الفصل الثاني

الفصل الثاني
أدم
تدق الساعة علي أبواب الساعة العاشرة صباحا في طريقي متجها الي ذلك الجاليرى الذي أتولى أدراته مع مكتبة أبي مع صديقي موسي الذي يملكه مع والده جاليرى صدفة وياله من أسم جميل.


موسي صديقي منذ الطفولة وقد أختار كل منا مجال فني ليبدع فيه فأختار موسي النحت وبالمناسبة الفن وراثة في عائلته وقام بافتتاح الجاليرى منذ عده أشهر وقد كان جاليري قديما يملكة والده ومغلق منذد أعوام عدة بعد حدوث جريمة قتل.


كانت جريمة بشعة قتل فيها والدة موسي ووشقيقته الصغرى في يوم صباحي باكر أتذكر ذلك اليوم جيدا ومنذ هذا اليوم وقد أغلق الجاليرى بعد هذه
الحادثة.


ولم يفتحه أحد وقد تردد موسى كثيرا في أن يعاد
أفتتاحه ولكن بعد أن زراته والدته رحمة الله عليها
في
منامه وطلبت منه إعادة أفتتاح الجاليرى القديم
الخاص بيها وبوالده.


واقتيادا برغبتها قام باعادة افتتاحه مع اعطاءه إسم شقيقته الراحلة صدفة
كانت والدته تعمل فنانة تشكيلية ووالده عوض رسام ومحاميا في أن واحد يجمعه علاقة صداقة بوالدى منذ الطفولة.

كان عاشق لرسم الوجوه لذا أصر عند افتتاح الجاليرى أن يتواجد بداخله فنانة متخصصة في رسم الوجوه تحديدا
وقد حدثني موسي عن مقابلاته مع عده رسامات
ورسامين ليختار والده من ضمنهم رسامة شابة.

تلك الرسامة قد ابهرت والده بدقتها الشديدة
في رسم الوجوه لدرجة ان والده اطلق عليها لقب
دافنشي منذ أن رأي لوحتها الفنية.


ترجلت من سيارتي بعد أن قمت بصفها في الطريق
المقابل للجاليرى دالفا الي الجاليرى مع دقات الساعة العاشرة والنصف وبجانبي عبرت تلك الفتاة بثوبها الوردى وطوق وردي يزين ليل شعرها.



وكأنها قد عبرت بداخل روحي بشعور لم تذوقه
روحي من قبل.
شعور دافئ يحتضن الروح وكانها نداء قدرى نزل من السماء في تلك اللحظة.



تابعت تلك الفتاة المتجهة الي مكتب موسي وبسمتها الهادئة التي تجعل القلب يشعر وكأنها ملاك نزل لتوه الي الأرض لينشر فيها رحيق من نور.



وفي نفس الدقيقة أتجهت لمكتب موسى لاصافحه وفي حقيقة الأمر لم أكن أراه حتي لم أسمع كلماته
وكأن تلك الفتاه أدخلتني في عالمها وعزلتني عن
كون العالم الكلي لوقت من الزمن.



أنتبهت علي نداء موسي متسائلا عن سر تجمدي وهروب كلماتي عائدا بعقلي الي كوني ولكن روحي طلت معلقة مع تلك الفتاة لتخرج كلماتي الأولي في
حديثي من أنتي؟


يقدمها موسي انها الرسامة التي أخبرتك عنها بالأمس التي تمسك والدي بأن تعمل معانا في الجاليرى الأنسة رؤية كرم عبد البصير.



مكملا قي حديثه يقدمني اليها معرفا صديق عمرى
أدم السعدني كاتب روائي .
ومع نطقه لأسمي لاحظت همسا غريبا بين شفتيها همسا يردد حروف أسمي أدم.


أمد يدي لاصافحها مرحبا بيها اهلا بيكي يا فنانة لقد سمعت الكثير عن جمال لوحاتك من موسي ولي
الشرف أن أتعرف عليك.



وبصوتها الهامس وكلمات خرجت تحاول أن ترتب
حروفها علي لسانها
أهلا أستاذ أدم الشرف لي.
لم انتبه ان لازالت كفيها في ضمه كفي لمصافحتها الا عندما أكملت حديثها يدي من فضلك.



لاعتذر لها وأسمح لكفها بالتحرر من يدى ولكن
روحي لم تتحرر من بحر عينبها الدافئ.


موسي مكملا حديثه أدم صديقي منذ الطفولة يا
أنسة رؤية وفي الواقع هو لست صديقي فقد هو
شريكي في ادارة الجاليرى أيضا يقضي فترة الصباح
وأنا اقضي فترة الليل.


مكملا حديث موسي أنا استلهم كل أفكار كتابتي من منحونات موسي.
لم تعلق رؤية علي حديثنا ظلت محتغظة بصمتهاالي أن خرجت الكلمات منها
هل من الممكن أن أبدا العمل اليوم ؟

نعم جاء ردى وأنا أول عميل عندك يا أنسة رؤية .




بعلامات عدم فهم لجوابي عقدت حاجبيها وللحق زادها جمالا ورقة ذلك التعبير الذي ارتسم علي وجهها لتخرج كلماتها لا أفهم.



أنا أول من ستقومي برسم لوحة له سمعت من
الاستاذ عوض أن طريقتك في رسم الملامح تشبه
دافنشي ؛ ولي الشرف أن تقوم فنانه مثلك برسم
لوحة لي.




وبإبتسامة أكملت حديثي
اليس من المحتمل أن يذكرني العالم بعد خمسائة عام مثل الموناليزا وتصبح لوحة أدم السعدني لوحة اثرية طالما قامت برسمي فنانة في مهاراات دافنشني.



موسي مقاطعا حديثي بلهجتة الهزلية ألا تريد مني
أن اقوم بنحت تمثال لوجهك أيضا نضعه علي باب
الجاليرى.



خرجت منها ضحكة عفوية علي كلمات موسي وأكاد أقسم اني لم أسمع ضحكة تحمل براءة الطفولة
وجمال الانوثة في أن واحد مثل ضحكتها.



معلقا علي كلام موسي ...لا يا صديفي يكفني اني أ
ستلهم كتالتي من منحوتاتك وبهزلية أكملت
حديثي لن أعطيك شرف أن نتحث لي تمثال ونكمل
ثلاثتنا في الضحك.


أدعوها بعد ذلك للتقدم الي مكان الرسم المخصص قي الجاليرى لتبدأ في رسم لوحاتي.


في حقيقة الأمر لم أكن أريد لوحة كل ما أرتدته أن
أظل ناظرا الي ملامحها لأشبع روحي بها فما شعرت من لمحتي الأولي لها لم اذوقه في حياتي من قبل.


وربما أحساس لم يمر به أحد علي مر هذا الزمان ؛
وجدتني أمسك ورقة وقلم دائما ما اضعهم في جيبي لأسطر فيهم أي فكرة تمر علي عقلي.
فالافكار كالعصافير المهاجرة بالنسبة للكاتب ان لم يقتنصها عند مرورها فسوف تهاجر بعيدا عن
غقله دون رجعة.


سطرت هذه الكلمات
يا ملاك منزل علي الأرص هبة من الله في أرض جدباء .
ليمد بين أوصالها دقات الحياة.
يا ملاك صوت همساته كنسيم بارد في حزمة من نار .
يا قمر في ليلة كماله زائر لكون مظلم ليضيه بروح
الحياة.
يا قمر مكتمل الفضية دب في أوصال روحي نبرات
الحياة.



إنتبهت علي صوتها من كتابتي تحدثني
اذا لم تكن متفرغ الأن فأنا هنا طوال اليوم ارى ان
تكتب شيئا.
لا لا الأن نبدأ في الرسم كنت فقط أسطر بعض السطور التي أضاءت فكرتها في رأسي.



بإبتسامة تتجه الي كرسيها وتبدأ في تحضير أداواتها الفنية من الفرش و الألوان.
عيني لا تستطيع مفارقتها حركة أناملها الرقيقة
وهي ترتب أداوتها بنظام رقيق مثل روحها.



خصلات شعرها المتدلية علي وجنتيها بسواد ليلي
لتظهر وجهها كفمر متكمل في سماء ليلية ؛
عيينيها عسلية اللون التي تحمل بوابة لكون غير
الكون الذي نسكن فيه كون بابه جنةوصفاء.



أكمالا لجمالها شفتيها ووجنتيها الملونة بالوردى
لتظهرها كلوحة فنية في بهاءها لوجة أجتمع فيها القمر والليل وحمرة الغروب.




متسائلا في داخلي أي جمال هذا خلقت علي الأرض
لقد رايت في حياتي العشرات من الفتيات وربما يكن أجمل منها شكلا لكن جمال روحها ظغي علي أي جمال شكلي ليظهرها كقمر في اجمل بهاء له.



بدأت في تحريك أناملها عابثه بحركات رشيقة علي اللوحة البيضاء وعينيها تنقل بيني وبين رسمتها في
تركيز شديد.



يبعث في النفس شعوراً أنها انفصلت عن العالم
متحدة بكيانها وروحها مع خطوط لوحتها .
مر وقت من الزمن أحسبه ميلادا جديدا لروحي بين
راحتي عينيها ؛لا أبرح ملامح وجهها الدافئ وكأني
حبيب مهاجر عائد الي روحه من عالم أخر.


أتأمل نظرات عينيها حاملة براءة طفل مهدي
الميلاد مختلطا بنظرة تسكنها لا تبرح روحها نظرة غربة وحزن.



وأي غربة تسكن تلك الفتاة فهل إذا نزل ملاك للأرض ألن يشعر بغربة بين وحشة البشر وأنا لا أجد أمامى
سوى ملاك في رسالة لهذا الكون ... رسالة ميلاد
جديد لروحى.



ما بين لحظات وآخرى ترتسم علي شفتيها إبتسامة
عذبة عندما تتلاقي عيني بعينها
وكأنها تقرأ ما أشعر به أو تلمسه بأناملها تماما كما تلمس ألوان لوحتها.


لا اعرف تحديدا كل ما اعرفه ان هذه الفتاة غريبة ...
غريبة حقا في كل تفاصيلها ؛ غريبة حتي في مذاق روحها ..... غريبة ووحيدة في هذا العالم.



لم تكن الكلمات الأخيرة من نطقي العقلي ولكن
همس صدر في عقلي ولم تكن المرة الأولي التي
اسمع فيها صوت يهمس في عقلي.


ولكن المرة الأولي التي اسمعه بهذا الوضوح ؛ همس يصف ما بداخل رؤية .... رؤية وحيدة وغريبة في
كون لا تعرف فيه روحها شئ.



نهاية الفصل االثاني
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي