الفصل الرابع
ايوان ساكوراي شخص ثرثار للغاية!
هذا ما إكتشفته اليوم فهو منذ اللحظة التي جلس فيها على مقعده في السيارة لم يتوقف عن الحديث أبدًا.
تحدث عن أي شيء وكل شيء، كان كطفل عاد من جولته الأولى في مدينة الملاهي، وكم هو مزعج هذا الطفل
بالتأكيد كنتُ صامته كل الوقت لم أقل اي كلمة أو أعلق أي تعليق فقط إلتزمت مكاني في حافة المقعد ملاصقه للباب وعيناي على الشارع عبر النافذة.
بل حتى أنني تثاءبت مرة في منتصف حديثه
أتعلمون بدأت أشك أن هذا الأيوان المعروف بكوبو ليس ببشر، وكما هو واضح لم يبدو أنه سيأخذني للمنزل، فمنزلي بالتأكيد لا يقع في هذه الأنحاء لكنني لم أسأله إلى أين سيأخذني فقط أنتظر فرصة لكي أهرب
آخٍ فقط لو كان هاتفي معي، هذا الأحمق لم يعده لي وإحتفظ به، لابد أنه تعلم من المرة السابقة ولن يعيده لي حتى لا أتصل بأحد
بعد عشرين دقيقة من السير عبر شوارع طوكيو توقفت السيارة أمام مبنى كبير واجهته زجاجيه بالكامل
بدا كمبنى سكني أو ربما تمتلكه شركة ما لا أدري فجميع مباني طوكيو تتشابه في نظري
قال حينما أوقف السيارة:
- لقد وصلنا
سألته:
- أين نحن؟
أجاب وهو يفك حزام الأمان:
- إنه مبنى يضم بعض الشركات الخاصة كل طابق يحوي شركة
- وما الذي نفعله هنا؟
- هنالك شيء أود أن أريك إياه.
عبست قائلة:
- ألم يكن من المفترض أن تأخدني لمنزلي!!
رد متحذلقًا وهو يفتح بابه ليخرج:
- قلت سأوصلك، لكن لم أقل إلى أين
ضيقت عيني ناظرة إلى حيث كان يجلس، إنه ثعلب ماكر، بل ذئب خطر وغريزتي تخبرني أن لا أثق به أبدًا
فوجئت عندما فتح بابي ليبرز هو قائلًا:
- ألن تخرجي؟
قلت بنبرة مرتابة:
- أنت تعلم أن إرغامي على فعل أشياء لا تليق يسمى إعت..
قاطعني من كلامي قائلًا لهجة غاضبة ومُهانه:
- يونا.. من تظنيني؟ أنا لست أحد أولئك المهاويس الذين يتصرفون بغريزتهم توقفي عن التصرف كالأطفال وثقي بي.
أكمل بجدية وعيناه لم تفارق عيني المشككتين
بدا لي غريبًا، كان يقف أمام الباب مباشرة حاجبًا الشارع عني وواضعًا يدًا على الباب والأخرى أعلى السيارة، قلت له:
- عندما تتصرف بطريقه تجعلني لا أشك بك يمكنني حينها أن أثق بك، لكنك لا تفعل شيئًا سوى محاولة مغازلتي
عاود الإبتسام وهو يبتعد قليلًا فاتحًا الطريق لي لأخرج وقد مد يده ليساعدني على النزول، قال:
- إذا لم أفعل هذا لن تقعي في حبي لكن لا تقلقي هنالك حدود لن أتجاوزها، فأنا لا أريدك أن تكرهيني.
نظرت ليه نظرة "من تظن نفسك" يبدو أن هذا الساكوراي يظن نفسه في مسلسل ما، لمَ لا يستيقظ فنحن في الواقع وليس دراما منخفضة المستوى
بالطبع تجاهلت يده الممدودة، ونزلت من السيارة وأنا أعدل من معطفي
كانت الساعة الثانية مساءً وقد تغطت السماء بغيوم رماديه جعلت الوقت يبدو كالسابعة، جو لا يبشر بخير.
أريد سببًا واحدًا يشجعني أن أذهب معه!
لا شيء يبشر بخير، اذًا لماذا أنا هنا؟؟
تبًا لك هاتفي اللعين.
قال وهو يغلق الباب والسيارة:
- لنذهب
توجهنا إلى الداخل، حيا كوبو رجل الإستقبال يبدو أنه يعرفه جيدًا ثم توجهنا إلى المصعد، ضغط على زر أخر طابق، الطابق الخامس عشر
بدا عليه الحماس بينما بدا علي الحذر ، ياليت هاتفي معي، كنت على الأقل أرسلت رسالة تحذيرية إلى تشيهارو أو كتبت رسالة لاخبر الشرطة عن هوية قاتلي... حسنًا يبدو أن الجزع قد نال مني.
وصلنا إلى الطابق الأخير، ونزلنا من المصعد وللمفاجأة لم يذهب ناحية أحد الأبواب في المكان، بل توجه ناحية السلم الذي يقود إلى سطح المبنى
توقف عندما وجد أنني لم أعد أتبعه، إلتفت ناحيتي قائلًا:
- ماذا؟
قلت وأنا أضع يدًا فوق الأخرى:
- حسنًا، أتظن أنني سأدعك تأخذني لمكان مهجور تستطيع قتلي فيه بدون إزعاج بهده البساطة؟
قالباسمًا بإستمتاع:
- أنتِ بالتأكيد تشاهدين الكثير من الدراما
قلت بحدة:
- يكفي مزاحًا وأخبرني ماذا يوجد فوق ولماذا أحضرتني إلى هنا وإلا لن أتحرك شبرًا واحدًا
تنهد مستسلمًا بينما يدير عينيه ليقول أخيرًا:
- أنتن النساء ليس لديكن أي صبر. حسنًا سأخبرك
جاء ووقف أمامي، وضع يديه في جيبي معطفه وقال:
- كما ترين هذا المبنى يقوم بتأجير طوابقه إلى الشركات والمؤسسات الحكومية وغيرها وصاحبه أحد معارف والدي، لذلك طلبت منه طلبًا خاصًا وهو أن يقوم بتأجيري سطح المبنى من دون علم شخص حتى أستطيع تقضيه فيه بعض الوقت وحدي.
يمكنك القول أنني جعلته كـمقر سري "قالها محرجًا" أحب الأماكن العالية وأن أنظر للمدينة من فوق فالأضواء تكون رائعة، لذلك إخترت أخر طابق كما أن المكان ينعم بالهدوء.
أنهى كلامه وانتظر ردة فعلي. رفعت حاجبًا ولم أقل شيئًا لثوان إلى أن علقت:
- ولماذا أنا هنا؟
أجاب فورًا:
- أردت أن أريك إياه كما قلت.
لم يعطني فرصة للتعليق وجرني من معصمي عبر السلم، فتح باب السطح بمفتاح علقه في سلسلة مفاتيح راقية، رياح نوفمبر الباردة لفحت وجهي بقوة، أغمضت عيني بقوة بينما قادني ايوان فتحت عيني ببطء لأجد سطحًا كغيره من الأسطح
ترك ايوان يدي وتوجه إلى يسار المكان حيث نصبت خيمة واسعة لونها رمادي غامق.
دهشت حينما رأيتها كانت من نوع الخيمات التي تستعمل في البراري في أفلام الحياة البرية، كلا.. ليست مثلهم بل هي أثخن، ورغم كونها لم تكن عالية الطول الا انها واسعه إستطعت تمييز جهاز تدفئة في أي الجوانب. يبدو أن داخلها أكثر غرابة!
قال ايوان:
- ها هو ذا مقري السري.
- هل أنت جاد يا هذا؟
- كل الجدية، جاء وقت لم أستطع فيه الإسترخاء في منزلي بسبب كثرة الزوار والمعجبين وأشياء أخرى لذلك جئت إلى هنا، حيث لا أحد يعلم عن هذا المكان غيري، جهزت هذه الخيمة وأوصلتها بالتيار الكهربائي ووضعت فيها أساسيات الحياة.
اقضي فيها بعض الوقت بعيدًا عن كل شيء.
قلت واضعة يدًا فوق الأخرى:
- هممم مثير للإهتمام ولكن بما أنني ثاني شخص يعلم عن هذا المكان ألا تخاف أن أذهب وأنشر في الإنترنت عنه وأضع العنوان؟ تعلم.. إنه إغراء كبير وصدقني فور أن تعطيني هاتفي سيكون أول شيء أفعله.
رد بقلق:
- أنت لست شريرة لهذه الدرجة
- أوه ، إذًا انا شريرة! سأنشره وأنشر بعض أسرارك أيضًا.
أضفت بإبتسامة واسعة ليعقد ايوان حاجبيه قائلًا بثقة:
- أعلم أنك لن تفعليها، فبعد أن تري المكان ستغرمين به.
ختم وهو ينحني ليفتح السحاب الخاص بالخيمة، ويرفع مدخلها لي لأدخل قائلًا:
- تفضلي
ليس من المفترض أن أدخل، مكان غريب مع رجل غريب ولا احد يعلم عنه. إنه سيناريو ممتاز لقصة رعب، لكن ألدي خيار أخر؟
تنهدت، ثم إتخذت خطواتي للداخل
كان أول ما وقع تحت ناظري أريكه من النوع الذي يمكن أن تصبح سريرًا وعليها بعض الأغطية وقد وضعت بمحاذاة نافذة في الخيمة مغطاة بشاش ثخين، ويبدو أنه يمكن إنزاله فلا يكون هنالك عازل بين الشخص ومنظر المدينة
وعلى الجانب هنالك ثلاجة صغيرة وتلك المدفاءة التي رأيتها من الخارج وقد سارع بتشغيلها فور أن دخلنا لينبعث بعد الدفء في أوصالي المتجمده
قال وهو يشير ناحية الأريكة:
- أجلسي، فالجو بارد.
جلست حيث أشار فأخذ أحد الأغطية ووضعه على حجري، غطيت به ساقي اللتين تجمدتا لأنني لا أرتدي سوى جوارب عليهما، ذهب ناحية الثلاجة وأخرج علبتي عصير مانجو وبعض رقائق البطاطس.
لاحظت حينها أن في المكان مكتبة صغيرة فيها بعض الكتب، ما يقارب ثلاثين كتابًا، قلت له بينما إتخذ مجلسًا على الأريكه واضعًا الاشياء على طاولة جلبها من مكان ما:
- لقد جهزت المكان جيدًا
- بالتأكيد إنها غرفتي الثانية، بل أحيانًا لا أذهب لمنزلي إلا لتغيير ثيابي وأقضي ليلتي هنا.
أضاف وهو يشير ناحية منظر المدينة:
- المنظر بديع في الليل أردت احضارك ليلًا لكن إن كان إحضارك نهارًا صعبًا فما بالك بليلًا.
- تفكير سليم، لكنني حتى الأن لا أفهم لم تريد جعلي أتي إلى هنا.
أجاب ببساطة وهو يعطيني إحدى علب العصير:
- ألستي تريدين جعل الشخص الذي تحبين أن يشاركك في الأشياء التي تحبينها؟ نفس الشيء أريد أن أريك كل ما أراه جميلًا، أن نذهب معًا إلى أماكن لا يعرفها أحد ونكون وحدنا فقط.
قلت بريبة:
- أوه ، حقًا؟
فتح علبته وأخذ رشفة ثم وضعها على الطاولة ونهض مخرجًا معطفه وبذلته ليبقى بالقميص الأبيض والكنزة الحمراء فوقه فقط، قال لي:
- أعطيني معطفك، فالجو أصبح دافئًا
- إلى متى تنوي حبسي هنا؟
تبسم قائلًا:
- حبسك! ههه أسف اليوم ليس لديك أي مواعيد وأنا كذلك، إذًا لماذا لا نبقى هنا قليلًا.
- أريد الذهاب وحفظ دوري.
- يمكننا حفظ ادوارنا معًا، كما يمكننا التدرب معًا أيضًا فـ..
قاطعته:
- شكرًا لا أريد
- عنيده كالعادة، هيا أخلعي المعطف.
بتردد كبير وبريبة أكبر خلعته واعطيته إياه، ليعلقه في علّاقة ملابس موضوعة في أحد الأركان، ولاحظت أن هنالك خزانه صغيرة لابد أن بها بعض الثياب، حسنًا هذا الرجل غريب حقًا
لاحظت أنه ينظر إلي بينما كنت أنظر إليه قال مبتسمًا بخبث وهو يضع يديه في جيبي بنطاله الأسود:
- أيعجبك ما ترين؟
قلت:
- صدقني، لست أنا من يعجبه ما يرى
ضحك قائلًا:
- هذا صحيح، أعجبني فستانك للغاية أنت جميلة.
تجاهلته وعدت جالسة في مكاني وواضعه الغطاء حول حضني، أخذت علبة عصيري لأفتحها لكنها إستعصت علي ليأخذ هو العلبة فجأة ويفتحها ثم يعيدها لي.
أخذت رشفة ثم قطعة من الرقائق البطاطس ونظرت إلى المنظر أمامي.
بالتأكيد هذا المكان رائع، والمنظر الذي يطل عليه مثالي، مدينة طوكيو تبدو رائعة من هنا بعض الأضواء هنا وهناك وتلك الأشجار التي تبرز من بين المباني. لون السماء الرمادي تناسب مع لون المباني منظر كئيب بعض الشيء لكنه جميل أيضًا، يا ترى كيف يبدو المنظر ليلًا؟
أغضبني أنني فكرت في ذلك، جلست إلى الخلف في الاريكة ولويت شفتي مغتاظة نظرت بطرف عيني له فوجدته ينظر إلي، قال:
- ما الأمر، هل راودتك فكرة سيئة؟
- بالتأكيد، وكيف لا تراودني أفكار سيئة وانا معك في نفس المكان
قال بخبث:
- هاااا
كنت قد مددت يدي لأخذ من الرقائق عندما فهمت ما يقصد، قمت برمي ما أمسكت به في وجهه قائلة:
- تافه
ضحك بصوت عالٍ وهو يبعد الرقائق عن شعره الأسود، هذه ليست أول مرة أراه يضحك أليس كذلك؟
أبعدت نظري عنه، وقلت:
- هوي، أخبرني أمرًا
رد وهو يتكئ على الأريكة مثلي وينظر عبر تلك الفتحه إلى المدينة:
- ماذا تريدين أن تعرفي؟
- لمَ أنت... ممم تدعي محبتي؟ أعني أنني لم أفعل شيئًا يجعلك تحبني بل حتى لم يكن بيننا أي حديث جدي إلى قبل ثلاث سنوات حينما عرضت علي الزواج أول مرة، وبالتأكيد أنا لست مثل أولئك الفتيات لم اتقرب اليك او أحاول اغرائك بل حتى أعاملك بقسوة، فلم أحببتني؟
سألت سؤالي وعم صمت، صمت عميق لدرجة أنني نظرت إليه لأتأكد إن كان مستيقظًا، كان مستيقظًا بالفعل لكن وجهه كان بلا ملامح.
قال أخيرًا:
- بالمناسبة، أنا لا أدعي حبك أنا أحبك بالفعل.
قال أخر جملة وقد حول وجهه ناحيتي وبصوت خافت وعيناه تلمعان، إلتقت عينانا
اوه هذه أول مرة يقول هذه الجملة بهذه الطريقة.
شعرت أنني في دراما مدرسة ثانوية ، حسنًا يبدو أنني لست الوحيدة التي أكثرت من مشاهدة الدراما!
لاحظت حينها إحمرار وجنتيه حينما طالت نظراتنا لبعضنا، أبعد نظره عني وقال:
- لم لا تقولين شيئًا؟
- وماذا يفترض أن أقول، وبصراحة لا أريد مجاراتك في السيناريو المبتذل الذي تحاول ضمي إليه، عمومًا لم تجب عن سؤالي.
بدا عليه بعض الحزن كما يبدو، تنهد وغطى فمه بيده مفكرًا وهو يرمق المنظر الرمادي في الخارج، قال بعد صمت قصير:
- سأخبرك إن أخبرتني أمرًا
قلت بسرعة:
- لن أخبرك.
- أنتِ حتى لا تريدين معرفة ما هيته!
قلت وأنا أتناول شيئًا من عصيري :
- لست مجنونة حتى أخبر شخصًا يلاحقني بعض أسراري
- كلام منطقي، حسنًا لن أخبرك عن إجابه سؤالك مالم تخبريني عن سبب كرهك للرجال، إتفقنا اذًا.
- في النهاية أخبرتني، ومن ثم من قال أنني أكره الرجال؟ لو كنت أكرههم كيف إستطعت التمثيل معهم كل هذه السنين وأنت تعرف مجال عملنا وما نضطر أحيانًا لفعله.
قال ببساطة:
- بل تكرهينهم، لا دخل لتمثيلك بالأمر فأنت حين تمثلين لا تكونين نفسك تصبحين تلك الشخصية التي تمثلينها قلبًا وقالبًا لذلك يختفي كرهك للرجال فقط حينما تمثلين، لكن بشخصيتك أنت.. يونا، أنت تكرهينهم.
جحظت عيناي للحظة، نظرت إليه بإستغراب ثم سرعان ما قلت:
- أنت تتخيل فقط.
- يمكنك إنكار هذا كما تريدين، لكنني متأكد مما أقول.
لم أرد عليه، شربت أخر رشفة من عصيري كما فعل هو بينما ننظر للمشهد أمامنا
كم أكره كوننا نبدو كزوجين يتحدثان سويًا بعد يوم عمل وكوني مرتاحة هو أكثر ما أكره.
كما أكره كونه إستطاع قراءتي ككتاب مفتوح، أنا لم أخبر أحدًا عن كرهي للرجال من قبل ولم أعترف بذلك لنفسي. منذ ذلك الحادث عندما كنت صغيرة
بالتأكيد لست عديمة مشاعر حتى تكون نظرتي للحب هي فقط ما تغير بعد الحادث، بل أصبحت أنفر من الرجال نوعًل ما، كنت دائما ما أشترط في ادواري أن لا يكون هنالك الكثير من ذلك النوع من المشاهد أو ان تؤديها فتاة بديلة، سبب لي ذلك بعضًا من المشاكل في بداية مسيرتي، كان ذلك قبل أن أمرن نفسي على إلغاء شخصيتي تمامًا في التمثيل حتى أستطيع العمل بحرية
المهم أن لا أحد يعرف عن ذلك حتى والدي لم أصارحهما بالامر رغم أنني أظن أنهما قد لاحظا ذلك بلا ريب وبالتأكيد حينما قدمت أوراقي الشخصية للعمل في الشركة قبل سبع سنوات إشترطت على مدير الشئون الإدارية أن تبقى معلومة تعرضي للاعتداء سرًا عن أي أحد، ولا احد سوانا يعلم بذلك
والان يأتي هذا الـ.. الـأحمق المنحرف ويستنتج هذا ببساطة!! أشعر أنني قد خسرت أمامه
أخذت شعري المكوم على الجهة اليسرى بإنزعاج وأرجعته للخلف ولففته بشكل كعكة فقد أزعجني بوجوده على جانبي، بالطبع كان ايوان يراقب، قال لي:
- ماذا ستفعلين بشأن شعرك؟
شعري، موضوع مؤلم بالنسبة لي من دون أن أشعر قلت بصراحة:
- لا أدري، لم أستطع قصه البارحة فإضطررت للتصوير بشعر مستعار وكم كرهت ذلك، لكن لا خيار لدي لقد سجلت موعدًا مع مصففه شعري غدًا وسأقصه.
- ياللأسف فشعرك جميل أكثر وهو طويل.
- أعلم، لكن الجيد أن شعر مينامي ليس قصيرًا للغاية سيكون حده فوق كتفي، وبنهاية التصوير سيعود طوله كما كان.
قلتها وأنا ألعب بشعره خائنه إنسابت أمام وجهي، فجأة إمتدت يد كوبو ليمسك تلك الشعره بأطراف أصابعه ويعيدها خلف أذني ويقول:
- أرجو ذلك.
نظرت إليه عاقدة حاجبي، قلت وأنا أنهض:
- حسنًا هذا يكفي، أريد العودة إلى منزلي
نهض هو الأخر قائلًا:
- حسناً لا بأس، سأقلك إلى بيتك.
ذهب إلى حيث معاطفنا وأعطاني خاصتي، ثم أخرج هاتفي من جيب معطفه وأعطاني إياه قائلًا:
- تفضلي، إستحققتي عودته إليك
رمقته بغيظ، وإرتديت معطفي وذهبت قبله حيث بقي قليلًا ليطفئ الكهرباء في المكان
عند الرابعة والنصف كنت قد وصلت إلى منزلي أخيرًا، هذه المرة كانت رحلتنا هادئة، لم يتحدث إلي ولم أحاول النظر اليه حتى، كان أول شيء تذكرته عندما وطئت قدماي أرض غرفتي ذلك الحلم الذي حلمت به قبل أيام.. هززت رأسي لأنساه، هو شيء لا أريد أبدًا تذكره.
هذا ما إكتشفته اليوم فهو منذ اللحظة التي جلس فيها على مقعده في السيارة لم يتوقف عن الحديث أبدًا.
تحدث عن أي شيء وكل شيء، كان كطفل عاد من جولته الأولى في مدينة الملاهي، وكم هو مزعج هذا الطفل
بالتأكيد كنتُ صامته كل الوقت لم أقل اي كلمة أو أعلق أي تعليق فقط إلتزمت مكاني في حافة المقعد ملاصقه للباب وعيناي على الشارع عبر النافذة.
بل حتى أنني تثاءبت مرة في منتصف حديثه
أتعلمون بدأت أشك أن هذا الأيوان المعروف بكوبو ليس ببشر، وكما هو واضح لم يبدو أنه سيأخذني للمنزل، فمنزلي بالتأكيد لا يقع في هذه الأنحاء لكنني لم أسأله إلى أين سيأخذني فقط أنتظر فرصة لكي أهرب
آخٍ فقط لو كان هاتفي معي، هذا الأحمق لم يعده لي وإحتفظ به، لابد أنه تعلم من المرة السابقة ولن يعيده لي حتى لا أتصل بأحد
بعد عشرين دقيقة من السير عبر شوارع طوكيو توقفت السيارة أمام مبنى كبير واجهته زجاجيه بالكامل
بدا كمبنى سكني أو ربما تمتلكه شركة ما لا أدري فجميع مباني طوكيو تتشابه في نظري
قال حينما أوقف السيارة:
- لقد وصلنا
سألته:
- أين نحن؟
أجاب وهو يفك حزام الأمان:
- إنه مبنى يضم بعض الشركات الخاصة كل طابق يحوي شركة
- وما الذي نفعله هنا؟
- هنالك شيء أود أن أريك إياه.
عبست قائلة:
- ألم يكن من المفترض أن تأخدني لمنزلي!!
رد متحذلقًا وهو يفتح بابه ليخرج:
- قلت سأوصلك، لكن لم أقل إلى أين
ضيقت عيني ناظرة إلى حيث كان يجلس، إنه ثعلب ماكر، بل ذئب خطر وغريزتي تخبرني أن لا أثق به أبدًا
فوجئت عندما فتح بابي ليبرز هو قائلًا:
- ألن تخرجي؟
قلت بنبرة مرتابة:
- أنت تعلم أن إرغامي على فعل أشياء لا تليق يسمى إعت..
قاطعني من كلامي قائلًا لهجة غاضبة ومُهانه:
- يونا.. من تظنيني؟ أنا لست أحد أولئك المهاويس الذين يتصرفون بغريزتهم توقفي عن التصرف كالأطفال وثقي بي.
أكمل بجدية وعيناه لم تفارق عيني المشككتين
بدا لي غريبًا، كان يقف أمام الباب مباشرة حاجبًا الشارع عني وواضعًا يدًا على الباب والأخرى أعلى السيارة، قلت له:
- عندما تتصرف بطريقه تجعلني لا أشك بك يمكنني حينها أن أثق بك، لكنك لا تفعل شيئًا سوى محاولة مغازلتي
عاود الإبتسام وهو يبتعد قليلًا فاتحًا الطريق لي لأخرج وقد مد يده ليساعدني على النزول، قال:
- إذا لم أفعل هذا لن تقعي في حبي لكن لا تقلقي هنالك حدود لن أتجاوزها، فأنا لا أريدك أن تكرهيني.
نظرت ليه نظرة "من تظن نفسك" يبدو أن هذا الساكوراي يظن نفسه في مسلسل ما، لمَ لا يستيقظ فنحن في الواقع وليس دراما منخفضة المستوى
بالطبع تجاهلت يده الممدودة، ونزلت من السيارة وأنا أعدل من معطفي
كانت الساعة الثانية مساءً وقد تغطت السماء بغيوم رماديه جعلت الوقت يبدو كالسابعة، جو لا يبشر بخير.
أريد سببًا واحدًا يشجعني أن أذهب معه!
لا شيء يبشر بخير، اذًا لماذا أنا هنا؟؟
تبًا لك هاتفي اللعين.
قال وهو يغلق الباب والسيارة:
- لنذهب
توجهنا إلى الداخل، حيا كوبو رجل الإستقبال يبدو أنه يعرفه جيدًا ثم توجهنا إلى المصعد، ضغط على زر أخر طابق، الطابق الخامس عشر
بدا عليه الحماس بينما بدا علي الحذر ، ياليت هاتفي معي، كنت على الأقل أرسلت رسالة تحذيرية إلى تشيهارو أو كتبت رسالة لاخبر الشرطة عن هوية قاتلي... حسنًا يبدو أن الجزع قد نال مني.
وصلنا إلى الطابق الأخير، ونزلنا من المصعد وللمفاجأة لم يذهب ناحية أحد الأبواب في المكان، بل توجه ناحية السلم الذي يقود إلى سطح المبنى
توقف عندما وجد أنني لم أعد أتبعه، إلتفت ناحيتي قائلًا:
- ماذا؟
قلت وأنا أضع يدًا فوق الأخرى:
- حسنًا، أتظن أنني سأدعك تأخذني لمكان مهجور تستطيع قتلي فيه بدون إزعاج بهده البساطة؟
قالباسمًا بإستمتاع:
- أنتِ بالتأكيد تشاهدين الكثير من الدراما
قلت بحدة:
- يكفي مزاحًا وأخبرني ماذا يوجد فوق ولماذا أحضرتني إلى هنا وإلا لن أتحرك شبرًا واحدًا
تنهد مستسلمًا بينما يدير عينيه ليقول أخيرًا:
- أنتن النساء ليس لديكن أي صبر. حسنًا سأخبرك
جاء ووقف أمامي، وضع يديه في جيبي معطفه وقال:
- كما ترين هذا المبنى يقوم بتأجير طوابقه إلى الشركات والمؤسسات الحكومية وغيرها وصاحبه أحد معارف والدي، لذلك طلبت منه طلبًا خاصًا وهو أن يقوم بتأجيري سطح المبنى من دون علم شخص حتى أستطيع تقضيه فيه بعض الوقت وحدي.
يمكنك القول أنني جعلته كـمقر سري "قالها محرجًا" أحب الأماكن العالية وأن أنظر للمدينة من فوق فالأضواء تكون رائعة، لذلك إخترت أخر طابق كما أن المكان ينعم بالهدوء.
أنهى كلامه وانتظر ردة فعلي. رفعت حاجبًا ولم أقل شيئًا لثوان إلى أن علقت:
- ولماذا أنا هنا؟
أجاب فورًا:
- أردت أن أريك إياه كما قلت.
لم يعطني فرصة للتعليق وجرني من معصمي عبر السلم، فتح باب السطح بمفتاح علقه في سلسلة مفاتيح راقية، رياح نوفمبر الباردة لفحت وجهي بقوة، أغمضت عيني بقوة بينما قادني ايوان فتحت عيني ببطء لأجد سطحًا كغيره من الأسطح
ترك ايوان يدي وتوجه إلى يسار المكان حيث نصبت خيمة واسعة لونها رمادي غامق.
دهشت حينما رأيتها كانت من نوع الخيمات التي تستعمل في البراري في أفلام الحياة البرية، كلا.. ليست مثلهم بل هي أثخن، ورغم كونها لم تكن عالية الطول الا انها واسعه إستطعت تمييز جهاز تدفئة في أي الجوانب. يبدو أن داخلها أكثر غرابة!
قال ايوان:
- ها هو ذا مقري السري.
- هل أنت جاد يا هذا؟
- كل الجدية، جاء وقت لم أستطع فيه الإسترخاء في منزلي بسبب كثرة الزوار والمعجبين وأشياء أخرى لذلك جئت إلى هنا، حيث لا أحد يعلم عن هذا المكان غيري، جهزت هذه الخيمة وأوصلتها بالتيار الكهربائي ووضعت فيها أساسيات الحياة.
اقضي فيها بعض الوقت بعيدًا عن كل شيء.
قلت واضعة يدًا فوق الأخرى:
- هممم مثير للإهتمام ولكن بما أنني ثاني شخص يعلم عن هذا المكان ألا تخاف أن أذهب وأنشر في الإنترنت عنه وأضع العنوان؟ تعلم.. إنه إغراء كبير وصدقني فور أن تعطيني هاتفي سيكون أول شيء أفعله.
رد بقلق:
- أنت لست شريرة لهذه الدرجة
- أوه ، إذًا انا شريرة! سأنشره وأنشر بعض أسرارك أيضًا.
أضفت بإبتسامة واسعة ليعقد ايوان حاجبيه قائلًا بثقة:
- أعلم أنك لن تفعليها، فبعد أن تري المكان ستغرمين به.
ختم وهو ينحني ليفتح السحاب الخاص بالخيمة، ويرفع مدخلها لي لأدخل قائلًا:
- تفضلي
ليس من المفترض أن أدخل، مكان غريب مع رجل غريب ولا احد يعلم عنه. إنه سيناريو ممتاز لقصة رعب، لكن ألدي خيار أخر؟
تنهدت، ثم إتخذت خطواتي للداخل
كان أول ما وقع تحت ناظري أريكه من النوع الذي يمكن أن تصبح سريرًا وعليها بعض الأغطية وقد وضعت بمحاذاة نافذة في الخيمة مغطاة بشاش ثخين، ويبدو أنه يمكن إنزاله فلا يكون هنالك عازل بين الشخص ومنظر المدينة
وعلى الجانب هنالك ثلاجة صغيرة وتلك المدفاءة التي رأيتها من الخارج وقد سارع بتشغيلها فور أن دخلنا لينبعث بعد الدفء في أوصالي المتجمده
قال وهو يشير ناحية الأريكة:
- أجلسي، فالجو بارد.
جلست حيث أشار فأخذ أحد الأغطية ووضعه على حجري، غطيت به ساقي اللتين تجمدتا لأنني لا أرتدي سوى جوارب عليهما، ذهب ناحية الثلاجة وأخرج علبتي عصير مانجو وبعض رقائق البطاطس.
لاحظت حينها أن في المكان مكتبة صغيرة فيها بعض الكتب، ما يقارب ثلاثين كتابًا، قلت له بينما إتخذ مجلسًا على الأريكه واضعًا الاشياء على طاولة جلبها من مكان ما:
- لقد جهزت المكان جيدًا
- بالتأكيد إنها غرفتي الثانية، بل أحيانًا لا أذهب لمنزلي إلا لتغيير ثيابي وأقضي ليلتي هنا.
أضاف وهو يشير ناحية منظر المدينة:
- المنظر بديع في الليل أردت احضارك ليلًا لكن إن كان إحضارك نهارًا صعبًا فما بالك بليلًا.
- تفكير سليم، لكنني حتى الأن لا أفهم لم تريد جعلي أتي إلى هنا.
أجاب ببساطة وهو يعطيني إحدى علب العصير:
- ألستي تريدين جعل الشخص الذي تحبين أن يشاركك في الأشياء التي تحبينها؟ نفس الشيء أريد أن أريك كل ما أراه جميلًا، أن نذهب معًا إلى أماكن لا يعرفها أحد ونكون وحدنا فقط.
قلت بريبة:
- أوه ، حقًا؟
فتح علبته وأخذ رشفة ثم وضعها على الطاولة ونهض مخرجًا معطفه وبذلته ليبقى بالقميص الأبيض والكنزة الحمراء فوقه فقط، قال لي:
- أعطيني معطفك، فالجو أصبح دافئًا
- إلى متى تنوي حبسي هنا؟
تبسم قائلًا:
- حبسك! ههه أسف اليوم ليس لديك أي مواعيد وأنا كذلك، إذًا لماذا لا نبقى هنا قليلًا.
- أريد الذهاب وحفظ دوري.
- يمكننا حفظ ادوارنا معًا، كما يمكننا التدرب معًا أيضًا فـ..
قاطعته:
- شكرًا لا أريد
- عنيده كالعادة، هيا أخلعي المعطف.
بتردد كبير وبريبة أكبر خلعته واعطيته إياه، ليعلقه في علّاقة ملابس موضوعة في أحد الأركان، ولاحظت أن هنالك خزانه صغيرة لابد أن بها بعض الثياب، حسنًا هذا الرجل غريب حقًا
لاحظت أنه ينظر إلي بينما كنت أنظر إليه قال مبتسمًا بخبث وهو يضع يديه في جيبي بنطاله الأسود:
- أيعجبك ما ترين؟
قلت:
- صدقني، لست أنا من يعجبه ما يرى
ضحك قائلًا:
- هذا صحيح، أعجبني فستانك للغاية أنت جميلة.
تجاهلته وعدت جالسة في مكاني وواضعه الغطاء حول حضني، أخذت علبة عصيري لأفتحها لكنها إستعصت علي ليأخذ هو العلبة فجأة ويفتحها ثم يعيدها لي.
أخذت رشفة ثم قطعة من الرقائق البطاطس ونظرت إلى المنظر أمامي.
بالتأكيد هذا المكان رائع، والمنظر الذي يطل عليه مثالي، مدينة طوكيو تبدو رائعة من هنا بعض الأضواء هنا وهناك وتلك الأشجار التي تبرز من بين المباني. لون السماء الرمادي تناسب مع لون المباني منظر كئيب بعض الشيء لكنه جميل أيضًا، يا ترى كيف يبدو المنظر ليلًا؟
أغضبني أنني فكرت في ذلك، جلست إلى الخلف في الاريكة ولويت شفتي مغتاظة نظرت بطرف عيني له فوجدته ينظر إلي، قال:
- ما الأمر، هل راودتك فكرة سيئة؟
- بالتأكيد، وكيف لا تراودني أفكار سيئة وانا معك في نفس المكان
قال بخبث:
- هاااا
كنت قد مددت يدي لأخذ من الرقائق عندما فهمت ما يقصد، قمت برمي ما أمسكت به في وجهه قائلة:
- تافه
ضحك بصوت عالٍ وهو يبعد الرقائق عن شعره الأسود، هذه ليست أول مرة أراه يضحك أليس كذلك؟
أبعدت نظري عنه، وقلت:
- هوي، أخبرني أمرًا
رد وهو يتكئ على الأريكة مثلي وينظر عبر تلك الفتحه إلى المدينة:
- ماذا تريدين أن تعرفي؟
- لمَ أنت... ممم تدعي محبتي؟ أعني أنني لم أفعل شيئًا يجعلك تحبني بل حتى لم يكن بيننا أي حديث جدي إلى قبل ثلاث سنوات حينما عرضت علي الزواج أول مرة، وبالتأكيد أنا لست مثل أولئك الفتيات لم اتقرب اليك او أحاول اغرائك بل حتى أعاملك بقسوة، فلم أحببتني؟
سألت سؤالي وعم صمت، صمت عميق لدرجة أنني نظرت إليه لأتأكد إن كان مستيقظًا، كان مستيقظًا بالفعل لكن وجهه كان بلا ملامح.
قال أخيرًا:
- بالمناسبة، أنا لا أدعي حبك أنا أحبك بالفعل.
قال أخر جملة وقد حول وجهه ناحيتي وبصوت خافت وعيناه تلمعان، إلتقت عينانا
اوه هذه أول مرة يقول هذه الجملة بهذه الطريقة.
شعرت أنني في دراما مدرسة ثانوية ، حسنًا يبدو أنني لست الوحيدة التي أكثرت من مشاهدة الدراما!
لاحظت حينها إحمرار وجنتيه حينما طالت نظراتنا لبعضنا، أبعد نظره عني وقال:
- لم لا تقولين شيئًا؟
- وماذا يفترض أن أقول، وبصراحة لا أريد مجاراتك في السيناريو المبتذل الذي تحاول ضمي إليه، عمومًا لم تجب عن سؤالي.
بدا عليه بعض الحزن كما يبدو، تنهد وغطى فمه بيده مفكرًا وهو يرمق المنظر الرمادي في الخارج، قال بعد صمت قصير:
- سأخبرك إن أخبرتني أمرًا
قلت بسرعة:
- لن أخبرك.
- أنتِ حتى لا تريدين معرفة ما هيته!
قلت وأنا أتناول شيئًا من عصيري :
- لست مجنونة حتى أخبر شخصًا يلاحقني بعض أسراري
- كلام منطقي، حسنًا لن أخبرك عن إجابه سؤالك مالم تخبريني عن سبب كرهك للرجال، إتفقنا اذًا.
- في النهاية أخبرتني، ومن ثم من قال أنني أكره الرجال؟ لو كنت أكرههم كيف إستطعت التمثيل معهم كل هذه السنين وأنت تعرف مجال عملنا وما نضطر أحيانًا لفعله.
قال ببساطة:
- بل تكرهينهم، لا دخل لتمثيلك بالأمر فأنت حين تمثلين لا تكونين نفسك تصبحين تلك الشخصية التي تمثلينها قلبًا وقالبًا لذلك يختفي كرهك للرجال فقط حينما تمثلين، لكن بشخصيتك أنت.. يونا، أنت تكرهينهم.
جحظت عيناي للحظة، نظرت إليه بإستغراب ثم سرعان ما قلت:
- أنت تتخيل فقط.
- يمكنك إنكار هذا كما تريدين، لكنني متأكد مما أقول.
لم أرد عليه، شربت أخر رشفة من عصيري كما فعل هو بينما ننظر للمشهد أمامنا
كم أكره كوننا نبدو كزوجين يتحدثان سويًا بعد يوم عمل وكوني مرتاحة هو أكثر ما أكره.
كما أكره كونه إستطاع قراءتي ككتاب مفتوح، أنا لم أخبر أحدًا عن كرهي للرجال من قبل ولم أعترف بذلك لنفسي. منذ ذلك الحادث عندما كنت صغيرة
بالتأكيد لست عديمة مشاعر حتى تكون نظرتي للحب هي فقط ما تغير بعد الحادث، بل أصبحت أنفر من الرجال نوعًل ما، كنت دائما ما أشترط في ادواري أن لا يكون هنالك الكثير من ذلك النوع من المشاهد أو ان تؤديها فتاة بديلة، سبب لي ذلك بعضًا من المشاكل في بداية مسيرتي، كان ذلك قبل أن أمرن نفسي على إلغاء شخصيتي تمامًا في التمثيل حتى أستطيع العمل بحرية
المهم أن لا أحد يعرف عن ذلك حتى والدي لم أصارحهما بالامر رغم أنني أظن أنهما قد لاحظا ذلك بلا ريب وبالتأكيد حينما قدمت أوراقي الشخصية للعمل في الشركة قبل سبع سنوات إشترطت على مدير الشئون الإدارية أن تبقى معلومة تعرضي للاعتداء سرًا عن أي أحد، ولا احد سوانا يعلم بذلك
والان يأتي هذا الـ.. الـأحمق المنحرف ويستنتج هذا ببساطة!! أشعر أنني قد خسرت أمامه
أخذت شعري المكوم على الجهة اليسرى بإنزعاج وأرجعته للخلف ولففته بشكل كعكة فقد أزعجني بوجوده على جانبي، بالطبع كان ايوان يراقب، قال لي:
- ماذا ستفعلين بشأن شعرك؟
شعري، موضوع مؤلم بالنسبة لي من دون أن أشعر قلت بصراحة:
- لا أدري، لم أستطع قصه البارحة فإضطررت للتصوير بشعر مستعار وكم كرهت ذلك، لكن لا خيار لدي لقد سجلت موعدًا مع مصففه شعري غدًا وسأقصه.
- ياللأسف فشعرك جميل أكثر وهو طويل.
- أعلم، لكن الجيد أن شعر مينامي ليس قصيرًا للغاية سيكون حده فوق كتفي، وبنهاية التصوير سيعود طوله كما كان.
قلتها وأنا ألعب بشعره خائنه إنسابت أمام وجهي، فجأة إمتدت يد كوبو ليمسك تلك الشعره بأطراف أصابعه ويعيدها خلف أذني ويقول:
- أرجو ذلك.
نظرت إليه عاقدة حاجبي، قلت وأنا أنهض:
- حسنًا هذا يكفي، أريد العودة إلى منزلي
نهض هو الأخر قائلًا:
- حسناً لا بأس، سأقلك إلى بيتك.
ذهب إلى حيث معاطفنا وأعطاني خاصتي، ثم أخرج هاتفي من جيب معطفه وأعطاني إياه قائلًا:
- تفضلي، إستحققتي عودته إليك
رمقته بغيظ، وإرتديت معطفي وذهبت قبله حيث بقي قليلًا ليطفئ الكهرباء في المكان
عند الرابعة والنصف كنت قد وصلت إلى منزلي أخيرًا، هذه المرة كانت رحلتنا هادئة، لم يتحدث إلي ولم أحاول النظر اليه حتى، كان أول شيء تذكرته عندما وطئت قدماي أرض غرفتي ذلك الحلم الذي حلمت به قبل أيام.. هززت رأسي لأنساه، هو شيء لا أريد أبدًا تذكره.