الفصل الثالث و الأربعون

سكتت ريحان عن الكلام المباح وكم كان سكوتها صعبا لكن لا تستطيع أن تعاتب وكيف يكون العتاب وكل حرف يخرج من شفتيه يعارك غصة عند حلقه ليتحرر وكل تنهيدة تأتي من صدره تعلن أنه يتألم ويكابر كي لا يظهر ضعفه لبشر حتى لو كانت هي وكل نظرة منه إليها تستصرخ مكتومة تطلب منها المساعدة فلا طاقة له دون تلك العيون التي ما اتسعت إلا لتحتويه.

همست بين شفتيها ذاكرة الله عز وجل ثم ناظرته بلمعة وكم وفرت له تلك اللمعة من راحة فكانت نقطة قوة ليكمل حديثه دون ترد ليستجمع مرة أخرى تلك الكلمات على وهن وجهز نفسه ليردف بتوجس:
أمها البيولوجية ألمانية الجنسية ووالدها تركي كان صديقي الصدوق بالأصل وسندي أو بالأحرى أخ لم تلده أمي سهر ورحلات وأنس وضحك لقد كنا لا نفترق إلا قليلا لكن حكمة رب العالمين أكبر من كل الأماني ففرقتنا فجأة دون عودة.
اعتدلت بجلوسها وعيونها لا تزال عليه ثم تنهدت بضيق مردفة:
أنا حين عرفت كل تفكيري ذهب إلى أنك تبنيتها أنت ونازلي من دار أيتام.
سكت أمير وعاد لحقيبة ذكرياته المخبأة في زاوية من قطار الزمن يطالع أمامه ذكريات جميلة منها وموجعة ليذهب سريعا إلى ذلك الحادث فغص قلبه أكثر حين تذكر بكاء أوزجي وهي رضيعة وحيدة لا أب لا أم لا مؤنس فزفر بحنق ووضع يده على رقبته فقد يختنق ليردف:
رحمة الله عليهما هو كذلك أصلا لقد تم تسليمها لأحد دور الأيتام بعد وفاة والديها فطبعا لم يسمحوا لي المسؤولون الاحتفاظ بها ورعايتها فلجأت للقانون وتقدمت أنا ونازلي بطلب لتبنيها.
ريحان بحنق:
طبعا لديكما كل المؤهلات لتبنيها
رد أمير:
استخدمت أنا ونازلي كل معارفنا وفعلنا كل شيء لكي لا يتبناها غيرنا وفعلا أخذنا الصغيرة وصارت منذ تلك اللحظة أوزجي تارهون حفيدة عائلة حكمت.
زفرت ريحان بغصة متناسية صدمتها من معرفتها تلك الحقيقة لتردف:
لكن أهلها أين وأقاربها أليس لديها أقارب أعمام أخوال ألم يسأل عنها أحد؟
بالتأكيد وصل الخبر لأهالي والديها رحمة الله عليهما.
سكت أمير لبرهة ينظر أمامه ثم التفت إليها ليكمل حديثه بخفوت:
توفيت والدتها أثناء ولادتها بسبب مرض صعب في الرحم أصلا ضحت بنفسها لأجل أن تعيش اوزجي ثم توفي والدها
اوجست ريحان في نفسها خيفة ووضعت يدها على بطنها تتحسيه في حركة لا إرادية منها حين أحست بالخطر والخوف ثم ناظرته بحزن شديد لكن التيه الذي كان يرتحل فيه منه من الإنتباه فأردف قائلا:
ومنذ ذلك الحين لم يسأل عنها على الإطلاق أحد ربما لا احد يعلم حتى
ردت ريحان:
ألم تبحث عن أهلها؟
رد.أمير بحزن:
كنت سأفعل ذلك ولربما لو فعلت كنت سأجدهم لكن بالأخير فكرت جيدا و تراجعت لأن الصغيرة كانت وصيتي لقد أوصاني أن أرعاها مثل لو كانت من صلبي ولم يكن بمقدوري أن أسلمها لأحد كي يرعاها مهما كانت صلة القرابة بينهما لم أستطع ريحان لم أستطع أوزجي قطعة من روحي صدقيني أنسى دائما أنها متبناة حين أضمها لصدري ولم أفعل ذلك يوما إلا وارتحت.

تذكرت الجميلة حينها أنها يتيمة أيضا وعادت تتجرع الألم من بين ثنايا قلبها فأنزلت رأسها لا تهرب منه فقط بل من تلك الذكرى أيضا وتلك الصورة والكل يشير إليك بأصبعه يناديك باليتيم،ألم يتعلموا أن اليتيم مكرم من عند رب العالمين؟
ألم يتعلموا أن اليتيم لا يقهر؟
لكنه أصبح ماض وكل ماض لن يعود فلا يجب أن ندفن أنفسنا هناك وننسى أن الحاضر أيضا جميل والمستقبل سيأتي جميلا فقط نحسن الظن برب العالمين المدبر لكل شيء.
نظر إليها بانكسار وألم يريد أن يضمها بكل قوة لينسيها وينسى أيضا ليتحدث في نفسه قائلا(ليتني كنت أستطيع أن أخبرك أنك لست يتيمة بل لديك عائلة جميلة وإخوة لكن كيف سأخبرك بهذا كله وكيف سأواجه تلك العينين البريئتين؟
إن فعلت ذلك معناه أنني وقعت على شهادة وفاتي بيدي سامحيني عشق أنا أتخبط بين شقي رحى ومشاعري تطحن كل يوم رغم أنني أحاول لكن)
كانت تنظر حزينة لا دمع ينزل من مقلتيها التي جفت و حجبت تلك الدموع فتطلقت غصات القلب وجروحه التي فتحت للعلن فمن يا تراه يتحمل شعور اليتم ويتقبله بصدر رحب؟ لا أحد مهما كان صغيرا كان أم كبيرا فأول سند وكل السند هما الوالدان وإذا ذهبا رحل عن عالمنا الأمان.
تحدثت بصوت متقطع بعد حين وأخرجت من حلقها تلك الحروف المتتالية لتقول:ووالدها كيف مات؟
رد أمير بخفوت:
مرت بضع شهور على وفاة زوجته وقد كان يعشقها بجنون لدرجة لا تصدق لقد عانى الكثير بسبب مرضها وحمل زاد الوضع سوء اصلا في بداية حملها حين ظهرت تلك المشكلة رفض ذلك الطفل وحاول معها بكل الطرق أن تجري عملية وتنزل الجنين لكنها أبت إلا أن تنجبه وبالنهاية وافق وأتت أوزجي ورحلت هي.
أصعب شعور علي الاطلاق فليس مجرد خسارة شخص عزيز ولكنها الأم، خسارتها تعني خسارة السند والأمان والاستقرار فيصبح الشخص بعدها مزعزعا منهارا وقد فقد تلك الهالة التي تحميه من كل أذي قد يصيبه، فقد الدعوات اللامحدودة التي يسمعها الله فيرد عنه بها فواجع الأقدار.
ريحان بحنق:
أيعقل أن تموت بسبب الولادة رغم تطور الطب؟
رد أمير:
نعم قامت بوالدتها بخير إذ فضلت إنجابها للحياة والمخاطرة بحياتها لكن تركتها وذهبت ليتولى والدها  رعايتها من بعدها لقد كان يحبها بشكل كبير كانت الصغيرة نفسه، كان مستعدا أن يفني عمره كله لرعايتها وفعلا فعل ذلك لكن
وضعت يدها على شفتيها حزينة لتقول:
حتى هو
نظر إليها بحزن ليقول:
تعرض لحادث بشع ومميت ووقتها أوزجي لم تبلغ السنة بعد
كم كانت تلك الكلمات التي تنزل عليها باردة وقاسية فتبتلع ريقها وتضم يداها بقوة تحاول أن تتماسك أمامه وهي ترى كمية الحزن التي داخل عينيه وكم كانت تذكره لتلك ألأيام أقسى وأصعب.

تنهدت لتردف:
أنت تتالم؟
رد بخفوت:
أكثر مما تتوقعين لو رأيت فقط تلك الصغيرة في ذلك الوقت حين كانت تنظر لتلك الوجوه لا تعي شيء
اقتربت منه حرنها وأمسكت يده بقوة وربتت بيدها الأخرى على كتفه وابتسمت وأومأت بأن يكمل فتتنهد حينها بقوة وأكمل:
توفي طارق بسبب الحادث ذاك وحين كان بلحظاته الأخيرة كنت أنا معه لقد كان الحادث بسبب الموتور كنا نتسابق للتسلية كعادتنا أنا وهو
ردت ريحان مقاطعة كلامه:
لا يمكن.
أمير بحنق:
إصابته كانت قوية لم يتمكن من النجاة وحين اأحس  بأنه هالك لا محالة ثم سكت وأخذ يتذكر ذلك الحادث بتفاصيله القاسية لقطة لقطة وتفصيلة تفصيلة.
كانت تنظر إليه حزينة لا تدري ما تقول او ماذا تصنع كي تواسيه وتخفف من  ألمه فحزنه باد وألمه زاد لكن لا حل بيدها غير أن تكون بقربه ولا تفارق يدها يده لتكتفي بالصمت حزينة.
اكمل قائلا:
طلبني حينها وطلب مني ثم سكت
بكت ريحان بقوة لحظتها لم تحمل أكثر فحررت شهقاتها وانفجرت
نظر إليها ودمعه ينزل من مقلتيه حارقا لكنه لم يسكتها ليكمل قائلا:
أوصاني بها ما دمت حيا وأمنني عليها كي أرعاها وأتبرها طفلتي وإن لم تكن من صلبي وأن لا أفرط بها ولا أسلمها لأحد قد يظهر من عائلتها لا من ناحيته ولا من ناحية أمها مهما كان السبب ولو اضطررت لأسفرها وأخفيها عن كل البشر تخيلي ذلك عشق أن يقول لك شخص عزيز أنا سأموت وأنا مطمئن لأن طفلتي ستكون برعايتك واأدرك أنك ستكون لها أبا أحسن مني حتى أنا لست حزينا هي صغيرة ولن تحس لغيابنا ما دمت أنت بجانبها صديقي وأعرف أنك ستحميها بروحك.
أي حديث سيواسيه الآن؟ لم تعرف بم تتحدث قط.
أضاف هو:
سكت قليلا فقط بعد أن أوصاني بها ثم أضاف وأنا أموت كلما تأخرت سيارة الإسعاف أكثر ليقول أتتذكر أمير حين أخبرتك بأن زوجتي حامل بفتاة وانني سأصبح ابا لاجمل فتاة بالكون ماذا قلت؟؟
أجبته انا وقلت:
توقف طارق لطفا توقف لن يكون هناك أب لابنتك غيرك توقف
لكنه اكمل حديثه وقال قلت أنك ستكون والدها أيضا فهي ابنة صديقك يعني ابنتك وقلت بجبروت كعادتك"لعلمك طارق نهاية الأسبوع ستقضيه الصغيرة معي لنتفق منذ الآن ها"
وها قد جاءتك الفرصة
تحدثت ريحان باكية:
كيف تحملت النظر إليه وهو يقول تلك الكلمات؟
أمير بصوت أجهش:
كنت أحتضر مكانه كان قلبي يعتصر وينزف أمامي وجعا.
تنهدت ريحان لتضيف:
وماذا صنعت  بعدها اسمعك حبيبي قل كل شيء لا تترك شيء يحرقك.
ردت أمير:
حاولت إقناعه بغير ذلك لكن بالأخير وافقت ووعدته وعد شرف ثم أقسمت برب العالمين أن الصغيرة بعيوني ولن يمسها بأس ما دمت حيا وسأكرس عمري لها وبعدها بيومين فقط مات صديقي
ريحان بحزن:
وماذا فعلت مع أوزجي؟
رد أمير:
أحضرتها الى هنا للقصر وبقيت معنا في رعايتنا أياما لكن أتت جماعة من أفراد شؤون الأسرة وحماية الطفولة وأوخذوها سلموها للميتم لأن هذا مرفوض طبعا ولا يؤمنون بوصية أو أمانة وما غير ذلك.
ريحان بحزن وهي تمسح على خصلات شعره:
وكيف تحملت؟
أمير ممسكا بيدها:
جهزت أنا ونازلي كل الأوراق في ظرف أسبوع ليتم سريعا التبني ثم توجهنا للميتم وقمنا بتبنيها قبل أن يتبناها غيرنا
سكتت ونظرت بعمق عينيه ثم لامست لحيته المخضبة بدمعه ومسحت عنها البلل ثم عادت واعتدلت بعد أن رأت ابتسامته لتردف:
أكاد لا اصدق ما أسمع والله أكاد لا أصدق أن كل هذا حدث وأنا لا علم لي ونازلي هل أجبتها أمي
أمير بابتسامة ساخرة:
نازلي لا تحب إلا نفسها زواجنا بالاصل كان خطأ كان إصرارا من أمي وأنا وافقت وايضا لولا الصغيرة لكنا افترقنا منذ زمن بعيد لكن لأجلها فقط تحملتها وتحملت غرورها وعصبيتها كي لا تحس أوزجي بالحزن وتعيش في كنف أسرة من أب وأم أصلا زواجنا باوزجي أو دونها كان بلا روح زواج ميت.
ريحان مبتسمة:
والصغيرة أكمل ماذا حدث بعدها؟
رد أمير:
منذ تلك اللحظة زرع حبها بقلبي وكبر ونمى كشجر الصنوبر المعمر لم أحس يوما انها ابنة غيري إنها ملاكي الذي يزين بلمسته الصغيرة كل كوني ويلون حياتي.
ريحان بخفوت:
ولم لم تخبرني أمير؟
ابتسم ولامس وجنتها برفق قائلا:
لأنني أخذت عهدا أمام نفسي وأمام كل الكون لن يعرف أحدبالموضوع حتى تبلغ سن العاشرة.
ريحان مستفهمة:
ولم سن العاشرة؟
رد أمير:
يجب أن نخبرها الحقيقة حين تبلغ 10سنوات من عمرها هذه تعاليم المرشدة لا يمكن أن نخفي عنها الحقيقة.
لا ادري كيف ساقولها يومها وكيف سأواجهها تو ربما سيخبرها أحد عوضا عني لكن يجب ذلك يجب ذلك من حقها أن تعرف كل شيء من حقها أن تعرف انني احبها وأنها طفلتي رغم كل هذا وأنني جربت إحساس الأبوة معها لاول مرة وأنها أميرتي المدللة حتى أن الكل يحبها ولم يحس أحد يوما انها متبناة ثم لم يتمالك نفسه ووجعه ما جعله يضع يديه على رأسه بصمت ليهرب من تلك الرياح القوية التي عصفت بوجهه فجاة التي لطالما هرب فارا منها للبعيد
بعد لحظات التفت اليها يحدق بملامحها الهادئة متألما وهي لا تزال تنظر إليه تريد أن تقتلع ذلك الألم الذي يدفنه داخله ولا سبيل لذلك إلا بالبوح.
اقتربت منه أكثر واعتدلت ثم  أمسكت  يديه وأبعدتهما عن رأسه ثم نظرت إليه بحب وابتسمت تلك الابتسامة الناعمة التي تظهر بها قليلا من غمازتها الساحرة والتي لطالما أسعدت روحه بها واستطاعت من خلال رقتها أن تنتشله من بين أمواج الحزن المتلاطمة والظلام وتخرج به إلى النور والسلام معافا وكأن لم يتأذ قط.
بادلها ابتسامة خفيفة من بين أحزانه التي أثقلتها تلك الحقيقة لتضم يده بقوة ثم انحنت قليلا ووضعت رأسها بصدره لتتحدث حينها بخفوت:
لا تحزن رجاء أنا أتألم كلما رأيتك هكذا وينفطر قلبي ولا تنس أني واوزجي نستمد منك قوتنا.
لا تحزن فعيونك ما خلقت لتحزن ثم انظر أنا حين أعانقك وأسك بيدك أستمد منك قوة جبارة أستطيع بها مقاومة أي عاصفة.
نظر إليها بحب لكنه لم ينطق ببنت كلمة لتكمل هي:
حين تأتي تلك اللحظة سنكون معا أنا وأنت وسنحدثها بالحقيقة  معا وسنتجاوزها معا وسنكون عائلة جميلة لأننا محاطون بحبك ويحمينا قلب أجمل وأعظم بابا بالكون.
تنهد أمير ليردف:
هي حين نادتني بابا لأول مرة صدقيني شعور غريب تملكني وقتها أحسست بكل ما تعنيه الكلمة من عمق وجمال ومشاعر لا بديل لها إنها ابنتي أنا ولن تكون غير ذلك.
ردت ريحان تهدئ من روعه:
هي كذلك فعلا أصلا الكل يحبها ووالداك يعتبرانها حفيدتهم ويحبانها أنا لم أحس يوما أنها غير مرغوبة بالعكس إنها حفيدة آل تارهون الجميلة الشقية الذكية لذا كانت صدمتي كبيرة حين عرفت اليوم بأنها متبناة.
أمير بحنق:
حتى أمي التي تتذمر من الكل ولا تطيق أحدا عند حفيدتها تتحول لشخص يمتلك كل حنية الكون.
ريحان مبتسمة:
في هذه أنا أوافقك وبشدة أيضا لأن أوزجي سبحان من وضع بوجهها براءة تجعلك تحبها دون أن تدرك يعني هكذا مثل أبيها.
طالعها مستفهما وأردف:
هذا إطراء أم استهزاء ريحان تاروهون؟
ريحان ضاحكة:
لله الله منذ متى أمدحك أنا؟
ابتسم اخيرا وتحررت روحه من الألم ليضع يده على تلك الحفرة التي تجذبه كلما ظهرت للعلن ليردد:
أنت فقط كوني بجانبي هكذا دائما يدك بيدي ورأسك بصدري وابتسامتك الجميلة تحاوط عالمي ولن تهزني أي عواصف ولن تغلبني أي قوة كانت.
ردت بحب:
أنا معك حبيبي سأكون بجانبك مادام في نفس وسأدعمك وأحتويك دائما فأنت كل شيء لي لكن لطفا يكفي أسرار لا تخف عني أي شيء كن دائما واضحا ولا تترك غيرك يستغل أي ثغرة لإثارة المشاكل بيننا أو هز ثقتك بي أو العكس.
ابتسم ورد:
أولست غاضبة؟
ردت ريحان:
لا لست غاضبة بل على العكس تماما أنا فخورة بك جدا ثم وضعت يدها على قلبه لتكمل:
لو لم تكن ذا معدن طيب وأصيل لما أمنك صديقك رحمه الله على ابنته وهو يتلفظ أنفاسه الأخيرة و لم لم تكن ذا قلب طيب أيضا لما أحببتها وجعلتها طفلتك ولو لم تكن شخصا باطنه نظيف لما  استطعت أن ترعاها وتمدها بحبك وتعوضها عن فقدها لوالديها ولم لم تكن نقي الجوهر لما عشقتك حد الجنون وأصبحت لي الأمان والسكينة والطمأنية وكل شيء جميل في حياتي لقد زدت رفعة بعيني أمير أنا أحبك جدا.

كان ينظر إليها وهي تتحدث بتلك الكلمات والسعادة تفر من لمعة مقلتيه وتلف حوله من كل جانب، لقد كانت كلماتها تلك بمثابة بلسم شفاء لروح أتعبها الحزن وأنهكتها الأسرار.
اقترب أكثر ووضع جبينه على جبينها يطالعها بحب لتكمل هي قائلة:
هكذا حين نرزق بأطفال إن شاء الله لن أخاف من شيء أبدا فأنا أعرف حق المعرفة أن في ضهرهم أبا سيقف بوجه أي شيء كان ليحميهم.
تحدث بهمس حينها قائلا:
انت كوني امهم فقط وسأكون أسعد رجل بالكون ابنتي قوية وستتجاوزها أنا متاكد وما دمت بجانبي أنا قوي أيضا وأنا أيضا أحبك كثيرا وسيكون لدينا الكثير من الأيام الجميلة.
ردت قائلة:
الكثير الكثير
احتضنها بقوة أكبر ليبقيا على ذلك الحال مدة بصدره يأخذ من عبيرها لفؤاده ويتنفس بعمق.
وأخيرا كشف ذلك السر وتحدث وأخرج ألما كان يخبؤه بين خلجات قلبه سنينا وكم قبع ذلك الحزن في تلك الزاوية المعزولة دون أن يقترب منه لكن بفضلها هي فقط استطاع أن يقتب ويخطفه من تلك الزاوية المظلمة ويرميه بعيدا عنه.
هدأت ريحان أخيرا وكفت عن التوتر والشك حين عرفت كل شيء فتذكرت حديث نازلي صباحا وابتسمت فرحة فهي التي انتصرت بالأخير وهي التي تأكدت أن أمير لا يمكن أن يخفي عنها شيء مهما عظم وها قد عرفت السر الذي استخدمته نازلي لتهز ثقتها بأمير لكن ما زادتها إلا حبا له وثقة واحتراما.
بقيت قليلا تلامس صدره بأناملها ثم تفتح عيونها وتنظر إليه سعيدة لنجده مغمض العينين مبتسم الشفتين لكن لحظات وتذكرت الرائحة لتقوم من صدره بسرعة.
قطعت سكونه الهادئ ففتح عيونه ونظر إليها مستغربا ليقول:
ماذا هناك عشق لم قمت من مكانك؟
ردت ريحان وهي تعيد شعرها للخلف:
لا شيء قمت فقط حبيبي
ابتسم ورد:
لا بأس حلوتي أصلا ارتحت كثيرا حين ضممتك لصدري وشممت عبيرك والآن أخبريني من أين عرفت موضوع التبني هذا؟
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي