الفصل السابع
" الفصل السابع.. "
رحب بها لتشعر بالسعادة واخذ تصفق بيديها ثم استقلت سيارته السوداء الذي يخطف قلبها .. تحرك بالسيارة إلى وجهته بينما تناولت جين منديل ثم نظرت في المرآة الأمامية وأخذت تمسح على وجهها وأسفل عيناها فنظر جوزيف إليها بابتسامة خفيفة على شفتيه .. نظرت جين إليه لتشعر بالخجل منه ثم اعتدلت في جلستها ونظرت إلى الطريق من خلف النافذة فيما انتبه جوزيف إلى الطريق ..
تذكرت شيئا ما ولهذا نظرت إليه وتساءلت :
-ما رأيك في زواج القاصرات جوزيف بك؟!
انتظر للحظات وكأنه يقلب السؤال في رأسه ويبحث لها على إجابة ثم تحدث بجدية :
-زواج فاشل .. الفتاة لديها الحق في اختيار شريك حياتها .. وايضا تمارس حياتها دون مسؤولية .. والأهم تكمل طريق التعليم الذي بدأته وهي صغيرة
-كلام صحيح .. ولقد قرأت عن عقوبة زواج القاصر ..
قاطع حديثها بسأم :
-لا تتحدثي معي في القانون والعقوبات يا صغيرة
ضغطت على شفتيها وهي تحرك رأسها موافقة ثم صمتت حتى وصل إلى مقر العمل فشكرته بامتنان ثم ترجلت من السيارة و وقفت تطلع إلى الشركة أولا .. بعد أن ترجل جوزيف قابلته تالة بالعناق وقبلته على وجنته ثم دلفت إلى الشركة برفقته ..
شعرت جين بالحنق وتضايقت كثيرا و همت بالدخول إلى الشركة رأتهم يتحدثون أمام المصعد الكهربائي.. فجاءت تقترب منهم استمعت إلى صوت بيير يناديها بشغف مما لفت انتباه جوزيف الذي تطلع إليه .. و وجده يعانق جين وقبلها على وجنتيها فوجد نفسه يقبض قبضته ويشعر بدمائه تغلي في اوردته مستشعرًا بحرارة الغيرة العالية كأنه سقط داخل بركان .. هبط المصعد ولم ينتبه ودخلت تالة وهو لا يزال واقفا يتطلع إليهم بنظرات حادة مخيفة ولم يفيق من شروده سوى على صوت تالة التي تخبره أن يستقل المصعد.. فدخل وضغط على زر الصعود بعصبية وظل ينظر إليهم حتى انغلق الباب
***
جلست داخل حوض الاستحمام الممتلئ بالورود الحمراء وهبطت برأسها في المياه لوقت قليل .. ثم رفعت رأسها تلتقط أنفاسها بصوت مسموع وأخذت تمحي بعض الورد من على وجهها .. رفعت عيناها التي يبدو عليها الحزن الشديد إلى الأعلى تفكر في جان الذي فَضل فتاة المزرعة عليها وهذا جعلها تجن حقا وقد فقد جان عقلة ..
استمعت إلى صوت دقات على الباب و والدتها تناديها تود أن تخرج على الفور .. خرجت من المياه وارتدت روب الاستحمام ثم خرجت وهي تحرك شعرها المبلل في كلا الاتجاهين .. وضعت والدتها الفستان على الفراش ثم التفتت لتنظر إليها بابتسامة واسعة .. أطرقت أوجين رأسها و وجدت نفسها تبكي لتندهش لويز وتقدمت نحوها على الفور و وقفت تمسح دموعها وهي تقول بتأكيد :
-فتاة المزرعة الحقيرة .. لم تتزوج من جان أبدا.. هيا أجهزي على الفور
ثم تركتها وخرجت وجدت جان يخرج من غرفته يضبط قميصه ثم التفت ليجد عمته لويز واقفة تنظر إليه .. تقدمت نحوه و وقفت تمسح على قميصه من عند الصدر و قالت مبتسمة :
-تشرف العائلة في أي مكان يا جان
تنحنح بخفة ثم تمتم بالشكر برسميه فـ عقدت ذراعيها ونظرت إليه ببرود قائلة :
-شرف العائلة دائما يا جان .. ولا تبعث مع فتاة المزرعة ..
ضيق عيناه قليلا وهي متابعة بلؤم :
-أعلم انها بالنسبة لك لعبة تبعث معها .. فمن المستحيل أن ابن عائلة اورليان يعشق الخادمة .. هذا خطأ فادح وعار
ليقترب جان من أذنها رافعًا حاجبيه قليلا وقال بجدية :
-اذا عشقي لها عار .. فأنا أعشق ذاك العار كثيرا يا عمتي لويز
ثم نظر إليها بابتسامة خفيفة وهي تطلع إليه في صدمة غير مصدقة ما يقوله ذاك المعتوه .. حقا كما قالت ابنتها فقد جان عقلة .. بينما هو تركها وهبط إلى الطابق السفلي ليخبر والده أنه جاهز للذهاب .. وبعد دقائق ليست قليلة جاءت لويز برفقة ابنتها واستقلوا سيارة زوجها.. فيما استقل دانييل بك سيارة جان وذهبوا إلى منزل اكسيل دام بيير ..
أغلقت أديل باب المنزل جيدا ثم عادت إلى المطبخ وجدت السيدة مكفي تصنع المخبوزات الطيبة فوقفت كي تساعدها في فرد العجين ثم وضعت داخله قطع الجبن ثم تغلق العجين .. نظرت إلى السيدة مكفي قائلة :
-سيدة مكفي .. اود أن تأتي جدتي إلى هنا .. اذا طلبت ذاك الطلب من دانييل بك سيوافق ؟
-من المحتمل أن يوافق يا ابنتي .. فهو يعاملك كأبنته
حركت رأسها موافقة وهي تخرج تهنيده قوية من صدرها ثم بدأت في فرد العجين وهي تحدث نفسها سرا :
-نعم يعاملني كأبنته .. ولكن اذا علم انني أحب جان سيعاملني كخادمة وفتاة مزرعة
***
أحضر ارنو سيناريو الإعلان الخاص بالشركة إلى جوزيف حتى يطلع عليه وقام بفحصه على وجه السرعة ثم وافق عليه فتساءل ارنو :
-ألم تأتي إلى موقع التصوير؟!
اشعل السيجارة التي وضعها في فمه ثم زفر دخانها بالهواء وهو يومئ برأسه نافيا وترك كل شيء على ارنو .. فـ تناول ارنو السيناريو ثم غادر المكتب .. بينما نهض جوزيف و وقف أمام النافذة يتطلع إلى من داخل الساحة ولفتت نظره جين الواقفة تتحدث مع بيير بابتسامة واسعة جذابة .. بعد لحظات صدح صوت هاتفه الذي أخرجه من جيب سرواله وأجاب على الفور عندما علم بهوية المتصل وبعد تبادل السلام بينهم .. التفت جان برأسه لينظر إلى عائلته المجتمعة مع عائلة عروس جوزيف و أخبره بكل شيء ..
فقال جوزيف باستهتار :
-لن أعود يا جان حتى يلغي والدي الزواج
قال محاولا إقناعه :
-لابد من عودتك يا أخي .. فالزواج سيتم
كانت جين تتناول العصير وجلست على أحد المقاعد شاردة .. بينما شرد جوزيف بها وعيناه على كوب العصير الذي يلامس شفاها وحسد ذاك الكوب على ملامسة شفاها .. وجد نفسه يبتسم على غيرته من كوب العصير ثم حسم قراره مع شقيقه وهو انه لن يتزوج تلك الفتاة أبدا و انهى معه المكالمة .. وعاد بالنظر إلى الفتاة التي قيدت قلبه بعشقها ..
نعم لقد عشقها سماها حبيبته سماها بأسماء الحب كلها .. و يا ليت الهواء يرسل كلمات الحب لكانت استمعت إلى حديثه.. خيالنا يرى كل شيء نتمنى ونتحدث داخله بكل ما نحب أن نتحدث به نمتلك حياة داخل خيالنا .. حياة هادئة خالية من المشاكل حياة فوق سطح القمر ومعه جين فقط جين مدللة قلبه .. جين التي تشعره بالسعادة عندما يراها عندما صدمها بالسيارة شعر بالغضب وغضب أكثر عندما أجبرته على انها تمكث في منزله .. ولكن الأن شكر ذاك الاصطدام وهذه الصدفة لأنها ادخلت حياته فتاة كسرت الحاجز الذي بين قلبه والحب ليخترق الحب قلبه بسلام ..
لم ينتبه للفتاة التي دخلت المكتب و وقفت خلفه بفضل شروده وتعجبت منه كثيرا ثم ضربت على كتفه بخفة ليفيق من شروده والتفت ينظر إليها بلهفة فقالت ببعض من الدهشة :
-أنا هنا منذ لحظات .. وأنت لا تشعر بي
سحب دخان السيجارة إلى صدره ثم زفره في الهواء وتساءل :
-ماذا تريدي يا تالة ؟!
تحدثت ببعض من الحده :
-منذ متى وأنت تعرف جين ؟! .. نجمة مجلة j . j
-منذ فترة صغيرة .. صدمتها بسيارتي بالخطأ
رفعت أحد حاجبيها ثم تساءلت ساخرة :
-وهي من جرحت يدك عقاب لأنك صدمتها؟!
نظر إلى يده المصابة ثم تقدم نحو المكتب و وقف يطفئ سيجارته وتفاجئ بعناق تالة له من الخلف .. دفنت رأسها في ظهره وهي تبوح بكل ما تشعر به من حب له ليقول جوزيف بحده :
-أنتِ تعرفين جيدا انني لا أعترف بالحب
لترد عليه بصوت ناعم :
-الحب هو من يجعلنا نستمر على هذه الأرض جوزيف .. فأعطى لقلبك مجالا للحب
تحرر من قيد يدها بكل سهولة وجلس على المقعد الخاص به يفحص بعض الأوراق ولم يعطي لها اهتمام مما جعلها تضايق كثيرا .. ثم غادرت غرفة المكتب متجه نحو القسم الخاص بالطباعة ودخلت بعد أن دقت الباب ثم أخبرتهم أن صورتها هي غلاف مجلة هذا الشهر وجوزيف بك أخبرها بذلك .. وأخبرتهم ايضا انها ستكون مفاجأة للشركة والموزعين تقبلت منهم التهنئة ، و وثقوا في حديثها بفضل مكانتها في الشركة وايضا عند جوزيف بك
***
نظر جان إلى ساعة يده التي تدق الرابعة مساء ثم استأذن من أهل العروس وعمه ووالده وذهب .. فنظرت أوجين إليه بنظرة عتاب واضحة لأنها تعلم جيدا انه هم بالذهاب مبكرا من أجل أديل .. خرج جان ليجد سيارة اكسيل بك قد وصلت وعاد والد جين من باريس .. صافحة جان بحرارة وقدم والد جين له اعتذار على التأخير ليتقبله جان ثم ودعه واستقل سيارته ليغادر فيما دخل اكسيل بك على الفور ..
تناول جان هاتفه وتحدث مع السيدة مكفي وهو ينتبه إلى طريقة وطلب من سيدة مكفي أن تصنع أديل كوكتيل العصير الذي يحبه لتخبره أن أديل لا زالت تتسوق في سوق البلدة .. فأنهى معها المكاملة و غير مسارة إلى سوق البلدة الذي لم يدخله من قبل .. ولم يتوقع أن أحد يتعرف عليه ولكن حدث عكس توقعه بمجرد أن دخل البلد رآها مزدحمة للغاية فاضطر أن يصف سيارته جانبا و ترجل واتجه نحو السوق .. الكثير من الشباب والرجال وايضا النساء تعرفوا عليه عندما كان يعمل مع شقيقه كان يحضر معه البرامج التلفزيونية يتحدثون عن كل شيء خاص بالعمل .. وايضا كان من رجال الموديل المعروفين للملابس ذات ماركة عالية وبطل غلاف أحد المجلات ..
كان الكثير ينظرون إليه وبدأوا بالحديث الجانبي .. نعم أنه جان دانييل أورليان ماذا يفعل هنا في القرية ؟! .. لِما هو متجه إلى السوق ؟! .. كل هذه الأسئلة وأكثر يهمسون بها لم يلتفت جان لهم وتابع السير بهدوء .. حتى وصل إلى السوق وجده مزدحم للغاية وهو لم يذهب إلى أماكن مثل هذه من قبل .. وقابل الكثير من الفقراء و ملابسهم البسيطة والسيدات الكبيرة التي تسير متكأه على عصى .. دخل إلى السوق يبحث عن حبيبته من بين الكثير ولديه يقين قوي انه سيجدها .. فهو يشعر بها من صوت أنفاسها وعطرها الذي يخترق أنفه برغم بُعد المسافات ..
كانت تتجول في السوق من بين الكثيرين وفي يدها سلة متوسطة الحجم داخلها بعض من الخضار .. ثم وقفت أمام بائع الطماطم وأخذت تفحصها .. بينما لا زال جان يبحث عنها حتى رآها وهي تتفقد الطماطم فاتسعت ابتسامته الجذابة ولم ينتبه من الذين انتبهوا منه من فتيات ونظروا إليه بابتسامة واسعة .. وقف جان إلى جوارها في صمت وبعد لحظات قليلة استنشقت رائحة عطره المميزة ليظهر عليها علامات الدهشة تعلم من يكون صاحب ذاك العطر جيدا .. ولكن من المستحيل أن يأتي هنا تناول جان واحده من الطماطم وهمس بغزل :
-يديكِ الجميلتين لابد أن تتفقد الفاكهة فقط .. وبالتحديد الفراولة التي تشبه شفتاكِ
ازدردت لعابها بصوت مسموع وأخذت تحمل الطماطم بتوتر واضح فقد علمت أن جان جاء هنا من أجلها .. وشعرت بالحرج لأن الكثير هنا يعرفها ، وضع البائع الطماطم على الميزان ليجده مضبوط ثم اعطى إليها ، واستلم منها المال ثم وضعت الطماطم في السلة وذهبت بخطوات سريعة ، فيما وضع جان الطماطم ، وسار خلفها بخطوات سريعة وقبض على مرفقها ليوقفها ، ثم أخذ سلة الخضار من يدها وذهب ، فاتسعت عيناها وتطلعت حولها لتجد الكثير من المارة ينظرون إليها ، ثم سارت خلفه بخطوات سريعة وطلبت منه أن يتوقف ولكن بلا جدوى ..
حتى وصلوا إلى سيارته وقام بوضع السلة في المقعد الخلفي ثم فتح لها الباب الأمامي و وقف ينظر إليها ، تأففت عن ما فعله معها ، وحاولت أن تأخذ الطلبات ولكن منعها جان ، فنظرت إليه بتذمر قائلة :
-أرجوك جان بك دعني أذهب .. سوف اتأخر على جدتي التي تمكث وحدها
-اذا ادخلي إلى السيارة وسأذهب معك إلى جدتك
استقلت السيارة مضطرة فأغلق الباب وقبض قبضة النصر ، ثم جلس أمام المقود واتجه كما تقول له أديل ، ثم شغل أغنية فرنسية رومانسية هادئة ، وكل كلمة حب في الأغنية يوجهها إليها ، لتنظر إلى الاتجاه المعاكس بابتسامة خجولة تزين ثغرها ، عقب وصولهم إلى المنزل الصغير ترجلت من السيارة وأخذت سلة الخضار ، ثم اتجهت نحو المنزل ودخلت لتعانق جدتها الجالسة على اريكة شبه قديمة ، وتبادلوا العناق والاشتياق ، ثم وضعت لها كل شيء بنظام في المطبخ والثلاجة ، ثم ودعتها وخرجت على الفور من أجل جان ..
تفاجأت بـ كيفن ابن عمها الذي ابتسم حينا رآها ، فنظرت إلى السيارة لتجد جان مشغول في هاتفه ثم عادت بالنظر إليه ، وبعد تبادل السلام صافحها كيفن وشدد على يدها الناعمة ، ثم قال :
-سعيد لرؤيتك يا ابنة عمي
حررت يدها من يده وهي تقول :
-كيفك كيفن ؟ .. وكيف العائلة ؟
-ناقصنا وجودك معنا يا أديل
نظرت إلى جان وفي نفس اللحظة رفع عيناه عن الهاتف ليرى أديل وابن عمها ، وعلى الفور استأذنت أديل من كفن وطلبت منه أن يدخل إلى جدته أولا ، ولكن أصر أن يوصلها فأخبرته أن جان بك معها ، لينظر كيفن إلى سيارة جان متعجبا فيما هرولت أديل إلى السيارة وجلست على المقعد وهي تقول في توتر :
-أذهب جان بك على وجه السرعة
شغل محرك السيارة وتراجع للخلف ليضبط السيارة ثم غادر ، فيما أخذ كيفن يسحب دخان سيجارته ويزفره في الهواء وهو يتطلع إلى السيارة بحده حتى اختفت من أمام عيناه ..
رحب بها لتشعر بالسعادة واخذ تصفق بيديها ثم استقلت سيارته السوداء الذي يخطف قلبها .. تحرك بالسيارة إلى وجهته بينما تناولت جين منديل ثم نظرت في المرآة الأمامية وأخذت تمسح على وجهها وأسفل عيناها فنظر جوزيف إليها بابتسامة خفيفة على شفتيه .. نظرت جين إليه لتشعر بالخجل منه ثم اعتدلت في جلستها ونظرت إلى الطريق من خلف النافذة فيما انتبه جوزيف إلى الطريق ..
تذكرت شيئا ما ولهذا نظرت إليه وتساءلت :
-ما رأيك في زواج القاصرات جوزيف بك؟!
انتظر للحظات وكأنه يقلب السؤال في رأسه ويبحث لها على إجابة ثم تحدث بجدية :
-زواج فاشل .. الفتاة لديها الحق في اختيار شريك حياتها .. وايضا تمارس حياتها دون مسؤولية .. والأهم تكمل طريق التعليم الذي بدأته وهي صغيرة
-كلام صحيح .. ولقد قرأت عن عقوبة زواج القاصر ..
قاطع حديثها بسأم :
-لا تتحدثي معي في القانون والعقوبات يا صغيرة
ضغطت على شفتيها وهي تحرك رأسها موافقة ثم صمتت حتى وصل إلى مقر العمل فشكرته بامتنان ثم ترجلت من السيارة و وقفت تطلع إلى الشركة أولا .. بعد أن ترجل جوزيف قابلته تالة بالعناق وقبلته على وجنته ثم دلفت إلى الشركة برفقته ..
شعرت جين بالحنق وتضايقت كثيرا و همت بالدخول إلى الشركة رأتهم يتحدثون أمام المصعد الكهربائي.. فجاءت تقترب منهم استمعت إلى صوت بيير يناديها بشغف مما لفت انتباه جوزيف الذي تطلع إليه .. و وجده يعانق جين وقبلها على وجنتيها فوجد نفسه يقبض قبضته ويشعر بدمائه تغلي في اوردته مستشعرًا بحرارة الغيرة العالية كأنه سقط داخل بركان .. هبط المصعد ولم ينتبه ودخلت تالة وهو لا يزال واقفا يتطلع إليهم بنظرات حادة مخيفة ولم يفيق من شروده سوى على صوت تالة التي تخبره أن يستقل المصعد.. فدخل وضغط على زر الصعود بعصبية وظل ينظر إليهم حتى انغلق الباب
***
جلست داخل حوض الاستحمام الممتلئ بالورود الحمراء وهبطت برأسها في المياه لوقت قليل .. ثم رفعت رأسها تلتقط أنفاسها بصوت مسموع وأخذت تمحي بعض الورد من على وجهها .. رفعت عيناها التي يبدو عليها الحزن الشديد إلى الأعلى تفكر في جان الذي فَضل فتاة المزرعة عليها وهذا جعلها تجن حقا وقد فقد جان عقلة ..
استمعت إلى صوت دقات على الباب و والدتها تناديها تود أن تخرج على الفور .. خرجت من المياه وارتدت روب الاستحمام ثم خرجت وهي تحرك شعرها المبلل في كلا الاتجاهين .. وضعت والدتها الفستان على الفراش ثم التفتت لتنظر إليها بابتسامة واسعة .. أطرقت أوجين رأسها و وجدت نفسها تبكي لتندهش لويز وتقدمت نحوها على الفور و وقفت تمسح دموعها وهي تقول بتأكيد :
-فتاة المزرعة الحقيرة .. لم تتزوج من جان أبدا.. هيا أجهزي على الفور
ثم تركتها وخرجت وجدت جان يخرج من غرفته يضبط قميصه ثم التفت ليجد عمته لويز واقفة تنظر إليه .. تقدمت نحوه و وقفت تمسح على قميصه من عند الصدر و قالت مبتسمة :
-تشرف العائلة في أي مكان يا جان
تنحنح بخفة ثم تمتم بالشكر برسميه فـ عقدت ذراعيها ونظرت إليه ببرود قائلة :
-شرف العائلة دائما يا جان .. ولا تبعث مع فتاة المزرعة ..
ضيق عيناه قليلا وهي متابعة بلؤم :
-أعلم انها بالنسبة لك لعبة تبعث معها .. فمن المستحيل أن ابن عائلة اورليان يعشق الخادمة .. هذا خطأ فادح وعار
ليقترب جان من أذنها رافعًا حاجبيه قليلا وقال بجدية :
-اذا عشقي لها عار .. فأنا أعشق ذاك العار كثيرا يا عمتي لويز
ثم نظر إليها بابتسامة خفيفة وهي تطلع إليه في صدمة غير مصدقة ما يقوله ذاك المعتوه .. حقا كما قالت ابنتها فقد جان عقلة .. بينما هو تركها وهبط إلى الطابق السفلي ليخبر والده أنه جاهز للذهاب .. وبعد دقائق ليست قليلة جاءت لويز برفقة ابنتها واستقلوا سيارة زوجها.. فيما استقل دانييل بك سيارة جان وذهبوا إلى منزل اكسيل دام بيير ..
أغلقت أديل باب المنزل جيدا ثم عادت إلى المطبخ وجدت السيدة مكفي تصنع المخبوزات الطيبة فوقفت كي تساعدها في فرد العجين ثم وضعت داخله قطع الجبن ثم تغلق العجين .. نظرت إلى السيدة مكفي قائلة :
-سيدة مكفي .. اود أن تأتي جدتي إلى هنا .. اذا طلبت ذاك الطلب من دانييل بك سيوافق ؟
-من المحتمل أن يوافق يا ابنتي .. فهو يعاملك كأبنته
حركت رأسها موافقة وهي تخرج تهنيده قوية من صدرها ثم بدأت في فرد العجين وهي تحدث نفسها سرا :
-نعم يعاملني كأبنته .. ولكن اذا علم انني أحب جان سيعاملني كخادمة وفتاة مزرعة
***
أحضر ارنو سيناريو الإعلان الخاص بالشركة إلى جوزيف حتى يطلع عليه وقام بفحصه على وجه السرعة ثم وافق عليه فتساءل ارنو :
-ألم تأتي إلى موقع التصوير؟!
اشعل السيجارة التي وضعها في فمه ثم زفر دخانها بالهواء وهو يومئ برأسه نافيا وترك كل شيء على ارنو .. فـ تناول ارنو السيناريو ثم غادر المكتب .. بينما نهض جوزيف و وقف أمام النافذة يتطلع إلى من داخل الساحة ولفتت نظره جين الواقفة تتحدث مع بيير بابتسامة واسعة جذابة .. بعد لحظات صدح صوت هاتفه الذي أخرجه من جيب سرواله وأجاب على الفور عندما علم بهوية المتصل وبعد تبادل السلام بينهم .. التفت جان برأسه لينظر إلى عائلته المجتمعة مع عائلة عروس جوزيف و أخبره بكل شيء ..
فقال جوزيف باستهتار :
-لن أعود يا جان حتى يلغي والدي الزواج
قال محاولا إقناعه :
-لابد من عودتك يا أخي .. فالزواج سيتم
كانت جين تتناول العصير وجلست على أحد المقاعد شاردة .. بينما شرد جوزيف بها وعيناه على كوب العصير الذي يلامس شفاها وحسد ذاك الكوب على ملامسة شفاها .. وجد نفسه يبتسم على غيرته من كوب العصير ثم حسم قراره مع شقيقه وهو انه لن يتزوج تلك الفتاة أبدا و انهى معه المكالمة .. وعاد بالنظر إلى الفتاة التي قيدت قلبه بعشقها ..
نعم لقد عشقها سماها حبيبته سماها بأسماء الحب كلها .. و يا ليت الهواء يرسل كلمات الحب لكانت استمعت إلى حديثه.. خيالنا يرى كل شيء نتمنى ونتحدث داخله بكل ما نحب أن نتحدث به نمتلك حياة داخل خيالنا .. حياة هادئة خالية من المشاكل حياة فوق سطح القمر ومعه جين فقط جين مدللة قلبه .. جين التي تشعره بالسعادة عندما يراها عندما صدمها بالسيارة شعر بالغضب وغضب أكثر عندما أجبرته على انها تمكث في منزله .. ولكن الأن شكر ذاك الاصطدام وهذه الصدفة لأنها ادخلت حياته فتاة كسرت الحاجز الذي بين قلبه والحب ليخترق الحب قلبه بسلام ..
لم ينتبه للفتاة التي دخلت المكتب و وقفت خلفه بفضل شروده وتعجبت منه كثيرا ثم ضربت على كتفه بخفة ليفيق من شروده والتفت ينظر إليها بلهفة فقالت ببعض من الدهشة :
-أنا هنا منذ لحظات .. وأنت لا تشعر بي
سحب دخان السيجارة إلى صدره ثم زفره في الهواء وتساءل :
-ماذا تريدي يا تالة ؟!
تحدثت ببعض من الحده :
-منذ متى وأنت تعرف جين ؟! .. نجمة مجلة j . j
-منذ فترة صغيرة .. صدمتها بسيارتي بالخطأ
رفعت أحد حاجبيها ثم تساءلت ساخرة :
-وهي من جرحت يدك عقاب لأنك صدمتها؟!
نظر إلى يده المصابة ثم تقدم نحو المكتب و وقف يطفئ سيجارته وتفاجئ بعناق تالة له من الخلف .. دفنت رأسها في ظهره وهي تبوح بكل ما تشعر به من حب له ليقول جوزيف بحده :
-أنتِ تعرفين جيدا انني لا أعترف بالحب
لترد عليه بصوت ناعم :
-الحب هو من يجعلنا نستمر على هذه الأرض جوزيف .. فأعطى لقلبك مجالا للحب
تحرر من قيد يدها بكل سهولة وجلس على المقعد الخاص به يفحص بعض الأوراق ولم يعطي لها اهتمام مما جعلها تضايق كثيرا .. ثم غادرت غرفة المكتب متجه نحو القسم الخاص بالطباعة ودخلت بعد أن دقت الباب ثم أخبرتهم أن صورتها هي غلاف مجلة هذا الشهر وجوزيف بك أخبرها بذلك .. وأخبرتهم ايضا انها ستكون مفاجأة للشركة والموزعين تقبلت منهم التهنئة ، و وثقوا في حديثها بفضل مكانتها في الشركة وايضا عند جوزيف بك
***
نظر جان إلى ساعة يده التي تدق الرابعة مساء ثم استأذن من أهل العروس وعمه ووالده وذهب .. فنظرت أوجين إليه بنظرة عتاب واضحة لأنها تعلم جيدا انه هم بالذهاب مبكرا من أجل أديل .. خرج جان ليجد سيارة اكسيل بك قد وصلت وعاد والد جين من باريس .. صافحة جان بحرارة وقدم والد جين له اعتذار على التأخير ليتقبله جان ثم ودعه واستقل سيارته ليغادر فيما دخل اكسيل بك على الفور ..
تناول جان هاتفه وتحدث مع السيدة مكفي وهو ينتبه إلى طريقة وطلب من سيدة مكفي أن تصنع أديل كوكتيل العصير الذي يحبه لتخبره أن أديل لا زالت تتسوق في سوق البلدة .. فأنهى معها المكاملة و غير مسارة إلى سوق البلدة الذي لم يدخله من قبل .. ولم يتوقع أن أحد يتعرف عليه ولكن حدث عكس توقعه بمجرد أن دخل البلد رآها مزدحمة للغاية فاضطر أن يصف سيارته جانبا و ترجل واتجه نحو السوق .. الكثير من الشباب والرجال وايضا النساء تعرفوا عليه عندما كان يعمل مع شقيقه كان يحضر معه البرامج التلفزيونية يتحدثون عن كل شيء خاص بالعمل .. وايضا كان من رجال الموديل المعروفين للملابس ذات ماركة عالية وبطل غلاف أحد المجلات ..
كان الكثير ينظرون إليه وبدأوا بالحديث الجانبي .. نعم أنه جان دانييل أورليان ماذا يفعل هنا في القرية ؟! .. لِما هو متجه إلى السوق ؟! .. كل هذه الأسئلة وأكثر يهمسون بها لم يلتفت جان لهم وتابع السير بهدوء .. حتى وصل إلى السوق وجده مزدحم للغاية وهو لم يذهب إلى أماكن مثل هذه من قبل .. وقابل الكثير من الفقراء و ملابسهم البسيطة والسيدات الكبيرة التي تسير متكأه على عصى .. دخل إلى السوق يبحث عن حبيبته من بين الكثير ولديه يقين قوي انه سيجدها .. فهو يشعر بها من صوت أنفاسها وعطرها الذي يخترق أنفه برغم بُعد المسافات ..
كانت تتجول في السوق من بين الكثيرين وفي يدها سلة متوسطة الحجم داخلها بعض من الخضار .. ثم وقفت أمام بائع الطماطم وأخذت تفحصها .. بينما لا زال جان يبحث عنها حتى رآها وهي تتفقد الطماطم فاتسعت ابتسامته الجذابة ولم ينتبه من الذين انتبهوا منه من فتيات ونظروا إليه بابتسامة واسعة .. وقف جان إلى جوارها في صمت وبعد لحظات قليلة استنشقت رائحة عطره المميزة ليظهر عليها علامات الدهشة تعلم من يكون صاحب ذاك العطر جيدا .. ولكن من المستحيل أن يأتي هنا تناول جان واحده من الطماطم وهمس بغزل :
-يديكِ الجميلتين لابد أن تتفقد الفاكهة فقط .. وبالتحديد الفراولة التي تشبه شفتاكِ
ازدردت لعابها بصوت مسموع وأخذت تحمل الطماطم بتوتر واضح فقد علمت أن جان جاء هنا من أجلها .. وشعرت بالحرج لأن الكثير هنا يعرفها ، وضع البائع الطماطم على الميزان ليجده مضبوط ثم اعطى إليها ، واستلم منها المال ثم وضعت الطماطم في السلة وذهبت بخطوات سريعة ، فيما وضع جان الطماطم ، وسار خلفها بخطوات سريعة وقبض على مرفقها ليوقفها ، ثم أخذ سلة الخضار من يدها وذهب ، فاتسعت عيناها وتطلعت حولها لتجد الكثير من المارة ينظرون إليها ، ثم سارت خلفه بخطوات سريعة وطلبت منه أن يتوقف ولكن بلا جدوى ..
حتى وصلوا إلى سيارته وقام بوضع السلة في المقعد الخلفي ثم فتح لها الباب الأمامي و وقف ينظر إليها ، تأففت عن ما فعله معها ، وحاولت أن تأخذ الطلبات ولكن منعها جان ، فنظرت إليه بتذمر قائلة :
-أرجوك جان بك دعني أذهب .. سوف اتأخر على جدتي التي تمكث وحدها
-اذا ادخلي إلى السيارة وسأذهب معك إلى جدتك
استقلت السيارة مضطرة فأغلق الباب وقبض قبضة النصر ، ثم جلس أمام المقود واتجه كما تقول له أديل ، ثم شغل أغنية فرنسية رومانسية هادئة ، وكل كلمة حب في الأغنية يوجهها إليها ، لتنظر إلى الاتجاه المعاكس بابتسامة خجولة تزين ثغرها ، عقب وصولهم إلى المنزل الصغير ترجلت من السيارة وأخذت سلة الخضار ، ثم اتجهت نحو المنزل ودخلت لتعانق جدتها الجالسة على اريكة شبه قديمة ، وتبادلوا العناق والاشتياق ، ثم وضعت لها كل شيء بنظام في المطبخ والثلاجة ، ثم ودعتها وخرجت على الفور من أجل جان ..
تفاجأت بـ كيفن ابن عمها الذي ابتسم حينا رآها ، فنظرت إلى السيارة لتجد جان مشغول في هاتفه ثم عادت بالنظر إليه ، وبعد تبادل السلام صافحها كيفن وشدد على يدها الناعمة ، ثم قال :
-سعيد لرؤيتك يا ابنة عمي
حررت يدها من يده وهي تقول :
-كيفك كيفن ؟ .. وكيف العائلة ؟
-ناقصنا وجودك معنا يا أديل
نظرت إلى جان وفي نفس اللحظة رفع عيناه عن الهاتف ليرى أديل وابن عمها ، وعلى الفور استأذنت أديل من كفن وطلبت منه أن يدخل إلى جدته أولا ، ولكن أصر أن يوصلها فأخبرته أن جان بك معها ، لينظر كيفن إلى سيارة جان متعجبا فيما هرولت أديل إلى السيارة وجلست على المقعد وهي تقول في توتر :
-أذهب جان بك على وجه السرعة
شغل محرك السيارة وتراجع للخلف ليضبط السيارة ثم غادر ، فيما أخذ كيفن يسحب دخان سيجارته ويزفره في الهواء وهو يتطلع إلى السيارة بحده حتى اختفت من أمام عيناه ..