الفصل العشرون
كانت السعادة تغمرها من رأسها حتى أخمص قدميها، استدارت لها والدتها وضمتها بحنان، ونظرت إليها نظرة تعلمها جيدًا في حركة سريعة منها حينما سحبتها من يدها بعدما أنهوا محادثة مع حالها وأسرته وانهوا طعامهم أيضا، ولجت بها إلى غرفتها وفتحت دولابها ثم جلبت جميع الملابس واحد تلو الآخر وتجربه عليها وتقول فيه رأيها لحين وقع عيناها على رداء أحمر مشغول بالإستراس الذهبي، أعجب أبسل كثيرا اعتمدته وقررت ان ترتديه في إستقبال فتحي؛
عند حلول المساء بعدما ارسل لها رساله يخبرها فيها بأنه في طريقه إليها، همَّت عفاف بترتيب الصالون وولجت الي المطبخ لتعد لهم الضيافه، بينما كانت أيسل تتزين وتتهيأ لكن كانت مرتبكه جداً ولم تعرف كيف تقوم باستقباله مع عائلته؛
ولج إليها والدها ليطمئن عليها، عندما رآها في أبهى صوره اطلق صفيره، بينما هي شعرت بالخجل واحمر وجهها وحنت رأسها للأسفل، إقترب منها براء وأجلسها على الفراش أمامه، واقترب منها وكوَّر وجهها بين يديه، ثم اومأ إليها بحنو
-بدر منور ياحبيبة قلب أبوكي! والله وكبرتي وهتتجوزي وتسبيني ياسوسو، تعرفي انا لحد امبارح ببصلك على انك البنت الصغيره ال بتلعب وتتنطط ومهما تكبري هتفضلي في عيوني احلى بنوته وطفله ياقلبي، ربنا يسعدك ويراضيكي
دقات قلب أيسل كانت تتسابق تُعلن مع كل دقة تلعثمها وارتباكها، أغمضت عينيها وتنهدت بحراره، ثم شرعت رأسها واردفت
-والنبي يابابا خليك قاعد جنبي ماتسبنيش، لاني مش عارفه هتصرف ازاي.
ووضعت يدها على صدرها لتستمع الي دقات قلبها، التي تعلن دقاته عن عشقها له لمجرد انه تقدم لخطبتها؛ فاقت على صوت دقات جرس الباب فانتفضت وربت والدها على كتفها كي تهدأ ثم خرج هو كي يفتح لهم ويقوم باستقبالهم، كانت قد اعدت عفاف كل شيئ وولجت ال غرفتها كي تستعد هي الأخرى كوالدة العروس، ثم ذهبت إلى أيسل كي تصطحبها وخرجوا سويا ثم ألقت عفاف التحيه على الجميع بينما إبتسمت أيسل فقط ثم جلسوا مع بعضهم البعض،
بعد مرور بضع دقائق من الترحيب والتحدث في أمور جانبيه، جاءت اللحظه الحاسمه وبادر والد فتحي بالتحدث بينما كان فتحي يختلس النظر الى أيسل بين الحين والآخر ويرى كم هي في قمة جمالها اليوم لكن هيا كانت جالسة حانية رأسها بعض الشئ وتهز في ساقها بهدوء وتفرك كفيها في بعضهما، أومأ والد العريس لبراء مبتسماً
-طبعا كلنا عارفين احنا مجتمعين هنا اليوم ليه، فأنا نيابة عن ابني المصون فتحي أتقدم واطلب يد إبنتكم المحترمه كي تكون زوجته على سنه الله ورسوله، وأي طلبات واي شيئ انا كفيل به، ما بدنا غير العروس بالرداء ال عليها، قولت ايه يابو العروس؟
نظرا براء وعفاف لبعضهما مبتسمان، ثم رمق براء ابنته ليري ملامحها ويعرف رأيها أمام الجميع بالرغم من انه يعرفه من قبل، لكن كان من الضروري ان يفعل أمامه ذلك، هزت ايسل رأسها بالقبول فابتهج براء واجاب الجميع وهو متكأ على كرسيه بكل فخر وعزه
-واحنا مش هنلاقي عريس احسن من ابنكم فتحي عشان نستأمنه على بنتنا، انا موافق اعطيكم بنتي
تعالت الأصوات بالبهجه والفرح وصاح الجميع بالمباركه للعروسين، تفاجأ الكل بوالدة فتحي تقوم عن مقعدها وبيدها صندق مزخرف كبير وتقترب من العروس، امال عفاف بجسدها بعض الشئ كي تجلس والدة فتحي فيما بينهم، ثم ربتت على كتف أيسل وقبلتها من وجنتيها ثم تنهدت
-مبارك عليكي ابني ياحبيبتي، ممكن تعطيني ايدك الحلوه هاذي
إبتسمت أيسل واجابتها بخجل وحياء وهي تمد يدها لتعطيها اياها
-الله يبارك فيكي ياطنط
فتحت والدة فتحت الصندوق ورأي الجميع بأنه ممتلأ بالذهب، انتقت منه بعد القطع وقامت بوضعها بيد أيسل واصابعها أيضا، ثم مدت يدها وانتقطت سلسال مشألله ووضعته حول عنقها ثم أطلقت زغاريدها باللهجه السعودي؛
لم تصدق عفاف مارأت عيناها خصوصا بعدما أغلقت والدة العروس الصندوق ووضعته في يدها وقالت لها بحنو
-هذه هديه العروس مني آني، مالها علاقه بالشبكه ال هيعطيها الها ولدي فتحي، مبارك عليها ياإختي.
كادت تقفز عفاف من السعاده عندما رأت وامسكت بيدها هذا الكم الهائل من الذهب، فهذا هو من عادات العائلات السعوديه العريقه، سعدوا جميعا ثم رفعوا ايديهم ليقرؤا الفاتحه، ثم استأذن فتحي من براء بأن يختلي بأيسل ليجلسوا بمفردهم بعض الوقت، طبعا اذن لهم براء على الرحب والسعه لكن يكون في مكان بالقرب منهم أيضا، ثم جلس العائلتين يمرحون ويتناولون الحلويات ويتبادلون الحديث فيما بينهم؛ لانه براء يعرف رب الأسره من قبل فكانت الجلسه فيها ود ومحبه؛
كان فتحي وايسل يتبادلون النظرات وهو يهمس في أذنيها بصوت أذاب فؤادها
- أنا بقول ايه رأيك لما نتكلم مع الجماعه ونحدد ميعاد الفرح وياريت يكون الاسبوع الجاي، لاني خلاص مش قادر تكوني بعيده عني بعد كدا، عايزك علطول جنبي ومعايا.
ردَّت عليه أيسل بغُنْج، وهي تمرِّر أناملها بين بعضهم بإغراء أنثى عاشقة
-وأنت إمتى حبيتني اوي بالشكل ده دا ما كملناش اسبوع متعرفين على بعض؟
أجابها فتحي وهو يتنهش جسدها بعيونه
-مش عارف هفضل لإمتى كل ما أشوفك أبقى عايز أفترسك، وأدوِّب كل حتة فيكي جوايا بين ضلوعي، تعرفي إني مستعد أستغنى عن نبض قلبي، ولا أستغنى عنك
وخطف كريزتيها بين خاصته يعتصرهم برغبه تمزقهم،كانت أيسل تأن من فرط مشاعرها، ابتعد عنها فتحي وغمز لها بعينيه
- إيه رأيك مش كلامي صحيح، وانا كمان ملاحظ ان مشاعرك تجاهي زيي ويمكن اكتر كمان، أصل أنا كدة هفقد صوابي في أي لحظة،
وهتف بصوت قد يكون مرتفع بعض الشيئ
-بحبك يا ساحرتي ومعذبتي
ابتسمت ودمعت عيونها من سعاده قلبها، بعشق فتحي لها الذي يُعلنه على الملأ دون خجل، انتبهوا لهم باقي العائله فجلسوا يضحكون على تصرفاتهم المرحه.
حددوا ميعاد الزفاف بالفعل بعد مرور أسبوعان، كان الزفاف عباره عن ذهاب العروس الي منزل زوجها دون عرس مثل الاعراس بمصر،
ولجت أيسل الي منزل الزوجيه بردائها الأبيض ممسكة بساعد فتحي، قامو أبواها بإيصالها والاطمئنان عليها ثم قامو بتوديعها مع البكاء والحزن بسبب الفراق لكن تمنوا لها حياه هنيئه برفقة زوجها
هنا تحولت أيسل من البنت الوحيده الدلوعه لزوجة مسئوله عن زوج ومنزل، كانت ليلتها الأولى مثل أي عروسين مليئة بالرومانسيه، حينما اقترب منها فتحي لينزع عنها ردائها انتفضت أيسل وابتعدت عنه ثم التفتت اليه بدهشه وخجل
-إي.. ايه انت بتعمل إيه؟
اقترب منها فتحي رويدا مبتسماً وهو ينزع جاكيته من فوق اكتافه والقى به على الفراش ثم أجابها بصوت حنون رومانسي
-هكون بعمل ايش يعني ياقمر، الليله ليلتنا ومش عايزين نضيعها في الخلع واللبس وهيك شغلات، في حاجات اهم لابد أن نفعلها ياسيدتي ولا انتي ليكي رأي تاني!
هرولت أيسل بعيدا، لا تدري أتضحك أم تبكي، لتتوقف فجأة حين طالعها وجه فتحي الضاحك، حاولت تحاشيه ظناً منها أنه لن يفلتها، ولكنه اعترض طريقها وأشار إليها لتصعد إلى الفراش بصمت، تذمرت وجلست على المقعد المقابل للمرآه، فوقف يحدق بها عاقدا لساعديه، فما كان منها إلا أن نهضت وجلست إلى جواره بالفراش، فأتخذ مكانه وإنقضَّ عليها مسرعاً، حاولت حثه على الأبطاء ولكنه لم يعد يرى أمامه، فما يحدث من وجهة نظره بات مملاً هو لا يحب الالعيب، ويريد أن يستمتع بها وتستمتع به فهذه ليلتهم، وبداية لحياتهما سوياً، حينما اقترب من شفتاها، رأي على شفاهها ابتسامة لعوبة، وتمرِّر يدها على عضلات صدره بإغراء أنثى تمتلك كل فنون الإغراء لبعثرة مشاعر زوجها إلى أشلاء يصعب جمعها:
- أنا بعشقك وبموت في التراب اللي بتمشي عليه، أنت اللي نبض قلبي، والنفس اللي بتنفسه، أنا بحبك أوي يا نور عيوني، أوقات بحس إني بحبك أكتر من نفسي،
ظهرت ابتسامة ساحره على وجه فتحي وهو يلعب لها في سحاب ملابسها حتى فتحها، وهي مغمضة العينين مستمتعة بلمساته الحانية، وظهر سلسالها المفضل الذي يجمع صورهم، ومرَّر يده على بشرتها المرمريِّة بطول السلسال حتى وصل إلى عضمة الترقوة، وهتف بتحذير محبب لقلبها:
- تمام، بس انا مش قادر استحمل اكتر من كده، يلا بقى ياروحي ساعديني نشيل الفستان ده من على جسمك خليني اشوف واستمتع بحلالي.
وغمز بوقاحة محببة لقلبها: بس بصراحة فجأتني يا وحش الكون.
كان يتحدث وهو يضغط على خصرها يريدها أن تأن بين يديه.
أغمضت عينيها تأن بعشق ورغبة، وضحكت ضحكتها الرنَّانة، وهي تمرِّر سبَّابتها على ملامحه الجذَّابة، أنفه الشامخ، وشفتيه الغليظة، ولحيته الجذَّابة، وهبطت إلى تفاحة آدم التي تعشقها، تزيد من لهيب مشاعرها بجنون وهتفت بدلع أنثوى
-أنا كمان مابقيتش قادره ياعمري، دا انا ماصدقت اني بقيت معاك وفي حضنك
وهنا كانت بدايه واجمل ليالي العمر عندما التصقت اجسادهم ببعضها وكانوا يلتهمون بعضهما البعض، في أسعد لقاء جنسي.
وفي مكتب أيمن داخل المصنع غلبته مشاعره واراد أن يتصل بشقيقته عفاف ليطمئن على أيسل، جلب جهازه الحاسوب واتصل بها على إسكايبي، تحدثت معه لبضع دقائق وسردت له ماحصل، تفاجأ بإنهم زوجوا الفتاه دون أن يعلموهم، كان ايمن ذا عصبيه فصعق واجابها بحده مبالغ فيها
-يعني ايه بنت اختي الوحيده ال هي بنتي انا كمان اسمع انها اتجوزت وبتقضي شهر العسل كمان، هي بقت كده يعني ياعفاف، ماعدش ليا وجود ولا لازمه في حياتك!؟
ازدردت عفاف لعابها بعدما تبدلت ريبتها إلى خوف ثم همهمت
-لا والله ياحبيبي مش كده، احنا نفسنا اتفاجأنا بالموضوع لان العريس كان مستعجل جدا، واخدها بشنطة هدومها، بعد ما كلمناك اخر مره حددوا ميعاد الفرح وماعرفناش نرد نقول ايه لان أيسل كانت موافقه، وبعدين حتى لو كنت قولتلك انت كنت هتعمل ايه يا أيمن وانت بمصر، اتصل بيها ياحبيبي وبارك ليها وخلاص، احنا حتى والله ما عملنا فرح.
نهرها أيمن وهو يحدق فيها بوجهه المحتقن وجبينه الذي كساه العرق وصاح بغضب
-أباركلها على ايه ياعفاف، ماخلاص ياماما، هو بعد العيد بيتفل الكحك، ربنا يسعدها ويهنيها يلا روحي عشان هقفل وربنا معاكو، اخوكي مات ياعفاف.
