الفصل ١٧
كان يجر قدميه جرا , وصولا الى الغرفة لكن التعب لم يكن هو العائق الوحيد في اقباله على الذهاب إليها
كل ما يواجهه من إهانة لذاته كل يومٍ كان يزيد من إجهاده وضعف قدرته على التحمل
لقد وعدها ألا يتركها أبدا إلا إن طلبت , لكنه يحتاج الى المساعدة منها يعلم الله كم يحتاج الى هذه المساعدة كي يظل بجوارها حتى هذه اللحظة
سار عبر الرواق بخطواتٍ بطيئة لكن ما أن اقترب حتى شاهد سلوان تقترب في نفس اللحظة مرتدية اسدال الصلاة لتقف عند باب غرفته ناظرة إليه بابتسامة خجولة تنتظره حتى وصل فهمس رافعا حاجبيه مبتسما بحيرة
مساء الخير
ردت عليه سلوان بحرج
مساء الخير يا خاطر , أعتذر عن مجيئي في وقت كهذا
ضحك خاطر بخفوت ثم همس بصوت أجش
وكأنكِ أتيتِ في زيارة ليلية ! بالله عليكِ يا سلوان أنتِ تسكنين آخر الرواق !! هل تريدين شغف ؟!
ابتسمت لمزاحه ثم همست بصوتها الخافت
في الواقع أتيت كي آخذ روان طلبت مني شغف أن تنام بجوارها الليلة , ثم رحت في غفوة لفترة واستيقظت الآن أعتذر جدا كان علي أخذها في وقتٍ أبكر
أجاب خاطر دون أن يفقد ابتسامته
لا بأس , الآنسة روان تشرفنا في أي وقت لحظة سأدخل وأحضرها لكِ
دخل خاطر الى الغرفة بينما بقت سلوان واقفة عن بعد منتظرة , أما هو فبعد عدة خطوات توقف مكانه ينظر إليهما على ضوء المصباح الجانبي الخافت
ظهر في عينيه تعبير عنيف موجع وهو ينظر الى شغف , التي أمسكت بروان بين ذراعيه ونامت وهي تضمها الى صدرها بقوة وكأنها تخشى أن تهرب منها
شعر بغصة في حلقه , مؤلمة قبل أن يتقدم ببطء ثم انحنى إليها وبحذرٍ بدأ في سحب روان من بين ذراعيها , لكن ما كاد أن يفعل حتى فتحت عينيها شاهقة هاتفة وهي تشدد ذراعيها حول الطفلة بقوة وذعر
أسامة
انتفضت روان إثر الصيحة و أجفلت في نومها مذعورة , الا أن خاطر انحنى اليهما ومسح بكفه فوق شعر شغف التي كانت تنظر إليه بعينين واسعتين خائفتين فهمس في أذنها بصوتٍ متحشرج خافت
اهدئي حبيبتي , كنتِ تحلمين فحسب اتركي الطفلة كي لا تفزع فأمها تريدها
نظرت شغف الى روان النائمة بين ذراعيها تكاد أن تعتصرها , وظلت تنظر إليها بضعة لحظات قبل أن يكرر مجددا بصوتٍ أكثر حنانا وهو يمسح شعرها من جديد
هاتِ روان يا شغف
تنهدت و هي تبعد ذراعيها عنها ببطء شديد لكن قبل أن تتركها تماما كانت قد طبعت شفتيها برفقٍ فوق جبهتها مغمضة عينيها وانتظرها خاطر للحظاتٍ قبل أن تتركها أخيرا وترتمي للخلف ناظرة الى السقف بصمت
فحمل الصغيرة بين ذراعيه بحرص واستقام ناظرا إليها بضعة لحظات , بعينين عميقتين قبل أن يستدير ويخرج من الغرفة حيث كانت سلوان واقفة تنتظره , ابتسمت له حين مد لها روان فأخذتها منه هامسة بلطف
آسفة على إزعاجكما
ما أن ترك روان مطمئنا حتى نظر إليها للحظات ثم قال بخفوت
بل شكرا لكِ تصبحين على خير يا سلوان
دخل خاطر الى الغرفة وأغلق الباب خلفه ليقف مستندا إليه يراقب شغف التي كانت لا تزال مستلقية على ظهرها تحدق في السقف بصمت , لا يعلم إن كانت مستيقظة فعلا أم نائمة بعينين مفتوحتين !
لم يحاول الكلام , بل دخل الى الحمام وبدل ملابسه و استغرق وقتا كافيا آملا أن تكون قد نامت حين , يخرج . لكن أمنيته لم تحقق , فمع خروجه وجدها على نفس الوضع ونفس التعبير
استلقى بجوارها بحذر مريحا رأسه فوق كفيه محدقا في السقف مثلها كان بداخله شعورا أكثر ألما من قدرته على مواساتها لكن كيف تشعر هي ؟!
تحركت أخيرا فتصلب جسده تجاوبا مع حركتها , الا أن كل ما فعلته هو أن استندت بمرفقها وهي تتأمله صامتة مما اضطره لتحريك عينيه وملاقاة عينيها
كانت ملامحها هادئة , ساكنة لم تحمل أثرا للعصبية التي خاطبته بها عبر الهاتف
ثم تكلمت أخيرا سائلة بصوتها العميق
لماذا تتأخر كل ليلة ؟!
أبعد عينيه عنها ثم أجاب بهدوء
أعمل يا شغف كم مرة علي أن أجيب نفس السؤال ؟!
مالت برأسها تتأمله طويلا و هي تضيق عينيها فأشاح بوجهه عنها متنهدا , لكنها لم تتركه بل رفعت أصابعها وكما اعتادت بدأت تداعب صدره مما جعله يقول بصوتٍ أجش
أنا متعب جدا يا شغف
توقفت أصابعها للحظة , قبل أن ترتسم ابتسامة جليدية ساخرة على شفتيها وهي تقول بصوتٍ ناعم
يبدو أن السحر قد انتهى
عقد حاجبيه وهو يسألها بجفاء
أي سحر ؟!
هذه المرة ضحكت ضحكة قاسية , ليست ساخرة حتى , ثم أجابت ببساطة
مجرد سؤالك يدل على أنه قد انتهى
ثم استلقت بجواره ملقية بنفسها تنظر الى السقف بنظراتٍ فاترة , الا أنه أجاب بخشونة
انتهى أم لم ينتهي كان السحر يخصني وحدي لا أظنك شاركتني منه شيئا
مالت بوجهها تنظر إليه باهتمام ثم سألته مبتسمة بمداعبة
وهل يشكل هذا فارقا بالنسبة لك ؟!
هل يشكل هذا فارقا !
سؤال لم يكن ليتوانى عن الإجابة عليه قبل أسابيع لكن الآن باتت الإجابة واضحة تماما بالنسبة له
عبارة ألقاها على مسامعه علام داشاي , لم تكن في موضعها تماما , الا أنها كانت سليمة
أنه يستغل وضعها نعم هو في الحقيقة يستغل حالة ليست بحالتها الطبيعية , سرعان ما ستفيق منها وتندم على تلك النزوة التي أوقعت نفسها فيها
مالت شغف إليه حتى ارتاح رأسها على كتفه ثم همست في أذنه سائلة
لماذا أفعل اذن ؟!
ابتسم ابتسامة ساخرة , الا أنه ظل صامتا غير قادرا على الرد , فكررت السؤال مجددا بصوتٍ أكثر إغواء
لماذا أفعل ما أفعله يا خاطر ؟!
أخذ نفسا عميقا قبل أن يجيب بجفاء
الإجابة ليست في صالح كبريائي الذكوري مطلقا
رمشت بعينيها ببراءة , ثم سألته قائلة بعفوية
كي أنتقم من آدم ؟!
مجرد نطقها اسمه يجعله يشعر بغيرة نارية تحرق أحشائه , الا أنه تمكن من التمسك بقناعٍ جامد على وجهه مجيبا بصوتٍ ساخر
في هذه الحالة أنت تطيلين الانتقام فيما بيننا دون أن يعلم عنه شيئا الرسالة وصلته وهو يعاني ألم الانتقام حاليا دون الحاجة لتفانيكِ سرا
ازدادت ابتسامتها اتساعا وهي تسأله بصوتٍ بدا كالخرير
لماذا اذن ؟!
لأنها تعتبره المسكن الذي يلهيها عن ألمها ولو لبعض الوقت
لكن لسانه أبى الاعتراف فظل صامتا بعض الوقت , قبل أن يقول بجفاء
اطفئي الضوء و نامي يا شغف كنت في عالم آخر حين أيقظتك , عودي إليه
تاهت عيناها للحظة ثم فتحت فمها لحظة أخرى قبل أن تقول بشرود
نعم كنت في عالم آخر , لكن أكثر ما يؤلم أن تستيقظ وتجد الواقع لا يزال واقعا و أن الحلم رحل سريعا
أغمض عينيه متنهدا محاولا تجنب الألم بداخله والذي يفترسه كي يجذبها إليه كي ينسيها , كي يساعدها أن تتجاوز أن تنسى
تأملته شغف طويلا وهي تعود للاستناد الى مرفقها ثم سألته بصوتٍ عادي
اذن كيف هو العمل الجديد ؟! لماذا لم تخبرني عنه مطلقا ؟!
رد عليها ببطء غير مرحبا بالحديث في تلك اللحظة بالذات
لأنك لم تسألي
ابتسمت وهي تداعب ذقنه بأصابعها هامسة
هل تتهمني بالتقصير في حق زوجي ؟! ربما كنت محقا , كنت أنانية للغاية و أنا أهتم مؤخرا بنفسي فقط وها أنا أسألك , كيف هو العمل الجديد وما طبيعته ؟!
أجابها محاولا إنهاء الكلام قدر استطاعته
عمل , كأي عمل سبق وعملت به
رفعت ذقنها قليلا وهي ترمقه بحدة , لكن حين سألته, قالت بصوتٍ عفوي بسيط
نعم وما هو ؟!
زم شفتيه للحظات , ثم قال أخيرا على مضض
سائق
ضاقت عيناها للحظة ثم سألته بحذر
سائق خاص ؟!
أجاب بصوتٍ مقتضب
نعم
ساد الصمت بينهما بضعة لحظات , حتى سألت بإلحاح
كانت هناك من تكلمك , هل هي من تقوم بتوصيلها ؟!
رد مختصرا بعصبية وهو يميل على جانبه مواجها وجهها بعينيه الغاضبتين
نعم هي , متى سينتهي هذا الحديث يا شغف ؟! أنا متعب وكل ما احتاجه هو النوم فلدي عمل منذ الصباح الباكر
تقارب وجهاهما كثيرا حتى صمت متجهما وهو يكاد أن يتذوق طعم أنفاسها العطرة ككل ما فيها وله عبير ساحر مما جعل حلقه يتحرك بصعوبة فأخفضت عيناها تنظران الى تلك الحركة الضئيلة ثم ضحكت بخفوت جعله يعقد حاجبيه بشدة قبل أن يجذبها إليه بكل قوته غير قادرا على تحمل ابعادها عنه أكثر
استجابت له شغف بكل ما استطاعت كي تعيده إليها وتحذره فعلا لا قولا من محاولات الجفاء الطويلة تلك
وكان أن دار بها ومن حولها وعالمه كله متمثلا في شفتيها ونظرات عينيها الناعستين الناظرتين له ببراءة و سحر
جمالها ونعومة أنفاسها كادت أن تسلبه عقله بل سلبته إياه بالفعل وهو يتمتم باسمها كالمجنون من بين قبلاته التي اتسمت ببعض العنف وكانت هي سعيدة تمنحه كل ما يتمنى قبل حتى أن يطلب بعينيه
تحرك بانزعاج وهو يبعد شيء من تحته هامسا بصوتٍ لاهث أجش
ما هذا ؟!!
رأته يرفع دمية قفاز ترتدي زي لصٍ مخطط , نظر إليها بدهشة , فهمست شغف بصوتٍ عميق ممازح
إنه أحد الحساسين حسونة اللص
رفع خاطر حاجبيه وهو يحاول السيطرة على أنفاسه المضطربة ثم تكلم بصعوبة
أعتذر منك حسونة اللص لكن مراقبتك لنا تزعجني حقا
دسه تحت الوسادة بينما ضحكت شغف بصوتها المغوي وغاب معها في لحظاتٍ جعلته يدرك النعيم بين ذراعيها في لحظاتٍ بدت كالدهر
نظر إليها في سكونها طويلا بعد أن هدأت ملامحها و نامت بجواره , فراحت أصابعه تتجول فوق وجنتها المرتفعة للحظات وهو ينظر إليها شارد الذهن ثم همس في أذنها بصوتٍ أجش
أنا آسف يا شغف آسف لأنني أستغلك على هذا النحو , لكن مقاومتي لكِ باتت مستحيلة
تنهدت قليلا في نومها ثم عادت لتستريح مجددا ,بينما ظل خاطر يراقبها طويلا حتى غلبه النوم فاستسلم وهو يضمها بين ذراعيه بحنان
شيء ما جعله يفتح عينيه قرابة الفجر في الظلام الحالك للغرفة استطاع أن يشعر بفراغ الفراش قربه
أوشك على النهوض من مكانه بحثا عنها لكن شيئا جعله يبقى مكانه ساكنا وهو يسمع صوت همساتٍ خفيفة
مال بوجهه بحركةٍ غير ملحوظة حتى رآها
كانت تجلس فوق الكرسي أمام النافذة ترفع ركبتيها الى صدرها , ممسكة بهاتفها بين أصابعها , تنظر إلى شاشته التي أضاءت وجهها بذلك الوهج الأزرق
ومن مكانه استطاع رؤية ملامحها الساكنة وهي تشاهد شيئا ما
عيناها كانتا غريبتان و فمها يهمس بكلمة متكررة ظن أنه سمعها تهمس بخفوت
هذا ليس عدلا
ضيق خاطر عينيه وهو يراقبها بحرص دون أن تبدر عنه أي حركة تدل على استيقاظه
يهمه أن يعرف ما يشغل بالها أمام الهاتف بهذا الشكل باستمرار
لقد لاحظ الأمر مرارا و بداخله شك مقيت في أن تكون ماكثة تراقب حساب طليقها آدم هذا الشك يجعل الغضب يهدد بالتهور , فما من رجلٍ يقبل بهذا مطلقا حتى و إن كان زواجهما مجرد صفقة !
لكن كيف له أن يندفع و يمنعها عن استقاء المعلومات عن الرجل الوحيد الذي أحبت و لا يزال على ما يبدو
كتم خاطر أنفاسه للحظات وهو يلمح تغيرا في ملامح وجهها حيث بدت مخيفة و كأنها على وشكِ القيام بشيء لم تقرره بعد ثم وجد أصابعها تتحرك وتكتب !
تكتب !
تراسل في مثل هذه الساعة !
لست الأول !
وقبل أن يتمكن من التمهل ولو للحظة فيضيع الدليل ربما للأبد وجد نفسه يقفز من السرير بسرعةٍ جبارة جعلتها تنتفض مذعورة شاهقة , حتى أن الهاتف سقط في حجرها لكن وقبل أن تمتد يدها كي تستعيده
كان خاطر أسرع منها وهو يختطف الهاتف أمام نظراتها الغاضبة المرتعبة و استدار عنها بينما هي تصرخ بجنون
ماذا تفعل ؟!
ونهضت قافزة محاولة أن تأخذ الهاتف منه , الا أنه قبض بأصابعه فوق ذراعها بشدة جعلتها تشهق بألمٍ شديد
ثم رفع الهاتف ينظر الى شاشته بنظراتٍ غاضبة تلك النظرات الغاضبة الغير واثقة سرعان ما تحولت الى وحشية مرعبة وهو يرى أنها تراقب شخص ما من حساب وهمي ليس اسمها أو صورتها
تراقب رجلا غريبا حيث تتواجد في حسابه الخاص , ليس هذا هو آدم أبدا بل رجل لم يره من قبل و تبدو عليه و على حياته علامات الثراء الفاحش
لكن الأفظع أنها كانت قد بدأت تراسله حيث كتبت سؤالا مختصرا
مرحبا هل نتعرف ؟!
فغر خاطر فمه وهو يقرأ السؤال مرارا يريد إنكاره , يريد تفسيره بتفسيرٍ بعيدا عن الحقيقة الواقعة بين أصابعه
تمكنت شغف خلال فترة ذهوله من جذب ذراعها من بين أصابعه وهتفت بحنق محاولة أخذ هاتفها من بين أصابعه
هات الهاتف لا يحق لك التلصص علي
التفت إليها ناظرا الى عينيها وهو يسأل بنفس الذهول
لا يحق لي ؟!
هتفت بغضبٍ أسود مخيف وشعرها يتناثر من حولها
نعم لا يحق لك
لم يرد لأنه لم يكن هناك مجالا للرد , بل وجد نفسه يصفعها فجأة بكل قوته !
شهقت شغف وهي تتراجع للخلف و يدها على وجنتها الحمراء تنظر إليه غير مصدقة , بعينين ذاهلتين لكنه لم يمهلها , بل قبض على عنقها وهو يسألها بصوتٍ مصعوق ومخيف في آن واحد ملوحا بالهاتف أمام عينيها
من هذا ؟!
ظلت صامتة تلهث بذعر فصرخ فيها وهو يصفعها مجددا
من هذا ؟!
شهقت شغف وهي تكتم أنفاسها أمام العنف المحدق بها فجأة وعلى غفلة منها ثم تمكنت أخيرا من الهتاف في وجهه بجنون شرس
وما دخلك ؟!
تراجع وجه خاطر فاغرا فمه بينما استغلت فرصة صدمته وصرخت مجددا بنفس الشراسة الغريبة
لا تنسى نفسك وتعطي لنفسك حقوقا أنا لم أمنحها لك ما أنت الا مأجور في صفقة و قبل أن تتفضل بالكلام عن الخيانة ومرارتها , تذكر أنك قبلت بالصفقة مسبقا مع فتاة تعهدت ألا تتدخل في علاقاتها
ساد صمت غريب مريع بعد أن بصقت بكلماتها الشريرة في وجهه مما جعله ينظر إليها لاهثا بصعوبة قبل أن يصرخ فيها فجأة بوحشية وهو يصفعها مجددا ناعتا إياها بالفجر و القذارة
ارتمت شغف أرضا وهي تنظر إليه بصمتٍ كئيب بينما جرحت زاوية شفتها , الا أنه لم يهتم بل صرخ فيها بجنون
أنتِ طالق
فغرت شغف فمها وهي تهمس بكلمة واحدة خرجت من بين شفتيها دون صوت كلمة نفيٍ وحيدة
لا
بينما كانت تراقبه وهو يبدل ملابسه بسرعةٍ قياسية سمعت فجأة طرقا عنيفا على الباب لم يجبه الا بعد أن انتهى و فتحه على مصرعيه ليجد عامر واقفا أمامه صارخا بغضب وسلوان تقف خلفه ناظرة الى خاطر برعب
ما الذي يحدث بينكما ؟!
لكن خاطر دفعه في صدره بكلتا قبضتيه يبعده عن طريقه , ثم اندفع مغادرا هذا البيت الملعون
تلاحقه مرارة الخيانة وصوتها القذر الذي واجهه بالحقيقة بعد أن رسمت له خطة أحكمت فيها خيوطها حول حياته و قلبه بكل نفسها المريضة المشوهة
لم يلحق به عامر , بل دخل الى الغرفة تتبعه سلوان حتى ارتمت بجوار شغف أرضا و أمسكت بكتفيها تربت على وجهها الشاحب هاتفة بجزع
دكتورة شغف .... شغف هل أنت بخير ؟
جثا عامر بجوارها وهو يسألها بقسوة
شغف أجيبيني
لكن نظرة منه الى هاتفها الواقع أرضا حيث أضاء بإجابة وصلت للتو إجابة لسؤال سبق وأرسلته منذ دقائق وكان الجواب عابثا حتى في الكلمات
بالطبع نتعرف من أنتِ اذن ؟!
نظر عامر الى صاحب الحساب الذي راسلته شغف من حسابٍ آخر مجهول , ثم ارتفع حاجباه ناظرا إليها بصدمة وهو يتعرف شكله بسهولة ! ثم همس غير مصدقا
ما هذا الذي تفعلينه بنفسك ؟!
كل ما يواجهه من إهانة لذاته كل يومٍ كان يزيد من إجهاده وضعف قدرته على التحمل
لقد وعدها ألا يتركها أبدا إلا إن طلبت , لكنه يحتاج الى المساعدة منها يعلم الله كم يحتاج الى هذه المساعدة كي يظل بجوارها حتى هذه اللحظة
سار عبر الرواق بخطواتٍ بطيئة لكن ما أن اقترب حتى شاهد سلوان تقترب في نفس اللحظة مرتدية اسدال الصلاة لتقف عند باب غرفته ناظرة إليه بابتسامة خجولة تنتظره حتى وصل فهمس رافعا حاجبيه مبتسما بحيرة
مساء الخير
ردت عليه سلوان بحرج
مساء الخير يا خاطر , أعتذر عن مجيئي في وقت كهذا
ضحك خاطر بخفوت ثم همس بصوت أجش
وكأنكِ أتيتِ في زيارة ليلية ! بالله عليكِ يا سلوان أنتِ تسكنين آخر الرواق !! هل تريدين شغف ؟!
ابتسمت لمزاحه ثم همست بصوتها الخافت
في الواقع أتيت كي آخذ روان طلبت مني شغف أن تنام بجوارها الليلة , ثم رحت في غفوة لفترة واستيقظت الآن أعتذر جدا كان علي أخذها في وقتٍ أبكر
أجاب خاطر دون أن يفقد ابتسامته
لا بأس , الآنسة روان تشرفنا في أي وقت لحظة سأدخل وأحضرها لكِ
دخل خاطر الى الغرفة بينما بقت سلوان واقفة عن بعد منتظرة , أما هو فبعد عدة خطوات توقف مكانه ينظر إليهما على ضوء المصباح الجانبي الخافت
ظهر في عينيه تعبير عنيف موجع وهو ينظر الى شغف , التي أمسكت بروان بين ذراعيه ونامت وهي تضمها الى صدرها بقوة وكأنها تخشى أن تهرب منها
شعر بغصة في حلقه , مؤلمة قبل أن يتقدم ببطء ثم انحنى إليها وبحذرٍ بدأ في سحب روان من بين ذراعيها , لكن ما كاد أن يفعل حتى فتحت عينيها شاهقة هاتفة وهي تشدد ذراعيها حول الطفلة بقوة وذعر
أسامة
انتفضت روان إثر الصيحة و أجفلت في نومها مذعورة , الا أن خاطر انحنى اليهما ومسح بكفه فوق شعر شغف التي كانت تنظر إليه بعينين واسعتين خائفتين فهمس في أذنها بصوتٍ متحشرج خافت
اهدئي حبيبتي , كنتِ تحلمين فحسب اتركي الطفلة كي لا تفزع فأمها تريدها
نظرت شغف الى روان النائمة بين ذراعيها تكاد أن تعتصرها , وظلت تنظر إليها بضعة لحظات قبل أن يكرر مجددا بصوتٍ أكثر حنانا وهو يمسح شعرها من جديد
هاتِ روان يا شغف
تنهدت و هي تبعد ذراعيها عنها ببطء شديد لكن قبل أن تتركها تماما كانت قد طبعت شفتيها برفقٍ فوق جبهتها مغمضة عينيها وانتظرها خاطر للحظاتٍ قبل أن تتركها أخيرا وترتمي للخلف ناظرة الى السقف بصمت
فحمل الصغيرة بين ذراعيه بحرص واستقام ناظرا إليها بضعة لحظات , بعينين عميقتين قبل أن يستدير ويخرج من الغرفة حيث كانت سلوان واقفة تنتظره , ابتسمت له حين مد لها روان فأخذتها منه هامسة بلطف
آسفة على إزعاجكما
ما أن ترك روان مطمئنا حتى نظر إليها للحظات ثم قال بخفوت
بل شكرا لكِ تصبحين على خير يا سلوان
دخل خاطر الى الغرفة وأغلق الباب خلفه ليقف مستندا إليه يراقب شغف التي كانت لا تزال مستلقية على ظهرها تحدق في السقف بصمت , لا يعلم إن كانت مستيقظة فعلا أم نائمة بعينين مفتوحتين !
لم يحاول الكلام , بل دخل الى الحمام وبدل ملابسه و استغرق وقتا كافيا آملا أن تكون قد نامت حين , يخرج . لكن أمنيته لم تحقق , فمع خروجه وجدها على نفس الوضع ونفس التعبير
استلقى بجوارها بحذر مريحا رأسه فوق كفيه محدقا في السقف مثلها كان بداخله شعورا أكثر ألما من قدرته على مواساتها لكن كيف تشعر هي ؟!
تحركت أخيرا فتصلب جسده تجاوبا مع حركتها , الا أن كل ما فعلته هو أن استندت بمرفقها وهي تتأمله صامتة مما اضطره لتحريك عينيه وملاقاة عينيها
كانت ملامحها هادئة , ساكنة لم تحمل أثرا للعصبية التي خاطبته بها عبر الهاتف
ثم تكلمت أخيرا سائلة بصوتها العميق
لماذا تتأخر كل ليلة ؟!
أبعد عينيه عنها ثم أجاب بهدوء
أعمل يا شغف كم مرة علي أن أجيب نفس السؤال ؟!
مالت برأسها تتأمله طويلا و هي تضيق عينيها فأشاح بوجهه عنها متنهدا , لكنها لم تتركه بل رفعت أصابعها وكما اعتادت بدأت تداعب صدره مما جعله يقول بصوتٍ أجش
أنا متعب جدا يا شغف
توقفت أصابعها للحظة , قبل أن ترتسم ابتسامة جليدية ساخرة على شفتيها وهي تقول بصوتٍ ناعم
يبدو أن السحر قد انتهى
عقد حاجبيه وهو يسألها بجفاء
أي سحر ؟!
هذه المرة ضحكت ضحكة قاسية , ليست ساخرة حتى , ثم أجابت ببساطة
مجرد سؤالك يدل على أنه قد انتهى
ثم استلقت بجواره ملقية بنفسها تنظر الى السقف بنظراتٍ فاترة , الا أنه أجاب بخشونة
انتهى أم لم ينتهي كان السحر يخصني وحدي لا أظنك شاركتني منه شيئا
مالت بوجهها تنظر إليه باهتمام ثم سألته مبتسمة بمداعبة
وهل يشكل هذا فارقا بالنسبة لك ؟!
هل يشكل هذا فارقا !
سؤال لم يكن ليتوانى عن الإجابة عليه قبل أسابيع لكن الآن باتت الإجابة واضحة تماما بالنسبة له
عبارة ألقاها على مسامعه علام داشاي , لم تكن في موضعها تماما , الا أنها كانت سليمة
أنه يستغل وضعها نعم هو في الحقيقة يستغل حالة ليست بحالتها الطبيعية , سرعان ما ستفيق منها وتندم على تلك النزوة التي أوقعت نفسها فيها
مالت شغف إليه حتى ارتاح رأسها على كتفه ثم همست في أذنه سائلة
لماذا أفعل اذن ؟!
ابتسم ابتسامة ساخرة , الا أنه ظل صامتا غير قادرا على الرد , فكررت السؤال مجددا بصوتٍ أكثر إغواء
لماذا أفعل ما أفعله يا خاطر ؟!
أخذ نفسا عميقا قبل أن يجيب بجفاء
الإجابة ليست في صالح كبريائي الذكوري مطلقا
رمشت بعينيها ببراءة , ثم سألته قائلة بعفوية
كي أنتقم من آدم ؟!
مجرد نطقها اسمه يجعله يشعر بغيرة نارية تحرق أحشائه , الا أنه تمكن من التمسك بقناعٍ جامد على وجهه مجيبا بصوتٍ ساخر
في هذه الحالة أنت تطيلين الانتقام فيما بيننا دون أن يعلم عنه شيئا الرسالة وصلته وهو يعاني ألم الانتقام حاليا دون الحاجة لتفانيكِ سرا
ازدادت ابتسامتها اتساعا وهي تسأله بصوتٍ بدا كالخرير
لماذا اذن ؟!
لأنها تعتبره المسكن الذي يلهيها عن ألمها ولو لبعض الوقت
لكن لسانه أبى الاعتراف فظل صامتا بعض الوقت , قبل أن يقول بجفاء
اطفئي الضوء و نامي يا شغف كنت في عالم آخر حين أيقظتك , عودي إليه
تاهت عيناها للحظة ثم فتحت فمها لحظة أخرى قبل أن تقول بشرود
نعم كنت في عالم آخر , لكن أكثر ما يؤلم أن تستيقظ وتجد الواقع لا يزال واقعا و أن الحلم رحل سريعا
أغمض عينيه متنهدا محاولا تجنب الألم بداخله والذي يفترسه كي يجذبها إليه كي ينسيها , كي يساعدها أن تتجاوز أن تنسى
تأملته شغف طويلا وهي تعود للاستناد الى مرفقها ثم سألته بصوتٍ عادي
اذن كيف هو العمل الجديد ؟! لماذا لم تخبرني عنه مطلقا ؟!
رد عليها ببطء غير مرحبا بالحديث في تلك اللحظة بالذات
لأنك لم تسألي
ابتسمت وهي تداعب ذقنه بأصابعها هامسة
هل تتهمني بالتقصير في حق زوجي ؟! ربما كنت محقا , كنت أنانية للغاية و أنا أهتم مؤخرا بنفسي فقط وها أنا أسألك , كيف هو العمل الجديد وما طبيعته ؟!
أجابها محاولا إنهاء الكلام قدر استطاعته
عمل , كأي عمل سبق وعملت به
رفعت ذقنها قليلا وهي ترمقه بحدة , لكن حين سألته, قالت بصوتٍ عفوي بسيط
نعم وما هو ؟!
زم شفتيه للحظات , ثم قال أخيرا على مضض
سائق
ضاقت عيناها للحظة ثم سألته بحذر
سائق خاص ؟!
أجاب بصوتٍ مقتضب
نعم
ساد الصمت بينهما بضعة لحظات , حتى سألت بإلحاح
كانت هناك من تكلمك , هل هي من تقوم بتوصيلها ؟!
رد مختصرا بعصبية وهو يميل على جانبه مواجها وجهها بعينيه الغاضبتين
نعم هي , متى سينتهي هذا الحديث يا شغف ؟! أنا متعب وكل ما احتاجه هو النوم فلدي عمل منذ الصباح الباكر
تقارب وجهاهما كثيرا حتى صمت متجهما وهو يكاد أن يتذوق طعم أنفاسها العطرة ككل ما فيها وله عبير ساحر مما جعل حلقه يتحرك بصعوبة فأخفضت عيناها تنظران الى تلك الحركة الضئيلة ثم ضحكت بخفوت جعله يعقد حاجبيه بشدة قبل أن يجذبها إليه بكل قوته غير قادرا على تحمل ابعادها عنه أكثر
استجابت له شغف بكل ما استطاعت كي تعيده إليها وتحذره فعلا لا قولا من محاولات الجفاء الطويلة تلك
وكان أن دار بها ومن حولها وعالمه كله متمثلا في شفتيها ونظرات عينيها الناعستين الناظرتين له ببراءة و سحر
جمالها ونعومة أنفاسها كادت أن تسلبه عقله بل سلبته إياه بالفعل وهو يتمتم باسمها كالمجنون من بين قبلاته التي اتسمت ببعض العنف وكانت هي سعيدة تمنحه كل ما يتمنى قبل حتى أن يطلب بعينيه
تحرك بانزعاج وهو يبعد شيء من تحته هامسا بصوتٍ لاهث أجش
ما هذا ؟!!
رأته يرفع دمية قفاز ترتدي زي لصٍ مخطط , نظر إليها بدهشة , فهمست شغف بصوتٍ عميق ممازح
إنه أحد الحساسين حسونة اللص
رفع خاطر حاجبيه وهو يحاول السيطرة على أنفاسه المضطربة ثم تكلم بصعوبة
أعتذر منك حسونة اللص لكن مراقبتك لنا تزعجني حقا
دسه تحت الوسادة بينما ضحكت شغف بصوتها المغوي وغاب معها في لحظاتٍ جعلته يدرك النعيم بين ذراعيها في لحظاتٍ بدت كالدهر
نظر إليها في سكونها طويلا بعد أن هدأت ملامحها و نامت بجواره , فراحت أصابعه تتجول فوق وجنتها المرتفعة للحظات وهو ينظر إليها شارد الذهن ثم همس في أذنها بصوتٍ أجش
أنا آسف يا شغف آسف لأنني أستغلك على هذا النحو , لكن مقاومتي لكِ باتت مستحيلة
تنهدت قليلا في نومها ثم عادت لتستريح مجددا ,بينما ظل خاطر يراقبها طويلا حتى غلبه النوم فاستسلم وهو يضمها بين ذراعيه بحنان
شيء ما جعله يفتح عينيه قرابة الفجر في الظلام الحالك للغرفة استطاع أن يشعر بفراغ الفراش قربه
أوشك على النهوض من مكانه بحثا عنها لكن شيئا جعله يبقى مكانه ساكنا وهو يسمع صوت همساتٍ خفيفة
مال بوجهه بحركةٍ غير ملحوظة حتى رآها
كانت تجلس فوق الكرسي أمام النافذة ترفع ركبتيها الى صدرها , ممسكة بهاتفها بين أصابعها , تنظر إلى شاشته التي أضاءت وجهها بذلك الوهج الأزرق
ومن مكانه استطاع رؤية ملامحها الساكنة وهي تشاهد شيئا ما
عيناها كانتا غريبتان و فمها يهمس بكلمة متكررة ظن أنه سمعها تهمس بخفوت
هذا ليس عدلا
ضيق خاطر عينيه وهو يراقبها بحرص دون أن تبدر عنه أي حركة تدل على استيقاظه
يهمه أن يعرف ما يشغل بالها أمام الهاتف بهذا الشكل باستمرار
لقد لاحظ الأمر مرارا و بداخله شك مقيت في أن تكون ماكثة تراقب حساب طليقها آدم هذا الشك يجعل الغضب يهدد بالتهور , فما من رجلٍ يقبل بهذا مطلقا حتى و إن كان زواجهما مجرد صفقة !
لكن كيف له أن يندفع و يمنعها عن استقاء المعلومات عن الرجل الوحيد الذي أحبت و لا يزال على ما يبدو
كتم خاطر أنفاسه للحظات وهو يلمح تغيرا في ملامح وجهها حيث بدت مخيفة و كأنها على وشكِ القيام بشيء لم تقرره بعد ثم وجد أصابعها تتحرك وتكتب !
تكتب !
تراسل في مثل هذه الساعة !
لست الأول !
وقبل أن يتمكن من التمهل ولو للحظة فيضيع الدليل ربما للأبد وجد نفسه يقفز من السرير بسرعةٍ جبارة جعلتها تنتفض مذعورة شاهقة , حتى أن الهاتف سقط في حجرها لكن وقبل أن تمتد يدها كي تستعيده
كان خاطر أسرع منها وهو يختطف الهاتف أمام نظراتها الغاضبة المرتعبة و استدار عنها بينما هي تصرخ بجنون
ماذا تفعل ؟!
ونهضت قافزة محاولة أن تأخذ الهاتف منه , الا أنه قبض بأصابعه فوق ذراعها بشدة جعلتها تشهق بألمٍ شديد
ثم رفع الهاتف ينظر الى شاشته بنظراتٍ غاضبة تلك النظرات الغاضبة الغير واثقة سرعان ما تحولت الى وحشية مرعبة وهو يرى أنها تراقب شخص ما من حساب وهمي ليس اسمها أو صورتها
تراقب رجلا غريبا حيث تتواجد في حسابه الخاص , ليس هذا هو آدم أبدا بل رجل لم يره من قبل و تبدو عليه و على حياته علامات الثراء الفاحش
لكن الأفظع أنها كانت قد بدأت تراسله حيث كتبت سؤالا مختصرا
مرحبا هل نتعرف ؟!
فغر خاطر فمه وهو يقرأ السؤال مرارا يريد إنكاره , يريد تفسيره بتفسيرٍ بعيدا عن الحقيقة الواقعة بين أصابعه
تمكنت شغف خلال فترة ذهوله من جذب ذراعها من بين أصابعه وهتفت بحنق محاولة أخذ هاتفها من بين أصابعه
هات الهاتف لا يحق لك التلصص علي
التفت إليها ناظرا الى عينيها وهو يسأل بنفس الذهول
لا يحق لي ؟!
هتفت بغضبٍ أسود مخيف وشعرها يتناثر من حولها
نعم لا يحق لك
لم يرد لأنه لم يكن هناك مجالا للرد , بل وجد نفسه يصفعها فجأة بكل قوته !
شهقت شغف وهي تتراجع للخلف و يدها على وجنتها الحمراء تنظر إليه غير مصدقة , بعينين ذاهلتين لكنه لم يمهلها , بل قبض على عنقها وهو يسألها بصوتٍ مصعوق ومخيف في آن واحد ملوحا بالهاتف أمام عينيها
من هذا ؟!
ظلت صامتة تلهث بذعر فصرخ فيها وهو يصفعها مجددا
من هذا ؟!
شهقت شغف وهي تكتم أنفاسها أمام العنف المحدق بها فجأة وعلى غفلة منها ثم تمكنت أخيرا من الهتاف في وجهه بجنون شرس
وما دخلك ؟!
تراجع وجه خاطر فاغرا فمه بينما استغلت فرصة صدمته وصرخت مجددا بنفس الشراسة الغريبة
لا تنسى نفسك وتعطي لنفسك حقوقا أنا لم أمنحها لك ما أنت الا مأجور في صفقة و قبل أن تتفضل بالكلام عن الخيانة ومرارتها , تذكر أنك قبلت بالصفقة مسبقا مع فتاة تعهدت ألا تتدخل في علاقاتها
ساد صمت غريب مريع بعد أن بصقت بكلماتها الشريرة في وجهه مما جعله ينظر إليها لاهثا بصعوبة قبل أن يصرخ فيها فجأة بوحشية وهو يصفعها مجددا ناعتا إياها بالفجر و القذارة
ارتمت شغف أرضا وهي تنظر إليه بصمتٍ كئيب بينما جرحت زاوية شفتها , الا أنه لم يهتم بل صرخ فيها بجنون
أنتِ طالق
فغرت شغف فمها وهي تهمس بكلمة واحدة خرجت من بين شفتيها دون صوت كلمة نفيٍ وحيدة
لا
بينما كانت تراقبه وهو يبدل ملابسه بسرعةٍ قياسية سمعت فجأة طرقا عنيفا على الباب لم يجبه الا بعد أن انتهى و فتحه على مصرعيه ليجد عامر واقفا أمامه صارخا بغضب وسلوان تقف خلفه ناظرة الى خاطر برعب
ما الذي يحدث بينكما ؟!
لكن خاطر دفعه في صدره بكلتا قبضتيه يبعده عن طريقه , ثم اندفع مغادرا هذا البيت الملعون
تلاحقه مرارة الخيانة وصوتها القذر الذي واجهه بالحقيقة بعد أن رسمت له خطة أحكمت فيها خيوطها حول حياته و قلبه بكل نفسها المريضة المشوهة
لم يلحق به عامر , بل دخل الى الغرفة تتبعه سلوان حتى ارتمت بجوار شغف أرضا و أمسكت بكتفيها تربت على وجهها الشاحب هاتفة بجزع
دكتورة شغف .... شغف هل أنت بخير ؟
جثا عامر بجوارها وهو يسألها بقسوة
شغف أجيبيني
لكن نظرة منه الى هاتفها الواقع أرضا حيث أضاء بإجابة وصلت للتو إجابة لسؤال سبق وأرسلته منذ دقائق وكان الجواب عابثا حتى في الكلمات
بالطبع نتعرف من أنتِ اذن ؟!
نظر عامر الى صاحب الحساب الذي راسلته شغف من حسابٍ آخر مجهول , ثم ارتفع حاجباه ناظرا إليها بصدمة وهو يتعرف شكله بسهولة ! ثم همس غير مصدقا
ما هذا الذي تفعلينه بنفسك ؟!