الفصل العاشر
إستيقظت راما وتطلعت بساعة هاتفها فجحظت عينيها و وقفت مسرعة نافضة غطائها من عليها و وقفت فتعثرت قدمها بسلك شاحن الهاتف.. فصرخت متألمة..
دلف رمزية غرفتها مسرعة و هي تسأل بقلق:
_ راما حبيبتي لماذا تصرخين؟!
فكت راما العقدة التي إلتفت حول قدمها و هي تصيح بها بغضب:
_ انا لم انبهك بالأمس ان تجعليني اصحو على الساعة السادسة صباحاً.
حكت رمزية رأسها و قالت بعدم تذكر:
_ لا لا أتذكر انكِ طلبتي مني شئ كهذا أمس.
وقفت راما و هي تومئ بقدمها التي آلمتها و قالت بحدة:
_ ليتني ضبطت منبه هاتفي.. من المؤكد غنام ينتظرني بالأسفل منذ ساعتين.
رفعت رمزية عيناها بملل و هي تقول:
_ غنام.. غنام.. غنام.. نستيقظ على غنام و نغفو على غنام.. إن علم والدك بهذا الهراء سيؤذيه و ستكوني أنتي السبب.
توقفت راما أمام خزانتها و هي تفكر بحديث رمزية المتعقل.. فوالدها بالفعل سألها أكثر من مرة لماذا لم تعد تطلب منه العودة للمنزل.. و لو أراد لعرف بأمر غنام..
إتسعت عيناها بذعر و هي تتخيل ان يعرف والدها بأمر حبها له.. هل سيؤذيه حقاً كما قالت رمزية...
حينها لن تقف مكتوفة الأيدي.. فغنام هو اليد الحنونة التي إنتشلتها من وحدتها و مجرد شعورها بالحياة و بلذتها كان هو السبب فيه..
فتحت خزانتها و هي تقول بهدوء خافض:
_ لا تقلقي يا دادة انا أعرف جيداً ماذا افعل.. انتِ فقط ضيعتي عليٰ منظر الشروق.
هزت رمزية كتفيها بتسليم و قالت:
_ سأحضر لكما بعض الشطائر كي تتناولاها سوياً.
حملت راما سروال رمادى و سترة بيضاء و توجهت للمرحاض قائلة بإبتسامة رائقة:
_ حسنا و اضيفي إلي الجبن شطائر الطماطم فهو يفضلها هكذا و بعض حبات الزيتون.. انا سأرتدى ملابسي حتي تنتهين.
اجابتها رمزية و هي تنصرف:
_ حسناً الآن أصبحت أعمل عند غنام أيضاً.. ألهمني الصبر يا الله.
إرتدت راما ملابسها و خرجت من دون أن تجفف شعراتها و حملت أدواتها و حقيبة الشطائر و إستقلت المصعد مسرعةً..
ما ان خرجت حتى وجدت غنام كعادته جالس علي مقدمة سيارتها يتطلع امامه بشرود.. حتى وقفت امامه فتاة و سألته عن شئ..
و لكن ضحكهما جعل راما تهدئ من خطواتها بصدمة.. فتلك الفتاة تحدقه بنظرات إعجاب على ما يبدو..
ما أن إقتربت راما منه ورآها حتى قفز على ساقيه فإقتربو منه وقذفته بأشيائها الثقيلة و وقفت قبالة تلك الفتاة و هي تحدجها بإبتسامة سمجة و سألتها بحدة:
_ ماذا تريدين؟!
رفعت الفتاة حاجبها و قالت ببرود:
_ وما شأنكِ انتِ؟!
عادت راما بعينيها لغنام الكابح زمام ضحكاته على هيأتها و الذى قال مبرراً:
_ إنها كانت تسألني علي صيدلية الدكتور سعيد.
عقدت راما ذراعيها امام صدرها و قالت له بضيق:
_ وهل أخبرتها أين هو أم ستختفي من أمامي أفضل لها؟!
عدل غنام من حمله للواحاتها و قال مسرعاً وهو يشير بذراعه:
_ إنها بآخر هذا الشارع يا آنستي على جهتك اليمني.
إبتسمت إليه الفتاة لإغاظة راما و قالت بهمس رقيق:
_ شكراً لك انت لطيف جدا.
تطلع غنام براما فوجدها تقبض على كفيها بغضب فأسرع قائلا:
_ العفو آنستي.
و جذب المفتاح من يد راما المنقبضة و فتح حقيبة السيارة و قذف بداخلها أشيائها.. و إستدار حول السيارة و فتح الباب و دفع راما المحدقة بالفتاة بنظرات مشتعلة و اغلق ورائها الباب و إبتسم للفتاة مودعا و صعد هو الآخر السيارة و قادها مسرعاً..
لم يغفل عن طرقها بقدمها بالسيارة.. و توترها الزائد فسألها بقلق:
_ راما ما بكِ تبدين عصبية للغاية.
إنفجرت به قائلة بصياح لم يتوقعه:
_ أنا لستُ عصبية.. فقط فسر لي وقفتك مع تلك البلهاء و ضحكاتكما سويا ً.. هل أعجبتك؟!
سحب نفساً طويلا و أجابها و هو يتطلع بالطريق:
_ لا لم تعجبني فقط سألتني و أنا اجبتها و إنتهت.
كان عقلها يصرخ بداخلها قائلا:
_ أنت بارد.. بل أبرد شخص رأيته بحياتي.. يالله أعني فأنا تركت كل خلقك و عشقت ذلك التمثال الثلجي.
علقت عيناها بالطريق مبتعدة عنه و هي تشتعل من غيرتها عليه و هو لا يشعر.. إنسان بلا قلب...
• * * * *
إستيقظت آية متأخرة و هي تشعر بحماس زائد.. تناولت إفطارها و جلست مع الجدة وقالت بسعادة :
_ ماذا تريدين أن أحضر لكِ على الغداء اليوم يا حبيبتي فأنا أستغل العطلة بتدليلك.
اجابتها الجدة بهدوء:
_ أي شئ منكِ لذيذ يا حبيبتي.
إستأذنتها آية قائلة :
_ بعد الغداء سأخرج أنا وسارة لكى أتسوق قليلاً و أشترى بعض الاغراض الجديدة لي لو سمحتِ بالطبع.
اجابتها الجدة بصوتها العذب:
_ بالطبع يا قلبي.. خذى بطاقتك الإئتمانية و إسحبي منها كل ما يلزمك.
فقالت لها آية بإبتسامة ممتنة :
شكرا يا تيتة الله لا يحرمنى منك يا غالية .
إمتعض وجه الجدة و هي تقول بفتور:
_ لم الشكر عزيزتي فتلك اموالك و أموال امك رحمها الله.. ألا يكفي أباكِ الذي لا يفكر فيكِ مطلقاً.. تمتعى بأموالك يا إبنتي.
إكتست ملامح إية بحزن قاتم وقالت بضيق :
_ لديه زوجته و إخوتي و حياته و هذا يكفيه.. أما أنا فلدى أنتم و هذا يكفيني.
سمعوا طرقات على الباب ففتحت آية بعدما إرتدت حجابها لتجدها خالتها وورائها مروان...
دخلوا للجدة وبعد قليل بحث مروان بعينيه عن آية حوله فلم يجدها ...
دخلت آية إلى المطبخ لتهرب من وجودها بجواره أخذت تغسل الأطباق حتى شعرت بأحد يقف خلفها إلتفتت لتجده مروان تمالكت أعصابها و رعشتها البغيضة أمامه.. فهى رغم اى شئ مشتاقة لعيونه البنية التى تعشقهم ...
إبتعدت عنه بعينيها و قالت وهى تخفض رأسها لكى لا يلحظ توترها :
_ هل تريد شيئاً يا مروان؟!
أجابها مروان قائلا و هو يحدق بها بشك :
_ ما بكِ هذه الأيام.. تبدين على عكس طبيعتك.
ردت بجمود و هي تمسح الحائط بمنشفة نضيفة :
_ لا انا على طبيعتي و بأفضل حال و الحمد لله.. أنت تتوهم ليس إلا.
باغتها قائلا و هو يستند على الحائط بجواره متفرساً في ملامحها متابعاً لكل همسة منها:
_ كيف حالك مع إيساف؟!
تحكمت بإنفعالاتها و ردت عليه بهدوء تحسد عليه رغم قلبها الذى يدق بسرعة شديدة:
_ لا شئ جديد هو في حاله و أنا في حالي ما الذى ذكرك به؟!
ضيق عينيه و قال بعدم ثقة بعدما لاحظ تهدج أنفاسها :
_ تعتقدين انني سأصدقك بتلك البساطة يا آية.. يا صغيرتي.
إلتفتت إليه وبعيون كلها غضب قالت بحدة لم يعهدها منها من قبل :
_ أنت ماذا تريد مني تحديداً.. أنا لا افهمك؟!
إقترب منها سابراً لأغوارها متعمقاً في ليل عيونها و هو يقول بقوة:
_ انا أعرفه جيداً.. هو لن يستسلم و سيظل خلفكِ مهما كلفه الأمر و إبتعاده عنكِ معناه أنه قد وصل إليكِ بأى طريقة.
أجابته على الفور و هي تزيد من حدة نظراتها إليه :
_ هذا ليس من شأنك.. إهتم بحالك... و فقط سمعتني.
وقف متعجباً من طريقتها فى الكلام.. و جرأتها عليه بل و قوتها التى يراها لأول مرة.. لم يشعر بنفسه و هو يجتذبها من ذراعها وقربها منه وقال و أنفاسه الغاضبة تلفح وجهها بحدة :
_ هل جُننتي!! أتتحدثين معي أنا بتلك الطريقة.
نظرت لعيونه عن قرب وقلبها يكاد يخرج من صدرها من شدة دقاته.. ذابت مع انفاسه و تخلت عن رداء القوة الزائف هذا و هي تتنهد بحرارة مستسلمة للمسته...
لاحظ نظراتها إليه فقربها منه أكثر و تطلع داخل عيونها هو الآخر عن قرب يتأمل جمالهما ثم قربها أكثر وهو يطالع شفتيها الورديتين بتلهف ..
لاحظت نظراته المثيرة و إستشفت نيته.. فابتعدت عنه وعادت تغسل الأطباق وهى ترتعش وقالت بتلعثم :
_ لايوجد شئ بيننا كما يدور برأسك.. عامة لقد إبتعد عني و إنتهى الأمر.
إعتدل بوقفته و تحكم في دقات قلبه و قد تمالك نفسه وقال بجدية :
_ أتمني أن يكون ما قلتهِ صحيح.. فقط أتمني أن يخيب ظني.
وتركها وخرج و التعجب يملأه.. هل كان سيُقبلها.. أى مشاعر غوغائية تلك التي إنتابته حتي يقترب منها لهذا الحد..
بينما شربت آية رشفة ماء وحاولت الهدوء وقالت ساخرة :
_ يدعي الخوف عليٰ.. أنا غبية لأنني أعشق جلمود مثلك و أترك كل شئ من أجله.. غبية.
قذفت الكوب من يدها بالمرحاض و إستندت عليه بكلتا يديها حتي إبتسمت بخفوت ثم ضحكت وذهبت بخيالات مراهقتها الوردية وقالت بخجل :
_ هل كان سيُقبلني حقاً.. أم أنني كنت أتوهم كعادتي.
• * * *
شعور غريب من السعادة و الحنق يملؤها.. تارة تبتسم و تارة تعبس عينيها بغضب.. فهذا المرواغ سيودعها بمصحة نفسية عما قريب.. و لكنها لن تتنازل عن إرضاخها له و لو بأي ثمن..
أمضت آية يومها مع جدتها وتناولوا غدائهم ونزلت إليهم سارة وسهام التى قالت لآية بحماس :
_ حبيبة خالتك.. اريدك أن تبتاعي كل ما يلزمك و لا تبخلي علي نفسكِ بشئ إتفقنا.
فقالت لهما سارة بتمثيل مسرحي ساخر :
_ أنا سأجعلكم تنبهرون مما سيحدث لها.. سأسحرها و لن تتعرفوا عليها.. سأحولها من تلك الفتاة المراهقة لآنسة غاية في الجمال و السحر.
ثم خاطبت آية قائلة بنبرة عسكرية صارمة:
_ بدلي ملابسك بمنتهي السرعة فورائنا يوم طويل.
فردت آية بإبتسامة متحمسة... و أدت التحية العسكرية و هي تقول بمزاح :
_ حسناً سارتدى ملابسي بمنتهي السرعة يا قائد لن أتأخر عليكِ.
فقالت الجدة بضحكة رائقة :
_ حماكم الله يا حبيباتي و رزقكما زوجين اولاد حلال.
فردت الفتاتان فى وقت واحد :
_ آميييييين .
خرجت الفتاتان وإتجها إلى أحد المولات .. سارا به قليلا يتطلعون لواجهات المحلات فتسألت آية بفضول :
_ ماذا سنشترى يا سارة فقد تملكت الحيرة مني؟!
وقفت سارة قبالتها وقالت وهى تلامس أناملها لعد ما ستقوله :
_ أولا سنشترى الكثير من الملابس العصرية و المحترمة في نفس الوقت.. ثانيا سأشترى أحذية بكعب عالي كالآنسات و نتخلص من الأحذية الرياضية تلك.. ثالثاً سنذهب إلي مركز التجميل للإهتمام ببشرتك و أظافرك و شراء مستحضرات تجميل بدلاً من ذبدة الكاكاو تلك... و إكسسوارات و عطور لكِ يا آنسة آية.
فقالت لها آية بتعجب :
_ و لم كل ذلك فهذا كثير جداً.
إمتعض وجه سارة على إستسلامها المبكر فقالت بعزم قاطع:
_ إسمعينى جيداً.. إتركي لي نفسكٌ و النقود معنا كثيرة و الحمد لله.. هيا امامي.
تقدمتها آية و أخذوا يتسوقون و يتسوقون حتى أتموا مهمتهم وعادوا محملين بأكياس كثيرة جدا..
دلفا للشقة محملين بالكثير من الحقائب البلاستيكية.. فقالت لهما سهام بدهشة :
_ ما كل هذا؟! هل إبتعتما السوق كله؟!
أجابتها سارة بتعب :
_ إنتظرى يا أمي قليلا لأنني لا اشعر بقدماي من التعب و الإرهاق.. لم نترك محلاً إلا و دلفناه.
إرتمت سارة على الأريكة و هي تقول بإبتسامة مرهقة:
_ و مع ذلك إشتريت لها أشياء ستبهركم من شدة جمالها و رقتها عليها.. ستتفاجأون.
بينما قالت آية بفرحة و هي تضع الأكياس من يدها :
_ و لكن أفضل شئ فعلناه اليوم هو مركز التجميل.. إستمتعت كثيراً بالاقنعة المرطبة و البخار الساخن و العناية المكثفة بيدي كنت بأسعد لحظات حياتي فعلياً.
فقالت لها سهام و هي تصفق بيديها بحماس :
_ فلتقدمي لنا عرض أزياء يا آية لنحكم هل فعلا تغيرتي كما تغير وجهك و زاد بريقه و جماله أم أنكم لا تفقهون شيئاً و ضاعت اموالك هباءً.
حاولت آية حمل الحقائب كلها مرة واحدة فقالت لها سارة بسخرية مازحة :
_ إحمليهم على مرتين يا ذكية هل تظنين نفسك چون سينا.. فانا لا أستطيع الوقوف لمساعدتك طاقتي إنتهت.
حملتهم و دلفت لغرفتها بسعادة و بدات بإفراغ الأكياس و ترتيبها بحذر...
إرتدت آية الملابس الجديدة مع الأحذية العالية و وقفت امام المرآة تطالع نفسها بإعجاب.. ها هي تحولت لآنسة جميلة بكل معنى الكلمة .. تنتظر بلهفة ان يراها مروان بهيأتها تلك من المؤكد سيسحر بها...
خرجت إليهم بشكلها الجديد لينبهر الجميع من جمالها وشياكتها فقالت الجدة بإبتسامة متسعة:
ما شاء الله يا آية كما القمر يا حبيبتي سأرقيكي غداً قبل خروجكِ صباحاً أخشى أن تصيبك عين حاسد .
وقفت سارة و لفت حولها و قالت بغرور :
_ إنه ذوقي الراقي يا تيتة.. و لكن إنظروا فآية تحولت لقطعة سكر... الجامعة غداً كلها ستنقلب عليها .
طالعتها سهام بإعجاب و هي تقول بسعادة :
_ حبيبتي الصغيرة قد باتت عروس رائعة الجمال حماكي الله يا آية.
غمزت لها سارة وقالت بلؤم :
_ الآن لم تعودِ صغيرة مجدداً.
إبتسمت آية براحة وهي تطالع نفسها غير مصدقة لما تحولت إليه.. فثقتها بنفسها قد زادت كما زاد جمالها...
ظلت طوال الليل تتعلم كيفية وضع مستحضرات التجميل كما علمتها المصففة بالمركز.. وإرتدت الحذاء ذو الكعب العالى وأخذت تمشى به تعثرت فى البداية كثيرا حتى تعودت عليه ...
سمعت رنة هاتفها لتجده إيساف فكرت ألا ترد عليه ولكنها أرادت أن تكمل يومها السعيد بكلماته العذبة التى تحب سماعها .
فردت مسرعة :
ألو .
اجابها بهدوئه المميز:
_ مرحبا.. كيف حالك يا آية؟!
أجابته بسعادة و هي تمشط شعراتها الطويلة امام المرآة:
_ أنا بخير الحمد لله.. كيف حالك أنت؟!
تنهد إيساف مطولاً و هو يقول بوله:
_ طالما أنني أسمع صوتك و أراكِ بالجامعة فأنا أصبح أسعد رجلاً بالعالم.
جلست آية على فراشها و هي تقول بإمتنان:
شكرا جزيلاً يا إيساف انت دائم الذوق و الأدب .
تعجب من الفرحة الواضحة فى كلامها وقال بتساؤل متعجب :
_ ما به صوتك و كأن السعادة إرتسمت عليه.
فقالت بفرحة و بنبرتها كل الحماس :
_ صحيح أنا سعيدة كثيراً فاليوم قد تسوقت و إشتريت ملابس و أشياء رائعة.. غيرت من هيأتي كاملةً.
فقال لها إيساف بمرح :
_ إذا يا آية فأنتِ ستصبحين جميلة أكثر من الآن.. حرام عليكِ قلوب الشباب لن تحتمل.
اطرقت برأسها و لفت شعراتها خلف أذنها وقالت بخجل :
_ انت دائماً مجامل هكذا.
صمت قليلا و هو يقول بنبرة عاشقة ملتاعة:
_ أنا لا أجاملكِ تلك هي الحقيقة فأنتِ من أجمل الفتيات التي رأتها عيني و قلبي عشقها من أول نظرة.
إعتدلت بجلستها وقالت بغضب بنبرة محتدة :
_ إيساف أنت تعلم جيداً أنني لا أحب مثل هذا الحديث و قد حذرتك سابقاً.
إبتلع ريقه بتوتر و هو يقول مسرعاً خشية أن تغضب منه:
_ ولكن يا آية انتِ تعلمين انني احبك و اموت بكِ عشقاً فلمتى تجاهلك لمشاعرى فأنا بت متعباً من تمثيل دور الصديق ذاك.
فقالت مغيرة الموضوع بدهاء بعدما آلمها قلبها عليه :
_ المهم هل ستحضر غداً بإءن الله للجامعة كي ترانى بهيأتي الجديدة.
تنهد بأسي على عودتها للتجاهل وإبتسم قائلا براحة :
_ أعجبتني حيلتك الذكية تلك في المراوغة.. و لكنني غداً سأراكي بقلبي لا بعيني و متأكد أنكِ ستكونين كما القمر.
إبتسمت بخجل و هي تقول بهمس رقيق :
شكرا لك يا إيساف .
أغمض عينيه و هو يقول بهمس كما اجابته هي:
_ أنا معكِ فقط أعرف أن إسمي بمنتهي الجمال.
ضحكت آية وقالت مسرعةً :
_ لا فائدة منك.. ساتركك الآن.. تصبح على خير.
اجابها إيساف برقة:
وإنتِ من أهل الخير .
أغلقت الهاتف وهى تجول غرفتها ذهاباً و إياباً.. محتارة من تطور علاقتها بإيساف فهى فى النهاية لا تحبه ولكنه يتعلق بها أكثر و هذا يعذبها..
لم تقصد أن تعلقه بها أكثر.. فهو من قال لها انهما مجرد أصدقاء و فقط.. تعلم أنها تكذب لتريح ضميرها.. تنهدت بضيق و قررت أن تقطع علاقتها به بهدوء... كما بدأت بهدوء.
دلف رمزية غرفتها مسرعة و هي تسأل بقلق:
_ راما حبيبتي لماذا تصرخين؟!
فكت راما العقدة التي إلتفت حول قدمها و هي تصيح بها بغضب:
_ انا لم انبهك بالأمس ان تجعليني اصحو على الساعة السادسة صباحاً.
حكت رمزية رأسها و قالت بعدم تذكر:
_ لا لا أتذكر انكِ طلبتي مني شئ كهذا أمس.
وقفت راما و هي تومئ بقدمها التي آلمتها و قالت بحدة:
_ ليتني ضبطت منبه هاتفي.. من المؤكد غنام ينتظرني بالأسفل منذ ساعتين.
رفعت رمزية عيناها بملل و هي تقول:
_ غنام.. غنام.. غنام.. نستيقظ على غنام و نغفو على غنام.. إن علم والدك بهذا الهراء سيؤذيه و ستكوني أنتي السبب.
توقفت راما أمام خزانتها و هي تفكر بحديث رمزية المتعقل.. فوالدها بالفعل سألها أكثر من مرة لماذا لم تعد تطلب منه العودة للمنزل.. و لو أراد لعرف بأمر غنام..
إتسعت عيناها بذعر و هي تتخيل ان يعرف والدها بأمر حبها له.. هل سيؤذيه حقاً كما قالت رمزية...
حينها لن تقف مكتوفة الأيدي.. فغنام هو اليد الحنونة التي إنتشلتها من وحدتها و مجرد شعورها بالحياة و بلذتها كان هو السبب فيه..
فتحت خزانتها و هي تقول بهدوء خافض:
_ لا تقلقي يا دادة انا أعرف جيداً ماذا افعل.. انتِ فقط ضيعتي عليٰ منظر الشروق.
هزت رمزية كتفيها بتسليم و قالت:
_ سأحضر لكما بعض الشطائر كي تتناولاها سوياً.
حملت راما سروال رمادى و سترة بيضاء و توجهت للمرحاض قائلة بإبتسامة رائقة:
_ حسنا و اضيفي إلي الجبن شطائر الطماطم فهو يفضلها هكذا و بعض حبات الزيتون.. انا سأرتدى ملابسي حتي تنتهين.
اجابتها رمزية و هي تنصرف:
_ حسناً الآن أصبحت أعمل عند غنام أيضاً.. ألهمني الصبر يا الله.
إرتدت راما ملابسها و خرجت من دون أن تجفف شعراتها و حملت أدواتها و حقيبة الشطائر و إستقلت المصعد مسرعةً..
ما ان خرجت حتى وجدت غنام كعادته جالس علي مقدمة سيارتها يتطلع امامه بشرود.. حتى وقفت امامه فتاة و سألته عن شئ..
و لكن ضحكهما جعل راما تهدئ من خطواتها بصدمة.. فتلك الفتاة تحدقه بنظرات إعجاب على ما يبدو..
ما أن إقتربت راما منه ورآها حتى قفز على ساقيه فإقتربو منه وقذفته بأشيائها الثقيلة و وقفت قبالة تلك الفتاة و هي تحدجها بإبتسامة سمجة و سألتها بحدة:
_ ماذا تريدين؟!
رفعت الفتاة حاجبها و قالت ببرود:
_ وما شأنكِ انتِ؟!
عادت راما بعينيها لغنام الكابح زمام ضحكاته على هيأتها و الذى قال مبرراً:
_ إنها كانت تسألني علي صيدلية الدكتور سعيد.
عقدت راما ذراعيها امام صدرها و قالت له بضيق:
_ وهل أخبرتها أين هو أم ستختفي من أمامي أفضل لها؟!
عدل غنام من حمله للواحاتها و قال مسرعاً وهو يشير بذراعه:
_ إنها بآخر هذا الشارع يا آنستي على جهتك اليمني.
إبتسمت إليه الفتاة لإغاظة راما و قالت بهمس رقيق:
_ شكراً لك انت لطيف جدا.
تطلع غنام براما فوجدها تقبض على كفيها بغضب فأسرع قائلا:
_ العفو آنستي.
و جذب المفتاح من يد راما المنقبضة و فتح حقيبة السيارة و قذف بداخلها أشيائها.. و إستدار حول السيارة و فتح الباب و دفع راما المحدقة بالفتاة بنظرات مشتعلة و اغلق ورائها الباب و إبتسم للفتاة مودعا و صعد هو الآخر السيارة و قادها مسرعاً..
لم يغفل عن طرقها بقدمها بالسيارة.. و توترها الزائد فسألها بقلق:
_ راما ما بكِ تبدين عصبية للغاية.
إنفجرت به قائلة بصياح لم يتوقعه:
_ أنا لستُ عصبية.. فقط فسر لي وقفتك مع تلك البلهاء و ضحكاتكما سويا ً.. هل أعجبتك؟!
سحب نفساً طويلا و أجابها و هو يتطلع بالطريق:
_ لا لم تعجبني فقط سألتني و أنا اجبتها و إنتهت.
كان عقلها يصرخ بداخلها قائلا:
_ أنت بارد.. بل أبرد شخص رأيته بحياتي.. يالله أعني فأنا تركت كل خلقك و عشقت ذلك التمثال الثلجي.
علقت عيناها بالطريق مبتعدة عنه و هي تشتعل من غيرتها عليه و هو لا يشعر.. إنسان بلا قلب...
• * * * *
إستيقظت آية متأخرة و هي تشعر بحماس زائد.. تناولت إفطارها و جلست مع الجدة وقالت بسعادة :
_ ماذا تريدين أن أحضر لكِ على الغداء اليوم يا حبيبتي فأنا أستغل العطلة بتدليلك.
اجابتها الجدة بهدوء:
_ أي شئ منكِ لذيذ يا حبيبتي.
إستأذنتها آية قائلة :
_ بعد الغداء سأخرج أنا وسارة لكى أتسوق قليلاً و أشترى بعض الاغراض الجديدة لي لو سمحتِ بالطبع.
اجابتها الجدة بصوتها العذب:
_ بالطبع يا قلبي.. خذى بطاقتك الإئتمانية و إسحبي منها كل ما يلزمك.
فقالت لها آية بإبتسامة ممتنة :
شكرا يا تيتة الله لا يحرمنى منك يا غالية .
إمتعض وجه الجدة و هي تقول بفتور:
_ لم الشكر عزيزتي فتلك اموالك و أموال امك رحمها الله.. ألا يكفي أباكِ الذي لا يفكر فيكِ مطلقاً.. تمتعى بأموالك يا إبنتي.
إكتست ملامح إية بحزن قاتم وقالت بضيق :
_ لديه زوجته و إخوتي و حياته و هذا يكفيه.. أما أنا فلدى أنتم و هذا يكفيني.
سمعوا طرقات على الباب ففتحت آية بعدما إرتدت حجابها لتجدها خالتها وورائها مروان...
دخلوا للجدة وبعد قليل بحث مروان بعينيه عن آية حوله فلم يجدها ...
دخلت آية إلى المطبخ لتهرب من وجودها بجواره أخذت تغسل الأطباق حتى شعرت بأحد يقف خلفها إلتفتت لتجده مروان تمالكت أعصابها و رعشتها البغيضة أمامه.. فهى رغم اى شئ مشتاقة لعيونه البنية التى تعشقهم ...
إبتعدت عنه بعينيها و قالت وهى تخفض رأسها لكى لا يلحظ توترها :
_ هل تريد شيئاً يا مروان؟!
أجابها مروان قائلا و هو يحدق بها بشك :
_ ما بكِ هذه الأيام.. تبدين على عكس طبيعتك.
ردت بجمود و هي تمسح الحائط بمنشفة نضيفة :
_ لا انا على طبيعتي و بأفضل حال و الحمد لله.. أنت تتوهم ليس إلا.
باغتها قائلا و هو يستند على الحائط بجواره متفرساً في ملامحها متابعاً لكل همسة منها:
_ كيف حالك مع إيساف؟!
تحكمت بإنفعالاتها و ردت عليه بهدوء تحسد عليه رغم قلبها الذى يدق بسرعة شديدة:
_ لا شئ جديد هو في حاله و أنا في حالي ما الذى ذكرك به؟!
ضيق عينيه و قال بعدم ثقة بعدما لاحظ تهدج أنفاسها :
_ تعتقدين انني سأصدقك بتلك البساطة يا آية.. يا صغيرتي.
إلتفتت إليه وبعيون كلها غضب قالت بحدة لم يعهدها منها من قبل :
_ أنت ماذا تريد مني تحديداً.. أنا لا افهمك؟!
إقترب منها سابراً لأغوارها متعمقاً في ليل عيونها و هو يقول بقوة:
_ انا أعرفه جيداً.. هو لن يستسلم و سيظل خلفكِ مهما كلفه الأمر و إبتعاده عنكِ معناه أنه قد وصل إليكِ بأى طريقة.
أجابته على الفور و هي تزيد من حدة نظراتها إليه :
_ هذا ليس من شأنك.. إهتم بحالك... و فقط سمعتني.
وقف متعجباً من طريقتها فى الكلام.. و جرأتها عليه بل و قوتها التى يراها لأول مرة.. لم يشعر بنفسه و هو يجتذبها من ذراعها وقربها منه وقال و أنفاسه الغاضبة تلفح وجهها بحدة :
_ هل جُننتي!! أتتحدثين معي أنا بتلك الطريقة.
نظرت لعيونه عن قرب وقلبها يكاد يخرج من صدرها من شدة دقاته.. ذابت مع انفاسه و تخلت عن رداء القوة الزائف هذا و هي تتنهد بحرارة مستسلمة للمسته...
لاحظ نظراتها إليه فقربها منه أكثر و تطلع داخل عيونها هو الآخر عن قرب يتأمل جمالهما ثم قربها أكثر وهو يطالع شفتيها الورديتين بتلهف ..
لاحظت نظراته المثيرة و إستشفت نيته.. فابتعدت عنه وعادت تغسل الأطباق وهى ترتعش وقالت بتلعثم :
_ لايوجد شئ بيننا كما يدور برأسك.. عامة لقد إبتعد عني و إنتهى الأمر.
إعتدل بوقفته و تحكم في دقات قلبه و قد تمالك نفسه وقال بجدية :
_ أتمني أن يكون ما قلتهِ صحيح.. فقط أتمني أن يخيب ظني.
وتركها وخرج و التعجب يملأه.. هل كان سيُقبلها.. أى مشاعر غوغائية تلك التي إنتابته حتي يقترب منها لهذا الحد..
بينما شربت آية رشفة ماء وحاولت الهدوء وقالت ساخرة :
_ يدعي الخوف عليٰ.. أنا غبية لأنني أعشق جلمود مثلك و أترك كل شئ من أجله.. غبية.
قذفت الكوب من يدها بالمرحاض و إستندت عليه بكلتا يديها حتي إبتسمت بخفوت ثم ضحكت وذهبت بخيالات مراهقتها الوردية وقالت بخجل :
_ هل كان سيُقبلني حقاً.. أم أنني كنت أتوهم كعادتي.
• * * *
شعور غريب من السعادة و الحنق يملؤها.. تارة تبتسم و تارة تعبس عينيها بغضب.. فهذا المرواغ سيودعها بمصحة نفسية عما قريب.. و لكنها لن تتنازل عن إرضاخها له و لو بأي ثمن..
أمضت آية يومها مع جدتها وتناولوا غدائهم ونزلت إليهم سارة وسهام التى قالت لآية بحماس :
_ حبيبة خالتك.. اريدك أن تبتاعي كل ما يلزمك و لا تبخلي علي نفسكِ بشئ إتفقنا.
فقالت لهما سارة بتمثيل مسرحي ساخر :
_ أنا سأجعلكم تنبهرون مما سيحدث لها.. سأسحرها و لن تتعرفوا عليها.. سأحولها من تلك الفتاة المراهقة لآنسة غاية في الجمال و السحر.
ثم خاطبت آية قائلة بنبرة عسكرية صارمة:
_ بدلي ملابسك بمنتهي السرعة فورائنا يوم طويل.
فردت آية بإبتسامة متحمسة... و أدت التحية العسكرية و هي تقول بمزاح :
_ حسناً سارتدى ملابسي بمنتهي السرعة يا قائد لن أتأخر عليكِ.
فقالت الجدة بضحكة رائقة :
_ حماكم الله يا حبيباتي و رزقكما زوجين اولاد حلال.
فردت الفتاتان فى وقت واحد :
_ آميييييين .
خرجت الفتاتان وإتجها إلى أحد المولات .. سارا به قليلا يتطلعون لواجهات المحلات فتسألت آية بفضول :
_ ماذا سنشترى يا سارة فقد تملكت الحيرة مني؟!
وقفت سارة قبالتها وقالت وهى تلامس أناملها لعد ما ستقوله :
_ أولا سنشترى الكثير من الملابس العصرية و المحترمة في نفس الوقت.. ثانيا سأشترى أحذية بكعب عالي كالآنسات و نتخلص من الأحذية الرياضية تلك.. ثالثاً سنذهب إلي مركز التجميل للإهتمام ببشرتك و أظافرك و شراء مستحضرات تجميل بدلاً من ذبدة الكاكاو تلك... و إكسسوارات و عطور لكِ يا آنسة آية.
فقالت لها آية بتعجب :
_ و لم كل ذلك فهذا كثير جداً.
إمتعض وجه سارة على إستسلامها المبكر فقالت بعزم قاطع:
_ إسمعينى جيداً.. إتركي لي نفسكٌ و النقود معنا كثيرة و الحمد لله.. هيا امامي.
تقدمتها آية و أخذوا يتسوقون و يتسوقون حتى أتموا مهمتهم وعادوا محملين بأكياس كثيرة جدا..
دلفا للشقة محملين بالكثير من الحقائب البلاستيكية.. فقالت لهما سهام بدهشة :
_ ما كل هذا؟! هل إبتعتما السوق كله؟!
أجابتها سارة بتعب :
_ إنتظرى يا أمي قليلا لأنني لا اشعر بقدماي من التعب و الإرهاق.. لم نترك محلاً إلا و دلفناه.
إرتمت سارة على الأريكة و هي تقول بإبتسامة مرهقة:
_ و مع ذلك إشتريت لها أشياء ستبهركم من شدة جمالها و رقتها عليها.. ستتفاجأون.
بينما قالت آية بفرحة و هي تضع الأكياس من يدها :
_ و لكن أفضل شئ فعلناه اليوم هو مركز التجميل.. إستمتعت كثيراً بالاقنعة المرطبة و البخار الساخن و العناية المكثفة بيدي كنت بأسعد لحظات حياتي فعلياً.
فقالت لها سهام و هي تصفق بيديها بحماس :
_ فلتقدمي لنا عرض أزياء يا آية لنحكم هل فعلا تغيرتي كما تغير وجهك و زاد بريقه و جماله أم أنكم لا تفقهون شيئاً و ضاعت اموالك هباءً.
حاولت آية حمل الحقائب كلها مرة واحدة فقالت لها سارة بسخرية مازحة :
_ إحمليهم على مرتين يا ذكية هل تظنين نفسك چون سينا.. فانا لا أستطيع الوقوف لمساعدتك طاقتي إنتهت.
حملتهم و دلفت لغرفتها بسعادة و بدات بإفراغ الأكياس و ترتيبها بحذر...
إرتدت آية الملابس الجديدة مع الأحذية العالية و وقفت امام المرآة تطالع نفسها بإعجاب.. ها هي تحولت لآنسة جميلة بكل معنى الكلمة .. تنتظر بلهفة ان يراها مروان بهيأتها تلك من المؤكد سيسحر بها...
خرجت إليهم بشكلها الجديد لينبهر الجميع من جمالها وشياكتها فقالت الجدة بإبتسامة متسعة:
ما شاء الله يا آية كما القمر يا حبيبتي سأرقيكي غداً قبل خروجكِ صباحاً أخشى أن تصيبك عين حاسد .
وقفت سارة و لفت حولها و قالت بغرور :
_ إنه ذوقي الراقي يا تيتة.. و لكن إنظروا فآية تحولت لقطعة سكر... الجامعة غداً كلها ستنقلب عليها .
طالعتها سهام بإعجاب و هي تقول بسعادة :
_ حبيبتي الصغيرة قد باتت عروس رائعة الجمال حماكي الله يا آية.
غمزت لها سارة وقالت بلؤم :
_ الآن لم تعودِ صغيرة مجدداً.
إبتسمت آية براحة وهي تطالع نفسها غير مصدقة لما تحولت إليه.. فثقتها بنفسها قد زادت كما زاد جمالها...
ظلت طوال الليل تتعلم كيفية وضع مستحضرات التجميل كما علمتها المصففة بالمركز.. وإرتدت الحذاء ذو الكعب العالى وأخذت تمشى به تعثرت فى البداية كثيرا حتى تعودت عليه ...
سمعت رنة هاتفها لتجده إيساف فكرت ألا ترد عليه ولكنها أرادت أن تكمل يومها السعيد بكلماته العذبة التى تحب سماعها .
فردت مسرعة :
ألو .
اجابها بهدوئه المميز:
_ مرحبا.. كيف حالك يا آية؟!
أجابته بسعادة و هي تمشط شعراتها الطويلة امام المرآة:
_ أنا بخير الحمد لله.. كيف حالك أنت؟!
تنهد إيساف مطولاً و هو يقول بوله:
_ طالما أنني أسمع صوتك و أراكِ بالجامعة فأنا أصبح أسعد رجلاً بالعالم.
جلست آية على فراشها و هي تقول بإمتنان:
شكرا جزيلاً يا إيساف انت دائم الذوق و الأدب .
تعجب من الفرحة الواضحة فى كلامها وقال بتساؤل متعجب :
_ ما به صوتك و كأن السعادة إرتسمت عليه.
فقالت بفرحة و بنبرتها كل الحماس :
_ صحيح أنا سعيدة كثيراً فاليوم قد تسوقت و إشتريت ملابس و أشياء رائعة.. غيرت من هيأتي كاملةً.
فقال لها إيساف بمرح :
_ إذا يا آية فأنتِ ستصبحين جميلة أكثر من الآن.. حرام عليكِ قلوب الشباب لن تحتمل.
اطرقت برأسها و لفت شعراتها خلف أذنها وقالت بخجل :
_ انت دائماً مجامل هكذا.
صمت قليلا و هو يقول بنبرة عاشقة ملتاعة:
_ أنا لا أجاملكِ تلك هي الحقيقة فأنتِ من أجمل الفتيات التي رأتها عيني و قلبي عشقها من أول نظرة.
إعتدلت بجلستها وقالت بغضب بنبرة محتدة :
_ إيساف أنت تعلم جيداً أنني لا أحب مثل هذا الحديث و قد حذرتك سابقاً.
إبتلع ريقه بتوتر و هو يقول مسرعاً خشية أن تغضب منه:
_ ولكن يا آية انتِ تعلمين انني احبك و اموت بكِ عشقاً فلمتى تجاهلك لمشاعرى فأنا بت متعباً من تمثيل دور الصديق ذاك.
فقالت مغيرة الموضوع بدهاء بعدما آلمها قلبها عليه :
_ المهم هل ستحضر غداً بإءن الله للجامعة كي ترانى بهيأتي الجديدة.
تنهد بأسي على عودتها للتجاهل وإبتسم قائلا براحة :
_ أعجبتني حيلتك الذكية تلك في المراوغة.. و لكنني غداً سأراكي بقلبي لا بعيني و متأكد أنكِ ستكونين كما القمر.
إبتسمت بخجل و هي تقول بهمس رقيق :
شكرا لك يا إيساف .
أغمض عينيه و هو يقول بهمس كما اجابته هي:
_ أنا معكِ فقط أعرف أن إسمي بمنتهي الجمال.
ضحكت آية وقالت مسرعةً :
_ لا فائدة منك.. ساتركك الآن.. تصبح على خير.
اجابها إيساف برقة:
وإنتِ من أهل الخير .
أغلقت الهاتف وهى تجول غرفتها ذهاباً و إياباً.. محتارة من تطور علاقتها بإيساف فهى فى النهاية لا تحبه ولكنه يتعلق بها أكثر و هذا يعذبها..
لم تقصد أن تعلقه بها أكثر.. فهو من قال لها انهما مجرد أصدقاء و فقط.. تعلم أنها تكذب لتريح ضميرها.. تنهدت بضيق و قررت أن تقطع علاقتها به بهدوء... كما بدأت بهدوء.