الفصل الرابع

في الصباح
استيقظت راسيل مبكرا ونظرت إليه وجدته ينام بعمق ويحاوط خصرها بذراعه يقربها إليه حتى ظنت أنها سكنت داخل أضلاعه أبعدت راسيل ذراعه بهدوء ونهضت من على الفراش واتجهت إلي المرحاض حتى تنعم بحمام بارد وبعد فترة خرجت من المرحاض وهي ترتدي منامة باللون الأزرق الفاتح كلون السماء وتجفف خصلات شعرها ثم ذهبت إلى الشرفة ووقفت ونظرت الى القصر من الخارج حقا كان كلوحة فنية أغمضت راسيل عينيها تشعر بالهواء المحمل برائحة الزهور يلفح وجهها برقة ونعومة وقفز في ذهنها ما حدثها بينها وبين أدم في ذلك المطعم وما رأته من ترحيب حار من مالك المطعم لزوجها الذي يتابع ترحيب الرجل ببرود وكأنه لا يحدثه وقد حجز لهم المطعم بأكمله فقد كان المكان فارغا من الطاولات ومن الأشخاص لا يوجد سوى طاولة واحدة ومقعدين ومن إشارة واحدة من أصابعه اختفى الجميع من حولهم
راسيل بعدم فهم: لما نحن هنا
أدم ببرود: يجب أن يُلتقط لنا بعض الصور في أوضاع رومانسية حتي يصدق العالم انك زوجتي وليس شيئا آخر
راسيل بضيق: شيئا آخر كعشيقتك مثلا
أدم ببرود: بل سيعتقدون انكِ فتاة قضيت معها ليلة عابرة مقابل حفنة من المال
راسيل بإشمئزاز وهمس: حقير
أدم ببرود: لا تتحدثي بصوت منخفض لا يوجد غيرنا لا تخجلي من شئ
راسيل بغضب: إذا كنت أخجل من شئ فهو من مرافقتك سيد آدم
أدم ببرود: تخجلين من مرافقتي! غيرك تتمني نظرة مني يا فتاة وانت تخجلين مني عار عليكِ
راسيل بجدية: انا لست مثل غيري انا راسيل ولا أشبه أحد وهؤلاء النساء الذين يركضون خلفك ويحاولون التودد إليك هذا فقط من أجل أموالك وسلطاتك
أدم ببرود: وأنتِ ألم تقبلين الزواج بي لهذا السبب
راسيل بجدية: لست فقيرة حتي أتطلع إلي أموالك وانا لست بحاجة لتلك النفوذ والسلطة يكفيني أن أصل لكل شئ بتعبي حتى أصدق نجاحي ويصدقه من حولي
نظر لها أدم بعد اهتمام ظاهري وهو يفكر في حديثها بسخرية قائلا بداخله: هل تظنين أنني سأصدق ما تتفوهين به الآن فإنتِ تشبهين والدك الحقير ووالدتك المادية
عم الصمت بين الاثنين لدقائق حتى أتي النادل يخبر أدم بمجئ المصور الذي سيلتقط لهم العديد من الصور
أدم ببرود: حسنا أدخله
أومأ له الحارس وغادر وما هي إلي ثواني حتي عاد ومعه شاب وسيم ولكن ليس بوسامة ذلك المغرور ويدعي إدوارد
إدوارد بإبتسامة: مرحبا بك سيد أدم
أدم ببرود دون النظر إليه: بالتأكيد انت تعلم لما انت هنا
أومأ له إدوارد بحرج من تجاهله له فقال أدم ببرود: حسنا دعنا ننتهي
أخرج إدوارد الكاميرا الخاصة بالتصوير وبدأ يشرح لهم وضعيات التصوير وبعد فترة ما أدم مما يحدث وقال بحنق: متي ستنتهي لقد مللت
إدوارد بجدية: سيد أدم أعتذر منك ولكن تلك الصور التي أُلتقطت ليس كما تحتاج أنت
أدم ببرود: إذا ستقطع رأسك إذا كانت الصور سيئة
نظرت له راسيل بغضب من حديثه الجاف ولم تعلق أما إدوارد ضحك بخفوت وقال: لذلك انا أخبرك يجب أن تكون أكثر رومانسية