تراجعت خطوة وهي تحدق به بريبة وقالت باكيه
-بعيد الشر عنك يا ايمن ماتقولش كده، ربنا يحفظك ويطول في عمرك
أغلق ايمن الهاتف في وجهها كاد ان يطرق الحاسوب في الحائط غضبا وتعصيب، امسك مفاتيح سيارته من فوق المكتب وارجع المقعد للخلف بعصبيه، ثم اتجه ليفتح الباب على مصراعيه وتوجه الي مكتب محمد، رآه منهمكا في إنهاء الحسابات، عاد أدراجه للخلف وهبط من المصنع متأفأفا وذهب بسيارته مسرعا لم يعرف الي اين وجهته، لايريد العوده الى المنزل ولا رؤية أحد، توقف بالسياره على شاطئ النيل، ارتجل من السياره وصار يسير على قدميه يستنشق هواء النيل ثم جلس على اريكه خشبيه يرمق النيل بحزن وبأس وهو يتحدث مع نفسه بصوت قد يكون مسموعا المارة بجواره، لكن لم يبالي أحداً
-أنا يمكن زودتها مع عفاف شويه، عندها حق هي في قاره واحنا في قاره تانيه، هتفرق ايه لو كنت عرفت من قبل ما تتجوز، وبعدين ياواد يا ايمن ما انت ومراتك وبنتك مباركين ليها قبلها بأيام، المفروض ما كنتش تزعل اختك الوحيده بكلامك السخيف ده، انت لازم تتصل بيها وتطيب خاطرها بكلمتين، حرام عليك يا أخي ضيعت فرحتها بجوازة بنتها الوحيده.
انتفض من مكانه وعاد الي سيارته وقادها بأقصى سرعه ثم عاد الي المنزل، بعدما القى التحيه على زوجته ولج الي غرفة المكتب واوصد عليه الباب من الداخل بإحكام، كي يتحدث مع شقيقته دون أن تسمع بهم هايدي وتعرف بأنهم متخاصمين؛
اتصل بها على ماسينجر وليس إسكايبي اعتقادا منه بانها من المحتمل الا تجيب عليه، لكن هي استقبلت المكالمه على الفور، صدم أيمن عندما رأي عيون شقيقته منتفخة من البكاء وتحاول التقاط أنفاسها، اغرورقت عيناه بالدموع وتحدث إليها مسرعا
-أنا آسف ياعفاف حقك عليا ارجوكى تسامحيني على عصبيتي معاكي، ورحمه والدينا لا تقولي انك مسمحاني، انا للامانه مش عارف انا إزاي اتكلمت معاكي بالطريقه دي، بس صدقيني غصب عني، انتي عارفه اني بحبك وبحب أيسل قد ايه، دانتوا عيلتي ال ماليش غيرها بعد ربنا.
محت عفاف دموعها بمنديل ورقي ثم القطت أنفاسها ورمقته بابتسامه حزينه ومفرحه في آن واحد، ثم اردفت اليه
-أنا مسمحاك ياقلب أختك من قبل ماتتكلم اصلا، انا بعيط لاني زعلتك مش لأنك اتعصبت عليا، انا كمان ماليش غيرك دا ظهري وسندي بعد ربنا ومن بعدك براء جوزي، ربنا يديم المعروف بيننا ومايجيب زعل أبدا، عايزاك بقى تتصل بأيسل تبارك ليها لأنها اكيد مستنيه اتصالك.
اتسعت عينا أيمن وأجابها ضاحكا
-فورا، هقفل معاكي واكلمها، حبيبة خالها ودي برده عايزه أقواله، يلا في رعايه الله ياففه
ثم اتصل بأيسل على الفور عندما رآها أون لاين، قام بالمزح معها والمزاوله، ثم بارك لها بمحبه وحنان، ثم عقد حاجبيه متسائلا بفضول
-هو في عروسه في شهر عسلها تسيب عريسها وتقعد على النت يابت؟ فين جوزك وسيباه وقاعده كده ازاي؟
أطلقت أيسل ضحكتها ثم اجابته بخجل
-إيه بقى ياخالو ماتحرجنيش بقى الله، وبعدين فتحي نايم وانا مش جايلي نوم فكنت ببعت لصحابي الرد على رسايلهم، كلهم باعتين يباركلي، وهقفل معاك وادخل اصحيه عشان نلبس ونازلين.
انفرجت شفتاه عن ثناياهم ضاحكا ثم اومأ إليها بصوت هادئ
-ماشي ياعم الله يسهله، ابقى سلميلي عليه وانا هبقي اكلمكوا تاني، يلا خلي بالك منه وحطيه جوه عنيكي
ثم همَّ من مكانه منشرح الصدر وخرج من غرفته ليصيح على زوجته بصوت مفرح
-انتي فين ياحبيبة قلب أيمن، بتعملي ايه والبت بوسي فين هي الثانيه، هاتيها وتعالي بسرعه عندي ليكوا خبر يجنن.
أسرعت هايدي في مشيتها وجلبت بيسان من غرفتها ممسكة يدها، ووقفوا أمامه يرمقوه بدهشه، رفعت هايدي حاجبها وهي ترمقه بزهول ثم اردفت اليه ساخره
-ياسلام ياسي أيمن، ال يشوفه وانت داخل الشقه متعصب وبتخانق ذباب وجهك، مايشوفك الوقتي وانت بترقص ومزقطط كده، خير ياحبيبي فهمني بقى في ايه لعله خير ان شاء الله
عند حلول المساء بعدما ارسل لها رساله يخبرها فيها بأنه في طريقه إليها، همَّت عفاف بترتيب الصالون وولجت الي المطبخ لتعد لهم الضيافه، بينما كانت أيسل تتزين وتتهيأ لكن كانت مرتبكه جداً ولم تعرف كيف تقوم باستقباله مع عائلته؛
ولج إليها والدها ليطمئن عليها، عندما رآها في أبهى صوره اطلق صفيره، بينما هي شعرت بالخجل واحمر وجهها وحنت رأسها للأسفل، إقترب منها براء وأجلسها على الفراش أمامه، واقترب منها وكوَّر وجهها بين يديه، ثم اومأ إليها بحنو
-بدر منور ياحبيبة قلب أبوكي! والله وكبرتي وهتتجوزي وتسبيني ياسوسو، تعرفي انا لحد امبارح ببصلك على انك البنت الصغيره ال بتلعب وتتنطط ومهما تكبري هتفضلي في عيوني احلى بنوته وطفله ياقلبي، ربنا يسعدك ويراضيكي
دقات قلب أيسل كانت تتسابق تُعلن مع كل دقة تلعثمها وارتباكها، أغمضت عينيها وتنهدت بحراره، ثم شرعت رأسها واردفت
-والنبي يابابا خليك قاعد جنبي ماتسبنيش، لاني مش عارفه هتصرف ازاي.
ووضعت يدها على صدرها لتستمع الي دقات قلبها، التي تعلن دقاته عن عشقها له لمجرد انه تقدم لخطبتها؛ فاقت على صوت دقات جرس الباب فانتفضت وربت والدها على كتفها كي تهدأ ثم خرج هو كي يفتح لهم ويقوم باستقبالهم، كانت قد اعدت عفاف كل شيئ وولجت ال غرفتها كي تستعد هي الأخرى كوالدة العروس، ثم ذهبت إلى أيسل كي تصطحبها وخرجوا سويا ثم ألقت عفاف التحيه على الجميع بينما إبتسمت أيسل فقط ثم جلسوا مع بعضهم البعض،
بعد مرور بضع دقائق من الترحيب والتحدث في أمور جانبيه، جاءت اللحظه الحاسمه وبادر والد فتحي بالتحدث بينما كان فتحي يختلس النظر الى أيسل بين الحين والآخر ويرى كم هي في قمة جمالها اليوم لكن هيا كانت جالسة حانية رأسها بعض الشئ وتهز في ساقها بهدوء وتفرك كفيها في بعضهما، أومأ والد العريس لبراء مبتسماً
-طبعا كلنا عارفين احنا مجتمعين هنا اليوم ليه، فأنا نيابة عن ابني المصون فتحي أتقدم واطلب يد إبنتكم المحترمه كي تكون زوجته على سنه الله ورسوله، وأي طلبات واي شيئ انا كفيل به، ما بدنا غير العروس بالرداء ال عليها، قولت ايه يابو العروس؟
نظرا براء وعفاف لبعضهما مبتسمان، ثم رمق براء ابنته ليري ملامحها ويعرف رأيها أمام الجميع بالرغم من انه يعرفه من قبل، لكن كان من الضروري ان يفعل أمامه ذلك، هزت ايسل رأسها بالقبول فابتهج براء واجاب الجميع وهو متكأ على كرسيه بكل فخر وعزه
-واحنا مش هنلاقي عريس احسن من ابنكم فتحي عشان نستأمنه على بنتنا، انا موافق اعطيكم بنتي
تعالت الأصوات بالبهجه والفرح وصاح الجميع بالمباركه للعروسين، تفاجأ الكل بوالدة فتحي تقوم عن مقعدها وبيدها صندق مزخرف كبير وتقترب من العروس، امال عفاف بجسدها بعض الشئ كي تجلس والدة فتحي فيما بينهم، ثم ربتت على كتف أيسل وقبلتها من وجنتيها ثم تنهدت
-مبارك عليكي ابني ياحبيبتي، ممكن تعطيني ايدك الحلوه هاذي
إبتسمت أيسل واجابتها بخجل وحياء وهي تمد يدها لتعطيها اياها
-الله يبارك فيكي ياطنط
فتحت والدة فتحت الصندوق ورأي الجميع بأنه ممتلأ بالذهب، انتقت منه بعد القطع وقامت بوضعها بيد أيسل واصابعها أيضا، ثم مدت يدها وانتقطت سلسال مشألله ووضعته حول عنقها ثم أطلقت زغاريدها باللهجه السعودي؛
لم تصدق عفاف مارأت عيناها خصوصا بعدما أغلقت والدة العروس الصندوق ووضعته في يدها وقالت لها بحنو
-هذه هديه العروس مني آني، مالها علاقه بالشبكه ال هيعطيها الها ولدي فتحي، مبارك عليها ياإختي.
كادت تقفز عفاف من السعاده عندما رأت وامسكت بيدها هذا الكم الهائل من الذهب، فهذا هو من عادات العائلات السعوديه العريقه، سعدوا جميعا ثم رفعوا ايديهم ليقرؤا الفاتحه، ثم استأذن فتحي من براء بأن يختلي بأيسل ليجلسوا بمفردهم بعض الوقت، طبعا اذن لهم براء على الرحب والسعه لكن يكون في مكان بالقرب منهم أيضا، ثم جلس العائلتين يمرحون ويتناولون الحلويات ويتبادلون الحديث فيما بينهم؛ لانه براء يعرف رب الأسره من قبل فكانت الجلسه فيها ود ومحبه؛
كان فتحي وايسل يتبادلون النظرات وهو يهمس في أذنيها بصوت أذاب فؤادها
- أنا بقول ايه رأيك لما نتكلم مع الجماعه ونحدد ميعاد الفرح وياريت يكون الاسبوع الجاي، لاني خلاص مش قادر تكوني بعيده عني بعد كدا، عايزك علطول جنبي ومعايا.
ردَّت عليه أيسل بغُنْج، وهي تمرِّر أناملها بين بعضهم بإغراء أنثى عاشقة
-وأنت إمتى حبيتني اوي بالشكل ده دا ما كملناش اسبوع متعرفين على بعض؟
أجابها فتحي وهو يتنهش جسدها بعيونه
-مش عارف هفضل لإمتى كل ما أشوفك أبقى عايز أفترسك، وأدوِّب كل حتة فيكي جوايا بين ضلوعي، تعرفي إني مستعد أستغنى عن نبض قلبي، ولا أستغنى عنك
وخطف كريزتيها بين خاصته يعتصرهم برغبه تمزقهم،كانت أيسل تأن من فرط مشاعرها، ابتعد عنها فتحي وغمز لها بعينيه
- إيه رأيك مش كلامي صحيح، وانا كمان ملاحظ ان مشاعرك تجاهي زيي ويمكن اكتر كمان، أصل أنا كدة هفقد صوابي في أي لحظة،
وهتف بصوت قد يكون مرتفع بعض الشيئ
-بحبك يا ساحرتي ومعذبتي
ابتسمت ودمعت عيونها من سعاده قلبها، بعشق فتحي لها الذي يُعلنه على الملأ دون خجل، انتبهوا لهم باقي العائله فجلسوا يضحكون على تصرفاتهم المرحه.
حددوا ميعاد الزفاف بالفعل بعد مرور أسبوعان، كان الزفاف عباره عن ذهاب العروس الي منزل زوجها دون عرس مثل الاعراس بمصر،
ولجت أيسل الي منزل الزوجيه بردائها الأبيض ممسكة بساعد فتحي، قامو أبواها بإيصالها والاطمئنان عليها ثم قامو بتوديعها مع البكاء والحزن بسبب الفراق لكن تمنوا لها حياه هنيئه برفقة زوجها
هنا تحولت أيسل من البنت الوحيده الدلوعه لزوجة مسئوله عن زوج ومنزل، كانت ليلتها الأولى مثل أي عروسين مليئة بالرومانسيه، حينما اقترب منها فتحي لينزع عنها ردائها انتفضت أيسل وابتعدت عنه ثم التفتت اليه بدهشه وخجل
-إي.. ايه انت بتعمل إيه؟
اقترب منها فتحي رويدا مبتسماً وهو ينزع جاكيته من فوق اكتافه والقى به على الفراش ثم أجابها بصوت حنون رومانسي
-هكون بعمل ايش يعني ياقمر، الليله ليلتنا ومش عايزين نضيعها في الخلع واللبس وهيك شغلات، في حاجات اهم لابد أن نفعلها ياسيدتي ولا انتي ليكي رأي تاني!
هرولت أيسل بعيدا، لا تدري أتضحك أم تبكي، لتتوقف فجأة حين طالعها وجه فتحي الضاحك، حاولت تحاشيه ظناً منها أنه لن يفلتها، ولكنه اعترض طريقها وأشار إليها لتصعد إلى الفراش بصمت، تذمرت وجلست على المقعد المقابل للمرآه، فوقف يحدق بها عاقدا لساعديه، فما كان منها إلا أن نهضت وجلست إلى جواره بالفراش، فأتخذ مكانه وإنقضَّ عليها مسرعاً، حاولت حثه على الأبطاء ولكنه لم يعد يرى أمامه، فما يحدث من وجهة نظره بات مملاً هو لا يحب الالعيب، ويريد أن يستمتع بها وتستمتع به فهذه ليلتهم، وبداية لحياتهما سوياً، حينما اقترب من شفتاها، رأي على شفاهها ابتسامة لعوبة، وتمرِّر يدها على عضلات صدره بإغراء أنثى تمتلك كل فنون الإغراء لبعثرة مشاعر زوجها إلى أشلاء يصعب جمعها:
- أنا بعشقك وبموت في التراب اللي بتمشي عليه، أنت اللي نبض قلبي، والنفس اللي بتنفسه، أنا بحبك أوي يا نور عيوني، أوقات بحس إني بحبك أكتر من نفسي،
ظهرت ابتسامة ساحره على وجه فتحي وهو يلعب لها في سحاب ملابسها حتى فتحها، وهي مغمضة العينين مستمتعة بلمساته الحانية، وظهر سلسالها المفضل الذي يجمع صورهم، ومرَّر يده على بشرتها المرمريِّة بطول السلسال حتى وصل إلى عضمة الترقوة، وهتف بتحذير محبب لقلبها:
- تمام، بس انا مش قادر استحمل اكتر من كده، يلا بقى ياروحي ساعديني نشيل الفستان ده من على جسمك خليني اشوف واستمتع بحلالي.
وغمز بوقاحة محببة لقلبها: بس بصراحة فجأتني يا وحش الكون.
كان يتحدث وهو يضغط على خصرها يريدها أن تأن بين يديه.
أغمضت عينيها تأن بعشق ورغبة، وضحكت ضحكتها الرنَّانة، وهي تمرِّر سبَّابتها على ملامحه الجذَّابة، أنفه الشامخ، وشفتيه الغليظة، ولحيته الجذَّابة، وهبطت إلى تفاحة آدم التي تعشقها، تزيد من لهيب مشاعرها بجنون وهتفت بدلع أنثوى
-أنا كمان مابقيتش قادره ياعمري، دا انا ماصدقت اني بقيت معاك وفي حضنك
وهنا كانت بدايه واجمل ليالي العمر عندما التصقت اجسادهم ببعضها وكانوا يلتهمون بعضهما البعض، في أسعد لقاء جنسي.
وفي مكتب أيمن داخل المصنع غلبته مشاعره واراد أن يتصل بشقيقته عفاف ليطمئن على أيسل، جلب جهازه الحاسوب واتصل بها على إسكايبي، تحدثت معه لبضع دقائق وسردت له ماحصل، تفاجأ بإنهم زوجوا الفتاه دون أن يعلموهم، كان ايمن ذا عصبيه فصعق واجابها بحده مبالغ فيها
-يعني ايه بنت اختي الوحيده ال هي بنتي انا كمان اسمع انها اتجوزت وبتقضي شهر العسل كمان، هي بقت كده يعني ياعفاف، ماعدش ليا وجود ولا لازمه في حياتك!؟
ازدردت عفاف لعابها بعدما تبدلت ريبتها إلى خوف ثم همهمت
-لا والله ياحبيبي مش كده، احنا نفسنا اتفاجأنا بالموضوع لان العريس كان مستعجل جدا، واخدها بشنطة هدومها، بعد ما كلمناك اخر مره حددوا ميعاد الفرح وماعرفناش نرد نقول ايه لان أيسل كانت موافقه، وبعدين حتى لو كنت قولتلك انت كنت هتعمل ايه يا أيمن وانت بمصر، اتصل بيها ياحبيبي وبارك ليها وخلاص، احنا حتى والله ما عملنا فرح.
نهرها أيمن وهو يحدق فيها بوجهه المحتقن وجبينه الذي كساه العرق وصاح بغضب
-أباركلها على ايه ياعفاف، ماخلاص ياماما، هو بعد العيد بيتفل الكحك، ربنا يسعدها ويهنيها يلا روحي عشان هقفل وربنا معاكو، اخوكي مات ياعفاف.
تراجعت خطوة وهي تحدق به بريبة وقالت باكيه
-بعيد الشر عنك يا ايمن ماتقولش كده، ربنا يحفظك ويطول في عمرك
أغلق ايمن الهاتف في وجهها كاد ان يطرق الحاسوب في الحائط غضبا وتعصيب، امسك مفاتيح سيارته من فوق المكتب وارجع المقعد للخلف بعصبيه، ثم اتجه ليفتح الباب على مصراعيه وتوجه الي مكتب محمد، رآه منهمكا في إنهاء الحسابات، عاد أدراجه للخلف وهبط من المصنع متأفأفا وذهب بسيارته مسرعا لم يعرف الي اين وجهته، لايريد العوده الى المنزل ولا رؤية أحد، توقف بالسياره على شاطئ النيل، ارتجل من السياره وصار يسير على قدميه يستنشق هواء النيل ثم جلس على اريكه خشبيه يرمق النيل بحزن وبأس وهو يتحدث مع نفسه بصوت قد يكون مسموعا المارة بجواره، لكن لم يبالي أحداً
-أنا يمكن زودتها مع عفاف شويه، عندها حق هي في قاره واحنا في قاره تانيه، هتفرق ايه لو كنت عرفت من قبل ما تتجوز، وبعدين ياواد يا ايمن ما انت ومراتك وبنتك مباركين ليها قبلها بأيام، المفروض ما كنتش تزعل اختك الوحيده بكلامك السخيف ده، انت لازم تتصل بيها وتطيب خاطرها بكلمتين، حرام عليك يا أخي ضيعت فرحتها بجوازة بنتها الوحيده.
انتفض من مكانه وعاد الي سيارته وقادها بأقصى سرعه ثم عاد الي المنزل، بعدما القى التحيه على زوجته ولج الي غرفة المكتب واوصد عليه الباب من الداخل بإحكام، كي يتحدث مع شقيقته دون أن تسمع بهم هايدي وتعرف بأنهم متخاصمين؛
اتصل بها على ماسينجر وليس إسكايبي اعتقادا منه بانها من المحتمل الا تجيب عليه، لكن هي استقبلت المكالمه على الفور، صدم أيمن عندما رأي عيون شقيقته منتفخة من البكاء وتحاول التقاط أنفاسها، اغرورقت عيناه بالدموع وتحدث إليها مسرعا
-أنا آسف ياعفاف حقك عليا ارجوكى تسامحيني على عصبيتي معاكي، ورحمه والدينا لا تقولي انك مسمحاني، انا للامانه مش عارف انا إزاي اتكلمت معاكي بالطريقه دي، بس صدقيني غصب عني، انتي عارفه اني بحبك وبحب أيسل قد ايه، دانتوا عيلتي ال ماليش غيرها بعد ربنا.
محت عفاف دموعها بمنديل ورقي ثم القطت أنفاسها ورمقته بابتسامه حزينه ومفرحه في آن واحد، ثم اردفت اليه
-أنا مسمحاك ياقلب أختك من قبل ماتتكلم اصلا، انا بعيط لاني زعلتك مش لأنك اتعصبت عليا، انا كمان ماليش غيرك دا ظهري وسندي بعد ربنا ومن بعدك براء جوزي، ربنا يديم المعروف بيننا ومايجيب زعل أبدا، عايزاك بقى تتصل بأيسل تبارك ليها لأنها اكيد مستنيه اتصالك.
اتسعت عينا أيمن وأجابها ضاحكا
-فورا، هقفل معاكي واكلمها، حبيبة خالها ودي برده عايزه أقواله، يلا في رعايه الله ياففه
ثم اتصل بأيسل على الفور عندما رآها أون لاين، قام بالمزح معها والمزاوله، ثم بارك لها بمحبه وحنان، ثم عقد حاجبيه متسائلا بفضول
-هو في عروسه في شهر عسلها تسيب عريسها وتقعد على النت يابت؟ فين جوزك وسيباه وقاعده كده ازاي؟
أطلقت أيسل ضحكتها ثم اجابته بخجل
-إيه بقى ياخالو ماتحرجنيش بقى الله، وبعدين فتحي نايم وانا مش جايلي نوم فكنت ببعت لصحابي الرد على رسايلهم، كلهم باعتين يباركلي، وهقفل معاك وادخل اصحيه عشان نلبس ونازلين.
انفرجت شفتاه عن ثناياهم ضاحكا ثم اومأ إليها بصوت هادئ
-ماشي ياعم الله يسهله، ابقى سلميلي عليه وانا هبقي اكلمكوا تاني، يلا خلي بالك منه وحطيه جوه عنيكي
ثم همَّ من مكانه منشرح الصدر وخرج من غرفته ليصيح على زوجته بصوت مفرح
-انتي فين ياحبيبة قلب أيمن، بتعملي ايه والبت بوسي فين هي الثانيه، هاتيها وتعالي بسرعه عندي ليكوا خبر يجنن.
أسرعت هايدي في مشيتها وجلبت بيسان من غرفتها ممسكة يدها، ووقفوا أمامه يرمقوه بدهشه، رفعت هايدي حاجبها وهي ترمقه بزهول ثم اردفت اليه ساخره
-ياسلام ياسي أيمن، ال يشوفه وانت داخل الشقه متعصب وبتخانق ذباب وجهك، مايشوفك الوقتي وانت بترقص ومزقطط كده، خير ياحبيبي فهمني بقى في ايه لعله خير ان شاء الله