الفصل الثاني

"شبهة من حلال"

لعنت بصوت عال متسألة في داخلها كيف أنغلق الباب هكذا!! تلفتت حولها لعلها تجد شيء ما تستطيع به فتح الباب

لكنها ذعرت حينما وقع نظرها عليه، لقد كان يجلس على كرسي ضخم في زاوية الغرفة، أمسكت بمقبض الباب محاولة فتحه بقوة، لكنها فشلت في مساعها ذاك


أخذت تضرب الباب بيدها، تهتف بصوت عال لعل أحدا ما يسمع صياحها، وجدته يقترب منها بخطوات بطيئة باديا على وجهه الإستمتاع الشديد بينما تشعر هي بالذعر من وجودها معه في مكان واحد


لقد أثار ذلك الرجل في نفسها الخوف والإشمئزاز في ذات الوقت، فنظراته لها غير بريئة على الإطلاق، تشعر وكأنه يعريها بعينيه، نظراته لها مقيتة وما زاد الأمر مقتا إقترابه منها

مما جعله تشم رائحة الخمر المختلطة برائحة عطره، لقد أصبح الأمر مخيفا أكثر، هذا الرجل لن يتركها ترحل بسلام

أجلت حلقها محاولة التحدث بصوت متماسك، أخبرته قائلة بنبرة حاولت أن تكون ثابتة غير عابئة بما يفعله أو مكترثة بإقترابه منها

- من فضلك قم بفتح الباب، خاطبي ينتظرني في الخارج!!

صاحت في وجهه بتلك الكلمات، تنتظر منه جواباً ما أو ردة فعل على حديثها ذاك معه، لكن لم يكن هناك شيء سوى الصمت، لتعاود الحديث تلك المرة ولكن بصوت أعلى وبنبرة غاضبة قائلة له

- قم بفتح ذلك الباب اللعين!! أريد الخروج من تلك الغرفة!!

نظر إليها بتسلية موجها نحوها نظرة فجة بينما يتأمل جسدها الذي كان يرتعش أمامه مما جعله يضحك بصوت عال ثم هز رأسه يمنة ويسرة رافضا طلبها

حاولت أن تبدو متماسكة أمامه غير خائفة وعاودت الطلب قائلة بنبرة بدت هادئة في البداية لكنها انتهت بنار الغضب

- من فضلك، خاطبي ينتظرني بالأسفل ولابد لي من الخروج، فقط أفتح الباب اللعنة عليك!!

هو أنصت إليها بالفعل، كانت ردة فعله على طلبها هو أن علت صوت ضحكاته مرة أخرى، كانت ضحكاته مخيفة، آثارت في قلبها الرعب والبغض كذلك، مما جعلها تنكمش على نفسها أكثر، نظرت إليه بخوف شديد، بينما هو أخبرها بنبرة بدت لها سمجة وقحة

- كفي يا جميلة عن تمثيل دور الضحية ذاك الذي تعيشين فيه الآن!! هل تريدين مني أن أعتقد أن هناك فتاة خليلة علاء كارم هي تكون بريئة بالكامل ومازالت فتاة خام!! هل تريدين أن أعتقد ذلك الهراء عزيزتي؟!

ألقى في وجهها تلك الكلمات، هز رأسه نافيا ثم توجه نحو الفراش، توقف عند الكومود الذي بجواره، تناول عدة أوراق من فوقه، عاد مرة أخرى ليواجهها مادا إليها تلك االأوراق طالبا منها قرأتها

- اقرائي تلك الأوراق يا جميلة، أعلم أن هذا كرم بالغ مني!! فقط هذا لتعلمي مدى كرمي وبذخي، ابذلي جهدك في إسعادي وسوف تحصلين على مكافأة مني، أعدك بذلك جميلتي!!

هي حائرة، غير مدركة لما يحدث معها، لا تعلم ما الذي يريده منها أو ما الذي يقصده بكلماته الوقحة تلك، بترقب وحذر شديد مدت يدها المرتعشة لتناول تلك الأوراق الذي مدها نحوها، صدمت مما هو مدون عليها هتفت صائحة بصوت عال

- وثيقة زواج عرفي ؟!

أبتسم هو لها بسماحة ووقاحة شديدة، أومأ إليها موافقا ثم عاد بعدها إلى الكرسي الذي كان يجلس عليه ناظرا إليها بترقب، يريد أن يرى ردة فعلها

كانت لا تدري ماذا تفعل، لقد شعرت بالدوار والخوف عند قرأتها لتلك الوثيقة التي لم تكن سوي عقد زواج عرفي، لتتسأل بينها وبين نفسها، لماذا هو يريد أن يتزوجها هي بالأخص، ملامح وجهها تحولت إلى الغضب والكره، ألقت الوثيقة أرضا ونظرت إليه ببغض شديد مخبرة إياه

- هذا محال بكل تأكيد أن أتزوج من رجلا مثلك أنت!! حتى لو كان زواج رسميا عند شيخ!! وليس مجرد ورقة زواج عرفي!!

كلماتها وقعت كريهة على سمعه، أنصت لحديثها والذي أثر فيه مما جعله ينتفض واقفا على الفور من إهانتها له، هرع نحوها بسرعة كبيرة ، أطبق يديه على ذراعيها مخبرا إياها بنبرة حادة بدت كسكين ذبح كبرياؤها ذبحا، داهسا كرامتها تحت نعال صوته

- لا أنكر أنك قد نلت إعجابي!! لكن لن أسمح لك أن تتطاولي علي في الحديث!! والذي أستطيع نيله بالرضا أستطيع بكل بساطة أن أناله بالجبر والقوة!! ذلك لن يكون عائق بالنسبة لي!!

لكن حدث وأن أكون أحب أن يكون الرضاء من الطرفين، ولكن أعلمي أن تمنعك ذاك لن يوقفني على أية حال!!

صاح في وجهها بكلماته تلك، لينزع يديه بعدها من على ذراعيها، عاود ليخبرها محذرا بنبرة بدت كفحيح أفعى سامة متلونة

- الإختيار لديك الحق فيه عزيزتي، إما أن توقعي على تلك الورقة وتحصلين على مبلغ جيد من المال مثلما من تطلقين عليه لقب خاطبي!! وإما أن تخرجي من هنا خاسرة لكل شيء تملكينه!! الاختيار لك عزيزتي.

كلماته كانت كسوط غليظ ينزل على جسدها يجلدها جلدا، نعم هي كانت تعلم أن علاء فاسد وذو علاقات نسائية كثيرة

لكنها لم تكن تتخيل أن يبيعها من أجل حفنة مال!! هي لم تصدق كلمات الغزل التي كان يمطرها بها دوما، لكن أن تصل به الخسة أن يسلمها كشاة جاهزة للذبح لرجل خسيس مثله!!

تجمعت في عيناها الدموع وبدأت في السقوط على وجنتيها، هي الآن في بين نارين، نار زواجها من ذالك الذئب في هيئة بشري!

ونار سقوطها في الوحل رغم عنها أختارت، النار الأهون مالت نحو الأرض ملتقطة الأوراق التي سبق ألقتها أرضا، طلبت منه قلما لتوقع بها

- أريد قلما كي أوقع به تلك الأوراق!!

أنصت إلى كلماتها، لوي فمه بضحكة مقيتة مفكرا في نفسه أنها للحظات خدعته بدمعاتها تلك، لكن طلبها الآن قلما للتوقيع يجعلها تلك الفتاة الجشعة في عينيه

ربما فعلت تلك المسرحية الهزلية لتحصل على مبلغ أعلى مما هو مكتوب في العقد، لكن عندما علمت نتيجة رفضها سيجعلها تخرج خالية الوفاض جعلها تتراجع وترضخ لهخ

لابد أن الأمر كذلك هو يعلم هؤلاء الفتيات وحيلهن الرخيصة!! أليس هو خبيرا في النساء!! أو كما يطلقون عليه زير نساء كبير

نظر إليها فوجدها توقع العقد بيد مرتعشة وتسلمه إياه
تناولها منها ووضعهما على الكومود بجوار الفراش
أخبرها بعدها بنبرة هادئة


- لقد كنت ماهرة حقا!! علمتي أين تكون مصلحتك، أريد أن أؤكد لك أنك سوف تقضين ليلة لم تعيشيها في عمرك أجمع ولن تحصلي على مثلها في حياتك كلها!! خذي كلمتي تلك كعهد لا يخان!!

أخبرها بتلك الكلمات ثم غمز لها بعدها بعينيه بوقاحة مما جعلها تنظر إليه نظرة مشمئزة وتحدث نفسها

"نعم أنت على حق، سوف أقضي اليوم ليلة لم أعش مثلها قط!! ليلة من الذل والمهانة!! أغتصاب للروح والجسد"


هي صدقته أنه قادر على أخذها عنوة علي فراشه هذا وفي منزله ذاك، حتى لو قاومت وصاحت لن يمد لها أحدا يد المساعدة، الجميع سيصمت سيغلق أذنه، فقد باعها من أختارته لها زوجا فهل سيساعدها خاضع له ولجبروته؟!

أخبرته بلا مبالاة

- أعدك أنك سوف تندم على فعلتك تلك معي، لكن مع الأسف ندمك هذا سوف يكون بعد فوات الأوان!!

بدأ في خلع ملابسه مستمعا إلي كلماتها تلك بعدم إهتمام ثم طلب منها أن تقترب منه، أطاعته كجارية تطيع سيدها، حتى عندما أخبرها أن تنزع عنها ملابسها وتستلق في الفراش هي بهدوء شديد فعلت

لتستمع إليه وهو يلقي إليها تصريح فج جعلها تشعر بالمهانة والمقت، قائلا بنبرة هازئة

- لن أحتاج إلى سؤالك هل تتخذين مانع للحمل أم لا! فلابد أن واحدة في مثل وضعك تحرص على ذلك بكل تأكيد، أم ماذا زوجتي العزيزة؟!

نزع عن جسده ملابسه بالكامل وألقاها أرضا تحرك للفراش لينضم إليها، جالت عيناه على معالم جسدها وهو ينظر نحوها بجوع وشهوة

كانت كثمرة ناضجة حان موعد قطفها، شهية كثمرة خوخ ناعمة ولاذعة، مال نحوها ليهبط بشفتيه على ثغرها مقبلا إياها.

وجدها باردة كلوح من الجليد، رفع نظره إليها ليطالعها بغضب، لكنه لم يتراجع بل واصل معاشرتها بشهوة رجل يريد الحصول على المتعة، وبقهر أنثي ألقت بنفسها في جحيم ورقة بها شبهة من حلال تظن بها أنها ستنجو بها من الوحل والعار

الانتهاك وصل إلى نهايته، عندما إستكان جوارها بأنفاس لاهثة، وحينما هدأت أنفاسه نهض من على الفراش ليستقيم بعدها واقفا، نظر لها بغضب شديد ثم رحل متوجها نحو المرحاض

حينما أحست به وقد أختفى بداخل المرحاض نهضت على الفور، لملمت ملابسها الملقاة أرضا، أرتدتهم بسرعة كبيرة متغلبة على أوجاع نفسها وجسدها


بحثت عن مفتاح الغرفة، فوجدته ملقي بجوار السروال ألتقتطه بيدها وخطت نحو الباب لفتحه لكنها عادت للفراش لتلتقط شيئاً من جواره وتبتعد مسرعة

فتح الباب فهرولت بسرعة شديدة حتى هبطت من على الدرج ليطالعها الجميع بنظرات سخرية وإستهجان لكنها لم تبالي بهم بل تخطت الجميع مبتعدة عنهم حتى وصلت للخارج وأشارت لسيارة أجرة وقفت لها وأستقلتها راحلة بها علي الفور

لا تعلم كيف وصلت إلى منزلها، و لا متي أخبرت السائق بعنوان المنزل، هي فقط خائفة من أسئلة والدتها عندما تراها بتلك الحال أو حتي تسألها عن عدم قدوم علاء بصحبتها

فتحت باب الشقة بمفتاحها الخاص وتسللت ببطء شديد داعية الله أن تكون والدتها قد خلدت إلي النوم باكرا اليوم

أغلقت الباب خلفها ثم خطت للداخل نحو غرفتها بهدوء شديد وكادت تدلف إليها لولا صوت والدتها الذي علا في المكان متسألة بتعجب كبير

- جازية!! لماذا عدت مبكرا هكذاه؟! ولماذا أتيت وحيدة! لمٓ لا أرى علاء معك؟! ألم يقم بإيصالك إلى المنزل أم ماذا حدث؟!

حاولت أن تتماسك حتى لا تشعر والدتها بوجود شئ خاطئ فتحدثت بنبرة هادئة

- الحقيقة أني شعرت بوجع شديد في الرأس ولم أستطع أن أظل في الحفل فترة أطول من ذلك، علاء كان يريد إيصالي لكني رفضت الأمر فلم أشأ أن يترك الحفل في المتصف من أجلي أنا، لذلك لقد طلبت سيارة أجرة وعدت بها إلى المنزل وها هنا أنا ذا أقف أمامك.

أصدرت والدتها صوت إمتعاض شديد ثم أخبرتها بنبرة موبخة

- حقا!! لقد كنت طوال عمرك تتمتعين بحظ سئ وليس لديك حظا في أي شيء ابنتي العزيزة!!

أنصتت إلى كلمات والدتها الهازئة تلك، همست في نفسها قائلة

" أنت على حق أمي أنا لا أملك في تلك الحياة أي حظ جيد!! بل ولدت وأنا أحمل كل حظ العالم السئ"

وجدتها والدتها شاردة فنظرت إليها متفحصة إياها وسألتها بنبرة مرتابة

- ما بال شعرك يبدو مبعثر هكذا بتلك الطريقة؟! كما أن وجهك يمتقع باللون الأحمر!!

ذعرت من سؤال والدتها وحاولت إيجاد جواب لها فأخبرتها بنبرة متلعثمة

- لقد كان وجع الرأس شديدا حقا، حاولت أن أقوم بعمل تدليك لرأسي وبدون أن أشعر بعثرت شعري بتلك الطريقة التي يبدو عليها الآن.

أستمعت والدتها إلى كلماتها المبررة تلك، ثم أومأت إليها وأخبرتها بتآفف

- حسنا يا فتاة أذهبي إلي النوم، فمن الممكن أن يختفي وجع الرأس ذاك ويغادرك.

أومأت إليها جازية لتدلف إلي غرفتها وتوصد الباب خلفها بينما تشيعها والدتها بعدم رضا وتردد

- متي يأت ذلك اليوم الذي أتخلص فيه من همك وأستطيع أن أجد لنفسي الراحة والهدوء قليلاً؟!

صمتت لبرهة ثم واصلت قائلة

- أنتقم الله من والدك!! منذ اليوم الذي ألتقيت به فيه لم أرى أي يوما جيد في حياتي مطلقاً!





أنهى حمامه بسرعة كبيرة ثم خرج من المرحاض بعدما ارتدى المئذر الخاص به ذو اللون الأبيض، وقع نظره على الفراش فوجده فارغاً مما أثار غضبه، جال بعينيه في أنحاء الغرفة فلم يجدها أيضاً، غضبه تصاعد لآخره
سب بصوت عال لاعنا إياها بشدة

"حمقاء، حمقاء"

ركض نحو خزانة ملابسه كي ينتقى ملابس جديدة له، أمسك بقميص أزرق اللون وسروال سميك، ارتداهم بسرعة كبيرة ثم هرول للخارج

مع كل خطوة يسيرها كان يهتف بصوت عال في مساعديه الذين يعملون تحت أمرته، أمرا إياهم أن يأتوا إليه سريعاً ففعلوا ما طلب منهم، ألقى عليهم سؤال بصوت جهوري قائلاً

- الفتاة التي كانت معي منذ قليل أين ذهبت؟!

نظر كلا من مساعدوه للآخر نظرة استفهام وتعجب، واحد منهم فقط هو من أجاب بصوت خافت متقطع

- لقد قمت برؤيتها وهي تجري خارج الڤيلا بسرعة كبيرة وكأنها هاربة من شئ ما!

لم يكد الرجل يكمل كلماته حتى دفعه جانباً، ركض بسرعة كبيرة أكلا الدرج بخمس خطوات حتى هبط للأسفل، هرول نحو الخارج يريد اللحاق بها

وصل حيث المدخل الخارجي لمنزله ثم سار على رصيف المشاة، أخذ يبحث في وجوه الأشخاص السائرين هناك، لكنه لم يجدها بينهم، قرر نزول الشارع وتخطيه كي يبحث عنها في الجهة المقابلة من الشارع


خطى بين السيارات بسرعة شديدة، هو لم يكن ينظر على جانبيه، فقط هو ينظر للجهة الأخرى متفحصا وجوه السيدات اللاتي يمرنن من هناك، خطوة فخطوة وذهن مشتت

سيارة قادمة عكس السير حملت جسدا ثم طرحته أرضاً على بعد أمتار منها، كان هو ذلك الجسد الذي سعى إلى قدره أو ربما قدره من جلبه إلى ذلك المكان، صياح متعال من المارة

رجال يرتدون بذلات سود ووجوه متجهمة يصرخون بأصوات عالية في بعضهم البعض، أحد مال نحو جسد الراقد الذي كانت دماؤه تندفع بشدة خارج جسده

آخر يحمل هاتف ويصرخ بصوت عال طالبا عربة الإسعاف، حيث كان الرئيس على وشك الموت، الرئيس تعرض لحادث من الجائز أن يؤدي بحياته


بينما هناك في ذلك المسكن فتاة تبتهل إلى الله، تبث إليه حزنها، ترجوه أن يغفر لها أن يأخذ لها حقها ممن أفترى وظلم، ممن أخذ شيئاً لم يكن من حقه، بل هو استباح فقط!! استباح الجسد والروح!! جعلها خاطية دون إرادتها، هي لم تعد طاهرة


ذلك ما فكرت به، وهل هناك سبيل لتطهر نفسها من الدنس الذي ألم بها.

نهاية الفصل
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي