الفصل الثلاثون
ثم طرق محمد يداه ببعضهما مُصفقا متنهداً بسعاده ثم أردف إليهما بصوت حنون
-ها يابنات مش عايزين حزن ولا بكاء عشان الأستاذ أنس ما يبكيش على بكاء أمه هو كمان، حمدالله على سلامتك ياست أم أنس، يلا اتجدعني وشدي حيلك كده عشان تخاوه بقى قريب
أطلق الجميع ضحكتهم ورمقوه بدهشه ثم أجابه حاتم مبتسماً
-لا احنا رااااحه بقى سنتين ثلاثه، المهمه دي بقي على الدكتوره لمياء تتشطر كده وتجيب لينا عروسه حلوه كده نجوزهاله.
سارعت لمياء بالإجابه مسرعةً دون تفكير
-من بعد ما شوفت أنس، أنا ال بقول اهو مش هقدر استنى سنتين ونصف عبال ما أخلص دراسه، عايزه يكون عندي نونو قمر كده شبه ده.
وقف محمد وربت على كتفها، يحثها ويشجعها اكثر على العجلة في هذا الأمر لانه هو أيضا في إشتياق لهذا الشعور؛ لتُشيح مروه بوجهها عن هايدي ملتفة لهما وتهمس بخزي
-انتي يابت مش مكسوفه من الرجاله ال واقفه دول كلهم، عادي كده تقولي انك عايزه تتجوزي وتخلفي! معدش في حياء ولا كسوف، ده انتوا زمانكوا زمن مايعلم به الا ربنا.
لم تستطع لمياء من نفسها من الضحك، ووقفت تحدق ببيسان لدقائق والبهجه تُحيط بها، وما أن عاد إليها رُشدها حتى سارعت وأبلغت والدتها بثقه وإصرار
-ما انا متجوزه أوردي ياماما من ثلاث شهور، إيه إل فاضل بقى؟ اني اروح بيت جوزي، والطبيعي اني اتمنى يكون عندي أطفال، يعني لا هو عيب ولا حرام،طب إيه رأيك بقى اني هتكلم مع موسى يعجِّل في توضيب الشقه وبابا كمان يبدأ يشتري جهازي، على آخر السنه دي نحدد ميعاد الفرح ونفُضها سيره بقى، على رأيكوا.. خير البر عاجله.
تشبث محمد في كلماتها وأمن على كلامها بأنه سينفذ لها ما طلبت، لانه متأكد بأن لمياء لن تُهمل دراستها بسبب الزواج، واثق بإنها ستصل لمبتغاها في النهايه، لأن أيضا موسى في أغلب الأوقات يسافر بالشهور بلاد متفرقه بسبب ظروف وظيفته، هذا سيساعد لمياء على التفرغ لدراستها، كانت الفكره جيده جداً، عزم محمد ان يُبلغ موسى بالأمر حين يأتي لزيارتهم في القريب العاجل لينجزوا الأمر.
إستقرت بيسان في المستشفى يومان متتاليان ثم عزموا على الرحيل والعوده الي منازلهم، كانت لمياء تتردد على منزلها يوما بعد يوم، تعلقت مشاعرها بأنس كثيرا؛ لم تعد تمكث في غرفتها مثل السابق على الإطلاق،
أحسّت بشعور متميز وجميل نزع منها النكد والبؤس التي كانت تعيش فيه، صارت متفتحه متفائله مُقبلة على الحياه، أحبت وتمسكت بكل شيئ جميل حولها.
بعد مرور أسبوعان من الهدوء والسكينه والروتين الذي لم يتغير، عاد موسى من السفر وذهب الي منزل لمياء لانه كان في حالة إشتياق لها ليست طبيعيه، أثناء جلسته معهم تفاجأ بمحمد يتحدث معه في تقديم ميعاد الزفاف وانه ليس من الضروري الارتقاب لنهاية الثلاث سنوات، رحب موسى بهذه الفكره بحفاوه لكن لم يعطيهم إجابته المُرتقبه؛ أومأ اليه مبتسماً ثم أجابه بإرتباك
-إنت فاجأتني والله ياعم محمد بس الفكره مش بطَّاله، اعطيني وقت أبلغ الجماعه في البيت وأشوف ردُّهم إيه وان شاء الله خير، هجيلكوا تاني يوم الخميس وهيكون معايا الرد ال يعجب حضرتك
بعد مرور أسبوعان عاد موسى لزيارت منزل لمياء بعدما تحدث وتناقش مع والده بالأمر، أثناء جلوسه برفقتهم كان يختلس النظر إليهم من حين لآخر، رأي البعض متلعثم والبعض هادئ، حمحم ليجلو صوته ثم أشار لمحمد بصوت متحشرج
-حضرتك كنت كلمتني في موضوع اننا نقرَّب ميعاد الفرح وكده يعني، بصراحه أنا إتكلمت مع الحاج والدي وأخويا الكبير، لقيتهم مرحبين جدا بالموضوع، ده حتى أمي قالت دا قرار عين العقل ومالوش لازمه التأجيل، أنا كمان رأيي من رأيهم خير البر عاجله، شوف حضرتك الوقت المناسب ليكوا وانا اجهز ونتوكل على الله نتمم الزواج.
انتفضت مروه من مقعدها وهي تُزغرد كعادتها، بينما كانت لمياء ترمق موسى بحياء وخجل يصطحبه السعادة أيضاً، إذ فجأة تغير تفكيرها ثلاثمائة خمسة وستون درجه، أيقنت بأنها من أبسط حقوقها بأن تكون زوجة وأم مثل صديقتها بيسان، لكن من صميم قلبها كانت واثقة تماماً بأنها لم ولن تهمل دراستها وستصل لمبتغاها في التفوق ولن يضيع تعبها على مر السنوات الماضيه.
وقف محمد وسحب موسى من ساعده ثم ضمه لصدره حاضننا ضاحكا، أردف إليه
-على بركة الله ياجوز بنتي، ربنا يقدم ليكو إل فيه الخير،...
ثم عادوا لمقاعدهم واسترسل محمد حديثه
-إحنا هنبتدي من حالا نجهز حاجة لمياء وانت اتجدعن بقى شطب شقتك ولما نخلص ونظبط كل حاجه نحدد علطول، يعني إحتمال أكيد انه يكون على الصيف الجاي ان شاء الله.
أَقْبَلَتْ لمياء هَامَة والدها وَأَدْبَرَتْ جَبْهَتُهُ عندما غادر موسى المنزل، ثم همهمت له بصوت حنون
-هتعبك معايا يابابا ربنا مايحرمني منك أبدا ويخليك ليا.
مرَّت عليهم جميعا هذه السنه في أشغال شاقَّه، كانت لمياء تخرج مع بيسان ووالدتها كي تشتري ملابسها وأغراضها الخاصه، بينما كان موسى قد أخذ أجازة طويله من الشغل كي يتفرغ لتشطيب شقته وشراء أغراضه الخاصه أيضاً
عندما اقترب موعد الزفاف ذهب موسى الي منزل لمياء كي يستأذن والدها بأن يصطحبها معه للخروج كي تنتقي ردائها الأبيض، والبدلة السوداء له أيضا ثم يذهبون لحجز قاعة للأفراح كي يُتموا ليلتهم بداخلها لانه لابد من حجزها قبلها بشهور.
أخذت لمياء هُدنه بعد كل ذلك كي تتفرغ لمذاكرتها لأن إمتحاناتها قبل زفافها بشهر؛
في هذه الأثناء كانت مروه تصطحب هايدي وبيسان معها، ثم تذهب إلى منزل لمياء الجديد كي ينظموا فيه الأثاث على زوقهم الخاص وأحياناً كانت بيسان تترك طفلها أنس مع لمياء لتهتم به لحين عودتهم؛
كانت لمياء سعيده جدا بهذا الأمر، فكانت تنهي مذاكرتها في غصون بضع دقائق وتقوم لتلهو وتمرح معه، تعلقت لمياء به كثيراً.
انتهت دراستها وامتحاناتها على خير بتفوقها كالعاده امتياز مع مرتبة الشرف، كانت فرحتها فرحتين، فرحة نجاحها وفرحة زفافها الذي تحدد ميعاده بعد أيام قليله،
لأنهم كانوا منهمكين جدا في تحضيرات الزفاف تغاضوا عن الاحتفال بنجاحها على أن يكون احتفالهم بها في ليلة واحده وكفى.
جاءت اللحظه المنتظره وأقاموا زفاف العروسين لمياء وموسى بحضور الأحبه والأقارب من شتى الأماكن، حتى أيسل إبنة عفاف شقيقة أيمن نزلت هي وزوجها فتحي وولدهم معاذ من السعوديه كي يحضروا معهم ويقضوا أجازتهم بمصر كالعاده، كانت أيسل سعيده جدا بزواجها واستقرارها وفرحتها بأبنها دون مشاجرات بينهما؛ الحمد لله على هذه النعمه.
مرَّت الليله بسلام فذهبت لمياء مع زوجها موسى بسيارته بعدما ودعت والديها بالدموع والألم على فراقهم، هم أيضا لأول مرة يعودون المنزل دونها فتأثروا كثيرا؛
هرول محمد ناحية غرفتها وولج الي الداخل وأوصد عليه الباب من الخلف ثم وقف خلفه وظل يرمق الغرفه عن كثب، إغرورقت عيناه بالدموع الحزينه والسعيده في آن واحدٍ، إقترب من مكتبها وتذكر الليالي التي كانت تجلس خلفه بالساعات لتجدِّ وتجتهد كي توصل لهذا المركز المرموق التي وصلت إليه، ثم عاد الي الخلف والقى بنفسه فوق فراشها مغمضاً جفونه ليتذكر أيضاً كم من الليالي غفت عليه باكيه وكم من الليالي مرّت عليها وهي سعيده، خرج من سروده على صوت مروه وهي تطرق الباب من الخارج وتتحدث اليه أيضا بصوت حزين
-قافل على نفسك ليه يامحمد؟ إفتح لي طيب أقعد معاك بدال ما انا قاعده لوحدي كده، أمك واخواتك دخلوا ناموا وسابوني قاعده لوحدي
قام محمد من مكانه متأفأفاَ لأنها لحوحة جداً ولم تتركه وشأنه، فتح لها الباب وهو يمحي دموعه من فوق وجنتيه كي لا تراه مروه بهذا الإنكسار، عندما ولجت مروه وصارت بالداخل لاحظت إحمرار عيناه ففهمت بأنه باكٍ، لكن لم تبوح بشيء، ربتت فوق كتفه وهي تشهق ثم أردفت إليه بحنو
-ياحبيبي ماتعملش في نفسك كده وبعدين هي راحت فين يعني! دي في بيتها وبيت جوزها، إدعيلها ربنا يوفقها ويسعدها ويصلح حالها، وبعدين احنا كلها كم ساعه وهنروح ليها عشان نصبّح عليها، وبعد كده وقت ماتحب نشوفها هنروح لها وهي كمان هتجيلنا، مش احنا ال كنا بنلح عليها سنين عشان تتجوز!؟ زعلانين ليه بقى الوقتي! على رأي المثل مهما تعاشر ياإبن آدم مسيرك في يوم مفارق، قوم.. قوم خلينا نصلي ركعتين قيام الليل وننام لاني خلاص مابقيتش قادره أقف على رجلي.
التقط محمد أنفاسه ثم قام معها ليؤدي صلاته وينام، محاولا إقناع نفسه بالتعود على غياب طفلته لمياء عن المنزل، زفر بحنق وألم
-لمياء هي ال كانت ماليه عليا حياتي، مش عارف هعيش ازاي من بعد النهارده، يلا ربنا يسعدها ويهنيها.
في هذه الأثناء كانت لمياء قد ولجت الي منزلها الأسطوري، إندهشت تماما من عراقته و رقَّة كل غرض بداخله، لم تصدق نفسها بأن كل ذلك لها هي، إنشرح قلبها وإبتهجت للحياه، إقترب منها موسى وأمسك يدها ليولجوا الي غرفة النوم، اضطربت لمياء وتبطئت في خطوتها، خفق قلبها كثيرا من معرفتها للذي سيحصل بالداخل، حاولت إفلات يدها منه لكنه كان يقبض على يدها بقوته رامقا إياها مبتسماً
لحين صاروا داخل الغرفه تفاجأت لمياء بالغرفه مثل التي كانت تشاهده عبر التلفاز، وكأنها قاعة ديسكو، وقف موسى خلفها كي ينزع عن رأسها الطرحه، ثم سقط بيداه على سحابة الرداء فأحسّت لمياء بيده على ظهرها انتفضت وابتعدت عنه والتفتت اليه بذهول ثم حنت رأسها للأسفل خجلا، تمتمت بصوت هادئ
-إنت ايه ال بتعمله ده، ممكن تخرج ثواني بس عبال ما أغير هدومي لان ماينفعش اخلع فستاني وانت واقف بالشكل ده.
أطلق موسى ضحكته ثم أمال بجسده ناحية الباب ووضع يداه فوق عيناه ليغلقهما، ثم أردف إليها مبتسماً
-أولا ياحبيبتي انتي بقيتي مراتي خلاص وماينفعش اخرج من أوضتي في ساعه زي دي وأقف برَّا، بس أهو ياستي أنا غمضت عنيا خالص ومش هبص عليكي وانتي بتخلعي، بس هعد لغاية خمسه لو ماخلصتيش أوام هشيل أيدي واشوفك على وضعك، يلا بسرعه بقى عشان هبتدي أعد أهو، واحد... إثنين...
استسلمت لمياء وصدقته وبدأت في تبديل ملابسها، لكن كان موسى يوهمها بأنه لايري شيئا بينما كان يختلس النظر من بين أصابعه وحين تنظر لمياء ناحيته كان يعيد إصبعه لمكانه مبتسماً،
انتهى موسى من العد وهي عاريةً تمام، أزاح موسى يداه عن جفونه ثم فتح عيناه ليري أمامه زوجته وحبيبته وافقة جرداء من ملابسها لم ترتدي سوي البكيني فقط، جحظ عيناه من جمالها الخلاب ذهب لبُّه تماماً، التفتت لمياء ورمقته معتقدةً بأنه لازال مغمضاً لأعينه لانه كانت تعطيه ظهرها في البدايه، صعقت عندما رأته يقترب منه بهدوء وهو ينزع عن جسده ملابسه مسرعاً، قفزت لمياء فوق الفراش لتختبئ أسفل الغطاء، اتجه موسى ناحية مفتاح النور ليخفضه ثم أضاء اللمبة الحمراء، وقفز هو الآخر فوق الفراش مرتدياً لباسه الداخلي فقط، أخبأت لمياء جسدها ووجها أيضا كي لاتراه بهذا الشكل المخجل، ولج موسى تحت الغطاء بجوارها لينقض فوقها وكأنها فريسته في هذه الليله، كادت لمياء ان تصيح ليبتعد عنها محاولة إزاحة جسده من فوقها، لكنه قبض على شفاهها بشفيته ليقبلها قبلةً حارَّه، أضاع عقلها وأتلف أعصابها، بعدما كانت تبعده عنه جاحظة عيناها، سقطت يداها لترتمي بجوارها واغمضت جفونها لتستمتع بأول لمسة وقُبلةٍ بحياتها، هذه ماتُسمي قُبلة الحياه.
إستكانت لمياء تماما لما يصير معها وكانت هذه فرصة موسى أيضا ليشبع رغبته ونشوته المرتفعه للغايه تهدأ، استغرقت متعتهم لبضع دقائق بألم لذيذ مُحبب الي الطرفين، ثم إرتموا بحضن بعضهما ملتصقين اجسادهم ببعضها وغرقوا في النعاس على هذا الوضع للصباح الباكر.
عندما إستيقظت لمياء وفتحت أعينها التفتت بجانبها لترى موسى مسطح على ظهره، انتفضت من مكانها وصارت تتذكر ماصار بينهما في الليلة الماضيه، شهقت ووضعت يداها على فمها محدقة به عاريا وبنفسها أيضا، سحبت نفسها من جانبه بهدوء وتوجهت الي المرحاض واغلقت على نفسها الباب من الداخل بإحكام، نظرت لنفسها في المرأه وتحدثت مع نفسها بصوت منخفض جدا
-إيه يابت الجرأه الي كنتي فيها بالليل دي؟! اول مايجي يلمسك تستسلمي علطول كده زي ما تكوني ماصدقتِ!؟ راحت فين ياختي لمياء ال كانت عامله فيها ذكر وقويه، جواكي كل الأنوثه دي وماكنتيش حاسه بيها؟!
ثم أطلقت لمياء ضحكتها وصارت ترقص وتتمايل كادت تصيح وتصرخ من سعادتها لكن انتبهت بأن موسى لازال غارقاً في النعاس، لكن هذا كان اعتقادها هي، تفاجأت به يطرق الباب من الخارج ويقول لها بصوت لطيف
-صباح الفل والياسمين على احلى زوجه في الدنيا، ممكن تفتحي لي ادخل استعمل الحمام لاني مش قادر؟
حنت لمياء رأسها رامقة لجسدها العاري ثم أطرقت يداها بوجنتيها، لأنها نسيت تماماً ان تأخذ معها ملابس كي ترتديها بعدما تغتسل، صارت تتمتم
-أفتحله انا ازاي الوقتي وانا عريانه كده؟ وطبعا مفيش حمام تاني في الشقه غير ده، يالهوي عليا حتى مفيش منشفه اغطي جسمي بها
-ها يابنات مش عايزين حزن ولا بكاء عشان الأستاذ أنس ما يبكيش على بكاء أمه هو كمان، حمدالله على سلامتك ياست أم أنس، يلا اتجدعني وشدي حيلك كده عشان تخاوه بقى قريب
أطلق الجميع ضحكتهم ورمقوه بدهشه ثم أجابه حاتم مبتسماً
-لا احنا رااااحه بقى سنتين ثلاثه، المهمه دي بقي على الدكتوره لمياء تتشطر كده وتجيب لينا عروسه حلوه كده نجوزهاله.
سارعت لمياء بالإجابه مسرعةً دون تفكير
-من بعد ما شوفت أنس، أنا ال بقول اهو مش هقدر استنى سنتين ونصف عبال ما أخلص دراسه، عايزه يكون عندي نونو قمر كده شبه ده.
وقف محمد وربت على كتفها، يحثها ويشجعها اكثر على العجلة في هذا الأمر لانه هو أيضا في إشتياق لهذا الشعور؛ لتُشيح مروه بوجهها عن هايدي ملتفة لهما وتهمس بخزي
-انتي يابت مش مكسوفه من الرجاله ال واقفه دول كلهم، عادي كده تقولي انك عايزه تتجوزي وتخلفي! معدش في حياء ولا كسوف، ده انتوا زمانكوا زمن مايعلم به الا ربنا.
لم تستطع لمياء من نفسها من الضحك، ووقفت تحدق ببيسان لدقائق والبهجه تُحيط بها، وما أن عاد إليها رُشدها حتى سارعت وأبلغت والدتها بثقه وإصرار
-ما انا متجوزه أوردي ياماما من ثلاث شهور، إيه إل فاضل بقى؟ اني اروح بيت جوزي، والطبيعي اني اتمنى يكون عندي أطفال، يعني لا هو عيب ولا حرام،طب إيه رأيك بقى اني هتكلم مع موسى يعجِّل في توضيب الشقه وبابا كمان يبدأ يشتري جهازي، على آخر السنه دي نحدد ميعاد الفرح ونفُضها سيره بقى، على رأيكوا.. خير البر عاجله.
تشبث محمد في كلماتها وأمن على كلامها بأنه سينفذ لها ما طلبت، لانه متأكد بأن لمياء لن تُهمل دراستها بسبب الزواج، واثق بإنها ستصل لمبتغاها في النهايه، لأن أيضا موسى في أغلب الأوقات يسافر بالشهور بلاد متفرقه بسبب ظروف وظيفته، هذا سيساعد لمياء على التفرغ لدراستها، كانت الفكره جيده جداً، عزم محمد ان يُبلغ موسى بالأمر حين يأتي لزيارتهم في القريب العاجل لينجزوا الأمر.
إستقرت بيسان في المستشفى يومان متتاليان ثم عزموا على الرحيل والعوده الي منازلهم، كانت لمياء تتردد على منزلها يوما بعد يوم، تعلقت مشاعرها بأنس كثيرا؛ لم تعد تمكث في غرفتها مثل السابق على الإطلاق،
أحسّت بشعور متميز وجميل نزع منها النكد والبؤس التي كانت تعيش فيه، صارت متفتحه متفائله مُقبلة على الحياه، أحبت وتمسكت بكل شيئ جميل حولها.
بعد مرور أسبوعان من الهدوء والسكينه والروتين الذي لم يتغير، عاد موسى من السفر وذهب الي منزل لمياء لانه كان في حالة إشتياق لها ليست طبيعيه، أثناء جلسته معهم تفاجأ بمحمد يتحدث معه في تقديم ميعاد الزفاف وانه ليس من الضروري الارتقاب لنهاية الثلاث سنوات، رحب موسى بهذه الفكره بحفاوه لكن لم يعطيهم إجابته المُرتقبه؛ أومأ اليه مبتسماً ثم أجابه بإرتباك
-إنت فاجأتني والله ياعم محمد بس الفكره مش بطَّاله، اعطيني وقت أبلغ الجماعه في البيت وأشوف ردُّهم إيه وان شاء الله خير، هجيلكوا تاني يوم الخميس وهيكون معايا الرد ال يعجب حضرتك
بعد مرور أسبوعان عاد موسى لزيارت منزل لمياء بعدما تحدث وتناقش مع والده بالأمر، أثناء جلوسه برفقتهم كان يختلس النظر إليهم من حين لآخر، رأي البعض متلعثم والبعض هادئ، حمحم ليجلو صوته ثم أشار لمحمد بصوت متحشرج
-حضرتك كنت كلمتني في موضوع اننا نقرَّب ميعاد الفرح وكده يعني، بصراحه أنا إتكلمت مع الحاج والدي وأخويا الكبير، لقيتهم مرحبين جدا بالموضوع، ده حتى أمي قالت دا قرار عين العقل ومالوش لازمه التأجيل، أنا كمان رأيي من رأيهم خير البر عاجله، شوف حضرتك الوقت المناسب ليكوا وانا اجهز ونتوكل على الله نتمم الزواج.
انتفضت مروه من مقعدها وهي تُزغرد كعادتها، بينما كانت لمياء ترمق موسى بحياء وخجل يصطحبه السعادة أيضاً، إذ فجأة تغير تفكيرها ثلاثمائة خمسة وستون درجه، أيقنت بأنها من أبسط حقوقها بأن تكون زوجة وأم مثل صديقتها بيسان، لكن من صميم قلبها كانت واثقة تماماً بأنها لم ولن تهمل دراستها وستصل لمبتغاها في التفوق ولن يضيع تعبها على مر السنوات الماضيه.
وقف محمد وسحب موسى من ساعده ثم ضمه لصدره حاضننا ضاحكا، أردف إليه
-على بركة الله ياجوز بنتي، ربنا يقدم ليكو إل فيه الخير،...
ثم عادوا لمقاعدهم واسترسل محمد حديثه
-إحنا هنبتدي من حالا نجهز حاجة لمياء وانت اتجدعن بقى شطب شقتك ولما نخلص ونظبط كل حاجه نحدد علطول، يعني إحتمال أكيد انه يكون على الصيف الجاي ان شاء الله.
أَقْبَلَتْ لمياء هَامَة والدها وَأَدْبَرَتْ جَبْهَتُهُ عندما غادر موسى المنزل، ثم همهمت له بصوت حنون
-هتعبك معايا يابابا ربنا مايحرمني منك أبدا ويخليك ليا.
مرَّت عليهم جميعا هذه السنه في أشغال شاقَّه، كانت لمياء تخرج مع بيسان ووالدتها كي تشتري ملابسها وأغراضها الخاصه، بينما كان موسى قد أخذ أجازة طويله من الشغل كي يتفرغ لتشطيب شقته وشراء أغراضه الخاصه أيضاً
عندما اقترب موعد الزفاف ذهب موسى الي منزل لمياء كي يستأذن والدها بأن يصطحبها معه للخروج كي تنتقي ردائها الأبيض، والبدلة السوداء له أيضا ثم يذهبون لحجز قاعة للأفراح كي يُتموا ليلتهم بداخلها لانه لابد من حجزها قبلها بشهور.
أخذت لمياء هُدنه بعد كل ذلك كي تتفرغ لمذاكرتها لأن إمتحاناتها قبل زفافها بشهر؛
في هذه الأثناء كانت مروه تصطحب هايدي وبيسان معها، ثم تذهب إلى منزل لمياء الجديد كي ينظموا فيه الأثاث على زوقهم الخاص وأحياناً كانت بيسان تترك طفلها أنس مع لمياء لتهتم به لحين عودتهم؛
كانت لمياء سعيده جدا بهذا الأمر، فكانت تنهي مذاكرتها في غصون بضع دقائق وتقوم لتلهو وتمرح معه، تعلقت لمياء به كثيراً.
انتهت دراستها وامتحاناتها على خير بتفوقها كالعاده امتياز مع مرتبة الشرف، كانت فرحتها فرحتين، فرحة نجاحها وفرحة زفافها الذي تحدد ميعاده بعد أيام قليله،
لأنهم كانوا منهمكين جدا في تحضيرات الزفاف تغاضوا عن الاحتفال بنجاحها على أن يكون احتفالهم بها في ليلة واحده وكفى.
جاءت اللحظه المنتظره وأقاموا زفاف العروسين لمياء وموسى بحضور الأحبه والأقارب من شتى الأماكن، حتى أيسل إبنة عفاف شقيقة أيمن نزلت هي وزوجها فتحي وولدهم معاذ من السعوديه كي يحضروا معهم ويقضوا أجازتهم بمصر كالعاده، كانت أيسل سعيده جدا بزواجها واستقرارها وفرحتها بأبنها دون مشاجرات بينهما؛ الحمد لله على هذه النعمه.
مرَّت الليله بسلام فذهبت لمياء مع زوجها موسى بسيارته بعدما ودعت والديها بالدموع والألم على فراقهم، هم أيضا لأول مرة يعودون المنزل دونها فتأثروا كثيرا؛
هرول محمد ناحية غرفتها وولج الي الداخل وأوصد عليه الباب من الخلف ثم وقف خلفه وظل يرمق الغرفه عن كثب، إغرورقت عيناه بالدموع الحزينه والسعيده في آن واحدٍ، إقترب من مكتبها وتذكر الليالي التي كانت تجلس خلفه بالساعات لتجدِّ وتجتهد كي توصل لهذا المركز المرموق التي وصلت إليه، ثم عاد الي الخلف والقى بنفسه فوق فراشها مغمضاً جفونه ليتذكر أيضاً كم من الليالي غفت عليه باكيه وكم من الليالي مرّت عليها وهي سعيده، خرج من سروده على صوت مروه وهي تطرق الباب من الخارج وتتحدث اليه أيضا بصوت حزين
-قافل على نفسك ليه يامحمد؟ إفتح لي طيب أقعد معاك بدال ما انا قاعده لوحدي كده، أمك واخواتك دخلوا ناموا وسابوني قاعده لوحدي
قام محمد من مكانه متأفأفاَ لأنها لحوحة جداً ولم تتركه وشأنه، فتح لها الباب وهو يمحي دموعه من فوق وجنتيه كي لا تراه مروه بهذا الإنكسار، عندما ولجت مروه وصارت بالداخل لاحظت إحمرار عيناه ففهمت بأنه باكٍ، لكن لم تبوح بشيء، ربتت فوق كتفه وهي تشهق ثم أردفت إليه بحنو
-ياحبيبي ماتعملش في نفسك كده وبعدين هي راحت فين يعني! دي في بيتها وبيت جوزها، إدعيلها ربنا يوفقها ويسعدها ويصلح حالها، وبعدين احنا كلها كم ساعه وهنروح ليها عشان نصبّح عليها، وبعد كده وقت ماتحب نشوفها هنروح لها وهي كمان هتجيلنا، مش احنا ال كنا بنلح عليها سنين عشان تتجوز!؟ زعلانين ليه بقى الوقتي! على رأي المثل مهما تعاشر ياإبن آدم مسيرك في يوم مفارق، قوم.. قوم خلينا نصلي ركعتين قيام الليل وننام لاني خلاص مابقيتش قادره أقف على رجلي.
التقط محمد أنفاسه ثم قام معها ليؤدي صلاته وينام، محاولا إقناع نفسه بالتعود على غياب طفلته لمياء عن المنزل، زفر بحنق وألم
-لمياء هي ال كانت ماليه عليا حياتي، مش عارف هعيش ازاي من بعد النهارده، يلا ربنا يسعدها ويهنيها.
في هذه الأثناء كانت لمياء قد ولجت الي منزلها الأسطوري، إندهشت تماما من عراقته و رقَّة كل غرض بداخله، لم تصدق نفسها بأن كل ذلك لها هي، إنشرح قلبها وإبتهجت للحياه، إقترب منها موسى وأمسك يدها ليولجوا الي غرفة النوم، اضطربت لمياء وتبطئت في خطوتها، خفق قلبها كثيرا من معرفتها للذي سيحصل بالداخل، حاولت إفلات يدها منه لكنه كان يقبض على يدها بقوته رامقا إياها مبتسماً
لحين صاروا داخل الغرفه تفاجأت لمياء بالغرفه مثل التي كانت تشاهده عبر التلفاز، وكأنها قاعة ديسكو، وقف موسى خلفها كي ينزع عن رأسها الطرحه، ثم سقط بيداه على سحابة الرداء فأحسّت لمياء بيده على ظهرها انتفضت وابتعدت عنه والتفتت اليه بذهول ثم حنت رأسها للأسفل خجلا، تمتمت بصوت هادئ
-إنت ايه ال بتعمله ده، ممكن تخرج ثواني بس عبال ما أغير هدومي لان ماينفعش اخلع فستاني وانت واقف بالشكل ده.
أطلق موسى ضحكته ثم أمال بجسده ناحية الباب ووضع يداه فوق عيناه ليغلقهما، ثم أردف إليها مبتسماً
-أولا ياحبيبتي انتي بقيتي مراتي خلاص وماينفعش اخرج من أوضتي في ساعه زي دي وأقف برَّا، بس أهو ياستي أنا غمضت عنيا خالص ومش هبص عليكي وانتي بتخلعي، بس هعد لغاية خمسه لو ماخلصتيش أوام هشيل أيدي واشوفك على وضعك، يلا بسرعه بقى عشان هبتدي أعد أهو، واحد... إثنين...
استسلمت لمياء وصدقته وبدأت في تبديل ملابسها، لكن كان موسى يوهمها بأنه لايري شيئا بينما كان يختلس النظر من بين أصابعه وحين تنظر لمياء ناحيته كان يعيد إصبعه لمكانه مبتسماً،
انتهى موسى من العد وهي عاريةً تمام، أزاح موسى يداه عن جفونه ثم فتح عيناه ليري أمامه زوجته وحبيبته وافقة جرداء من ملابسها لم ترتدي سوي البكيني فقط، جحظ عيناه من جمالها الخلاب ذهب لبُّه تماماً، التفتت لمياء ورمقته معتقدةً بأنه لازال مغمضاً لأعينه لانه كانت تعطيه ظهرها في البدايه، صعقت عندما رأته يقترب منه بهدوء وهو ينزع عن جسده ملابسه مسرعاً، قفزت لمياء فوق الفراش لتختبئ أسفل الغطاء، اتجه موسى ناحية مفتاح النور ليخفضه ثم أضاء اللمبة الحمراء، وقفز هو الآخر فوق الفراش مرتدياً لباسه الداخلي فقط، أخبأت لمياء جسدها ووجها أيضا كي لاتراه بهذا الشكل المخجل، ولج موسى تحت الغطاء بجوارها لينقض فوقها وكأنها فريسته في هذه الليله، كادت لمياء ان تصيح ليبتعد عنها محاولة إزاحة جسده من فوقها، لكنه قبض على شفاهها بشفيته ليقبلها قبلةً حارَّه، أضاع عقلها وأتلف أعصابها، بعدما كانت تبعده عنه جاحظة عيناها، سقطت يداها لترتمي بجوارها واغمضت جفونها لتستمتع بأول لمسة وقُبلةٍ بحياتها، هذه ماتُسمي قُبلة الحياه.
إستكانت لمياء تماما لما يصير معها وكانت هذه فرصة موسى أيضا ليشبع رغبته ونشوته المرتفعه للغايه تهدأ، استغرقت متعتهم لبضع دقائق بألم لذيذ مُحبب الي الطرفين، ثم إرتموا بحضن بعضهما ملتصقين اجسادهم ببعضها وغرقوا في النعاس على هذا الوضع للصباح الباكر.
عندما إستيقظت لمياء وفتحت أعينها التفتت بجانبها لترى موسى مسطح على ظهره، انتفضت من مكانها وصارت تتذكر ماصار بينهما في الليلة الماضيه، شهقت ووضعت يداها على فمها محدقة به عاريا وبنفسها أيضا، سحبت نفسها من جانبه بهدوء وتوجهت الي المرحاض واغلقت على نفسها الباب من الداخل بإحكام، نظرت لنفسها في المرأه وتحدثت مع نفسها بصوت منخفض جدا
-إيه يابت الجرأه الي كنتي فيها بالليل دي؟! اول مايجي يلمسك تستسلمي علطول كده زي ما تكوني ماصدقتِ!؟ راحت فين ياختي لمياء ال كانت عامله فيها ذكر وقويه، جواكي كل الأنوثه دي وماكنتيش حاسه بيها؟!
ثم أطلقت لمياء ضحكتها وصارت ترقص وتتمايل كادت تصيح وتصرخ من سعادتها لكن انتبهت بأن موسى لازال غارقاً في النعاس، لكن هذا كان اعتقادها هي، تفاجأت به يطرق الباب من الخارج ويقول لها بصوت لطيف
-صباح الفل والياسمين على احلى زوجه في الدنيا، ممكن تفتحي لي ادخل استعمل الحمام لاني مش قادر؟
حنت لمياء رأسها رامقة لجسدها العاري ثم أطرقت يداها بوجنتيها، لأنها نسيت تماماً ان تأخذ معها ملابس كي ترتديها بعدما تغتسل، صارت تتمتم
-أفتحله انا ازاي الوقتي وانا عريانه كده؟ وطبعا مفيش حمام تاني في الشقه غير ده، يالهوي عليا حتى مفيش منشفه اغطي جسمي بها