"الفصل العاشر.."

غضب عمه دانييل منه كثيرا فيما وبخه والده بحده على حديثه السخيف مما غضبت لويز من زوجها كثيرا ، لأنها هي من اتفقت مع توماس أن يخبرهم بذاك الحديث ، فيما شعر جوزيف بالغيرة التي فجأت قلبه وعقلة ، عندما هتف توماس بتلك الكلمات اخترقت أذنيه كالسيف الحاد وقلبه نبض بشدة ، ثم أخذ القرار المناسب وهو أنه تركهم وخرج لأنه اذا ظل حتما سيؤذيه ، ونهض جان ليمضي خلف شقيقة ، مما نظر دانييل إلى ابن شقيقة بحده قائلا بصوت عنيف :
-لا تدخل بيني وبين أولادي يا توماس
ثم تركهم وذهب وبعد لحظات تركتهم أوجين التي شعرت بالسأم منهم ، وعندما خرج والده تحدثت لويز مع ابنها بالهمس ، وشجعته على ما هتف به للتو ..

-الحياة لا تعطينا كل ما نريد .. أنا أومن بهذه المقولة
تحدث جان بتلك الكلمات حتى يهدأ شقيق قليلا ولكن بلا جدوى ، فالغضب واضح على كل خلجة من خلجات وجه ، بفضل حديث توماس البشع ، حقا شخص لا يطاق ، اشعل جوزيف سيجارة أخرى وأخذ يسحب الدخان بعصبية بالغة ، وهو ينظر إلى الخارج بواسطة النافذة ، ثم قال :
-كانت ماكثة معي .. في منزلي وأنا مثل الأحمق
-لا تظلم الفتاة .. من المحتمل انها لم تعلم مثلك
-ومن المحتمل انها تعلم
ثم سحب الدخان ليزفره في الهواء ثم التفت إلى شقيقة الجالس على الفراش وقال بحده :
-والدي وضعني في موقف لا يمكن الفرار منه .. وأنا وافقت على الزواج
***
تناول المال من يد أبراهام لينظر إليه ثم وضعه فوق المنضدة وشبك يديه في بعضها البعض قائلا بحنق :
-قلت لك تعود بـ أديل وليس بالمال
ليرد أبراهام عليه :
-لا تسطيع المجيء الأن .. وأخبرتني أن حديث كيفن غير صحيح .. لا تقلق عليها يا عمي
نهض واقفا وهو يخبرهم بقرار حاسم وهو أنه سيذهب إليها ويطمئن عليها بنفسه ، ثم خرج من المنزل لتتحدث زوجته مع أبراهام عن حال ابنتها وطمئن قلبها عليها ، فيما استقل ديفيد سيارة أجرة متجه نحو قصر أورليان ، وطوال الطريق السائق كان ينظر إليه في المرآة الأمامية مما لفت انتباه ديفيد ، الذي سأله لماذا ينظر إليه هكذا ؟! ، ليجيب السائق :
-هل أنت فرد من عائلة أورليان ؟!
ليبتسم ساخرا على حديثه وينظر إلى ثيابه البسيطة قائلا :
-اذا كنت فرد من العائلة لكنت في أحسن حال
ليبتسم السائق وينتبه إلى الطريق ، وعقب وصوله اعطى له المال ثم ترجل من السيارة ، رأى سور كبير ضخم طويل ، ثم وقف أمام البوابة وأخبر الأمن من يكون ، ليفتح له البوابة وذهب خلف الأمن وهو يتطلع حوله ، المكان حقا رائع حيث ممتلئ بالأشجار الخضراء والأشجار الوردية والزهور الجميلة ، فيما طلب الأمن منه أن يبقى في مكانه ثم دخل ، وبعد لحظات خرج ومعه أديل التي سعدت كثيرا برؤية والدها ، وتعانقا باشتياق واضح ، ثم ابتعدت عنه وبعد تبادل السلام بينهم ، تسأل :
-لماذا لم تأتي مع أبراهام يا ابنتي ؟!
-أسفه يا أبي .. لم أخذ اجازتي بعد ..
قرأت القلق في عينين والدها ، بسبب اللعين كيفن الذي أخبره بحديث كذب حتى ينال منها ، اطرقت عيناها لبرهه ثم رفعتها لتنظر إليه وهتفت بهدوء :
-أنا بخير يا ابي لا تقلق علي أبدا .. ولا تنصت إلى كيفن كثيرا .. لابد أن ثمة شيء يخطط لأجله
ابتسم باطمئنان ثم ضمها إليه بحنان و ودعها ليغادر ، وظلت واقفة تنظر إليه و تودعه بيدها حتى اختفى من أمام عيناها لتجد نفسها تبكي اشتياقا لرؤية عائلتها والمكوث معهم لتشعر بالدفء والحنان ، ثم مسحت دموعها وعادت إلى المطبخ ، ثم جلست على المقعد الشاردة ، فيما نظرت السيدة مكفي إليها ثم قالت مبتسمة :
-لقد أخبرني جان بموعدكم الليلة
لتفيق من شرودها وتنظر إليها بلهفة ثم قالت بنبرة بكاء :
-لن أذهب معه إلى أي مكان

ثم تركتها متعجبة من حديثها واتجهت نحو غرفتها ، ودخلت واوصدت الباب جيدا ثم جلست على الفراش تبكي ، بسبب أشياء كثيرة حدثت معها هذه الفترة قلبت حياتها رأسا على عقب ، أحبت شخص تعلم جيدا انها لم تتزوج منه أبدا ، ويحبها شخص لن تحبه أبدا ، فماذا تفعل في هذه الحياة التي لا تضع كل شيء في مكانه الصحيح
***
الصغيرة لابد أن تعيش حياتها أولا ، وتقابل الكثير من الأشخاص الجدد ، وتتعلم أكثر وأكثر حتى تفهم الحياة أكثر ، اليوم مضى على جين وهي في المول الكبير الذي يقع في بداية القرية مع والدتها ، وقامت بشراء الكثير من الثياب التي ستحتاجها بعد الزواج ، وألقت جين بهم على الفراش وجلست هي أمام المرآة تمسح على وجهها الصغير ، و تضع من مساحيق التجميل الخاصة بالشركة التي تعمل بها ، ثم رفعت شعرها في منتصف رأسها على هيئة كعكة ..

ثم أخرجت تهنيده قوية من صدرها ونهضت لتأخذ منامة بيضاء من على الفراش ، وقامت بارتدائها ، ثم وقفت أمام المرآة لتتسع عيناها قليلا وقد فزعت من مظهرها ، فكانت المنامة شفون تظهر مفاتن جسدها ونحرها البارز وتصل إلى ركبتيها ، التفتت وهي تلهث بصوت مستمع ثم قالت :
-ما هذه الوقاحة ؟! .. لا زالت صغيرة على ارتداء هذا .. لن استطيع أن ارتدى هذا أمامه
بدلت ثيابها و وضعت كل شيء في حقيبة متوسطة الحجم ، فيما دق الباب وهي تغلق سحابة الحقيبة وأذنت بالدخول ، لتدخل صديقتها المقربة جوليا فنهضت جين وقابلتها بالعناق ، و وجدت نفسها تبكي وتشكي لها همها وحزنها وهي تهون عليها ، ثم جلسوا على الاريكة وجين تمسح دموعها بمنديل ، ثم قالت بنبرة مؤلمه :
-لن أتحمل مسؤولية زواج يا جوليا .. لماذا يجبروني على الزواج ؟
-كثير من الفتيات الصغيرة تتزوج في سن السادسة عشر .. والبعض منهم يتعذبون في حياتهم والبعض يعيشون حياة سعيدة ..
ثم أمسكت بيدها وتابعت باطمئنان :
-وأنتِ ستعشين حياة سعيدة .. فأنتِ ستتزوجين من جوزيف بك
أخذت تحرك رأسها بالنفي تبكي ثم شددت على يدها وقالت بترجي :
-ابقي معي اليوم جوليا .. لا تتركيني
اومأت برأسها ثم ضمتها إلى صدرها لتشعر جين بالحنان والراحة ، ولكن صدرها يؤلمها كثيرا من البكاء وقلبها يدق بقوة ، دقات حادة مؤلمه كأنه ينتقم منها ..

في بعض الاحيان تكون سعدتنا في أيدينا ، ولكن يأتي شخص يقطع يديك لتكون سعادتك في يديه ، فرفقا بالذين يشعرون بالاكتئاب ويفكرون في الانتحار ، فمن المحتمل أن أحدهم قد قطع أيديهم ومضى ..

هي تتألم بسبب زواجها وغيرها يتألم من أجلها ، بيير الذي يجلس أمام البار يتناول الخمر حتى يثمل وينسى زواج جين من غيرة ، كل شيء يحدث لنا ليس مناسبا لنا ، وأخذ يندم على أنه لم يعترف بحبه له في السابق ، وحتى اذا اعترف لكانت لغيرة ، أخذ يتناول الخمر من الزجاجة وزجاجة تليها زجاجة حتى ثمل وبدأ يترنح ، حتى جاء صديقه وساعده على النهوض وأخذه وذهب من ذاك المكان
***
ذاك الواقف أمام المرآة يضبط قميصه ثم ارتدى معطفه ، انتظر ذاك اليوم والوقت ليقابل فتاته في مكان خالي من البشر ، هو وهي فقط ، وضع من عطره الخاص والذي تحبه أديل ثم وضع رابطة عنقه حول عنقه فقط ، ثم تناول معلقاته الشخصية وخرج ينتظر أديل في السيارة كما أخبرها ، ومن حين لأخر ينظر إلى ساعة يده حتى مضت عليه ربع ساعة ولم تأتي ، فعلم انها ستعاند معه وتناول لاصقة وترجل راكضا إلى القصر ، ودخل ينظر حوله وهو متجه نحو غرفة أديل ، ثم وقف يدق الباب بخفة ، وعندما استمعت إلى دقاته علمت أنه جان ..

نهضت من على الفراش وقامت بفتح الباب ولم تنظر إليه ، فيما رفع جان معصم يده اليمين لترى الساعة قائلا :
-لقد تأخرتِ عن معادك يا فتاة
لترد عليه بحسم :
-لن أذهب إلى أي مكان
ثم جاءت تغلق الباب وضع قدمه كحاجز ، ثم فتح الباب وأمسك بيدها وادارها ليضمها إليه من ظهرها ، ثم وضع اللاصقة على فاها حتى لا تتحدث معه كثيرا وتوقظ الجميع لتتسع عيناها في دهشة وهو يهمس في أذنها :
-كنت أعلم انك ستعاندين معي
ثم قيد يديها برابطة عنقه وحملها على كتفه وأغلق الباب بهدوء ، و أخذت تفرك بقدميها وتصدر صوتا من فاها محاولة الفرار منه ولكن بلا جدوى ، ويضحك جان على تصرفها الطفولي ، ثم وضعها في السيارة وجلس أمام المقود ليقود السيارة ويغادر ذاك المكان ، وهي تنظر إليه بنظرات حاده غاضبة منه كثيرا على ما فعله معها ، ومن حين لأخر كان ينظر إليها و يبتسم ثم قبلها على وجنتها لتبتعد عنه برأسها معقدة حاجبيها بتذمر ، فيما فتح جان سقف سيارته وقال بصوت عالي جنوني :
-أحبك أديل .. قلبي ينبض بوجودك معي
نظرت إلى الأمام متعجبة من تصرفه ، وبعد دقائق ليست قليلة وقف أمام صالون الجمال ، ثم سحب اللاصقة من على فاها بهدوء ثم فك يديها ، ونظرت إلى معصمها لتجد أثر الرابطة عليه ، فنظرت إليه بتأفف ليبتسم لها ثم قبلها على معصمها الذي يؤلمها ، فسحبت يديها وتلاشت النظر إليه ليعتذر منها كثيرا ، ثم ترجل متجه نحو الباب الثاني ليفتح لها وأمسك بيدها ليخرجها من السيارة ، ثم دخلوا إلى الصالون وسلمها إلى فتاة قد اتفق معها على شيئا في السابق ثم خرج ..

ساعدتها الفتاة على ارتداء فستان فضي براق ، وحملاته تشبه فروع الشجر ومجسم عليها ويصل إلى قدميها واسعا من الأسفل ، ثم جلست على المقد وجعلت شعرها جميلا ورفعته إلى الأعلى بشكل رائع و وضعت وردة بسيطة على جانب رأسها ، ثم وضعت القليل من مساحيق التجميل على وجهها لتكون ملكة تنتظر الأمير ، ليأخذها إلى جزيرة بعيده يعيشون فيها وحدهم ، وعقب انتهائها ساعدتها في ارتداء حذاء مناسب للفستان ، ثم أخذتها وخرجت من الصالون لتجد جان ينتظرها أمام السيارة ، ثم نادت الفتاة إليه لينتبه لهم ثم تركتهم الفتاة ودخلت ..

وقفت أديل تفرك في أصابع يديها بتوتر فيما تقدم جان نحوها و وقف يتأمل وجهها بحب ، ولم يصدق ما ترى عيناه فهي حقا ملكة جاءت من سطح القمر إلى الأرض لتخترق قلبة بسهولة ويقع في عشقها ، ثم قبلها على جبينها بحنان وأمسك بيدها وفتح لها باب السيارة لتجلس ثم أغلق الباب وجلس هو أمام المقود ، وظل الصمت بينهم طوال الطريق حتى وصل إلى نهاية القرية و صف سيارته أمام عمارة ثم أخذ أديل واستقل المصعد إلى الدور الأخير و صعدوا الدرج الأخير ، لتجد طائرة هيلوكوبتر ، فنظرت إليه بعدم فهم وهو لم ينظر إليها ، وتقدم بها نحو الطائرة وساعدها على الصعود داخل الطائرة ثم شغل الطائر المحرك وذهب بهم ، وهي تشعر بالخوف من تلك الطائرة ، فأمسك جان بيدها لتنظر إليه وجاءت تتحدث وضع انامله على شفاها وطلب ألا تتحدث الأن ..

حتى وصلت الطائرة إلى جبال وأرض خضراء وكوخ بسيط يقع أمام بحيرة صغيرة ، هبطوا من الطائرة وعاد الطائر ، فيما أخذ جان فتاته ودلف إلى الكوخ ، لتجد عشاء مجهز على الطاولة وشموع على أشكال صغيرة موضعه فوق أي شيء عالي ، فيما سحب جان المقعد لها لتجلس عليه وجلس على مقعد مقابل لها ، ونظر إليها بحب قائلا :
-اتمنى أن أكمل عمري معك هنا أديل .. في هذا المكان الرائع
ثم أشار إلى الطعام وطلب منها ان تأكل ، فنظرت إلى الطعام لتجد طبق من الجمبري والطبق الثاني شوربة الجمبري الرهيبة ، فتناولت ملعقة وبدأت طعامها بالشوربة أولا ، وفعل جان مثلها تماما ، وبدأ يأكل مثلها ، مما لفت انتباها وابتسمت داخليا ، وفكرت أن تفعل شيئا كاختبار له سيفعل مثلها ام لا ، وضعت الملعقة جانبا ثم رفعت طبق الشوربة على فاها لتشرب منه ، فارتفع إحدى حاجبيه متعجبا ثم فعل مثلها ولأول مرة يشرب الشوربة بهذه الطريقة ، فنظرت أديل إليه وهي تمسح شفاها بلسانها وعندما وضع جان الطبق لينظر إليها ، ضحكت له فضحك هو الأخر ..

وبعد الانتهاء من العشاء قام بتشغيل أغنية هادئة ثم أمسك بيدها وتمايل معها عليها ، وهو يعلمها كيف ترقص وتستجيب له ، ثم حملها بذراعه اليمين وادار بها وهو يضمها إليه بقوة ، ثم وضعها على الأرض وادارها حول نفسها عدة مرات ، ثم أحاطت خسرها بيديه وهي وضعت يديها على كتفيه ، والتصق أنفه بأنفه مغمض عيناه وهي تستنشق عطره المفضل لديها ، لم يشعرون بنفسهم وكأن كل شيء توقف من حولهم ، وهم ليسوا على الأرض ، فهم الأن فوق نجمة من النجوم الامعة وما تبقى من النجوم يديرون حولهم ، والسعادة تغمرها من كل جانب ، وليس جسدها فقط الذي يتمايل على أنغام الموسيقى بل قلبها ايضا ، كل نبضه تخبر ذاك العاشق أنه له ، نعم تنبض من أجله ومن أجل عيناه الجميلتين ، التي ذابت داخلهما كفراشة احتوتها وردة برحيقها الرائع ..

توقفوا عن الرقص مع انتهاء الموسيقى ثم أحاط وجنتيها بيديه ورفع رأسها إليه ، لتنظر إليه بعينين لامعتين بفضل الحب والسعادة التي لم تحلم بها قط ، ولكن تخاف من لا تكمل سعادتها ، فيما استند جان بجبينه على جبينها وقال بحب :
-لقد ثملت بـ حبك يا فتاتي .. ولن استطيع العيش بـ دونك
لتمسك بمعصم يده وتقول بهيام :
-وأنا ايضا أحبك كثيرا .. أنت تسكن في اوردتي بدلا من دمائي

قبلها على جبينها بحنان ثم هبط بقبلاته إلى انفها ، ثم أخذ قبلته الأولى من شفاها ليشعر انه حقا على قيد الحياة ، رجل يتنفس مثل باقي البشر ، يشعر بكل شيء حوله ، يحب بل يعشق الحياة من أجل فتاته ، وعندما شعر أنه مستسلمة له تعمق بقبلاته أكثر وبادلته بقبلاتها ، لتخبره أنها تحبه كثيرا بتلك القبلة التي طالما حلم بها ذاك العاشق ، وأخيرا اعطت له الفرصة يتذوق تلك الشفاه ويمتص رحيقها إليه ، ليشعر وكأنها تنقبل روحها إلى جسده ليكونن شخص واحد في جسد واحد وليس اثنان ، ثم ابتعد عنها للحظات يلتقط أنفاسه الساخنة التي تلفح وجهها ثم عاد بتقبيلها مرة أخرى ، وبعد لحظات من الشعور بالنشوة والحياة ابتعد عنها ليعطي لها مجالا لالتقاط أنفاسها ، ثم حملها على ذراعه وخرج بها إلى البحيرة وجلسوا بجوار بعضهم ، ماسكا بيدها ويقبلها على اناملها برقة ، ويهمس لها بكثير من كلمات الحب ، ثم أحاط كتفها وضمها إلى صدره ، لتستمع إلى نبضات قلبه التي تخبرها أنه بحبها حبا يعجزن كتاب الشعر عن وصفة
***
في الصباح جلست أوجيني على حافة الفراش أمام والدتها لتمشط شعرها وهي شاردة فالرجل الذي عشقته منذ نعومة أظافرها ، قلبها حقا يؤلمها كثيرا وهي لا تستطيع أن تتحكم في قلب إنسان حتى تجبره أن بحبها ، فالحب يأتي دون أذن ، وهو لم يعشقها هي وعشق أديل الخادمة ، وعندما ما تذكرت ما رأته واستمعت إليه في الأمس وجدت نفسها تبكي وأطرقت رأسها ..

فتوقفت والدتها عن تمشيط شعرها وتسألت بقلق :
-ما بكِ عزيزتي ؟!
لترد عليها بنبرة بكاء مؤلمه :
-أعشق انسان يعشق غيري يا أمي
نهضت من مكانها لتجلس أمامها ومسحت دموعها ، ثم رفعت رأسها إليها وقالت بتأكيد :
-جان سيتزوجك قريبا يا ابنتي .. لا تقلقي .. واتركي يبعث مع فتاة المزرعة فأنتِ له في النهاية
-ولكن هو لم يحبني يا أمي
قبلتها على جبينها بحنان ثم نظرت إليها بابتسامة خفيفة قائلة :
-سيحبك يا عزيزتي .. ومن لا يحبك يا جميلتي ؟
ازدردت لعابها الممزوج بالدموع ثم قالت بحزن :
-لا اود الزواج من رجل لا يحبني ..
ثم نهضت متجه نحو النافذة وقامت بفتحها لتنظر إلى الخارج بعمق متابعة :
-أريد الحب مثل الفتيات .. أحلم يا أمي برجل يحبني يكون سعيد معي .. ويشتاق لي
شعرت بالحزن على حال ابنتها الجميلة المدللة ولكن هونت عليها ببعض الكلمات ولكن لن تستمع إليها ، ونظرت إلى السماء الزرقاء وتتابع السحاب وهو يتحرك ببطء ليقابل سحابة أخرى ، فهي مثل هذه السحابة تسير ببطء شديد ولكن الفرق انها لم تصل إلى سحابة أخرى ، ولن تقابل من يحبها ويهون عليها ..

دقات الباب قاطعت حديث والدتها ونظرت إليه تأذن بالدخول ، ليدخل توماس الذي يبدو عليه الغضب الشديد وتقدم نحوها وهو يقول بحده مفرطة :
-لقد رأيت جان للتو ومعه فتاة المزرعة .. مرتدية فستان سواريه اللعينة
استمعت إلى حديث شقيقها والتفتت لتنظر إليه في دهشة ، وطلبت منه أن يعيد حديثه لينظر إليها ويعيد حديثه مجددا ، لتشعر أوجين بالصدمة وكأن قدميها ليست على الأرض ولهذا جلست على الاريكة مسرعة قبل أن تسقط ، فيما قال توماس بحنق :
-سأخبر عمي دانييل بكل شيء .. ليطرد تلك الفتاة اللعينة من هنا

تشبثت أوجين في ثيابها بقوة والدموع تهبط على وجنتها في صمت ، وأفكار مجنونة تدور في رأسها ، ماذا كان يفعل جان معها ؟! ، قضى معها الليلة بأكمله ؟! ، أجابت على الأسئلة لتشعر بألم حاد في صدرها ثم وضعت يدها على وجهها تبكي
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي