الفصل الخامس

الفصل الخامس
سعيد (الماضي )
مر اكثر من خمس وثلاثين يوما علي يوم زيارة جميلة
لمنزلي ؛ في الصباح كما وعدتها قمت بالأتصال
بصديقي المحامي عوص وأعطيته كل بيانات جميلة.



وقد أتفقت معه على مقابلته بعد ساعة لاعطاؤه
أوراقها ليقوم برفع قضية طلاق على عابد.



وبالفعل قابلته واعطيته كل ما طلبه من صور أوراق
كانت جميلة قد تركتها معي ومبلغا من المال لزوم
القضية لكن عوض رفض أن ياخد أي مال لعلمه
بعلاقتي السابقة مع جميلة.


وقد زاد إصراره خاصة بعد ما قصصت عليه كل ما مرت به من بعد أجبارها على قسخ خطبتنا الي تلك
اللحظة.



وما ذكره أيضا أن عابد هذا معروف عنه أنه رجل شرس للغاية نرجسي مريض بحب التملك والعنف في أن
واحد .



شفق علي حال جميلة وحالي ووأتفق معي أنه سيقوم برفع القضية اليوم الثاني على الفور ؛ وبالفعل في
اليوم الثاني جاءني أتصال هاتفي منه بأنه قام برفع
الدعوى بالفعل.



كدت أطير خوفا وفرحا في أن واحد فرحا أني في طريقي لتحرير جميلة وخوفا عليها من بطش عابد عندما يعلم بأمر القضية.


قد كان اتفاقها معي ومع والدتي أنها ستتواصل
معنا هاتفيا علي اليوم الثالث وعندما تتأكد أننا فد
رفعنا الدعوة تكون قد جمعت احتياجات فارس
وملابسهم.



بعد أن أتفقنا أن تتجه مع والدتي عند أهلها في
الصعيد فأمي من الصعيد من الأقصر ولها الكثير من الأهل والأحباب هناك.



مر اليوم الأول والثاني والثالث وأسبوعا دون أتصال أو حتي ريح يحمل لنا أخبار عن جميلة أعتراني القلق
الحاد واعتصر قلبي أمي خوفا عليها.



وقررت ان تذهب الي فيلا عابد في محاولة منها لمقابلة جميلة بحجة انها صديقة قديمة لوالدتها عادت
لتوها من السفر.



وبالفعل إستقلت سيارة أجرة وانامعها , وعند
وصولنا لفيلا عابد وجدنا ما جعل الدماء تجف خوفا
علي جميلة.



الفيلا مغلقة ومكتوب علي جدارها الخارجى الفيلا
للبيع ; أستطلعت الأمر من حارس االفيلا المجاورة
فعرفت منه أن عابد قد صفي أعماله بسرعة مذهلة.


وما جعل الدماء تجف في عروقي أنه قد اعلن للجميع أن زوجته السيدة جميلة قد ماتت في حادث خارج
البلاد.



لذا سوف يسافر لها مع فارس ليكون بجوارها في
مثواها الأخير ولن يعود الي مصر مرة أخرى.



نزلت الكلمات علي قلبي وامي كلهيب نار يحرقها
كنت في صدمة جميلة ماتت ؟



كيف جميلة لم تكن بخارج البلاد أنا متاكد من هذا
الأمر هل علم بأمر القضية وانتقم منها؟



بحر من التساؤلات ظل يعتصر عقلي طوال طريقي
وأمي لاتتوقف عيونها عن الدمع حزنا على جميلة.



تواصلت مع عوض صديقي وقصصت عليه ما حدث
وطلبت منه البحث في الأمر وبالفعل جاء بما يطمئن
روحي قليلاً من صديق ليه يعمل في المطار.


أفاد أن جميلة لم تغادر البلاد وأن عابد وفارس فقط هما من غادرا ولكن السؤال كان أين ذهبت جميلة؟




مرت الأيام وانا أجلس بجوار الهاتف في إنتظار
مكالمة حياة منها وقلبي يكاد يصرخ ألما وقلقا
عليها.


جميلة لم تكن فقط خطيبتي كانت حبيبة وشريكة
كانت جزءا من روحي عشقته منذ ان كنا طلاب قي
المدرسة الثانوية.




ظللت علي هذا الحال علي جمرة من القلق الي أن
جاءت البشرى في هذا الصباح
دق جرس الباب فاتجهت لأفتحه لأجد امامي رجل
خمسني يحمل ملامح أجنيية
يجدثني بلهجة عربية مكسرة:
صباح الخير ... هل أنت سعيد السعدني ووالدتك
السيدة أحلام.


نعم جاء ردى وانا يعلو صوتي علامات الدهشة الي
أن جاءت كلماته التالية لتعيد لدقات قلبي شريان
الحياة:



أنا مستر أدم أتيت إليك من عند جميلة
وما أن سمعت أسم جميلة وسمعته والدتي جاءت
مهرولة



وفي صوت واحد تحدثنا :
جميلة هل تعرف شيئا عنها ؟ وطلبت منه الدخول
وبدأ يقص علي الحال التي عثر علي جميلة بها ملقاة بين الحياة والموت في الصحراء.



وتابع حديثه عن الأيام التي مضت الي بدأت في
التحدث صباح اليوم وأعطته عنوان مسكني لان رقم
المنزل الذي اعطيته لها قد فقد منها بالطبع.



عكفت أسمع كلماته والدموع لا تفارق مقلتي
ووالدتي تبكي بحرقة علي حال جميلة.



بعد أن أنهي حديثه قد عزمت أنا ووالدتي علي
العودة معه الي جميلة ؛ وفي أقل من نصف ساعه
بغد أن قومت بتقديم واجب الضيافة لمستر أدم.



كانت والدتي قد جهزت أمتعنتا استعدادا للذهاب
الي جميلة ؛ أستقل ثلاثتنا السيارة التي كانت
تنتظر مستر أدم للعودة به.




ظلت أمي تتلو أيات القرأن طول الطريق بصوت
هادئ تضرعا لنجاة جميلة
وظلت دموعي لا تجف هلعا على جميلة ومستر أدم
بشعر بما يجول بي من ألم داخلي مطمئنا اياي
انها ستكون بخير.



بعد ساعتين تقريباً كنا قد وصلنا الي المستشفي التي ترقد بها جميلة
دخلنا الي غرفتها كانت نائمة وبجانبها زوجة مستر
أدم تحتضن يديها وقد هالني الحال التي رأيتها به
برأس محلوق ووجه وجسد جريح.



لم أتمالك نقسي وركعت بجوار سريرها أبكي كطفل صغير :
أنا أسف يا جميلة أنا أسف لم أستطيع حمايتك من
هذا الشيطان.



حاولت أمي ومستر أدم سحبي ومساعدتي علي
القيام والدموع تملأ عيون كل منهما.



هنا إستيقظت جميلة وفي نظرة عيونها الزرقاء
كانت لمعة تجمع بين الحياة والخوف والقهر في أن واحد.



همست جميلة بأسمي بصوت يحارب من أجل الخروج الي ساحة الحياة.



مددت يدي محتضا يديها في خوف وشوق وحنان مرددا بحديث مبعثر يشبه الهذيان في ترتيبه :
ستكوني بخير كل الأمور ستعود الي مجراها التي
كانت عليه قبل أن يدخل هذا الملعون عابد الي
حياتك أعدك أعدك.




أشفق علي مستر أدم من وجع الروح ودموعي التي لم تتوقف علي حالها مربتا علي كتفي ومتحدثا بكلمات وجهها جميع الحضور:
جميلة الأن في مقام أبنتا أنا ومارجريت يا سعيد أهدأ حتي وأن أحتاجت اي علاج خارج مصر ستنكفل به لكن كما أخبرتك أن الاطباء طمئنوني.



ولقد تحدثت معهم بالأمس وأخبروني ان الامر كله
الأن يعتمد علي الحالة النفسية لها اذا استقرت.

ستلتئم معها جروح جسدها وبالفعل لقد بدأت في
أجراء إتصالتي لمعرفة مكان ولدهاوذلك المدعو
عابد وطالما نحن وأنت ووالدتك بجانبها ستعود
جميلة بروحها الي الحياة.



وكأن كلماته كانت كالبلسم علي قلبي وعلي قلب
جميلة الذي رسمت أبتسامة علي ملامح وجهها
أبتسامة أمل تطمئن روحي بميلاد حياة جديدة لي
ولها.



خرجت كلمات جميلة بصوت ضعيف
هامس:
أرايت ما حدث بي يا سعيد ؛ الله ينتقم منه اخذ مني أبني وعمري وجمالي لم أكن أريد أن تراني في هذا الحال.



مددت يدى مجففا دموع عينها:
أنتي جميلة حتي وأنتي علي هذا الحال وما هي الا أيام قلائل وستلتئم جراح جسدك وشعرك سيطول في
وقت قليل.



قامت مستندة علي يدى ويد مارجريت وألقيت نفسها في حضن والدتي باكية بشدة.



لتضمها أمي في حضنها محدثة الجميع :

اتركوها تبكي حتي تخرج ما بها من ألم
ونسجد لله شكرا علي نجاتها.



وتوجهت بالشكر الشديد للسيدة مارجريت ومستر أدم وانهم لولا أنه عثروا على جميلة وتكفلوا بها لما كان أحد منا سيصل أليها.



مستر أدم : الآن سنترك جميلة لترتاح وستبات معاها
الليلة مارجريت وانت يا سعيد والسيدة والدتك
أقامتكوا معي في الفندق وانا متكفل بجميع
المصاريف فضيوف جميلة والاقرب لها هم عائلة لنا.



قاطعته : شكرا لك مستر أدم لكن يكفي ما تحملته
من تكاليف مادية بخصوص جميلة لا يمكن أن تتحمل تكاليف إقامتنا أيضا.



تنهد مستر أدم بحزم : جميلة ابنتي في مقام أبنتي
الراحلة أنا رجل وهبني الله أموال طائلة ولا وريث لي دعني في حياتي أفعل ما يشعرني بالسعادة.



وإستكمل حديثه : هيا بنا الأن نذهب الي الفندق لكي تستريحا من تعب السفر وفي الصباح نعود لجميلة.



لم أكن أريد ترك جميلة ولكن نظرة عينها
وابتسامتها التي بدأت في الاتساع لتطرب قلبي
عشقا فوق عشقي لها.



وخرجت كلماتها : أذهب الان يا سعيد
أنا اصبحت بخير بخيربعد رؤيتك ..رؤيتك انت وأمي
أحلام وووجود مستر أدم وميس مارجريت معي هدية من السماء.



هنا قاطعتها مسز مارجريت :
هل من االممكن تقولي لي ماما .. أشتقت لسماع
هذة الكلمة كثيراً.



ويضحكة طفولية وبراءتها المعهودة خرجت كلمات جميلة محتضنه مارجريت مرددة : ماما مارجريت وبابا
أدم ’ يعلم الله أنكوا كنت عوضتني عن تخلي أهلي
عني في صفقة أضاعت عمرى.



وهنا أدركت أن كل ما حدث مع جميلة منذ تلك
اللحظة التي رحلت عني عنوة الي اللحظة الحالية لم يكن سوى بداية وولادة جديدة لروحها وروح عشقي
لها.



نهاية الفصل الخامس
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي