3ظهور أول للفضائيين

في الفيلا

مر "كرام"بجوار مكتب والده الذي كان مفتوحا، صدم "أحمد" من هروله ولده، سأله بفضول:
_كرام، يابني، لماذا تركض هكذا؟

لكن "كرام"لم يجبه لأنه اختفى في لحظة.
نزل "كرام"إلى الطابق السفلي، ركضت أسرته بأكملها خلفه، فزعوا من ركضه بهذا الشكل.

فتح مختبره وركض إلى شاشة الرادار وأعاد التسجيل الذي سجل أن الرادار اكتشف طاقة حرارية غريبة، ووقفت عائلته بأكملها، تحدق إليه تارة، وتحدق إلى الجهاز تارة أخري

تحدث "كرام"بهلع دون أن ينظر لعائلته:
_هناك أمرا غريباً، رصد الرادار حركة قريبة، أتسمعون نداء إنذار، لذا هذا الصوت.

كان يتحدث بحماس وسعادة، نظرت عائلته إلى الرادار بتركيز وفجأة أصيبوا جميعًا بالصدمة!!

مرت سفينة فضاء، لكنها ليست مثل سفن الفضاء التي يعرفها البشر، لأنها شيء من المعدن الغريب، وحجمها ضخم، في حجم سفينة تيتانيك ضخمة جدًا، يخرج منها أضواء مثل الليزر.

اشار "كرام"بسعادة وحماس وهو يقول لهم:
_أتدرون ما هو هذا الليزر؟ هذا نوع من الليزر يسمى سيلفاكانوا، لقد استخدموه ليبقى مختبئًا عن أقمارنا الصناعية وعن أي رادار حديث، لكنني لم أنس هذه الميزة ووضعت شريحة تكتشف أي طاقة حرارية، أي معدن أو حسنا، لن تفهموا ما أود قوله، لكن ما يجب أن تعرفوه هو أنا وأنتم الوحيدين الذين يشاهدوا هذه السفينة، نحن الوحيدون في العالم الذين نراها حالياً.

عائلته حدقوا فيه في رعب، "زياد" أشار بارتباك علي الرادار دون النظر إلى "كرام"وقال بارتجاف:
_"كرام"أتستطيع أن تكشف لنا ما في داخل هذه السفينة؟

‏ ضحك "كرام"وقال بحماس مبالغ فيه:
‏_بالطبع أستطيع، لهذا قلت بكل ثقه أن اختراعي لا مثيل له، أيها السادة لحظات وسنرى المخلوقات الغريبة الفضائية أمامنا في بث مباشر.

ضحكت "حبيبه" وضربته بخفة على كتفه، جميعهم ينتظرون مترقبون أن يضغط "كرام"على أزرار الكمبيوتر المتصل بالرادار.

تم رسم خط طولياً تم وضعه على شاشة الرادار وبدأ في توضيح الرؤية، وفجأة ظهر ما بداخل السفينة الفضائية.

انقلب جميع أفراد الأسرة بسبب الرهبة والخوف علي ظهورهم، "كرام"لم يلاحظ ما ظهر علي الشاشة لأنه كان ينظر في لوحه المفاتيح أمامه، لكنه أستدار بهلع، نظر لعائلته بصدمه كبيره!

عاد بوجهه للشاشة، ألقى نظرة على الشاشة بخوف، أنتفض مكانه مفزوع هو أيضًا.

رأى مخلوقات ضخمة. كان لديهم أربعة أذرع، وكان لونهم أسود مرعب، ولديهم أنياب طويلة. كانوا كثيرين في السفينة.

مروا بسلام من جانب كوكب الأرض واتجهوا نحو كوكب زحل، "كرام"اصابته صدمه أخرست لسانه! شقيقته صرخت بهلع من هول ما تراه بعيناها:
_ماذا يكونوا هؤلاء بحق الجحيم؟ هلا شرح لي أحدكم ما هذا؟ تحدث ايها العبقري أرجوك فهمني ماهيه هؤلاء المسوخ؟

"زياد" وقف على ساقه أخيراً، أقترب من الشاشة للتأكد من أن عينيه لا تخدعه، قال بشرود كأنه ضائع في الفضاء مع تلك السفينة:
_لقد غادروا أليس كذلك، لقد تجاوزوا كوكبنا، أليس هذا صحيح أم ماذا؟
هز "كرام"رأسه وقال بقلق:
_نعم لقد تجاوزونا والحمد لله.

"في صاله الفيلا"
تجمعت العائلة في صاله منزلهم، الأب "احمد" يزرع الغرفة ذهاباً إيابا بحيره وقلق، أخيراً قال "كرام"بحماس:
_هذا مدهش أليس كذلك.

قاطعه الأب وهو متوتراً بشده:
_استمعوا لي جيداً جميعكم، ما رآينا للتو جميعاً، علينا أن ننساه، اتسمعون.

أنتفض "كرام"واقفاً، قال لوالده معارضاً:
_ننساه، ماذا تقول يا أبي؟ كيف نفعل هذا؟ أنه اعظم اكتشاف في القرن العشرين.

حدق فيه "احمد" غاضباً قال باستياء:
_هذه كارثة، تعرف إذا رأى أي من الأجانب هذا التسجيل، ماذا سيحدث لك؟ هل نسيت أنك اخترقت أجهزتهم من أجل توصيل شريحتك بالرادار الرئيسي واختراق القمر الصناعي الخاص بهم؟ أنت جننت بالطبع كل هذا بخلاف الهجوم الذي سيحدث لنا، سنخسر جميعًا وظائفنا ومستقبلنا بسببك.

‏ قال "كرام"لوالده وهو في حالة صدمة:
_كيف تقول يا أبي؟ بدلاً من أن تقول لي يا بني كنت على حق وهم مخطئون، كيف تقول إنني أحطمك؟ لماذا تقول ذلك؟

وقف "زياد" بكل غطرسه، قال بتهجم لكرام:
_أيها العبقري المجنون، الأمر بسيط جدًا، لن يصدقك أحد، سيتهمونك بتزييف ذاك الفيديو بحجه انك زيفته للتثبت أن اختراعك عبقري لا مثيل له، وبالفرض أن صدقك أحدهم سيقومون بتصدير هذا الجهاز منك ومن المحتمل أن يقومون بسجنك، لاختراعك جهازًا خطيرًا كهذا دون موافقة شخص مسؤول، كما أنك لست مؤهلًا تمامًا ولم تدخل كلية تؤهلك لاختراع جهاز يمكن أن يدخل البلد في مشاكل سياسية لا حصر لها، أفهمت ما الذي ستقحمنا فيه؟ وتفعله بعائلتك يا عبقري؟ حسنًا، علمنا أن جهازك كان يعمل وسجّل أي وكل حركة في الكون وأن هناك كائنات فضائية حقا وليست أساطير، لكن ماذا سنفعل بمعرفتنا تلك بوجودهم؟ لقد مروا بسلام ولا شأن لنا بهم كرام، من فضلك، اتوسل إليك ان لا تتهور و لا تدمر مستقبل عائلتك بأكملها بسبب أنانيتك تلك.

لم يصدق "كرام"بأن هذا رد عائلته بعدما رأوا بأعينهم بأنه ليس غبيا أحمقا، رد "كرام"علي أخيه بصدمة:
_أناني، ترى أن أحلامي وطموحاتي أنانية مني.
ردت حبيبة بصرخة:
_ماذا تريد يا كرام؟ أتريد من الناس أن يصفقوا لك ويقولوا المخترع العبقري الذي اكتشف كائنات فضائية متوحشة، أوه، سوف نشيد بك قفي يا ماما قف يا بابا، قفوا جميعًا، صفقوا للعبقري الصغير الذي يريد أن يقضي علينا جميعاً في سبيل تحقيق حلمه وذاته، هيا حيوا البطل غريب الأطوار.

"حبيبه" حدقت في وجهه باشمئزاز، تركته ومضت إلي غرفتها، حدقوا إليه جميعًا وذهب كل واحد إلى غرفته، نزل "كرام"على الأرض ووضع يده على رأسه بكل وجع وقهر، خانته عيناه، ذرفت أنهارا من دموع خانقه كم كبتها بداخله.


في غرفة الطعام"

الأسرة متجمعة على المائدة ، الأب ينظر للطعام بحزن ولا يأكل، الأم لا تأكل تنظر لزوجها تارة ولاولادها"زياد" و"حبيبه" الذين يتناولون طعامهم بشهية كبيرة ولا يباليان بأي شيء أخر، بغضب وحزن.

أخيرًا تحدثت مخاطبة الأب بكلماتها:
_ حسنًا يا أحمد، لا تحزن من فضلك، أنت نصحته كثيرا وأنا تعبت من الحديث معه، ما الذي يمكننا فعله بشكل أفضل معه، يمكن أن يكون هذا أفضل بعدما تم رفضه من قبل المسؤولين؟

نظر إليها أحمد وقال بحزن عميق وحسرة:
_ لا أعرف دعاء لماذا كرام بالذات فشل في حياته وخيب ظننا معا؟ لماذا لا ينظر إلي والده مهندسًا ناجحًا، والدته مهندسة زراعيّة ناجحة، شقيقه سيصبو طبيبًا، الأخرى مهندسة معمارية مثل والدها، لماذا هو مخيب للأمال إلي هذا الحد؟ لا أفهم ما موضوع تلك الاختراعات التي تميل إليها بهذا الهوس؟ هل كل من يشغل دماغه قليلاً يبقى مخترعًا أو عالمًا، هذا شيء لا يحتمل، هذا أمرآ- -

صمت ولم يكمل جملته بسبب حسرته وخيبه آمله الكبيرة، كان"زياد" و"حبيبه" توقفوا عن تناول الطعام، ركزوا مع والدهم. قالت"حبيبه" بلا مبالاة قاسية:
_ ليت الامر توقف علي رفضهم لأختراعه فقط، لكنهم طردوه وتم منعه وحرمانه العام القادم من دخول أي جامعة ليتأدب ويكون مهذبًا.

تحدث الأب بحسرة كما لو كان يتحدث إلى نفسه:
_آه ، إذا سمعتم سكرتير الوزير وهو يتحدث معي ويخبرني بما فعله بهم هناك، كنت خجلا جدا منه ولم أجد ما أقوله، حقا لقد أحرجنا كرام بشده وسود وجوهنا أمام المجتمع كله.

أجاب زياد ببرود وتهكم مبالغ فيه:
_هذا رائع أبي، ولدك فضحنا والحمد لله.

"في غرفة كرام"
"كرام" يجلس في شرفته ينظر إلى الفراغ والدموع تنهمر على خده ويفكر في ما حدث له في وزارة البحث العلمي.
يفكر في مظهره والسكرتير يصرخ في وجهه.

يطلب من الأمن أن يطرده إلى الخارج فتزداد دموعه وتسقط على بدلته التي كان لا يزال يرتديها.

دخلت والدته من باب غرفته، أشتغل جرس الإنذار كالمعتاد "كرام" دون أن يستدير ليرى من دخل وضع يده علي الساعة التي يرتديها دوما، ضغط عليها أغلق الإنذار،

انطفأت ساعته وانطفأ الإنذار، لم تتحدث والدته أو تتذمر هذه المرة، دخلت الشرفة ووضعت يدها على كتفه وجلست على الكرسي، ظلت تنظر له بشفقه، حاولت التحدث لكنه لم يسمعها، ربتت، أنتبه لها، قالت لتؤازره وتخفف عنه:
_وماذا بعد حبيبي؟ ستظل حزينا مكتئبا هكذا، سوف تنزعج أكثر هكذا، تحدث معي بني، أخبرني عزيزي وأفصح عما بقلبك، ماذا حدث معكم؟ ما الذي حدث بينكم حتي يطردك ويقوم بحرمانك من الدراسة في العام المقبل؟
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي