لا تنسى أنك أخي

lamisLamis`بقلم

  • الأعمال الأصلية

    النوع
  • 2022-09-09ضع على الرف
  • 5.7K

    جارِ التحديث(كلمات)
تم إنتاج هذا الكتاب وتوزيعه إلكترونياً بواسطة أدب كوكب
حقوق النشر محفوظة، يجب التحقيق من عدم التعدي.

الفصل الأول

هناك في أحد القرى الفقيره التي لم يصلها التطور بعد
تعيش عدد من العوائل التي تقتات على عمل أيديها
كانت الحياة هنالك صعبة جداً على عكس حياة المدينة
فعندما تصحو أنت على صوت المنبه الذي كنت قد ربطته ليلاً قبل أن تنام
يصحون هم على صوت الديك عندما يبدأ النهار بالظهور
و عندما تنهض أنت من فراشك و تذهب إلى الحمام تفتح صنبور المياه لكي تغسل وجهك
هم يذهبون إلى البئر و يلقون بسطل كبير في قاعه لكي يجلب لهم الماء
و لن أكلمك عن وزنه الثقيل الذي يحتاج إلى قوه لإخراجه من البئر
أما عن الفطور و الغداء و العشاء فلا حاجه للمقارنه
هذا يعني أنه شيء واضح انهم يقتاتون على خيرات الأرض و لحوم الحيوانات التي يقومون بتربيتها
بالإضافه إلى حليب المواشي و بيض الدجاج

أما بالنسبه للعمل فسوف تكتشف من خلال رؤية بشرتهم السمراء و عضلاتهم القوية أنهم يعملون تحت الشمس لفترات طويلة
حيث أنهم يعملون بحرث الأراضي و بذرها و حصادها
و قطف الثمار من الأشجار عند نضوجها
يعملون طول النهار من طلوع الفجر و حتى غروب الشمس
أما في المساء فيجلسون في بيوتهم على ضوء اللوكس
يحتسون الشاي و يتسامرون و يقومون بسرد القصص المعبرة التي كانت تحصل مع آبائهم و أجدادهم في السنوات الماضية

يجلس أبا مروان ممسكاً مسبحته الخضراء
يسبح ربه و يحمده على نعمه الكثيرة التي لا تعد و لا تحصى

تدخل عليه زوجته أم مروان و هي تحمل صينية الشاي بيدها ثم تجلس على الأرض و تقوم بملأ الأكواب
تعطي زوجها كوباً و تقول له :
تفضل الشاي يا أبا مروان بالصحة والعافية على قلبك

يأخذ أبو مروان كأس الشاي من يد زوجته و يقول :
سلمت يداك يا عزيزتي ، أين هو مروان ؟
لماذا لم يأتي لاحتساء الشاي معنا ؟

فتجيبه زوجته قائلة :
إنه متعب جداً ، و طلب مني أنا لا أدخل له ،
يقول أنه يريد أن يخلد للنوم باكراً اليوم .

فيقول أبا مروان و هو يهز رأسه :
حسناً دعيه على راحته ، مع أنه شاب و عليه ألا يقول إنه متعب بتاتاً

ترتبك أم مروان قليلاً ثم تردف قائلة :
في الحقيقة يا زوجي العزيز ، أنا أشعر أن مروان متغير قليلاً معنا ، و كأن لديه شيء مهم يشغل تفكيره على الدوام

أبا مروان :
ماذا تقصدين ؟
لا تهولي الأمور يا امرأة

فتقول أم مروان و هي تصب لزوجها كأساً آخر من الشاي :
لقد كبر ابننا يا عزيزي و أصبح بعمر الزواج
علينا أن نزوجه و نفرح برؤية أحفادنا في حياتنا

يضحك أبو مروان من قلبه و يقول :
و الله لأنه أجمل يوم في حياتي يوم أرى ابني الوحيد متزوج و لديه أولاد يملأون هذا البيت فرحاً و سروراً

تبتسم أم مروان و تقول :
هل هذا يعني أنك موافق على تزويج مروان يا أبا مروان ؟

فيجيبها أبا مروان والفرحة تملأ وجهه :
طبعاً موافق
و مالذي يجعلني لا أوافق
الحمد لله ابننا كبر و أصبح بعمر الزواج و البيت موجود و هو يعمل في أرضه
صحيح أن أرضنا صغيرة و لكنها تسترنا و الحمد لله
هيا ابدأي بالبحث عن فتاة مناسبة له و استعجلي في هذا الموضوع

فتقول أم مروان و الفرحة تملأ قلبها :
حاضر يا زوجي العزيز ،
غداً أخبره بالموضوع و أبدأ بالبحث عن فتاة مناسبة
أتمنى أن يقدم الله له كل خير
و أن يطيل في عمرك يا زوجي و تبقى فوق رؤوسنا

فيجيبها زوجها أبو مروان قائلاً :
آمين يارب ،
و أن يحفظه الله لنا من كل شر و يحفظك يا عزيزتي
يضع كأس الشاي من يده على الصينيه ثم يردف قائلاً لزوجته :
هيا يا عزيزتي أطفئي السراج و دعينا نخلد الى النوم
علينا أن نصحو غداً مبكرين و نشيطين كالعادة

فتجيبه زوجته قائلة : حاضر يا سيد بيتي
ثم تطفأ السراج و تنام

و في الصباح الباكر يصحو مروان من النوم عند جهجهة الضوء فيجد أمه جالسة مبتسمة و قد حضرت الفطور و الشاي و هيئات نفسها لتخبر ابنها ذلك الخبر السعيد الذي كان ينتظره منذ مده طويلة

ينظر مروان إلى أمه و يقول لها :
صبحك الله بكل خير يا أمي ، ما هذه الابتسامة الجميلة ؟
يبدوا أنها تخفي خلفها خبراً سعيداً
ما هو يا أمي ؟
أخبريني ؟

فتجيبه أمه قائلة :
صباح النور يا حبيبي ،
نعم لقد صدقت !
هنالك خبر سعيد أريد أن أخبرك به
و لكن في البداية اذهب و توضا و صلي صلاتك
ثم تعال و اجلس في جواري لأخبرك قبل أن يستيقظ والدك
.

يبتسم مروان لأمه ثم يقول لها :
حاضر يا أمي

و بعد انتهائه من صلاته يعود مسرعاً و يجلس بجانبها و يحضنها و يقول لها :
هيا يا أمي أخبريني ما هو الخبر السعيد الذي تخفينه
أنا في غاية الشوق لسماعه
هيا أخبريني بسرعة
أرجوك يا أمي

تنظر له أمه  بكل شوق و حنان و حب و تقول له :
لقد أخبرت أباك البارحه أنك أصبحت بعمر مناسب للزواج ، و أنني أريد أن أخطب لك و أفرح برؤية أولادك قبل أن أموت
ثم أنني كبرت و أريد أن تساعدني زوجتك في أمور المنزل
فيجيبها مروان قائلاً :
ما هذا الكلام يا أمي ؟
أطال الله في عمرك

تضحك أم مروان ثم تقول لابنها و هي تربت على كتفه :
لقد فرح أباك كثيراً عندما أخبرته أنني أريد أن ازوجك
و قال لي أنه ينتظر هذا اليوم بفارغ الصبر و طلب مني أن أذهب و أقوم بالبحث عن عروس مناسبة لك
ما رأيك في ذلك يا ولدي ؟

تبدو على مروان ملامح الفرح و السعادة واضحه جداً ،
نعم إنه هذا الخبر الذي كان ينتظره منذ مدّه بعيده ، فينظر إلى أمه و يقول لها :
و لماذا تبحثين و تعذبين نفسك يا أمي ، العروس موجوده و هي موافقه أيضاً و كل ما تريده هو أن تذهبي و تطلبي يدها من أهلها

فتتفاجئ أم مروان عند سماعها هذا الكلام و تتسائل كثيراً و تقول :
من هي العروس ؟
و لماذا لم تخبرني من قبل بهذا الكلام ؟
ثم ماذا يعني أنها موافقة و تنتظر مني أن أذهب لخطبتها ؟
هل هناك فتاة في حياتك يا ولدي ؟
و هل كلمتها في هذا الموضوع ؟

فيجيبها مروان و هو يشعر بالخجل :
نعم يا أمي إنها سماح ابنه الحج أبو فواز

فتقول أمه و هي مستغربه من حديثه :
سماح !
تلك الفتاة التي كانت تساعدنا في العام الماضي في حصد محصول القمح و جمعه

يجيبها مروان قائلاً :
نعم يا أمي
هي بذاتها
لقد أعجبتني منذ تلك المدّه و كلمتها في الموضوع
و أنا منذ وقتها و أنا أراها سراً بجانب نبع الماء الذي في رأس الجبل
و هي تحبني و موافقة على الزواج مني
لقد حاولت إخبارك بهذا الموضوع مرات عديده يا أمي
و لكنني كنت أخجل و أتراجع
ولكن كلامك اليوم معي جعلني أتشجع
فما هو رأيك يا أمي في ما سمعتي ؟

ترتبك أم مروان قليلاً ثم تقول له :
لا أعرف يا بني
بصراحه لقد تفاجئت من كلامك ، كنت مقررة أن أخطب لك واحدة من بنات إخوتي
فهن أولى من غيرهن بك يا ولدي
و لكن في النهاية الزواج قسمة و نصيب و إذا كنت تريد أن تخطب هذه الفتاة
فهذه حياتك و أنت حر فيها

فرح مروان فرحاً شديداً بعد سماعه هذا الكلام و لكنه أردف قائلاً :
ماذا يعني هذا الكلام يا أمي هل ستذهبين و تخطبينها لي من أهلها

فابتسم أمه و تجيبه قائلةً :
نعم يا عزيزي
و لكن في البداية علي أن  أخبر أباك بالموضوع فهو الآمر الناهي في هذا البيت
و علينا أن نأخذ رأيه أولا ً

فيجيب مروان قائلاً :
هذا شيء أكيد يا أمي و لكن حاولي أن تقنعيه بسماح إذا رفض أرجوك أنا أحبها و أريدها أن تكون زوجتي و شريكة عمري

و ما أن انتهى من هذا الكلام حتى سمع صوت أبيه يسعل و هو قادم نحوهم إلى غرفة الجلوس

فينظر الى أمه ثم يقول لها:
لقد جاء أبي يا أمي
سوف أسبقك إلى الحقل و أنت فاتحيه بالموضوع

فتنظر أم مروان لولدها و تقول له :
حسناً يا ولدي ، و لكن كل لقمتين في البداية قبل أن تذهب لكي تستطيع أن تسند طولك إلى أن أقوم بإحضار الغداء

فيجيبها مروان قائلاً :
حسناً يا أمي لا عليك
ثم ينهض بسرعه و يقوم بصنع لفافة طعام صغيره و الذهاب بسرعه لكي يفتح لأمه المجال بأن تتكلم مع أبيه

و بعد بضع دقائق يدخل والد مروان و يلقي التحية على زوجته كعادته كل صباح ثم يقول لها :
كيف أصبحت اليوم يا أم مروان ، أتمنى أن تكوني بأفضل حال يا عزيزتي

فتجيبه أم مروان قائلة و قد احمرت وجنتاها خجلاً من لطف كلام زوجها :
الحمد لله يا عزيزي ،أنا بأفضل حال ما دمت أراك أمامي بصحة جيدة
أدامك الله يا عزيزي و أطال في عمرك

يجلس أبا مروان متربعاً على الأرض ثم يردف قائلاً :
هل ذهب مروان إلى الحقل ؟

فتجيبه أم مروان قائلة :
نعم يا عزيزي لقد تيسر إلى الحقل

فيقول أبا مروان مستغرباً من تصرف ابنه :
هذا غريب لماذا لم ينتظرني لنذهب سوياً ؟

فتجيبه أم مروان قائلة :
أنا طلبت منه ذلك ، أريد أن أخبرك يا أبا مروان أن مروان موافق على الزواج  ، و لقد طلب مني أن أخطب له سماح بنت أم سماح
الفتاة التي ساعدتنا في العام الماضي في جني المحصول ، هل تذكرتها ؟

فيجيب أبو مروان قائلاً :
سماح!
نعم تذكرتها!
أنها فتاة درويشة و فقيرة
ابوها متوفي و أمها أشرفت على تربيتها و رفضت أن تتزوج بعد موت زوجها
بصراحة هم أناس من خيرة الخلق
نعم التربية و نعم الأهل
و لكن حبذا لو تخطبي له واحدة من بنات عمه ، فهن أولا لخطبتها من الغرباء
و خيرنا لا يظهر لغيرنا كما قال المثل .

تسكت أم مروان قليلاً ثم تردف قائلة:
و لكن ابنك يا عزيزي لا يريد أحد من بنات عمه و لا من بنات خاله و لا من أي قربة!
هو يريد هذه الفتاة فقط ، و يقول أنه يحبها كثيراً و منذ مدة بعيدة أيضاً .

يهز أبا مروان رأسه موافقاً ثم يقول :
لا
إذا كان هو من يريدها و يحبها أيضاً ،فلا يسعنا إ لا أن تخطيها له ،فهذه حياته و هو حرٌ فيها
و نحن لا نريد من هذه الحياة إلا أن نراه سعيداً مع زوجته و أولاده

فتقول أم مروان و الإبتسامة ترتسم على وجهها المجعد :
هل هذا يعني أنك موافق يا أبا مروان؟

فيجيبها أبا مروان قائلاً:
نعم موافق و لماذا لا أوافق؟
اليوم و بعد أن تنتهي من مهامك اذهبي إليهم و اطلبيها من أمها
و عسى أن يحصل نصيب بينهم
و يوافقون على الخطوبة

فترد أم مروان والفرحة تملأ قلبها و وجهها و تقول:
حاضر يا عزيزي، سوف أنهي مهامي في المنزل بسرعة و أقوم بالذهاب إلى منزلهم
و عسى الله أن يقدم لنا كل ما هو خير

ثم تنهض بسرعة و هي تحمل أطباق الفطور الفارغة و تدخل إلى المطبخ لتنهي مهامها

تنظف الصحون، تكنس البيت، تسقي الورود المزروعة في تنكات السمن القديمة و ترش المياه حول أرجاء المنزل لتبعث رائحة التراب و النظافة و تملأ المكان
ثم تقوم بتحضير الغداء، تقطع الخضار و
تسلق الديك الذي كان قد ذبحه لها ابنها مروان قبل أن يخرج
ثم ترش عليها قليلاً من البهارات و كثيراً من الحب لكي تكون مفيدة أكثر
و لذيذة أكثر و أكثر ..

و بعد نضوج الطعام تضعه في وعاء يحفظ حرارته و من ثم تضعه في قطعة قماش مربعة و تربطها من جميع الجهات لتستطيع حملها بسهولة و إيصالها لابنها و زوجها بأمان

ثم تخرج و ترد خلفها الباب
لا حاجة لها أن تغلقه بإحكام فالامن و الامان كان يعم القرية
و لم تحدث فيها أي حادثة سرقة من قبل

و عند وصولها إلى الحقل يركض نحوها ابنها مروان البالغ من العمر خمسةً و عشرين عاماً ليقوم بأخذ الطعام من أمه كي لا يشعرها بالتعب

منذ عشرين عاماً و هو يركض نفس الركضة عندما يراها قادمة إلى الحقل من بعيد
حتى أنه يقول نفس العبارة "لماذا أرهقتي نفسك يا أمي ، أطال الله في عمرك و ألبسك ثوب الصحة و العافية "

و لكنها تبتسم لكي توصل له رسالةً تقول فيها أن هذا التعب شيء جميل ما دامت تراه بخير أمامها هو و أباه

ثم تجلس و تفرد الطعام و يتناولونه جميعاً بشراهة كبيرة

يلتفت أبا مروان نحو ابنه مروان و يقول له:
أعطني جرة الماء من عندك يا مروان

فيجيبه مروان: حاضر يا أبي

يتناول أبا مروان جرة المياه من يد ابنه و يقول:
بسم الله الرحمن الرحيم ثم يقوم بالضرب و كأنه لم يشرب منذ مدة طويلة
ثم يحمد ربه و يردف قائلاً:
هل ذهبتي يا أم مروان إلى أم سماح كما طلبت منك في الصباح

فتجيبه قائلة:
لا و الله يا أبا مروان لقد تعمدت أن أجلب لكم الطعام أولاً لكي أذهب إليها في طريق العودة

فيجيبها زوجها و يقول : حسناً فعلتي يا أم مروان، لقد كنت جائعاً كثيراً
و لكن لا تنسي أن تذهبي إليها اليوم

فتبتسم أم مروان و تنظر إلى ابنها مروان بطرف عينها لتجده يضع رأسه في الأرض من شدة الخجل ثم تردف قائلة:
ما بالك يا أبا مروان أشعر أنك مستعجل أكثر من ابننا العريس
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي