الفصل الرابع

الفصل الرابع
روحية ( الماضي)


أستيقظ في هذا اليوم مثل يوم مضي وكل يوم أت
لا شئ جديد يبعث في قلبي روح الحياة من جديد.


ناظرة الي صورة زواجي من فارس التي ماتت فيها
كل ملامح الحياة من قبل أن تولد زواجاً الحب لم
يعرف له طريقا يوماً.



في البداية الجميع كان يعتقد اني حزينة من أجل
عدم انجابنا طفلا رغم سنوات زواجنا الخمس التي
كان
يعلم عنها الجميع .


ألا إني في الحقيقة شاكرة للقدر علي هذه الهبة
فالقدر كفيل بأن يتصرف من تلقاء نفسه لمنع
الشر عن التواجد فالكون فأي طفل يولد لأم مثلي ساكنة في بيت لا تبرحه منذ أعوام لا تحصى وأب
جامد المشاعر يتلذذ بألمى مثل فارس لا يفكر في
شئ الا جمع اموال طائلة وبناء مشروعات جديدة.


وفي كل ليلة يعود لينام بجوار تلك التحفة المقتناة
لديه جسدى ، جسدى فقط لأن روحي غادرتني منذ
مغادرتي لمصر وأمضائي علي عقد زواجي من فارس
قبل عدد من الأعوام لا أذكرها .



أتجه متثاقلة إلى المراة متفصحة ملامحي الشاحبة
التي باتت ترقد بين خط حياة وموت لا فاصل بينهما سوى أنفاسي المتصاعدة.



أتحسس ملامح وجهي ذو البشرة البيضاء وعيني
الملونة بلون العسل الأسود وخصلات شعرى تنسدل علي وجهي بلون الليل وان زاد لونها الليل بعض
شيب أبيض
متحسسة رقبتي ووجسدى وكأني أبحث عن روحية تلك الشابة التي كانت في يوم ما .



في وشط شلال أفكاري رأيتها تلك الصغيرة التي تداعبني بين الحين والأخر في مرأتي بداية تجسدها كنت أموت رعبا في جسدى منها .



ولكن اليوم حقيقة الأمر أصبحت صديقتي الوحيدة
في كون غريب عني وبيت لم أبرحه منذ أعوام عدة ؛ تلك الصغيرة صاحبة البشرة البيضاء والعيون بلون
العسل والشعر الأسود الطويل .



تلك هي أنا روحي الطفلة التي أطلت عليا في مرأتي
يوم ما ولكني صببت عليها لعنات المنطق وتركت كل شئ ورسائل القدر وهبته ورحلت الي مجهول لا
أعرف عنه شيئا .




ربما لهذا عاقبت روحية بزواجي من فارس فهذا كان ما تستحقة من عقاب ، عقاب أبدى كسجن مؤبد مدى الحياة سجن لجسدى بين أحضان رجل لا يفقه في المشاعر شيئا الا شهوته الجسدية ولذة انتقامه من جنس المرأه في سجنها في جسدى.




اذكر عندما وضعني فارس في تلك المصحة بأمر من والده عابد تحت أسم مستعار عندما تسلل الي عقله
أني قد فقدت عقلي عندما أخبرته بأحاديث تخص
والدته التي لم يكن يعلم عنها شيئا منذ أن كان في
الخامسة من عمره وانا لم أراها قط ،ولم يكن أحد منا يعرف بوفاتها حتي .




فأعتقد فارس اني فقدت عقلي واصبت بخلل عقلي
جعلني أعتقد اني أمه وزاده اصرارا انه كان يقسم انه يراني أحدث نفسي كثيرا وحدي !!!!



كان الأمر غريبا بحق كانت تزورني وتتحدث معي عن
كل ما مر به فارس في طفولته ولم أكن أعلم أنها لم تكن من سكان الأرض لان فارس نفسه كان لا يعلم عنها شيئا منذ أكثر من عشرون عاما .




فارس كان وحيد أبويه ولد لأب قاسي المشاعر لا
يختلف عن فارس كثيرا في جموده العاطفي والروحي ولأم عاشقة للحياة والحب.



تزوجته رغما عنها لوضعه الأجتماعي والمالي الذي كان معيار جذب لأي فتاه في ظروف بسيطة
ولجمالها الأخاد كما رأيتها أمامي بعيون زرقاء وشعر أسود وبشره قمحية تعكس لوحة فنية خلقت علي
وجه الأرض .



كم كانت جميلة تدعى جميلة وهي خير وصف لها !!!!!




جذبت والد فارس عابد السلحدار منذ اللحظة الأولي
لدى رؤيتها في عملها كنادلة في أحد الاندية التي يملكها قرر أن يتزوجها علي الفور .



وبطبيعة الأمر كان عابد عريس لا يمكن رفضه
العريس الذي تعامل معه أهلها علي أنه هبة من السماء نزلت لتنقذ إبنتهم من الفقر ومن ذلك الشاب
الفاشل التي تم خطبتها له منذ عده أشهر عن قصة حب سعيد .



وفي خلال أيام قام والدها بأنهاء خطوبة إبنته مع
سعيد وأعلن خطوبتها على عابد السلحدار ولم تكمل شهران الا وكانت زوجته.



كان فرح تحدثت عنه العامة لأيام فعابد مثل فارس
يعشق الشكليات ولم ينس عابد أن يمحو كل تاريخ سابق قد يعرفه من حوله لعائلة جميلة فأعطي لوالدها فيلا كبيرة ووضع في حسابه أموال طائلة.



وأدعى أمام الجميع أنه قد تزوج أبنه رجل أعمال كان يعيش خارج البلاد
وعاد تلك الأيام ليعقد قرانه علي أبنته حسب ما كان
الأتفاق بينهما أن يوفر لأهل جمبلة الاب والأم
وشقيقها حياة باذخة في دبي علي ألأ يعودا الي مصر في أي يوم حتى المقابر قام بشراء مقبرة لهم في
دبي وكأنه ينفي أي وجود لعائلة جميلة من جذورها .




وشرطه كان أن ينسوا أمر جميلة من حياتهم فهي
أصبحت ملكه وحده وتمت صفقة البيع في وسط دموع جميلة وجرح قلبها علي فراقها لحب عمرها سعيد .


ولم تمر عدة أشهر كانت جميلة تذوق فيهم العذاب من رجل لا يعرف الحب ولا الرحمة ولا لغة عندة في
التحدث سوى الصوت العالي والاهانه باهلها
والضرب وأضافة الي ذلك علاقات عابد االنسائية
الا متناهية .



لم يكن لجميلة ملجأ فالاهل قد باعوا وحبست هي
في القصر لا خروج إلا بصحبة عابد تماما كما فعل
فارس معي وكان فارس كان يعيد تاريخ عابد مجسدا
روح جميلة في روحي .



مر عام على هذا الحال وكانت قد أنجبت طفلها فارس وضعت فيه كل حبها الذي دفن أحبته بكل ذرة أمومية في كيانها
ذاكرت كتب تربية الأطفال لكي تستطيع أن تكون أم مثالية له .




وبالفعل كان طفلا متعلقاً بيها بشدة لم يعرف شخصا في عالمه سواها هي والمربية وعابد الذي كان يراه بين الحين والأخر .



كبر فارس الي أن بلغ عمر الخمس سنوات في هذه الحياة كثيرا ما كان يرى معاملة عابد معاها ولكنه بطبيعته الطفولية لا يدرك شيئا .



في يوم كانت جميلة تتصفح أحد المجلات حتي رأت حديث مع كاتب جديد لمسرحية ناحجة يحمل أسم سعيد السعدني وبجوارها صورته .



وفي عيونها سكنت دموع الشوق الذي سلب منها دون وجه حق في صفقة بيع كانت هي الخاسرة الوحيدة فيها جاءت كلماتها ....سعيد !!!!




وكانت هذا اليوم هو اليوم الذي قررت فيها جميلة ان ترد ما سلب منها ويكفي ما مر من عمرها دون حياة .



وللحظ كان هذا اليوم عابد ليس متواجدا في مصر في عمل خارجي خارج البلاد
قامت جميلة بوصع المنوم للحارس الشخصي الذي يتابعها في كل مكان وللمربية التي تشي بكل نفس يخرج منها الي عابد.




إنتظرت حتي أتي الليل وخرجت حاملة طفلها فارس في أتجاه بيت تعرفه جيدا .... بيت سعيد .
أستلقت تاكسي الي ذلك العنوان الذي تعرفه عن ظهر قلب ؛ نزلت أمام العمارة التي يقطن بها سعيد .



طلبت المصعد وأستقلته الي الدور الثاني وصعت يديها علي الجرس لتدقه ولكن خوفها غالبها في اللحظة الأخيرة .
ماذا لو كان تزوج !!!
ماذا لو طردها !!!
هل لازال يذكر حبنا ؟؟




ولأن روح سعيد شعرت بثمة أمر عند باب الشقة بينما كان جالسا في الصالة يتصفح كتاب تركه فجأة وأتجه لفتح الباب دون سبب .




لحظات مرت بين حيرتها لتدق الباب أم تنصرف الي حياتها الميتة فيها
وبين صوت الباب وطقطقة المفتاح وسعيد يفتحه ليجدها أمامه ؛ هي لم تدقة باب شقته ولكن روحها دقت باب روحه .




وقف سعيد أمام جميلة هامسا ... جميلة .

سعيد خرجت همساتها :
سعيد وحشتني .

سعيد ولازالت علامات الدهشة تحتل نبرات صوته
: انتي هنا فعلا هذا لست حلما .


لتخرج همساتها: نعم أنا هنا ؛ هل والدتك السيدة أحلام لازالت تقطن معك ..


نعم ....ولكنها نائمة الأن هل تريدني أن أوقظها .



جاء رد جميلة نعم أرجوك أن لا أستطيع التأخير ... أخشى أن يستيقظ فارس ويتسأل أين نحن عابد اذا عرف أني قد خرجت دون علمه سوف يقوم بقتلي .




عصر قلب سعيد علي حال جميلة ونظرات الخوف التي تحتل ملامحها بل واثار الضرب التي تظهر تحت عينيها علي الرغم من محاولاتها أخفائها بمساحيق التجميل .
خرجت كلماته تفصلي وسوف أٌقوم بإيقاظها .




صمتت جميلة برهة لتفكر ثم أستردت في القول أوقظها أولا أرجوك حتي أستطيع الدخول ؛ أنت لست غريبا عني يا سعيد رغم كل ما مر بنا ولكن الأصول أنا للأسف أحمل لقب متزوجة .



تفهم سعيد الأمر طالبا منها الإنتظار لدقائق حتي يتنسى له إيقاظ والدته
ولم تمر أكثر من دقيقتين الا وكانت أحلام تهرول في أتجاه باب المنزل .




ولم تمض برهة زمنية كانت محتضنة جميلة بحضن أم أرغم كل بركان الخوف والألم والوحدة علي الانفجار دموعا في أحضانها بعد أن وضعت طفلها علي الاريكة ليكمل نومه .



ظلت تبكي لمده بلا توقف حتي أبكت سعيد واحلام علي بكاءها سعيد الذي لم يعرف قلبه حبا ولا لروحه عشقا سوى جميلة .



وبعد أن هدات ظلت ساكنة في حضن أحلام وبدأت تحكي لهم عن كل ما يحدث معها وتخلي الأهل عنها وعلمها بوفاة والدتها ووالداها في دبي في حادث بعد سفرهم بوقت بسيط .


وعلى الرغم من هذا لم يقم أخيها بالتواصل معها وعن تمنيها الموت خيرا من هذه الحياه .



علقت أحلام قائلة : نرفع قضية طلاق عليه يا أبنتي وانتي وفارس في عيني
هذا هو الحل الوحيد سعيد له صديق يعمل محامي عوض صديقه .



عوض المحامي الرسام صديق سعيد من الجامعة
نعم نعم أذكره
هنا أكملت احلام حديثها وسعيد يراقب كل ما يحدث في صمت فشعوره العاجز بعدم استطاعته حماية حبيته يفوق كل وصف .




سعيد يذهب اليه غدا بأوراقك وبيناتك ويطلب منه رفع القضية ويكون الحكم فيها غيابي وأنا بجانبك يا جميلة .




الله يرحمها والدتك السيدة مديحة أعلم أن زهوة ما قدمه عابد أعمت عينهم في لحظة ضعف كل شئ مقدر ومكتوب
الحمدلله رددتها جميلة وهي تشعر أنها أخيرا عثرت علي طوق نجاة .




تنظر إلي ساعتها فتجدها قد أوشكت علي الحادية عشر مساءاً ؛ وقد أقترب موعد اتصال عابد وإذا أتصل ربما يستيقظ الحارس والمربية علي صوت الهاتف وتحدث الكارثة.
إستاذنت في الذهاب ولكن أحلام أصرت على أن تنزل معاها هي وسعيد لأن الوقت بات متأخرا ؛ وبالفعل ما كانت الا لحظات وكانوا جميعاً في تاكسي متجهين الي فيلا عابد السلحدار .



كان سعيد يراقب جميلة من المرأة وكأنه يملي عينه منها وشريط ذكرياته معاها من يوم ان قابلها المرة الأولي منذ أكثر من عشر أعوام الي خطبته لها وأحلامهم التي تحطمت علي صخرة عابد وصفقته مع أهل جميلة.




ومن الناحية الأخرى كانت جميلة تغالب شوقها لسعيد حفاظا على الأصول وأن كانت في داخلها شوق عارم يكاد يفتك بضلوعها الما من شدته لسعيد .




بعد ما يقرب من نصف ساعة كانت في فيلا عابد أطمئنت أن الأمور أمنه وان الخادمة والحارس لازالا في نومهما .



إتجهت الي غرفتها ووضعت إبنها بجوارها في سريرها والذي كان لازال في مرحلة النوم كانت تحرص أن تحمله بخفه خشية أن يستيقظ .




بدأت في تفحص ملامحها الذي لازالت تحتفظ بجمالها رغم كل ما مر بيها حتي اثار الضرب الذي برزت علي وجهها بعد إزالة مساحيق التجميل ظل جمالها بزرقة عينها تتحدى كل الم داخلي .




متنهدة محدثة نفسها :
لقد هان الأمر سأخرج أنا وفارس من هذا المكان قريبا جدا .
أنا علي ثقة أن أمي أحلام وسعيد لن يتركاني ابتسمت عندما خرجت منها كلمة أمي ؛ كانت هذه أول مرة تربط بها إسم أحلام بكلمة أمي .




كم أشتقت الي حنان أم او حتي حنان أي مخلوق علي وجه هذا االكون على روحي
ولان القدر لم يكن صديقا لها في هذه اللحظة ؛ وجدت عابد يظهر في مرأتها .



ليتنفض جسدها خوفا من رؤيته ولم تكد تمر لحظات إلا وكان قد جذبها من شعرها علي الأرض متهماً إياها بالخيانة .



لم تكن تعلم أنه عاد ووجد الفيلا فارغة وعلم أنها خرجت في مكان ما وزاد شكه بعد ما وجد المربية والحارس كل منهما في نوم عميق وشريط المنوم الذي استخدمته جميلة ملقى في سلة المهملات .




لحظات مرت فتك عابد بيها بشراسة كذئب حصل علي فريسته ليمزقها بين أنيابه ؛ أستيقظ علي اثر صراخها فارس ولم يسمع من والده ألا كلمة خائنة وهي تقسم ألف قسم انها لم تخنه ولم تخطأ.


ولكن بطبيعة عابد التي تشك فيها بجنون لم يسمع شيئا .



وبعد أن أصابها إغماء من شدة فتكه بها لم تدري شيئا إلا وهي في الصباح عندما فتحت عينيها ؛ وجدت جسدها ملقى في طريق خاوى من البشر تقريبا وجراحها تنزف دما من شدة فتك عابد بها الليلة الماضية .



ظلت تنظر حولها في خوف ورعب ما الذي حدث عثرت بجانبها على حقيبة يد صغيرة فتحتها علي أستعجال لتجد فيها خطابا من عابد .



لقد طلقتك أيتها الحقيرة أعلم أنك لم تخونني ولكني قد سأمت وجودك في حياتي .



كنتي كتحفة اشتريتها ولكني سأمتها ولكن تتذكرين عندما كنت اردد عليكي دائما ما يأخذ عابد لا يأخذه أحد سواه ؛ ولأني لا أريد أن أٌقتلك خشية علي أسمي فلقد
تركتك هنا في هذا المكان تموتين جوعا وعطشا او ربما تفتك بكي الذئاب .



ولحسن حظي أني سوف أقوم بأخبار فارس أنك قد رحلتي وتركتي من أجل رجل وقد سمع ترديد أنك خائنة فمن الأن لن يتذكر عنك شئيا الا أنك أمراه خائنة.



تركتني أنا وولدي المسكين ورحلتي
ولأنك تعلمين كم أحب خصلات شعرك الأشقر فلقد قمت بأخذها تذكار منك في كل الأحوال ستموتين عاجلا لن تفتقديها .




تصرخ جميلة من الألم من أعماق روحها ظلت تصرخ لوقت لا مجيب ولا حياة تتذكر كلماته عن شعرها وتشعر أنها لا تشعر بوجوده حتي على راسها هنا تنبه
أن عابد قد قام بحلاقة شعرها كاملا.



ولم يكتفي بهذا بل قام بجرح مناطق في جسدها باستخدام شيئا ما حاد .


ظلت تصرخ وقد أدركت انها ستودع الحياة لا محالة فأنكشمت علي نفسها خوفا وألما وعطشا وجوعا بعدة ما يقرب من يوم كامل قضته على هذا الحال




ولأنه لازال في عمرها حكاية أخرى كتبت لها أن تكون عوض , جاءها نجدة من السماء سائحان رجل وزوجته في عمر الخمسين يعبران الطريق بإستخدام سيارة مخصصة للصحراء للقيام بعمل سفارى في واحة قريبة .



في أثناء عبورهم الي وسط الصحراء وقعت عيناهم عليها وهي شبه جثة
توقفت سيارتهم علي بعد خطوات منها وترجلا مسرعين للحاق بها وهي تصارع أنفاس الموت .


عندما وصلا إليها صرخا من هلع منظرها والدماء التي تحيط المتبقي من ملابسها فلقد القاها عابد في وسط الطريق بملابس ممزقة لا تستر شئيا من جسدها .




كل ما قالته فارس ثم أغمضت عيونها في سكون .


حملاها السائحان في سيارتهم وقاموا بالإتجاه مسرعين الي ناحية الواحة التي لم تكن تبعد كثيرا عن المكان الذي عثروا عليها فيه .




وعند وصولهم طلبوا النجدة من البدو سكان الواحة الذين أسرعوا في محاولة إيقاظها ولم يفلحوا فلقد ساءت حالتها كثيرا من شده ما فقدت من دماء وحر وجوع وعطش .


فأتجهوا بها مسرعين الي المستشفي مع السائحين الذين اصرا على ان يكونوا في صحبتها من الإطمئنان عليها .



وصلت جميلة الي المستشفي وهناك بعد الإسعافات الطبية وتطهير جروحها ووضعها علي أجهزة التنفس بدأت في إستعادة وعيها تدريجيا .



تذكرت كل ما حدث لها من عابد وبدأت في الصراخ فلم يكن أمام الاطباء حلا إلا أعطاءها حقنة تجعلها تنام مدة طويلة
مر أسبوعان علي هذا الحال الي أن بدأت تهدى وتستوعب ما يحدث حولها .



وعندما حضر ضابط من الشرطة ليستوجبها عمن فعل بها هذا ؟
قصت عليه ما حدث من زوجها عابد السلحدار .




طمئنها الظابط أنها سيقوم بارسال أشارة مستعجلة الي القاهرة للقبض عليه فما فعله بها جريمة يعاقب عليها القانون ولحسن حظها انها لم تفقد الخطاب فلقد أحتفظت به في ملابسها .


وفي المستشفي عند وصولها احتفظوا به في قسم الامانات ليكون دليلا على جريمة عابد في حقها علي مر السنوات .




وبعد عدة ساعات من حديثها مع ضابط الشرطة جاءها خبر زلزل كل كيانها
على لسان الضابط :



عندما تواصل مع شرطة القاهرة للقبض على عابد جاءه الرد
أن رجل الأعمال صفى كل أعماله في مصر ورحل الي خارج البلاد ومعه أبنه ولن يعود مره أخرى .




كان الخبر كا النار أحرقت المتبقي من روحها وعاد الأطباء لأعطاءها الحقن االمهدئة لأجبارها علي النوم .




كان قد مر أسبوعان أخران علي تلك الحادثة وجميلة تفوق لتعاود الصراخ فيعاود الاطباء أعطاءها المنوم والسائحان الذان أحضراها متحملين نفقات المستشفي .




كان السائحان رجلا وسيدة يبلغان من العمر قرابة الخمسين عاما كان فد فقدا إبنتهم الوحيدة في حادث منذ عام وقررا علي اثره أن يتركا أنجلترا وينتقلان للحياة في مصر .



وعندما عثروا على جميلة وعادت للحياة قررا أن تكونوا عوضاً عن إبنتهم المتوفاه وتعاملوا معاها على أنها رحمة من القدر بقلوبهم المفطورة علي أبنتهم .



وفي يوم كان يحمل جمال شروق السمس أستيقظت جميلة وظلت صامتة ولكن بلا صراخ .



دخل اليها السائحان وكان الرجل يدعى أدم وزوجته تدعي مارجريت وكانت جميلة قد رأتهم مرات عدة يزورنها وتعرف انهم من عثروا عليها .



ولكنهم لم يتحدثا قام أدم بأحضار كرسي له و لزوجته ليجلسا بالقرب منهاا وبدأ في التحدث معها بلغة عربية مكسرة .



أعلم انك مررت بألم نفسي وبدني فوق أحتمال البشر وأن هذا المجرم عابد قد هرب بولدك خارج مصر لكن الله لن يتركه كوني علي ثقة أن هناك حياة جميلة مثل إسمك تتنظرك .




صمت قليلا وبادرت مارجريت بالحديث
أنا قفدت إبنتي منذ عام رحلت عن الحياة كانت كزهرة يانعة اخذها الموت علي بغتة اعتقدت أن الحياة قد توقفت.



وتركنا انا وزوجي إنجلترا بلدنا ونقلنا حياتنا في مصر هربا من ذكرى موت أبنتي وعندما عثرت عليكي شكرت الله انه قد رزقك الحياة مرة أخرى لتكوني أنتي أبنتي.


متنهدة أستردت مارجريت حديثها
أنا بجانبك وأدم لا تخشي شيئا وعندما تستردين صحتك سنبحث عن عابد في العالم كله حتي تجدى أبنك .



تحركت من مكانها وقامت بأحتضان جميلة شعرت جميلة بصدقها ودفئ مشاعرها دمعت عينها في صمت وبدأت في شكرهم علي وجودهم وأنقاذهم حياتها .



هنا سألها أدم هل لديك أي أحد يمكن أن يقلق عليكي لنطمئنه
أنتي الأن منذ اكثر من شهر في المستشفي وأذا كان لديك شخص يهمه أمرك لابد انه يكاد يجن خوفا عليكي .



هنا تذكرت سعيد وأحلام والدته والليلة الاخيرة التي قضتها ما بينهم
متحدثة الي أدم : نعم نعم يوجد شخصان ولكني لست معي اي رقم هاتف ليهم كل ما أذكره عنوان فقط في القاهرة
أجابها أدم في حنان أبوى : اذا أعطني العنوان وأنا سأسافر الأن الي القاهرة.




لكي اطمئنهم عليكي وأعود سوف يستغرق السفر ما يقرب من ساعتين ذهاب وساعتين عودة فخير لي أن أتحرك الان علي أن أعود في الليل ومارجريت ستظل معكي طوال اليوم .



أكملت مارجريت حديثه بسؤالها : من هذان الشخصان هل هم أهلك .



أبتسمت جميلة لتأتي كلماتها في مقام أهلي ...ماما أحلام وسعيد خطيبي السابق
متنهدة في سخرية أهلي قد باعوني الي عابد منذ سنوات ... الحمدلله علي كل شئ .



أحتصنها مارجريت في حنو وطلبت منها أن تقوم لتنزل معها في حديقة المستشفي لتناول أفطارها بعد أن أستاذن أدم في الذهاب للعودة الي القاهرة .




تحركت جميلة معاها محاولة تجميع ما تبقي من قوتها لتقف علي قدميها .



وفي طريق خروجها من المرأة عبرت بجوار المراة لترى نفسها لاول مرة بعد ما حدث.



ظلت تنظر الي نفسها للحظات الي رأسها المحلوق الذي كانت الخصلات الصفراء عليه تتدلي علي ظهرها ووجهها الذي ظل يحمل أثار الضرب وان خفت بعض اثارها علي مرور الشهر الا انه لم يعود لجمالها بالطبع .




نزلت دمعة علي حالها وجمالها الأخاذ الذي تبدل وطلبت من مارجريت العودة وانها لن تستطيع النزول أو روية أحد بهذة الهيئة , تفهمت مارجريت الموقف ضامة أياها الي حضنها مرردة كلمات كل شئ سيعود الي موطنه لا تقلقي يا صعيرتي.



سترد ليكي الحياة والفرحة كل ما ذبل بداخل روحك سيذدهر من جديد توجهت بالعودةالي سريرها ولكن هذه المرة وهي تنوى العودة الي الحياة .



كل شئ سيعود الي موطنه لا تقلقي يا صعيرتي سترد ليكي الحياة والفرحة كل ما ذبل بداخل روحك سيذدهر من جديد .



كانت هذه الكلمات الأخيرة التي ظللت أراها في منامي سنوات أنا روحية الي أن زرتني روح جميلة في ليلة هادئة .



جاءت زياراتها لتقص عليا حقيقة ما حدث وما عمي عنه فارس طوال سنوات عدة وكانت هذه المرة الأولي في حياتي التي أفهم فيها حقيقتي.


أن هذا قدرى أن تكون روحي ما بين عالمين قدرى الذي هربت منه الي أحضان فارس تاركة أمجد الشخص الوحيد الذي أحبه قلبي وكأني اعيد سيناريو جميلة بشكل مختلف .



أذكر ذلك اليوم الذي حدثت فيها فارس عن جميلة وعما فعله والده ولم يتحمل فارس كلماتي وفي أخر تلك الليلة كان مكاني مصحة للأمراض النفسية متهما أياي بالجنون.



لكنه بعد عدة أيام قرر عودتي الي المنزل خوفا علي سمعته مقسما علي اذا تحدثت في هذا الأمر مرة أخرى سوف يقوم بفتلي .



وها قد رفع الستار عن عابد وما قصته جميلة كانت مجرد بداية ... بداية فقط

نهاية الفصل الرابع.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي