" الفصل 11.."
فيما خرج توماس وهبط إلى الطابق السفلي ينتظر عمه حتى يستيقظ ، وأخذ البهو ذهابا وإيابا لدقائق معدودة ، وجاء الأمن ليخبره أن أحدهم يريد مقابلة أديل ، فضيق عيناه قليلا ثم خرج إلى ذاك الشخص الذي هو كيفن ، فتقدم توماس نحوه و وقف يصافحه ، ثم تحدث كيفن بحده :
-أديل ابنة عمي
ليبتسم بخفة ثم تسأل :
-يمكنني التحدث معك لدقائق
وافق كيفن واستقلوا سيارة توماس وغادر القصر ..
أما في الداخل كانت أديل فد بدلت الفستان بثياب الشغل ، وعيناها يبدو عليها النعاس ، فهي نعست لنصف ساعة تقريبا ، استمعت إلى صوت دقات الباب فارتدت رابطة رأسها ثم فتحت الباب على الفور لتجد السيدة مكفي تقول بقلق :
-أديل لقد قلقت عليكِ .. لم تتأخري يوما على شغلك
اطرقت رأسها متمته بالاعتذار ثم ذهبت معها إلى المطبخ ، وبدأت في تحضير الفطار وهي تغمض عيناها وغير منتبه بالمرة ، فقلة النوم يجعل العقل مشتت ويرهق البدن ، ثم حملت صينية الطعام الكبيرة واتجهت نحو الغرفة ، لتضع الأطباق بشكل منظم ، ولم تستطيع وضع ما تبقى من الاطباق و استندت برأسها على المقعد مغمض العينين ..
وقد استيقظ الجميع وأصر جوزيف أن يتناول الفطار مع جان النعسان ، وأمسك بيده ساحبا ذاك النعسان خلفه ، فيما خرجت أوجين من غرفتها لترى جان الذي يترنح في يده شقيقة ، وعلمت انه كان مستيقظا طوال الليل ، والذي جعلها تضايق أكثر عندما دلفت إلى الغرفة لتجد أديل على ذاك الوضع ، هي الأخرى لم تنم طوال الليل ، فيما دخل جوزيف خلفها وتعجب من أديل النائمة ، ثم نظر إلى شقيقة ليندهش أكثر ، ثم سحب مقعد إلى جام ليجلس عليه واضعا رأسه على الطاولة ، ثم وقف بجوار أديل مناديا عليها ولم تجيب عليه ، فربت على كتفها عدة مرات لترفع رأسها بفزع ، ثم نظرت حولها بلهفة ثم عادت بالنظر إليه متمته بالاعتذار ، وأكملت عملها ليلفت نظرها جان النائم مستند إلى الطاولة ، و وجدت نفسها تبتسم ابتسامة خفيفة مما لاحظت أوجين وجلست على المقعد المقابل إلى جان ..
فيما انتهت أديل وخرجت فورا ثم جلس جوزيف بجوار شقيقة ينظر إليه بابتسامة خفيفة على ثغره ، فقد شك في شيء ما ثم لكزه عندما دخل ما تبقى من العائلة وكل منهم يتناول الطعام في صمت ، وجان لا يستطيع التفكير وأكل القليل فقط ثم تناول القليل من الماء ونهض ليغادر ، فنظر جوزيف إليه مقطب جبينه ثم انهى طعامه ونهض ليلحق بشقيقة ..
فيما فتح جان باب الغرفة ودخل ليجد شقيقة يدخل معه وأغلق الباب ، فتركه والقى بجسده المرهق على الفراش ، فيما جلس جوزيف بجواره وتسأل :
-ما علاقتك بـ أديل ؟!
ليرد عليه بنعاس واضح :
-أحبها يا أخي كثيرا .. وقضيت معها ليلة أمس أسفل السماء المظلمة الامعة بالنجوم الصغيرة
ارتفع حاجبيه مندهشا ثم نظر إليه للحظات حتى غطى جان في نوم عميق ، فقبله على رأسه بحنان ثم قال :
-حسنا جان بك .. سنتحدث فور استيقاظك
الجميع يجلس في حديقة القصر وأوجين تقرأ المجلة الخاصة بشركة جوزيف ، وأعجبت بالكثير من العطور ومساحيق التجميل ، فيما خرجت أديل حاملة صينية فناجين القهوة وكوب عصير ، وجسدها يترنح وتحاول بفتح عيناها بقوة ولكن النوم مسيطر عليها ، فيما خرج جوزيف بعد لحظات وبخطواته السريعة سبقها وهو ينظر إليها ، ثم توقف وأمسك بالصينية لتنظر إليه بلهفه متمته بالاعتذار ، فأخذ منها الصينية وطلب منها أن تذهب إلى غرفتها ، فابتسمت له بابتسامة واسعة ثم التفتت مهروله إلى الداخل متجه نحو غرفتها ..
فيما تابع جوزيف السير و وضع الصينية أعلى المنضدة وجلس بجوار أوجين ، الذي نظرت إليه وقالت بهدوء :
-تعجبني العطور الخاصة بالشركة كثيرا
لينظر إليها مبتسما وقال :
-اذا اذهبي إليها وخذي من العطور حيث شئتِ
اومأت برأسها مبتسمه ثم وضعت المجلة جانبا وتناولت كوب العصير وتناولت من رشفة ، فيما قال والدها موجه حديثه إلى شقيقة دانييل :
-اود الحديث معك في زواج جان من أوجين
ابتلعت العصير بصوت مستمع في صدمة من حديث والدها ، فيما اتسعت عينين جوزيف في دهشة واهتم لحديثهما كثيرا ، و والده يرد بجديه :
-سنتحدث بعد زواج جوزيف مباشرة
فنظرت اوجين إلى والدتها متعجبة رأتها تنظر إليها ايضا بابتسامة خبيثة ثم تناولت رشفه من القهوة ، فيما تناول دانييل رشفة من فنجان قهوته ثم وضعه كما كان ونهض متجه نحو القصر ، ثم صعد إلى غرفة جان الذي وجده يغط في نوم عميق ، فتعجب من كونه نائما فلم ينم جان في الصباح قط ، ثم فتح نافذة الغرفة على وسعها لتخترق اشاعة الشمس الغرفة ، ثم فتح أستار الشرفة ثم جلس على حافة الفراش يحرك جسده بخفه مناديا عليه ، ليستيقظ جان بوجه عابس وعندما رأى والدها رفع ظهره واستند به إلى الفراش ، فقال والده بمرح :
-ما بك يا صغيري ؟! .. فلم تنام في ذاك الوقت من قبل
ليبتسم جان على كلمة صغيري التي لم ينادي بها منذ سنوات قليلة ، ثم قال بنعاس :
-لم استطيع النوم في الليلة الماضية
تنهد وهو يومئ برأسه ثم نهض ليقف أمام الشرفة وتحدث بجديه :
-استعد لزواجك من ابنة عمك بعد زواج جوزيف
عقد حاجبيه بصدمة ثم رفع عيناه لينظر إليه في دهشة ثم ابتسم بخفة قائلا :
-لن أتزوج أوجين .. أنا لا أحبها
لينظر والده إليه بحده ثم تقدم نحوه بخطوتين وهتف بصوت عنيف :
-أنت وهي مكتوبين لبعضكم البعض منذ ولادتكم
-القلوب تتغير مع الايام يا أبي وايضا المشاعر .. وأنا الأن أحب فتاة غيرها
جز على أسنانه بعصبية ثم أخذ بتلابيبه لينهضه من مكانه فحدق جان به و والده يقول بعصبية :
-ومن تكون تلك الفتاة ؟! .. من عائلة ثرية ؟! .. ماذا يعمل والدها ؟!
ليرد عليه بهدوء :
-الفتاة تكون الروح الذي تخرج من جسدي .. وثرية بحبي لها .. أما عن والدها فيعمل على تربية فتاة عشقها قلبي
عقد حاجبيه بقوة حتى خيل إلى جان أن لا حاجز بين حاجبيه ، ثم تركه والده وحسم قراره وهو أنه سيتزوج من أوجين وينسى تلك الفتاة ، ثم خرج مغلقا الباب خلفه بقوة ، مما اغمض جان عيناه بقوة ثم وقف أمام النافذة يتطلع إلى السماء يدعي ربه أن تكون أديل من نصيبه ..
ولم يستسلم أبدا لحكم والده وسيحارب من أجلها ، فهو يحبها مثل حب البحر للأمواج ، وحب الندى لأوراق الشجر
كان جوزيف يترك الشركة إلى صديقة ارنو وهو مطمئن على كل شيء ولكن ترك ارنو الشركة إلى تالة بموافقة جوزيف وذهب إلى صديقة ليكون بجانبه في يوم فرحه ، واستغلت تالة الفرصة وبدأت في تصوير غلاف مجلات ذاك الشهر دون علم جوزيف و ارنو ..
وعلى الجانب الأخر فيليب الغاضب من جوزيف هذه الفترة ، وقام ببيع الشريط التي قام بتصويرة لشركة (j . j ) ، والذي اذا علم جوزيف بذاك الأمر من المحتمل أن ينزع رأس ذاك اللعين من مكانها ..
***
بعد مضي أسبوع وكل شيء على ما يرام ، والجميع جاهز لحفل زواج جوزيف من جين ، و وقف يضبط معطفه ثم رابطة عنقه و وضع العطر المفضل لديه ، ثم وقف أمام النافذة يشرب سيجارة ويزفر الدخان بعصبية ، وبعد لحظات جاء ارنو وأخبره أنه موعد الذهاب إلى العروس ، لينفخ جوزيف في شدقيه ثم سحب دخان السيجارة وزفره في الهواء ثم اطفأها وذهب معه ، وبمجرد أن هبط الطابق الأول واستقبل التهنئة من الجميع وأخيرا من والده ، الذي يعلم أنه ابنه لا زال غاضبا من ذاك الزواج ، ثم استقل جوزيف السيارة مع شقيقة جان الذي كان ينتظره داخلها ، ونظر جان إليه للحظات من الصمت ثم شغل محرك السيارة ليغادر ، فيما نظر جوزيف إلى ساعة يده التي تدق الثالثة والنصف مساء ثم نظر إلى شقيقة مقطب جبينه متسائلا :
-ألم تتحدث مع أوجين ؟!
ليجيب عليه بحنق :
-لا .. فهي تعلم جيدا اني لن أحبها
استند جوزيف برأسه إلى المقعد ينظر إلى شقيقة بتأثر ، فهو يعرف طبع والده جيدا ، واذا علم بقصة حب جان لـ أديل سيطرد الفتاة ومن المحتمل أن يطرد جان هو الأخر ..
عقب وصولهم إلى منزل العروس ، دلف بالسيارة وترجل جوزيف يستقبل التهاني من أهل العروس الذين ينظرون إليه بسعادة ، واثنان من الفتيات يلقون بالورود عليه ..
أما عن العروس التي تشبه القمر بالفستان الأبيض ومساحيق التجميل الخفيفة التي تزيدها جمالا على جمال ، والطرحة الشيفون تزين وجهها ، تنظر إلى الأرض بحزن واضح وارتباك ، وعيناها تلألأت الدموع داخلهما ولكن حاولت جاهده بعدم تساقط الدموع ونجحت في ذلك ، قبلتها صديقتها على رأسها بحنان لتنظر جين إليها في المرآة بتأثر ..
فيما دق والدها الباب لتأذن جوليا بالدخول ودخل لتنهض جين ، ثم تقدم نحوها وضمها إليه بحنان مقبلا رأسها ، ثم أمسك بيدها وخرجا من الغرفة إلى الدرج ، ثم هبط الدرج ببطء من أجلها ، ورفعت الفستان من الأمام قليلا ، فيما كان جوزيف واقفا في انتظارهم وينظر إلى وجهها العابس ، ثم وقفوا أمامه وسلم يد جين إليه ليمسك جوزيف بها ثم قبلها على جبينها برقة ، ثم أخذها وخرجوا من المنزل و والدتها تنظر إليهم بابتسامة سعيدة ، واستقلت معها السيارة بحوار جان ، فيما تركت جين يد جوزيف وجلست على المقعد الخلفي وهو جلس بجوارها ..
استقبلت التهنئة من جان ثم قاد سيارته وخلفه الكثير من السيارات التي تبع العروس ، نظر جوزيف إليها رآها تنظر إلى الاتجاه المعاكس والغضب يقذف من وجهها قذفا ، والحزن واضح عليها. وفجأة عقدت حاجبيها بقوة متعجبة من نفسها ، قبل أن تعلم أنه الزوج المنتظر كانت تفكر به وشعرت بمشاعر الحب ، وايضا شعرت بالغيرة عليه عندما رأته مع تالة ، فلما هي حزينة الأم ؟! ، وتجهل الإجابة على السؤال ، فيما كان يفكر جوزيف مثلها تماما ..
عقب وصولهم استقبلتهم موسيقى عالية ثم أخذها إلى داخل القصر والتقط لهم أجمل الصور ولكن كانت تنقصها شيئا ، وهو أن الاثنان ليسوا سعداء بذاك الزواج ، ثم ذهبوا إلى مكان الاحتفال الذي يقع في جنينة القصر ، و وقفوا على ساحة الرقص ليشاركها بالراقصة الأولى ، وكانت تنظر إليه تارة وتنظر إلى الأرض تارة أخرى وهو ايضا ، الأن مشاعرهم ليست مستقرة ، وتذكر جوزيف أن جين كانت تعلم كل شيء ولم تقل له ، بحكم أنه رجل أعمال معروف ..
انتهت الأغنية وجلسوا الاثنان على اريكة بيضاء مبهجة ، فيما نهض جان من مكانه و دلف إلى القصر متجه نحو غرفة أديل ، و وقف يدق الباب بكل ثقة وهو يعلم أن لا أحد في القصر الأن ، لتمسح اديل دموعها على الفور ، فقد استمعت دانييل بك اليوم وهو يحدث شقيقة عن زواج جان من أوجين ، وذاك الخبر جعل قلبها ينتزع من مكانه وأفكارها تؤلمها ، بمجرد أن تفكر ان فتاة أخرى ستكون من نصيب حبيب قلبها ..
ثم فتحت الباب وتفاجأت بـ جان الذي دخل فور فتحها للباب وأغلق باب الغرفة جيدا ، فتراجعت أديل للخلف بخطوتين فيما تساءل جان بحده :
-لماذا تتهربين مني يا أديل ؟! .. ماذا فعلت لتفعلي بي هذا ؟!
لترد عليه بعصبية :
-فعلت الكثير .. تعلق قلبي بك وعشقتك كثيرا .. وستتركني وتتزوج من أخرى
قبض على ذراعيها بقوة بالغة مما تألمت أديل وهو يصيح بعصبية :
-لن أتزوج من أخرى .. سأتزوجك أنتِ أديل .. أنا أحبك كثيرا .. أحبك
جاءت تتحدث قاطعها بأخذ قبلة قوية من شفتيها ، جعلها لا تستطيع التحدث وكأنه بلع كلماتها بقبلته ، ويديها مستقرة بجانبها ، لن تبادله بقبلاتها كما فعلت في السابق ولا تحاول إبعاده ، ولديها يقين أنها ستكون القبلة الأخيرة ، ولهذا تركته لأنها ستشتاق إليه كثيرا ، شعر بطعم مالح قليلا ممزوج بطعم شفتيها ، ليبتعد عنها قليلا ليرى دموعها تهبط على وجنتيها ، فمسح دموعها مستند بجبينه على جبينها ثم ضمها إلى صدره ، وأحاطت خسره بذراعيها بقوة وتشدد في العناق بسبب هي تعرفه جيدا ..
مسح على كتفها وهو يقول :
-ستكونين معي دائما يا فتاتي
ثم خلل أصابعه بين خصل شعرها مقبلا رأسها بحنان و رقة ، فقالت بهدوء :
-أذهب انت إلى الحفل .. وأنا سأذهب إلى أحلامي معك
ابتعد عنها وأحاط وجنتيها ليرفع رأسها إليه ويتطلع إلى عيناها بعمق ، حتى خيل أنه يرى نفسه داخل عيناها الجميلة ويرى ايضا مستقبلهم الهادئ معا ، ثم قبلها على جبينها بحنان ثم اخذ قبلة من شفتيها و ودعها ليعود إلى الحفل ، تاركا فتاته تمدد على الفراش بابتسامة رقيقة على ثغرها وأخذت تفكر به ..
انتهى الحفل بعد ساعات ليست قليلة ، وبعد أن ودعن ابنتهم الصغيرة صعدت إلى الغرفة التي قد جهزها والد جوزيف لهم ، وجلست على حافة الفراش تطلع إلى الأرض بحزن ، فيما أغلق جوزيف الباب وفي يده تذكرتين سفر إلى روما ، ثم تقدم نحوها والقى بالتذاكر جوارها لتنظر إليهم ثم تناولت واحده لتفحصها ، ثم رفعت رأسها إليه قائلة بحده :
-لن أسافر معك
ليبتسم جوزيف وتناول التذاكر والقى بهم في درج المنضدة الصغيرة المجاورة إلى الفراش ، ثم نظر إليها بجمود قائلا :
-اسمعي يا طفلة . لقد وافقت على الزواج من أجل والدي فقط .. و زواجنا سيبقى على الورق فقط
اتسعت ابتسامتها ثم نهضت من مكانها بمرح وتحدثت بعند طفولي :
-وأنا ايضا وافقت من أجل والدي .. و زواجنا سيبقى على الورق فقط
ثم مدت يدها كعهد على حديثهم لتتحول نظرات الجمود إلى الإعجاب بها ، ثم صافحها وأخذ الاثنان عهدا انهم أمام الناس سيكونان أسعد زوجين ، ثم تركها ودلف إلى الحمام ليأخذ حماما باردا ، فيما تنهدت جين بعمق ثم خلعت الطرحة وضعتها على الفراش ولفت نظرها صورة داخل برواز متوسط الحجم اعلى المنضدة الثانية ، فتقدمت نحوها لتأخذ البرواز ورأت صورة جوزيف ، فوجدت نفسها تبتسم وتحسس على الصورة بـ الابهام ، ثم رفعت الصورة إليها وطبعت قبلة عليها ليطبع أحمر الشفاه على الصورة بخفة دون ان تنتبه و وضعت الصورة كما كانت ..
ثم بدلت الفستان بـ سروال مجسم قصير يصل إلى ركبتيها باللون الوردي و السترة خاصته منقوشة ببعض الورود البيضاء البسيطة ، ثم مشطت شعرها ورفعت في منتصف رأسها كهيئة كعكة ، فيما خرج جوزيف يمسح على شعره المبلل من الأمام للخلف ، وعندما رآها وقف ينظر إليها من الاسفل إلى الأعلى عدة مرات ، ثم نظر إلى عيناها التي تنظر إليه بجمود ، وقال جوزيف بجدية :
-بهذه الثياب المثيرة سأنهى عقد الزواج على الورق
جزت على اسنانها وهي تطلع إليه بحنق عكس ما تشعر به داخلها من سعادة بسبب غزل حبيبها بها ، ثم قالت بالهمس :
-وقح
الفصل الرابع
ليتنا في عالم الجميع ينصت للأخر ، ونأخذ بـ اراء غيرنا دون حساسية ، وكل منا يختار ما يريده ، من زواج وتعليم وشغل ، لكنا في احسن حال الأن ولا للمشاكل والمتاعب ..
راودها حلم انها تتجول في غابة خالية من الأشجار والأرض خضراء ، وشلال يسقط من الأعلى إلى البحيرة ، وشعرت بالظمأ لتتقدم نحو البحيرة وانحنت لتروى ظمأها بالماء ، ثم وضعت القليل من على وجهها ، ثم رفعت عيناها لتجد صندوق كبير فوق الماء وخلفها جان يناديها ، فالتفتت لتنظر إليه متعجبة وهو يمد لها يده بابتسامته المعتادة ، فابتسمت هي الأخرى ثم مدت يدها وجاءت تقترب منه ، شعرت بشيء ما يسحبها إلى الخلف وكأنه مغناطيس ، حاولت التغلب على ذاك الشيء العجيب وتقترب من جان ولكن بلا جدوى ، فيما ركض جان إليها بأقصى سرعته ولكم لم يلحق بها ، فقد سحبها الصندوق إلى الداخل وأغلق عليها ثم اخذته الماء وذهبت بعيدا ، وأخذت تدق الصندوق مناديه على جان الذي لا يزال يركض ، وبعد لحظات شعرت بالصندوق يقف وشخص ما يدق الصندوق ..
استيقظت بفزع على صوت دقات باب غرفتها ، فنظرت إلى ذاك الباب واضعه يدها على صدرها الذي يعلوا ويهبط برهبه شديدة وحبات العرق الباردة تملئ وجهها ، ثم هبطت من الفراش وهي تمسح على وجهها ، وفتحت الباب لتجد السيدة مكفي تخبرها بإن الوقت تأخر ، لتحرك رأسها بالفهم ، ثم غادرت مكفي وتناولت أديل ثياب و منشفه ودلفت إلى مرحاض متوسط الحجم مجاور إلى غرفتها ، وأخذت حماما ساخنا ثم جهزت نفسها للعمل ورفعت شعرها المبلل على هيئة كعكة ..
ثم خرجت ودلفت إلى غرفتها مغلقة الباب خلفها ، وفزعت واضعة يدها على صدرها مبتلعه لعابها بصوت مستمع عندما رأت جان ممددا على فراشها واضعا يديه أسفل رأسه ، ثم نظر إليها مقطب جبينه فيما تذكرت أديل الحلم بل الكابوس الذي رأته ، فيما قال جان وهو يتطلع إليها بحب :
-اشتقت إليكِ كثيرا
وضعت ثيابها المتسخة في مكانها ، ثم بدأت تضع البلوزة البيضاء داخل السروال الجينز وهي تتحدث بتوتر :
-لقد تأخرت عن العمل .. سنتحدث في وقت لاحق
وضع أقدامه على الأرض وهو يومئ برأسها فخرجت إلى عملها ، بينما أضأ جان المصباح الكبير واخذ جولة في غرفتها ، وضع يده على كل شيء يخصها ، المنضدة والمرآة وفرشاة الشعر و أحمر الشفاه خاصتها ، ثم وقف أمام خزانة ثيابها يحسس عليها ثم فتحها وتناول بلوزة صفراء دائما ترتديها ، واستنشق عطرها بها ثم أخذها وخرج من الغرفة بحرص ، دون أن يرى أحد وصعد إلى غرفته ..
-أديل ابنة عمي
ليبتسم بخفة ثم تسأل :
-يمكنني التحدث معك لدقائق
وافق كيفن واستقلوا سيارة توماس وغادر القصر ..
أما في الداخل كانت أديل فد بدلت الفستان بثياب الشغل ، وعيناها يبدو عليها النعاس ، فهي نعست لنصف ساعة تقريبا ، استمعت إلى صوت دقات الباب فارتدت رابطة رأسها ثم فتحت الباب على الفور لتجد السيدة مكفي تقول بقلق :
-أديل لقد قلقت عليكِ .. لم تتأخري يوما على شغلك
اطرقت رأسها متمته بالاعتذار ثم ذهبت معها إلى المطبخ ، وبدأت في تحضير الفطار وهي تغمض عيناها وغير منتبه بالمرة ، فقلة النوم يجعل العقل مشتت ويرهق البدن ، ثم حملت صينية الطعام الكبيرة واتجهت نحو الغرفة ، لتضع الأطباق بشكل منظم ، ولم تستطيع وضع ما تبقى من الاطباق و استندت برأسها على المقعد مغمض العينين ..
وقد استيقظ الجميع وأصر جوزيف أن يتناول الفطار مع جان النعسان ، وأمسك بيده ساحبا ذاك النعسان خلفه ، فيما خرجت أوجين من غرفتها لترى جان الذي يترنح في يده شقيقة ، وعلمت انه كان مستيقظا طوال الليل ، والذي جعلها تضايق أكثر عندما دلفت إلى الغرفة لتجد أديل على ذاك الوضع ، هي الأخرى لم تنم طوال الليل ، فيما دخل جوزيف خلفها وتعجب من أديل النائمة ، ثم نظر إلى شقيقة ليندهش أكثر ، ثم سحب مقعد إلى جام ليجلس عليه واضعا رأسه على الطاولة ، ثم وقف بجوار أديل مناديا عليها ولم تجيب عليه ، فربت على كتفها عدة مرات لترفع رأسها بفزع ، ثم نظرت حولها بلهفة ثم عادت بالنظر إليه متمته بالاعتذار ، وأكملت عملها ليلفت نظرها جان النائم مستند إلى الطاولة ، و وجدت نفسها تبتسم ابتسامة خفيفة مما لاحظت أوجين وجلست على المقعد المقابل إلى جان ..
فيما انتهت أديل وخرجت فورا ثم جلس جوزيف بجوار شقيقة ينظر إليه بابتسامة خفيفة على ثغره ، فقد شك في شيء ما ثم لكزه عندما دخل ما تبقى من العائلة وكل منهم يتناول الطعام في صمت ، وجان لا يستطيع التفكير وأكل القليل فقط ثم تناول القليل من الماء ونهض ليغادر ، فنظر جوزيف إليه مقطب جبينه ثم انهى طعامه ونهض ليلحق بشقيقة ..
فيما فتح جان باب الغرفة ودخل ليجد شقيقة يدخل معه وأغلق الباب ، فتركه والقى بجسده المرهق على الفراش ، فيما جلس جوزيف بجواره وتسأل :
-ما علاقتك بـ أديل ؟!
ليرد عليه بنعاس واضح :
-أحبها يا أخي كثيرا .. وقضيت معها ليلة أمس أسفل السماء المظلمة الامعة بالنجوم الصغيرة
ارتفع حاجبيه مندهشا ثم نظر إليه للحظات حتى غطى جان في نوم عميق ، فقبله على رأسه بحنان ثم قال :
-حسنا جان بك .. سنتحدث فور استيقاظك
الجميع يجلس في حديقة القصر وأوجين تقرأ المجلة الخاصة بشركة جوزيف ، وأعجبت بالكثير من العطور ومساحيق التجميل ، فيما خرجت أديل حاملة صينية فناجين القهوة وكوب عصير ، وجسدها يترنح وتحاول بفتح عيناها بقوة ولكن النوم مسيطر عليها ، فيما خرج جوزيف بعد لحظات وبخطواته السريعة سبقها وهو ينظر إليها ، ثم توقف وأمسك بالصينية لتنظر إليه بلهفه متمته بالاعتذار ، فأخذ منها الصينية وطلب منها أن تذهب إلى غرفتها ، فابتسمت له بابتسامة واسعة ثم التفتت مهروله إلى الداخل متجه نحو غرفتها ..
فيما تابع جوزيف السير و وضع الصينية أعلى المنضدة وجلس بجوار أوجين ، الذي نظرت إليه وقالت بهدوء :
-تعجبني العطور الخاصة بالشركة كثيرا
لينظر إليها مبتسما وقال :
-اذا اذهبي إليها وخذي من العطور حيث شئتِ
اومأت برأسها مبتسمه ثم وضعت المجلة جانبا وتناولت كوب العصير وتناولت من رشفة ، فيما قال والدها موجه حديثه إلى شقيقة دانييل :
-اود الحديث معك في زواج جان من أوجين
ابتلعت العصير بصوت مستمع في صدمة من حديث والدها ، فيما اتسعت عينين جوزيف في دهشة واهتم لحديثهما كثيرا ، و والده يرد بجديه :
-سنتحدث بعد زواج جوزيف مباشرة
فنظرت اوجين إلى والدتها متعجبة رأتها تنظر إليها ايضا بابتسامة خبيثة ثم تناولت رشفه من القهوة ، فيما تناول دانييل رشفة من فنجان قهوته ثم وضعه كما كان ونهض متجه نحو القصر ، ثم صعد إلى غرفة جان الذي وجده يغط في نوم عميق ، فتعجب من كونه نائما فلم ينم جان في الصباح قط ، ثم فتح نافذة الغرفة على وسعها لتخترق اشاعة الشمس الغرفة ، ثم فتح أستار الشرفة ثم جلس على حافة الفراش يحرك جسده بخفه مناديا عليه ، ليستيقظ جان بوجه عابس وعندما رأى والدها رفع ظهره واستند به إلى الفراش ، فقال والده بمرح :
-ما بك يا صغيري ؟! .. فلم تنام في ذاك الوقت من قبل
ليبتسم جان على كلمة صغيري التي لم ينادي بها منذ سنوات قليلة ، ثم قال بنعاس :
-لم استطيع النوم في الليلة الماضية
تنهد وهو يومئ برأسه ثم نهض ليقف أمام الشرفة وتحدث بجديه :
-استعد لزواجك من ابنة عمك بعد زواج جوزيف
عقد حاجبيه بصدمة ثم رفع عيناه لينظر إليه في دهشة ثم ابتسم بخفة قائلا :
-لن أتزوج أوجين .. أنا لا أحبها
لينظر والده إليه بحده ثم تقدم نحوه بخطوتين وهتف بصوت عنيف :
-أنت وهي مكتوبين لبعضكم البعض منذ ولادتكم
-القلوب تتغير مع الايام يا أبي وايضا المشاعر .. وأنا الأن أحب فتاة غيرها
جز على أسنانه بعصبية ثم أخذ بتلابيبه لينهضه من مكانه فحدق جان به و والده يقول بعصبية :
-ومن تكون تلك الفتاة ؟! .. من عائلة ثرية ؟! .. ماذا يعمل والدها ؟!
ليرد عليه بهدوء :
-الفتاة تكون الروح الذي تخرج من جسدي .. وثرية بحبي لها .. أما عن والدها فيعمل على تربية فتاة عشقها قلبي
عقد حاجبيه بقوة حتى خيل إلى جان أن لا حاجز بين حاجبيه ، ثم تركه والده وحسم قراره وهو أنه سيتزوج من أوجين وينسى تلك الفتاة ، ثم خرج مغلقا الباب خلفه بقوة ، مما اغمض جان عيناه بقوة ثم وقف أمام النافذة يتطلع إلى السماء يدعي ربه أن تكون أديل من نصيبه ..
ولم يستسلم أبدا لحكم والده وسيحارب من أجلها ، فهو يحبها مثل حب البحر للأمواج ، وحب الندى لأوراق الشجر
كان جوزيف يترك الشركة إلى صديقة ارنو وهو مطمئن على كل شيء ولكن ترك ارنو الشركة إلى تالة بموافقة جوزيف وذهب إلى صديقة ليكون بجانبه في يوم فرحه ، واستغلت تالة الفرصة وبدأت في تصوير غلاف مجلات ذاك الشهر دون علم جوزيف و ارنو ..
وعلى الجانب الأخر فيليب الغاضب من جوزيف هذه الفترة ، وقام ببيع الشريط التي قام بتصويرة لشركة (j . j ) ، والذي اذا علم جوزيف بذاك الأمر من المحتمل أن ينزع رأس ذاك اللعين من مكانها ..
***
بعد مضي أسبوع وكل شيء على ما يرام ، والجميع جاهز لحفل زواج جوزيف من جين ، و وقف يضبط معطفه ثم رابطة عنقه و وضع العطر المفضل لديه ، ثم وقف أمام النافذة يشرب سيجارة ويزفر الدخان بعصبية ، وبعد لحظات جاء ارنو وأخبره أنه موعد الذهاب إلى العروس ، لينفخ جوزيف في شدقيه ثم سحب دخان السيجارة وزفره في الهواء ثم اطفأها وذهب معه ، وبمجرد أن هبط الطابق الأول واستقبل التهنئة من الجميع وأخيرا من والده ، الذي يعلم أنه ابنه لا زال غاضبا من ذاك الزواج ، ثم استقل جوزيف السيارة مع شقيقة جان الذي كان ينتظره داخلها ، ونظر جان إليه للحظات من الصمت ثم شغل محرك السيارة ليغادر ، فيما نظر جوزيف إلى ساعة يده التي تدق الثالثة والنصف مساء ثم نظر إلى شقيقة مقطب جبينه متسائلا :
-ألم تتحدث مع أوجين ؟!
ليجيب عليه بحنق :
-لا .. فهي تعلم جيدا اني لن أحبها
استند جوزيف برأسه إلى المقعد ينظر إلى شقيقة بتأثر ، فهو يعرف طبع والده جيدا ، واذا علم بقصة حب جان لـ أديل سيطرد الفتاة ومن المحتمل أن يطرد جان هو الأخر ..
عقب وصولهم إلى منزل العروس ، دلف بالسيارة وترجل جوزيف يستقبل التهاني من أهل العروس الذين ينظرون إليه بسعادة ، واثنان من الفتيات يلقون بالورود عليه ..
أما عن العروس التي تشبه القمر بالفستان الأبيض ومساحيق التجميل الخفيفة التي تزيدها جمالا على جمال ، والطرحة الشيفون تزين وجهها ، تنظر إلى الأرض بحزن واضح وارتباك ، وعيناها تلألأت الدموع داخلهما ولكن حاولت جاهده بعدم تساقط الدموع ونجحت في ذلك ، قبلتها صديقتها على رأسها بحنان لتنظر جين إليها في المرآة بتأثر ..
فيما دق والدها الباب لتأذن جوليا بالدخول ودخل لتنهض جين ، ثم تقدم نحوها وضمها إليه بحنان مقبلا رأسها ، ثم أمسك بيدها وخرجا من الغرفة إلى الدرج ، ثم هبط الدرج ببطء من أجلها ، ورفعت الفستان من الأمام قليلا ، فيما كان جوزيف واقفا في انتظارهم وينظر إلى وجهها العابس ، ثم وقفوا أمامه وسلم يد جين إليه ليمسك جوزيف بها ثم قبلها على جبينها برقة ، ثم أخذها وخرجوا من المنزل و والدتها تنظر إليهم بابتسامة سعيدة ، واستقلت معها السيارة بحوار جان ، فيما تركت جين يد جوزيف وجلست على المقعد الخلفي وهو جلس بجوارها ..
استقبلت التهنئة من جان ثم قاد سيارته وخلفه الكثير من السيارات التي تبع العروس ، نظر جوزيف إليها رآها تنظر إلى الاتجاه المعاكس والغضب يقذف من وجهها قذفا ، والحزن واضح عليها. وفجأة عقدت حاجبيها بقوة متعجبة من نفسها ، قبل أن تعلم أنه الزوج المنتظر كانت تفكر به وشعرت بمشاعر الحب ، وايضا شعرت بالغيرة عليه عندما رأته مع تالة ، فلما هي حزينة الأم ؟! ، وتجهل الإجابة على السؤال ، فيما كان يفكر جوزيف مثلها تماما ..
عقب وصولهم استقبلتهم موسيقى عالية ثم أخذها إلى داخل القصر والتقط لهم أجمل الصور ولكن كانت تنقصها شيئا ، وهو أن الاثنان ليسوا سعداء بذاك الزواج ، ثم ذهبوا إلى مكان الاحتفال الذي يقع في جنينة القصر ، و وقفوا على ساحة الرقص ليشاركها بالراقصة الأولى ، وكانت تنظر إليه تارة وتنظر إلى الأرض تارة أخرى وهو ايضا ، الأن مشاعرهم ليست مستقرة ، وتذكر جوزيف أن جين كانت تعلم كل شيء ولم تقل له ، بحكم أنه رجل أعمال معروف ..
انتهت الأغنية وجلسوا الاثنان على اريكة بيضاء مبهجة ، فيما نهض جان من مكانه و دلف إلى القصر متجه نحو غرفة أديل ، و وقف يدق الباب بكل ثقة وهو يعلم أن لا أحد في القصر الأن ، لتمسح اديل دموعها على الفور ، فقد استمعت دانييل بك اليوم وهو يحدث شقيقة عن زواج جان من أوجين ، وذاك الخبر جعل قلبها ينتزع من مكانه وأفكارها تؤلمها ، بمجرد أن تفكر ان فتاة أخرى ستكون من نصيب حبيب قلبها ..
ثم فتحت الباب وتفاجأت بـ جان الذي دخل فور فتحها للباب وأغلق باب الغرفة جيدا ، فتراجعت أديل للخلف بخطوتين فيما تساءل جان بحده :
-لماذا تتهربين مني يا أديل ؟! .. ماذا فعلت لتفعلي بي هذا ؟!
لترد عليه بعصبية :
-فعلت الكثير .. تعلق قلبي بك وعشقتك كثيرا .. وستتركني وتتزوج من أخرى
قبض على ذراعيها بقوة بالغة مما تألمت أديل وهو يصيح بعصبية :
-لن أتزوج من أخرى .. سأتزوجك أنتِ أديل .. أنا أحبك كثيرا .. أحبك
جاءت تتحدث قاطعها بأخذ قبلة قوية من شفتيها ، جعلها لا تستطيع التحدث وكأنه بلع كلماتها بقبلته ، ويديها مستقرة بجانبها ، لن تبادله بقبلاتها كما فعلت في السابق ولا تحاول إبعاده ، ولديها يقين أنها ستكون القبلة الأخيرة ، ولهذا تركته لأنها ستشتاق إليه كثيرا ، شعر بطعم مالح قليلا ممزوج بطعم شفتيها ، ليبتعد عنها قليلا ليرى دموعها تهبط على وجنتيها ، فمسح دموعها مستند بجبينه على جبينها ثم ضمها إلى صدره ، وأحاطت خسره بذراعيها بقوة وتشدد في العناق بسبب هي تعرفه جيدا ..
مسح على كتفها وهو يقول :
-ستكونين معي دائما يا فتاتي
ثم خلل أصابعه بين خصل شعرها مقبلا رأسها بحنان و رقة ، فقالت بهدوء :
-أذهب انت إلى الحفل .. وأنا سأذهب إلى أحلامي معك
ابتعد عنها وأحاط وجنتيها ليرفع رأسها إليه ويتطلع إلى عيناها بعمق ، حتى خيل أنه يرى نفسه داخل عيناها الجميلة ويرى ايضا مستقبلهم الهادئ معا ، ثم قبلها على جبينها بحنان ثم اخذ قبلة من شفتيها و ودعها ليعود إلى الحفل ، تاركا فتاته تمدد على الفراش بابتسامة رقيقة على ثغرها وأخذت تفكر به ..
انتهى الحفل بعد ساعات ليست قليلة ، وبعد أن ودعن ابنتهم الصغيرة صعدت إلى الغرفة التي قد جهزها والد جوزيف لهم ، وجلست على حافة الفراش تطلع إلى الأرض بحزن ، فيما أغلق جوزيف الباب وفي يده تذكرتين سفر إلى روما ، ثم تقدم نحوها والقى بالتذاكر جوارها لتنظر إليهم ثم تناولت واحده لتفحصها ، ثم رفعت رأسها إليه قائلة بحده :
-لن أسافر معك
ليبتسم جوزيف وتناول التذاكر والقى بهم في درج المنضدة الصغيرة المجاورة إلى الفراش ، ثم نظر إليها بجمود قائلا :
-اسمعي يا طفلة . لقد وافقت على الزواج من أجل والدي فقط .. و زواجنا سيبقى على الورق فقط
اتسعت ابتسامتها ثم نهضت من مكانها بمرح وتحدثت بعند طفولي :
-وأنا ايضا وافقت من أجل والدي .. و زواجنا سيبقى على الورق فقط
ثم مدت يدها كعهد على حديثهم لتتحول نظرات الجمود إلى الإعجاب بها ، ثم صافحها وأخذ الاثنان عهدا انهم أمام الناس سيكونان أسعد زوجين ، ثم تركها ودلف إلى الحمام ليأخذ حماما باردا ، فيما تنهدت جين بعمق ثم خلعت الطرحة وضعتها على الفراش ولفت نظرها صورة داخل برواز متوسط الحجم اعلى المنضدة الثانية ، فتقدمت نحوها لتأخذ البرواز ورأت صورة جوزيف ، فوجدت نفسها تبتسم وتحسس على الصورة بـ الابهام ، ثم رفعت الصورة إليها وطبعت قبلة عليها ليطبع أحمر الشفاه على الصورة بخفة دون ان تنتبه و وضعت الصورة كما كانت ..
ثم بدلت الفستان بـ سروال مجسم قصير يصل إلى ركبتيها باللون الوردي و السترة خاصته منقوشة ببعض الورود البيضاء البسيطة ، ثم مشطت شعرها ورفعت في منتصف رأسها كهيئة كعكة ، فيما خرج جوزيف يمسح على شعره المبلل من الأمام للخلف ، وعندما رآها وقف ينظر إليها من الاسفل إلى الأعلى عدة مرات ، ثم نظر إلى عيناها التي تنظر إليه بجمود ، وقال جوزيف بجدية :
-بهذه الثياب المثيرة سأنهى عقد الزواج على الورق
جزت على اسنانها وهي تطلع إليه بحنق عكس ما تشعر به داخلها من سعادة بسبب غزل حبيبها بها ، ثم قالت بالهمس :
-وقح
الفصل الرابع
ليتنا في عالم الجميع ينصت للأخر ، ونأخذ بـ اراء غيرنا دون حساسية ، وكل منا يختار ما يريده ، من زواج وتعليم وشغل ، لكنا في احسن حال الأن ولا للمشاكل والمتاعب ..
راودها حلم انها تتجول في غابة خالية من الأشجار والأرض خضراء ، وشلال يسقط من الأعلى إلى البحيرة ، وشعرت بالظمأ لتتقدم نحو البحيرة وانحنت لتروى ظمأها بالماء ، ثم وضعت القليل من على وجهها ، ثم رفعت عيناها لتجد صندوق كبير فوق الماء وخلفها جان يناديها ، فالتفتت لتنظر إليه متعجبة وهو يمد لها يده بابتسامته المعتادة ، فابتسمت هي الأخرى ثم مدت يدها وجاءت تقترب منه ، شعرت بشيء ما يسحبها إلى الخلف وكأنه مغناطيس ، حاولت التغلب على ذاك الشيء العجيب وتقترب من جان ولكن بلا جدوى ، فيما ركض جان إليها بأقصى سرعته ولكم لم يلحق بها ، فقد سحبها الصندوق إلى الداخل وأغلق عليها ثم اخذته الماء وذهبت بعيدا ، وأخذت تدق الصندوق مناديه على جان الذي لا يزال يركض ، وبعد لحظات شعرت بالصندوق يقف وشخص ما يدق الصندوق ..
استيقظت بفزع على صوت دقات باب غرفتها ، فنظرت إلى ذاك الباب واضعه يدها على صدرها الذي يعلوا ويهبط برهبه شديدة وحبات العرق الباردة تملئ وجهها ، ثم هبطت من الفراش وهي تمسح على وجهها ، وفتحت الباب لتجد السيدة مكفي تخبرها بإن الوقت تأخر ، لتحرك رأسها بالفهم ، ثم غادرت مكفي وتناولت أديل ثياب و منشفه ودلفت إلى مرحاض متوسط الحجم مجاور إلى غرفتها ، وأخذت حماما ساخنا ثم جهزت نفسها للعمل ورفعت شعرها المبلل على هيئة كعكة ..
ثم خرجت ودلفت إلى غرفتها مغلقة الباب خلفها ، وفزعت واضعة يدها على صدرها مبتلعه لعابها بصوت مستمع عندما رأت جان ممددا على فراشها واضعا يديه أسفل رأسه ، ثم نظر إليها مقطب جبينه فيما تذكرت أديل الحلم بل الكابوس الذي رأته ، فيما قال جان وهو يتطلع إليها بحب :
-اشتقت إليكِ كثيرا
وضعت ثيابها المتسخة في مكانها ، ثم بدأت تضع البلوزة البيضاء داخل السروال الجينز وهي تتحدث بتوتر :
-لقد تأخرت عن العمل .. سنتحدث في وقت لاحق
وضع أقدامه على الأرض وهو يومئ برأسها فخرجت إلى عملها ، بينما أضأ جان المصباح الكبير واخذ جولة في غرفتها ، وضع يده على كل شيء يخصها ، المنضدة والمرآة وفرشاة الشعر و أحمر الشفاه خاصتها ، ثم وقف أمام خزانة ثيابها يحسس عليها ثم فتحها وتناول بلوزة صفراء دائما ترتديها ، واستنشق عطرها بها ثم أخذها وخرج من الغرفة بحرص ، دون أن يرى أحد وصعد إلى غرفته ..