الفصل الرابع والعشرون
لكل حكايه بدايه وهنا بداية تحوُل علاقة بيسان وحاتم من شفهي لعملي بعدما تُوِّجت بالزواج، أحسوا بمشاعرهم المكبوته لسنوات بين أضلعهم لابد بأن يطلقونها في هذه الليله عندما اخفضوا الاضاءه ونزع عن جسدها ردائها الأبيض ليظهر أمامه جسدها الممشوق الخمري، كاد ان يفقد عقله من جمالها الخلاب، ارتمي بين نهديها ليستنشق منها أطيب رائحه كالمسك، وهو يضغط بأصابعه وكفيه على خصرها بينما هي مغمضة العينين خجلاً وكان جسدها ينتفض كليا؛
رفع حاتم رأسه ليقترب من شفتاها وهو يرتجف من النشوه والعشق، حينما اقتربت شفتاهم من بعضهما ذاب كل منهما وهو متجمد الجسد، مد حاتم يده وسحب الغطاء فوقهم حتى اختبئُو لرأسهم أسفله،
بدأ يقبلها بهدوء لثواني فزادت نشوته واعترقت اجسادهم فإلتهموا فم بعضهما بحب وعشق وبدأ يعاشرها جسنيا برفق وحنان لأنها كانت تتألم وتضغط بأظافرها على ظهره، اردفت بيسان اليه هامسةً
-بالرَّاحه ياحبيبي، حاسه بألم رهيب،..
قاطعها حاتم وهو يتلعثم بإضطراب وهو يرفع جسده عنها لتلتقط أنفاسها
-آسف ياعمري، حقك عليا ماهو انا بصراحه ماصدقت انك في حضني، اشتياق السنين واحلام كتيره حلمتها معاكي ونفسي احققها، حاسس ان قلبي هيقف من السعاده، بس حاضر هتحرك معك بهدوء بس إنتي ساعديني.
استغرقت هذه اللحظات الرومانسيه لساعة كاملةٍ أو أكثر لحين اخترق حاتم غشاء البكاره تبع بيسان، شهقوا بحراره في آن واحد استمتاعا، ثم اخرج حاتم من داخلها برفق وأمال بجسده جانبها واستلقي على صدرها مغمض العينين وهو يلتف ساعده حول خصرها، بينما كانت بيسان تتألم وتأن دون أن تصدر صوتا كي لا تقلق حاتم، اغمضوا أعينهم وغرقوا في النعاس لليوم التالي.
في هذه الأثناء كانت تواظب لمياء على الحضور في الجامعه، ففي يوم من الأيام كانت تجلس في كافتيريا الجامعه ترتشف فنجانها الشاي كعادتها مؤخراً مع صديقاتها، كانت تلتفت يمينا ويسارا حولها ترمق المحيطين بها بعفويه فوقعت عيناها على ذاك الشاب الذي كان يختلس النظر إليها في الماضي،
في هذه اللحظه أيضا تارة ينظر إليها وتاره أخرى يدعي انه يتحدث مع أصدقائه، إبتسمت لمياء من تصرفاته الطفوليه ثم أشاحت بنظرها بعيدا عنه عندما ربتت إحدى صديقاتها على يدها وهي تقول ضاحكه
-هاي.. ايه يابنتي سرحتي في ايه! سيباني اتكلم مع نفسي ومش بتردي عليا، ال واخد عقلك يالولو
انتفضت لمياء وهي تنظر إليها همهمت
-مش سرحانه ولا حاجه يابنتي، أنا معاكي أهو كنتي بتقولي ايه بقى؟
أطلقت صديقتها ضحكتها وهي تلملم أغراضها من فوق الطاوله كي تهم بالنهوض
-لاااا دانتي مش معانا خالص، انا خلاص شربت قهوتي وراجعه الفصل حد فيكو جاي ولا اسبقكوا أنا؟
نهض الجميع ليذهبوا سويا بينما ظلت لمياء جالسه بمفردها، شرعت رأسها لهن قائله وهي تتمتم
-اسبقوني انتو، أنا شويه كده وهحصلكوا، هعمل كم تليفون كده ولسه كمان فنجان الشاي تبعي ماخلصش
لوت صديقتها شفتاها وهي ترمقها بخبث واجابتها ساخره
-ربنا يكثر من تليفوناتك يادكتوره لمياء.
أَقْبَلَتْ هَامَة صديقتها وَأَدْبَرَتْ جَبْهَتُهُا عندما تصرفت معهم بلامبلاه، ثم إتكأت على مقعدها وهي تدعي بإنها تلهو بهاتفها بينما هي في الأصل تختلس النظر الى ذاك الشاب بين الحين والآخر، شعرت لمياء بأحاسيس جديده على قلبها لم تشعر بها من قبل، إندهشت من نفسها، تحدثت بينها وبين نفسها دون أن تصدر صوتا
-إيه ال انا بعمله في نفسي ده! راحت فين البنت الجامده ال كانت مابتصدقش ان في حاجه أصلا اسمها حب وان كل الشباب مستهترين!!
هزت رأسها ثم زفرت أنفاسها لتطرد شيطانها عن أكتافها، رمقته لآخر مره فتفاجأت به يترك أصدقائه ويتجه نحوها، إرتبكت لمياء وقامت عن مقعدها على الفور وغادرت المكان دون أن تنظر ورائها، شعرت بأن المحيطين بها ينظروا إليها فأحست بالخزي، تمتمت وهي في طريقها الي الفصل بصوت هادئ
-الكافتيريا دي انا ماعنتش هنزلها تاني خلاص، ولازم انتبه اكثر لمذاكرتي لان ماعادش ليا غير سنه وأخلص ولازم اجيب امتياز ان شاء الله.
مرَّت أيامها بسلاسه على ذلك وكانت تتواصل مع بيسان لتطمئن عليها بعد الزواج، ففي يوم من الايام كانت تتساير معها عبر الواتساب، في منتصف الحديث تفاجأت ببيسان تقص لها مايدور بينها وبين حاتم دون الغوص في المعاشره الجنسيه، وترسل إليها بعض الصور لها بملابسها الداخليه وهي تشير إليها بإنها ترتدي مثل هذا كثيرا لحاتم، شعرت لمياء بالخجل والتوتر والذهول أيضاً ثم شهقت إليها متسائله
-هو الجواز كله كده يابيسان حب ودلع و...
ارسلت لها بيسان وجوه مبتسمه كثيره ثم أجابتها بطلاقه
-آه ياقلب بيسان الجواز ده طلع حلو اوي يابت، غرقانه في العسل انا والله، عقبالك بقى ياارب، نفسي اشوفك بفستان فرح قريب، ربنا يرزقك بإبن الحلال اللي يصونك ويدلعك ويعشقك زي حاتم جوزي كده ما بيعشقني، مش عارف يعمل ايه ولا ايه عشان يرضيني ويسعدني، ربنا مايحرمني منه ويفضل كده علطول.
أمنت لمياء على دعائها ثم ردّت عليها
-فاكره الشاب ال كنت كلمتك عنه من ثلاث سنين، ال قولتلك انه بيقعد يبصلي كتير كل ما يشوفني ده؟
أجابتها بيسان مسرعه
-آه طبعا فاكراه، انتي اصلا ماحكتيش ليا غير عنه هو بس، ماله بقى؟ اوعي يابت يكون دايقك ولا حاجه، آه.. انتي وراكي رجاله
إبتسمت لمياء واجابتها
-اهدي يابوسي مفيش حاجه من الكلام ده، بس لساته لحد النهارده كل مايشوفني يقعد يبصلي كتير، ده انا حتى مش عارفه إذا كان عارف اسمي ولا لأ، الغريب بقى ان انا كمان ابتديت ادور عليه كل يوم بين الطلبه، ولما بشوفه بلاقي نفسي ببادله نفس النظرات.
تنهدت بيسان ثم اردفت إليها
-طيب يالولو الأمر ده طبيعي ياحبيبتي وانتي مابقتيش صغيره، مش عايزاكي تزعلي من نفسك ولا تحسي انك بتعملي حاجه غلط، احنا في النهايه بشر ولينا قلب لازم نحب ونعشق، وبعدين ده بيدرس معاكي في نفس الجامعه يعني اكيد حد محترم وعلى خلق، لو هو حد مش كويس كان أتعرض ليكي من يومها وحاول يتواصل معاكي، بس من الواضح انه بيتكسف شبهك بالظبط، او مستني منك إشاره عشان يبادر بالكلام معاكي، ال انا عايزاكي تفهميه، انه كفايه لحد كده قافله قلبك ومش سامحه لأي حد يدخل جواه، حبي وإعشقي وعيشي زي باقي البنات ماعايشه.
إنشرح قلب لمياء لسماع هذا الحديث من صديقتها، لانت بعض الشيئ، أغمضت أعينها متنهده ثم أجابتها متردده
-هحاول اسمع كلامك واعمل ده، بس لو لقيت اني مش مرتاحه هفصل اوام لأنك عارفاني وعارفه إني مش بحب الغلط.
سمعت بيسان حاتم ينادي عليها من الخارج فارسلت للمياء رساله اخيره مسرعةً
-أنا متأكده ان لولو مش ممكن تتصرف اي تصرف خطأ، ابقى طمنيني بقى مستنيه البشري منك، هقفل واقوم انا عشان حاتم بينادي عليا، في رعاية الله ياقلب أختك.
أغلقت لمياء هاتفها وإتكأت على فراشها ناظرة للأعلى شارده في ملامح ذاك الشاب، جال في خاطرها ان تفتح جهازها الحاسوبي وتولج الي جروب الجامعه على الفيس بوك لتبحث عنه بالصوره لأنها لا تعرف إسمه، ظلَّت تنظر في وجوه الجميع لحين وصلت إلى صورته بالشبه، قرأت إسمه عَمر فابتسمت لحلاوة إسمه وتحققت من ملامحه قرأت أنه وديع جدا، بحثت له عن بعض الجُمل التي يشارك أصدقائه بها، تفاجأت به على قدر كبير من التدين والثقافه والإحترام، أطلقت صورته أمامها على الشاشه وظلت ترمقه وتدقق فيه فشعرت بإحساس جديد عليها في قلبها، خرجت من شرودها عندما ولجت إليها والدتها مروه فأغلقت الحاسوب على الفور واعتدلت في جلستها والتفتت الي والدتها بابتسامه هادئه
-خير ياماما في حاجه؟
حينها استدارت مروه واحتضنت لمياء بقوة من الخلف وعيناها تترقرق بالدموع، فاحنت لمياء رأسها وقبلت يد والدتها وقالت
-حبيبتي ياماما دموعك غالية ومفروض متنزلش، هو في حاجه حصلت زعلتك؟!
ربتت مروه على كتف لمياء وأردفت
- لا ياقلب ماما دي دموع الفرح، قومي تعالي نقعد في الصاله عايزاكي في موضوع مهم انا وباباكي.
ما أن غادرتها مروه لتسبقها الي الخارج، حتى سارعت لمياء بسحب هاتفها وفتحته لتجد العديد من الرسائل تخبرها باتصال بيسان بها عدة مرات، ازدردت لعابها بقلق وأعادت الاتصال بها، وأجابتها بيسان بعد الرنة الثانية، وأدفعت تحدثها بصوت متحشرج قائلةً
-انتي فين يابنتي بقالي ساعه برنلك، المهم اسمعيني حد من باباكي ومامتك اتكلموا معاكي في حاجه؟
تلعثمت لمياء وإندهشت من سؤال بيسان المفاجئ في هذا التوقيت لانه قبل قليل طلبت منها مروه التحدث في أمر هام، فأجابتها مسرعةً
-وانتي عرفتي منين! دي ماما لس...
قاطعتها بيسان زافرة
-طيب إسمعي بابا كان بيكلمني من شويه عشان يطمن عليا وكده، جات سيرتك فلقيته بيقول ان في عريس ابن واحد زميلهم عايز يتقدم ليكي ويتجوزك
صعقت لمياء من هول الخبر، ظلت تدور في الغرفه والهاتف على أذنها لم تعرف ماذا تجيبها فوضعت أظافرها بين انيابها تقرض فيهم جاحظه عيناها، بينما كانت تتحدث معها بيسان وهي لم تصغي لها ففزعت عندما رفعت صوتها
-ألو، انتي يابنتي روحتي فين؟ سمعتي ال انا قولتهولك ولا انتي مش معايا؟
إحتقن وجه لمياء إحمرارا واجابتها بغضب
-سمعتك آه، إقفلي انتي الوقتي يلا وهبقي أكلمك بعدين.
ألقت الهاتف من يدها على الفراش ثم أعادت شعرها الي الخلف والتقطت أنفاسها ثم خرجت من الغرفه وجلست بجانب والدتها، مدعيه أنها لاتعرف شيئا فجذبها محمد ليضمها إليه هو الأخر وهتف بصوتٍ مهتز
-ربنا يبارك لي فيكي يالولو، أنتي عزوتي وسندي وتاج رأسي كمان
ربتت مروه على كتف ابنتها، وأشارت إلى محمد برأسها، فزفر محمد وقال
-بصي ياحبيبتي انا عارف ان لسالك سنه وتخلصي جامعتك، وعارف كمان انك مش عايزه اي حاجه تشغلك عن مذاكرتك، بس ال انا متأكد منه أن لمياء حبيبتي هتوصل لهدفها وترفع راس أبوها، بس في موضوع مهم كنت عايز آخد رأيك فيه، ومش عايزك تردي عليا الوقتي، خدي وقتك في التفكير وبعدين قوليلي قرارك.
أردفت لمياء بصوت متخاذل
-قلقتني يابابا، ممكن تدخل في الموضوع علطول لو سمح...
قاطعتها مروه في الحديث وهي تتجه صوبها وأردفت
-من الآخر كده جايلك عريس، إل عرفناه عنه انه متطوع في الجيش ووالده زميل باباكي في الشغل
حكَّت لمياء يداها ببعضهما وهي تطلع إلى والداها بدهشه وقالَت
- أنا عايزه أفهم حاجه هو حد قالكوا اني بفكر في الجواز او الإرتباط حتى الوقتي قبل ما أخلص جامعتي!؟ وبعدين انا مش لسالي سنه يابابا، لسه سنتين إمتياز بعد السنه ال حضرتك قلت عليها، يعني لسه بدري جدا عبال ما افكر في الموضوع ده ولا انتو زهقتوا وعايزين تخلصوا مني!
ابتسم محمد فخرا بإبنته وعقلها المتزن وأجابها
-ياحبيبتي محدش قال كده، ربنا ال عالم حالتنا هتكون ازاي بعد ماتسبينا، بس دي سُنَّة الحياه ولابد منها، بس برده ماقولناش هتجوزي الصبح، عرضنا عليكي فكره وياتقبليها ياترفضيها، بس أنا رأيي انك تشوفيه وتقعدي معاه ولو لمره واحده، مش هتخسري حاجه، بعد كدا قولي رأيك.
انهى محمد حديثه، وأشار لمروه بتكملة الحديث هي بصفتها والدتها والأقرب إليها كسيده مثلها، جذبتها مروه وتوجها صوب الغرفه، وما أن ولجوا إلى داخلها حتى لاحظت بأن لمياء قد اشتاطت غضبا وهي تلتفت إلى مروه ترمقها بسخط واجابتها ساخره وهي تترقب ملامحها
-طالما ده رأيكوا ياماما مفيش داعي تقولي حاجه زياده عن ال بابا قاله؛ هعمل ليكوا ال يريحكوا، معنديش مشكله أشوفه، ياريت تبلغي بابا انه يقولهم يجوا يشرفونا بالزياره يوم الجمعه لاني مشغوله طوال الأسبوع.
إنشرح صدر مروه للغايه عند سماعها الرد التي كانت ترتقبه، أومأت إليها وهي تواري سعادتها وخرجت الي محمد مهروله وتبعتها لمياء، رأوه شاردا بعقله يُفكر بأمر إبنته، التي أصبحت طبيبه، فحدقوا به بتمعن ليلاحظوا مراقبته للهاتف بين كل ثانية وأخرى، فابتسمت مروه وبادرت بالحديث
-إل واخد عقلك يتهنابوا يا ابو العروسه، وايه ال في التليفون مخليك قاعد مركز ومش حاسس بينا خالص كده؟!
إحمرَّ وجه محمد وتطلع إلى مروه ولمياء ليراههم يحدقوا بشاشة هاتفه، ثم رفع محمد رأسه مرةً أخرى وأجابهم بصوت هادئ
-بتفرج على صور لمياء حبيبتي في سنينها الماضيه، بشوف قد ايه كانت بريئه وقلبوظه، وقد ايه مرت علينا السنين بسرعة البرق ماحسيتش بيها وهي بتكبر قدام عيني يوم عن يوم، لحد ماصارت دكتوره ماشاء الله عليها، انتو ايه ال رجعكوا بسرعه كده دانتوا لسه داخلين الأوضة مابقالكوش خمس دقائق؟!
انفجرت مروه ضاحكةً وهي تحدق بملامح لمياء الساخطة وأردفت
-ماهو انا كنت لسه هقعد واتكلم، لكن بنتنا حبيبتنا لخصت الأمر ووافقت تقعد مع العريس، انت بقى يابطل ترد عليهم بكره وانت في الشغل وتقولهم يشرفونا بالزياره يوم الجمعه الجايه دي علطول.
أطرق محمد برأسه لدقيقة يحاول فهم مغزى كلماتها لانه قرأ في عيون ابنته الرفض قبل دقائق، لتتسع عيناه ما أن فطن إلى ما ترمي اليه لمياء، فاقترب منها ورفع سبابته محذرًا إياها وقال
-إوعاكي تكوني ناويه تحرجينا قدام الناس يالمياء، انا لسه قايلك من شويه خدي وقتك في التفكير، إيه إل حصل بقى خلاكي تاخدي قرارك بسرعه كده!؟
عقدت لمياء ساعديها أمامها ورفعت حاجبها بتحدي وقالت
-لا يابابا ماتقلقش مش انا ال اقبل بإحراجك قدام أي حد، بس انا مش هعرف اخد قرار غير لما يجي واشوفه واقعد معاه، مش يمكن انا ال ماعجبوش؟ بلغهم انت بس بالرد وسيب الباقي على ربنا، أستأذنكوا بقى عشان ارجع أوضتي لان عندي مذاكره كتير وعندي سيكشن بكره، عايزه اراجع شويه.
زم محمد شفتيه وهتف لمروه قائلًا
-بصي بقى انا مش مرتاح لتصرف لمياء المفاجئ ده، ربنا يسترها، يلا.. يلا خلينا ننام عشان عندنا جرد كتير بكره في المصنع ومحتاج أصحى فايق، لأن الغلطه بفوره علطول، بقولك صحيح معلش هتعبك معايا، الله يرضى عليكي ممكن تكوي ليا القميص الأبيض والبنطلون الكحلي وحضري ليا معاهم الجرافط الكحلي عشان لما اصحى البس وامشي علطول، لاني لو إتأخرت احتمال أيمن يمشي بعربيته ويسيبني وساعتها هتبهدل في المواصلات
رفع حاتم رأسه ليقترب من شفتاها وهو يرتجف من النشوه والعشق، حينما اقتربت شفتاهم من بعضهما ذاب كل منهما وهو متجمد الجسد، مد حاتم يده وسحب الغطاء فوقهم حتى اختبئُو لرأسهم أسفله،
بدأ يقبلها بهدوء لثواني فزادت نشوته واعترقت اجسادهم فإلتهموا فم بعضهما بحب وعشق وبدأ يعاشرها جسنيا برفق وحنان لأنها كانت تتألم وتضغط بأظافرها على ظهره، اردفت بيسان اليه هامسةً
-بالرَّاحه ياحبيبي، حاسه بألم رهيب،..
قاطعها حاتم وهو يتلعثم بإضطراب وهو يرفع جسده عنها لتلتقط أنفاسها
-آسف ياعمري، حقك عليا ماهو انا بصراحه ماصدقت انك في حضني، اشتياق السنين واحلام كتيره حلمتها معاكي ونفسي احققها، حاسس ان قلبي هيقف من السعاده، بس حاضر هتحرك معك بهدوء بس إنتي ساعديني.
استغرقت هذه اللحظات الرومانسيه لساعة كاملةٍ أو أكثر لحين اخترق حاتم غشاء البكاره تبع بيسان، شهقوا بحراره في آن واحد استمتاعا، ثم اخرج حاتم من داخلها برفق وأمال بجسده جانبها واستلقي على صدرها مغمض العينين وهو يلتف ساعده حول خصرها، بينما كانت بيسان تتألم وتأن دون أن تصدر صوتا كي لا تقلق حاتم، اغمضوا أعينهم وغرقوا في النعاس لليوم التالي.
في هذه الأثناء كانت تواظب لمياء على الحضور في الجامعه، ففي يوم من الأيام كانت تجلس في كافتيريا الجامعه ترتشف فنجانها الشاي كعادتها مؤخراً مع صديقاتها، كانت تلتفت يمينا ويسارا حولها ترمق المحيطين بها بعفويه فوقعت عيناها على ذاك الشاب الذي كان يختلس النظر إليها في الماضي،
في هذه اللحظه أيضا تارة ينظر إليها وتاره أخرى يدعي انه يتحدث مع أصدقائه، إبتسمت لمياء من تصرفاته الطفوليه ثم أشاحت بنظرها بعيدا عنه عندما ربتت إحدى صديقاتها على يدها وهي تقول ضاحكه
-هاي.. ايه يابنتي سرحتي في ايه! سيباني اتكلم مع نفسي ومش بتردي عليا، ال واخد عقلك يالولو
انتفضت لمياء وهي تنظر إليها همهمت
-مش سرحانه ولا حاجه يابنتي، أنا معاكي أهو كنتي بتقولي ايه بقى؟
أطلقت صديقتها ضحكتها وهي تلملم أغراضها من فوق الطاوله كي تهم بالنهوض
-لاااا دانتي مش معانا خالص، انا خلاص شربت قهوتي وراجعه الفصل حد فيكو جاي ولا اسبقكوا أنا؟
نهض الجميع ليذهبوا سويا بينما ظلت لمياء جالسه بمفردها، شرعت رأسها لهن قائله وهي تتمتم
-اسبقوني انتو، أنا شويه كده وهحصلكوا، هعمل كم تليفون كده ولسه كمان فنجان الشاي تبعي ماخلصش
لوت صديقتها شفتاها وهي ترمقها بخبث واجابتها ساخره
-ربنا يكثر من تليفوناتك يادكتوره لمياء.
أَقْبَلَتْ هَامَة صديقتها وَأَدْبَرَتْ جَبْهَتُهُا عندما تصرفت معهم بلامبلاه، ثم إتكأت على مقعدها وهي تدعي بإنها تلهو بهاتفها بينما هي في الأصل تختلس النظر الى ذاك الشاب بين الحين والآخر، شعرت لمياء بأحاسيس جديده على قلبها لم تشعر بها من قبل، إندهشت من نفسها، تحدثت بينها وبين نفسها دون أن تصدر صوتا
-إيه ال انا بعمله في نفسي ده! راحت فين البنت الجامده ال كانت مابتصدقش ان في حاجه أصلا اسمها حب وان كل الشباب مستهترين!!
هزت رأسها ثم زفرت أنفاسها لتطرد شيطانها عن أكتافها، رمقته لآخر مره فتفاجأت به يترك أصدقائه ويتجه نحوها، إرتبكت لمياء وقامت عن مقعدها على الفور وغادرت المكان دون أن تنظر ورائها، شعرت بأن المحيطين بها ينظروا إليها فأحست بالخزي، تمتمت وهي في طريقها الي الفصل بصوت هادئ
-الكافتيريا دي انا ماعنتش هنزلها تاني خلاص، ولازم انتبه اكثر لمذاكرتي لان ماعادش ليا غير سنه وأخلص ولازم اجيب امتياز ان شاء الله.
مرَّت أيامها بسلاسه على ذلك وكانت تتواصل مع بيسان لتطمئن عليها بعد الزواج، ففي يوم من الايام كانت تتساير معها عبر الواتساب، في منتصف الحديث تفاجأت ببيسان تقص لها مايدور بينها وبين حاتم دون الغوص في المعاشره الجنسيه، وترسل إليها بعض الصور لها بملابسها الداخليه وهي تشير إليها بإنها ترتدي مثل هذا كثيرا لحاتم، شعرت لمياء بالخجل والتوتر والذهول أيضاً ثم شهقت إليها متسائله
-هو الجواز كله كده يابيسان حب ودلع و...
ارسلت لها بيسان وجوه مبتسمه كثيره ثم أجابتها بطلاقه
-آه ياقلب بيسان الجواز ده طلع حلو اوي يابت، غرقانه في العسل انا والله، عقبالك بقى ياارب، نفسي اشوفك بفستان فرح قريب، ربنا يرزقك بإبن الحلال اللي يصونك ويدلعك ويعشقك زي حاتم جوزي كده ما بيعشقني، مش عارف يعمل ايه ولا ايه عشان يرضيني ويسعدني، ربنا مايحرمني منه ويفضل كده علطول.
أمنت لمياء على دعائها ثم ردّت عليها
-فاكره الشاب ال كنت كلمتك عنه من ثلاث سنين، ال قولتلك انه بيقعد يبصلي كتير كل ما يشوفني ده؟
أجابتها بيسان مسرعه
-آه طبعا فاكراه، انتي اصلا ماحكتيش ليا غير عنه هو بس، ماله بقى؟ اوعي يابت يكون دايقك ولا حاجه، آه.. انتي وراكي رجاله
إبتسمت لمياء واجابتها
-اهدي يابوسي مفيش حاجه من الكلام ده، بس لساته لحد النهارده كل مايشوفني يقعد يبصلي كتير، ده انا حتى مش عارفه إذا كان عارف اسمي ولا لأ، الغريب بقى ان انا كمان ابتديت ادور عليه كل يوم بين الطلبه، ولما بشوفه بلاقي نفسي ببادله نفس النظرات.
تنهدت بيسان ثم اردفت إليها
-طيب يالولو الأمر ده طبيعي ياحبيبتي وانتي مابقتيش صغيره، مش عايزاكي تزعلي من نفسك ولا تحسي انك بتعملي حاجه غلط، احنا في النهايه بشر ولينا قلب لازم نحب ونعشق، وبعدين ده بيدرس معاكي في نفس الجامعه يعني اكيد حد محترم وعلى خلق، لو هو حد مش كويس كان أتعرض ليكي من يومها وحاول يتواصل معاكي، بس من الواضح انه بيتكسف شبهك بالظبط، او مستني منك إشاره عشان يبادر بالكلام معاكي، ال انا عايزاكي تفهميه، انه كفايه لحد كده قافله قلبك ومش سامحه لأي حد يدخل جواه، حبي وإعشقي وعيشي زي باقي البنات ماعايشه.
إنشرح قلب لمياء لسماع هذا الحديث من صديقتها، لانت بعض الشيئ، أغمضت أعينها متنهده ثم أجابتها متردده
-هحاول اسمع كلامك واعمل ده، بس لو لقيت اني مش مرتاحه هفصل اوام لأنك عارفاني وعارفه إني مش بحب الغلط.
سمعت بيسان حاتم ينادي عليها من الخارج فارسلت للمياء رساله اخيره مسرعةً
-أنا متأكده ان لولو مش ممكن تتصرف اي تصرف خطأ، ابقى طمنيني بقى مستنيه البشري منك، هقفل واقوم انا عشان حاتم بينادي عليا، في رعاية الله ياقلب أختك.
أغلقت لمياء هاتفها وإتكأت على فراشها ناظرة للأعلى شارده في ملامح ذاك الشاب، جال في خاطرها ان تفتح جهازها الحاسوبي وتولج الي جروب الجامعه على الفيس بوك لتبحث عنه بالصوره لأنها لا تعرف إسمه، ظلَّت تنظر في وجوه الجميع لحين وصلت إلى صورته بالشبه، قرأت إسمه عَمر فابتسمت لحلاوة إسمه وتحققت من ملامحه قرأت أنه وديع جدا، بحثت له عن بعض الجُمل التي يشارك أصدقائه بها، تفاجأت به على قدر كبير من التدين والثقافه والإحترام، أطلقت صورته أمامها على الشاشه وظلت ترمقه وتدقق فيه فشعرت بإحساس جديد عليها في قلبها، خرجت من شرودها عندما ولجت إليها والدتها مروه فأغلقت الحاسوب على الفور واعتدلت في جلستها والتفتت الي والدتها بابتسامه هادئه
-خير ياماما في حاجه؟
حينها استدارت مروه واحتضنت لمياء بقوة من الخلف وعيناها تترقرق بالدموع، فاحنت لمياء رأسها وقبلت يد والدتها وقالت
-حبيبتي ياماما دموعك غالية ومفروض متنزلش، هو في حاجه حصلت زعلتك؟!
ربتت مروه على كتف لمياء وأردفت
- لا ياقلب ماما دي دموع الفرح، قومي تعالي نقعد في الصاله عايزاكي في موضوع مهم انا وباباكي.
ما أن غادرتها مروه لتسبقها الي الخارج، حتى سارعت لمياء بسحب هاتفها وفتحته لتجد العديد من الرسائل تخبرها باتصال بيسان بها عدة مرات، ازدردت لعابها بقلق وأعادت الاتصال بها، وأجابتها بيسان بعد الرنة الثانية، وأدفعت تحدثها بصوت متحشرج قائلةً
-انتي فين يابنتي بقالي ساعه برنلك، المهم اسمعيني حد من باباكي ومامتك اتكلموا معاكي في حاجه؟
تلعثمت لمياء وإندهشت من سؤال بيسان المفاجئ في هذا التوقيت لانه قبل قليل طلبت منها مروه التحدث في أمر هام، فأجابتها مسرعةً
-وانتي عرفتي منين! دي ماما لس...
قاطعتها بيسان زافرة
-طيب إسمعي بابا كان بيكلمني من شويه عشان يطمن عليا وكده، جات سيرتك فلقيته بيقول ان في عريس ابن واحد زميلهم عايز يتقدم ليكي ويتجوزك
صعقت لمياء من هول الخبر، ظلت تدور في الغرفه والهاتف على أذنها لم تعرف ماذا تجيبها فوضعت أظافرها بين انيابها تقرض فيهم جاحظه عيناها، بينما كانت تتحدث معها بيسان وهي لم تصغي لها ففزعت عندما رفعت صوتها
-ألو، انتي يابنتي روحتي فين؟ سمعتي ال انا قولتهولك ولا انتي مش معايا؟
إحتقن وجه لمياء إحمرارا واجابتها بغضب
-سمعتك آه، إقفلي انتي الوقتي يلا وهبقي أكلمك بعدين.
ألقت الهاتف من يدها على الفراش ثم أعادت شعرها الي الخلف والتقطت أنفاسها ثم خرجت من الغرفه وجلست بجانب والدتها، مدعيه أنها لاتعرف شيئا فجذبها محمد ليضمها إليه هو الأخر وهتف بصوتٍ مهتز
-ربنا يبارك لي فيكي يالولو، أنتي عزوتي وسندي وتاج رأسي كمان
ربتت مروه على كتف ابنتها، وأشارت إلى محمد برأسها، فزفر محمد وقال
-بصي ياحبيبتي انا عارف ان لسالك سنه وتخلصي جامعتك، وعارف كمان انك مش عايزه اي حاجه تشغلك عن مذاكرتك، بس ال انا متأكد منه أن لمياء حبيبتي هتوصل لهدفها وترفع راس أبوها، بس في موضوع مهم كنت عايز آخد رأيك فيه، ومش عايزك تردي عليا الوقتي، خدي وقتك في التفكير وبعدين قوليلي قرارك.
أردفت لمياء بصوت متخاذل
-قلقتني يابابا، ممكن تدخل في الموضوع علطول لو سمح...
قاطعتها مروه في الحديث وهي تتجه صوبها وأردفت
-من الآخر كده جايلك عريس، إل عرفناه عنه انه متطوع في الجيش ووالده زميل باباكي في الشغل
حكَّت لمياء يداها ببعضهما وهي تطلع إلى والداها بدهشه وقالَت
- أنا عايزه أفهم حاجه هو حد قالكوا اني بفكر في الجواز او الإرتباط حتى الوقتي قبل ما أخلص جامعتي!؟ وبعدين انا مش لسالي سنه يابابا، لسه سنتين إمتياز بعد السنه ال حضرتك قلت عليها، يعني لسه بدري جدا عبال ما افكر في الموضوع ده ولا انتو زهقتوا وعايزين تخلصوا مني!
ابتسم محمد فخرا بإبنته وعقلها المتزن وأجابها
-ياحبيبتي محدش قال كده، ربنا ال عالم حالتنا هتكون ازاي بعد ماتسبينا، بس دي سُنَّة الحياه ولابد منها، بس برده ماقولناش هتجوزي الصبح، عرضنا عليكي فكره وياتقبليها ياترفضيها، بس أنا رأيي انك تشوفيه وتقعدي معاه ولو لمره واحده، مش هتخسري حاجه، بعد كدا قولي رأيك.
انهى محمد حديثه، وأشار لمروه بتكملة الحديث هي بصفتها والدتها والأقرب إليها كسيده مثلها، جذبتها مروه وتوجها صوب الغرفه، وما أن ولجوا إلى داخلها حتى لاحظت بأن لمياء قد اشتاطت غضبا وهي تلتفت إلى مروه ترمقها بسخط واجابتها ساخره وهي تترقب ملامحها
-طالما ده رأيكوا ياماما مفيش داعي تقولي حاجه زياده عن ال بابا قاله؛ هعمل ليكوا ال يريحكوا، معنديش مشكله أشوفه، ياريت تبلغي بابا انه يقولهم يجوا يشرفونا بالزياره يوم الجمعه لاني مشغوله طوال الأسبوع.
إنشرح صدر مروه للغايه عند سماعها الرد التي كانت ترتقبه، أومأت إليها وهي تواري سعادتها وخرجت الي محمد مهروله وتبعتها لمياء، رأوه شاردا بعقله يُفكر بأمر إبنته، التي أصبحت طبيبه، فحدقوا به بتمعن ليلاحظوا مراقبته للهاتف بين كل ثانية وأخرى، فابتسمت مروه وبادرت بالحديث
-إل واخد عقلك يتهنابوا يا ابو العروسه، وايه ال في التليفون مخليك قاعد مركز ومش حاسس بينا خالص كده؟!
إحمرَّ وجه محمد وتطلع إلى مروه ولمياء ليراههم يحدقوا بشاشة هاتفه، ثم رفع محمد رأسه مرةً أخرى وأجابهم بصوت هادئ
-بتفرج على صور لمياء حبيبتي في سنينها الماضيه، بشوف قد ايه كانت بريئه وقلبوظه، وقد ايه مرت علينا السنين بسرعة البرق ماحسيتش بيها وهي بتكبر قدام عيني يوم عن يوم، لحد ماصارت دكتوره ماشاء الله عليها، انتو ايه ال رجعكوا بسرعه كده دانتوا لسه داخلين الأوضة مابقالكوش خمس دقائق؟!
انفجرت مروه ضاحكةً وهي تحدق بملامح لمياء الساخطة وأردفت
-ماهو انا كنت لسه هقعد واتكلم، لكن بنتنا حبيبتنا لخصت الأمر ووافقت تقعد مع العريس، انت بقى يابطل ترد عليهم بكره وانت في الشغل وتقولهم يشرفونا بالزياره يوم الجمعه الجايه دي علطول.
أطرق محمد برأسه لدقيقة يحاول فهم مغزى كلماتها لانه قرأ في عيون ابنته الرفض قبل دقائق، لتتسع عيناه ما أن فطن إلى ما ترمي اليه لمياء، فاقترب منها ورفع سبابته محذرًا إياها وقال
-إوعاكي تكوني ناويه تحرجينا قدام الناس يالمياء، انا لسه قايلك من شويه خدي وقتك في التفكير، إيه إل حصل بقى خلاكي تاخدي قرارك بسرعه كده!؟
عقدت لمياء ساعديها أمامها ورفعت حاجبها بتحدي وقالت
-لا يابابا ماتقلقش مش انا ال اقبل بإحراجك قدام أي حد، بس انا مش هعرف اخد قرار غير لما يجي واشوفه واقعد معاه، مش يمكن انا ال ماعجبوش؟ بلغهم انت بس بالرد وسيب الباقي على ربنا، أستأذنكوا بقى عشان ارجع أوضتي لان عندي مذاكره كتير وعندي سيكشن بكره، عايزه اراجع شويه.
زم محمد شفتيه وهتف لمروه قائلًا
-بصي بقى انا مش مرتاح لتصرف لمياء المفاجئ ده، ربنا يسترها، يلا.. يلا خلينا ننام عشان عندنا جرد كتير بكره في المصنع ومحتاج أصحى فايق، لأن الغلطه بفوره علطول، بقولك صحيح معلش هتعبك معايا، الله يرضى عليكي ممكن تكوي ليا القميص الأبيض والبنطلون الكحلي وحضري ليا معاهم الجرافط الكحلي عشان لما اصحى البس وامشي علطول، لاني لو إتأخرت احتمال أيمن يمشي بعربيته ويسيبني وساعتها هتبهدل في المواصلات