◥ ツChapter ツ 5◤
(ملاحظة: فضلا وليس أمراً؛ من أجل أن يستمر شغفي في كتابة الرواية لا تنسوا أعزائي الضغط على النجمة ✳ الموجودة في الأسفل)
لا تنسوا أن تصلوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
"أستغفر الله العظيم واتوب اليه"
___________
"ماااذا يجري هنا؟ صوتكم يصل إلى آخر الشارع!"
ألتفت الجميع لرؤية صاحب الصوت، و الذي لم يكن سوى والدتهم "ليلى"، رفعت نقابها من على وجهها، تنظر إليهما بحنق
تقابلت نظراتها التي تشع غضباً مع نظرات التؤامان، رفعت اصبعها تسألهم مباشرةً:
_لماذا تتشجران انتما الاثنان؟ هل تعتقدان نفسكما في روضة أطفال؟!
ثم وجهت حديثها إلى "خالد"، قائلة بإستنكار ساخر:
_و أنت؟ أيها الطبيب!
تنحنح "خالد"، قائلاً بصوت رجولي هادئ، بعد أن فهم نظرات والدته الحانقة:
_احم! تعلمين يا لولو أنني لا أفعل ذلك إلا عندما تناديني(ثم أشار إلى شقيقته) برأس الفجل، و قد فعلتها!
زفرت "ليلى" بيأس من تصرفات ابنتها المتمردة، في اوقاتٍ كثيرة تتعجب من شخصيتها المتمردة، التي لم تراها في أحداً من أفراد العائلة، من يراها تقف في المحكمة بوجه جامد و صلب، تدافع عن المظلومين بكل قوة، حتى لو كلفها الأمر حياتها! يعتقد أنها تعيش في بيتها حياة العساكر!
سارت نحو الاريكة، التي تعتليها "تالا"، جلست بجانبها بوجه بارد خالي من أي تعبير.
حدقت فيها "تالا" بتوجس، فهي تعلم أَن خالتها لا تخفي مشاعرها خلف قناع البرودة، إلا إذا كانت غاضبة بشدة، أو أن أمراً ما حدث، و تحاول إخفاءه بغضبها على التوأمان
كتفت يديها بصمت، و وضعت رجلاً على رجل، ثم أشارت لهما بيدها بالجلوس، بدون أن تصدر و لا كلمة من فمها.
أطاعها التوأمان بدون إعتراض؛ عم الصمت أرجاء الغرفة، لا تسمع سوى صوت أنفاسهم؛ فجميعهم يتخذون وضع الصمت عند غضب والدتهم؛ و لا أحد منهم يجرأ على الحديث معها- حتى يخمد غضبها- عدا والدهم.
.
قطعت هي الصمت، قائلة بنبرة جادة:
_كم مرة أخبرتكم (ثم وجهت انظارها إليهم جميعاً) بأن تكفوا عن نعت بعضكم بهاته الأسماء؟! هذا لا يجوز، هل أنتم أطفال لأعيد كلامي في كل مرة؟
تابعت حديثها دون أن تنتظر إجابة على سؤالها، مشيرة إليهم بأصبعها:
_من هم في سنكم لديهم أطفال!
"ها قد بدأت الاسطوانة المملة!"
تمتمت بها "تالا" بخفوت، فتلك عادة خالتها، أو بالأحرى عادة جميع الأمهات، فتح باب الزواج و الأطفال؛ كأن الحياة تتوقف عليهم!
كلما استمعت اذناها لهذا الحديث، تشعر بأنها عجوز، تجاوز عمرها السبعين!
رغم أن خالتها إنسانة مثقفة، من الناحية الدينية و أيضا الدراسية، لكن هذا لا ينفي سيطرة عادات المجتمع أحياناً على تفكيرها..
ماذا إذا لم تتزوج؟ هل هذه نهاية العالم؟!
مازالت في عمر ال27 ربيعاً! هناك من هن في الأربعين و لم يتزوجن، و هذا لم يمنع أن يتفوقن في حياتهن، و اثبتن ان الزواج رزق و نصيب من الله، و ليس حجر عثرة في طريق النجاح
يكفيها التجربة التي مرت بها، فقد تركت بصمة سوداء في نفسها يستحيل أن تمحى بسهولة!
بالنسبة لها، الزواج مشروع فاشل، و لا يوجد رجل يستحق أن تستأمنه على حياتها؛ فالرجال - في هذا الزمان - قليلون إلى درجة التلاشي!
فاقت من شرودها على تلك الكلمة التي اخترقت عقلها قبل اذنها، قذفت الكلمة من فمها بإشمئزاز:
_ماذا؟! ع... عريس!
.
.
.
.
بعد مرور ساعات..
قام يوسف بتوديع شقيقتيه، و أوصى " زهراء" بأن تعتني "ببشرى"؛ بعد مرور دقائق معدودة وصل إلى المطار، أين كان سكرتيره "شريف" ينتظره، ليعطيه تذكرة الطيران.
رمق "يوسف" التذاكر بإستغراب، فقد منحــه "شريف" تذكرته، و الأخرى كانت بيده هو
و قبل أن يسأل عن الأمر، شعر بيد توضع على كتفه، ألتفت وراءه ليجد صديقه "حمزة" يحمل بين يديه حقيبة سفر صغيرة، و بدون أن يستفسر أدرك أن صديقه سيسافر معه
احتضنه "حمزة" فجأة، تسمر في مكانه من فرط المفاجأة، لكن لم يلبث ثواني حتى بادله الاحتضان بمحبة لم تستطع اعاصير الحياة المساس بها.
همس له "حمزة" في أذنه بمشاعر صادقة، مترجماً حالة الذهول التي اعترته:
_أذهب معك إلى الجحيم، يا صديقي! فمابالك أن أتركك تسافر وحدك في حالتك هذه.
و كان رد "يوسف" عليه أن احتضنه بقوة، هامساً له بفخر:
_أنت الأروع صديقي!
تنحنح "شريف" بصوت مسموع، قائلاً بنبرة يشوبها القليل من المرح:
_احم احم... رفاق! لقد لفتما نظــــر الناس لكما، أخشى أن يسيئوا فهمكما!
رغم الحزن الذي يسكن قلب "يوسف"، إلا أنه ابتسم بحزن من مزحة رفيقه الثاني، لطالما كان "شريف" صاحب خفة الدم بينهم، يغير الأجواء حتى لو كانوا في قمة حزنهم
بعد فترة أنهوا المعاملات الخاصة بالسفر، نظر "حمزة" إلى ساعة يده، وجد ان مازال هناك نصف ساعة حتى ميعاد الرحلة، تحدث بهدوء:
_بقي لدينا بعض حتى ميعاد الرحلة، فلننتظر هناك (أشار بيده إلى المقاعد الموجودة في قاعة الإنتظار) حتى موعد الرحلة
بعد مرور نصف ساعة من انتظارهما، سمعا أخيراً النداء الخاص برحلتهما، ودعا "شريف" بحرارة، و أوصاه "يوسف" بالإعتناء بالشركة ريثما يعودان....
صعدا إلى الطائرة، و جلس بجانب بعضهما في المقاعد المخصصة لرجال الأعمال؛ أسند "يوسف" رأسه على الكرسي، و هو يتذكر أخر مكالمة أجراها مع عمه قبل أسبوعين من الحادثة..
#عودة_إلى_الماضي
قبل أسبوعيــن
بينما هو يراجع بعض الأوراق الخاصة بعمله، إذ بهاتفه يعلن عن تلقيه إتصال من الخارج
نظر إلى هوية المتصل، لتترسم إبتسامة واسعة على وجهه، و يجيب بلهفة على المتصل:
_السلام عليكم يا عمي، كيف حالك و حال خالتي "سارة" ؟
رد عليه "ناصر" بنبرة لا تخلو من الحنان:
و عليكم السلام بني، نحن بخير و الحمد لله، و أنت كيف حالك و حال شقيقتاك؟
_ نحن بخير يا عمي لا تقلق علينا.
_ الحمد لله... تنهد قليلاً ثم : "يوسف" هل تتذكر عندما أخبرتك عن التهديدات التي أتلقاها؟
تحفزت ملامح "يوسف" بجدية:
_نعم يا عمي أتذكر ذلك.. ثم تابع بتساؤل:
_هل إكتشفت الفاعل؟
هز رأسه برفض كأنه يراه؛ قائلاً بنبرة غامضة:
_ لا! لكن أشك في بعض الأشخاص... لكنني لست متأكداً، فأنا لا أملك دليلاً ضدهم
تساءل "يوسف" بفضول، لم يحاول إخفاءه:
_هل يمكنك أخباري عنهم؟
نفى "ناصر" بسرعة، و خوف كبير-على يوسف - تسلل إلى قلبه بلا إنذار:
_لا أستطيع ذلك، فأنا أشك أنهم يراقبونَ هاتفي؛ المهم، إذا حدث لي شيئاً
قاطعه "يوسف" بلهفة:
_حفظك الله لنا يا عمي، لا تقل هذا، فلأعمار بيد الله
رد عليه " ناصر" بصلابــة و إيمان قوي:
_أجل الأعمار بيد الله وحده، لكن هذا لا ينفي أنه علينا توقعه في أي لحظة، فمابالك و أنت مهدد من طرف أشخاص لا يعرفون الرحمة...
أخذ نفس عميق ثم واصل حديثه بحزم:
_إذا حدث لي شيء (أراد "يوسف" مقاطعته، لكن اوقفه قبل أن ينطق بحرف) لا تقاطعني من فضلك، كما أخبرتك، ستجد وصيتي، و كل الأوراق المهمة عند المحامى الخاص بي، أرجوك بنيّ نفذ لي الطلب الذي ستجده في وصيتي
"يوسف" في قرارة نفسه يعلم أن مخاوف عمه في محلها، لكنه لم يريد أن يظهر له ذلك..
"يوسف" و هو يحاول طمأنة عمه، و إنتشاله من دوامة الخوف:
_سوف تكون بخير بإذن الله، فهذه مجرد أوهام.
"ناصر" بقلق حقيقي:
_لا يا "يوسف" ليست مجرد أوهام، فأنا أشعر بأن أيامي قد أقتربت، لهذا أنا أوصيك مرة أخرى بأن تطبق كل ما كتبته في وصيتي يا بنيّ..
لم يشأ "يوسف" أن يزيد من قلق عمه فأجابه بهدوء : _إن شاء الله سأفعل كل ما تريده؛ لكن لماذا لا تعد للوطن، ستكون بمأمن أكثر من بقاءك بعيداً عنا
ثم تابع برجاء نابع من قلبه:
_أتمنى أن تعود إلى الوطن يا عمي، فقد اشتاق جدي لك... ألا تريد أصلاح علاقتك بجدي؟
ارتجف فؤاد" ناصر" عند تلك النقطة، والده! كم اشتاق له، فرغم علاقتهما التي انقطعت إلا أنه مازال قلبه ينبض بحب، فهما أخطأ الوالدان في حق أبناءهم، سيظلون مصدر الحب و الحنان الأول
رد عليه "ناصر" بنبرة مشتاقة:
_أخ... كم أشتقت له، ظننت أن في بعدي عنه علاجاً لجروحي، لكني وجدتها تزداد ألتهاباً!
ثم تابع بتساؤل يشوبه التردد:
_كيف حاله؟
_بخير، ينتظر عودتك بفارغ الصبر، لا أعلم سبب خصامكما هذا، لكن مهما كان يا عمي، فجدي سيظل والدك، و لا شيء يستحق أن تقطع علاقتك به كل هذه السنين!
تنهد "ناصر" بغصة أوجعت قلبه، و شريط ذكرياته المؤلمة يمر أمامه، هتف بحزن عميق:
_ليت الأمر بسيط كما تظن يا بنيّ، عندما يجرح قلبك من أقرب الناس إليك فصعب أن يلتئم بسرعة؛ على كل حال سلم لي على شقيقتيك، أحدثك لاحقاً، فلدي عمل أقوم به
أدرك "يوسف" أن عمه يحاول الهروب من هذا الحوار الذي لا يسبب له سوى الألم:
_مع السلامة يا عمي، و أنت أيضاً سلم لي على خالتي سارة
#عــــــــودة_إلى_الحاضر
_رحمك الله يا عمي، لقد تركت فراغاً كبير في قلبي
ثم أكمل بوعيد، و عيون مشتعلة من الغضب:
_أقسم لك أنني سأنتقم من كل من كان سبباً في هذا الحادث!!
.
.
.
.
.
#يتبع
لا تنسوا أن تصلوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
"أستغفر الله العظيم واتوب اليه"
___________
"ماااذا يجري هنا؟ صوتكم يصل إلى آخر الشارع!"
ألتفت الجميع لرؤية صاحب الصوت، و الذي لم يكن سوى والدتهم "ليلى"، رفعت نقابها من على وجهها، تنظر إليهما بحنق
تقابلت نظراتها التي تشع غضباً مع نظرات التؤامان، رفعت اصبعها تسألهم مباشرةً:
_لماذا تتشجران انتما الاثنان؟ هل تعتقدان نفسكما في روضة أطفال؟!
ثم وجهت حديثها إلى "خالد"، قائلة بإستنكار ساخر:
_و أنت؟ أيها الطبيب!
تنحنح "خالد"، قائلاً بصوت رجولي هادئ، بعد أن فهم نظرات والدته الحانقة:
_احم! تعلمين يا لولو أنني لا أفعل ذلك إلا عندما تناديني(ثم أشار إلى شقيقته) برأس الفجل، و قد فعلتها!
زفرت "ليلى" بيأس من تصرفات ابنتها المتمردة، في اوقاتٍ كثيرة تتعجب من شخصيتها المتمردة، التي لم تراها في أحداً من أفراد العائلة، من يراها تقف في المحكمة بوجه جامد و صلب، تدافع عن المظلومين بكل قوة، حتى لو كلفها الأمر حياتها! يعتقد أنها تعيش في بيتها حياة العساكر!
سارت نحو الاريكة، التي تعتليها "تالا"، جلست بجانبها بوجه بارد خالي من أي تعبير.
حدقت فيها "تالا" بتوجس، فهي تعلم أَن خالتها لا تخفي مشاعرها خلف قناع البرودة، إلا إذا كانت غاضبة بشدة، أو أن أمراً ما حدث، و تحاول إخفاءه بغضبها على التوأمان
كتفت يديها بصمت، و وضعت رجلاً على رجل، ثم أشارت لهما بيدها بالجلوس، بدون أن تصدر و لا كلمة من فمها.
أطاعها التوأمان بدون إعتراض؛ عم الصمت أرجاء الغرفة، لا تسمع سوى صوت أنفاسهم؛ فجميعهم يتخذون وضع الصمت عند غضب والدتهم؛ و لا أحد منهم يجرأ على الحديث معها- حتى يخمد غضبها- عدا والدهم.
.
قطعت هي الصمت، قائلة بنبرة جادة:
_كم مرة أخبرتكم (ثم وجهت انظارها إليهم جميعاً) بأن تكفوا عن نعت بعضكم بهاته الأسماء؟! هذا لا يجوز، هل أنتم أطفال لأعيد كلامي في كل مرة؟
تابعت حديثها دون أن تنتظر إجابة على سؤالها، مشيرة إليهم بأصبعها:
_من هم في سنكم لديهم أطفال!
"ها قد بدأت الاسطوانة المملة!"
تمتمت بها "تالا" بخفوت، فتلك عادة خالتها، أو بالأحرى عادة جميع الأمهات، فتح باب الزواج و الأطفال؛ كأن الحياة تتوقف عليهم!
كلما استمعت اذناها لهذا الحديث، تشعر بأنها عجوز، تجاوز عمرها السبعين!
رغم أن خالتها إنسانة مثقفة، من الناحية الدينية و أيضا الدراسية، لكن هذا لا ينفي سيطرة عادات المجتمع أحياناً على تفكيرها..
ماذا إذا لم تتزوج؟ هل هذه نهاية العالم؟!
مازالت في عمر ال27 ربيعاً! هناك من هن في الأربعين و لم يتزوجن، و هذا لم يمنع أن يتفوقن في حياتهن، و اثبتن ان الزواج رزق و نصيب من الله، و ليس حجر عثرة في طريق النجاح
يكفيها التجربة التي مرت بها، فقد تركت بصمة سوداء في نفسها يستحيل أن تمحى بسهولة!
بالنسبة لها، الزواج مشروع فاشل، و لا يوجد رجل يستحق أن تستأمنه على حياتها؛ فالرجال - في هذا الزمان - قليلون إلى درجة التلاشي!
فاقت من شرودها على تلك الكلمة التي اخترقت عقلها قبل اذنها، قذفت الكلمة من فمها بإشمئزاز:
_ماذا؟! ع... عريس!
.
.
.
.
بعد مرور ساعات..
قام يوسف بتوديع شقيقتيه، و أوصى " زهراء" بأن تعتني "ببشرى"؛ بعد مرور دقائق معدودة وصل إلى المطار، أين كان سكرتيره "شريف" ينتظره، ليعطيه تذكرة الطيران.
رمق "يوسف" التذاكر بإستغراب، فقد منحــه "شريف" تذكرته، و الأخرى كانت بيده هو
و قبل أن يسأل عن الأمر، شعر بيد توضع على كتفه، ألتفت وراءه ليجد صديقه "حمزة" يحمل بين يديه حقيبة سفر صغيرة، و بدون أن يستفسر أدرك أن صديقه سيسافر معه
احتضنه "حمزة" فجأة، تسمر في مكانه من فرط المفاجأة، لكن لم يلبث ثواني حتى بادله الاحتضان بمحبة لم تستطع اعاصير الحياة المساس بها.
همس له "حمزة" في أذنه بمشاعر صادقة، مترجماً حالة الذهول التي اعترته:
_أذهب معك إلى الجحيم، يا صديقي! فمابالك أن أتركك تسافر وحدك في حالتك هذه.
و كان رد "يوسف" عليه أن احتضنه بقوة، هامساً له بفخر:
_أنت الأروع صديقي!
تنحنح "شريف" بصوت مسموع، قائلاً بنبرة يشوبها القليل من المرح:
_احم احم... رفاق! لقد لفتما نظــــر الناس لكما، أخشى أن يسيئوا فهمكما!
رغم الحزن الذي يسكن قلب "يوسف"، إلا أنه ابتسم بحزن من مزحة رفيقه الثاني، لطالما كان "شريف" صاحب خفة الدم بينهم، يغير الأجواء حتى لو كانوا في قمة حزنهم
بعد فترة أنهوا المعاملات الخاصة بالسفر، نظر "حمزة" إلى ساعة يده، وجد ان مازال هناك نصف ساعة حتى ميعاد الرحلة، تحدث بهدوء:
_بقي لدينا بعض حتى ميعاد الرحلة، فلننتظر هناك (أشار بيده إلى المقاعد الموجودة في قاعة الإنتظار) حتى موعد الرحلة
بعد مرور نصف ساعة من انتظارهما، سمعا أخيراً النداء الخاص برحلتهما، ودعا "شريف" بحرارة، و أوصاه "يوسف" بالإعتناء بالشركة ريثما يعودان....
صعدا إلى الطائرة، و جلس بجانب بعضهما في المقاعد المخصصة لرجال الأعمال؛ أسند "يوسف" رأسه على الكرسي، و هو يتذكر أخر مكالمة أجراها مع عمه قبل أسبوعين من الحادثة..
#عودة_إلى_الماضي
قبل أسبوعيــن
بينما هو يراجع بعض الأوراق الخاصة بعمله، إذ بهاتفه يعلن عن تلقيه إتصال من الخارج
نظر إلى هوية المتصل، لتترسم إبتسامة واسعة على وجهه، و يجيب بلهفة على المتصل:
_السلام عليكم يا عمي، كيف حالك و حال خالتي "سارة" ؟
رد عليه "ناصر" بنبرة لا تخلو من الحنان:
و عليكم السلام بني، نحن بخير و الحمد لله، و أنت كيف حالك و حال شقيقتاك؟
_ نحن بخير يا عمي لا تقلق علينا.
_ الحمد لله... تنهد قليلاً ثم : "يوسف" هل تتذكر عندما أخبرتك عن التهديدات التي أتلقاها؟
تحفزت ملامح "يوسف" بجدية:
_نعم يا عمي أتذكر ذلك.. ثم تابع بتساؤل:
_هل إكتشفت الفاعل؟
هز رأسه برفض كأنه يراه؛ قائلاً بنبرة غامضة:
_ لا! لكن أشك في بعض الأشخاص... لكنني لست متأكداً، فأنا لا أملك دليلاً ضدهم
تساءل "يوسف" بفضول، لم يحاول إخفاءه:
_هل يمكنك أخباري عنهم؟
نفى "ناصر" بسرعة، و خوف كبير-على يوسف - تسلل إلى قلبه بلا إنذار:
_لا أستطيع ذلك، فأنا أشك أنهم يراقبونَ هاتفي؛ المهم، إذا حدث لي شيئاً
قاطعه "يوسف" بلهفة:
_حفظك الله لنا يا عمي، لا تقل هذا، فلأعمار بيد الله
رد عليه " ناصر" بصلابــة و إيمان قوي:
_أجل الأعمار بيد الله وحده، لكن هذا لا ينفي أنه علينا توقعه في أي لحظة، فمابالك و أنت مهدد من طرف أشخاص لا يعرفون الرحمة...
أخذ نفس عميق ثم واصل حديثه بحزم:
_إذا حدث لي شيء (أراد "يوسف" مقاطعته، لكن اوقفه قبل أن ينطق بحرف) لا تقاطعني من فضلك، كما أخبرتك، ستجد وصيتي، و كل الأوراق المهمة عند المحامى الخاص بي، أرجوك بنيّ نفذ لي الطلب الذي ستجده في وصيتي
"يوسف" في قرارة نفسه يعلم أن مخاوف عمه في محلها، لكنه لم يريد أن يظهر له ذلك..
"يوسف" و هو يحاول طمأنة عمه، و إنتشاله من دوامة الخوف:
_سوف تكون بخير بإذن الله، فهذه مجرد أوهام.
"ناصر" بقلق حقيقي:
_لا يا "يوسف" ليست مجرد أوهام، فأنا أشعر بأن أيامي قد أقتربت، لهذا أنا أوصيك مرة أخرى بأن تطبق كل ما كتبته في وصيتي يا بنيّ..
لم يشأ "يوسف" أن يزيد من قلق عمه فأجابه بهدوء : _إن شاء الله سأفعل كل ما تريده؛ لكن لماذا لا تعد للوطن، ستكون بمأمن أكثر من بقاءك بعيداً عنا
ثم تابع برجاء نابع من قلبه:
_أتمنى أن تعود إلى الوطن يا عمي، فقد اشتاق جدي لك... ألا تريد أصلاح علاقتك بجدي؟
ارتجف فؤاد" ناصر" عند تلك النقطة، والده! كم اشتاق له، فرغم علاقتهما التي انقطعت إلا أنه مازال قلبه ينبض بحب، فهما أخطأ الوالدان في حق أبناءهم، سيظلون مصدر الحب و الحنان الأول
رد عليه "ناصر" بنبرة مشتاقة:
_أخ... كم أشتقت له، ظننت أن في بعدي عنه علاجاً لجروحي، لكني وجدتها تزداد ألتهاباً!
ثم تابع بتساؤل يشوبه التردد:
_كيف حاله؟
_بخير، ينتظر عودتك بفارغ الصبر، لا أعلم سبب خصامكما هذا، لكن مهما كان يا عمي، فجدي سيظل والدك، و لا شيء يستحق أن تقطع علاقتك به كل هذه السنين!
تنهد "ناصر" بغصة أوجعت قلبه، و شريط ذكرياته المؤلمة يمر أمامه، هتف بحزن عميق:
_ليت الأمر بسيط كما تظن يا بنيّ، عندما يجرح قلبك من أقرب الناس إليك فصعب أن يلتئم بسرعة؛ على كل حال سلم لي على شقيقتيك، أحدثك لاحقاً، فلدي عمل أقوم به
أدرك "يوسف" أن عمه يحاول الهروب من هذا الحوار الذي لا يسبب له سوى الألم:
_مع السلامة يا عمي، و أنت أيضاً سلم لي على خالتي سارة
#عــــــــودة_إلى_الحاضر
_رحمك الله يا عمي، لقد تركت فراغاً كبير في قلبي
ثم أكمل بوعيد، و عيون مشتعلة من الغضب:
_أقسم لك أنني سأنتقم من كل من كان سبباً في هذا الحادث!!
.
.
.
.
.
#يتبع