الفصل التاسع

الفصل التاسع
...................
صوت الماضى يصدح في أذنه كلما اعتقد أنه ابتعد وشردعن
طريقه يأتى مايعيد كل ذكرى كان يظن أنها اندثرت
مكالمة أخرى من مدير مكتب سارى يطلب منه مقابلة وجاسم
تباطأ فى الموافقة وحورية معترضة لاتريده ضعيفا يخشى
المواجهة تريده قوى كعادتها به
جاسم أنت مش ضعيف لازم تواجه سارى ده مجرد واحدمنفوخ بفلوسه لو شكيته بدبوس هيفرقع
وضحكة خارج إحساس القلب يمازحها دون رغبة:بطلى هرى ياحورية أنا مش خايف منه أنا بس مش عاوز أقابله
وكفيها على جانبيها معترضة صارخة :ليه بقى إن شاء الله ماتجمد كده
ونظرة منه مستنكرة لوقفتها وصوتها :في إيه ياحورية مالك هتردحى
-لولا أنى في المكتب كنت ردحت بجد جاسم البت اللى كنت بتحبها خلاص طارت اتجوزت وغارت في ستين داهية والبت اللى أنت خاطبها كلها شوية وهتحصلها يبقى تشوف حالك بقى وتدورلك على واحدة بنت ناس تستحملك
أخذ وضع الإسترخاء فى كرسيه بهدوء:أنا لاعاوز أتجوز
ولاغيره أنا خلينى كده في شغلى وبس
-أنت هتضحك عليا ولا نفسك بقى في راجل مش نفسه
يتجوز الحق اتجوز وخلف قبل ماتكبر ومتلاقيش واحدةترضى
بيك
نظرة جانبية غاضبة :حورية اتلمى بقى أنا مش ناقصك
-ياعم أنا مالى أنت حر
-بالظبط كده أنا حر

استطردت قائلة عندما تذكرت أمرا :أنا محتاجة مساعدةياجاسم من يوم وفاء ماولدت وأنا تعبانة في شغل المكتب
-أؤما برأسه متفهما:عارف ياحورية ......ابقى نزلى إعلان عن الوظيفة
-إعلان إيه أنا عاوزة واحدة الكام شهر دول بس لحد وفاء
ماترجع ساعتها هنمشيها إزاى
-ياستى مش مشكلة ساعتها تبقى معاكم وتبقى تشيل شوية
عادت لتذكره بما يشغله :طيب لو مدير مكتب سارى الرويدى
أتكلم أقوله إيه؟
عاد ونظر إليها حائرا لايعرف مايريده منه سارى يعلم أن محاميه سامى خيرالله قد تم القبض عليه منذ فترة بتهمةالرشوة ولكنه كالعادة له أساليبه الملتوية
التى تخرجه من أى ورطة يقع بها
ولكن ماالأمر الذى يجعل سارى مصرا على مقابلته ولكنه لن
يظل رافضا سيقابله ويعرف مايريده :لو كلمك تانى قوليله
أنى موافق على المقابلة وحددى معاه الميعاد بس خلى ياسين يجيلى
-ليه ؟
-عشان أعرف أخبار سارى إيه فى السوق ساعتها احتمال أعرف هو عاوزنى ليه
ابتسمت بثقة:طول عمرك ذكى ياجاسومتى
نظر لها قاطبا حاجبيه بغيظ:نعم ياأختى إيه جاسومتى دى
-تصدق بالله أنا اللى غلطانة بضحكك بدل الوش الخشب اللى أنت مركبه ده هتعجز ياواد ووشك هيكرمش
مسح وجهه بنفاذ صبر:حورية ........اطلعى بره احسنلك عشان أنا فاضلى دقيقيتن وهطردك من المكتب ده يلا شوفى اللى قلتلك عليه وأنتى كمان اعملى اتصالات مع اللى تعرفيه عاوزة أعرف كل كبيرة وصغيرة عن سارى الرويدى فى آخر سنة هتعرفى ولا أدور على مخبر غيرك
ضربت على مكتبه بغيظ:أنا مخبر ياجاسم هي حصلت
-لا ياحورية أنتى مش مخبر ولا حاجة أنتى جهاز المخابرات ذات نفسها
رددت كلمته بسخرية:ذات نفسها ........دول يتمنوا أشتغل معاهم بس هى النفس
.................
سمر وهمس شخصيتان مختلفتان جذريا
سمر شخصية تسعى للسيطرة على عقل مروان وقلبه تربت على شخصية والدتها المسيطرة وشخصية والدها المهزوزة وترى أن حياتهم كانت حياة جيدة ماتتطلبه والدتها مجاب والأب يننفذ الأوامر تجنبا لأى خلاف
وهى تريد أن تكون مثلها تسعى لتستحوذ على كل شيءمروان
البيت
كل شئ إلا أن رقية دائما تقف لها بالمرصاد ويقويها جاسم وشخصيته القوية كثيرا تعترف لنفسها أنها تنفر من شخصية مروان الخانعة دائما أحيانا ترغب أن يكون رجل ذو شكيمة وشخصية ولكنها تعود وتتذكر أن وقتها لن تنال منه ماتريده فليبقى كما هو ولتخطط هى لكل ماتريده
همس تتجنبها دائما منذ رأت أول خلاف لها مع رقية وهى تتجاهلها لاتحاول حتى محادثتها وسمر لم تحتك بها
ولكن سمر منذ كانت ساهرة ورأتهم في حديقة البيت دار بعقلها ألف سيناريو يشابه عقلها المريض
راقبتهما حتى دخلا البيت تهادت بخفوت وبطء حتى لايفيق مروان من نومه خطت درجات السلم بهدوء وحذر اتجهت نحو غرفة همس اعتقادا منها أن جاسم بالداخل وضعت أذنها فوق الباب ولكنها لم تسمع صوتا زمت شفتيها بغيظ لفشلها فى فضيحة لجاسم تكسر بها أنفه
ولكنها سمعت صوت همهمة آتية من ناحية المطبخ خطت بهدوء نحوه لتجدهم يتحدثان ظلت تستمع إلى حديثهم الممل بالنسبة لها مفاجاتهم لهم لم تؤثر بهم تجاهلهم لها أغضبها كانت تعتقد أنها ستجد مايمكنها منهم ولكن ظنها خاب
ومنذ حينها ترمى بكلمات خبيثة لهمس تتجاهلها وكأن الأمر لايعينها
وجدتها تجلس تلاعب چودى ظلت تخطط لإثارة مشكلة معها دون أن تكون هي المخطئة
أسرعت الخطى نحوهم ونادت همس :أنتى ياهانم أنتى هتفضلى قاعدة كده
رفعت همس عيناها إليه مستفسرة:في إيه حضرتك عاوزة منى حاجة
-نعم إيه حضرتك دى فكرانى أد جدتك ولا إيه ده أنتى شكلك أكبر منى
تنهدت همس بضيق:طيب خير عاوزة منى إيه ؟
وضعت كفيها على جانبيها بغرور ملقية أموراها عليها:قومى نضفى أوضتى عاوزاكى تقلبيها شيلى السجاد نضفيه وغيرى الملايات وامسحيها ولمعيها ولما تخلصى افرشيها وعندى شوية هدوم محتاجة مكوأة تبقى تكويهم
نظرت لها همس فاتحة فمها غير مستوعبة ماتسمعه منها حسبت أنها تمزح معها ولكن علاقتها بسمر لم يكن بها يوما مزاح
نعم بتقولى إيه أنا مالى ومال الحاجات اللى بتقوليها دى
-مالك يعنى إيه أومال أنتى لازمتك إيه هنا أنتى بقالك فترة قاعدة هنا لاشغلة ولا مشغلة بتأكلى وتشربى وبس يبقى تشتغلى بلقمتك مش تكية هى ياهانم
وعيناها تزداد اتساعا ودهشة:أنا محدش قالى أعمل حاجة
والأمور ازدادت والحدة تعالت في صوتها :وأدينى قلتلك أهوو قومى يلا أعملى اللى قلتلك عليه
تخلصت همس من دهشتها وتفهمت أن سمر تسعى للاشتباك معها وإثارة المشاكل كماتفعل مع رقية وفريدة .......وفريدة حكت لها كثيرا عن المشاكل التي تتسبب بها والوقيعة التى تتفن في إشعالها ووقفت قبالتها متحدية : أنا مش خدامة عندك ومش هعمل حاجة من اللى بتقولى عليها دى
صرخت سمر غاضبة في وجه همس :لاياحبيبتى أنتى خدامة أومال أنتى فاكرة جاسم جايبك هنا ليه أنتى جاية هنا خدامة وبس تخدمينى وتخدمى ماما رقية والبيت كله ولاأنتى فاكرة أنك هتفضلى متدلعة كده كتير لاياحبيبتى كفاية عليكى كده اتفضلى قومى اعملى اللى قلتلك عليه
صرخت بها همس غاضبة:لاجاسم مش جايبنى خدامة هوجايبنى هنا فترة مؤقتة وهمشى أنا مش خدامة ياسمر مش خدامة
صفعتها سمر بغيظ:لا خدامة غصب عنك
صوت صارخ غاضب من خلفها:سمررر
التفت بسرعة لتواجه رقية التي تقف متحفزة غاضبة :أنتى خلاص عديتى حدودك مع الكل هى حصلت تمدى إيدك عليها أنتى مجنونة
حاولت تهدئة روحها واكتساب القوة وهى تقف قبالتها:ياماما البنت دى قليلة الأدب بترد عليا وبطول لسانها
صرخت بها همس التى تقف خلفها تبكى بصمت وچودى تمسك بها خائفة من الصوت العالى والصراخ:أنتى كدابة أنا معملتش فيكى حاجة أنتى اللى جيتى لحد عندى وقلتى عليا خدامة
نظرت لرقية متسائلة:ماما رقية أنا عاوزة أسالك سؤال واحد وتردى عليا
جاسم جابنى هنا خدامة .........لو فعلا كده أنا تحت أمركم هشتغل في البيت ده بلقمتى وبالمكان اللى هنام فيه لحد ماأرجع لأهلى
اقتربت منها رقية ونظرة غاضبة كارهة ناحية سمر حتى استقرت أمام همس بصعوبة من شدة ألم قدمها ونظرة صارمة منهية للأمر :قطع لسان اللى يقول عليكى كده أنتى بنتى زيك زى فريدة وياسمين تقعدى في البيت ده معززة مكرمة وحتى لما تفتكرى وصحتك تتحسن وترجعى لأهلك هتفضلى بنتى وده بيتك أنتى تقعدى هنا غصب عن أى حد
التفت لسمر مكملة بحدة :وأنتى أنا خلاص فاض بيا منك ومن عمايلك أنتى إيه يابنتى شر .....فساد أنتى بتكرهى الناس كلها أنتى حتى بتكرهى نفسك
نظرة مقيتة كارهة للاثنين تركتهم دون كلمة واحدة مغادرة التفت رقية لهمس التي لم تتوقف عن بكاؤها جلست وجذبتها نحو صدرها :ياهمس أنا مش فهمتك وعرفتك سمر وألاعيبها مش كنتى المفروض تبقى فاهمة وعارفة
تشبثت بها همس منتحبة :والله العظيم ماعملتلها حاجة عشان تتخانق معايا
-عارفة أنك معملتيش حاجة وكمان عارفة سمر بس أنا قلتلك خدى بالك منها سمر دى عاملة زى بؤرة الشر كل شوية بتكبر وبتزيد وبتحاول تطول كل اللى قريب منها إحنا بقى نبعد عنها على أد مانقدر عشان نتقى شرها
-وأنا أخاف منها ليه أنا أواجهها مش أخليها تأذينى
-إحنا تعبنا من كتر المواجهة معاها لما تعبنا ابعدى عنها أنتى كمان اتقى شرها ياهمس عشان لو وقفتى أودامها أنتى أكتر واحدة هتشوف أذية منها
ابتعدت عنها غاضبة:أنا مش خايفة منها ولا هخاف أواجهها هي اللى لازم تعمل حساب لغيرها
.........................
تتهادى بخطوات رشيقة واثقة نظارة شمسية تخفى معظم وجهها صبغت شفتيها بلون وردى لامع شعرها الغجرى الأسود سواد الليل الكاحل حر طليق تعبث بخصلاته بغرور مستمتعة بنظرات الإعجاب والعيون التي تتفرس جسدها دائما ماتحب إظهار جمالها تراه نعمة ولابد من الحفاظ عليها والتباهى به وهى لم تدخر جهدا في إثبات ذلك ملابس قصيرة لايهم تلامس جسدها كجلدها ومافى الأمر أيضا لايهم المهم أنا تستمع بحريتها خاصة بعدما نالت الطلاق والآن ستعود لحبيبها السابق ستعود له ولن تتركه مرة أخرى تركته في الماضى لأجل أشياء كثيرة مال ........سلطة ......مستوى إجتماعى كادت أن تهبط من أعلى درجاته إلى أسفلها بعدما خسر والدها كل ماله فى المضاربة في البورصة وجاء هو ليحفظ لها مكانتها وكل ماعاشت عليه لسنوات بالفعل هي تخلت عن الكثير والكثير فى سبيل البقاء فى حياة الترف والمتعة ولكنها خسرت أيضا الكثير أولهم جاسم الذى رفضت أن تنتظره حتى يبدأ حياته العملية حتى يكون جدير بها حاولت أن تجبره على طلب المساعدة من والده ليتزوجا ولكنه كان رافضا رفضا قاطعا ولكنها أصرت وعاندت وعندما ظهرت بودار موافقة قضى على الأمر من ناحية أبيها الذى رفض زواجها من ابن أحمد القاضى المحامى المعروف الذى كان له اليد العليا فى خسارته لأمواله بعدما اهتزت صورته فى السوق التجارى بعد قضايا الرشوة والفساد الذى تورط بها وكان أحمد القاضي
له بالمرصاد والرفض قاطعا وسارى الرويدى) عريس لقطة (سينتشلها ووالدها من براثن مستنقع الفقر ووافقت تزوجت وضحت بحبها وجاء اليوم الذى تجد نفسها تحمل لقب مطلقة في البداية أغضبها أنه ألقاها وتركها ولكن الأن وجدتها فرصة جيدة لتعود لحبيبها السابق وهى تعلم مدى سحرها عليه ووهى ازدادت أنوثة وجمال ستدخل معركة استعادته وستكون دائما الفائزة
.....................
عيون العاملين وزوار المكتب تلاحقها كلما خطت بقدميها وهى واثقة حد الغرور جميلة حد الإغراء لمن تقع عيناه عليها استمرت في طريقها حتى وصلت لمكتب حورية التي كانت منغمسة في ترتيب أوراقها
هاى ......صباح الخير
والصوت رقيق ناعم لم تعتاد على سماعه من العاملين معها
رفعت عيناها إليها من أسفل نظارتها الطبية نظرة متفحصةمتساءلة :صباح النور ......أى خدمة
-ممكن أقابل جاسم
-وأقوله مين حضرتك
رفعت نظارتها أعلى شعرها بهدوء :قوليله كاميليا
-فى ميعاد سابق
-لامفيش بس قوليله كاميليا وهو هيعرف
وضعت حورية رأسها فى أوراقها غير مبالية:آسفة الأستاذ مش بيقابل حد من غير موعد سابق
-وصوت غاضب مستنكر:أنتى مش عاوزة تفهمى ليه قوليله كاميليا وهو هيعرفنى أنا مش محتاجة ميعاد سابق
ونظرة صارمة غاضبة من حورية نحوها أعقبتها بوقفة فى وضع الاستعداد للاشتباك :نعم يااختى هى مين اللى مش بتفهم ماتحترمى نفسك
والحدة زادت والغضب فى أعلى صوره :أنا محترمة غصب عنك أنتى متعرفيش أنا مين ولا إيه
-لا والله محصليش الشرف وميهمنيش أعرف واتفضلى يلا من هنا ورينى عرض كتافك
-أنا مش همشى من هنا غير لما أقابله أنتى فاهمة ولا لا
-لا مش فاهمة ومش هتقابليه
والرد كان حركتها متجهة نحو باب غرفته وحورية تسرع خلفها لمحاولة منعها ولكنها محاولة فاشلة
فتحت كاميليا الباب ليفأجا جاسم بها تقف أمامه لم يصدق عيناه أنه هى
هى كاميليا ......ساحرته وأول من دق قلبه إليها
هى فاتنته ........ومعشوقته
تلاقت العيون بلغة حوار هامس لايفهمه سواهم صوت حورية لم يكن مفهموم وهى تشير بيدها نحو كاميليا بغضب
نسى العالم وكل شيء تذكرها هي فقط .......عاد لسنوات كانا حبيبان .......كانا عاشقين قبل أن ......
قبل أن تتخلى عنه وتتركه لأجل آخر
وهنا أفاق استعاد وعيه وتركيزه
نظر لحورية التي عقدت ساعديها تنظر لهم بسخط
فى إيه ياحورية؟
فردت ذراعيها بغضب مشيرة لكاميليا:الهانم مصرة تقابلك ولما قلتلها مينفعش دخلت زى ماأنت شايف كده من غير إذن
نظرة لكاميليا الهائمة به ثم عاد ناظرا لحورية:معلش ياحورية اتفضلى أنتى دلوقتى
-بقى كده .....ماشى
اتجه نحو مكتبه متجاهلا نظرتها إليه متجاهلا نبض قلبه الصارخ بلوعة وقف خلف المكتب مشيرا لها نحو الكرسى :اتفضلى
جلست بهدوء وعيناها لاتفارقه بلهفة واشتياق وصوتها يأبى الخروج من شفتيها خائفة مرتجفة لقاء كانت تستعد له :ازيك ياجاسم
جلس على كرسيه بهدوء متجاهلا شعوره نحوها الأن متجاهلا صوت قلبه المشتاق :الحمدلله ازيك أنتى
-أنا كويسة .........وحشتنى
صدمة ......كلمة غير متوقعة خصوصا من إمراة متزوجة حتى إن كانت حبيبته السابقة وهى تفهمت نظرته فأسرعت موضحة :جاسم أنا اطلقت
وكلمة أخرى لم يستوعبها فى لحظتها ولكنه تدارك حاله بثبات وقوة:تحت أمرك يامدام عندك قضية أو حاجة
قامت من مكانها متجهة نحوه فجأة جعلته يتراجع بكرسيه للخلف وهى تهمس بجواره :أنا مفيش عندى قضية أنا جاية عشانك ياجاسم وحشتنى ومقدرتش استنى أكتر من كده
-وإيه المطلوب ......مش فاهم بصراحة جوزك يطلب يقابلنى ودلوقتى أنتى جاية لحد هنا يبقى في إيه ؟
صاحت به مستنكرة:قلتلك مش جوزى أنا خلاص اتطلقت منه ومستحيل أرجعله تانى .......أنا جاية عشانك ياجاسم
قام من كرسيه مبتعدا عنها متسائلا:مش فاهم تقصدى إيه ؟
أسرعت نحوه تضمه ظهره إليه باشتياق:قلتلك وحشتنى ياجاسم مش معقول تكون مش فاهمنى
ابتعد عنها مرتبكا :كاميليا .......فى إيه ميصحش كده
-أعمل إيه وحشتنى وكان لازم أشوفك
-وتشوفينى ليه .......كل السنين اللى عدت دى أكيد نستينى ونسيتى كل حاجة زى ماأنا كمان نسيت
كاذب .........تعلم أنه كاذب ونظرة عيناه تفضحه تفصح عن اشتياقه إليه ولوعته وكل المطلوب الآن الضغط عليها ليفصح عما فى قلبه
:أنت بتكدب عليا ياجاسم .......أنت عمرك مانسيت ولا أنا عمرى هنسى اللى كان بينا صعب يتنسى أنا مقدرتش أكمل أكتر من كده اطلقت من سارى وسيبت البيت وسيبت كل حاجة وجيت عشانك
-عشانى .......ليه؟
واقتراب خطر وهو يتماسك وهى مغوية ......مغرية بكل مافيها
-عشان لسه بحبك ومقدرتش أنساك ولا لحظة
-كاميليا.........الكلام ده عدى عليه سنين كل حاجة فينا اتغيرت قلوبنا اتغيرت نفوسنا نفسها اتغيرت ازاى عاوزانا نرجع عادى كان اللى فات ده كان امبارح
وخيبة أمل بعد ثقة ولكنها لن تتركه
جاسم أنا عارفة أنى غلطت في حقك زمان وسيبتك في أكتر وقت كنت محتاجنى فيه بس كان غصب عنى
أنت عارف العدواة اللى كانت بين بابا وبين أونكل أحمد وبعدين ظروف بابا وخسارته فى البورصة كان لازم أعمل كده
-كل كده عدى وفات ياكاميليا .........ممكن أعرف أنتى راجعة ليه دلوقتى
صاحت به مستنكرة طريقته الجافة:جاسم في إيه مش معقول مش عارف أنا راجعة ليه ........أنا راجعة عشان عاوزاك ياجاسم وحشتنى ومقدرتش أكمل مع سارى أكتر من كده اطلقت منه وبعدت عن كل حاجة واستقليت بعيد عن بابا وعن حياتى كلها عشانك
-أنتى بتضحكى على نفسك ولا عليا ياكاميليا ........أنتى اطلقتى من سارى عشان مبيخلفش مش كده
واتسعت عيناها ذهولا كيف علم بالفعل كان سبب طلاقها الأول من سارى عدم قدرته على الإنجاب وهى وجدتها فرصة لتعود لجاسم ولكن كيف علم
:أنت عرفت منين ؟
وضحكة واثقة صدرت منه وهو متجه نحو مكتبه جالسا بثقة:جاسم القاضي مفيش حاجة تخفى عليه مادام أنا عاوز اعرف حاجة أعرفها ببساطة اللى عرفته عنه أن متجوز قبلك اتنين ومفيش واحدة فيهم خلفت عشان المشكلة عنده .......ولما أنتى قلتى أنك اطلقتى عرفت أن ده هو السبب مش حب بقى ووحشتك والكلمتين دول
أسرعت نحوه نافية :أبدا ياجاسم مش ده هو السبب الوحيد أنا فعلا رجعت عشانك
صمت قليلا ينظر إليها محاولا تفهم أمرها وماتريد الوصول إليه :طيب والمطلوب إيه دلوقتى
تراجعت بيأس:يظهر أنك مش عاوزنى ياجاسم
-أنا مش قادر استوعب أنك رجعتى وعاوزانى بمنتهى السهولة كده نرجع لبعض صعب أوى ياكاميليا بجد صعب
أخفضت رأسها حزنا وضعفا تشعر باليأس وقلة الحيلة كانت تعتقد أنها بمجرد عودتها إليه ستجده منصاعا إليها مشتاقا متقبلا لوجودها من جديد ولكن من الواضح أن الهجر والفراق كانا لهما تأثير سلبى على حبه لها
نظرت إليه مبتسمة بثقة:طيب أنا عاوزة منك خدمة
رفع كتفيه بتأكيد:تحت أمرك
-عاوزة اشتغل معاك في المكتب .......أنا سيبت البيت واشتريت شقة صغيرة قاعدة فيها لوحدى والفلوس اللى معايا قربت تخلص وبابا رافض يساعدنى إلا لو رجعت لسارى وأنا مستحيل أرجعله .......ها هتساعدنى ولا لا
والحيرة تغزو قلبه وعقله أهى محاولة للقرب منه وإعادة الود أما أنها بالفعل تحتاج للعمل أم أنهم الاثنان معا
صمت قليلا ينظر إليها محاولا فهم ماتسعى إليه
طيب سيبينى أفكر شوية
رفعت رأسها بكبرياء مستنكرة :أنا مش جاية أشحت منك ياجاسم أنا جيتلك أنت عشان عاوزة اشتغل معاك أنت مش تقولى سيبينى أفكر
ظل صامتا للحظة قبل أن يغادر كرسيه متجها نحوها حتى استقر أمامها وضعا كفيه فى جيبه :خلاص ياكاميليا .......من بكره تيجى تشتغلى هنا فى المكتب
اقتربت أكثر وعاد إليها إغراءها رافعة كفها نحو وجنته برقة لينزله هو بقوة وصرامة:كاميليا الزمى حدودك واعرفى إحنا فين وبلاش تفتكرى أنى عشان وافقت بشغلك معايا أنى خلاص نسيت اللى فات .........أنتى هتشتغلى هنا عشان أنتى محتاجة الشغل أكتر من كده لا
........................
وعودة للبيت طالبا بعض الراحة والهدوء جرت چودى نحوه تاركة ياسمين وهو قابلها بصدر دافئ يحتاج لطفلة مثلها بريئة نقية كنقاء الثلج فى ليلة شتاء باردة عاصفة
وقبلة على وجنته جعلته يبتسم ويبادلها القبلة بأخرى: خلصتى شقاوة ولا لسه ياچوچو
-أنا مش بعمل حاجة دى ياسمين هي اللى بتعمل شقاوة
صرخت بها ياسمين :أنا اللى بعمل شقاوة برضه
-ماأنتى مش عارفة تلعبى معايا زى همس
سألها جاسم :وهى فين همس ؟
أسرعت تقص عليه ماحدث بين همس وسمر :أصل البت سمر زعقت لهمس وضربتها على وشها وتيتة زعقت كتير أوى
عقد حاجبيه بغضب:سمر ضربت همس ليه ياياسمين
-معرفش والله ياأبيه أنا جيت لقيت ماما بتزعق للى اسمها سمر دى بس مش فاهمة في ايه
تركهم متجها نحو البيت ليجد رقية تخرج من غرفة همس فاتجه نحوها متسائلا:في إيه ياماما مالها همس
ارتبكت وهى تجيبه:مالها ياحبيبى هى كويسة ........هو حد قالك حاجة
-اه چودى حكتلى على كل حاجة ممكن اعرف في إيه
هضربها البت دى عشان تبطل تفتن .......دى كده هتبوظ الدنيا
ارتفع صوته مرة أخرى محذرا:مااااااما في إيه فهمينى
لم تجد بدا من معرفته امسكت بذراعه متجهة نحو غرفة المعيشة جلسا سويا تقص عليه كل ماحدث ماان انتهت حتى ابتعد عنها صارخا مناديا :ياسمرررر
وارتفع صوته مرة أخرى مكررا نداه ورقية خلفه تحاول منعه وهمس تقف بجوار باب غرفتها مذعورة لاتفهم مايحدث صوته عالى مرتفع غاضب كموج بحر هادر
نزل مروان درجات السلم وسمر خلفه ممسكة به ليصيح هو بأخيه :في إيه ياجاسم مالك بتزعق ليه
صرخ به أكثر:بزعق ليه .......عشان الهانم مراتك اللى لسانها طال أوى
رفع مروان صوته غاضبا:احترم نفسك ياجاسم متنساش أنها مرات أخوك
-لا هي اللى ناسية انها هنا مجرد ضيفة لحد حضرتك ماتجيبلها شقة وتمشى من هنا ولحد ده مايحصل تقعد هنا باحترامها مفهوم
-لا مش مفهوم أنا عاوز أعرف أنت بتزعق كده ليه
أكملت سمر وهى مازالت محتمية بزوجها:اه طبعا عشان الهانم اللى جابها من الشارع
رفع جاسم اصبعه في وجهها محذرا:احترمى نفسك بقى أنا لحد دلوقتى ماسك نفسى لو اتهورت عليكى معرفش ممكن اعمل ايه
عاندته وهى تبتعد عن مروان :هتعمل إيه يعنى أنت متقدرش تعمل حاجة ولا أنت فاكر أنك هتفضل سايبها هنا واحنا مش فاهمين في ايه
عقد حاجبيه متسائلا:يعنى إيه تقصدى إيه
وقفت في وسطهم بصوت عالى :يعنى الهانم تبقى عشيقتك وانت جايبها هنا عشان تبقى معاك ولا انت فاكر أنى نايمة على ودانى ولا تكون متجوزها عرفى
وصفعة على وجهها أذهلتلها وأذهلت الجميع وهو يقف بقوة مبتعدا مشيرا لهمس :لو حصل واتكلمتى عليها كلمة تانية أنا المرة الجاية هقطع لسانك ياسمر بس ابقى ساعتها اقفى وراء ضهر جوزك
*********

موسيقى صاخبة أصوات مرتفعة شباب في عالم آخر ملابسهم سوداء قاتمة فتيات عاريات في أحضان رجال أغراب عنهم زجاجات الخمر فى أيديهم يتجعرون منها كالمياه
وهو يقف من أعلى يراقب الجميع بنشوى واستمتاع ينفث دخان سيجارته الباهظة الثمن ويراقبهم خلف سحابها الرمادى
اقترب منه خادمه مخفضا رأسه بذل :أنا عملت كل اللى حضرتك أمرت بيه ومقدرتش أوصل لحاجة
ونظرة جانبية قبل أن يلقى نظرة أخيرة على اتباعه ويغادر خلفه خادمه سار عبر ممر طويل مظلم إلا من بعض الشموع الصغيرة المتناثرة فى أرجاء الممر حتى وصل لغرفته فتحها ودخل ينظر إلى كلبه الأسود الجالس مسترخيا إلا عندما رأه اتجه نحوه يلتف حول قدميه وهو ربت على رأسه بقوة
التف فجاة لخادمه الذى مازال منكس الرأس مذلولا
أنت عارف أنت بقالك أد إيه بتحاول توصلها ومقدرتش عارف أنت فشلت كام مرة
وأنت عارف أنها عرفت كتير وشافت أكتر لو كانت ماتت كان وقتها سرنا اندفن معاها بس لحد دلوقتى مفيش حاجة ظهرت لا هى ظهرت ولا حتى جثتها
ولو فعلا كانت عايشة معنى كده أننا في خطر
معنى كده أن كل اللى سعيت أنى أوصله راح اتهد وأنت بمنتهى البرود جاى تقولى أنا مقدرتش أوصل لحاجة عشان أنت فاشل .......أنت أرخص من الكلب الأسود اللى واقف تحت رجلى
هبط أسفل قدمه طالبا العفو :سامحنى ياسيدى سامحنى أنا ممكن أعمل أى حاجة عشان ترضى عنى
دفعه بقدمه بغضب:أرضى عنك ازاى بعد ماكنت السبب في
اللى احنا فيه عشان عينك الزايغة عجبتك البت وقلت تأخد منها اللى تطوله قبل ماتقتلها وبغباوتك افتكرتها ماتت رمتها كان لازم تقتلها بايدك كان لازم تشوف دمها سايح على ايدك
دلوقتى كلنا تحت رحمتها لو ظهرت
أسرع نحوه قائلا:ومش بعيد تكون ماتت
-ولما هي ماتت فين جثتها ولا أنت فاكر أن لعبتك مش هتنكشف تقتل بنت شبهها وتشوه وشها فاكر أن محدش هيعرفها نسيت تحليل dna اللى سهل أوى يكشف لعبتك
بس أنت خلاص لحد وكفاية دورك انتهى ده دور اللى يقدر يوصلها وأنا عارف أنه هيقدر ولحد ده مايحصل
تنزل تحت تخدم أسيادك وتكون تحت رجليهم كلب مذلول أخرتك رصاصة
....................
ليلة لم ينم فيها الجميع لم تمر مرور الكرام صفعة جاسم لسمر جعلت مروان يشتبك مع أخيه الأكبر ولم يمنعهم إلا وصول أحمد الذى صدم من مرأته لابنيه مشتبكان بالأيدى لم يفهم سبب لما يحدث ولكن تكفى رؤيته لعراك أبنائهُ
صرخ بهم ليتوقفا وطلبا منهما الذهاب خلفه لمكتبه
وقفا الاثنين أمامه كل منهم ينظر بعيدا عن أخاه وأحمد يراقب وعيناه تنتقل بينهم حتى ارتفع صوته صارما :أنا مش لازم أعرف ايه اللى حصل عشان ده أمر مفروغ منه بس أنى أدخل بيتى ألاقى ولادى الرجالة بيضربوا بعض لا كده كتير ولا إيه ياجاسم
نظر جاسم لأخيه بسخط:مروان السبب من يوم مااتجوز الحرباية اللى بره دى واحنا ديما فى مشاكل وصلت انها تتهمنى انى علاقة بهمس
اخفض أحمد راسه مفكرا ثم عاد ناظرا إليهما :اللى حصل ده ميحصلش تانى أنتوا مش صغيرين عشان تمسكوا في خناق بعض ومفيش حاجة اسمها خصام اللى هيخاصم أخوه يبقى خاصمنى انا شخصيا ومعنديش كلام تانى أقوله لحضراتكم ........اتفضلوا
..............
تقف بجوار الباب خائفة مرتعبة مما حدث هل سيتركها جاسم ترحل بعيدا عنه هل سيجبره أحمد على طردها من البيت
ماحدث لاينبئ بالخير ابدا
وجدته يخرج من غرفة المكتب وخلفه أخيه الذى اتجه لأعلى غاضبا وجاسم اتجه نحو فريدة ورقية يحادثهم حتى لمحها تقف منزوية بجوار باب غرفتها اقترب منها بهدوء حتى وقف أمامها يرى خوفها وجزعها مما حدث
ابتسم لها ليشعرها بالاطمئنان والراحة:مالك واقفة كده ليه
صوتها مرتعش ككفها الذى رفعته لشفتيها مرتعشة:أنا خايفة
عقد حاجبيه بقلق:من إيه ياهمس مفيش حاجة ممكن تأذيكى طول ماأنا موجود
-أنت هتسبنى .......هتخلينى أمشى من هنا
-ده مستحيل أنتى مش هتمشى من هنا ولا أنا عمرى هسيبك ........أنا محتاجك زى ماأنتى محتاجانى ياهمس
أنزلت كفها ونظرت له بتساؤل وحيرة:يعنى إيه ؟
هز راسه بعجز:معرفش........كل اللى أعرفه أنك لازم تبقى جنبى مش هينفع تبعدى .......مستحيل اسيبك تبعدى ومتساليش ليه عشان أنا نفسى مش عارف ليه
حيرتى كبيرة بس أكيد لها سبب المهم أنك مش هتبعدى عنى
مهما يحصل
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي