الفصل الثامن
كان الحاج على يعلم ان بداخلهم تساؤلات عدة حول من الذى حاول ضرب مصطفى ومن الذى ففق التهمة لسعيد فبدأ بالحديث معهم
_ حمدالله على سلامتكم يا ولاد
رد عليه سعيد
= الله يسلمك ياعمى يارب
نظر الأثنين بأتجاه مصطفى فوجدوه صامتا شارد الذهن
_ مالك يا صاحبى فيك ايه ؟!
= ندمان على كل لحظه عرفت فيها اسامه .... ندمان على كل مره ساعدته فيها .... ازاى انسان يبقى بالبشاعه دى
_ الطمع وعدم الرضا .... اسامه مكانش راضى بحاله مع انه كان من عيله كبيره وعمره ما اتحرم من حاجه كل اللى كان بيحتاجه كان بيلاقيه
= عارف مسن اكتر حد صعبان عليا يا صاحبى
_ مين يا مصطفى
= ابوه وامه ، وخصوصاً كمان انهم كانوا مقاطعينه من قبل الموضوع دا بفترة ، انت تعرف انهم رفضوا يستلموا الجثة من المشرحة ورفضوا كمان انه يتدفن فى مدافن العيلة ..
_ انت بتتكلم بجد
رد عليه الحاج على
= طب انت تعرف يا مصطفى ان الجثة موجودة لحد دلوقتى فالمشرحة وابوه رافض يستلمها ورافض ان حد يستلمها ..وانا مردتش اتحرك فى حاجة وقولت اصبر اشوفكم هتعملوا ايه
_ هنعمل ايه يعنى ولا حاجة احنا فى ايدنا ايه
= وانا مربتش عيالى على كدا
رد عليه سعيد لأنه لم يفهم ما يقصده
_ قصدك ايه يا حاج
= مهما كان اللى حصل اسامه خلاص اخد جزاءه ده غير اللى لسه هيشوفه فى الاخره .... ومهما كان اكرام الميت دفنه مهما كان ، اسامة هيتدفن فى مدافن عيلتنا واحنا اللى هنخلص كل الإجراءات
توهج مصطفى من كلام والده
_ انت بتقول ايه يا حاج ، اينعم احنا كنا ناويين نزوره ونقراله الفاتحة ولكن مش لدرجة اانا ننسي كل حاجة
_ انتوا سمعتونى قولت ايه
رد عليه سعيد
= يا عمى مصطفى ميقصدش الاعتراض عليك ، ولكن الفكرة فى اننا مصدومين انك هتعمل كدا بعد كل اللى عمله فيك
_مسامحه على كل اللى عمله معايا
كان مصطفى مزهول تماما مما يسمعه من والده
= انا مش مصدق ودانى
_ لا صدق يابنى .... اسامه اتربى فى البيت ده زيك وزى سعيد واعتبرته ابنى ولازم الاب يسامح ابنه على كل اخطاءه .... معظم اخطاء الابناء بيبقى سببها الرئيسى من الاب .... وكلنا غلطنا فى حق اسامه وسيبنا لشيطانه اسامه لحد موضوع خطوبته من ياسمين كان ممكن يتصلح لو وقفناله لكن للاسف كلنا سيبناه لمنصور ولشيطانه يعملوا فيه كل اللى هما عاوزينه يعنى احنا كمان غلطنا ولازم نتحمل نتيجة غلطنا
رد عليه سعيد بعدما فكر فى كلامه كثيرا وافتنع بصحة وجهة نظره
_ عندك حق يا عمى فى كل حرف بتقوله
كان مصطفى لا يعلم ماذا عليه ان يفعل
= طب واحنا هنعمل ايه دلوقتى يا حاج
_ يلا بينا نروح نطمن على اهله
هموا جميعا بالذهاب إلى منزل الحاج عزت النميرى والد اسامة دخلوا من باب المنزل فكان الحاج عزت جالسا فى المضيفة وحينما رأهم ادمعت عيناه وبكى فشد من ازره الحاج على
_ شد حيلك يا حاج عزت
= سامحنى يا اخويا ، سامحنى يا عمدة على اللى حصلك بسبب الكلب دا
_ متقولش كدا ، انت ملكش ذنب فكل حاجة
= لا طبعا انا ذنبى كبير اووووى ..... كفايه انى جيبت شيطان داير يأذى كل اللى حوالبه .... سامحونى كلكم
شرح له الحاج على ما ينوى فعله مثلما فعل مع مصطفى وسعيد وحاول التهدئة مما بداخله فكان الحاج عزت مكتومة كلمات كثيرة بداخله لم يخرجها إلا حينما رأهم ، بعدما شحر له كل شئ اخبره بأنهم يريدون دفنه فى مقابر العائلة فتفاجئ الحاج عزت من تصرفات الحاج على
_ طب وانت ذنبك ايه ياحاج على عشان تدفنه عندك
= ذنبى انى قصرت معاه
اتفقا ان يدفنه الحاج عزت فى مقابر العائلة وفى المساء ذهبوا لأستلام الجثة من المشرحة وبعدها ذهبوا بها إلى المنزل لكى يغسل ، حينما دخلوا إلى المنزل كانت امه فى انتظاره وعندما رأتهكانت الدموع تهطل كالأمطار من عينيها فخشيت من ردة فعل زوجها بسبب حزنها هذا ، فالتفتت وكانت متجهة نحو غرفتها ، ولكن امسكها من يدها الحاج عزت واوقفها ثم اتبع قائلا
_ انا عارف اللى جواكى وحاسس بيه ، طلعيه يا فاطمة احزنى على ابنك
وما ان سمعت تلك الجملة وخرجت منها صرخة تكاد تهز معابد الأقصر بأكملها من كسرة حزنها وعلوها ، فالأم نادمة على تركها لأبنها يصل لتلك المرحلة وحزينة فى نفس الوقت على وفاته ، طلب الحاج عزت وزوجته أن يجلسوا مع ابنهم بعض الوقت كى يودعوه فتركهم وخرج سعيد ومصطفى والحاج على
طانوا ينظرون إلى ابنهم وفجأة ادعمعت عيناى الحاج عزت وهو يحدثه
_ سامحنى يابنى انا السبب فى كل اللى حصلك انا اللى قصرت فى تربيتك ، سيبتك لشيطانك يربيك على ايده ، كان كل همى انى اكبر الارض واسيبلك فلوس كتير ، دلوقتى انت روحت ومليش وريث غيرك ، كل اللى عملته طول السنين اللى فاتت راح على الفاضى ، طلعت بجرى وراء سراب ، كان كل همى انى اسيبلك فلوس وارض ومتحتاجش لحد بعدى سامحنى يابنى
ثم اجهش فى البكاء وهو واضعا رأسه على جسد ابنه
كانت والدته تنظر له وهى ممسكة بيديه
= انا كمان يابنى ياريت تسامحنى . كنت على طول اشوفك بتعمل الغلط وادارى عليك ومقولش حاجه لابوك ، كنت دايما اقول ان انت راجل والراجل مفيش حاجه بتعيبه ، دلعتك بزياده عمرى ما قولتلك على حاجه غلط ولا عيب ولا ميصحش ، ربيتك على ان انت سيد الناس واى حاجه تحتاجها تبقى تحت رجلك ربيتك على الانانيه وحب النفس ، خليتك ماتشوفش من الدنيا غير مصلحتك ، انا اللى قتلتك سامحنى يا بنى والنبى
فى ذلك الوقت كان جالسا الحاج على بالخارج مع ابنه وسعيد اراد مصطفى ان يعرف ما يحدث بالداخل
_ هو فى ايه
فأجابه والده ..
= اكيد عايزين يودعو ابنهم
_ مكنش نفسي تخلص على كدا ابدا يا ابويا
= اهو الحمد لله غلطات وبندفع تمنها ، بس الأهم اننا ناخد بالنا بعد كدا
_ انا كل اللى يهمنى دلوقتى احل لغز القضية دى
رد عليه سعيد وكأنه يعلم ما اخفى فى هذه القصة
_ الحل مش هنا يا صاحبى لو قعدت تدور عليه هنا عمرك ما هتلاقيه
= قصدك ايه يا سعيد
_ قصدى ان الحل فى القاهرة ، الحل عند منصور واللى ساندينه
=انا فكرت فى الموضوع ده بس صعب ... ايه اللى يخلى منصور يقتل اسامه
_ومين اللى يقدر يسرق مسدسى من بيتى فى القاهره .... المسدس ده انا حاطه بايدى فى خزنتى الخاصه قبل ما انزل البلد ومحدش يعرف مكانه ابدا .... مين اللى عنده القدره انه يدخل عندى ويسرق مسدى ويرميه فى بيت اسامه الا اذا كان عاوز يخلص منى ومن اسامه فى نفس الوقت
= بس اسامة متقتلش بمسدسك
_ علشان اللى راح ينفذ بمسدسى راح لقى اسامه اصلا مقتول وجايز خاف انه يتمسك فهرب وهو بيهرب المسدس وقع منه على حسب كلام الظابط. المسدس بتاعى كان واقع فى مدخل بيت اسامه يعنى اكيد اللى كان معاه المسدس وهو بيهرب وقع منه على العموم انت من بكره هترجع شغلك وترجع تكمل التحقيق فى القضيه اللى كنت شغال فيها وانا واثق انك لو حليتها هنعرف مين اللى قتل اسامه وادينا اطمنا عليك وانت بخير اهو مفيش حاجة
= طب وانت مش هترجع معايا
_ لا طبعا اكيد هرجع الشركة فيها مشاكل كتير ولازم اكون موجود بنفسي ، الحمل بقى تقيل اوى على كتافى
= ربنا يعينك يا صاحبى عارف انك قدها
ظل الحديث متداول بينهم خرج الحاج عزت وزوجته ظلوا منتظرين حتى حل الظلام على البلد ، فأخذوا اسامة ومن ثم ذهبوا به إلى المدافن ، وكان قد اخبر مصطفى رجل المدافن بأن يفتح التربة ، دخلوا إلى المدافن وقاموا بدفن اسامة وبعدها حل الفجر عليهم ، كانوا لا يرون شيئا فالظلام يغيم كل ارجاء المكان طلب منهم سعيد الأستئذان ليقرأ الفاتحة لأمه وأبيه ، بحث عن المقبرة التى دفنوا بها حتى وجدها ، وقف امامها ينظر اليها ويرى اسم والده ووالدته بجوار بعضهم جلس سعيد على احدى الاحجار قرأ الفاتحة لهم ومن ثم فتح صدره ليخرج كل شئ لهم
_ ازيك يا ابويا ، ازيك يا امى ، ازيكم يا اللى الدنيا حرمتنى منكم ومن انكم تكملو معايا الطريق ، ابنكم بقى راجل يعتمد عليه ، عايز اقولكم ان فى عدم وجودكم خليت اسمكم يكبر ، وحشنى حضنك ياما وحشتنى السعادة اللى مشفتهاش ، انا جاى عشان اقولكم انى تعبان ، تعبان من كل حاجة ، كل ما اقول خلاص فرجت الاقيها بتقفل اكتر ، فاكرة ياما صاحبى اللى ضربنى بالطوبة وانا صغير وعورنى فى وشى ، اتربينا سوا ودخلنا بيوت بعض اهله بيعاملونى انى ابنهم فاكراه ياما ، صاحبى دا باعنى وخانى وكمان كان بيتمنى موتى ، صاحبى دا كان اكتر عدو ليا الفترة اللى فاتت ، بس ربنا رحمه ، مات خلاص لما تقابليه قوليله انى مسامحه ، مسامحه بحق كل لحظة عشناها مع بعض بحق كل لقمة اكلتها فى بيتهم ، مسامحه خلاص على كل اللى عمله فيا وفى الحاج على وفى مصطفى ابقوا عرفوه انه كان واحشنى وكان نفسي نرجع زى الأول بس محصلش نصيب ، وابقو افتكرونى والنبى عشان انتوا وحشتونى ، يمكن ربنا يقربنى بيكم واجيلكم يارب ....
كان سعيد يقول تلك الكلمات وتتساقط منه الدموع وينهار رويدا رويدا لم يقدر على ان يتمالك نفسه ، كان بداخله اكثر بكثير مما قاله ولكن وهو يحكى كل ما بداخله وجد يد تربط على كتفه ، فالتفت ليرى صديقه مصطفى يشد من ازره ويمده بالأمل الذى اصبح يتلاشى من امامه
= يلا بينا ياصاحبى ، احنا مينفعش نقع ولا ننهار احنا انكتب علينا نعافر ونجيب حق الناس ، بالذات بعد اللى ربنا عمله معانا والمكانة اللى خلانا فيها ، واديك شايف بنساعد ناس قد ايه ومحدش يعرف حاجة ، يلا بينا ياصاحبى عشان تكمل مهمتك
هم سعيد واقفا وذهب هو ويوسف خارج المقابر من ثم ذهب كلا منهم إلى منزله ياهد شريط حياته امام عينيه ......
عودة من الفلاش باك
كانت لمياء لم تصدق ما تراه وتطلب من والدها ان يعطيها مبررا لذلك فاثارت تلك الجمل فضول مصطفى
_ هو فى ايه بالظبط متفهمونى
ردت عليه لمياء وهى مبحلقة
_ خد اقرى الأسم بنفسك
اخذ منها مصطفى صورة البطاقة وقرأ الأسم بصوت عال
_ سعيد أحمد ابراهيم الصفوانى
ردت عليه مريم بعدما علمت ما بهم ولكنها تكذب نفسها
_ اوعو يكون اللى فى دماغى صح
كان مصطفى تائها بينهم ولا يعرف شيئا عما يقولونه
_ فهمونى بالظبط فى ايه عشان انا توهت منكم خلاص
ردت عليه لمياء
_ انا هفهمك براحة يا مصطفى ، انا اسمى ايه
= لمياء سعيد الصفوانى
ردت عليه معدلة للأسم
_ لمياء سعيد ابراهيم الصفوانى
فهم مصطفى تلك الحيرة التى وقعوا فيها جميعا ووقع هو أيضا بها
_ يعنى انتى تقصدى ان سعيد صاحبى يبقى أبن عمك
كانت مريم أكثر شخصا يحلل الاحداث ولكن قبل ما يسرح الجميع فى تلك القصة ارادت الفهم
_ بس ازاى يابابا وانت ملكش اخوات اصلا
= يااه يابنتى ، دا موضوع قديم قوى وانا نفسي كنت قربت انساه
كان يوسف قد اجمع كل الخيوط ببعضها وفهم سبب رفض الدكتور سعيد له فى بداية الأمر
_ انا فهمه كويس يا عمى وعارفه كويس ، عشان كدا حضرتك رفضتنى لما اتقدمت للمياء
كان الكل تائه والمدرك الأن هو مصطفى والدكتور سعيد فقط ولكن كانت لمياء تتمنى ان تعرف سبب رفض ابيها لمصطفى وها قد جاءت الفرصة
_ وانت عرفت الموضوع دا من فين ، وايه علاقة الموضوع دا بجوازنا او برفض بابا
رد مصطفى ولكن كان ومجها كلامه إلي الدكتور سعيد
_ تحب تحكى انت ولا احكى انا يا عمى
= لا انا هحكيلكم كل حاجه .... زمان وانا صغير فى الثانويه العامه كنت من عيله كبيره فى الاقصر وكان معانا ارض وفلوس ملهاش حصر وكل حاجه كانت باسم ابويا .... ابويا ده كان غلبان وطيب وكان اكبر اخواته .... بس اعمامى دول كانوا شياطين سرقوا ابويا .... ابويا لما كبر ومبقاش قادر على انه يراعى الارض والشغل عمل توكيل لعمى .... وعمى ده استغل التوكيل اسواء استغلال ومش هو بس لا هو وباقى اعمامى وسرقوا مننا كل حاجه ..... ابويا لما عرف ماستحملش الصدمه وقع مات وبعدها اعمامى طردونا من بيتنا انا واخويا .... امى كانت ماتت قبل ابويا بسنتين .... لما لقيت ان احنا بقينا فى الشارع هربت من البلد كلها وسافرت على اسكندريه وهناك اتعرفت على واحد من اللى بيساعدوا الناس انها تسافر بطرق غير شرعيه على ايطاليا او اليونان والحاجات اللى زى دى .... بس كان عيبه انه غالى شويه اشتغلت سنه كامله ليل ونهار لحد ما قدرت ادبر المبلغ وبالفعل سافرت على ايطاليا واشتغلت هناك كل حاجه واى حاجه لحد ما قابلت مامتكم واتجوزتها فى الاول علشان اخد الاقامه لكن بعد كده حبيتها وعشنا مع بعض احلى ايام وكسبت فلوس كتير وكملت دراستى هناك فى كلية الصيدله زى ما كنت بحلم وكنت خلاص اخدت قرار بانى استقر هناك خصوصا بعد ما خلفتكم لانى مليش حد هنا فى مصر لحد ما مامتكم اتوفت ساعتها مقدرتش اعيش هناك وصفيت كل شغلى ورجعت مصر وفتحت مصنع الادويه واستقريت هنا حاولت اكتر من مره انزل الاقصر واتطمن على اخويا لكن مقدرتش فبعت حد البلد بس اللى راح رجع قالى انه اتوفى ساعتها قفلت على الموضوع ده ومفكرتش اسال اذا كان اخويا معاه اولاد ولا لا .... هى دى كل الحكايه
_ حمدالله على سلامتكم يا ولاد
رد عليه سعيد
= الله يسلمك ياعمى يارب
نظر الأثنين بأتجاه مصطفى فوجدوه صامتا شارد الذهن
_ مالك يا صاحبى فيك ايه ؟!
= ندمان على كل لحظه عرفت فيها اسامه .... ندمان على كل مره ساعدته فيها .... ازاى انسان يبقى بالبشاعه دى
_ الطمع وعدم الرضا .... اسامه مكانش راضى بحاله مع انه كان من عيله كبيره وعمره ما اتحرم من حاجه كل اللى كان بيحتاجه كان بيلاقيه
= عارف مسن اكتر حد صعبان عليا يا صاحبى
_ مين يا مصطفى
= ابوه وامه ، وخصوصاً كمان انهم كانوا مقاطعينه من قبل الموضوع دا بفترة ، انت تعرف انهم رفضوا يستلموا الجثة من المشرحة ورفضوا كمان انه يتدفن فى مدافن العيلة ..
_ انت بتتكلم بجد
رد عليه الحاج على
= طب انت تعرف يا مصطفى ان الجثة موجودة لحد دلوقتى فالمشرحة وابوه رافض يستلمها ورافض ان حد يستلمها ..وانا مردتش اتحرك فى حاجة وقولت اصبر اشوفكم هتعملوا ايه
_ هنعمل ايه يعنى ولا حاجة احنا فى ايدنا ايه
= وانا مربتش عيالى على كدا
رد عليه سعيد لأنه لم يفهم ما يقصده
_ قصدك ايه يا حاج
= مهما كان اللى حصل اسامه خلاص اخد جزاءه ده غير اللى لسه هيشوفه فى الاخره .... ومهما كان اكرام الميت دفنه مهما كان ، اسامة هيتدفن فى مدافن عيلتنا واحنا اللى هنخلص كل الإجراءات
توهج مصطفى من كلام والده
_ انت بتقول ايه يا حاج ، اينعم احنا كنا ناويين نزوره ونقراله الفاتحة ولكن مش لدرجة اانا ننسي كل حاجة
_ انتوا سمعتونى قولت ايه
رد عليه سعيد
= يا عمى مصطفى ميقصدش الاعتراض عليك ، ولكن الفكرة فى اننا مصدومين انك هتعمل كدا بعد كل اللى عمله فيك
_مسامحه على كل اللى عمله معايا
كان مصطفى مزهول تماما مما يسمعه من والده
= انا مش مصدق ودانى
_ لا صدق يابنى .... اسامه اتربى فى البيت ده زيك وزى سعيد واعتبرته ابنى ولازم الاب يسامح ابنه على كل اخطاءه .... معظم اخطاء الابناء بيبقى سببها الرئيسى من الاب .... وكلنا غلطنا فى حق اسامه وسيبنا لشيطانه اسامه لحد موضوع خطوبته من ياسمين كان ممكن يتصلح لو وقفناله لكن للاسف كلنا سيبناه لمنصور ولشيطانه يعملوا فيه كل اللى هما عاوزينه يعنى احنا كمان غلطنا ولازم نتحمل نتيجة غلطنا
رد عليه سعيد بعدما فكر فى كلامه كثيرا وافتنع بصحة وجهة نظره
_ عندك حق يا عمى فى كل حرف بتقوله
كان مصطفى لا يعلم ماذا عليه ان يفعل
= طب واحنا هنعمل ايه دلوقتى يا حاج
_ يلا بينا نروح نطمن على اهله
هموا جميعا بالذهاب إلى منزل الحاج عزت النميرى والد اسامة دخلوا من باب المنزل فكان الحاج عزت جالسا فى المضيفة وحينما رأهم ادمعت عيناه وبكى فشد من ازره الحاج على
_ شد حيلك يا حاج عزت
= سامحنى يا اخويا ، سامحنى يا عمدة على اللى حصلك بسبب الكلب دا
_ متقولش كدا ، انت ملكش ذنب فكل حاجة
= لا طبعا انا ذنبى كبير اووووى ..... كفايه انى جيبت شيطان داير يأذى كل اللى حوالبه .... سامحونى كلكم
شرح له الحاج على ما ينوى فعله مثلما فعل مع مصطفى وسعيد وحاول التهدئة مما بداخله فكان الحاج عزت مكتومة كلمات كثيرة بداخله لم يخرجها إلا حينما رأهم ، بعدما شحر له كل شئ اخبره بأنهم يريدون دفنه فى مقابر العائلة فتفاجئ الحاج عزت من تصرفات الحاج على
_ طب وانت ذنبك ايه ياحاج على عشان تدفنه عندك
= ذنبى انى قصرت معاه
اتفقا ان يدفنه الحاج عزت فى مقابر العائلة وفى المساء ذهبوا لأستلام الجثة من المشرحة وبعدها ذهبوا بها إلى المنزل لكى يغسل ، حينما دخلوا إلى المنزل كانت امه فى انتظاره وعندما رأتهكانت الدموع تهطل كالأمطار من عينيها فخشيت من ردة فعل زوجها بسبب حزنها هذا ، فالتفتت وكانت متجهة نحو غرفتها ، ولكن امسكها من يدها الحاج عزت واوقفها ثم اتبع قائلا
_ انا عارف اللى جواكى وحاسس بيه ، طلعيه يا فاطمة احزنى على ابنك
وما ان سمعت تلك الجملة وخرجت منها صرخة تكاد تهز معابد الأقصر بأكملها من كسرة حزنها وعلوها ، فالأم نادمة على تركها لأبنها يصل لتلك المرحلة وحزينة فى نفس الوقت على وفاته ، طلب الحاج عزت وزوجته أن يجلسوا مع ابنهم بعض الوقت كى يودعوه فتركهم وخرج سعيد ومصطفى والحاج على
طانوا ينظرون إلى ابنهم وفجأة ادعمعت عيناى الحاج عزت وهو يحدثه
_ سامحنى يابنى انا السبب فى كل اللى حصلك انا اللى قصرت فى تربيتك ، سيبتك لشيطانك يربيك على ايده ، كان كل همى انى اكبر الارض واسيبلك فلوس كتير ، دلوقتى انت روحت ومليش وريث غيرك ، كل اللى عملته طول السنين اللى فاتت راح على الفاضى ، طلعت بجرى وراء سراب ، كان كل همى انى اسيبلك فلوس وارض ومتحتاجش لحد بعدى سامحنى يابنى
ثم اجهش فى البكاء وهو واضعا رأسه على جسد ابنه
كانت والدته تنظر له وهى ممسكة بيديه
= انا كمان يابنى ياريت تسامحنى . كنت على طول اشوفك بتعمل الغلط وادارى عليك ومقولش حاجه لابوك ، كنت دايما اقول ان انت راجل والراجل مفيش حاجه بتعيبه ، دلعتك بزياده عمرى ما قولتلك على حاجه غلط ولا عيب ولا ميصحش ، ربيتك على ان انت سيد الناس واى حاجه تحتاجها تبقى تحت رجلك ربيتك على الانانيه وحب النفس ، خليتك ماتشوفش من الدنيا غير مصلحتك ، انا اللى قتلتك سامحنى يا بنى والنبى
فى ذلك الوقت كان جالسا الحاج على بالخارج مع ابنه وسعيد اراد مصطفى ان يعرف ما يحدث بالداخل
_ هو فى ايه
فأجابه والده ..
= اكيد عايزين يودعو ابنهم
_ مكنش نفسي تخلص على كدا ابدا يا ابويا
= اهو الحمد لله غلطات وبندفع تمنها ، بس الأهم اننا ناخد بالنا بعد كدا
_ انا كل اللى يهمنى دلوقتى احل لغز القضية دى
رد عليه سعيد وكأنه يعلم ما اخفى فى هذه القصة
_ الحل مش هنا يا صاحبى لو قعدت تدور عليه هنا عمرك ما هتلاقيه
= قصدك ايه يا سعيد
_ قصدى ان الحل فى القاهرة ، الحل عند منصور واللى ساندينه
=انا فكرت فى الموضوع ده بس صعب ... ايه اللى يخلى منصور يقتل اسامه
_ومين اللى يقدر يسرق مسدسى من بيتى فى القاهره .... المسدس ده انا حاطه بايدى فى خزنتى الخاصه قبل ما انزل البلد ومحدش يعرف مكانه ابدا .... مين اللى عنده القدره انه يدخل عندى ويسرق مسدى ويرميه فى بيت اسامه الا اذا كان عاوز يخلص منى ومن اسامه فى نفس الوقت
= بس اسامة متقتلش بمسدسك
_ علشان اللى راح ينفذ بمسدسى راح لقى اسامه اصلا مقتول وجايز خاف انه يتمسك فهرب وهو بيهرب المسدس وقع منه على حسب كلام الظابط. المسدس بتاعى كان واقع فى مدخل بيت اسامه يعنى اكيد اللى كان معاه المسدس وهو بيهرب وقع منه على العموم انت من بكره هترجع شغلك وترجع تكمل التحقيق فى القضيه اللى كنت شغال فيها وانا واثق انك لو حليتها هنعرف مين اللى قتل اسامه وادينا اطمنا عليك وانت بخير اهو مفيش حاجة
= طب وانت مش هترجع معايا
_ لا طبعا اكيد هرجع الشركة فيها مشاكل كتير ولازم اكون موجود بنفسي ، الحمل بقى تقيل اوى على كتافى
= ربنا يعينك يا صاحبى عارف انك قدها
ظل الحديث متداول بينهم خرج الحاج عزت وزوجته ظلوا منتظرين حتى حل الظلام على البلد ، فأخذوا اسامة ومن ثم ذهبوا به إلى المدافن ، وكان قد اخبر مصطفى رجل المدافن بأن يفتح التربة ، دخلوا إلى المدافن وقاموا بدفن اسامة وبعدها حل الفجر عليهم ، كانوا لا يرون شيئا فالظلام يغيم كل ارجاء المكان طلب منهم سعيد الأستئذان ليقرأ الفاتحة لأمه وأبيه ، بحث عن المقبرة التى دفنوا بها حتى وجدها ، وقف امامها ينظر اليها ويرى اسم والده ووالدته بجوار بعضهم جلس سعيد على احدى الاحجار قرأ الفاتحة لهم ومن ثم فتح صدره ليخرج كل شئ لهم
_ ازيك يا ابويا ، ازيك يا امى ، ازيكم يا اللى الدنيا حرمتنى منكم ومن انكم تكملو معايا الطريق ، ابنكم بقى راجل يعتمد عليه ، عايز اقولكم ان فى عدم وجودكم خليت اسمكم يكبر ، وحشنى حضنك ياما وحشتنى السعادة اللى مشفتهاش ، انا جاى عشان اقولكم انى تعبان ، تعبان من كل حاجة ، كل ما اقول خلاص فرجت الاقيها بتقفل اكتر ، فاكرة ياما صاحبى اللى ضربنى بالطوبة وانا صغير وعورنى فى وشى ، اتربينا سوا ودخلنا بيوت بعض اهله بيعاملونى انى ابنهم فاكراه ياما ، صاحبى دا باعنى وخانى وكمان كان بيتمنى موتى ، صاحبى دا كان اكتر عدو ليا الفترة اللى فاتت ، بس ربنا رحمه ، مات خلاص لما تقابليه قوليله انى مسامحه ، مسامحه بحق كل لحظة عشناها مع بعض بحق كل لقمة اكلتها فى بيتهم ، مسامحه خلاص على كل اللى عمله فيا وفى الحاج على وفى مصطفى ابقوا عرفوه انه كان واحشنى وكان نفسي نرجع زى الأول بس محصلش نصيب ، وابقو افتكرونى والنبى عشان انتوا وحشتونى ، يمكن ربنا يقربنى بيكم واجيلكم يارب ....
كان سعيد يقول تلك الكلمات وتتساقط منه الدموع وينهار رويدا رويدا لم يقدر على ان يتمالك نفسه ، كان بداخله اكثر بكثير مما قاله ولكن وهو يحكى كل ما بداخله وجد يد تربط على كتفه ، فالتفت ليرى صديقه مصطفى يشد من ازره ويمده بالأمل الذى اصبح يتلاشى من امامه
= يلا بينا ياصاحبى ، احنا مينفعش نقع ولا ننهار احنا انكتب علينا نعافر ونجيب حق الناس ، بالذات بعد اللى ربنا عمله معانا والمكانة اللى خلانا فيها ، واديك شايف بنساعد ناس قد ايه ومحدش يعرف حاجة ، يلا بينا ياصاحبى عشان تكمل مهمتك
هم سعيد واقفا وذهب هو ويوسف خارج المقابر من ثم ذهب كلا منهم إلى منزله ياهد شريط حياته امام عينيه ......
عودة من الفلاش باك
كانت لمياء لم تصدق ما تراه وتطلب من والدها ان يعطيها مبررا لذلك فاثارت تلك الجمل فضول مصطفى
_ هو فى ايه بالظبط متفهمونى
ردت عليه لمياء وهى مبحلقة
_ خد اقرى الأسم بنفسك
اخذ منها مصطفى صورة البطاقة وقرأ الأسم بصوت عال
_ سعيد أحمد ابراهيم الصفوانى
ردت عليه مريم بعدما علمت ما بهم ولكنها تكذب نفسها
_ اوعو يكون اللى فى دماغى صح
كان مصطفى تائها بينهم ولا يعرف شيئا عما يقولونه
_ فهمونى بالظبط فى ايه عشان انا توهت منكم خلاص
ردت عليه لمياء
_ انا هفهمك براحة يا مصطفى ، انا اسمى ايه
= لمياء سعيد الصفوانى
ردت عليه معدلة للأسم
_ لمياء سعيد ابراهيم الصفوانى
فهم مصطفى تلك الحيرة التى وقعوا فيها جميعا ووقع هو أيضا بها
_ يعنى انتى تقصدى ان سعيد صاحبى يبقى أبن عمك
كانت مريم أكثر شخصا يحلل الاحداث ولكن قبل ما يسرح الجميع فى تلك القصة ارادت الفهم
_ بس ازاى يابابا وانت ملكش اخوات اصلا
= يااه يابنتى ، دا موضوع قديم قوى وانا نفسي كنت قربت انساه
كان يوسف قد اجمع كل الخيوط ببعضها وفهم سبب رفض الدكتور سعيد له فى بداية الأمر
_ انا فهمه كويس يا عمى وعارفه كويس ، عشان كدا حضرتك رفضتنى لما اتقدمت للمياء
كان الكل تائه والمدرك الأن هو مصطفى والدكتور سعيد فقط ولكن كانت لمياء تتمنى ان تعرف سبب رفض ابيها لمصطفى وها قد جاءت الفرصة
_ وانت عرفت الموضوع دا من فين ، وايه علاقة الموضوع دا بجوازنا او برفض بابا
رد مصطفى ولكن كان ومجها كلامه إلي الدكتور سعيد
_ تحب تحكى انت ولا احكى انا يا عمى
= لا انا هحكيلكم كل حاجه .... زمان وانا صغير فى الثانويه العامه كنت من عيله كبيره فى الاقصر وكان معانا ارض وفلوس ملهاش حصر وكل حاجه كانت باسم ابويا .... ابويا ده كان غلبان وطيب وكان اكبر اخواته .... بس اعمامى دول كانوا شياطين سرقوا ابويا .... ابويا لما كبر ومبقاش قادر على انه يراعى الارض والشغل عمل توكيل لعمى .... وعمى ده استغل التوكيل اسواء استغلال ومش هو بس لا هو وباقى اعمامى وسرقوا مننا كل حاجه ..... ابويا لما عرف ماستحملش الصدمه وقع مات وبعدها اعمامى طردونا من بيتنا انا واخويا .... امى كانت ماتت قبل ابويا بسنتين .... لما لقيت ان احنا بقينا فى الشارع هربت من البلد كلها وسافرت على اسكندريه وهناك اتعرفت على واحد من اللى بيساعدوا الناس انها تسافر بطرق غير شرعيه على ايطاليا او اليونان والحاجات اللى زى دى .... بس كان عيبه انه غالى شويه اشتغلت سنه كامله ليل ونهار لحد ما قدرت ادبر المبلغ وبالفعل سافرت على ايطاليا واشتغلت هناك كل حاجه واى حاجه لحد ما قابلت مامتكم واتجوزتها فى الاول علشان اخد الاقامه لكن بعد كده حبيتها وعشنا مع بعض احلى ايام وكسبت فلوس كتير وكملت دراستى هناك فى كلية الصيدله زى ما كنت بحلم وكنت خلاص اخدت قرار بانى استقر هناك خصوصا بعد ما خلفتكم لانى مليش حد هنا فى مصر لحد ما مامتكم اتوفت ساعتها مقدرتش اعيش هناك وصفيت كل شغلى ورجعت مصر وفتحت مصنع الادويه واستقريت هنا حاولت اكتر من مره انزل الاقصر واتطمن على اخويا لكن مقدرتش فبعت حد البلد بس اللى راح رجع قالى انه اتوفى ساعتها قفلت على الموضوع ده ومفكرتش اسال اذا كان اخويا معاه اولاد ولا لا .... هى دى كل الحكايه