الفصل الخامس

بدأنا تصوير الفيلم قبل يومين، كنت أنا أول من بدأ تصوير مشاهده، اول موقع تصوير كان في مبنى سكني في كما ذكرت سابقًا
كان المشهد الأول لميامني في الفيلم والمشهد الثاني بعد مشهد ظهور آش
إرتديت بنطالًا من الجينز الأزرق وكنزة صوفية واسعة مع معطف وحذائًا رياضيًا أبيض. كنت قد قصصت شعري قبل يومين فأصبح حده مع كتفي
كان المشهد عن حوارها مع سياسي تم إتهامه بالفساد لتقوم بإستدراجه في الحديث وجعله يعترف أنه استعان بآش في أفعاله
تابعنا جدول التصوير كما هو مخطط وصورنا أحد عشر مشهدًا في أربعه أيام، طبعًا هي فقط المشاهد التي تخصني وبعضها مع تيتسو
بالمناسبة، تيتسو يؤدي دور المحقق الشاب الذي يعمل في سلك الشرطة والذي يدّعي أنه يعرف شخصية آش الحقيقية، إذ يقول أنه وآش قد درسا معًا في الثانوية واسمه الحقيقي ميامو موزاشي، وهذا الميامو قد إختفى فجأة ولا أحد يعلم أين هو
وبالطبع لا أحد يصدقه وبالتالي وقع على عاتقه البحث عنه، ليس للقبض عليه وتسليمه للشرطة وحسب، بل لمعرفة القصة الحقيقية وراءه
وفي أثناء ذلك يلتقي بمينامي والتي تورطت في جريمة أثناء ملاحقتها لـآش ويتهمها بأنها شريكة له رغم إخبارها له بقصتها، وبالتأكيد سيقع في حبها كما هي العادة
المهم، خلال الأيام السابقة لم نبدأ تصوير أي مشهد لـمينامي وآش إذ يبدو أن السيد
"مشهور للغاية" لديه بعض الأعمال في الخارج ولن يعود إلا بعد خمسة أيام من بدء التصوير.
رغم كونه قد صور أول مشهد في الفيلم في الليلة قبل مشهدي، إذ تم تصوير مشهد ظهور آش في الساعة الواحده صباحاً حينما كنت نائمة بسلام في منزلي. وبعدها سافر ايوان مباشرة
وعلى حسب جدول التصوير من المفترض أن نصور أول مشهد لنا في اليوم السابع من بدءه.
لا يهم فأنا أثق بالمخرج نوبوناغا فهو يعرف كيف يرتب مشاهده ويستطيع جعل الممثلين يمثلون بأقل عدد من الأخطاء ويختصر الكثير من الوقت الذي كان يمكن أن يضيع في الإعادة، لذلك يمكنه العودة وقتما يريد
تابعنا التصوير بشكل جيد واندمح أعضاء فريق العمل مع بعضهم بسرعة، كنا وقتها نصور مشهدًا يضم مينامي في مكتبها في الصحيفة التي تعمل بها
كان مشهدًا حيث تأخذ مينامي يوشيدا معها وتريه المعلومات التي جمعتها عن آش، ثم يتلقى يوشيدا اتصالاً أن زملائه قد وجدوا بعض بقع الدماء في مكان يشك أن آش مكث فيه ليذهبا خارجًا سرعة
إنتهينا من المشهد وبدأ بقية الممثلون مشهدًا أخر في مكان أخر في المبنى، فبالتأكيد تقع معظم المكاتب والمنازل في الفيلم في مبنى واحد تم حجزه بالكامل من أجل التصوير الداخلي
جلست مع تيتسو في كرسيين متجاورين لنرتاح إذ أن مشهدنا القادم سيكون في حديقة المبنى حينما تود مينامي الدخول لمكتب الصحيفة لكن تأتي الشرطة بقيادة يوشيدا للقبض عليها، وسيتم تصوير المشهد بعد ساعتين

لملمت شعري للخلف وربطته بعقدة، لقد صار قصيرًا وخفيفًا، إرتديت معطفي فوق القميص ذو الأكمال الطويلة الذي إرتديته للتصوير. أحضر لي تيتسو قارورة ماء من طاولة الطعام وجلس معي نشاهد تصوير أحد المشاهد
في صمت شربنا الماء، حتى قال تيتسو فجأة:
- غدًا سيعود ساكورا
- أوه، هل كان يجب عليك تذكيري؟
قلت وأنا أضع القارورة بقربي وأخذ السيناريو من حقيبتي:
- يبدو ذلك
مرة أخرى عم صمت هو يتابع المشهد وأنا اقرأ، فجأة قال:
- هل أنتما تتواعدان؟

هنا حيث يفترض أن يخرج الماء الذي كنت أشربه من فمي وابدأ بالسعال بشدة، لكن لحسن الحظ لم أكن أشرب لذلك فقط نظرت إليه رافعه حاجبًا وقلت:
- هل أنت تمزح يا هذا؟
قال وقد بدا جادًا:
- لست أمزح، لي صديق يعمل في شركتكم وأخبرني مرة عن كون ساكوراي قد طلب منك الزواج

من هو هذا الأحمق؟ ألم يخبركم الرئيس أن التحدث عن هذا أمر محرم خارج الشركة!
تبًا لك هل تريد خراب بيتي وبيت ذلك الأحمق!
- حسنًا هو يستحق هذا فهو السبب بعد كل شيء، لكنني بريئة ولا أريد أن أفقد نصف معحبي بسبب إشاعة كهذه، ولا أريد أن تكرهني معجبات ذلك الأحمق بسبب إشاعة كهذه.!
قلت فورًا بعدم إهتمام:
- إنه مجرد كذب، لابد أن صديقك ذاك قد كان ثملًا وقتها.
- بالتأكيد كان ثملًا، لكنه من النوع الذي يتحدث بصراحه عندما يغيب عقله

أنت أيها الشخص مهما كنت، إعتبر نفسك مفصولًا.
قلت بإصرار:
- إنه كلام فارغ، لا شيء بيننا
ليقول بشك:
- هل أنت متأكدة من ذلك؟
نظرت إليه بإستغراب، ليضيف:
- تذكرين في يوم المؤتمر الصحفي، لقد بدا لي وكأنه قد ذهب معنا لتناول الغداء فقط لكي لا نكون أنا وأنت وحدنا، كما أنه كان يختلس النظرات إليك أثناء الغداء وأيضًا لقد بقي معك بعد أن ذهبت

تنهدت ثم قلت له:
- تيتسو، أنت تشاهد الكثير من الدراما

- بالفعل فأنا ممثل بعد كل شيء، وصدقيني أنا أعرف عندما أرى رجلًا واقعًا في الحب

صمت ولم أعرف ماذا أقول، لم ينقذني حينها إلا صوت أحدهم يقول:
- لم أعرف أنك تجيد تحليل الشخصيات تيتسو.

كان ايوان.. أقبل ناحيتنا بخطى ثابتة
كان يرتدي بنطالًا من الجينز الأسود وبذلة كحلية تحتها قميص أسود أيضًا، وعلى البنطال سلسلة معلقة على الجانب، بدا مظهره غريبًا.
قال تيتسو وهو ينهض وينحني إحترامًا:
- ساكوراي مرحبًا بعودتك، لكن ألم يكن من المفترض ان تعود غدًا؟.

أجابه:
- نعم، لكنني أنهيت التصوير مبكرًا وعدت لأن لدي إجتماعًا مهمًا اليوم مساءً "ورغم إنشغالك جئت إلى هنا، هذا شرف كبير

إبتسم له ثم قال:
- بالنسبة لكلامك، عليك تصديق ما قالته يونا فنحن ليس بيننا أي علاقة كالتي تظنها وأيضًا أنا لا أحبها الحب الذي ذكرته أسف لتخييب ظنك
قال تيتسو بخيبه أمل:
- حقًا؟ اوه أنا أسف إذًا
ربت ايوان على كتفه ثم قال:
- أستأذنكما أريد التحدث مع المخرج قليلًا.
تخطى تيتسو ثم إقترب من كرسيي لم يقف أو يقل أي شيء، فقط إبتسم إبتسامة جانبية وتابع سيره
قال تيتسو وهو يعاود الجلوس في مكانه:
- يبدو أنني كنت مخطئًا، أسف على ذلك
هززت رأسي بلا بأس، ثم تابعت قراءة نصي
قبل نصف ساعة من مشهدنا القادم ذهبت لغرفة تبديل الثياب لأرتدي الثياب المخصصة للمشهد وأصفف شعري كما ينبغي وهناك جل ما كانت المساعدات يتحدثن عنه هو ايوان، إذ يبدو أنهن جميعًا كن متشوقات لحضوره غدًا يتفاجأن بقدومه الليلة
ولم أسلم من تلك التعليقات من نوعية:
- أنتما تعملان في شركة واحدة اليس كذلك؟
كم أنت محظوظة
هل لديه حبيبة؟
ماذا يحب أن يأكل..."

بالطبع زجرتهن جميعًا بنظرات غاضبة وتظاهرت بحفظ نصي، عندما نزلت إلى الحديقة حيث المشهد وجدت الجميع هناك.
ذهبت ناحية المخرج الذي كان يشرح لـتيتسو والممثلين الذين سيؤدون أدوار رجال الشرطة كيف سيدخلون إلى المشهد، إنتبهت حينها أن ايوان لازال موجودًا بل وجالسًا كملك في كرسي يطل على موقع المشهد مباشرة.

تبًا له أليس مشغولًا؟
تجاهلته، حدثني المخرج بأخر توصياته ثم ذهب ليقف قرب ايوان..
وقفت في مكاني منتظرة شارة المخرج ومن خلفي العديد من الأشخاص تعلمون
من يحمل مرآة عاكسة ومن يحمل المايكرفون، وذلك الذي لديه النص، وأخر
إلخ.
قال المخرج:


(Start)

وصلت لتوها إلى محيط مبنى صحيفتهم كانت تلهث تعبة من الركض من محطة الحافلات وقفت لثوان تلتقط أنفاسها قبل أن يرن هاتفها فجأة، ردت قائلة:
- مرحبًا
جاءها صوت تانوكي قائلًا:
- مينامي أيتها الحمقاء ما الذي فعلته؟ إن رجال الشرطة يبحثون عنك!!
قالت مصدومة:
- ماذا!! مستحيل أن..

لم تكمل حديثها حينما ترامى إلى مسامعها صوت إنذار مألوف، أقبلت من بعيد سيارتي شرطة ناحية مكانها
فغرت فمها حينما علمت أنها في موقف سيء للغاية، قالت لـتانوكي قبل أن تنزل السماعه من أذنها:
- أظن أنني أوقعت نفسي في مصيبة

توقفت سيارات الشرطة أمامها ونزل يوشيدا أولًا، بمعطفه الرمادي الطويل والذي تراه مبتذلًا للغاية. أقبل ناحيتها وبرفقته رجلي شرطة، قال وهو يخرج شارته كمحقق من أحد الأفلام الشرطة:
- أودا مينامي أنت رهن الإعتقال

أمسك أحد الشرطيين بيديها وكبلهما معًا، بينما كانت متجمده ولم تستطع الحركة حتى حاول الشرطي سحبها إلى سيارة الشرطة حيث توقفت عن المسير وقالت:
- مهلًا، أنا بريئة!

قال يوشيدا:
- الجميع يقولون ذلك، لديك الحق في الصمت وأي شيءقولينه يمكن أن يستخدم ضدك في المحكمة

- لكن، لكن .. تبًا...
لم تستطع قول شيء، قضمت على شفتها بغيظ شديد بينما حاربت دمعه من السقوط وقد تم سحبها كـمجرمة إلى سيارة الشرطة
جلست في السيارة بين يوشيدا وشرطي أخر كان أخر ما رأته هو زملائها في الصحيفة وقد وصلوا متأخرين ليشهدوا منظرها وهي تقتاد كالمجرمين بعيدًا
ما إن إختفت السيارة عن ناظر الكاميرا حتى توقف التصوير
عدنا بالسيارة بعد إنتهاء المشهد وما إن نزلنا حتى قال المخرج
- أحسنتم جميعًا
قلت وأنا أرفع يدي المكبلتين:
- شكرًا لك، ولكن هل بالإمكان فك وثاقي؟
- اه صحيح.. أين المفتاح؟
تساءل وهو يتلفت من حولن وكذلك فعل الجميع.
قلت بإحباط:
- أرجوكم لا تقولوا ما أخشاه

بدأ كل واحد من طاقم العمل يسأل الأخر عن المفتاح، بينما وقفت أنا عاقدة حاجبي بغيظ.
قال لي المخرج بإرتباك:
- إذهبي وأجلسي تحت تلك المظلة ريثما نعثر عليه، ولا تقلقي لابد أنه سقط في مكان ما فهو قد كان على الطاوله قبل قليل

ذهبت وجلست في كرسي تحت المظلة وقرب طاولة وضع فيها بعض المشروبات الساخنة لتدفئة الناس، كان بودي شرب بعض اللبن الدافئ فهو يبدو مغريًا كما أنني أحتاج وبشدة معطفًا طويلًا إذ أن المعطف الذي إرتديته للمشهد لا يغطي أي شيء من ساقي
لا أدري فعلًا كيف تلبس الفتيات مثل هذه الثياب

تنهدت وأنا أفكر فيما قاله ايوان قبل قليل لأول مرة منذ ثلاث سنوات قال أنه لا يحبني، إنه إنجاز تاريخي! هل ياتراه وجد فريسة أخرى؟ لكن غريب أن يغير رأيه بعد ذلك اليوم في مقره السري
لا يهم، المهم أنه يبدو أنني سأرتاح أخيرًا من إزعاجه إبتسمت لنفسي بسعادة

جاء صوت أحدهم:
- أن تبتسمي بهذه الطريقة رغم كونك مكبلة اليدين أمر غريب.
رفعت بصري ناحية كوبو، كان يحمل في يده غطاءً غطاني به ما إن إلتقت عينانا، لأشعر ببعض الدفء في ساقي توجه من فوره ناحية طاولة المشروبات وقال:
- ماذا تريدين؟

عقدت حاجبي مستغربة، هل هو جاد؟
فقط عندما قلت أنه قد ترك حبه لي يأتي ويتصرف كـشخص عنيد ومجروح؟
الرحمة، من أي مسلسل كوري أتيت يا هذا؟
قلت:
- شكرًا لا أريد شيئًا
نظر إلي ولم أنظر إليه، قال ضاحكًا:
- أيعقل أنك غاضبة لأنني تجاهلتك وقلت أنني لا أحبك؟
"قبل أن أطلق أكبر صرخة إستنكار أكمل"
- بالتأكيد لا فأنت لست كذلك، لابد أنك ترقصين فرحًا في داخلك، كالعادة.
نظرت إليه، بدت نبرته غريبة كان مبتسمًا لكن كان هناك شيء غريب في وجهه، لا أدري فأنا لم أركز يومًا في وجهه ، لكنه لا يبدو طبيعيًا لي

قلت:
- هوي أتريد أن تبدأ شجارًا؟
- التأكيد لا، أسف إن كنت أغضبتك
لم أقل شيئًا ليضيف:
- أمتأكدة من أنك لا تريدين شيئًا؟
- حتى وإن أردت، كيف سأشربه ويداي مكبلتان يا غبي؟

نظر إلى يدي اللتين رفعتهما ناحيته، ثم أدخل يده في جيب بنطاله وأخرج مفتاحًا صغيرًا، أمسك بيدي الإثنتين معًا في راحة يده اليسرى ووسط إستغرابي فتح قفل الأصفاد بالمفتاح الذي أخرجه من جيبه، قلت بإستنكار:
- أكان معك طوال الوقت!
لم يرد علي بل نظر إلى عيني نظرة غريبة ولا يزال مبتسمًا تلك الإبتسامة الأغرب إبتسامة لم تدل على السعادة أو الإستمتاع كما عادته إبتسامة أخرى

كانت يداي لا تزالان في راحة يده بينما لم ينقطع إتصال عينينا و الجميع في الجهة المقابله يبحثون بجد عن المفتاح، مرر إبهامه في راحه يدي ببطء ثم سرعان ما أبعد يده ووضع المفتاح في الطاولة وذهب بعيدًا
تلفت من حولي جيدًا. بعد أن ذهب باحثة عن كاميرا ما، أخذت أدلك يدي اللتين أتعبهما القيد وانا أهمس لنفسي: إذًا لم يكن ذلك مشهدًا يصور!

ظننت أنني سأجد كاميرا في مكان ما، ذلك الأحمق لابد أنه يصدق أنه يعيش في دراما حية، والمشكلة أنه يريد مني مجاراته فيها
- هل وجدتي المفتاح؟

سأل المخرج مقبلًا ناحيتي حينما لاحظ يداي الحرتان، أجبت:
- نعم لقد وجد السيد كوبو المفتاح وفتحهما لي قبل أن يذهب نوبوناغا:
- هذا جيد، لقد ظننت أننا لن نجده وسنطر إلى طلب نسخه من رجال الشرطة.

تنهد مرتاحًا ثم ذهب لينقل الأخبار إلى الباقين، بينما ذهبت أنا إلى حيث اللبن الدافئ
أنهيت تصوير مشاهدي في الخامسة مساءً، لذلك عدت إلى المنزل لأرتاح قليلًا فغدًا لدي لقاء مع صحيفة عن المسلسل الذي أنهينا تصويره قبل أيام، والذي يبدو أنه قد حقق المركز الأول في دراما هذا الموسم. وأيضًا غدًا مساءً سنبدأ تصوير مشاهد مينامي و آش، وسيبدأ التصوير في الثامنة مساءً إذ أن المخرج قرر أن نبدأ التصوير بالمشاهد الليلة

نوعًا ما في داخلي أشعر بالتوتر، في حياتي ومنذ أول عمل لي لم أشعر بالتوتر، لكن هذه المرة شعرت به.
لا لست خائفة أن أخطئ، ولست متوترة لأنني سأمثل مع ذلك الأحمق لكن... لا أدري كيف أصف ما أشعر به.. تلك الليلة بقيت مستيقظة حتى الثانية صباحًا أفكر في تلك النظرة التي نظر بها إلى وتلك الإبتسامة الغريبة، وشعور مزعج في داخلي أنني لا أعرف شيئًا عن ايوان ساكوراي.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي