الفصل الرابعشكوك

الفصل الرابع من رواية سحبة روح:-
يجلس محمد في أحد أركان المنزل، وهو يبكي علي ابنته، وعلي قلة حيلته، وتقترب منه منيره، وتحاول مواساته، لكنه يدفعها بعيدًا عنه، ويشير بأصبعه لها بالابتعاد عنه قدر الإمكان، وبعد لحظات تخرج أمه من غرفتها، وتقول له هيا بنا جميعا لنذهب لابنتنا، قف يا ولدي وتمسك يده، وينظر لوالدته بنظره حزنٍ وضُعفٍ، ويقف ثم يخرج الجميع من المنزل، وعندما تقترب منيره من رهف و أحمد، يركض اليهم، ويدفع يدها بعيدًا عنهم، ويمسك هو بيدهم ويقول:
-لا تقتربي من أطفالي ما دومت حيًا، هيا ابتعدي.
تذهب منيره الي جانب والده محمد، وتبكي وتقول لها:
-أنا مظلومة يا أمي إبنك يتهمني زورًا والآن يبعدني عن أطفالي، تُربت الام علي كتفها ثم تقول:
-انتظري قليلًا يا ابنتي، لتظهر الحقيقة، ثم نجعله يُدرك خطأه ويعتذر منك.
ويكمل الجميع طريقه للمشي، وعندما يصلو تكون الشرطة قد أتت بطلبٍ من الطبيب، ويذهبون اليهم ويسألونهم عن والد ووالدة الفتاة، فيترك محمد أطفاله لوالدته وأخواته، ويقول لهم:
-أنا والدها، وهذه التي هناك، ويشير بأصابعه علي منيرة تكون هي والدتها.
يقترب الشرطيان منهم، ويمسكان بهم ويذهبوا الي غرفة الطبيب، ويخبروه حينما تستيقظ الفتاة اتصل بنا، ويذهبوا بمحمد و منيرة إلي قسم الشرطة.
تدخل الجدة لغرفة الطبيب، وتطلب منه مقابله روح، ويسالها الطبيب عن صلتها بها فتقول:
-أنا جدتها والده ابيها، ومعي أخواتها، يريدون رؤيتها، أرجوك يا بني فقط لبضع لحظات، سنطمئن عليها، ونخرج علي الفور.
يأذن لها الطبيب بالدخول، وتحاول رهف ترك يد جدتها وهي خائفة، وبعد أن يدخلو الغرفة، وترى رهف روح تبكي قائله:
-لا أريد رؤيتها، ابعدوني عن هذه الغرفة، وتسحب يدها من يد جدتها وتركض، ويمسك بها محمود بالخارج، ويعود بها إلي المشفي، ويحاول تهدئتها، ويجلسا معًا علي اريكة خارج الغرفة، وعندما تخرج الجدة مسرعة، وتراهم يطمئن قلبها، وتذهب اليهم، وتجلس بجانبهم علي الاريكة، وتضع يدها علي كتف رهف، وتسحبها الي حضنها، وتملس شعرها برفق، معتقده أن الفتاة تنهار، لرؤيته شقيقتها بهذه الحالة.
يدخل الطبيب الي غرفة روح فيجدها قد استيقظت، وينتابها القلق الشديد يقترب منها، ويحاول تهدئتها، ويتصل علي الفور بالشرطة، ويجلس بجانبها، ويعطيها الحلوى، ويضع يده علي رأسها، ثم يقول لها بهدوء:
-هل تعلمين كانت لدي ابنه فى مثل عمرك، كانت لطيفه حقًا، وقلبها ناصعًا، رأيتها بك عندما أتيت الي هنا، تنظر روح له بنظرات حزن، ثم تقول له:
-هل اشتقت إليها، ولكنك لديك أطفال أخر؟ لماذا توقف حياتك علي ذكراها، يقف الطبيب وهو متعجب ويقول، كيف علمت بهذا؟
تتذكر روح وعدها لنفسها بالكتمان، فتصمت ولا تبادله الحديث مره أخرى.
تصل الشرطة ومعهم محمد ومنيرة، وعندما يرى محمد روح مستيقظة يركض اليها، ويقبل كل جسدها ويحتضنها بقوة، ويمسك رأسها وهو ينظر الي عيناها بعينيه المدمعة، ويبتسم لها، ويقول:
-ابنتي الجميلة حمدا لله انك استيقظت، ماذا حدث يا جميله أباكِ، تنظر روح لمنيره وتجدها خائفة، ويمسك بيدها الشرطي، ثم تنظر لأبيها، وتشعر أنه في خطر بسببها، ويقترب منها الشرطي ويجلس بجانبها، ويطلب خروج الأب والأم.
ينتظر الجميع في الخارج، في حالة قلق، ثم يخرج الشرطي، ويطلب من زملائه، ترك الابوان، فيسأله محمد:
-لم تتركنا، ماذا اخبرتك ابنتي، يقول له الشرطي:
-الفتاه نفت تعنيف أحداً لها، وقالت أنها تعثرت علي السلم، مما ترك بها هذه الندوب، ينظر محمد للجميع دهشًا، ويتسأل روح؟ لم تتعثر روح ابدًا! انها فتاه مميزه!.
يخرج الطبيب من الغرفة، ويبادل منيره بنظرات اشمئزاز، ويتركهم ويعود لغرفته، يدخل الجميع للاطمئنان مره اخرى علي روح، فيجدونها ترتب ثيابها، وتقترب من محمد، وتمسك يدهُ، وتقول له:
-هيا لنذهب يا أبي أنا بخير.
يحملها محمد، ويذهب الجميع خلفه إلي المنزل، وعند دخولهم، تقف منيرة وهي ترتعد من الخوف، فتمسك بها الجدة وتقول لها:
-ما بك لم انت ترتعدين هكذا؟ تلألأ منيره فالكلام، ولا تقدر علي اخراجه، أو البوح بما بها، وتخرج منها كلمات متقطعة، مثل الكيس الحوض الثعبان، فتنظر روح لأمها وتتذكر ما حدث لها بالمنزل قبل فقدانها للوعي، ثم تلتقط الأم انفاسها اخيرًا وتقول:
-كان هناك ثعبانًا ضخما في كيس من القماش بداخل المنزل تحت حوض المطبخ، وعندما رأيته لم أشعر بما حدث غير أنني أمسكت بأطفالي، وركضت بكل قوتي لنبتعد.
لا يهتم أحدا لكلامها، ويفتحوا الباب، ويدخلوا جميعا للمنزل، وتنظر روح للمكان، ولكنها لا تجد أثر للثعبان أبدا، وكأن شيئا لم يحدث، وكأن كل ما رأته هو مجرد حلم.
يمسك محمد بيد منيرة، ويسحبها للداخل، ويدخل بها للمنزل، فتظل تنظر لكل مكان وهي خائفة، وتتسحب ببطيء، وتدخل المطبخ، فتجد الكيس مازال بنفس المكان، تنادي علي محمد بصوتٍ خافت، ولكنه لا يسمعها، فتخرج من المطبخ، وتذهب اليهم،، وتطلب منه أن يذهب معها للمطبخ، وعندما يذهب معها تشير بيدها إلي الكيس، وتقول له:
-هذا هو الكيس الذي اخبرتكم عنه، يقترب محمد من الكيس، ويحاول فتحه، وبعد أن يفتحه ينظر لها باستهزاء، ويسالها:
-أهذا هو انظري هنا، لا يوجد بهٍ شيئا، هل تحاولين تبرير أفعالك بهذه الكذبات الرخيصة، وفري علي نفسك الجهد، أنا اعلم جيدا ما يحدث هنا، ولن تنطلي علي أي من هذه الأفعال، ويتركها ويخرج.
تستغرب منيره، وتجلس علي الأرض وتمد يدها وهي خائفة وتفتح الكيس، ولكنها لا تجد به شيئا.
تظل تتسأل إن كان كل هذا وهما، وإن ما رأته كان مجرد خيالا يأتي من عقلها.
وعند خروجها من المطبخ، تتقابل مع محمد وهو يحمل روح وذاهب بها إلي غرفتها، ويضعها علي التخت فتمسك بيده روح، وتطلب منه البقاء بجانبها، فيحتضنها محمد ويناما معا.
تذهب رهف إلي منيره وهي باكيه، وتخبرها أنها خائفة من روح ولا تريد البقاء معها في نفس الغرفة، فتردها والدتها وتسبها، وتخبرها أنها سبب كل ما حدث معهما.
يملس محمد علي شعر روح محاولا طمأنتها، ثم يجلس ويسالها عن سبب فقدانها للوعي، وهل حقا أنها انزلقت من علي الدرج، تحاول روح تجنب الإجابة واختلاق المواضيع ليكف عن السؤال، ولكن عند إصراره، وعندما تبدأ بإخباره تتذكر حينما أخبرها أن تكف عن اختلاق هذه الأفعال، والرؤيات، فتقول له وهي تنظر لمكان آخر لأنها لا تقدر علي الكذب وهي تنظر لعيناه:
-حقا أنني انزلقت علي الدرج يا أبي، ولا ادرى لما فقدت الوعي، هل تدرك أنك تسأل طفلة اسئلة اكبر من حجمها؟ ثم تضحك له وتقول:
-هل ننسي كل ما حدث، ونبدأ في تجهيز أدواتي المدرسية ألم نقترب من موعد الدراسة؟
يقبل محمد رأسها، وهو يدرك أن الفتاة تخفي عنه شيء، ولكنها تعلم أن هذا الشيء سوف يجعله يفقد صوابه.
عندما يهزم روح النوم، يتركها محمد علي التخت، وينسحب ببطيء، ويخرج خارج الغرفة للمكان الذي تجلس به أمه ِ ويعتذر عن تأخره عنها، ثم يجلس وينظر باحثا عن أبنائه، فتخبره أن الفتاه مع والدتها، والأولاد ذهبوا للعب مع اصدقائهم، وتطلب منه الاعتذار لزوجته لتهجمه عليها وظهور براءتها، يرفض محمد رفضا تاما، ويقول لها:
-هل أخبرك شيئا يا أمي؟
الطفلة التي ترقد بالداخل، اخفت الحقيقة حتي لا يتأذى احد منا وأنا لدي شكوك كثيرة أن كل ما حدث له علاقة بمنيره ورهف ووعد مني كشف هذا الأمر.
في ظل نوم روح، ترى رجلا ضخما يجلس بأحد الأماكن، ولا يوجد غيرهما، تنظر لجميع الأماكن، وتركض في الشوارع، ولكنها لا تجد غيره، فتذهب اليه مسرعة، وتساله اين ذهب الناس؟
ينظر لها ويقول:
- الا يغنيك وجودي عن أي أناس؟
فتسأله من أنت حتي يغنيني وجودك عن الناس؟
يقول لها:
-أنا (حارد) وأنت وأنا شخصان في جسدٍ واحد.
ويتبع
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي