شكل تلك الصغيرة عندما تهتم بها والدتها، وتغذيتها جيدا حتى يظهر لها ملامح، لعل وقتها معالمها تتضح ويتغير شكلها نوعا ما.
في تلك اللحظه اتت، راويه ومعها الصغيره شمس، ابنه عبد الجليل الذي ما ان شاهد، ابنته الصغيرة، تحملها زوجة أخيه، حتى اللي راويه، اعطيها له اقبلها لقد توحشتها كثيرا، فهي عند خالتها منذ شهرين منذ تلك الحادثة المشئومة،
نهضت الجده واقتربت، من ابنها عبد الجليل واخذت منه شمس،
وهي تقول
- سأعطيها لعمتها، توبات تقوم على رعايتها وتربيتها، مع الصغيرة ستقوم توبات بارضاعها معها، حتى يصبحوا شخصا واحد ستصبح، اختها بالرضاعه وابنه خالها حتى يكون، سند وعضض لبعضهم البعض.
ثم نادت على راويه، ان تحمل الصغيرة حديثة الولادة، وتحميلها لكي تقوم على الربط على ظهرها، لكي تتجشأ بعد أن أرضعتها والدتها.
نفذت راويه ما قالته، والدة زوجها ثم تقدمت ست ابوها، من ابنتها توبات واعطتها الصغيره شمس، التي استكانت بين احضانها، لكن رفضت، أن تلتقم ثدي عمتها لكي ترضع منه، فنطقت راويه وقالت لقد
- راوية: فاطمة إنها لم تجد، منذ أسبوع من يقوم بارضاع الصغيرة، فتقوم بغلي بعض حبوب الارز، وتسقيها غالي الحبوب فتشبع الصغيرة،وتنام لذلك فقد نسيت الصغيرة الثدي، والرضاعة اعتقد انها فطمت باكرا جدا.
- نطقت ست ابوها، وهي تقول له في خلقه شؤون عموما، ستقوم ابنتي توبات على تربيتها بجانب، الصغيره ثم نظرت الى غالب الذي كان، ما زال خلف عبد الجليل خائفا من ان يتقدم ناحيه زوجته لشعوره بذلك الذنب، العظيم فقالت له باي اسم ستسمي، تلك الصغيره الحديثه الولاده عندنا راضيه، وعندنا هنيه من راي ان تقوم بتسميتها سعديه.
رد عليها غلاب، بسرعة كبيرة،
-غلاب: لا سأسميها ماكينا على اسم الأميرة او الساحرة والكاهنة لا أعلم التي فتح الخواجات، مقبرتها لقد قالوا ان لتلك السيده معجزات كثيرة كما انها كانت قوية الشخصية، ويهبها الجميع واتمنى ان تصبح ابنتي، مثلها يوما ما يهبها ويحبها الجميع.
- نظر له سليم وعبد الجليل، وهم يقولون ما هذا الاسم انه اسم غريب، هل هو اسم عربي نحن، لم نسمع به من قبل.
- رد عليهم غلاب بسرعة كبيرة، وكأنه كان قد حفظ ذلك الرد جيدا، منذ فترة فقد توقع ان يقول له الجميع، لقد كان يحضر اسمي ماكينا لو جاءت ابنة، واسم جاسر لو كان المولود صبي.
- لا اعلم هل الاسم عربي ام لا لكن هذا، الاسم موجود من اكثر من 5000 عام، انه اسم اصحاب الارض الاصليين، انهم اجدادنا نحن من نعيش، عالة على ارضهم في الوقت الحاضر.
- نظر الجميع ناحيه كبير العائله، عبد الستار منتظرين، منه ان يتحدث او يخالف زوج ابنته في رأيه، وعندما انتبه ان الجميع ينظرون اليه.
لكنه رد ردا واحدا فقط، حتى يسكت الجميع،
- هي ابنته هو، وهو من سيقوم على تسميتها، سواء كان هذا الاسم، او غيره فهي تحمل اسمه هو.
احنت توبات من رأسها، فهي لا تريد ان تسمى ابنتها، بهذا الاسم لكن ماذا ستفعل؟
ولتنهى ست ابوها الحديث، حتى لا تحزن ابنته أكثر، نظرت للرجال وقالت
-هيا الان يخرجوا، دعو توبات ترتاح اليوم، وانت يا راويه، اخرجي وقومي بذبح دجاجتين، وقومي بطهيهما، ولا تنسي ان تطعمي الصغار، جميعهم واريد منك ان تاخذي الاولاد الى بيتك، اليوم ليناموا مع اولادك، حتى ترتاح توبات من مشاكل الصغار، اليوم حتى ميعاد اسبوع الصغيره بعد اسبوع.
اما ام فرحات القابلة، فبالفعل وكما توقع الجميع، خرجت بعدما اخبرت الرجال بما حدث، ولم تترك منزلا في، القرية الا وبلغتهم، عن هذه الصغيره الغريبه الشكل المجعده الجلد، التي ولدت حديثا في منازل عبد الستار، لابنته توبات زوجه غلاب تلك المرأة الجميلة، التي كانت تحسدها، جميع نساء القريه على جمالها ها هي قد اتت بابن، مشوهة الوجه بل هو الهيئة، والجسم ايضا فكما قالت لهم هي تعتقد، انها قزمه لان جلدها مجعد وغريب الشكل، وكان الصغيره ليس لديها لحم انما هي، عباره عن هيكل جلد قد وجد على العظام فقط.
- شمتت بعض النساء، اللاتي يغارن من جمال توبات، أما الباقي فقد حزنوا، وقالوا ان السبب، هو فتح تلك المقابر الخاصة بالفراعنة، والقريبة من قريتهم ويجب أن يجتمعوا، بعبد الستار حتى يتحدثوا معه ومع باقي كبار البلد حتى يقنعوا الشباب بعدم الخروج، لكي ينقبوا مع تلك البعثات الأجنبية، التي تاتي الى قريتهم للبحث عن الاثار والكنوز المدفونة، داخل الجبال وتحت باطن الارض انهم يخشون، أن يحدث لهم مثلما حدث لتوبات وغلاب، فمن الممكن ان تحل اللعنة على القرية جميعها وسيكون الفيصل، بعد النسوة التي قرب موعد ولادتهن في حالة وجود حاله مثل حالة الطفلة الجديدة سيكون لهم شأن كبير مع الشيخ دهشان، وباقي الذين يعملون في الجبال لكن لو اتى الصغار معافين طبيعيين، مثل اخوانهم فستكون تلك اللعنة، قد أحلت، بغلاب فقط وفي هذه اللحظة لن يقوم، بمنع والوقوف في وجه من يقوم بالبحث، عن الآثار خصوصا أن الحكومة المصرية تبعث مع بعض البعثات، بعض الجنود لحمايتهم، اذا فإنها حملات للبحث، عن الآثار معلومة لدى المسؤولين.
احاسيس مختلفه، لكن السلوك الوحيد الذي عبرت به هو البكاء، والذي شعرت أنه ينبع، من روحها وعظامها.
بكت وكأن روحها، قد تم وأدها، وشاهدت امامها طفلة صغيرة الحجم، في حدود الكيلو والنصف وزنا، كل مافيها صغير الا ملامح وجهها البارزة، وتلك الشامة الكبيرة الغريبة الشكل المقززة، التي اعلا انفها .
حتي لونها يختلف علي لون بشرة، والديها وجميع اخواتها، بل وافراد عائلتها اجمع.
انتفضت زوجه خالها، عندما شاهدتها، وارتعش جسدها بأكمله، وقالت
_ يا حفيظ
لم تدرك انها تكلمت، بصوت مرتفع فزادت، من حزن الأم التي مازال، خلاص مولودتها يقبع برحمها ،فلم تكمل الداية عملها، بل كانت تشغل بالها بالمولودة غريبه اللون.
وكعادة كثير من السيدات، اول شئ فكرت به، هو مقارنة، الطفلة بأي رجل في القرية، فالطفلة لا تشبه اباها، او اي احد من عائلتها، انتبهت الداية،علي صوت ست ابوها، التي قد فهمت من ملامح المرأة، ما تفكر فيه فقالت بشدة وحسم
_ اعتقد انك لم تنتهي بعد، قومي بربط السرة، وقطعها من الخلاص، وسأساعدك في إخراجه من رحمها،
وبالفعل وضعت الداية، يدها اسفل توبات، اما ست ابوها، فأخذت بتدليك بطن ابنتها بشدة، حتي هبط خلاص المولودة، والذي كان كبير الحجم، نوعا ما غامق اللون.
حسمت ست ابوها الأمر، بشدتها التي اكتسبتها من وضعها، فهى كبيرة للعائلة فهي الجدة، ولا تستطيع امرأة ابنها ان تعارضها هذا اولا.
وثانيا لا تريد، أن تقهر ابنتها، حتي لا تحزن وتمرض، خصوصا وهي في أول يوم لها من ايام النفاس، عندما تكون الام في أضعف حالاتها، الجسمانية والمعنوية.
ست ابوها: احملي الصغيرة، يا راوية والبسيها ذلك الجلباب.
نفذت راوية زوجه سليم الامر، وهي صامته الا ان عينيها، تنطق بتساؤلات كثيرة .
اما توبات الصامتة، التي مازالت الصدمة تمتلكها، كانت مازالت تبكي بصمت.
ساعدتها والدتها ان تقف، علي قدميها وتقوم القابلة بتنظيف، جسدها بعدما نزعت،عنها جميع ملابسها.
وبقطع عديدة، من الاقمشة القطنية، التي قامو بغمسها، في المياه الساخنة ازالت، جميع الدماء العالقة بجسدها.
كانت كل نظرات، توبات تتجه لصغيرتها، مشاعر مختلفة كره وشفقة في آن واحد.
وبعدما تم تغير ملابس، توبات اجلستها والدتها علي السرير مرة اخري، بعد تغيير الملاءات، ثم دثرتها جيدا، وربتت علي وجها وقبلتها، وهي تهمس لها بصوت خافت:
-حبيبتي سأعطيك ابنتك، وضميها لصدرك واعطيها، من حنانك لكي ترضعيها ، اجعليها تشم رائحتك وتشعر بك حتى تطمئن فهي ترتجف
ناولت رواية، الصغيرة لوالدة زوجها، والتي بدورها نقلتها لابنتها الصامته، الا من صوت بكائها الخافت:
ست أبوها:لماذا تبكي حسبتك، عاقلة راضية بعطاء الله.
-توبات: حزينة يا امي، لان الصغيرة حملت ذنوب ابيها، الذي ينقش في قبور الموتي وأي موتى يا امي، انهم ملوك وامراء كهنة، وسحرة وضعت الارصاد علي قبورهم، وهو بعد الاف السنين،
ذهب مع الخواجات، لاقلاقهم فعاقبوه في ابنته، انا مشفقة عليها يا امي ، عندما تكبر من سيتزوجها، انها تشبه المومياوات مثل ذاك التمثال، الذي أتى به منذ ليلتين.
كانت الجدة وراوية، بدأوا في البكاء الا ان الداية، تكلمت وكأنها فهمت، مايجري وان توبات، بريئة مما صوره، لها عقلها
ـالداية: فهمت الآن، سبب لون بشرتها وصغر حجمها، كان الله في عونك ، اعتقد بالفعل انها لعنة الفراعنة، التي يقولون عنها، اتعلمون ان جميع العمال ماتوفي منتصف الليل ، وتم اعطاء اموال كثيرة لذويهم، الولد رماح ولد هريدي مات وعندما ارادت والدته الصراخ، ضربها زوجها بالقلم علي وجهها، كي تصمت، فقد حصل علي أموال كثيرة، يستطيع الآن أن يبني داره بالمسلح، ويزوج اولاده وبناته.
-ست ابوها: اصمتي قليلا بدلا من مواساتها، تقولين كلام يرعبها اكثر علي زوجها واولادها.
صمتت الداية، وبعدها استأذنت في الانصراف، لكن قبلا ستخرج للرجال وتقوم بابلاغهم.
صمتت ست ابوها وغادرت الداية، الحجرة وأغلقت الباب ورائها.
وكأن الصغيرة ارادت، التحدث بحرية فبدأت تبكي، بصوت خافت نظرا لحجمها الصغير، وعندما قربت توبات ثديها الملئ باللبن، للصغيرة ووضعته في فمها حتي قامت الصغيرة بالتقاطه والرضاعة .
جلست ست ابوها، بجانب زوجة ابنها سليم علي السرير الآخر، منتظرين ان تذهب الداية، للرجال والتحدث معهم.
نهضت توبات مرة واحدة، وهي تنظر لرواية وقالت لها:
-راويه اذهبي سريعا، لمنزل فاطمة اخت سعاد رحمها الله، زوجة ابني عبدالجليل، واحضري لي الصغيرة شمس، لترضعها عمتها بدلا من أن تدور، سعاد بابنة أختها على المنازل، طالبة إرضاع الطفلة اليتيمة، سنستردها منهم وستتربي مع المولودة، وتصبح اختها بالرضاعه علها تكون، سند لها ووليفه لايام حياتها.
وكأن توبات تشاهد المستقبل، ستكون شمس سند وعون، واخت بل وشقيقة روح ماكينا سيكون، بينهم رباط روحيا غريبا حتي ان شمس، ستجبر زوجها ان يتزوج من ماكينا.
-نعم اعلم ذلك
لقد شعرت ان احد قرائي، الاعزاء سيقول :لايجوز
اكمل قرائتك، وستعرف لماذا حدث ذلك.
رضخت راوية لاوامر والدة زوجها ، اما توبات فقد احست، بحنان لابنتها بعدما انكرتها في البداية.
دخل باقي الأبناء يشاهدون اخيهم او اختهم واندفعو مرة واحدة،
وباشارة من يد جدتهم، توقفوا
ست ابوها: يجب ان تعلموا أنتم الثلاثة، ان والدتكم قد انجبت، اختا لكم لكنها ضعيفة وصغيرة، ويجب أن أعلمكم انكم كبار وستهتمون بها راضية وهنية ستساعدون والدتكم في رعايتها، وأنت يا غالب ستكون السند، والظهر لاختك الصغرى، بل لاخواتك البنات جميعا فانت رجلهم، وسندهم في الحياه حتي عندما يتزوجو.
وقامت برفع صوتها
-افهمتم .
نطق الثلاثة في ان واحد
-فهمنا يا جدة.
وعندما اقتربو من والدتهم، ليشاهدو الصغيرة، صرخ ثلاثتهم ثم اقترب غالب ليشاهدها، عن قرب
-غالب: انها قبيحة يا امي، سيقوم الأولاد بسبي، بسببها أنها تشبه، التمثال الذي أحضره أبي
راضية:صحيح يا امي، انها لا تشبهنا فانا بيضاء وشعري بني، وايضا اختي هنية واخي يشبه، ابي فهو حسن الشكل ايضا اما هذه انها تشبه المعزة الصغيرة.
-هنية: لماذا ليس لها لحم، في جسدها مثلنا يا امي، ان لها جلد اسمر مجعد علي عظام، فقط انا لا، العب معها او اتحدث معها.
-غالب: فهمت هي مريضة وستموت ، انا لن المسها حتي، لاتعديني واصبح مثلها.
جدتهم: كلامي سينفذ، والا عقابي في انتظار، من يهمل فيكم اختكم، او يسبها باي لفظ او صفة، انها اختكم شقيقتكم من نفس الام ونفس ذات الاب وانا جدتها ومن يغضبها كان، يغضبني وهي تحت حمايتي يوم وفاتي.
دخل الرجال عند هذه الكلمة.
كان اول شخص حضر مسرعا، هو عبد الستار كبير العائله، الذي نطق فورا وهو يقول لزوجته ما عاش، ولا كان من يغضبك او يغضب الصغيره، انها في حمايتي انا ايضا، لقد حكت لنا الداية جميع ما حدث، وقت الولاده وبعدها واعتقد انها الان تدور، على بيوت القرية جميعها كي تخبرهم بالأمر.
كان غلاب يقف، خلف سليم وعبد الجليل وكانه يتخفى، او يحتمي بهما فقد نبهته زوجته مرارا، وتكرارا ان لا تذهب الى تلك القبور فشعر، أن ما حدث المولودة الجديدة، ما هو إلا عقاب نبشه ودخوله المقابر القديمة الخاصة بالفراعنة، وان عقابه كان اشد، واقوى فالعمال قد ماتوا وارتاحوا اما، هو سيظل يشاهد ابنته ويشاهد نتيجه افعاله فهو، لم يغتني الى الان حتى التمثال الذي وضع عليه كل اماله ما هو الا تمثال، من الخزف باستثناء ذلك الخاتم، الذي قالوا عنه انه يجلب القوه لذلك سيكون، من نصيب صغيرته حتى تكبر بقوه، ولا يستطيع احد ان يتنمر عليها يوما ما.
- مشكله ماكينه هنا، ان الخذلان عندما ياتي من الغرباء، لن يكون قوي او يؤثر فينا لو كانت لنا، عائله فتصدى لمن يؤذينا من الخارج، لكن من سيقوم بازيتها وخذلانها بل، وتحطيمها كليا هم اقرب الناس لها هم، من سيقومون بتغيير شخصياتها من تلك المعزة الصغيرة، كما ستناديها هنيه لبقية، عمرها الحيوان المفترس لبؤة جائعه للدماء، دائما ستشاهدهم وهم يتعذبون، مثلما عذبوها كثيرا ستجعلهم يرقعون، تحت اقدامها طالبين منها الغفران لكنها لم تسامح أحدا منهم.
-نظرت التوبات لابيها بحزن شديد،
وقالت له
-توبات: لقد نبهت عليه، يا والدي كثيرا مرارا وتكرارا منذ العام الماضي، وانا اتحدث معه لن يأتينا، من وراء نفش القبور الا الخراب، اتعلم كمية الحوادث التي حدثت في الآونة الأخيرة، لنا كل هذا بسبب تلك القبور، وبسبب ذلك الشيخ الذي جعل غلاب احد اعوانه
سوما نظرت لزوجها، وهي تقول علك الان قد ارتحت بعدما حل بنا غضبهم،
- نهرها والدها، الذي قال لها
- ان ما حدث لهم ما هو الا نصيب الله قضاءه وقدره، ولن يستطيعوا تغييره بل الاهم الان ان يكونوا، سند وعدد لتلك الصغيرة ودعا الله، ان تاتي الايام القادمه بكل الخير وأن يتبدل، شكل تلك الصغيرة عندما تهتم بها والدتها، وتغذيتها جيدا حتى يظهر لها ملامح، لعل وقتها معالمها تتضح ويتغير شكلها نوعا ما.
في تلك اللحظه اتت، راويه ومعها الصغيره شمس، ابنه عبد الجليل الذي ما ان شاهد، ابنته الصغيرة، تحملها زوجة أخيه، حتى اللي راويه، اعطيها له اقبلها لقد توحشتها كثيرا، فهي عند خالتها منذ شهرين منذ تلك الحادثة المشئومة،
نهضت الجده واقتربت، من ابنها عبد الجليل واخذت منه شمس،
وهي تقول
- سأعطيها لعمتها، توبات تقوم على رعايتها وتربيتها، مع الصغيرة ستقوم توبات بارضاعها معها، حتى يصبحوا شخصا واحد ستصبح، اختها بالرضاعه وابنه خالها حتى يكون، سند وعضض لبعضهم البعض.
ثم نادت على راويه، ان تحمل الصغيرة حديثة الولادة، وتحميلها لكي تقوم على الربط على ظهرها، لكي تتجشأ بعد أن أرضعتها والدتها.
نفذت راويه ما قالته، والدة زوجها ثم تقدمت ست ابوها، من ابنتها توبات واعطتها الصغيره شمس، التي استكانت بين احضانها، لكن رفضت، أن تلتقم ثدي عمتها لكي ترضع منه، فنطقت راويه وقالت لقد
- راوية: فاطمة إنها لم تجد، منذ أسبوع من يقوم بارضاع الصغيرة، فتقوم بغلي بعض حبوب الارز، وتسقيها غالي الحبوب فتشبع الصغيرة،وتنام لذلك فقد نسيت الصغيرة الثدي، والرضاعة اعتقد انها فطمت باكرا جدا.
- نطقت ست ابوها، وهي تقول له في خلقه شؤون عموما، ستقوم ابنتي توبات على تربيتها بجانب، الصغيره ثم نظرت الى غالب الذي كان، ما زال خلف عبد الجليل خائفا من ان يتقدم ناحيه زوجته لشعوره بذلك الذنب، العظيم فقالت له باي اسم ستسمي، تلك الصغيره الحديثه الولاده عندنا راضيه، وعندنا هنيه من راي ان تقوم بتسميتها سعديه.
رد عليها غلاب، بسرعة كبيرة،
-غلاب: لا سأسميها ماكينا على اسم الأميرة او الساحرة والكاهنة لا أعلم التي فتح الخواجات، مقبرتها لقد قالوا ان لتلك السيده معجزات كثيرة كما انها كانت قوية الشخصية، ويهبها الجميع واتمنى ان تصبح ابنتي، مثلها يوما ما يهبها ويحبها الجميع.
- نظر له سليم وعبد الجليل، وهم يقولون ما هذا الاسم انه اسم غريب، هل هو اسم عربي نحن، لم نسمع به من قبل.
- رد عليهم غلاب بسرعة كبيرة، وكأنه كان قد حفظ ذلك الرد جيدا، منذ فترة فقد توقع ان يقول له الجميع، لقد كان يحضر اسمي ماكينا لو جاءت ابنة، واسم جاسر لو كان المولود صبي.
- لا اعلم هل الاسم عربي ام لا لكن هذا، الاسم موجود من اكثر من 5000 عام، انه اسم اصحاب الارض الاصليين، انهم اجدادنا نحن من نعيش، عالة على ارضهم في الوقت الحاضر.
- نظر الجميع ناحيه كبير العائله، عبد الستار منتظرين، منه ان يتحدث او يخالف زوج ابنته في رأيه، وعندما انتبه ان الجميع ينظرون اليه.
لكنه رد ردا واحدا فقط، حتى يسكت الجميع،
- هي ابنته هو، وهو من سيقوم على تسميتها، سواء كان هذا الاسم، او غيره فهي تحمل اسمه هو.
احنت توبات من رأسها، فهي لا تريد ان تسمى ابنتها، بهذا الاسم لكن ماذا ستفعل؟
ولتنهى ست ابوها الحديث، حتى لا تحزن ابنته أكثر، نظرت للرجال وقالت
-هيا الان يخرجوا، دعو توبات ترتاح اليوم، وانت يا راويه، اخرجي وقومي بذبح دجاجتين، وقومي بطهيهما، ولا تنسي ان تطعمي الصغار، جميعهم واريد منك ان تاخذي الاولاد الى بيتك، اليوم ليناموا مع اولادك، حتى ترتاح توبات من مشاكل الصغار، اليوم حتى ميعاد اسبوع الصغيره بعد اسبوع.
اما ام فرحات القابلة، فبالفعل وكما توقع الجميع، خرجت بعدما اخبرت الرجال بما حدث، ولم تترك منزلا في، القرية الا وبلغتهم، عن هذه الصغيره الغريبه الشكل المجعده الجلد، التي ولدت حديثا في منازل عبد الستار، لابنته توبات زوجه غلاب تلك المرأة الجميلة، التي كانت تحسدها، جميع نساء القريه على جمالها ها هي قد اتت بابن، مشوهة الوجه بل هو الهيئة، والجسم ايضا فكما قالت لهم هي تعتقد، انها قزمه لان جلدها مجعد وغريب الشكل، وكان الصغيره ليس لديها لحم انما هي، عباره عن هيكل جلد قد وجد على العظام فقط.
- شمتت بعض النساء، اللاتي يغارن من جمال توبات، أما الباقي فقد حزنوا، وقالوا ان السبب، هو فتح تلك المقابر الخاصة بالفراعنة، والقريبة من قريتهم ويجب أن يجتمعوا، بعبد الستار حتى يتحدثوا معه ومع باقي كبار البلد حتى يقنعوا الشباب بعدم الخروج، لكي ينقبوا مع تلك البعثات الأجنبية، التي تاتي الى قريتهم للبحث عن الاثار والكنوز المدفونة، داخل الجبال وتحت باطن الارض انهم يخشون، أن يحدث لهم مثلما حدث لتوبات وغلاب، فمن الممكن ان تحل اللعنة على القرية جميعها وسيكون الفيصل، بعد النسوة التي قرب موعد ولادتهن في حالة وجود حاله مثل حالة الطفلة الجديدة سيكون لهم شأن كبير مع الشيخ دهشان، وباقي الذين يعملون في الجبال لكن لو اتى الصغار معافين طبيعيين، مثل اخوانهم فستكون تلك اللعنة، قد أحلت، بغلاب فقط وفي هذه اللحظة لن يقوم، بمنع والوقوف في وجه من يقوم بالبحث، عن الآثار خصوصا أن الحكومة المصرية تبعث مع بعض البعثات، بعض الجنود لحمايتهم، اذا فإنها حملات للبحث، عن الآثار معلومة لدى المسؤولين.