16

و لكن يا اختي لماذا تريدين العمل و في هذا الوقت بالتحديد
دينا : بصراحة بدأت اشعر بالملل من المنزل و أيضا يجب ان نتحمل بعض المسؤليات في المنزل اليس كذلك
فاطمة في الحقيقة كنت افكر في نفس الموضوع علينا المساعدة في مصاريف المنزل و أن لا نترك خالك بمفرده اليس كذلك
دينا : اجل و ربما استطيع التهرب من موضوع الزواج حاليا
فاطمة : اريد ان اسألك سؤالاً لكن اريد جوابا صريحاً
دينا : ماذا تريدين ان تسألي
فاطمة : هل لا تزالين تحبينه
سكتت دينا برهة من الزمن و حارت فيما ستقول استندت على الكرسي و عدلت جلستها ثم قالت : بصراحة لم يغب عن بالي و لا لحظة يا اخيتي
لا استطيع ان اتقبل ما يقوله الناس أن وائلاً مات او قتل لازلت احس به قريبا مني لازلت اؤمن بأنه على قيد الحياة مُغيبٌ في مكان ما من هذه البلاد الواسعة
فاطمة : و لكن ماذا لو ..
دينا : لا لا اظن ان ما تناقله الناس و اشاعته الألسن صحيح
ثم إننا لم نرى شيئاً باعيننا لم اشاهده يوارى تحت التراب و يلف بالكفن الابيض لن يموت قبل ان القي عليه نظرة اخيرة لقد كان بيننا وعود قطعناها لبعضنا البعض و حتى لو انه قد توفي لازلت لا اتقبل ان يكون في حياتي احد غيره و سيستغرق الامر وقتا كثيرا لاتقبل هذا
فاطمة : لكنني اخشى عليكي لا اريد ان تظلي حبيسة الماضي
دينا : لست حبيسة شيء لكنه الوفاء في قلبي وانا قد عزمت ان لا اتزوج قبل ان ارى خاتم خطوبتك وضع في يدك حينها فقط ربما سيرتاح قلبي

قاطعهما النادل و قد احضر لهما الطعام الذي طلبته دينا وضع الطعام على المائدة و فرشت المائدة بما لذ و طاب من اصناف الطعام والمقبلات
بدأت دينا تتناول الطعام و لكن بذهن شارد بعض الشيء أحست دينا بشعور غريب أحست بأن ماقالته اختها في شيء من المنطق المقبول بدأت الافكار تتداخل في رأسها فيما عليها فعله هل تبقى تنتظر ام تبدأ في مشروع الدراسة و العمل في كلتا الحالتين لم تكن فكرة الزواج مقبولة بتاتاً تخاطب دينا نفسها قائلة : يبدو انني بحاجة لبعض النقاش مع ذاتي و حسم خياراتي من جديد

لاحظت فاطمة ان اختها تبدو و كأنها شاردة الذهن تحلق بعيدا في عالم الأفكار لوحت فاطمة بيدها امام عينيّ دينا لكي تستفيق
تنبهت دينا لما حصل فقد مضى عدة دقائق و هي ممسكة بالملعقة دون أن تأكل شيئاً
فاطمة : ماذا بك يا دينا أأنت بخير ؟
دينا : اجل اجل لا عليك
فاطمة : ما الذي يشغل تفكيرك في هذا الوقت ؟
دينا : لا شيء تذكرت ان جدتي قد اوصتني على بعض الحاجيات من البقالة
عقدت فاطمة جبينها و ضمت حاجبيها محاولة فهم ما يجري مجيبة اختها : امم حسنا لا بأس سنحضر لها ما تريد و نحن في طريق العودة
انهت الفتاتان الطعام و قد اشارت دينا للنادل بأن يأتي حضر النادر قائلاً : طلباتك يا انسة ؟
دينا : احضر لنا فنجانين من القهوة الوسط من فضلك
النادل : على الفور
و من ثم توجه بالكلام لفاطمة هل تريد الانسة طلب شيء ما
أجابت فاطمة : لا نقتصر على ما طلبته اختي
النادل : دقائق و تكون القهوة جاهزة
غاب النادل دقائق ثم عاد ليفرغ الطاولة من الأطباق من أمام الفتاتين ثم علق قائلاً : هل لي بعرض أمر ما على الأنسات ؟
اجابت فاطمة : تفضل
النادل : يوجد لدينا طابق علوي اشبه بالشرفة الكبيرة تطل على منظر خلاب على المدينة هل تودان الصعود إلى الأعلى ؟
تناقشت دينا و اختها لدقيقة مجيبتان بالقبول
صحب النادل الفتاتين للأعلى ريثما تحضر القهوة
واختارت فاطمة الطاولة هذه المرة بالقرب من الحافة كان المكان يطل على جزء كبير من المدينة جلست الفتاتين تتأملان المنظر و قد حضر النادل و معه القهوة
اختارت فاطمة الطاولة هذه المرة بالقرب من الحافة كان المكان يطل على جزء كبير من المدينة من ارتفاع لا بأس به جلست الفتاتين تتأملان المنظر لبضع دقائق
و كان قد حضر النادل و معه القهوة
اخرجت دينا محفظتها لتقوم بدفع الحساب للنادل بعد ان استلمت الفاتورة نظرت فلم تجد ثمن القهوة مكتوباً على الفاتورة اعادت النظر لكنها لم ترى شيئاً بخصوص القهوة و الطاولة الثانية فتسائلت عن الأمر ظنا منها انه يوجد خطأ او نسبان
رد النادل قائلا القهوة و الطاولة ضيافة المطعم لزبائننا الجدد
نظرت فاطمة إلى دينا باستغراب قائلة : و هل هذا امر طبيعي ؟؟
رددت دينا : لا ادري ربما هو كذلك او نظام خاص بالمطعم
مضى النادل إلى عمله
و جلست دينا تتأمل هذا المنظر الخلاب فلها ذكريات لاتنسى مع المنظر الجميل ولكن من مكان اخر ومع شخص اخر لقد تذكرت يوم أن صحبها وائلٌ إلى احد المطاعم الشعبية كان يشبه هذا المطعم إلى حد كبير في اطلالته و طريقة تزيينه كانت امسية لا تنسى تمنت لو ان دفتر مذكراتها موجود معها لتكتب قليلاً مما تبادر إلى ذهنها مباغتةً بدون تجهيز و لا سابق تحضير

مضى الوقت سريعا دون ان تنتبه الفتاتان و بدأت الشمس بالمغيب و اعترى الجو بعض النسمات العليلة الباردة و تحول لون السماء إلى اللون الأحمر الزاهي و بدأ يتسلل الشفق الوردي اللون في الأرجاء حاملاً معه بضع سحابات صيفية منذرا بموعد العودة بالنسبة لدينا و اختها
نهضت دينا عن كرسيها قائلة : انظري يا اختاه ما اجمل هذا المنظر البديع
ردت فاطمة : حقا يبدو كلوحة رسمت بالالوان الزيتية
دينا : و ذاك هو القمر لقد طلع باكرا اليوم
فاطمة اجل يبدو أنها ستكون ليلة قمراء ذات جو بارد
بعض الشيء بدأت دينا تجهز نفسها للرحيل و اشارت لأختها فاطمة لتستعد فليس من عادة الفتيات في عائلتهن أن يبقين خارج المنزل بعد مغيب الشمس توجهت الفتاتان نحو البوابة الرئيسية للمطعم وف ي خاطر دينا المكوث قليلا بعد لتشاهد القمر وهو يطلع و تستعيد بعض الذكريات معه لكن لا مجال للتأخر اكثر من هذا و لا يزال موضوع حاجيات الجدة لم تقم به وبينما هما في طريق العودة إذ
توجهت دينا إلى إحدى البقاليات فرأت رجلاً كبيرا يجلس في الداخل فسارعت في الدخول إليها فهي تفضل التعامل مع الباعة الكبار بالسن لاخلاقهم و معاملتهم الحسنة و تتجنب معاملة الباعة الصغار في السن ففي الغالب همهم الكلام الفارغ والمماطلة و قلة الادب مع الفتاة التي تنوي شراء شيء ما من عند احدهم
دخلت دينا و اشارت لأختها فاطمة بأن تبقى في الخارج تنتظر معللة السبب لضيق المحل و خشية ان يدخل زبون اخر فيصبح المكان اكثر ضيقا القت دينا تحية مختصرة على الكهل الموجود داخل المحل متسائلة : هل اجد لديكم يا عم برتقالاً و موزاً و عددت بعض انواع الفواكه و البهارات
وقف البائع خلف الطاولة يملئ صنف من هنا و صنف من هناك اعد لها كل ما طلبته للتو انتهت دينا من الشراء واضافت بعض الحاجيات الخاصة ثم سألت البائع و قالت كم الحساب يا عم
رد البائع : الحساب مئة و عشرون جنيهاً فقط وبدأ البائع يسرد الاسعار :الموز بكذا والحليب بكذا

فقاطعته دينا بكل أدب قائلة : لا داعي ياعم انا اثق بك

كان رقماً لا بأس به نوعاً ما كان يتوقع البائع انها ستبدأ المفاصلة و المجادلة كحال اغلب الزبائن لكن على عكس ما توقع هو فقد مدت دينا يدها إلى حقيبة الكتف الجلدية ذات اللون الأسود لتخرج محفظتها
تسائل البائع هل تريدين فاتورة بالمشتريات يا ابنتي ؟
ردت دينا: لا لاداعي لذلك لا تتعب نفسك ياعم
اخرجت دينا المحفظة لتتناول النقود فوجدت بداخلها مئة و خمسة عشر جنيهاً فقط
شعرت بالخجل الشديد وتمنت ان يكون لدى اختها فكة لتكمل سعر المشتريات للرجل
مدت يدها و وضعت النقود على كفة الميزان قائلة : لحظة يا عم اختي في الخارج سأحضر خمسة جنيهات منها واعود اليك
رد البائع : لحظة لا داعي لذلك يا ابنتي
تعالي يا ابنتي خذي اغراضك و الباقي مسامحين به
لم ترد دينا ان تطيل الحوار مع الرجل العجوز
فقد رأت ان شاباً عبوساً متجهماً يقف امام البقالة و الظاهر عليه انه يريد الدخول فنصاعت لما يريد
عادت دينا إلى عند الطاولة و حملت الأكياس ثم التفتت بسرعة خاطفة وهمت بالذهاب و قالت للبائع : إذا مررنا من هنا غدا سارد لك مالك ياعم شكرا لك
البائع : كما تريدين لا مشكلة لدي

خرجت دينا و وضعت الاكياس على الارض لتتقاسم بعض الاكياس مع أختها و بينما هما تتجهزان للذهاب إذ دخل ذاك الشاب المتجهم التعابير المحل وما إن وضع قدمه في المحل حتى علت صوت ضحكته في المحل و سُمع صوت قهقهته من الخارج عقدت دينا جبينها و قالت في نفسها يا لسوء ادبه مع والده يضحك بهذه الطريقة معه يا لهذه التربية
مضت دينا و اختها في طريقهما بخطاً سريعة يسابقن الوقت قبل أن يهبط الظلام لتعودان للمنزل ...
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي