الفصل الثاني

أدم برفعة حاجب: ما بكما لما تنظران هكذا
لم تستمع الفتاتان إلي حديث آدم هم فقط ينظرون بصدمة كبيرة إلي ذلك الذي يجلس أمامهم وينظر لهم بحزن شديد لم تستطع عينيه إخفاؤه وفجأة فزع أدم وأرثر من صراخ الفتاتان فنظروا لهن بتعجب وعدم فهم وابتعد عنهن أدم ووقف بجانب أخيه بعدم فهم أما الفتاتان فكانوا يصرخون ويضحكون بجنون ثواني وركضت الفتاتان إلي أرثر وعانقوه بقوة كبيرة حتي ارتد كرسيه إلى الخلف بعنف من هجومهم المفاجئ وهو لم يفهم شئ من ذلك الجنان الذي يحدث أمامه
روزي بسعادة بالغة: كيف لم أتوقع ذلك فأنا حمقاء كبيرة ولكن لا بأس سوف أعوض ذلك الآن
أنهت حديثها وهي تعانقه أكثر أما راسيل فابتعدت عنه ونظرت له وهي تبتسم بإتساع وقالت بسعادة بالغة: هل تسمح لي بصورة أيها الوسيم
ابتعدت روزي عنه ووقفت أمامه قائلة بعيون الهرة التي جعلت آرثر هائما بها: وأنا أيضا أريد صورة هل تسمح لي
انتفضت الفتاتان على صراخ أدم الغضب عليهم
أدم بغضب: ماذا يحدث هنا؟
راسيل بسعادة: أنه هو آرثر كارتر المغني الشهير فهو من أشهر المغنيين في العالم بأكمله واوسم رجل أيضا
قالت راسيل حديثها وهي لم تنتبه أنه شقيق زوجها ولا زوج شقيقتها بل كانت تتحدث عنه كما كانت تفعل من قبل فهي وشقيقتها مهووسين به وبأغانيه وألحانه الرائعة التي تمس قلوبهن وخاصة روزي فغرفتها الوردية تحتوي على الكثير من صوره ولكنهم لا يعلمون أنه شقيق أدم أبدا فهن لم ينتبهون إلى اسم عائلتهم
أدم بغضب: انتن حقا حمقاوات ألا تعلمي أنه زوجك؟
أنهي أدم حديثه وهو ينظر إلي روزي بغضب فنظرت له روزي بخوف وانكمشت على نفسها واختبأت خلف شقيقتها خوفا منه
راسيل بغضب: لا تتحدث إليها هكذا أيها المغرور نحن لم نهتم لك ولا لإسم عائلتك نحن نهتم فقط بهذا المشهور الوسيم
أنهت راسيل حديثها بإبتسامة بلهاء وهي ترمق أرثر والي هنا ولم يستطع آرثر كبت ضحكاته علي تلك الفتاة وتمني بداخله أن تبقي علي قيد الحياة ثم تحرك بمقعده بإتجاه تلك الصغيرة التي تختبئ خلف شقيقتها وأمسك كفها الصغير بحنان وابتسامة جميلة عاشقة تزين ثغره ورفع كفها الي شفتيها وطبع عليه قبلة حنونة ورقيقة قائلا بحنان: هل تسمح لي روزي الجميلة بالتقاط صورة معها للذكري
لم تجبه روزي بل كانت هائمة به وبنبرته الحنونة التي جعلت قشعريرة تسري في سائر جسدها فهذه أول مرة يحدثها رجل بذلك اللطف والحنان وليس أي رجل بل مُطربها المفضل التي تعشقه وتملأ غرفتها بصوره وعندما سمعت بقرار اعتزاله ظلت تبكي وكأن أحد أقاربها توفي فاقت روزي من شرودها على وكزه من شقيقتها تحثها على الحديث
روزي بخجل: أعتذر علي اندفاعي بتلك الطريقة لم أقصد ذلك
آرثر بحنان وهو يربت علي كفها الصغير: لا بأس يا صغيرة فأنتِ زوجتي وأنا لا أمانع ذلك
أنهي حديثه بابتسامة رائعة أذابت قلبها بين ضلوعي وابتسامة بلهاء رُسمت علي شفتيها الوردية الصغيرة كحبات الكرز الأحمر
أدم ببرود: آرثر اتجه انت وزوجتك إلي غرفتك فقد حان موعد دوائك
آرثر باستغراب: ألن نتناول العشاء سويا؟
أدم بخبث وهو ينظر إلي راسيل: لا أخي فعشائي الليلة مختلف وانا لا أحب مشاركته مع أحد
أنهي أدم حديثه واقترب من راسيل وأمسك كفها وأخذها وصعد إلي جناحه ببرود دون أن يهتم لهم ولا لنظراتهم
روزي بخوف: آرثر هل أخيك سوف يؤذي راسيل
آرثر بحنان: لا أعتقد ذلك فهي الأن زوجته وليست عدو له
اومأت له روزي بهدوء ونظرت الى الأسفل بخجل من نظراته التي تشعر وكأنها تلمس قلبها الصغير وتدوي أوجاعه التي شعر بها منذ أن علمت بأمر زواجها منه أما آرثر فكان هائما بها وبملامحها الجميلة التي سحرته منذ أول مرة رآها بها
آرثر بحنان: هل تسمحي لي أيتها الجميلة بتناول العشاء سويا
ابتسمت روزي بخجل وتوردت وجنتيها وأومأت له ثم اتجهت خلفه تقود مقعده نحو غرفة الطعام التي أشارت إليها إحدى الخادمات وقفت بمقعده أمام الطاولة وجلست بجانبه وبدأ الخدم في سكب الطعام لهم وبعد فترة انتهوا من عملهم وعادوا بهدوء إلي المطبخ وبدأت روزي تطعم آرثر بخجل في البداية ولكن بعد ذلك تناست خجلها وظلت تطعمه وهي تتحدث معه في مواضيع كثيرة مختلفة تحاول معرفته أكثر أما هو فصدم فالبداية من فعلتها ولكنه ابتسم بحنان وشاركها حديثها الودي وظل الاثنين يتحدثان لفترة طويلة يحاولان التقرب من بعضهم ومعرفة كلا منهم الآخر أكثر

فتح أدم باب الجناح ودلف إليه وهو يسحبها خلفه وهي تسير معه بضيق وتذمر توقف أدم في منتصف غرفته واستدار لها ونظر لها بخبث شديد وسحبها من خصرها له حتي اصطدمت في صدره العريض
أدم بخبث: مرحبا بكِ في جناحي سيدة راسيل
نظرت راسيل حولها إلي ذلك الجناح الواسع والكبير والذي يحتوي على أثاث عصري رائع حقا كل شئ في ذلك الجناح مميز وفخم ولكن كل شئ باللون الأسود وهي تمقت ذلك اللون ولا تحبه أبدا
راسيل بضيق: ما هذا المكان السئ
أدم باستغراب: ماذا ألم تحبي جناحي؟
راسيل بضيق: لم أحبه فهو مكان سئ مليئ باللون الأسود المقيت
أدم ببرود: انتِ حمقاء يا فتاة
راسيل بضيق: بل أنتِ الأحمق انظر إلي كل شئ هنا فهو باللون الأسود حتى الثياب والقمصان والأحذية وطلاء الجدران والفراش كل شئ هنا باللون الأسود هذا كفيل بجعلك تعاني من إكتئاب حاد
أدم ببرود: لا يهمني رأيك أبدا هيا أبدلي ملابسك وإرتدي هذا
أنهي أدم حديثه وهو يلقي في وجهها ثوب لا عذرا بل بقايا قماش فهذا ليس ثوبا كامل
راسيل برفعة حاجب: من سيرتدي هذه البقايا
أدم بخبث: لا توجد فتاة غيرك في الغرفة
راسيل بضيق: لن أرتدي تلك البقايا هي لا تستر شئ
أدم بغمزة ووقاحة: وهذا هو المطلوب
ضيقت راسيل عينيها ونظرت له بضيق قائلة: لماذا تزوجتني
أدم ببرود: رأيتك في إحدى الحفلات ذات مرة أجبني جسدك فأردت أن أتزوجك هذا كل شئ
نظرت له راسيل بذهول من إجابته الصريحة والوقحة وهربت منها الكلمات لا تعرف ما ستقوله لذلك الوقح
راسيل بذهول وغضب: ألا يكفي أنك مغرور بل ووقح أيضا هل تمزح يا سيد هذا زواج بين اثنين يقسمون علي مشاركة الحياة سويا والعيش معا في السراء والضراء وليس ما تقوله يا حقير
نظر لها أدم ببرود شديد ثواني وتفاجأت به يصفعها بقوة ويجذب خصلات شعرها بعنف حتى كادت تقتلع بين يديه
أدم بهمس غاضب: أنتِ هنا من أجل إسعادي ليس أكثر تفعلي ما أقوله لكِ ولا تخالفي أوامري وإياكِ أن تطاولي علي مرة أخري يا حقيرة وإذا فعلتِ ذلك مرة أخري أقسم أن أذيقك عذاب يجعلك تتمنين الموت في كل دقيقة فهمتي يا زوجتي
أنهى حديثه بسخرية لاذعة ثم دفعها بعيدا عنه بقوة حتى اختل توازنها وسقطت على الأرض بقوة ووضعت يدها علي خصلات شعرها وهي تبكي بعنف من شدة وجع خصلاتها
أدم بغضب: هيا انهضي وارتدي ذلك الثوب حتى لا أحول حياتك إلي جحيم
رعشة قوية أصابت جسدها ولم تشعر سوي وهو يجذبها مرة أخري من خصلات شعرها ودفعها إلي المرحاض وهو يتوعد لها إذا تأخرت حاولت كثيرا مقاومة ذلك الارتجاف حتي أبدلت ملابسها وخرجت من المرحاض بخطوات متوترة خائفة

في صباح اليوم التالي
في فيلا والد الفتيات
كانت الجدة تجلس نصف جلسة علي فراشها وبين يديها ألبوم الصور الخاص بالعائلة كانت تنظر إلي صور راسيل وروزي وهم صغار وتبتسم بسعادة بالغة عندما تتذكر مواقف تلك الصور ذكريات رائعة لا تُنسي أبدا ورغم أنه لم يمر سوي الليل فقط علي رحيل الفتيات إلا أنها اشتاقت لهم ولمشاغباتهم الصباحية وفي كل الأوقات زادت ابتسامة الجدة اتساع وهي تتذكر مواقف أكثر وقاطع سيل الذكريات الذي داهم عقلها دلوف ابنها إلي الغرفة نظرت له بهدوء شديد ولم تتحدث فهي غاضبة منه بعدما وافق علي زواج الفتيات بهذا الشكل
جيمس بحزن: أمي
تنهدت الجدة بهدوء قائلة: أدخل جيمس أجلس هنا بجانبي
جلس جيمس بجانبها ونظر لها بخزي وندم يحاول فتح فمه والتفوه بأي شيء يجعلها تصفح عنه ولكن عجز لسانه عن التفوه بأي شئ فهو غاضب من نفسه وظل طوال الليل يؤنب نفسه على ما فعله بفتياته، نظرت له الجدة بحزن واشفقت على حاله فهي تعرف أنه لم ينم طوال الليل وسمعت بكاؤه في مكتبه وكأنه طفل صغير يبكي علي لعبته المفضلة التي فقدها جذبته والدته إلي أحضانها وهنا كان الضوء الأخضر الذي سمح لجيمس بالبكاء كالأطفال كان يبكي ويؤنب نفسه على ما فعله، مسدت الجدة على شعره بحنان وظلت تهمس له ببعض الكلمات لعلها تنجح في تهدأته ولكن ما يحدث كان العكس تماما فقد كان يبكي أكثر بحزن وندم
الجدة بحزن: لا تبكي يا بني وأخبرني لما البكاء ألم توافق أنت على ذلك الزواج ما الذي حدث
جيمس ببكاء: أبكي على ما سيحدث لإبنتاي أمي أبكي على ما فعلته بهن بسبب ضعفي وغبائي
الجدة بقلق على الفتيات: ماذا حدث جيمس تحدث بني
جيمس ببكاء: منذ فترة طويلة عُرضت علىَ إحدى الصفقات ووضعت بها جميع أموالي حتي أنني رهنت البيت والشركة وكل ما أملك وخسرت تلك الصفقة وكنت سوف أدلف إلي السجن بسبب الديون التي تراكمت عليَ ولكن تدخل أدم كارتر وحل الأمر وبعد فترة طلب أدم مني راسيل ولكن لم يطلبها كزوجة له طلبها بشكل أخر ولكن أنا لم أقبل بذلك وعندما هددني بأنه سوف يطردني انا وأنتم من البيت شعرت بالخوف عليكم أمي لذلك قالت لي زوجتي بأن أعرض عليه أن يتزوج من راسيل وبالفعل عرضت عليه بأن يتزوجها رفض في البداية ولكن عندما رآها وافق أنا أخشى عليها كثيرا أمي أدم مجنون لن تتحمله راسيل فهم الاثنين مختلفان عن بعضهم البعض كيف ستكون الحياة بينهم
كاد أن يكمل جيمس حديثه ولكن قاطعه صفعة والدته القوية فنظر لها بذهول ووجد براكين من الغضب والكره والاشمئزاز تندلع من عينيها ونظرت له الجدة بغضب وهي ممسكة به من تلابيب قميصه قائلة بكره: يا حقير كيف تفعل ذلك براسيل تلك الفتاة الصغيرة ما ذنبها حتى تتحمل نتيجة تسرعك وأفعالك الغبية يا وغد كيف تبيع ابنتك هكذا أجبني يا لعين
كانت تتحدث بصراخ ودموعها تهبط بغزارة علي وجنتيها بحزن شديد وألم على تلك الفتاة الصغيرة
الجدة بغضب: اغرب عن وجهي الان حتي لا أقتلك أنت وزوجتك اللعينة أذهب من هنا
ابتعد عنها جيمس بحزن وغادر غرفتها واغلق الباب خلفه وترك البيت ورحل يريد الابتعاد الآن عن الجميع
أما الجدة فبعد رحيل جيمس ظلت تبحث عن هاتفها حتى تتحدث مع راسيل وتطمئن قلبها على صغيرتها الجميلة وحاولت مرارا وتكرارا الاتصال بها ولكن هاتفها مغلق وكذلك هاتف روزي مما زاد من خوف الجدة عليهن

في جناح آرثر الخاص
كان آرثر يتسطح على الفراش ويتصنع النوم ويختلس النظر إلي تلك الجميلة التي تمشط خصلات شعرها الطويلة نسبيا بهدوء
روزي بخجل: لقد رأيتك آرثر
ابتسم آرثر باتساع وقال بحنان: صباح الخير جميلتي
روزي بابتسامة: صباح الخير
أنهت حديثها وتركت الفرشاة من يدها واتجهت إليه وجلست بجانبه على الفراش فأمسك كفها بيديها قائلا: قولي ما تريدين جميلتي
روزي بتردد: هل تعرفني من قبل؟
أومأ لها آرثر فقالت هي بتعجب: كيف انا لم اراك من قبل سوى في الحفلات التي كنت تغني بها
آرثر بعشق: أعرفك منذ جئتِ إلي الملجأ الذي يقبع أمام القصر منذ ذلك اليوم وأنا أراقبك حتى عرفت عنكِ كل شئ بمساعدة أخي
روزي بتوتر: وهل بعض المعلومات كافية لجعلك تتقدم بطلب يدي من والدي
آرثر بعشق: بالنسبة لقلبي أكثر من كافية جميلتي
نظرت له روزي وتاهت في بحور عينيه فهي لا تصدق أن هناك شخص حنون بهذا القدر وفجأة اقتربت روزي منه وحاوطت عنقه بذراعيها وتقرب جسدها الغض إلي جسده العضلي
أما آرثر فلم يفكر وبادلها عناقها بعناق أقوي فهو يريد أن يدخلها بين أضلعه لترى كم يعشقها ويجعلها تسكن قلبه الذي لم يدق لفتاة غيرها ولم يعرف معنى العشق سوي مع تلك الصغيرة الجميلة
آرثر بهمس اخترق مسامعها: أحبك جميلتي انا متيم بكِ

في جناح أدم
كانت تتسطح على الفراش كالجثة الهامدة لا تستطع حتى تحريك أصبع من أصابعها لا يغطي جسدها شئ سوي مُلَاءَة الفراش ودموعها تهبط بغزارة حتى أغرقت وجهها ووسادتها فقد قضت أسوأ ليلة في حياتها ظلت تصرخ طوال الليل حتي ظنت أن حبالها الصوتية قد تمزقت من كثرة الصراخ ومع ذلك لم تتوقف عن الصراخ لعل أحد يأتي وينقذها من بين يدي ذلك المجنون ولكن لم يأتي أحد فلسوء حظها أن جدران جناحه عازلة للصوت لذلك لم يستمع أحد صوت صرخاتها وترجيها له بأن يتركها ولكنه كان يأبي تركها وكأنه يعاندها
خرج هو من المرحاض ووقف ينظر لها لبعض الوقت ثم تركها واتجه إلي غرفة الملابس وارتدى ملابسه الكلاسيكية الخاصة بالعمل ووضع من عطره ذو الرائحة النفاذة وكاد أن يخرج من جناحه ولكنه توقف وعاد لها وأزال الملاءة من عليها فأغمضت عينيها فظنت أنه سيكمل ما فعله بها ولكنه خالف توقعاتها وحملها بخفة واتجه بها إلي المرحاض ووضعها برقة في حوض الاستحمام المليء بالمياه الدافئة واقترب من أذنها وهمس بخبث تكرهه وبشدة: لا تبكي صغيرتي فما حدث أمس كان فقط بداية جحيمك فأنتِ لم تري شيئا بعد
أنهي حديثه وتركها وغادر القصر بكل برود وكأنه لم يفعل شي أما هي فأغمضت عينيها بخوف من كلماته السامة وبدأ جسدها في الارتجاف شعرت بارتجاف جسدها يزداد ولكن هي غير قادرة علي الحركة
راسيل بهمس: روزي
نادت شقيقتها ثم استسلمت لتلك الغيمة السوداء التي داهمتها وفقدت الوعي ولا أحد يعلم بها
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي