الفصل ٢١
في تمام الثامنة مساءا كانت قد تمالكت نفسها تماما واستعادت هدوئها فمشطت شعرها في ذيل حصان منخفض طويل وارتدت ثوبا بسيطا طويل الأكمام جعلها هذا المظهر البسيط تبدو أكثر ثقة وهدوءًا ومستعدة للمواجهة نظرت الى نفسها في المرآة نظرة ثابتة لا تحمل تعبير ثم أومأت قبل أن تخرج حاملة حقيبتها الصغيرة ونزلت درجات السلم حتى وصلت الى البهو لكن ما كادت أن تفعل حتى رأت قاسم يدخل من باب البيت , واثقا من نفسه , أنيقا أكثر من المعتاد بقميصه الرمادي البسيط
رمقها بنظرة طويلة ثم انحدرت عيناه الى الحقيبة الصغيرة التي تضم الملابس القليلة التي أحضرها لها من شقتها ثم سأل بصوتٍ بارد , أقرب الى الجليد
- الى أين تظنين نفسك ذاهبة ؟!
لا تخافي لا تمسحي له أن يرهبك
رفعت درة ذقنها ونظرت في عينيه مباشرة ثم أجابت بحزم
- لقد طلبت سيارة أجرة بواسطة الهاتف وقد وصلت أنا عائدة الى بيتي
أشار قاسم الى الباب خلفه وقال ببساطة
- نعم وصل لدى البوابة
أومأت درة برأسها مرة وشعرت بالرضا عن نفسها لاستطاعتها الوقوف في وجهه دون الحاجة للصراخ وانحنت لتحمل الحقيبة , الا أن صوته تابع بنبرة لاذعة رغم هدوئها
- وصرفته
تسمرت يداها فوق الحقيبة ثم استقامت سائلة بذهول
- صرفت من ؟! كيف لك أن تفعل هذا ؟! كيف لك أن تقوم بإلغاء رحلة بينما الهاتف معي أنا ؟! أنا سأعطيه تقييما تحت الأرض كي ينصرف دون أن أقوم بإلغاء الرحلة بناءًا على أوامرك
مط قاسم شفتيه وهو يقول دون اهتمام
- ما ذنب المسكين ؟! لكن عامة افعلي ما بدا لك , لطالما كنتِ قاسية الروح كصخرةٍ يغطيها طحلب عفن
اتسعت عيناها وفغرت فمها وهي تنظر إليه وهي ترى شرارات الغضب آتية من جديد وهو يقف مكانه يبتسم ابتسامة باردة مستفزة ينتظرها كي تنفجر في الغضب مجددا , لكن ترى ماذا سيكون عقابها هذه المرة ؟
زمت درة شفتيها وهي تنظر إليه بحقد ثم سألته بقسوة
- حسنا صرفت السيارة هل تظن أنك بهذه الطريقة ستتمكن من منعي من الخروج ؟!
عاد قاسم ليمط شفتيه وهو يسألها ببلادة
- ولماذا أقوم بمنعك ها هو الباب أمامك , لو أدرتِ الخروج فتفضلي , أنا فقط أرد سؤالك من أين لكِ بدفع الأجرة وأنا أعلم أنكِ لا تملكين قرشا واحدا ؟!
ابتسمت درة ابتسامة قاسية لم تصل إلى عينيها وهي تسأل بسخرية حاقدة
- لا داعي للسؤال إن كان بإمكانك أن تقرضني أليس كذلك ؟
ابتسم هو أيضا ابتسامة مائلة , ثم أجاب بهدوء
- نعم لا داعي للسؤل فالجواب معروف
أومأت درة برأسها وهي تقول ممسكة بهاتفها تقلب فيه
- لا بأس سأطلب سيارة أخرى وهذه المرة سأنتظرها في الخارج ولأرى كيف ستستطيع منعي
لم يحاول منعها , بل راقبها للحظة ثم قال بهدوء فاتر
- استنتاجي أنكِ ستحلين على ضرتك ضيفة في بيت زوجها تطلبين منه أن يقرضك أجرة السيارة ومبلغا ماليا يكفي لأن تأكلي منه يومين لكن ماذا بعد ؟! بعد أن ينفذ المبلغ ستقترضين منه مجددا و أقر أنكِ ستبحثين عن وظيفة لكن الى أن تجديها هل ستظلين عالة على زوج ضرتك ؟! إنه نفسه الذي قصصتِ عليه سرقتك دون خجل , فعرض بكرمٍ سخي أن يرد لي المبلغ لكن أيعقل أن تأخذي من هذا الرجلا مبلغا تلو الآخر دون أن يتلقى الثمن ؟!
مطت درة شفتيها وهي تقول بقرف
- ليس كل الرجال قذرين النوايا مثلك
ارتفع حاجباه وهو يمط شفتيه قائلا بهدوء
- هذا اعتراف خطير منكِ لم أتوقع سماعه يبدو أنكِ استعدتِ بعضا من الثقة تجاه صنفنا
هزت درة رأسها وهي تقول ببرود
- لست معقدة كما تريد أن توهمني أنا فقط أدرك أن أغلبكم من النوع السيء , أما الباقين فأقل سمية
اقترب منها قاسم فتراجعت للخلف خطوة , الا أنه ابتسم بسخرية وقال هازئا يشير إليها كي تقترب
- اقتربي لا تخافي لن أضربك , أعترف أنني أخفتك اليوم صباحا لكنني لن أضربك يا درة ربما لو أسأت التصرف بشدة لكن ليس على كل حماقة منكِ
زفرت بشدة وغضب وهي تهتف من بين أسنانها
- ابتعد عن طريقي يا قاسم
الا أنه لم يبتعد , بل ظل يقترب منها وهي تتراجع حتى لامست ساقاها الكرسي خلفها فانحنت تلقائيا وجلست
وهو انحنى معها ليضع يديه على ذراعي المقعد , مقتربا بوجهه من وجهها ثم سألها بصوتٍ هامس
- متى كانت نواياي تجاهك قذرة يا درة ؟! حسب ما أتذكر أنني لم أرد يوما سوى الزواج منكِ
ردت عليه بقوة و هي ترفع ذقنها تواجهه
- ليست كل النوايا القذرة تتعلق فيما يخالف الشرع أحيانا تتمثل في طريقة تطبيقه
ارتفع حاجباه ببراءة وهو يقول
- طريقة تطبيقه ! على ما أذكر أنني حاولت جاهدا أن أمنحك كل ما أستطيع وحين قابلتِ الإحسان بلدغتك الغادرة كالأفاعي لم أركض خلفك وأجبرك على الرغم من أنني كنت قادرا على إيجادك ببساطة أعترف أنني بحثت عنكِ لكن منذ يوم زواجك حذفتك من سجلاتي وسمحت لكِ أن تجربي نتائج اختيارك لكنني لم أهمل الظهور كلما احتجتِ لي هل تنكرين ؟ عرضت عليك الزواج مجددا ورفضت كما تفعلين دائما وأيضا ظهرت حين تعرضت لمحنة
هتفت في وجهه بقسوة
- هددتني بأن تدخلني السجن كنت تبتزني لأقبل الزواج منك
أجاب بنبرة خافتة مداعبة
- لا أسميه ابتزازا سرقتِ مني مالا وأردت استعادته , وكرما مني عرضت أن يكون مهرك وأنسى الأمر لكنك رفضت و أيضا ترفضين رده وتغضبين لو قدمتك للعدالة ألستِ أنانية بعض الشيء يا درة ؟!
أشاحت بوجهها بعيدا عنه فمالت عيناه تجريان على طول عنقها المنحني الطويل حتى ياقة ثوبها البسيط
ثم تابع بصوتٍ أجش بدا مثيرا قليلا وخفيض
- والآن بعد أن ساعدتك للمرة التي لا أعرف عددها بالضبط تريدين الهرب من مواجهة أهلك
ردت بعنف
- لا أهتم لرأيهم , فليتهموني في شرفي ألف مرة لا أبالي أتظنني سأجلس منتظرة قرار محكمتهم الخاصة ؟! هم اللذين لم أحظى منهم بأي فضلٍ أو عون في حياتي ؟! الآن سأهتم بما يقولون ؟! هذا مثير للسخرية
كانت عيناه تراقبان حركات شفتيها الغاضبتين وعروق عنقها المنتفضة و عينيها الناريتين
وما أن لاحظت نظراته حتى خفت صوتها وشعرت بالخوف فلهثت بتحفز , الا أنه لم يفعل سوى أن تكلم بخفوت وهو يتجول بعينيه فوق ملامحها
- لا لم تحظي منهم بأي فضلٍ أو عون لكن والدي فعل وأنا من بعده , و عوضا عن رد الجميل تريدين الهرب وتركي بمفردي أمامهم أحاول تبرير وجودك هنا ثم رحيلك مجددا
سخرت درة هاتفة باستهزاء
- هل تريد إقناعي أنك خائف منهم ؟! استخدم حجة أفضل يا قاسم
ابتسم ابتسامة بدت جذابة وهو يقول
- بعكس ما تظنين أنا أهتم بكلام أهل بلدتي وقد يخبرك هذا عما عانيته بعد هروبك المرة الأولى
نظرت درة الى عينيه طويلا صامتة ثم قالت أخيرا قاطعة اللغة الدائرة بينهما وبين عينيها
- حسنا اذن , أنا مدينة لك يا قاسم سآتي معك ونواجههم سويا
استقام قاسم ليقول بهدوء
- لا تزال الصفعات تزين وجهك الجميل وأظنك ستنفجرين باكية مع أول مواجهة , لا تستهيني بما مررتِ به تحتاجين فترة نقاهة , كل ما أطلبه منكِ أن تنتظريني هنا ولن أغيب
ظلت درة صامتة وهي تنظر إليه بشك غير قادرة على اتخاذ القرار المناسب ولا تعلم إن غادرت فعلا كيف ستتصرف ؟! هل بالفعل تعتمد على عامر الى أن تعثر على وظيفة ؟!
هل عامر أفضل أم قاسم ؟!
- درة هل تعدينني ؟
رفعت جفنيها تنظر إليه حيث كان واقفا عند الباب ينتظر ردها بعينين نافذتين الى أعماقها فوجدت نفسها ترد بصوت جاف
- أعدك
........
لا تزال جالسة مكانها منذ ساعات في الكرسي الكبير تنتظره اقتربت الساعة من العاشرة وهو لم يعد بعد
فيما يتكلمون كل هذا الوقت ؟! هل يحققون معه أم يحاكمونه ؟!
أي وقاحة يمتلكونها ليحققوا معه أو معها على وجه الخصوص ؟!
هزت رأسها غير مصدقة هذا العبث لكن صوت رنين جرس الباب قبل أن تسمع صوت المفتاح و الباب يُفتح , جعلها تقفز واقفة بقلق تنتظر دخوله بلهفة
وبالفعل دخل هادئ الملامح لا ينم تعبير وجهه عن شيء مطلقا رمقها بنظرة لا مبالية ثم ارتمى على مقعدٍ قريب وهو يضغط جبهته بأصابعه بملل
ظلت درة واقفة مكانها تنظر إليه بانفعال حانقة وحين اتضح لها أنه لن يتنازل بإخبارها صرخت فيه بعصبية
- اذن ماذا حدث ؟!!
رفع قاسم وجهه ينظر إليها نظرة طويلة مرت عليها من أول شعرها وحتى قدميها بينما هي تغلي غضبا ونفاذ صبر ثم قال أخيرا بالمزيد من الملل و الرتابة
- شجار , شجار وهتاف وصداع وانفعالات زائفة منافقة لكن في النهاية سويت الأمر
ظلت واقفة مكانها تنتظر أن يتابع بانفعال وحين لم يفعل هتفت فيه
- اذن ! كيف سويت الأمر ؟!
نظر إلى عينيها طويلا ثم أجاب ببساطة مبتسما
- خطبتك
رمقها بنظرة طويلة ثم انحدرت عيناه الى الحقيبة الصغيرة التي تضم الملابس القليلة التي أحضرها لها من شقتها ثم سأل بصوتٍ بارد , أقرب الى الجليد
- الى أين تظنين نفسك ذاهبة ؟!
لا تخافي لا تمسحي له أن يرهبك
رفعت درة ذقنها ونظرت في عينيه مباشرة ثم أجابت بحزم
- لقد طلبت سيارة أجرة بواسطة الهاتف وقد وصلت أنا عائدة الى بيتي
أشار قاسم الى الباب خلفه وقال ببساطة
- نعم وصل لدى البوابة
أومأت درة برأسها مرة وشعرت بالرضا عن نفسها لاستطاعتها الوقوف في وجهه دون الحاجة للصراخ وانحنت لتحمل الحقيبة , الا أن صوته تابع بنبرة لاذعة رغم هدوئها
- وصرفته
تسمرت يداها فوق الحقيبة ثم استقامت سائلة بذهول
- صرفت من ؟! كيف لك أن تفعل هذا ؟! كيف لك أن تقوم بإلغاء رحلة بينما الهاتف معي أنا ؟! أنا سأعطيه تقييما تحت الأرض كي ينصرف دون أن أقوم بإلغاء الرحلة بناءًا على أوامرك
مط قاسم شفتيه وهو يقول دون اهتمام
- ما ذنب المسكين ؟! لكن عامة افعلي ما بدا لك , لطالما كنتِ قاسية الروح كصخرةٍ يغطيها طحلب عفن
اتسعت عيناها وفغرت فمها وهي تنظر إليه وهي ترى شرارات الغضب آتية من جديد وهو يقف مكانه يبتسم ابتسامة باردة مستفزة ينتظرها كي تنفجر في الغضب مجددا , لكن ترى ماذا سيكون عقابها هذه المرة ؟
زمت درة شفتيها وهي تنظر إليه بحقد ثم سألته بقسوة
- حسنا صرفت السيارة هل تظن أنك بهذه الطريقة ستتمكن من منعي من الخروج ؟!
عاد قاسم ليمط شفتيه وهو يسألها ببلادة
- ولماذا أقوم بمنعك ها هو الباب أمامك , لو أدرتِ الخروج فتفضلي , أنا فقط أرد سؤالك من أين لكِ بدفع الأجرة وأنا أعلم أنكِ لا تملكين قرشا واحدا ؟!
ابتسمت درة ابتسامة قاسية لم تصل إلى عينيها وهي تسأل بسخرية حاقدة
- لا داعي للسؤال إن كان بإمكانك أن تقرضني أليس كذلك ؟
ابتسم هو أيضا ابتسامة مائلة , ثم أجاب بهدوء
- نعم لا داعي للسؤل فالجواب معروف
أومأت درة برأسها وهي تقول ممسكة بهاتفها تقلب فيه
- لا بأس سأطلب سيارة أخرى وهذه المرة سأنتظرها في الخارج ولأرى كيف ستستطيع منعي
لم يحاول منعها , بل راقبها للحظة ثم قال بهدوء فاتر
- استنتاجي أنكِ ستحلين على ضرتك ضيفة في بيت زوجها تطلبين منه أن يقرضك أجرة السيارة ومبلغا ماليا يكفي لأن تأكلي منه يومين لكن ماذا بعد ؟! بعد أن ينفذ المبلغ ستقترضين منه مجددا و أقر أنكِ ستبحثين عن وظيفة لكن الى أن تجديها هل ستظلين عالة على زوج ضرتك ؟! إنه نفسه الذي قصصتِ عليه سرقتك دون خجل , فعرض بكرمٍ سخي أن يرد لي المبلغ لكن أيعقل أن تأخذي من هذا الرجلا مبلغا تلو الآخر دون أن يتلقى الثمن ؟!
مطت درة شفتيها وهي تقول بقرف
- ليس كل الرجال قذرين النوايا مثلك
ارتفع حاجباه وهو يمط شفتيه قائلا بهدوء
- هذا اعتراف خطير منكِ لم أتوقع سماعه يبدو أنكِ استعدتِ بعضا من الثقة تجاه صنفنا
هزت درة رأسها وهي تقول ببرود
- لست معقدة كما تريد أن توهمني أنا فقط أدرك أن أغلبكم من النوع السيء , أما الباقين فأقل سمية
اقترب منها قاسم فتراجعت للخلف خطوة , الا أنه ابتسم بسخرية وقال هازئا يشير إليها كي تقترب
- اقتربي لا تخافي لن أضربك , أعترف أنني أخفتك اليوم صباحا لكنني لن أضربك يا درة ربما لو أسأت التصرف بشدة لكن ليس على كل حماقة منكِ
زفرت بشدة وغضب وهي تهتف من بين أسنانها
- ابتعد عن طريقي يا قاسم
الا أنه لم يبتعد , بل ظل يقترب منها وهي تتراجع حتى لامست ساقاها الكرسي خلفها فانحنت تلقائيا وجلست
وهو انحنى معها ليضع يديه على ذراعي المقعد , مقتربا بوجهه من وجهها ثم سألها بصوتٍ هامس
- متى كانت نواياي تجاهك قذرة يا درة ؟! حسب ما أتذكر أنني لم أرد يوما سوى الزواج منكِ
ردت عليه بقوة و هي ترفع ذقنها تواجهه
- ليست كل النوايا القذرة تتعلق فيما يخالف الشرع أحيانا تتمثل في طريقة تطبيقه
ارتفع حاجباه ببراءة وهو يقول
- طريقة تطبيقه ! على ما أذكر أنني حاولت جاهدا أن أمنحك كل ما أستطيع وحين قابلتِ الإحسان بلدغتك الغادرة كالأفاعي لم أركض خلفك وأجبرك على الرغم من أنني كنت قادرا على إيجادك ببساطة أعترف أنني بحثت عنكِ لكن منذ يوم زواجك حذفتك من سجلاتي وسمحت لكِ أن تجربي نتائج اختيارك لكنني لم أهمل الظهور كلما احتجتِ لي هل تنكرين ؟ عرضت عليك الزواج مجددا ورفضت كما تفعلين دائما وأيضا ظهرت حين تعرضت لمحنة
هتفت في وجهه بقسوة
- هددتني بأن تدخلني السجن كنت تبتزني لأقبل الزواج منك
أجاب بنبرة خافتة مداعبة
- لا أسميه ابتزازا سرقتِ مني مالا وأردت استعادته , وكرما مني عرضت أن يكون مهرك وأنسى الأمر لكنك رفضت و أيضا ترفضين رده وتغضبين لو قدمتك للعدالة ألستِ أنانية بعض الشيء يا درة ؟!
أشاحت بوجهها بعيدا عنه فمالت عيناه تجريان على طول عنقها المنحني الطويل حتى ياقة ثوبها البسيط
ثم تابع بصوتٍ أجش بدا مثيرا قليلا وخفيض
- والآن بعد أن ساعدتك للمرة التي لا أعرف عددها بالضبط تريدين الهرب من مواجهة أهلك
ردت بعنف
- لا أهتم لرأيهم , فليتهموني في شرفي ألف مرة لا أبالي أتظنني سأجلس منتظرة قرار محكمتهم الخاصة ؟! هم اللذين لم أحظى منهم بأي فضلٍ أو عون في حياتي ؟! الآن سأهتم بما يقولون ؟! هذا مثير للسخرية
كانت عيناه تراقبان حركات شفتيها الغاضبتين وعروق عنقها المنتفضة و عينيها الناريتين
وما أن لاحظت نظراته حتى خفت صوتها وشعرت بالخوف فلهثت بتحفز , الا أنه لم يفعل سوى أن تكلم بخفوت وهو يتجول بعينيه فوق ملامحها
- لا لم تحظي منهم بأي فضلٍ أو عون لكن والدي فعل وأنا من بعده , و عوضا عن رد الجميل تريدين الهرب وتركي بمفردي أمامهم أحاول تبرير وجودك هنا ثم رحيلك مجددا
سخرت درة هاتفة باستهزاء
- هل تريد إقناعي أنك خائف منهم ؟! استخدم حجة أفضل يا قاسم
ابتسم ابتسامة بدت جذابة وهو يقول
- بعكس ما تظنين أنا أهتم بكلام أهل بلدتي وقد يخبرك هذا عما عانيته بعد هروبك المرة الأولى
نظرت درة الى عينيه طويلا صامتة ثم قالت أخيرا قاطعة اللغة الدائرة بينهما وبين عينيها
- حسنا اذن , أنا مدينة لك يا قاسم سآتي معك ونواجههم سويا
استقام قاسم ليقول بهدوء
- لا تزال الصفعات تزين وجهك الجميل وأظنك ستنفجرين باكية مع أول مواجهة , لا تستهيني بما مررتِ به تحتاجين فترة نقاهة , كل ما أطلبه منكِ أن تنتظريني هنا ولن أغيب
ظلت درة صامتة وهي تنظر إليه بشك غير قادرة على اتخاذ القرار المناسب ولا تعلم إن غادرت فعلا كيف ستتصرف ؟! هل بالفعل تعتمد على عامر الى أن تعثر على وظيفة ؟!
هل عامر أفضل أم قاسم ؟!
- درة هل تعدينني ؟
رفعت جفنيها تنظر إليه حيث كان واقفا عند الباب ينتظر ردها بعينين نافذتين الى أعماقها فوجدت نفسها ترد بصوت جاف
- أعدك
........
لا تزال جالسة مكانها منذ ساعات في الكرسي الكبير تنتظره اقتربت الساعة من العاشرة وهو لم يعد بعد
فيما يتكلمون كل هذا الوقت ؟! هل يحققون معه أم يحاكمونه ؟!
أي وقاحة يمتلكونها ليحققوا معه أو معها على وجه الخصوص ؟!
هزت رأسها غير مصدقة هذا العبث لكن صوت رنين جرس الباب قبل أن تسمع صوت المفتاح و الباب يُفتح , جعلها تقفز واقفة بقلق تنتظر دخوله بلهفة
وبالفعل دخل هادئ الملامح لا ينم تعبير وجهه عن شيء مطلقا رمقها بنظرة لا مبالية ثم ارتمى على مقعدٍ قريب وهو يضغط جبهته بأصابعه بملل
ظلت درة واقفة مكانها تنظر إليه بانفعال حانقة وحين اتضح لها أنه لن يتنازل بإخبارها صرخت فيه بعصبية
- اذن ماذا حدث ؟!!
رفع قاسم وجهه ينظر إليها نظرة طويلة مرت عليها من أول شعرها وحتى قدميها بينما هي تغلي غضبا ونفاذ صبر ثم قال أخيرا بالمزيد من الملل و الرتابة
- شجار , شجار وهتاف وصداع وانفعالات زائفة منافقة لكن في النهاية سويت الأمر
ظلت واقفة مكانها تنتظر أن يتابع بانفعال وحين لم يفعل هتفت فيه
- اذن ! كيف سويت الأمر ؟!
نظر إلى عينيها طويلا ثم أجاب ببساطة مبتسما
- خطبتك