◥ ツChapter ツ 9 ◤
ملاحظة
(فضلاً وليس أمراً، لا تنسوا التصويت على الفصل)
.
.
.
.
༊෴✿لا تنسوا ذكـــر ﷲ✿〄࿐
استغفــر الله العلي العظيم
اللهم صل و سلم على حبيبنا محمد و على آله و صحبه اجمعيـــــــــــن
.
.
.
.
.
.
في منزل "عبد القادر النجار"
"هل أتصل حمزة؟"
سأل "الحاج عبد القادر" زوجته "لبنى" الجالسة قبالته، تحيك شالاً من الصوف بكل خفة ومهارة
أجابته باختصار دون أن تحيد عيناه عن تلك القطعة القابعة بين يديها:
- أجل!
-ومتى سيأتي؟
قال سيظل هناك عدة أيام
- عدة أيام! ألم يذهب "يوسف" لجلب جثة عمه إلى الوطن؟
- لقد جدوا أن المحامي الخاص بعمه قام بدفن، دون الرجوع إليهم
حك ذقنه باستغراب من تصرف هذا المحامي، فتصرفه هذا لا يفعله إلا المقربين جداً:
- غريب! كيف فعل ذلك؟!
- هذا ما فكرت فيه
- هل تعتقدين أن هناك سراً ما
- لا أدري
لكن...
قاطعته بانفعال طفيف:
- يكفي! لقد أفقدتني تركيزي؛ ألا ترى ما أفعله؟!
ثم همهمت بسأم من أفعاله:
- منذ أن تقاعدت، وأنت لا تفعل شيئاً سوى التذمر والثرثرة؛ أنصحك بزيارة شقيقك "علي" في القرية
وضع الكاتب الذي كان يقرؤه على الطاولة، متسائلاً بتذمر:
- وماذا أفعل في القرية؟
- تساعد شقيقك في المزرعة
- تعلمين أني لا أحب العمل فيها
أخذت نفساً عميقاً، نظرت إليه بابتسامة، محاولةً إقناعه بهدوء:
- ليس عليك العمل فيها؛ اعتبر الذهاب إلى هناك نوع من أنواع الاستجمام، فكما تعلم فإن هواء القرية ينعش الشخص، ويجدد طاقته!
فكر قليلاً في اقتراحها، لكنه نفض الفكرة من رأسه، عندما تذكر غياب "حمزة":
- لا أستطيع الذهاب، وترككِ أنتِ وسلسبيل وحدكما؛ سأذهب عندما يعود " حمزة "
تنحنحت "لبنى"، قبل أن تلقي قنبلتها في وجهه:
- احم... لا تقلق علينا عزيزي! سيأتي شقيقي "راء..."
وقبل أن تنهي كلمتها، هب واقفاً من مكانه، صارخاً بِصَوْت عالياً، هز جدران المنزل، و وصل إلى مسامع القابعة في غرفتها تستمع إلى الموسيقى المجنونة مثلها:-
- مااااااااااذا؟!
.
.
.
.
عودة الى امريكاااا
"لقد جئت إلى قضائك!"
سدد "يوسف" لكمة لمحامي "مايكل"، أردته طريحاً على الأرض، بثقة الداء من فمه بقوة، ساباً إياه بِصَوْت مرتفع، أتت على أثره الخادمة "ماتيلدا" و "حمزة" الذي كان قادماً من الحديقة الخلفية للمنزل
جثت "ماتيلدا" على ركبتيها أمام "مايكل" محاولةً مساعدته، بعد أن رأت الدماء تندفع من أنفه؛ سألته بنبرة قلقة:
اوه يا إلهي! هل أنت بخير سيد "مايكل"؟!
"أنا بخير" ماتيلدا "لا تقلقي !
طمأنها "مايكل" بصوتٍ غاضب من تصرفات "يوسف"، التي أقل ما يقال عنها إنها همجية
زفر "حمزة" بشدة، من عصبية صديقه الشديدة؛ مسح على وجهه بغضب، ناظراً إلى "يوسف" و "حمزة" باستفهام:
هل يمكن أن يشرح لي أحدكما ما الذي يجري هنا؟
نهض "مايكل" من الأرض، نافضاً ملابسه بيديه:
- أسأل صاحبك الهمجي؛ كلما راني يسلم علي بلكمةٍ
هدر "يوسف" بسخرية وتهكم من حديثه:
- ملاك يمشي على الأرض! هل نسيت فعلتك الحمقاء أيها ال * * ن!
وقبل أن يشتبكا مرة أخرى مع بعضهما، سألهم "حمزة" بنبرة لا تحمل الجدال:
- كفاكما صراعاً! وأخبراني ماذا يحدث؟
جلس "يوسف" على الأريكة، طالباً من "ماتيلدا" تحضير قهوة للجميع، سألتهم " ماتيلدا " بأدب عن قهوة كل واحداً منهم، فأخبروها جميعاً أنهم يريدونها سادة (بدون سكر)
بعد ذهاب "ماتيلدا"، أعاد "حمزة" سؤاله عليهما مرة أخرى، فرد عليه "مايكل" بهدوء، بينما وضع "يوسف" قدماً على قدم، محدقاً بمايكل بغموض:
لو تركني هذا الهمجي –مشيراً إلى "يوسف"- أنهى كلامي لعرفتما أنني نفذت وصية والذي "ناصر"
- هذا ما أريده فهمه، كيف يكون السيد "ناصر" والدك، وهو لا يملك أطفالاً؟!
- أمي "سارة" زوجته... كانت حامل وأنجبت طفلة، توفيت بعد ساعات، بسبب اختناق حدث لها؛ ولأن ولادتها كانت متعثرة، حدث لها نزيف حاد، مما اضطر الأطباء للاستئصال رحمها ليحافظوا على حياتها...
- هذا فهمته! السؤال المطروح، أنت ما دخلك في الموضوع؟!
لوى "مايكل" شفتيه بسأم من قلة صبرهم واندفاعهم، قائلاً بنبرة متهكمة:
أنتم العرب عصبيون جداً! امنحني فرصة لأنهي حديثي، بعدها اسألني ما تريد!
"أنا أستمع!"
هتف "حمزة" بحنق، ضاماً يده إلى صدره
- أين توقفت؟! آه تذكرت!
تابع "مايكل" حديثه، غير مبالياً بكتلة الغضب المشتعلة أمامه :
عندما لم يستطع الاطباء ايقاف النزيف، اضطروا في النهاية الى استئصال رحمها... وفي نفس الوقت كانت والدتي "اليكسندرا" في المستشفى تتعالج من سرطان الدم (تغيرت نبرته الى الحزن)... وطيلة بقاء امي "سارة" في المستشفى، تعرفت على والدتي "اليكسندرا"... نشأت بينهم علاقة غريبة –على رأي والدي-،... كنت انا في ذلك الوقت بعمر السنة... لقدت كنت طفلاً ضعيف البنية... وكنت بحاجة لرضاعة طبيعية؛ لذ عرضت امي "سارة" على والدتي ان تقوم بارضاعي... وفي نفس تعوض فقدانها لابنتها... هذا كل شيء! تستطيع الحديث الآن يا... بالمناسبة ما اسمك؟
تطلع "حمزة" الى تلك الابتسامة السمجة المرتسمة على شفتيه، بادله نفس الابتسامة، مجيباً اياه بنبرة باردة:
-"حمزة"
-امم.. تشرفنا سيد "حمزة"... يبدو...
قاطعه "يوسف" بنبرة باردة:
-انت لست في موقع لتعارف !
ثم أكمل بغضب:
-ماذا جئت تفعل هنا؟ ! و ماذا قصدت بأنك تنفذ وصية عمي؟ !
هذا ما جئت من أجله؛ فتح وصية عمك!
- فتح الوصية؟!
- أجل، هل نسيت أنني محامي عمك؟!
- لكن ألا يجب أن يحضر جميع أفراد العائلة!
تساءل "يوسف" باستغراب
- ليس بالضرورة! لأن هذا هو الشرط الثاني في الوصية، أن تكون أنت الشخص الوحيد الذي يستلمها!
.
. هذا ما جئت من أجله؛ فتح وصية عمك!
- فتح الوصية؟!
- أجل، هل نسيت أنني محامي عمك؟!
- لكن ألا يجب أن يحضر جميع أفراد العائلة!
تساءل "يوسف" باستغراب
- ليس بالضرورة! لأن هذا هو الشرط الثاني في الوصية، أن تكون أنت الشخص الوحيد الذي يستلمها!
.
.
.
.
في "قرية الرمال"
بعد أن أدى "الحاج رأفت" وأبناءه واجب العزاء؛ قرر "الحاج عبد الرحمن" أن يقيم عزاء ابنه في منزله، وأمر ابنه "عبد العزيز" بأن ينشر الخبر في القرية؛ اعترض "عبد العزيز" في البداية، فمن غير المعقول أن يقوموا باستقبال عزاء أخيه وزوجته دون أن يتم دفنهما في مقبرة القرية، لكنه اضطر للرضوخ إلى قراره؛ خاصةً بعد أن ارتفع ضغط دمه.
"في منزل الحاج جلال المغربي"
كان يشرف مع ابنه "عبد الكريم" على محصول التمر قبل أن يسلمه لتجار، تساءل ابنه بعد أن انتهوا:
- ألن نذهب لتقديم التعازي للحاج "عبد الرحمن"؟
- اذهب أنت، إذا أردت... لن أذهب لأي مكان!
رد عليه بنفي، ولهجة باردة، طغى عليها العناد
- لكن هل نسيت أنه كان نصيبنا؟! ومن واجبنا أن نذهب لتقديم التعازي...
أنت تعلم الخلاف الذي بيننا
- لكن يا والدي، حتى لو كان بينكما خلافات، لكن وقت الفواجع ننساها
نهره والده بشدة، طارداً أي إحساس بالتأثر بكلامه:
- توقف أن إلقاء المحاضرات على مسامعي! قلت لك لن أذهب... وهذا آخر كلامي، فلا تناقشني!
راقب "عبد الكريم" رحيل والده، تنهد بمرارة من رد فعله؛ لا يصدق أن من رفض الآن الذهاب إلى تعزية من كان صديقه يوما ما، هو والده!
.
.
.
.
* * * نعود إلى أمريكا * * *
"الشرط الثاني!"
كرر "يوسف" عبارته بملامح بدا عليها الاستغراب؛ فما قام به عمه خارج نطاق المألوف عنده
"يبدو أن هناك سراً يحاول عمي إخفائه خلف هذه الشروط الغريبة!"
تمتم "يوسف" بينه وبين نفسه بتعب؛ فعقله في هذه اللحظة ليس في حالة يسمح له بتفسير ما يجري حوله
فاق من شروده على صوت صديقه "حمزة":
عندما تنتهي من قراءة الوصية ستجدني في الحديقة الخلفية
وقبل أن يهم بالنهوض من مكانه، أوقفه "مايكل":
- لا داعي لذهابك!
ثم تابع بنبرة مرحة، مشيراً إلى "يوسف":
- لقد شهدت لكمه وشتمه لي! فلتكمل جميلك وتشهد على قراءة الوصية
نظر إلى "يوسف" بتساؤل، كأنه يستأذنه بعينيه بالبقاء أو المغادرة؛ أشار له "يوسف" بالبقاء بصمت
اخرج "مايكل" الوصية من ظرفاً اِحْمَرَّا، كان داخل حقيبته الجلدية التي كان يحملها بين يديه. بدا بقراء الوصية، حتى توقفت عيناه عند اعتراف كتبه "ناصر الفراج"، جعل عينيه تكاد تهرب من مكانها من هول الصدمة!
لاحظ "يوسف" صمته المريب، فحثه على إكمال القراءة:
- لماذا توقفت؟! تابع القراءة!
حول "مايكل" أنظاره بين الوصية و "يوسف"، سأله بملامح بدا عليها الغموض:
- هل كنت تدري أن لعمك ابنة؟!
نزل عليه الخبر كالصاعقة! شلت جسده عن الحركة، ولسانه عن النطق!
.
.
.
.
.
.
.
.
.
بعد أن تناولت "تالا" وعائلتها الغداء، جلسوا في الحديقة الخلفية للمنزل يحتسون الشاي. كان الجو هادئا ويبعث في النفس الراحة والسكينة.
لم تمر دقائق، حتى هتفت "تالا" بذلك الاسم الذي جمد الدماء في عروقهم، وسلب أنفاسهم للحظات:
"ناصر الفراج!"
مَن أخبرك بهذا الاسم؟!
سألتها خالتها "ليلى" بنبرة مضطربة، بعد أن سيطرت على دقات قلبها، التي كادت أن تخرج من مكانها
ردت عليها "تالا" بنبرة لا مبالية، كأنها تخبرها عن أحوال الطقس:
- من مواقع التواصل! فهو حديث الساعة... يقولون إنه تعرض مع زوجته لحادث مرور في أمريكا، أودى بحياتهما
ثم أكملت باستغراب:
الغريب أنه يحمل نفس اسم والذي! لولا أنني أعلم أنه قد مات، لقلت إنه والذي
وعندي نهاية جملتها تلك، دب الرعب في قلب خالتها "ليلي"، فالسر الذي كنت تخشى انكشافه، على ما يبدو أنه سيظهر قريباً!
حاولت "ليلى" جعل صوتها طبيعياً، قائلة بلامبالة مصطنعة:
- ربما تشابه أسماء فقط!
مطت "تالا" شفتيها دون تصديق، مكررة جملة خالتها بنبرة مبهمة:
- أمم... تشابه أسماء فقط! ممكن!
طيلة حديث "تالا" مع خالتها، كانت "شيماء" و "خالد" يستمعون إليهما دون فهم، أما الجدة "عائشة" ووالدهم " يحي " فقد كانا يرقبان رد فعل "ليلى" بصمت!
حاولت "ليلى" تغيير الموضوع، متسائلة بنبرة جاهدت على إخراجها طبيعية:
- لماذا لم تدعوا "فرح" للغداء؟
همهمت "شيماء" بسام من عناد صديقتها:
- أخبرتها أن تبقى؛ لكنها قالت ان عمتها ستعود من السفر اليوم...
قاطعتها جدتها باستفهام:
-تقصدين عمتها "امينة"؟ !
-اجل !
تهللت أسارير الجدة "عائشة" بهذا الخبر السعيد، لا تصدق أن "أمينة" التي تعدها مثل ابنتها أخيراً ستعود إلى أرض الوطن؛ كمْ اشتاقت لها!
نظرت إلى ابنها " يحي " بابتسامة سعيدة:
- هل تذكر "أمينة" يا "يحي"؟ لقد كانت تأتي إليك لتشرح لها الدروس!
بادلها " يحي " ابتسامتها، ولم يلحظ تلك التي اشتعل قلبها من الغيرة:
- كيف أنسى صاحبة الفستان الأحمر، والوجه الخجول! لقد كانت فتاة لطيفة وجه...
وقبل أن ينهي "يحي" كلامه، شعر بتلك العيون الملتهبة تحدق فيه، التفت إلى صاحبتهما، ابتلع ريقه عندما رأى وجه زوجته "ليلى" الأحمر من السخط والغيرة المجنونة!
ابتسم في وجهها ابتسامة بلهاء، لعل غضبها يخمد، الا ان ابتسامته تلك جعلتها تشتاط اكثر من الغضب
تحدث "خالد" بنبرة ســـــــاخرة:
"جاءك المـــــوت يا تارك الصـــلاة !
.
.
.
.
.
يتبع
(فضلاً وليس أمراً، لا تنسوا التصويت على الفصل)
.
.
.
.
༊෴✿لا تنسوا ذكـــر ﷲ✿〄࿐
استغفــر الله العلي العظيم
اللهم صل و سلم على حبيبنا محمد و على آله و صحبه اجمعيـــــــــــن
.
.
.
.
.
.
في منزل "عبد القادر النجار"
"هل أتصل حمزة؟"
سأل "الحاج عبد القادر" زوجته "لبنى" الجالسة قبالته، تحيك شالاً من الصوف بكل خفة ومهارة
أجابته باختصار دون أن تحيد عيناه عن تلك القطعة القابعة بين يديها:
- أجل!
-ومتى سيأتي؟
قال سيظل هناك عدة أيام
- عدة أيام! ألم يذهب "يوسف" لجلب جثة عمه إلى الوطن؟
- لقد جدوا أن المحامي الخاص بعمه قام بدفن، دون الرجوع إليهم
حك ذقنه باستغراب من تصرف هذا المحامي، فتصرفه هذا لا يفعله إلا المقربين جداً:
- غريب! كيف فعل ذلك؟!
- هذا ما فكرت فيه
- هل تعتقدين أن هناك سراً ما
- لا أدري
لكن...
قاطعته بانفعال طفيف:
- يكفي! لقد أفقدتني تركيزي؛ ألا ترى ما أفعله؟!
ثم همهمت بسأم من أفعاله:
- منذ أن تقاعدت، وأنت لا تفعل شيئاً سوى التذمر والثرثرة؛ أنصحك بزيارة شقيقك "علي" في القرية
وضع الكاتب الذي كان يقرؤه على الطاولة، متسائلاً بتذمر:
- وماذا أفعل في القرية؟
- تساعد شقيقك في المزرعة
- تعلمين أني لا أحب العمل فيها
أخذت نفساً عميقاً، نظرت إليه بابتسامة، محاولةً إقناعه بهدوء:
- ليس عليك العمل فيها؛ اعتبر الذهاب إلى هناك نوع من أنواع الاستجمام، فكما تعلم فإن هواء القرية ينعش الشخص، ويجدد طاقته!
فكر قليلاً في اقتراحها، لكنه نفض الفكرة من رأسه، عندما تذكر غياب "حمزة":
- لا أستطيع الذهاب، وترككِ أنتِ وسلسبيل وحدكما؛ سأذهب عندما يعود " حمزة "
تنحنحت "لبنى"، قبل أن تلقي قنبلتها في وجهه:
- احم... لا تقلق علينا عزيزي! سيأتي شقيقي "راء..."
وقبل أن تنهي كلمتها، هب واقفاً من مكانه، صارخاً بِصَوْت عالياً، هز جدران المنزل، و وصل إلى مسامع القابعة في غرفتها تستمع إلى الموسيقى المجنونة مثلها:-
- مااااااااااذا؟!
.
.
.
.
عودة الى امريكاااا
"لقد جئت إلى قضائك!"
سدد "يوسف" لكمة لمحامي "مايكل"، أردته طريحاً على الأرض، بثقة الداء من فمه بقوة، ساباً إياه بِصَوْت مرتفع، أتت على أثره الخادمة "ماتيلدا" و "حمزة" الذي كان قادماً من الحديقة الخلفية للمنزل
جثت "ماتيلدا" على ركبتيها أمام "مايكل" محاولةً مساعدته، بعد أن رأت الدماء تندفع من أنفه؛ سألته بنبرة قلقة:
اوه يا إلهي! هل أنت بخير سيد "مايكل"؟!
"أنا بخير" ماتيلدا "لا تقلقي !
طمأنها "مايكل" بصوتٍ غاضب من تصرفات "يوسف"، التي أقل ما يقال عنها إنها همجية
زفر "حمزة" بشدة، من عصبية صديقه الشديدة؛ مسح على وجهه بغضب، ناظراً إلى "يوسف" و "حمزة" باستفهام:
هل يمكن أن يشرح لي أحدكما ما الذي يجري هنا؟
نهض "مايكل" من الأرض، نافضاً ملابسه بيديه:
- أسأل صاحبك الهمجي؛ كلما راني يسلم علي بلكمةٍ
هدر "يوسف" بسخرية وتهكم من حديثه:
- ملاك يمشي على الأرض! هل نسيت فعلتك الحمقاء أيها ال * * ن!
وقبل أن يشتبكا مرة أخرى مع بعضهما، سألهم "حمزة" بنبرة لا تحمل الجدال:
- كفاكما صراعاً! وأخبراني ماذا يحدث؟
جلس "يوسف" على الأريكة، طالباً من "ماتيلدا" تحضير قهوة للجميع، سألتهم " ماتيلدا " بأدب عن قهوة كل واحداً منهم، فأخبروها جميعاً أنهم يريدونها سادة (بدون سكر)
بعد ذهاب "ماتيلدا"، أعاد "حمزة" سؤاله عليهما مرة أخرى، فرد عليه "مايكل" بهدوء، بينما وضع "يوسف" قدماً على قدم، محدقاً بمايكل بغموض:
لو تركني هذا الهمجي –مشيراً إلى "يوسف"- أنهى كلامي لعرفتما أنني نفذت وصية والذي "ناصر"
- هذا ما أريده فهمه، كيف يكون السيد "ناصر" والدك، وهو لا يملك أطفالاً؟!
- أمي "سارة" زوجته... كانت حامل وأنجبت طفلة، توفيت بعد ساعات، بسبب اختناق حدث لها؛ ولأن ولادتها كانت متعثرة، حدث لها نزيف حاد، مما اضطر الأطباء للاستئصال رحمها ليحافظوا على حياتها...
- هذا فهمته! السؤال المطروح، أنت ما دخلك في الموضوع؟!
لوى "مايكل" شفتيه بسأم من قلة صبرهم واندفاعهم، قائلاً بنبرة متهكمة:
أنتم العرب عصبيون جداً! امنحني فرصة لأنهي حديثي، بعدها اسألني ما تريد!
"أنا أستمع!"
هتف "حمزة" بحنق، ضاماً يده إلى صدره
- أين توقفت؟! آه تذكرت!
تابع "مايكل" حديثه، غير مبالياً بكتلة الغضب المشتعلة أمامه :
عندما لم يستطع الاطباء ايقاف النزيف، اضطروا في النهاية الى استئصال رحمها... وفي نفس الوقت كانت والدتي "اليكسندرا" في المستشفى تتعالج من سرطان الدم (تغيرت نبرته الى الحزن)... وطيلة بقاء امي "سارة" في المستشفى، تعرفت على والدتي "اليكسندرا"... نشأت بينهم علاقة غريبة –على رأي والدي-،... كنت انا في ذلك الوقت بعمر السنة... لقدت كنت طفلاً ضعيف البنية... وكنت بحاجة لرضاعة طبيعية؛ لذ عرضت امي "سارة" على والدتي ان تقوم بارضاعي... وفي نفس تعوض فقدانها لابنتها... هذا كل شيء! تستطيع الحديث الآن يا... بالمناسبة ما اسمك؟
تطلع "حمزة" الى تلك الابتسامة السمجة المرتسمة على شفتيه، بادله نفس الابتسامة، مجيباً اياه بنبرة باردة:
-"حمزة"
-امم.. تشرفنا سيد "حمزة"... يبدو...
قاطعه "يوسف" بنبرة باردة:
-انت لست في موقع لتعارف !
ثم أكمل بغضب:
-ماذا جئت تفعل هنا؟ ! و ماذا قصدت بأنك تنفذ وصية عمي؟ !
هذا ما جئت من أجله؛ فتح وصية عمك!
- فتح الوصية؟!
- أجل، هل نسيت أنني محامي عمك؟!
- لكن ألا يجب أن يحضر جميع أفراد العائلة!
تساءل "يوسف" باستغراب
- ليس بالضرورة! لأن هذا هو الشرط الثاني في الوصية، أن تكون أنت الشخص الوحيد الذي يستلمها!
.
. هذا ما جئت من أجله؛ فتح وصية عمك!
- فتح الوصية؟!
- أجل، هل نسيت أنني محامي عمك؟!
- لكن ألا يجب أن يحضر جميع أفراد العائلة!
تساءل "يوسف" باستغراب
- ليس بالضرورة! لأن هذا هو الشرط الثاني في الوصية، أن تكون أنت الشخص الوحيد الذي يستلمها!
.
.
.
.
في "قرية الرمال"
بعد أن أدى "الحاج رأفت" وأبناءه واجب العزاء؛ قرر "الحاج عبد الرحمن" أن يقيم عزاء ابنه في منزله، وأمر ابنه "عبد العزيز" بأن ينشر الخبر في القرية؛ اعترض "عبد العزيز" في البداية، فمن غير المعقول أن يقوموا باستقبال عزاء أخيه وزوجته دون أن يتم دفنهما في مقبرة القرية، لكنه اضطر للرضوخ إلى قراره؛ خاصةً بعد أن ارتفع ضغط دمه.
"في منزل الحاج جلال المغربي"
كان يشرف مع ابنه "عبد الكريم" على محصول التمر قبل أن يسلمه لتجار، تساءل ابنه بعد أن انتهوا:
- ألن نذهب لتقديم التعازي للحاج "عبد الرحمن"؟
- اذهب أنت، إذا أردت... لن أذهب لأي مكان!
رد عليه بنفي، ولهجة باردة، طغى عليها العناد
- لكن هل نسيت أنه كان نصيبنا؟! ومن واجبنا أن نذهب لتقديم التعازي...
أنت تعلم الخلاف الذي بيننا
- لكن يا والدي، حتى لو كان بينكما خلافات، لكن وقت الفواجع ننساها
نهره والده بشدة، طارداً أي إحساس بالتأثر بكلامه:
- توقف أن إلقاء المحاضرات على مسامعي! قلت لك لن أذهب... وهذا آخر كلامي، فلا تناقشني!
راقب "عبد الكريم" رحيل والده، تنهد بمرارة من رد فعله؛ لا يصدق أن من رفض الآن الذهاب إلى تعزية من كان صديقه يوما ما، هو والده!
.
.
.
.
* * * نعود إلى أمريكا * * *
"الشرط الثاني!"
كرر "يوسف" عبارته بملامح بدا عليها الاستغراب؛ فما قام به عمه خارج نطاق المألوف عنده
"يبدو أن هناك سراً يحاول عمي إخفائه خلف هذه الشروط الغريبة!"
تمتم "يوسف" بينه وبين نفسه بتعب؛ فعقله في هذه اللحظة ليس في حالة يسمح له بتفسير ما يجري حوله
فاق من شروده على صوت صديقه "حمزة":
عندما تنتهي من قراءة الوصية ستجدني في الحديقة الخلفية
وقبل أن يهم بالنهوض من مكانه، أوقفه "مايكل":
- لا داعي لذهابك!
ثم تابع بنبرة مرحة، مشيراً إلى "يوسف":
- لقد شهدت لكمه وشتمه لي! فلتكمل جميلك وتشهد على قراءة الوصية
نظر إلى "يوسف" بتساؤل، كأنه يستأذنه بعينيه بالبقاء أو المغادرة؛ أشار له "يوسف" بالبقاء بصمت
اخرج "مايكل" الوصية من ظرفاً اِحْمَرَّا، كان داخل حقيبته الجلدية التي كان يحملها بين يديه. بدا بقراء الوصية، حتى توقفت عيناه عند اعتراف كتبه "ناصر الفراج"، جعل عينيه تكاد تهرب من مكانها من هول الصدمة!
لاحظ "يوسف" صمته المريب، فحثه على إكمال القراءة:
- لماذا توقفت؟! تابع القراءة!
حول "مايكل" أنظاره بين الوصية و "يوسف"، سأله بملامح بدا عليها الغموض:
- هل كنت تدري أن لعمك ابنة؟!
نزل عليه الخبر كالصاعقة! شلت جسده عن الحركة، ولسانه عن النطق!
.
.
.
.
.
.
.
.
.
بعد أن تناولت "تالا" وعائلتها الغداء، جلسوا في الحديقة الخلفية للمنزل يحتسون الشاي. كان الجو هادئا ويبعث في النفس الراحة والسكينة.
لم تمر دقائق، حتى هتفت "تالا" بذلك الاسم الذي جمد الدماء في عروقهم، وسلب أنفاسهم للحظات:
"ناصر الفراج!"
مَن أخبرك بهذا الاسم؟!
سألتها خالتها "ليلى" بنبرة مضطربة، بعد أن سيطرت على دقات قلبها، التي كادت أن تخرج من مكانها
ردت عليها "تالا" بنبرة لا مبالية، كأنها تخبرها عن أحوال الطقس:
- من مواقع التواصل! فهو حديث الساعة... يقولون إنه تعرض مع زوجته لحادث مرور في أمريكا، أودى بحياتهما
ثم أكملت باستغراب:
الغريب أنه يحمل نفس اسم والذي! لولا أنني أعلم أنه قد مات، لقلت إنه والذي
وعندي نهاية جملتها تلك، دب الرعب في قلب خالتها "ليلي"، فالسر الذي كنت تخشى انكشافه، على ما يبدو أنه سيظهر قريباً!
حاولت "ليلى" جعل صوتها طبيعياً، قائلة بلامبالة مصطنعة:
- ربما تشابه أسماء فقط!
مطت "تالا" شفتيها دون تصديق، مكررة جملة خالتها بنبرة مبهمة:
- أمم... تشابه أسماء فقط! ممكن!
طيلة حديث "تالا" مع خالتها، كانت "شيماء" و "خالد" يستمعون إليهما دون فهم، أما الجدة "عائشة" ووالدهم " يحي " فقد كانا يرقبان رد فعل "ليلى" بصمت!
حاولت "ليلى" تغيير الموضوع، متسائلة بنبرة جاهدت على إخراجها طبيعية:
- لماذا لم تدعوا "فرح" للغداء؟
همهمت "شيماء" بسام من عناد صديقتها:
- أخبرتها أن تبقى؛ لكنها قالت ان عمتها ستعود من السفر اليوم...
قاطعتها جدتها باستفهام:
-تقصدين عمتها "امينة"؟ !
-اجل !
تهللت أسارير الجدة "عائشة" بهذا الخبر السعيد، لا تصدق أن "أمينة" التي تعدها مثل ابنتها أخيراً ستعود إلى أرض الوطن؛ كمْ اشتاقت لها!
نظرت إلى ابنها " يحي " بابتسامة سعيدة:
- هل تذكر "أمينة" يا "يحي"؟ لقد كانت تأتي إليك لتشرح لها الدروس!
بادلها " يحي " ابتسامتها، ولم يلحظ تلك التي اشتعل قلبها من الغيرة:
- كيف أنسى صاحبة الفستان الأحمر، والوجه الخجول! لقد كانت فتاة لطيفة وجه...
وقبل أن ينهي "يحي" كلامه، شعر بتلك العيون الملتهبة تحدق فيه، التفت إلى صاحبتهما، ابتلع ريقه عندما رأى وجه زوجته "ليلى" الأحمر من السخط والغيرة المجنونة!
ابتسم في وجهها ابتسامة بلهاء، لعل غضبها يخمد، الا ان ابتسامته تلك جعلتها تشتاط اكثر من الغضب
تحدث "خالد" بنبرة ســـــــاخرة:
"جاءك المـــــوت يا تارك الصـــلاة !
.
.
.
.
.
يتبع