78
الفصل الأخير
(الحكم النهائي)
نيكولاس؛
كانت مشاعره باردة وكأن منذ لحظة الحكم الجائر عليه قد فقد إحساسه بكل شيء، جلس في زنزانته يراجع حياته الماضية، لقد كان متهورا مندفعا، والآن فقط قد شعر بأهمية الحرية.
أخذ يكتب ما تشعر به روحه الحبيسة بين أضلاعه، شبه نفسه بالروح، فالروح لا تلقى حريتها إلا عندما تغادر هذا الجسد الطيني الفاني الذي تقوده غريزته.
فتح الحارس زنزانته وقال له أنها وقت الاستراحة، وضع دفتره تحت وسادته وخرج إلى المتنفس الوحيد الذي أصبح يملكه، قرر ألا يتذمر في حياته مجددا، لن يمضي حياته في التذمر، فما الذي استفاده من تذمره السابق سوى زوال نعم الرب منه.
دخل إلى الساحة فجاءه ذاك الشاب راكضا وهو يقول له: "أتعلم أمرا! لقد طلبت من مدير السجن أن أخرج اليوم في مجموعتك، رفض في البداية ولكنني أصريت على أن ألقاك"
نظر له نيكولاس بعدم فهم، ثم توقع أن يلقى منه تعاطفا، فلابد من إنه قد سمع ما حصل، ولكن عكس توقعات نيكولاس كلها كان الفتى يخبره أنه سيخرج غدا من مركز إعادة التأهيل!
وقال له أنه كان مدمنا منذ مدة طويلة، حتى الجميع اعتقدوا إنه لن يصمد، ولكنه تغلب على نفسه في النهاية والآن جسده خالي من المخدرات بنسبة مئة بالمئة.
"أنا اخبرك بهذا كي لا تيأس، أنا لدي سنة سجن كاملة سوف أقضيها في السجن ومن ثم سوف أخرج لأستأنف حياتي."
كانت كلماته مشجعة حقا، ولكن نيكولاس كان يرى أن وضعه مختلف، إلا إنه قرر عدم التفكير بهذا الآن، سيحاول أن ينسى كل شيء، ولكن نغزة الظلم في قلبه أبت أن تتركه في حاله.
مرت الأيام ونيكولاس ضاق صدره رغما عنه، كان قرر أنه لن يشفق ولا يرثى على نفسه، إلا إنه كان يذوق مرارة الظلم في فمه.
جاء يوم المحاكمة، كان يرتجف غصبا عنه، خصوصا عندما أدخلوه إلى قفص الاتهام، أمله الأخير اليوم وإن ضاع هذا الأمل!!
الوجوه كلها صفراء، والدته تبدوا وكأن الدماء قد جفت من عروقها!
يشعر أنه يكاد يغمى عليه، بدأ المحامي في المرافعة وسأله عدة أسئلة فأجاب غليها، لا يعلم إن لاحظ الجميع الرجفة في صوته أم لا، في الحقيقة لا يهمه، لم يعد شيء يهمه!
طالت كثيرا المحاكمة ويبدوا للأسف إن الأمر لا يسير لصالحه، بصماته على السكين دماء كلارك على قميصه، حتى ذاك الإسوار الذي طعن به ثقة السيدة العجوز شهد ضده.
تذكر العجوز ناردين وبحث عنها بعينيه ولكن لم يجدها، سألته والدته مرة عنها في إحدى زياراتها له بعد محكمة الاستئناف، أخبرته أنها رأته يلوح لها من قفص الاتهام ولكن عندما بحثت عنها بعدما انتهت المحاكمة لم تجدها.
ولكن ما سبب غيابها اليوم، ثم فجأة على صوت والدته في قاعة المحكمة وهي تصرخ وتقول: "إن ابني مظلوم، ابني ليس بقاتل أرجوكم"
هل فاته شيء ما الآن؟ ثم ضرب القاضي بمطرقته وقال: "الرجاء التزام الهدوء أو سوف أخلي القاعة قبل نطق الحكم"
غاص قلب نيكولاس فوضع يده على قلبه، انها لحظة نطق الحكم ولذلك والدته انفجرت اعصابها.
كان نيكولاس ينظر نحو صديقيه اللذان يجلسان في الصف الأول، ينظر لهما لكي يشدا من أزره لحظة نطق الحكم، حتى وإن كان ذلك بالنظرات.
ولكنه استغرب أن صديقيه منصب تركيزهما على الهاتف الذي بين يدي آدم، لدرجة أنهما لم يرفعا رأسيهما عنه ولو قليلا!
حسنا، فكر نيكولاس ربما في النهاية هو سوف يظل وحيدا، وسينساه الجميع مع مرور الوقت، عليه أن يعتاد الأمر من الآن.
انتبه إلى صوت القاضي وهو يقول: "حكمت المحكمة حضوريا على المتهم..."
ثم من زاوية عينه لاحظ حركة غريبة، إنهما جيف وآدم واقفان يشيران إلى القاضي! ماذا يفعلان هذان المجنونان، قال آدم: "سيدي القاضي أرجوك لا تنطق الحكم الآن!"
زفر القاضي بنفاذ صبر وقال: "هل اشتقت إلى السجن أيها الفتى وترغب في العودة إليه!"
تناقش كل من آدم وجيف قليلا مع القاضي الذي غضب كثيرا ونبه إنها المرة الأخيرة وإذا أحد آخر قام بأي شغب فسيخلي القاعة من الجميع لكي ينطق الحكم.
ولكنه طرد آدم وجيف خارج القاعة.
كانت نظراتهما اليّ نظرات اعتذار، ماذا؟ هل كانا يعتقدان أنهما سيوقفان الحكم بحركاتهم المجنونة.
بعد أن خرج جيف وآدم بدأ القاضي بنطق الحكم الذي سيسجن نيكولاس.
قال القاضي: "حكمت المحكمة حضوريا على..."
وهذه المرة فُتح باب القاعة فاشتد غضب القاضي وخصوصا عندما شاهد آدم وجيف يدخلان من الباب، فصرخ فيهما: "سأتأكد من رميكما بنفسي في السجن حتى تتأدبا"
ولكن صوت جاء من خلفهما يقول: "أرجوك سيدي القاضي استمع لنا، ربما سننقذ فتى بريء حقا"
كانت العجوز ناردين هي من دخلت من الباب وهي تعكز بعصاها لتمشي في المرر وورائها فتاة.
بدا الضيق ظاهرا على القاضي ثم قال: "يا سيدتي الفاضلة هذه محكمة حقيقية وليست مجرد عرض لمواقع التواصل الاجتماعي"
ابتسمت العجوز ناردين وهي تقول: "هذا الفتى الذي في القفص" وأشارت نحو نيكولاس.
-"في فترة اختفائه عاش عندي ي منزلي، كان الابن الذي لم ارزق به، لا يمكن لفتى مثله أن يكون قاتلا!"
ابتسمت فيفيان ابتسامة حزينة.
قال القاضي: "وهذا لا ينفي أيضا احتمال أن يكون مذنبا، فلا يوجد مجرم لم تكن له المرة أولى"
وهنا نظرت العجوز ناردين إلى الفتاة التي بجانبها وقالت: "هل لك أن تستجوبها!"
طلب القاضي من الفتاة أن تقترب، فجلست ناردين لأقرب كرسي غير مشغول، ولكن عندما حاولا آدم وجيف الجلوس طردهما القاضي ومنعهما من إكمال الجلسة.
ثم طلب القاضي من الفتاة أن تعرّف بنفسها ثم أن تتلوا القسم بأن تقول الحقيقة.
وبعد أن أكملت الفتاة القسم بدأت تحكي قصة علاقتها بالضحية.
هنا تذكر نيكولاس أين رآها، إنها الفتاة التي وجدها في شقة كلارك وفتحت له الباب، إنها متغيرة كثيرا، يذكر أنها كانت ترتدي السواد، وعيناها أيضا بهما كحل
اسود.
إلا إنها الآن مختلفة بدون تلك الملابس وذلك الكحل.
ثم بدأت تكشف الحقائق حول الحادثة، حيث إن كلارك كان صديقها، وكان يتاجر في المخدرات ولكن في الآونة الأخيرة أصبح عليه دين إلى التاجر الذي يشتري منه، وللأسف كان الدين يرتفع بالتدريج.
وعندما عجز عن الدفع قرر أن يقنع نيكولاس بأن يمهد له الطريق لكي يسرق منزل السيدة العجوز التي يقيم عندها، ولكن نيكولاس رفض رفضا قاطعا.
ازداد تهديد التاجر الكبير بأنه سيقتله إن لم يسدد دينه، ثم يبيع أعضاءه ليستفيد منه!
قالت الفتاة وهي تنظر نحو الفراغ وتتحدث وكأن المشهد أمامها: "جاء وقتله بدم بارد، أنا كنت خارجة من الحمام حيث كنت استحم، فرأيت ما حدث وصورته فيديو ثم هربت من باب الطوارئ!"
رقص قلب نيكولاس، وقال القاضي بلهفة: "وهل هذا الفيديو معك؟"
-أجل ها هو في هاتفي، ثم ناولته إلى القاضي بعد أن شغلته.
أخذ منها القاضي الهاتف وأعطاه إلى أحد الموظفين وطلب منه أن يشغله في شاشة العرض لكي يشاهدوه.
كان بداية الفيديو وكلارك يحاول أن يدفع يد الرجل التي تغرس السكين في قلبه، لم يكن ذاك الرجل نيكولاس بأي مقياس من المقاييس!
خصوصا والكاميرا أظهرت جزءا من وجهه.
نزلت دموع نيكولاس، نزلت دموع والدته ووالده، نزلت دموع جميع من في القاعة، باستثنائها هي العجوز ناردين التي كانت تنظر نحو نيكولاس براحة وسعادة.
طلب القاضي من الموظفين أن يتم تحليل الفيديو سريعا لمعرفة صدقه، اي إذا كان مزيفا أم لا!
وبعد لحظات من الانتظار أعلن القاضي أن الفيديو صحيح بنسبة مئة في المئة.
عم الهرج في المكان وطلب القاضي من الحراس إدخال آدم وجيف لسماع الحكم.
وما إن دخلا حتى نطق القاضي وقال: "حكمة المحكمة حضوريا ببراءة المتهم نيكولا......"
ولم يعد يسمع صوت القاضي بسبب صراخ الفرح والبكاء وغيره.
كان جيف وآدم يتقافزان فرحا حول العجوز ناردين، إلا إن القاضي قطع هذه اللحظات عندما طرق بمطرقة بقوة، فنظر الجميع ناحيته في ترقب، أجلى حنجرته وقال: "أنا أكره أن افسد عليكم فرحتكم، ولكن الحكم لم ينتهي بعد"
نظر له الجميع في ترقب
"ولكن سيتعين على نيكولاس قضاء ثلاثة أشهر من أجل العلاج في نفس المركز الذي يتعالج في حاليا".
شعر الجميع بفرحة غامرة وأخيرا إنزاح هذا الهم الكبير الذي كان يشغلهم، وأخيرا ظهرت براءة نيكولاس.
تجمع الجميع حول قفص الاتهام يهنئونه بسعادة كبيرة، ما عداها هي السيدة ناردين كانت تقف بعدا وتلوح له بيدها، فهي لا تستطيع أن تزاحم بقدميها الضعيفتين وعصاتها!
ولكن هي الآن تشعر براحة كبيرة تغمرها، وأخيرا سترقد ابنتها بسلام، فعلت كل هذا في البداية من أجل راحة روح ابنتها وراحتها هي الشخصية.
أما الآن فقد أدركت أنها فعلت كل هذا من أجله هو نيكولاس، الذي أدخل الفرحة والسرور إلى قلبها.
قامت من أجله بالذهاب إلى ذاك الحي المقفر والمخيف، والتقت بهذه الفتاة، ولكنها تخلت عن الأمر في آخر لحظة ولم تشأ أن تشهد لتبرأ نيكولا، كانت تخشى أن تدخل هي السجن بدلا منه!
ولكن في الإسبوعان اللذان بعد جلسة الإستدعاء، زار كل من جيف وآدم العجوز ناردين، وذلك تحت توصية من نيكولا.
فقامت هي بإخبارهم بأمر الفتاة وما حدث معها، فأخبرها جيف يمكن عليها أن تقدم لها عرضا أفضل، من الناحية المادية، رأخبرها جيف أنه يستطيع المساعدوة.
ذهبت العجوز ناردين مجددا إلى منزل الفتاة وعرضت عليها أن تتكفل بها، ستمولها لتستطيع إكمال دراستها وأيضا يتدخلها إلى أفضل مركز لمعالجة وإعادة تأهيل مدمنين المخدرات، فقد كانت الفتاة أيضا مدمنة مخدرات.
وها هي الآن ناردين؛ قد حققت ما طمحت به منذ مدة، لوحت لنيكولاس من بعيد وخرجت متجهة إلى منزلها، هي تعلم أن نيكولاس سيأتي لزيارتها ما أن يخرج من السجن.
--
إنتهت المحكمة كما يتمناها الجميع بسعادة وعدل، وعاد كل شخص إلى منزله.
كان جيف جالس يلعب في لعبة على الانترنت وكان معه آدم، يبدوا أنها لعبة أون لاين.
ثم تحدثا مطولا حول ما سيفاجئ نيكولاس اثناء خروجه.
اقفل جيف اللعبة وخرج إلى المطبخ، كان باب المطبخ الخلفي يقود إلى الحديقة الخلفية حيث حوض السباحة.
فرأى والده جالس وحيدا ويبدوا شارد الذهن.
توجه إليه وقال مباشرة: "لم لا تذهب إليها وتعتذر، هي تحبك وستسامحك!"
نظر له والده: "هل تعتقد ذلك؟"
قال جيف بإبتسامة ماكرة: "لن تعرف أبدا ما لم تجرب!"
وقفز توماس من مكانه وتوجه نحو غرفة المعيشة حيث تجلس كلوديا تشاهد فلما.
قال جيف وهو يهز رأسه يمنى ويسرى: "المراهقون!!"
كانت كلوديا متلحفة بلحاف خفيف ومنسجمة مع الفلم، فجلس توماس فجأة بجانبها ملتصقا لها ويتلحف نفس لحافها.
تفاجأة وإبتعدت عنه، فزاد اقترب منها، ابتعدت اكثر حتى وصلت إلى حافة الكنبة، فوقفت متذمرة وقالت: "أووف، ماذا تريد؟"
-"انتِ"
ضحكت عليه باستهزاء وقالت: "صدقتك"
أمسك ذقنها وأدارها إليه وقال: "ماذا تقصدين يا جميلتي"
قالت مرتبكة: "لا تنظر لي بهذه الطريقة ؟"
إزداد قربا وقال: "اي طريقة"
دفعته بكل قوتها فنهرها وقال: "انتبهي فستؤذين نفسك"
قالت بغضب: "أنت منافق وكاذب، لقد رأيتك معها!"
ولكن توماس لم يفهمها على ماذا كانت تتحدث فقال: "رأيتني معها!! من؟ أنا لا أفهمك؟"
أخرجت هاتفها وفتحت الصورة التي كانت قد خزنتها في جهازها وأرتها له وقالت بشبه بكاء: "كنت أنتظر عودتك وأنا لا أعلم لم رحلت وتركتني وأنا في أمس حاجتي إليك"
مسحت دمعة هاربة وأكملت: "لأتفاجئ كم أنا غبية وإنك تستمتع بوقتك وأنا التي أتعذب"
"إنها طبيبتي" قال توماس مبتسما.
"ماذا؟" قالت كلوديا غير مصدقة قوله.
"كما اخبرتك إنها طبيبتي النفسية ولقد تحسنت حقا على علاجها، ألا تلاحظين هذا" قال عبارته بجدية تامة.
فأحست أنها تصدقه فقالت: "لما لم تخبرني قبلا إذا!؟"
اختلطت على كلوديا مشاعر الغضب من زوجها ومشاعر الحب والهرمونات فبدأت تبكي، طاف حولها جيف وتوماس سعيدان أنهم وأخيرا سيعيشون حياة مرتاحة وسعيدة.
--
بعد مرور ثلاثة أشهر جاء موعد إطلاق سراح نيكولا، كان والداه متحمسان وأصدقائه ولا يطيقون صبرا لملاقاة نيكولاس الجديد، الذي فور أن خرج من باب المركز استقبلوه بالاحضان والصياح والفرح.
كان هناك حفل استقبال كبير تقيمة عائلة نيكولاس، استدعوا فيه كل احبابهم ومن يهتمون بنيكولاس لحضوره، ومن ضمن المعازيم كانت العجوز ناردين!
حتى آدم أجل رحلته إلى تركيا من أجل أن يطمئن على صديقه أولا ويحتفل معه.
ومن ضمن الاحتفال كان احتفال بتخرج جيف وآدم من الثانوية، أما نيكولاس فسوف يعيد السنة لأن الإمتحانات قد ضاعوا عليه وأيضا لم يحضر معظم العالم!
جلست العجوز ناردين في كرسي في الحديقة، الضوضات كثيرة ورأسها بدأ يؤلمها، ولكن ما إن جلست حتى إلتف حولها ثلاثتهم بطلبون منها النصيحة، ففضلت أن تقدمها لهم بنفسها أفضل من يقدمها لهم غبي ما ويقعون في تكرار أخطائهم....
بعد الحفل بيومين سافر آدم إلى تركيا حيث كان خاله ميكائيل في استقباله!
قضى آدم أيام رائعة للغاية بصحبة خاله نسي بها كل الأيام البائسة التي عاشها منذ مدة قصيرة.
أيام تعلم خلالها أكثر ما تعلمه طيلة السنوات السبعة عشر التي عاشها.
أصبح أنضج ويحكم عقله في الحكم على الأمور ولا يتهور أبدا، ودائما ما يعطي أعذارا للناس.
عاد آدم إلى أمريكا مع بداية العام الدراسي، وكان قد سجل في جامعة.
اجتهد وركز في طريق نجاحه، وأبعد عنه كل ما قد يحبطه.
وبعد خمس سنوات كان كل من جيف وآدم قد أصبحا مهندسان، وأما نيكولاس فهو في السنة الأخيرة في الجامعة.
حقق كل واحد فيهم طموحه وأحلامه، وكانت علاقة صداقتهم مميزة جدا.
كانت والدة نيكولاس حامل وستلد قريبا، وكان نيكولاس يشعر بالغيرة من الطفل الجديد، فقد كان دائما مركز الاهتمام.
ولكن والدته تخبره أن عليه أن يتزوج وليس أن يغار من اخت أو اخ له!
وأما جيف فوالدته أنجبت فتاة شديدة الجمال، ومليئة بالحركة والعفوية، تعطي بهجة لجميع سكان المنزل. وهي الآن في عمر الاربع سنوات وحبيبة قلب جيف وتوماس!
وآدم كان سعيدا ممتنا لكل ما حوله ويشعر أنه يمتلك الدنيا والعالم بين يديه!
(الحكم النهائي)
نيكولاس؛
كانت مشاعره باردة وكأن منذ لحظة الحكم الجائر عليه قد فقد إحساسه بكل شيء، جلس في زنزانته يراجع حياته الماضية، لقد كان متهورا مندفعا، والآن فقط قد شعر بأهمية الحرية.
أخذ يكتب ما تشعر به روحه الحبيسة بين أضلاعه، شبه نفسه بالروح، فالروح لا تلقى حريتها إلا عندما تغادر هذا الجسد الطيني الفاني الذي تقوده غريزته.
فتح الحارس زنزانته وقال له أنها وقت الاستراحة، وضع دفتره تحت وسادته وخرج إلى المتنفس الوحيد الذي أصبح يملكه، قرر ألا يتذمر في حياته مجددا، لن يمضي حياته في التذمر، فما الذي استفاده من تذمره السابق سوى زوال نعم الرب منه.
دخل إلى الساحة فجاءه ذاك الشاب راكضا وهو يقول له: "أتعلم أمرا! لقد طلبت من مدير السجن أن أخرج اليوم في مجموعتك، رفض في البداية ولكنني أصريت على أن ألقاك"
نظر له نيكولاس بعدم فهم، ثم توقع أن يلقى منه تعاطفا، فلابد من إنه قد سمع ما حصل، ولكن عكس توقعات نيكولاس كلها كان الفتى يخبره أنه سيخرج غدا من مركز إعادة التأهيل!
وقال له أنه كان مدمنا منذ مدة طويلة، حتى الجميع اعتقدوا إنه لن يصمد، ولكنه تغلب على نفسه في النهاية والآن جسده خالي من المخدرات بنسبة مئة بالمئة.
"أنا اخبرك بهذا كي لا تيأس، أنا لدي سنة سجن كاملة سوف أقضيها في السجن ومن ثم سوف أخرج لأستأنف حياتي."
كانت كلماته مشجعة حقا، ولكن نيكولاس كان يرى أن وضعه مختلف، إلا إنه قرر عدم التفكير بهذا الآن، سيحاول أن ينسى كل شيء، ولكن نغزة الظلم في قلبه أبت أن تتركه في حاله.
مرت الأيام ونيكولاس ضاق صدره رغما عنه، كان قرر أنه لن يشفق ولا يرثى على نفسه، إلا إنه كان يذوق مرارة الظلم في فمه.
جاء يوم المحاكمة، كان يرتجف غصبا عنه، خصوصا عندما أدخلوه إلى قفص الاتهام، أمله الأخير اليوم وإن ضاع هذا الأمل!!
الوجوه كلها صفراء، والدته تبدوا وكأن الدماء قد جفت من عروقها!
يشعر أنه يكاد يغمى عليه، بدأ المحامي في المرافعة وسأله عدة أسئلة فأجاب غليها، لا يعلم إن لاحظ الجميع الرجفة في صوته أم لا، في الحقيقة لا يهمه، لم يعد شيء يهمه!
طالت كثيرا المحاكمة ويبدوا للأسف إن الأمر لا يسير لصالحه، بصماته على السكين دماء كلارك على قميصه، حتى ذاك الإسوار الذي طعن به ثقة السيدة العجوز شهد ضده.
تذكر العجوز ناردين وبحث عنها بعينيه ولكن لم يجدها، سألته والدته مرة عنها في إحدى زياراتها له بعد محكمة الاستئناف، أخبرته أنها رأته يلوح لها من قفص الاتهام ولكن عندما بحثت عنها بعدما انتهت المحاكمة لم تجدها.
ولكن ما سبب غيابها اليوم، ثم فجأة على صوت والدته في قاعة المحكمة وهي تصرخ وتقول: "إن ابني مظلوم، ابني ليس بقاتل أرجوكم"
هل فاته شيء ما الآن؟ ثم ضرب القاضي بمطرقته وقال: "الرجاء التزام الهدوء أو سوف أخلي القاعة قبل نطق الحكم"
غاص قلب نيكولاس فوضع يده على قلبه، انها لحظة نطق الحكم ولذلك والدته انفجرت اعصابها.
كان نيكولاس ينظر نحو صديقيه اللذان يجلسان في الصف الأول، ينظر لهما لكي يشدا من أزره لحظة نطق الحكم، حتى وإن كان ذلك بالنظرات.
ولكنه استغرب أن صديقيه منصب تركيزهما على الهاتف الذي بين يدي آدم، لدرجة أنهما لم يرفعا رأسيهما عنه ولو قليلا!
حسنا، فكر نيكولاس ربما في النهاية هو سوف يظل وحيدا، وسينساه الجميع مع مرور الوقت، عليه أن يعتاد الأمر من الآن.
انتبه إلى صوت القاضي وهو يقول: "حكمت المحكمة حضوريا على المتهم..."
ثم من زاوية عينه لاحظ حركة غريبة، إنهما جيف وآدم واقفان يشيران إلى القاضي! ماذا يفعلان هذان المجنونان، قال آدم: "سيدي القاضي أرجوك لا تنطق الحكم الآن!"
زفر القاضي بنفاذ صبر وقال: "هل اشتقت إلى السجن أيها الفتى وترغب في العودة إليه!"
تناقش كل من آدم وجيف قليلا مع القاضي الذي غضب كثيرا ونبه إنها المرة الأخيرة وإذا أحد آخر قام بأي شغب فسيخلي القاعة من الجميع لكي ينطق الحكم.
ولكنه طرد آدم وجيف خارج القاعة.
كانت نظراتهما اليّ نظرات اعتذار، ماذا؟ هل كانا يعتقدان أنهما سيوقفان الحكم بحركاتهم المجنونة.
بعد أن خرج جيف وآدم بدأ القاضي بنطق الحكم الذي سيسجن نيكولاس.
قال القاضي: "حكمت المحكمة حضوريا على..."
وهذه المرة فُتح باب القاعة فاشتد غضب القاضي وخصوصا عندما شاهد آدم وجيف يدخلان من الباب، فصرخ فيهما: "سأتأكد من رميكما بنفسي في السجن حتى تتأدبا"
ولكن صوت جاء من خلفهما يقول: "أرجوك سيدي القاضي استمع لنا، ربما سننقذ فتى بريء حقا"
كانت العجوز ناردين هي من دخلت من الباب وهي تعكز بعصاها لتمشي في المرر وورائها فتاة.
بدا الضيق ظاهرا على القاضي ثم قال: "يا سيدتي الفاضلة هذه محكمة حقيقية وليست مجرد عرض لمواقع التواصل الاجتماعي"
ابتسمت العجوز ناردين وهي تقول: "هذا الفتى الذي في القفص" وأشارت نحو نيكولاس.
-"في فترة اختفائه عاش عندي ي منزلي، كان الابن الذي لم ارزق به، لا يمكن لفتى مثله أن يكون قاتلا!"
ابتسمت فيفيان ابتسامة حزينة.
قال القاضي: "وهذا لا ينفي أيضا احتمال أن يكون مذنبا، فلا يوجد مجرم لم تكن له المرة أولى"
وهنا نظرت العجوز ناردين إلى الفتاة التي بجانبها وقالت: "هل لك أن تستجوبها!"
طلب القاضي من الفتاة أن تقترب، فجلست ناردين لأقرب كرسي غير مشغول، ولكن عندما حاولا آدم وجيف الجلوس طردهما القاضي ومنعهما من إكمال الجلسة.
ثم طلب القاضي من الفتاة أن تعرّف بنفسها ثم أن تتلوا القسم بأن تقول الحقيقة.
وبعد أن أكملت الفتاة القسم بدأت تحكي قصة علاقتها بالضحية.
هنا تذكر نيكولاس أين رآها، إنها الفتاة التي وجدها في شقة كلارك وفتحت له الباب، إنها متغيرة كثيرا، يذكر أنها كانت ترتدي السواد، وعيناها أيضا بهما كحل
اسود.
إلا إنها الآن مختلفة بدون تلك الملابس وذلك الكحل.
ثم بدأت تكشف الحقائق حول الحادثة، حيث إن كلارك كان صديقها، وكان يتاجر في المخدرات ولكن في الآونة الأخيرة أصبح عليه دين إلى التاجر الذي يشتري منه، وللأسف كان الدين يرتفع بالتدريج.
وعندما عجز عن الدفع قرر أن يقنع نيكولاس بأن يمهد له الطريق لكي يسرق منزل السيدة العجوز التي يقيم عندها، ولكن نيكولاس رفض رفضا قاطعا.
ازداد تهديد التاجر الكبير بأنه سيقتله إن لم يسدد دينه، ثم يبيع أعضاءه ليستفيد منه!
قالت الفتاة وهي تنظر نحو الفراغ وتتحدث وكأن المشهد أمامها: "جاء وقتله بدم بارد، أنا كنت خارجة من الحمام حيث كنت استحم، فرأيت ما حدث وصورته فيديو ثم هربت من باب الطوارئ!"
رقص قلب نيكولاس، وقال القاضي بلهفة: "وهل هذا الفيديو معك؟"
-أجل ها هو في هاتفي، ثم ناولته إلى القاضي بعد أن شغلته.
أخذ منها القاضي الهاتف وأعطاه إلى أحد الموظفين وطلب منه أن يشغله في شاشة العرض لكي يشاهدوه.
كان بداية الفيديو وكلارك يحاول أن يدفع يد الرجل التي تغرس السكين في قلبه، لم يكن ذاك الرجل نيكولاس بأي مقياس من المقاييس!
خصوصا والكاميرا أظهرت جزءا من وجهه.
نزلت دموع نيكولاس، نزلت دموع والدته ووالده، نزلت دموع جميع من في القاعة، باستثنائها هي العجوز ناردين التي كانت تنظر نحو نيكولاس براحة وسعادة.
طلب القاضي من الموظفين أن يتم تحليل الفيديو سريعا لمعرفة صدقه، اي إذا كان مزيفا أم لا!
وبعد لحظات من الانتظار أعلن القاضي أن الفيديو صحيح بنسبة مئة في المئة.
عم الهرج في المكان وطلب القاضي من الحراس إدخال آدم وجيف لسماع الحكم.
وما إن دخلا حتى نطق القاضي وقال: "حكمة المحكمة حضوريا ببراءة المتهم نيكولا......"
ولم يعد يسمع صوت القاضي بسبب صراخ الفرح والبكاء وغيره.
كان جيف وآدم يتقافزان فرحا حول العجوز ناردين، إلا إن القاضي قطع هذه اللحظات عندما طرق بمطرقة بقوة، فنظر الجميع ناحيته في ترقب، أجلى حنجرته وقال: "أنا أكره أن افسد عليكم فرحتكم، ولكن الحكم لم ينتهي بعد"
نظر له الجميع في ترقب
"ولكن سيتعين على نيكولاس قضاء ثلاثة أشهر من أجل العلاج في نفس المركز الذي يتعالج في حاليا".
شعر الجميع بفرحة غامرة وأخيرا إنزاح هذا الهم الكبير الذي كان يشغلهم، وأخيرا ظهرت براءة نيكولاس.
تجمع الجميع حول قفص الاتهام يهنئونه بسعادة كبيرة، ما عداها هي السيدة ناردين كانت تقف بعدا وتلوح له بيدها، فهي لا تستطيع أن تزاحم بقدميها الضعيفتين وعصاتها!
ولكن هي الآن تشعر براحة كبيرة تغمرها، وأخيرا سترقد ابنتها بسلام، فعلت كل هذا في البداية من أجل راحة روح ابنتها وراحتها هي الشخصية.
أما الآن فقد أدركت أنها فعلت كل هذا من أجله هو نيكولاس، الذي أدخل الفرحة والسرور إلى قلبها.
قامت من أجله بالذهاب إلى ذاك الحي المقفر والمخيف، والتقت بهذه الفتاة، ولكنها تخلت عن الأمر في آخر لحظة ولم تشأ أن تشهد لتبرأ نيكولا، كانت تخشى أن تدخل هي السجن بدلا منه!
ولكن في الإسبوعان اللذان بعد جلسة الإستدعاء، زار كل من جيف وآدم العجوز ناردين، وذلك تحت توصية من نيكولا.
فقامت هي بإخبارهم بأمر الفتاة وما حدث معها، فأخبرها جيف يمكن عليها أن تقدم لها عرضا أفضل، من الناحية المادية، رأخبرها جيف أنه يستطيع المساعدوة.
ذهبت العجوز ناردين مجددا إلى منزل الفتاة وعرضت عليها أن تتكفل بها، ستمولها لتستطيع إكمال دراستها وأيضا يتدخلها إلى أفضل مركز لمعالجة وإعادة تأهيل مدمنين المخدرات، فقد كانت الفتاة أيضا مدمنة مخدرات.
وها هي الآن ناردين؛ قد حققت ما طمحت به منذ مدة، لوحت لنيكولاس من بعيد وخرجت متجهة إلى منزلها، هي تعلم أن نيكولاس سيأتي لزيارتها ما أن يخرج من السجن.
--
إنتهت المحكمة كما يتمناها الجميع بسعادة وعدل، وعاد كل شخص إلى منزله.
كان جيف جالس يلعب في لعبة على الانترنت وكان معه آدم، يبدوا أنها لعبة أون لاين.
ثم تحدثا مطولا حول ما سيفاجئ نيكولاس اثناء خروجه.
اقفل جيف اللعبة وخرج إلى المطبخ، كان باب المطبخ الخلفي يقود إلى الحديقة الخلفية حيث حوض السباحة.
فرأى والده جالس وحيدا ويبدوا شارد الذهن.
توجه إليه وقال مباشرة: "لم لا تذهب إليها وتعتذر، هي تحبك وستسامحك!"
نظر له والده: "هل تعتقد ذلك؟"
قال جيف بإبتسامة ماكرة: "لن تعرف أبدا ما لم تجرب!"
وقفز توماس من مكانه وتوجه نحو غرفة المعيشة حيث تجلس كلوديا تشاهد فلما.
قال جيف وهو يهز رأسه يمنى ويسرى: "المراهقون!!"
كانت كلوديا متلحفة بلحاف خفيف ومنسجمة مع الفلم، فجلس توماس فجأة بجانبها ملتصقا لها ويتلحف نفس لحافها.
تفاجأة وإبتعدت عنه، فزاد اقترب منها، ابتعدت اكثر حتى وصلت إلى حافة الكنبة، فوقفت متذمرة وقالت: "أووف، ماذا تريد؟"
-"انتِ"
ضحكت عليه باستهزاء وقالت: "صدقتك"
أمسك ذقنها وأدارها إليه وقال: "ماذا تقصدين يا جميلتي"
قالت مرتبكة: "لا تنظر لي بهذه الطريقة ؟"
إزداد قربا وقال: "اي طريقة"
دفعته بكل قوتها فنهرها وقال: "انتبهي فستؤذين نفسك"
قالت بغضب: "أنت منافق وكاذب، لقد رأيتك معها!"
ولكن توماس لم يفهمها على ماذا كانت تتحدث فقال: "رأيتني معها!! من؟ أنا لا أفهمك؟"
أخرجت هاتفها وفتحت الصورة التي كانت قد خزنتها في جهازها وأرتها له وقالت بشبه بكاء: "كنت أنتظر عودتك وأنا لا أعلم لم رحلت وتركتني وأنا في أمس حاجتي إليك"
مسحت دمعة هاربة وأكملت: "لأتفاجئ كم أنا غبية وإنك تستمتع بوقتك وأنا التي أتعذب"
"إنها طبيبتي" قال توماس مبتسما.
"ماذا؟" قالت كلوديا غير مصدقة قوله.
"كما اخبرتك إنها طبيبتي النفسية ولقد تحسنت حقا على علاجها، ألا تلاحظين هذا" قال عبارته بجدية تامة.
فأحست أنها تصدقه فقالت: "لما لم تخبرني قبلا إذا!؟"
اختلطت على كلوديا مشاعر الغضب من زوجها ومشاعر الحب والهرمونات فبدأت تبكي، طاف حولها جيف وتوماس سعيدان أنهم وأخيرا سيعيشون حياة مرتاحة وسعيدة.
--
بعد مرور ثلاثة أشهر جاء موعد إطلاق سراح نيكولا، كان والداه متحمسان وأصدقائه ولا يطيقون صبرا لملاقاة نيكولاس الجديد، الذي فور أن خرج من باب المركز استقبلوه بالاحضان والصياح والفرح.
كان هناك حفل استقبال كبير تقيمة عائلة نيكولاس، استدعوا فيه كل احبابهم ومن يهتمون بنيكولاس لحضوره، ومن ضمن المعازيم كانت العجوز ناردين!
حتى آدم أجل رحلته إلى تركيا من أجل أن يطمئن على صديقه أولا ويحتفل معه.
ومن ضمن الاحتفال كان احتفال بتخرج جيف وآدم من الثانوية، أما نيكولاس فسوف يعيد السنة لأن الإمتحانات قد ضاعوا عليه وأيضا لم يحضر معظم العالم!
جلست العجوز ناردين في كرسي في الحديقة، الضوضات كثيرة ورأسها بدأ يؤلمها، ولكن ما إن جلست حتى إلتف حولها ثلاثتهم بطلبون منها النصيحة، ففضلت أن تقدمها لهم بنفسها أفضل من يقدمها لهم غبي ما ويقعون في تكرار أخطائهم....
بعد الحفل بيومين سافر آدم إلى تركيا حيث كان خاله ميكائيل في استقباله!
قضى آدم أيام رائعة للغاية بصحبة خاله نسي بها كل الأيام البائسة التي عاشها منذ مدة قصيرة.
أيام تعلم خلالها أكثر ما تعلمه طيلة السنوات السبعة عشر التي عاشها.
أصبح أنضج ويحكم عقله في الحكم على الأمور ولا يتهور أبدا، ودائما ما يعطي أعذارا للناس.
عاد آدم إلى أمريكا مع بداية العام الدراسي، وكان قد سجل في جامعة.
اجتهد وركز في طريق نجاحه، وأبعد عنه كل ما قد يحبطه.
وبعد خمس سنوات كان كل من جيف وآدم قد أصبحا مهندسان، وأما نيكولاس فهو في السنة الأخيرة في الجامعة.
حقق كل واحد فيهم طموحه وأحلامه، وكانت علاقة صداقتهم مميزة جدا.
كانت والدة نيكولاس حامل وستلد قريبا، وكان نيكولاس يشعر بالغيرة من الطفل الجديد، فقد كان دائما مركز الاهتمام.
ولكن والدته تخبره أن عليه أن يتزوج وليس أن يغار من اخت أو اخ له!
وأما جيف فوالدته أنجبت فتاة شديدة الجمال، ومليئة بالحركة والعفوية، تعطي بهجة لجميع سكان المنزل. وهي الآن في عمر الاربع سنوات وحبيبة قلب جيف وتوماس!
وآدم كان سعيدا ممتنا لكل ما حوله ويشعر أنه يمتلك الدنيا والعالم بين يديه!