نظر له أدم ببرود ولم يعلق علي حديثه فقال إدوارد بهدوء: اقترب أكثر منها سيد أدم هي زوجتك ولكن لا يجب أن يكون الإقتراب بالجسد فقط انظر إلي عينيها وابتسم كن رومانسيا سيدي أرجوك لا أريد الموت لدي زوجة وطفلين
ختم إدوارد حديثه بنبرة مترجية مضحكة جعلت راسيل تضحك من قلبها علي ملامحه فهو يبدو كالطفل الصغير الذي يترجي والدته بأن تتركه يمرح قليلا مع أصدقائه
نظر لها أدم والي ضحكتها التي صدعت في المكان بأكمله ولأول مرة يري تلك الضحكة الرائعة ويري هاتين الحفرتين الذين احتلوا وجنتيها بشكل رائع ومحبب إلي قلبه ونظرت له راسيل وهي تضحك فبدأ إدوارد في إلتقاط تلك اللحظات العفوية دون انتباه الاثنين أما راسيل فلاحظت نظرات أدم لها فنظرت له بتأمل ولأول مرة تنتبه للون عينيه المزيج ما بين اللون الأزرق والبني رغم أنها هاتين العينين تنظر للجميع ببرود ولكن تلك النظرة التي ينظر هو بها مختلفة هل ينظر لها بهيام؟!
تفاجأت راسيل من تلك النظرة ولكنها هي أيضا شردت بملامحه الرجولية الحادة
راسيل بإبتسامة جميلة: عينيك بها مزيج رائع
أدم بهمس سمعته: وهل أعجبك ذلك المزيج
راسيل بشرود ونظرة إعجاب: كثيرا أدم
صمت الاثنين وتركوا الحديث لأعينهم وكل ذلك يصوره إدوارد وبعدما تنتهي تركهم ورحل وبعد ساعة من رحيله احتلت تلك الصور جميع المنصات ووسائل التواصل الاجتماعي وبدأت الصحافة والإعلام يتحدثون عن رجل الأعمال الوسيم وزوجته الفاتنة
فاقت راسيل من شرودها فيما حدث ليلة أمس عندما شعرت به يحاوط خصرها ويستند بفكه على رأسها فهو يفوقها طولا وحجما
وعم الصمت المكان حتي تحدثت راسيل
راسيل بهدوء: أريد رؤية جدتي لقد اشتاقت لها اريد الذهاب الي منزل والدي
أدم ببرود: لن تذهبين
إلتفت له راسيل وقالت بغضب: لن تمنعني أدم أريد رؤية جدتي وأيضا يجب أن أقدم أوراقي في الجامعة وجميع الأوراق التي أحتاجها بالمنزل يجب أن أذهب إلى منزلي
أدم ببرود: أي جامعة
راسيل بجدية: لقد أتممت المرحلة الثانوية وحصلت علي تقديرات عالية تمكني من الدخول الى كلية الهندسة ويجب أن أقدم الملف الخاص بي
أدم ببرود: لا توجد جامعة لن تذهبين
راسيل بجدية وهي تضم ذراعيها إلي صدرها: لماذا
أدم ببرود: أنا لن أسمح بذلك
راسيل بغضب: اسمعني جيدا أيها المغرور اللعين لقد سئمت من برودك الذي ينافس برودة الثلج سوف أذهب إلي الجامعة فهذا حلمي ولن تمنعني فهمت لن أجعلك تتحكم في حياتي كيفما تشاء انا لا أحب ذلك
أدم ببرود: لا يهمني ان كنت تحبين ذلك أم لا
راسيل بتحدي: حسنا أدم سنري سوف أذهب إلي الجامعة رغما عن أنفك
أنهت راسيل حديثها وتركته ورحلت من الجناح بأكمله تود الإبتعاد عن ذلك المغرور وهي تسير غاضبة اصطدمت في شقيقتها التي نظرت لها بفرحة وكادت أن تتحدث ولكن قاطعتها راسيل عندما ألقت نفسها بداخل أحضانها وهي تبكي بعنف
عانقتها روزي بقلق وهي تمسد علي خصلاتها بحنان بالغ
روزي بقلق: ما بكِ راسيل ماذا حدث
قصت لها راسيل كل ما حدث وهي تبكي بقوة فهو يمنعها عن حلمها التي ظلت تجتهد طوال سنوات دراستها فقط من أجل تحقيق ذلك الحلم وهو الالتحاق بكلية الهندسة
روزي بحنان: راسيل لماذا أدم يفعل معك ذلك
كادت أن تتحدث راسيل وتقول لها ما قاله أدم ولكنها فضلت الصمت ولم تتحدث وقالت بصوت أجش: لا أعلم روزي
روزي بهدوء: حسنا حبيبتي اهدأي الان فأنتِ لازلتي متعبة
اومأت لها راسيل واخذتها روزي واتجهت إلى الحديقة الخاصة بالقصر وجلسوا علي الأرجوحة وأسندت راسيل رأسها علي كتف شقيقتها
راسيل بهدوء: كيف حالك مع آرثر
وعلى ذكر اسمه ابتسمت روزي باتساع قائلة: آرثر حنون للغاية راسيل حقا هو شخص رائع
ابتعدت راسيل عن شقيقتها ونظرت لها بخبث قائلة: ماذا هل احببتي ذلك الوسيم حقا
روزي بابتسامة: ليس بعد ولكنني معجبة به ليس إعجاب فتاة لمطربها المفضل بل إعجاب فتاة برجل حنون ورائع هو لا يشبه أحد حقا
راسيل بخجل: روزي أنا لم أقصد ذلك ولكن ماذا عن أقصد قدميه
قاطعتها روزي قائلة بحنان: لست منزعجة من ذلك أبدا راسيل يكفي حنانه الذي يغمرني به كل دقيقة
راسيل بفضول: ألم تعلمي ماذا حدث له
روزي بهدوء: لا لم أعلم ولا أريد أن أذكره
راسيل بفخر: هذه هي صغيرتي روزي
روزي بحنق وتذمر طفولي: لست صغيرة راسيل أنت فقط تكبريني بعام واحد فقط
قالت راسيل بإبتسامة جميلة وهي تداعب وجنتيها بمرح: بل انتي صغيرتي المدللة روزي الحبيبة
أنهت راسيل حديثها وضحكت الفتاتين وعانقوا بعضهم بحب وحنان أخوي ليس له مثيل وهناك أعين تتابعهم ببرود شديد وقاطع تأمله لهم صوت أخيه
أرثر بهدوء: تعجبك ابتسامتها أليس كذلك
أدم ببرود: لا
آرثر بهدوء ويأس منه: لقد أتي المجنون هاري
وقبل أن يتحدث أدم وجد من يفتح باب مكتبه دون الطرق قائلا بمرح: مرحبا يا رفاق أعلم انكم اشتقتوا لي
أدم بملل: لم أشتاق لهذا وجه أبدا
هاري بعدم إهتمام: حسنا انت بارد لعين لا بأس بك مرحبا عزيزي آرثر
آرثر بإبتسامة: مرحبا هاري كيف حالك
تحدث هاري بحزن: لست بخير يا صديقي
آرثر باهتمام: ماذا حدث
هاري بحزن وجدية: لقد انفصلت انا وحبيبتي
آرثر بحزن لأجل صديقه: لا تحزن هاري ستجد فتاة غيرها وستكون تلك الفتاة مخلصة لك لا تحزن منذ متى وانت تحب تلك الفتاة هاري
هاري بحزن: منذ نصف ساعة تقريبا
كاد أن يتحدث آرثر ولكنه صمت عندما استوعب ما يقوله ذلك الرجل وقال آرثر بصدمة: حقا هاري هل تمزح معي يا لعين
هاري بضحك: لا تصدم يا عزيزي لقد تعرفت على فتاة منذ نصف ساعة تقريبا وأعجبت بها وكادت أن تتطور علاقتنا ولكننا افترقنا
آرثر بغضب: ماذا فعلت للفتاة يا حقير
هاري بجدية: لن أفعل لها شئ لقد طلبت منها أن تأتي إلي منزلي لكي تري والدتي وفجأة أتت تلك السكرتيرة اللعينة إستيلا وتحدثت أمام الفتاة بأن والدتي توفيت منذ ولادتي حتى انا لم أراها وفجأة صدمت بصفعة قوية من تلك الفتاة وتركتني ورحلت بسبب تلك الغبية إستيلا
أنهي حديثه بغضب من تلك الفتاة التي تفسد عليه جميع علاقته النسائية أما آرثر فنظر له بهدوء ثم صفعه بغيظ وغضب من أفعاله الصبيانية
آرثر بغضب: ماذا أفعل بكما سأموت بسبب أفعالكم وانت ستكف عم تفعله في تلك الفتاة الصغيرة أدم هي ليست مثل هؤلاء النساء اللواتي يركضون خلفك كالكلاب فهمت وانت يا لعين ستكف عن تلك الأفعال وتعود إلي الشركة ويكفي سفر ومعرفة فتيات لن يضيفون لحياتك أي شئ فهمت
أنهي آرثر حديثه بغضب منهم وتحرك بمقعده وتركهم ورحل من الغرفة متجها حيث تجلس الفتيات
نظر هاري وأدم إلي أثره ببرود شديد ولم يتحدث أي منهم حتى قال هاري بهدوء: من الفتاة التي يتحدث عنها آرثر هي نفسها تلك الفتاة التي كانت معك بالصور أليس كذلك
أومأ له أدم بهدوء فقال هاري: هل يعلم بما فعله والد الفتيات
أدم ببرود: يعلم كل شئ ولكنه لا يريد أذيتهم فهو يحب تلك الفتاة التي تزوجها
هاري بهدوء: انا أفكر مثل آرثر أدم هم مجرد فتيات صغيرات لا يعلمون ماذا فعل والدهم اللعين لا ذنب لهم فيما حدث في الماضي
أدم ببرود: ذنبهم أنهم فتيات ذلك الحقير وسيعاقبون علي ما فعله والدهم فهو يعشقهم كثيرا
هاري بهدوء: فكر جيدا أدم تعرف أنني معك في أي شئ سواء خطأ أو صواب ولكن يجب أن تفكر جيدا حتي لا تندم فيما بعد صديقي
أدم ببرود: سأندم على ماذا؟
هاري بإبتسامة: انت لم ترى نظراتك لتلك الفتاة في الصور انت معجب بتلك الفتاة وأعتقد أن ذلك الإعجاب سيتحول إلي عشق وقريبا جدا
أنهي هاري حديثه ورحل من المكتب وترك أدم غارقا في أفكاره وصراعه الدائم الذي لا ينتهي
وبعد مرور ثلاثة أشهر على ذلك الزواج
لم يكف فيهم أدم عن معاملة راسيل بشكل سئ ومهين وخاصة أمام الجميع وحتي الخدم وكل يوم تزيد معاملته الجافة والسيئة معها حتي أنها تحدته مرة أخري في أمر الجامعة وفي تلك المرة لم يصمت بل انهال عليها بالضرب المبرح وكلما تذكر شكل والدته يزيد من ضربها وكأن من أمامه ليست راسيل بل أبيها اللعين ولم تكن تلك المرة فقط بل مرات عديدة ينهال عليها بالضرب المبرح حتي تفقد وعيها بين يديه
أما أرثر وروزي فهم يقضون حياتهم في هدوء وسلام ولم يكف آرثر عن التعبير عن عشقه لها حتي بدأت تعشقه روزي ولم تعد تتخيل حياتها من غيره
أما هاري فلن يفعل شئ في حياته فقط يصطحب النساء في الليل ويذهب إلي العمل بالشركة في النهار
أما عائلة راسيل فمنهم المهتم والذي يكاد يجن من أجلهم وهي جدتهم ووالدهم ومنهم الغير مبالي بشئ مثل والدتهم
أما لويزا ولوسي لم يفعلوا شئ مما خططوا له حتى الآن
في مساء إحدي الليالي المطيرة
كان يجلس الجميع في بهو القصر ما عدا أدم وهم يتحدثون في أمور عديدة يحاولون إخراج راسيل من حالة الحزن والاكتئاب التي أصابتها بسبب ما يفعله بها أدم وقاطع حديثهم دلوف أدم إلي القصر وبجانبه فتاة جميلة للغاية ويمسك بكفها بين يديه
آرثر بعدم فهم: من تلك الفتاة أدم
أدم بخبث: أنيتا زوجتي الثانية
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي