الفصل السادس والأربعون

لقد سبقته الفرحة بخطوة ففرشت له الأرض ضحكات وهاهو من شدة حماسه يجن ويتلفظ بكلمات مجنونة مثله،نحن حامل قالها أمير لفرط حماسه فأضحكت الجميع وأضحكته لكن رد فعله ماهو إلا نتاج حب خلق بعد ألم.

انتبه أمير لكلمته التي تلفظ بها ليبتسم بخجلته مبرزا أسنانه متعرقا ثم أردف قائلا:
أعتذر يا جماعة عن الكلمة ههه كيف بدرت مني لا أعرف؟
كنت سأقول نحن سنرزق بطفل أي عشق زوجتي حامل.
نظرت إليه بحب تشتهي أن تضمه لتهدأ وتكن لكنها اكتفت بإرسال إشارات حب لعينيه،لتخبره بأنها سعيدة جدا ليس لأنها حامل فقط بل لأنها استطاعت أن تدخل السرورو لقلبه.
تحدثت سونا صارخة حتى أفزعت الجميع لتردف بحماس:
بابا كنتك حامل يا فرحتي يافرحتي سأصبح عمة ياناس سأصبح عمة للمرة الثانية.
رد حكمت فرحا:
هذا أجمل خبر سمعته منذ فترة الحمد لله على كل شيء وأخيرا سيأتي حفيد للعائلة وأخيرا.

كان الخبر بشارة خير للجميع فقد أدخل الفرحة على قلوبهم حتى الخدم فتلك عشق محبوبة الكل الفتاة صاحبة القلب الطيب،حتى بعد أن غدت سيدة القصر لم تتغير ولم تمارس سلطتها على العاملين هناك ولا لمرة واحدة.
تحرك الجميع وقاموا من مكانهم مسرعين نحوهما يباركان لهما بما رزقا من خير لتقترب جافيدان آخر واحدة ترسم ابتسامة خفيفة تكاد تخفيها بوجه ريحان ثم تحدثت قائلة:
مبارك لكما فرحت كثيرا أنتما تستحقان السعادة.
ابتسمت ريحان ثم أمسكت بيد حماتها وقبلتها توقيرا لها ثم تحدثت فرحة:
شكرا لك يا خانم يكفي أننا أدخلنا الفرح لقلبك.
ابتسم أمير وأمسك بيد والدته وقبلها أيضا ثم قبل رأسها ليردف:شكرا يا أجمل جدة جهزي نفسك فأحفادك في تزايد ولن تهنئي بعدها بهدوء الشرفة مع فنجان من القهوة خاصتك.
ضحكت وردت:
ماذا بني هل تخفيني أم ماذا؟
رد ضاحكا:
لا أنبهك فقط كي تجهزي نفسك
رد حكمت حينها مقاطعا كلامهما:
بني ليأتي حفيدي على خير فقط وأنا ساضعه بعيوني وألاعبه ونخرج سويا ونستمتع أصلا لن تراه إلا قليلا.
ليتحدث جوناي قائلا:
هاي اتركوا لي نصيبا.
ضحك الكل لتتحدث ريحان قائلة:
لا أظن أن اوزجي ستتركه لأحد
تحدثت سونا قائلة:
في هذه أنت محقة ريحان حين يأتي لن نلمسه حتى أنا متأكدة فالأميرة اوزجي ستصدر فرمانا أن ممنوع الاقتراب منه لأنه خاصتها فقط.
علت الضحكات وصدحت في المكان وتوزعت علامات الرضا على الكل،نعم صنعا بذلك الخبر الراحة والأمل والفرح للجميع وتمكنا من لمس الجانب الرحيم لكل فرد من أفراد القصر .
اجتمع العائلة وتناولت غداءها معا والكل يريد أن يدلل ريحان ويعرف ما تشتهي كي يصنع لها بينما عيون حكمت على عائلته يطالعها فردا فردا،كيف كانت هذه العائلة وكيف أصبحت وكيف كان أمير وكيف هو الآن فتنهد حينها براحة ثم شكر خالقه على نعمة السرورو التي رزقهم وأن يحفظ له أولاده وأحفاده وتلك اللمة التي تشفي العلل.
طال حديثهم رغم انتهاء الطعام لكنهم بقوا مكانهم جالسين يتسامرون حتى حضرت القهوة وبجانبها كأس من العصير لريحان
ثم انهوا حديثهم وقهوتهم ليتجه كل فرد إلى وجهته بينما تحرك أمير وريحان نحو غرفتهم.
تحركت بجانبه ويدها بيده مبتسمة ومع كل نفس تخرجه تستشعر عوض رب العالمين وهنا أتت على خاطرها قوله عز وجل:"
وها هو عوض رب العالمين يحفها فاستشعرته بكل مشاعرها وجوارحها،حينها فقط عرفت معنى أن تصبر وتنتظر فحين يأتيك العوض منه عز وجل سيدهشك بالطريقة التي لم تتوقع يوما ويرضيك بالطريقة التي لم تتذوق يوما.
ضم أصابعه بين أصابعها وقبلها برفق ثم أردف قائلا:
أنت أتيت وجلبت الألوان معك حقا لا أعرف كيف أكافئك على السعادة التي رسمتها على وجه عائلتي.
دلفا غرفتهما أخيرا فسارعت ريحان نحو سريرها واستلقت هناك لتستريح فبقى مكانه يتأملها سعيدا ثم انسحب نحو الحمام ليأخذ حماما دافئا يريح به جسده.
في الغرفة الأخرى جلست جافيدان على حافة السرير تفكر بالذي سمعت فزفرت بحنق لتردد:
ما كنت أريده أن يكون من تلك القروية ما كنت أريد،كيف ستربي حفيدي؟
ربما بجهلها وقلة ثقافتها والآخر حكمت سعادته لا يعطيها لأحد.وأنا مثل الغبية مضطرة أن أصطنع الضحكة لكن لا بأس بالنهاية هو حفيدي أنا ولي حق فيه فاليأتي بخير وسأعرف كيف أربيه مثل والده ويصبح فردا راقيا في المجتمع لا أن يشبه أمه تلك.
قاطع همسها مع نفسها دخول حكمت الغرفة ليحادثها فور أن دخل:
جافيدان مع من تتحدثين؟
فزعت قليلا لكن ابتسمت سريعا لتردف قائلة:
حكمت! لم أحس لدخولك كنت أتحدث مع نفسي.
ابتسم وأمسك بيدها يضمها ليردف بحب:
بالتأكيد تتحدثين عن حفيدك هذا كله من فرحتك.
ردت هي:
صحيح أصلا من الآن وصاعدا لا حديث لنا غير الحفيد صدقني الفرحة لا تسعني،صحيح لدي أوزجي نور عيني لكن أنت تعرف هذا يفرق.
رد مبتسما:
أنت قلتها هذا يفرق لأنه من صلبنا شعور مختلف وجميل جدا خالج قلبي حين زفوا لنا الخبر،الحمد لله أن هذا اليوم أتى ورأيت عائلتي سعيدة بخبر كهذا.
جافيدان بخفوت:
الحمد لله على كل شيء.
حكمت بفرح:
سيأخذ مكانة أبيه
ردت جافيدان:
لا عزيزي هذا أنت إنما أنا فلا أحد مهما كان يأخذ مكانة بكري في قلبي يستحيل.
رد مازحا:
سنرى حين يلد جافيدان خانم وسأذكرك بهذا اليوم.
ردت ضاحكة:
اتفقنا حكمت بيك حين يأتي ذلك اليوم ذكرني.
أكملا حديثهما وتأملهما في المستقبل الجميل الذي سيجمعهما مع أحفادهما كما كانا يخططان ويحلمان قبل سنين طوال.

مر وقت بعد ذلك وحل الليل على المدينة.
كانت الجميلة تقف عند مرآتها تمشط شعرها بعد أن غيرت ثيابها وفتحت ظفيرتها كعادتها،حلتها بسيطة لكنها فاتنة تحرك ذلك المشط تداعب به خصلات شعرها لا تمشطها فقط فتبتسم مع كل حركة وتتذكر هديتها وعشق حصانها الأصيل،ليأتيها من الخلف ويقف عند ظهرها ثم لفها إليه برفق وأمسك يديها وضمهما ليديه بحب ثم طالعها لحظات يتأمل ملامحها فأومأت برأسها مستفهمة ليردف قائلا:
حبيبتي ومحور كوني كله وأجمل نساء الكون أنت ستكونين أجمل أم في الدنيا كلها،صدقيني وأرجو أن اعذريني أيضا لحد هذه اللحظة لا أستوعب هذه الحقيقة وأنني سأصبح أبا بعد فترة
ابتسمت ريحان وضمت ذراعيه التي تضمها لتردف بحب:
صدق أمير ستصبح كذلك وأجمل أب في الكون أيضا محظوظ ابننا ىك.
ابتسم وتحدث قائلا:
ما رأيك حبيبتي أنجعلها تنام بيننا هنا؟
لا لا فكرة غير صائبة أنا لا أستطيع أن أبعدك عن صدري ليلا اعتبربني لم أقل شيء ها.
ردت ريحان ضاحكة:
لا والله هكذا طمئنتي فعلا وأنا التي كنت أفكر أنه حين يأتي ستخرجني خارج الغرفة وتنفرد به وتناما معا أو تنفرد بها لا يهم المهم لوحدكما.
ابتسم أمير بمكر واقترب من رقبتها ليهمس:
ماذا هل تغارين؟
تهربت منه لتميل رأسها قائلة:
أنا أغار؟ اطلاقا
ابتسم أمير وهمس:
لكنها ستنافسك في عشقي لك.
ابتسمت وردت:
مهما حاولت هذا القلب ملكي فقط أمير تارهون.
ابتسم بحب ثم وضع يده على بطنها ليقول:
ماما لا تغار من أي امرأة في الكون وتغار منك بابا.
ردت ريحان تنظر لموضع يده:
حبيبي لا تستمع لوالدك قلة النوم جعلته يهذي.
رد أمير هامسا:
طفلتي قولي لماما بأن بابا مشتاق إلى حضنها.
ريحان بهمس:
ماما حبيبي قل للبابا بأن ماما تشعر بنعاس شديد وأخبره بأن ابتسامته هذه تثير عصبيتي،وأخبره كذلك بأن صوته يدوي برأسي كصوت السكسافون القوي اتفقنا ماما؟
ضحك أمير فقد أعجبه الحوار ليردف:
أخبري ماما بأنه مهما حاولت لن تهرب مني وأنني سأسهر أحادثها بصوتي الذي لا يزعجها طوال الليل اتفقنا بابا؟
حديث ليله حديث كل كلمة مما كان يقولان كان يلامسان بها السعادة بالأخص هو يود لو يدخلها بين أضلعه ليعبر لها عن مدى امتنانه لأنه سيصبح أبا.
حدثت نفسها قائلة:
فكري فكري
ثم نظرت اليه وعبست فجأة لتردف:لحظة
رد أمير:
خيرا يارب
ريحان بتذمر:
تذكرت لم قلت عني صباحا كسولة؟
أمير مستفهما:
متى؟
ريحان بنبرة غضب:
حين كنا بالسيارة.
سكت قليلا يفكر ثم أردف:
لا أتذكر
انفجرت به غاضبة:
تكذبني أيضا لا إلا هذه أنا لن أقبل بإهانة كهذه أبدا أمير تارهون.
أمير مذبهلا:
بسم الله الرحمن الرحيم
ريحان بتذمر:
ماذا هل ترى عفريتا امامك؟ قلها قلها انا عفريت قلها.
أمير بخفوت:
سلام قولا من رب رحيم.
ردت ريحان:
هكذا إذا،حسنا سأنام ولن أحدثك ثانية ومن دون تصبح على خير
رد أمير:
انتظري مابك؟
ردت غاضبة:
سأنام غضبت
طالعها أمير مذبهلا ثم حادث نفسه قائلا:
يا إلهي يبدو أن تقلبات هذا الحمل ستقع فوق رأسي ويجب أن أتحمل ودون اعتراض أيضا وإلا ستطردني من الغرفة كليا
طالعته ريحان تحاول امساك ضحكتها لتردف:
ماذا تتمتم؟ اسمعك.
رد أمير سريعا:
لا شيء يا قطة تصبحين على خير يا متقلبة المزاج
نظرت اليه بغضب لتقول:
ما قصدك؟
رد أمير يلوح بيديه:
أمان يا الله أمان لا أقصد شيء لا أقصد شيء.
ابتسمت برضا وتنهدت براحة ثم اعتدلت في مكانها بهدوء وكأن شيء لم يكن ليبق هو واقفا مكانه ينظر إليها لا يزال مذبهلا كيف انقلب مزاجها في ثوان لينسحب بعد قليل ويندس بمكانه وينام بعد دقائق فقط كما فعلت هي.

مرت أيام بعدها.
توجهت ريحان إلى العيادة برفقة أمير  لتفقد حالة الجنين ووضعها أيضا بعد أن جهزت كل الفحوصات اللازمة التي طلبتها منها الدكتورة بالمشفى.
أنهت الدكتورة فحصها ثم توجهت لمكتبها لتقوم ريحان باللحاق بها وأمير هناك ينتظر.
تبين أن كل شيء يسري على مايرام وأن حملها بمكانه وبصحة جيدة على أن تبقى ملتزمة بتعليمات التغذية والحركة فقط.
كان أمير يسأل والدكتورة تجيب بينما ريحان تنظر إليه صامتة فهو لم يترك لها مجالا لتسأل عن شيء فقد سأل الدكتورة عن كل تفاصيل الحمل الكبير منها والصغير.
انهوا الموعد وهموا بالخروج من العيادة وما إن وصلوا الرواق حتى أتت شابة باتجاه العيادة مسرعة لتضرب كتف ريحان فجأة دون قصد حتى كادت تقع.
التفتت سريعا لتقول:
آسفة لم انتبه.
رد أمير بنبرة حادة:
على مهلك يا آنسة.
نظرت إليه ريحان برجاء ثم نظرت للشابة لتردف:
لا باس يا آنسة لم يحصل شيء ثم رفعت رأسها لتتلاقا الأعين بالأعين بينما أمير فقد اتسعت عيونه حين تأمل جيدا ملامح تلك الفتاة أمامه.
نظرت الأخرى لريحان لحظات دهشة لتتحدث أخيرا بخفوت قائلة:
تالا؟
اتسعت عيون ريحان أكثر موجهة صوب الفتاة التي تقف أمامها فأقل ما يقال عنها أنها نسخة منها،اطبقت نظرها بها مدة دون حديث فقط اكتفت بالنظر إلى ملامح الأخرى التي أخذت من تفاصيل وجهها هي الكثير والكثير.
تقدمت الشابة قليلا وهي مندهشة لتعيد ثانية:
تالا؟
نظر إليها كل من ريحان وأمير باستفهام لتجيب ريحان:
تالا من؟ أنت مخطئة يا آنسة.
اقتربت الفتاة من ريحان لتقول بحماس:
آسفة اشتبهت بك فقط.
ابتسمت ريحان وردت:
لم يحدث شيء لم تعتذرين؟
مدت الشابة يدها حينها لتردف:
تالين داوود أوغلو تشرفت بك
كانت الكلمات كالكهرباء التي ضربت أمير أصابته برعشة في كامل جسده فذلك اللقب هو لقب كمال نفسه ويستحيل أن تكون صدفة.
مدت ريحان يدها لتقول:
وأنا ريحان تارهون وهذا زوجي أمير تارهون.
ابتسمت تالين لترد:
تشرفت بك حقا.
نظرت ريحان إليها مستفهمة لترد:
الشرف لي آنسة.
مدت يدها ثانية نحو أمير ليبادلها المصافحة هو أيضا لكن علامات الصدمة متملكة ملامح وجهه.
تالين بفرح:
الدكتورة صديقتي أهي دكتورتك؟
بينما أمير فقط واقف ينظر بصمت
ردت ريحان:
نعم هي دكتورتي.
أردفت تالين قائلة:
إنها من أحسن دكاترة اسطنبول
ابتسمت ريحان وردت:
شكرا لنصيحتك.
ناظرها أمير لحظات يفكر فيما قد تكون تجمعها قرابة بكمال ثم تحدث على عجل:
عن إذنك يا آنسة هيا حبيبتي تأخرنا
ودعتها ريحان ثم تحركوا من موضعهم متجهين للخارج سريعا لتردف مستفهمة:
مابك أمير لم انفعلت فجأة؟
رد أمير:
لم أنفعل حبيبتي شيء فقط تأخرنا وعندي عمل.
ردت ريحان:
طلبت منك أن لا تاتي معي وأن تنصرف لعملك لكنك أبيت
رد أمير:
بالتأكيد لن أفوت معاينة حمل واحدة لزوجتي وسأحضرها كلها.
ابتسمت ريحان لترد:
حسنا وليكن لكن ألم تلاحظ الشبه الذي بيننا أمير؟
سكت عن الحديث مباشرة ووبقي يطالعها بصمت لحظات يفكر بتلك التي أيقن أنها شقيقتها ثم أخرج زفرة قوية من صدره قوة الحقيقة التي تأكله وخاطب نفسه ليقول:
آه آه إلى متى أمير ألم يحن الوقت لتتشجع وتتحدث؟
إلى متى ستتلقى الصدمات يوم رسالة ويوم شقيقها ويوم أختها؟أفكر في أن اهربك بك للبعيد وهكذا نرتاح من كل الخطر الذي حولنا،تعبت من هذه الأفكار التي تؤرقني وتخنقني.
فصلته عن شروده قائلة:
حبيبي أين شردت؟
رد أمير:
معك معك فعلا سبحان من خلق لكل انسان أربعين شبها تشبهك كثيرا لكنك أجمل طبعا.
ابتسمت بتمايل وردت:
فس عيون حبيبي لكن لم شردت؟
ابتسم أمير قائلا:
لا اعرف فجأة شردت بحملك ومراحله الجميلة أكاد لا لصدق
ريحان ضاحكة:
بالنسبة لك مراحل جميلة أما بالنسبة لي فهي رحلة وهن أعانني الله عليها فقط.
رد أمير:
إن شاء الله ولعلمك لن أفوت أي تفصيل ليكن حتى لو تذمرت.
ابتسمت وأردفت:
إذا أمامك الكثير والكثير
رد أمير:
وليكن سأعيش معك كل شيء من حملك كل لحظة وكل تفصيل ولن أمل وهكذا لكل حمل سأفعل نفس الشيء.
ريحان على عجل:
على مهلك يأتي هذا على خير أولا ونفكر إن كنا سنحمل مرة أخرى
أمير متذمرا:
لكن أنا قلت ستة
ريحان بتذمر:
لن أرد أحسن شيء سأفعله الصمت
رد أمير:
لا مجال للهرب من الرقم ستة ها
طالعته بعيون متسعة غاضبة فرفع يديه معلنا استسلامه والتزم الصمت بعدها.
أركبها السيارة وانطلق بها ليتحدث حينها قائلا:
سأوصلك للقصر ثم اتجه للشركة كنت اشتهي تناول فنجان قهوة معك بمكان لكن لدي أعمال مكثفة.
ردت ريحان:
لنؤجلها لغير يوم حبيبي لا بأس أنت اهتم بعملك فقك ثم ابتسمت بوجهه.
رد أمير:
تعوض إن شاء الله ونخرج لتناول العشاء معا اتفقنا؟
أومأت بالقبول ليطالع بعدها الطريق ويكمل القيادة يفكر في تلك التي التقوها أما ريحان فقد نسيتها بالأصل.

تقدموا مدة بالطريق اكتفوا وقتها بالإستماع للموسيقى وقد كان شاردا اغلب الوقت،هو يدرك أن من التقوها هي شقيقتها وللحظة احس بالسرورو ليحدث نفسه قائلا:
لديها أخت وتشبهها أيضا كم هذا جميل،أنت لست وحيدة حبيبتي لديك عائلة جميلة ولو أنه فقط رفع مستوى صوته قليلا وأخرجه للعلن لتحدث بكل ما يعرفه أمامها واراح نفسه من ذلك الألم،لكنه
كعادته ما استطاع تقبل فكرة انه يمكن أن يخسرها.
تلك الحقيقة تركته قابعا بزاوية من الظلام مكبلا بالأصفاد لا أحد ينظر إليه أو يحس به وحيدا يطلب النجدة لكن الكل هجروه وتركوه.
كانت هي منتبهة لحالة شروده وذهابه للبعيد عنها وقد أحست بأن هناك شيء قد حدث لا محالة لكنها أبت أن  تسأله واكتفت بالنظر إليه حينا ومراقبة الطريق والاستمتاع بالموسيقى حينا آخر.
بعد مدة من الزمن تحدث هو قائلا:
أقول عشق
التفتت إليه لتقول:
ماذا أمير؟
رد أمير:
أنت تهملينني ها يعني حتى نظراتك ولمعة عيونك التي كنت آخذ نفسي منها وتحرمينني منها
زفرت بحنق لترد:
لا تتدلل أمير أنا أهمل نفسي أصلا وليس انت فقط.
رد أمير متذمرا:
سبحان الله لديك الحجج دائما
ريحان بغضب:
ماذا تقصد أنا افتعل المشاكل؟ قلها قلها
رد أمير:
لا اريد ان نتشاجر ولم اقل شيء اريد عشق الهادئة أين اختفت فجاة؟
زفرت بغضب وتأففت لتردف:
أصلا كله بسببك كله بسببك لو لم ثم هربت ببصرها منه خجلة
ابتسم أمير بمكر ليردف:
اكملي أنا ماذا؟
ردت ريحان خجلة:
لم اقل شيء ولا تنظر هكذا أمير انت مستفز
رد أمير:
أصبحت مثل الكهرباء كل ما لامستك تصعقينني مابك لم كل هذه العصبية؟
هذا سيء على الجنين أيضا.
ردت غاضبة:يكفي أميري وقد السيارة وأنت صامت لا أريد سماع شيء منك رجاء لا تتلفظ بحرف حتى نصل إن لم تكن مستغنيا عن روحك طبعا
رد أمير:
اللهم اني لا اسالك رد القضاء يبدو أن هرمونات الحمل وجنونها سيأتي على راسي ساعدني يالله ثم ولتقتليني بيديك يا حلوة هل يوجد أجمل من أن أموت على يديك؟
ريحان ضاحكة:
يعني اتحمل كل شيء لوحدي وانت مستمتع لا والله يجب أن أذيقك ولو قليلا
ابتسم أمير ليردف:
عشق لطفا حبيبتي دعينا نستمتع بالموسيقى فقط حتى الوصول للقصر لطفا يعني بدون شجار وهرموناتك المتقلبة كل حين
ريحان بتذمر:
أحسن فكرة صائبة.
ولربما عاش مراحل كثيرة ومختلفة وجرب كل شيء لكن جنون حملها ووحامها لم يجربه قبلا فقد أحيا داخله شعورا مختلفا لم يتذوق حلاوته قبلا كيف لا وهو كلما طالع عيونها فرح والآن سيرزق نسخة أخرى من تلك العيون لتتضاعف حلاوة كل شيء يعيشه بقربها.

أوصلها للقصر لتنزل هي من السيارة متوجهة إلى الداخل على عجل دون أن تعقب لكنه أوقفها مناديا إياها قائلا:
حبيبتي انتظري لحظة.
التفتت إليه لتقول بتذمر:
ماذا أيضا أمير ألم تقل إنك مستعجل؟

ابتسم بجب ثم اقترب منها قليلا وأخذ يداعب خصلات شعرها وهي بمكانها لم تبد أي ردة فعل فقط تنظر إليه تنتظر ماذا سيفعل بعد اللعب بخصلات شعرها تلك،ثم اقترب وهو يضع يده على رقبتها يتحسسها برفق أصابتها برعشة طفيفة في كامل جسدها ليقوم بتقبيل وجنتها بعمق.
نظرت إليه مبتسمة لكن دون حديث بينما هو فقد تأملها برهة ثم تنفس براحة مردفا:
اغضبي كما شئت وجني كما ترغبين أتعبيني  وانفجري بي هذا أقل شيء يمكنني تحمله مما تعيشينه وتتحملينه أنت من تعب وارهاق أثناء فترة حملك.
ابتسمت أكثر وارتاح داخلها وهدأت لتقول بخفوت:
إذا إن صعقتك يوما بالكهرباء حقا لا تلمني ها انت قلتها ستتحمل كل شيء
ضحك مقهقها ليرد:
ليس لهذه الدرجة لا تبالغي أيضا لا تجعليها حجة فلربما قتلت على يديك
ريحان بتذمر:
انظر عدت بكلامك عدت ثم ألم تقل لي الشرف الموت على يديك أم أنك خفت؟
رد أمير:
ياصبر الصابرين عيب عشق إلا هذه لا أقبلها على نفسي لست أنا من يعود في كلمته.
أشرقت بضحكتها في وجهه قائلة:
حسنا أمير تارهون اذهب لعملك وأنا سأدخل،وفقك الله لما يجب ويرضى وسدد خطاك ورزقك من حيث لا تحتسب.
تحرك من أمامها وشعور السكينة يحتل قلبه وفؤاده فبدعائها ذاك تفتح له سبلا للخير لم يطأها بعد وتوفر له طاقة تكفيه يومه ليعود كل مساء إليها مشتاقا بلهفة كيف ولا و الحب دعاء فإن كنت تريد أن تعبر عن حبك ادع لمن تحب بالخير فيعود عليه وعليك.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي