الفصل السادس
مرت الأيام والفتيات تستعد للجامعه حلمهم منذ الطفولة.. فلقد تعبوا و إجتهدوا حتى وصلوا لهذه المرحلة من حياتهما ... بنوا عليها آمال و أحلام و مستقبل تمنوه و لكن إرادة الله هي الغالبة .. و ما عند الله خير و أبقي دائما و أبدا .....
بمجتماعاتنا يظن الجميع أن بداية حياتهم تكتب عند أبواب الجامعة ذلك العالم المبهر الشاسع و الذي تضم أيامه قصصاً و حكايات تحكي لآخر العمر...
فتحت آية باب شقتهم بإبتسامة وقالت بعذوبة :
- صباح الخير خالتي .
أجابتها سهام و هي تدلف للداخل مطأطأة على ذراعها بحنو :
_ صباح الورد .. مستعدة إبنتي .
أومأت آية برأسها قائلة بحماس :
_ نعم مستعدة و لن نخذلكم كما عودناكم سابقا .. سنعمل بكل جهدنا على أن ننجح و نرفع رأسكم بنا.
قبلت سهام مقدمة رأسها و قالت بعزم:
_ أعلم ذلك و لكما مني كل الدعم.
بحثت آية خلفها و هي تطالع الدرج ثم عادت بعينيها لسهام و تسائلت بتعجب:
_ و لكن .. أين سارة ؟!
وضعت سهام مفاتيحها على الطاولة و هي تقول ببساطة :
_ إنها تنتظر مروان لكي تذهبوا معه إلي الجامعة .
إنتفضت كل خلجاتها و زادت دقات قلبها و هي تمرر جملة خالتها بقلبها لا بأذنها.. سيذهب معهما لقد قالت سيذهب معهما..
هل سترافقه طوال الطريق..
هل ستدخل للجامعة التي تخشاها لأنها عالم مبهم بالنسبة لها برفقته و بحمايته...
هل ستعطي رسالة لجميع الفتيات هناك أنه يخصها وحدها..
إتسعت عينى آية من الفرحة وقالت بتلهف جرئ و هي تقترب منها مسرعةً بحركة طفولية :
_ حقا خالتي !!
إبتسمت سهام قائلة بتأكيد و هي تومئ برأسها :
_ نعم يا قلب خالتك .
و تركتها و دلفت لغرفة الجدة ... و آية متصنمة مكانها بفرحة .. ستذهب معه .. سيرافقها طوال الطريق .. ستستمتع بعطره و سحره أطول وقتٍ ممكن، لربما تشبع حواسها بهيئته الرائعة دوما....
ركضت حتي غرفتها و هي تلامس وجنتيها المكتسيتين باللون الأحمر من الفرحة و فتحت خزانتها و وقفت قبالتها تقلب بين ملابسها لإختيار الأفضل بينهم...
تريد أن تملأ عيناه حتي لا يطالع غيرها و يتأكد أنها أجمل من جميلاته الذى يتحدث عنهم دائماً بإستفاضة أمامها دون مراعاة لمشاعرها و إحتراقها من حزنها..
إرتدت طقماً أحضرته منذ أيام و وقفت تطالع هيأتها بالمرآة واضعة مرطب الشفاة الذى جعل شفتاها تحمران بخجل و أظهر جمالهما و إكتنازهما..
ثم أزالته مسرعاً في حركة واحدة بكف يدها فهي تخجل من أن تخرج هكذا و مروان سيوبخها كما يفعل دائماً معها هي و لا يستطيع أن يثني سارة عما تضعه كما يستطيع قمعها..
هزت رأسها و هي تقول بداخلها:
_ هذا ليس يوم تلك الأفكار القمعية و السوداء.. فأنا سأرافقه للجامعة و هذا يكفي.
حملت حقيبة يدها و خرجت مسرعة و هي تكاد تكون طائفة على الأرضية لا تسير عليها من سعادتها...
بعد قليل نزلت سارة و مروان، دخلا للجدة و بعد إتمام روتينهم اليومي إنصرفوا ثلاثتهم و هى فى قمة سعادتها و عيونها قد تعلقت به و سارة كعادتها تهز رأسها بيأس على حالتها الهيمانة و العاشقة تلك ...
إستقلوا سيارة أجرة وظلت آية على حالتها طوال الطريق تتطلع إليه بفرحة لقربه منها ......
و هو لم تفارق عينيه هاتفه و هو يراسل أحدهم.. لن تسمح لعقلها البائس أن يخيل لها أنه يراسل فتاة لأنه أخبرها بعينيه منذ قليل و هو يطوف بهما عليها بإعجاب أنها جميلة..
لتحمل تلك اللحظات بداخلها أفضل لها من الإنصياع ورتء أفكارها التى باتت تؤذيها نفسياً...
وصلوا للجامعة.. دلفت لهذا العالم الكبير الواسع و هي تبتلع ريقها بتوتر و قلق و لا تدرى أي شئ يخبئ لها هذا المكان المكتظ بالشباب أمثالهم ...
إنبهرت الفتاتان بالجامعة فهي بالتأكيد أكبر من فناء المدرسة الذى تعودن عليه ، ساروا بداخله يتطلعون حولهم بشغف اخذتهم هالة و شموخ هذا الصرح الكبير و حلمهم الأكبر ...
قطع إنجذابهم و إندهاشهم قدوم فتاه تقترب منهم حيث مروان و هي تقول بنعومة :
_ مروان حبيبي إشتقت إليك .
رفعت آية طرف شفتها بحنق و هي تطالعها شرزاً ، رد عليها مروان بإبتسامة شقية :
_ يالا حظي .. و أنا إشتقت إليكي و إشتقت للجامعة فقط لرؤيتك .
ردت الفتاة بدلال قائلة :
_ لو كان الامر كذلك لكنت سألت عنى خلال فترة الإجازة .
إقترب منها و قال بنبرة هادئة :
_ حبيبتى لدى الكثير لأفعله بالإجازة و لكنني لم أنساكي و لو للحظات كنت المسيطرة بلا أدني شك على تفكيري و مشاعرى .
ضحكت وقالت :
_ أيها المحتال.. لقد إشتقت لحديثك الناعم جدا.
إقترب منها و هو يقول بهمس ناعم و آية تضغط أسنانها بقوة:
_ أبعد الله الشر عنكي يا قمر.
لوحت له بيدها وهى منصرفة موزعة أنظارها بين آية و سارة وقالت برقة :
_ سأتركك الآن يبدو أنك مشغول و نلتقي بوقتٍ آخر.
تركته مبتعدة وعيونه تتفحصها من قدميها حتى رأسها فهى
مرتدية ما يعريها أكتر ما يسترها.
فقالت له آية بغيظ :
_ من هذه الفتاة و لم تقول لك حبيبي؟!
فرد عليها محذراً :
_ لا دخل لكِ بما يحدث إهتمي بشئونك و فقط.
جحظت عيني آية مجدداً و هي ترى تقدم إحدى الفتيات منهم مرة أخرى وقالت موجهة حديثها لمروان :
_ مروان إشتقت إليك كثيراً أين انت؟!
كتمت سارة ضحكتها و هي تطالع آية التي وقفت بينهما و توزع أنظارها عليهما بإبتسامة ساخرة.. حتي إقترب مروان منها و أجابها قائلا بجرأة:
_ سامحيني يا قمر.. و لكن ما كل هذا الجمال إزداد جمالكِ و أصبحتي أجمل فتاة بالجامعة.
تغنجت الفتاة بكتفها وقالت هامسة :
_ حقاً يا مارو؟!
ضيقت آية عيناها و هي تحولها ناحية مروان الذي كان يحدجها بنظرات هائمة و هو يقول بنبرة تذيب الحجر:
_ أكيد.. ألا تمتلكين المرايا ببيتكم لتتأكدى من حديثي.
فضحكت ضحكة عالية ماجنة فقال بصياح :
_ أموت أنا .
نظرت له بدلال وتركته ومضت وعيونه تتبعها... نظر حوله
و تنهد قائلا :
_ هل هذا موسم حصاد الفاكهة.. الفتيات كلها قد طابت و أصبحت جاهزة للقطف.
إشتعلت عيني آية بغضب و قالت له بنبرة لاذعة :
_ إحترم حالك أو إحترم وجودنا على الأقل.
إنتبه لوجودهما فقال بنفاذ صبر :
_ و ما شأنك أنتي بما أفعل.. هل أنتي ضميري و أنا لا أعلم.. ها هي سارة تقف و لا تنطق كما تفعلين انتي فإفعلي مثلها كعادتك.
إبتلعت ريقها بخجل و نكست رأسها و هي تقول بحزن:
_ معك حق.. كنت فقط أنصحك.
تطلع إليها بغضب وقال بحدة :
_ وفرى نصائحك لنفسك هل تسمعيني؟!
إتسعت عيناها وقد بدت على مشارف البكاء و طالعته بصدمة متسائلة بتلعثم :
_ هل ترفع صوتك علي يا مروان؟!
تدخلت سارة أخيراً لفض النزاع بينهما كعادتها وقالت بصرامة :
_ هل ستتشاجرون هنا أيضاً.. فلنهدأ من انفسنا قليلاً.
إقترب منهم شابان من أصدقاء مروان .. رحب به محمد قائلا و هو يوزع أنظاره بين آية و سارة بإعجاب :
_ كيف حالك مروان.
رد عليه مروان بإيتسامته الشقية :
_ بخير حال و أنتما كيف حالكما؟!
أجابه عبده وهو يتطلع على الفتاتان أيضاً بإعجاب :
_ كما تركتنا ليلة أمس.. و لكن متي إستطعت صيد تلك اليمامتين.. يبدوان جديدتان بورقتيهما.
دفعه مروان بعيداً عن الفتاتين و هو يقول بغضب :
_ هل جننت إنهما إخوتي فلتهدأ قليلاً أفضل لك.
فقال له محمد وهو يلتهم آية بعينيه :
_ أنا اعرف أختك سارة و لكن من تلك الجميلة معها؟!
وقف مروان قبالتهم يحجب عنهما الرؤية بجسده العريض وقال محذرا :
_ إنها إبنة خالتي و إبتعدوا عن وجهي حالا قبل أن يطالكم غضبي.
إلتفت مروان للفتاتان وقال بحسم :
_ إنتظراني هنا ريثما أعود سأصور لكما جدول محاضراتكما و سأعود من فورى.
فقالت له سارة بضيق :
_ لأ نحن سنذهب و نصوره و انت تعامل مع من ينتظرونك.. ستبقي فاشل للأبد.
جذبت آية من ذراعها وإنطلقا لكليتهما تتبعهم عيني مروان بقلق.. في البداية كسي وجههما التعجب و الإنبهار و لكن بعد قليل و بسؤال بعض زميلاتهن صوروا جدولهما و جلستا سوياً لإلتقاط أنفاسهما فقالت سارة بإرهاق :
- الموضوع أصعب مما تخيلنا يا آية.
و لكن آية كانت بعالم آخر و هي تتطلع حولها وقالت بقلق :
_ أين مروان انا لا أراه؟!
زفرت سارة بعصبية و قالت :
_ هل تبحثين عنه لتكملوا شجاركما و تجعلونا فرجة للجميع بأول يوماً لنا هنا.. إتركيه لفتياته.
عدلت آية من حجابها و هي تقول بضيق :
- ربنا يهديه .
وقفت سارة مجدداً و قالت بجدية:
_ هيا بنا لنرى اماكن المحاضرات لا نريد مشاكل من البداية.
وقفت آية و سارت بجوارها و هي مازالت تبحث عنه بعيناها و فكرة انه الآن يقف مع إحدى الفتايات تزيد من إشتعال قلبها و تخرجها من تركيزها.....
..................................................................
...............
شعرت راما بالملل فوقفت بشرفة غرفتها تطالع البحر حتى وقفت بجوارها رمزية و سألتها قائلة:
_ هل تريدين شيئاً لتشربيه حبيبتي؟!
إلتفتت إليها راما و قالت بضيق:
_ أريد أن أعود لبيتنا فأنا منذ قدومي لهنا و أنا أشعر بالملل.
جلست رمزية على مقعد بجوارها و قالت ببديهية:
_ من المؤكد ستملين حبيبتي فأنتي لم تخرجي من هنا سوى مرتين فقط و البلد رائعة لم أتوقع أن تكون الإسماعيلية بذلك الجمال خاصة منطقة قناة السويس.
إبتسمت راما بهدوء و قالت بحماس:
_ ما رأيكِ أن تأخذيني بجولة داخل الإسماعيلية ربما أقع بعشقها كما تفعلين أنتي؟!
اجابتها رمزية بفرحة:
_ طبعاً.. سأنهي اعمالي المنزلية حتي تستعدى و ترتدى ملابسك.
و تركتها و خرجت.. وقفت راما أمام خزانتها تبحث عن شئ بسيط ترتديه فإرتدت بذلة رياضية سوداء و حذاء رياضي أبيض و أسدلت شعراتها الشقراء على ظهرها و وضعت بعض مساحيق التجميل التي ابرزت جمال ملامحها الرقيقة و عينيها العسلية و حملت حقيبتها و وضعت بها هاتفها و الكاميرا الخاصة بها و تعطرت و خرجت لتجد رمزية بإنتظارها...
أغلقتا الشقة التي إشتراها والدها لها لتبقي بها بآمان بعيداً عنمشاكل عمله و إستقلا المصعد حتي هبط بهما و خرجتا تضحكان.. وقفت راما امام سيارتها و ضغطت زر جهاز التحكم بها فإنفتحت و فجأة وقف أمامها شاب طويل يرتدى فقط بنطال صدره عارى ممتلأ بالعضلات و يستخدم سترته بتلميع السيارات المصفوفة و قال لها بهدوء:
_ مرحبا آنستي.. هل انتي صاحبة تلك السيارة؟!
إبتعدت راما بعينيها عنه بعدما طالعته مطولاً بإعجاب و قالت بإستحياء:
_ نعم هي سيارتي.
فقال لها بعملية:
_ لقد إهتممت بها الفترة السابقة و لم أجعل قطة صغيرة تقترب منها و كنت أنظفها كل يوم بإنتظام.
طالعت رمزية بعدم فهم.. فإقتربت منه رمزية و اخرجت من حقيبتها مبلغاً مالياً و أعطته إياه قائلة:
_ شكرا لك.. تفضل.
أخذ منها المبلغ المالي و قبله و وضعه ببنطاله و هو يقول بفرحة:
_ انا تحت أمركما بأى وقت و إن إحتجتا أي شئ فقط قولا يا غنام سأحضر على الفور.
ثم إعتدل بوقفته و تابع بتفاخر:
_ فأنا السايس المسئول عن السيارات بتلك المنطقة كلها.
إبتسمت راما على ثقته بنفسه و قالت و هي تفتح باب سيارتها:
_ تشرفنا يا غنام و فرصة سعيدة.
صعدت رمزية هي الآخرى بجوارها حتي أدارت راما السيارة فإقترب غنام من سيارتها و قال بصياح:
_ رافقتكما السلامة بآمان الله.
أشارت له راما بيدها و إنطلقت بالسيارة و هي تقول لرمزية بإبتسامة متسعة:
_ يبدو لذيذاً.
أشاحت رمزية بيدها و قالت بحنق:
_ أنا لا أحب أمثاله فهم لا يعملون و يأخذون من أصحاب السيارات أموالا بدون أي سبب.
طالعت راما الطريق و قالت بجدية:
_ و هل حراس القصر عندنا يفعلون شيئاً سوى الحراسة و مع ذلك يعد وجودهم أهم شئ لحماية البيت و حمايتنا.. لا تسخفي من عمل أى أحد فلولاه لكنا ننظف السيارة بنفسنا حاليا لأني لم اقودها منذ إسبوعين.
أشارت لها رمزية علي الطريق و هي تقول بإنصياع :
_ معكِ حق حبيبتي.. اترين هذا الطريق إسلكيه كي نتجه لقناة السويس سيعجبك المكان حتماً.
طوال الطريق وراما تتطلع حولها بإعجاب و هي تطالع الصيادون بهيأتهم التي لطالما رآتها بالأفلام القديمة بقبعاتهم المميزة و ستراتهم التي تلوثت خلال صيدهم و آثار الإجهاد على وجوههم حتي أصبحت علي طريق قناة السويس و بعد دقائق صفت سيارتها و خرجت منها مستنشقة رائحة البحر..
إلتفتت لرمزية و قالت بإعجاب:
_ المكان هنا رائع، بالمرة القادمة سأحضر معي أدوات الرسم و اجلس هنا و أرسم بأريحية.
اومأت رمزية برأسها و قالت مؤكدة:
_ معكِ حق فالمناظر الطبيعية هنا خلابة.
أخرجت راما الكاميرا الخاصة بها و بدأت بإلتقاط الصور للمكان حولها و اعطت الكاميرا لرمزية فأخذت لها الكثير من الصور عند مرور إحدى السفن العملاقة بالقناة و التي زادت المكان عظمة و كبرياء حتي إنتهيا و إستقلا السيارة و إتجها لمكان لتناول وجبة غذاء خفيفة.....
قد أسر المكان لُبها و ظلت لساعات تتجول بالسيارة حتي قررا العودة.. بطأت راما بسيارتها فوجدت غنام واقفاً بمكانه و ما أن رآها حتي إقترب منها و هو يقول بصياح عالي:
_ إلا اليمين آنستي و بهدوء.
إبتسمت راما و هي تصف سيارتها كما قال لها.. حتي أوقفتها تماماً و ترجلت منها فإستقبلها قائلاً:
_ أهلا آنستي.
ترجلت من السيارة و قالت له بود:
_ إسمى راما.
ضحك ضحكة عالية و قال متعجباً:
_ ماذا؟! راما.
رفعت عيناها بملل و هي تعدل من حقيبتها قائلة بسخط:
_ ألم يعجبك إسمي يا غنام.
تنحنح بخجل و قال مسرعاً:
_ لم أقصد السخرية و لكنه إسم غريب بعض الشئ.
هزت رأسها بتفهم و قالت و هي تنصرف:
_ أعلم ذلك.. أراك قريباً يا غنام و لن أوصيك بسيارتي.
اجابها و هو يطالع إبتعادها عنه:
_ سأحميها بعيناي آنسة راما.. طاب يومكِ.
بمجتماعاتنا يظن الجميع أن بداية حياتهم تكتب عند أبواب الجامعة ذلك العالم المبهر الشاسع و الذي تضم أيامه قصصاً و حكايات تحكي لآخر العمر...
فتحت آية باب شقتهم بإبتسامة وقالت بعذوبة :
- صباح الخير خالتي .
أجابتها سهام و هي تدلف للداخل مطأطأة على ذراعها بحنو :
_ صباح الورد .. مستعدة إبنتي .
أومأت آية برأسها قائلة بحماس :
_ نعم مستعدة و لن نخذلكم كما عودناكم سابقا .. سنعمل بكل جهدنا على أن ننجح و نرفع رأسكم بنا.
قبلت سهام مقدمة رأسها و قالت بعزم:
_ أعلم ذلك و لكما مني كل الدعم.
بحثت آية خلفها و هي تطالع الدرج ثم عادت بعينيها لسهام و تسائلت بتعجب:
_ و لكن .. أين سارة ؟!
وضعت سهام مفاتيحها على الطاولة و هي تقول ببساطة :
_ إنها تنتظر مروان لكي تذهبوا معه إلي الجامعة .
إنتفضت كل خلجاتها و زادت دقات قلبها و هي تمرر جملة خالتها بقلبها لا بأذنها.. سيذهب معهما لقد قالت سيذهب معهما..
هل سترافقه طوال الطريق..
هل ستدخل للجامعة التي تخشاها لأنها عالم مبهم بالنسبة لها برفقته و بحمايته...
هل ستعطي رسالة لجميع الفتيات هناك أنه يخصها وحدها..
إتسعت عينى آية من الفرحة وقالت بتلهف جرئ و هي تقترب منها مسرعةً بحركة طفولية :
_ حقا خالتي !!
إبتسمت سهام قائلة بتأكيد و هي تومئ برأسها :
_ نعم يا قلب خالتك .
و تركتها و دلفت لغرفة الجدة ... و آية متصنمة مكانها بفرحة .. ستذهب معه .. سيرافقها طوال الطريق .. ستستمتع بعطره و سحره أطول وقتٍ ممكن، لربما تشبع حواسها بهيئته الرائعة دوما....
ركضت حتي غرفتها و هي تلامس وجنتيها المكتسيتين باللون الأحمر من الفرحة و فتحت خزانتها و وقفت قبالتها تقلب بين ملابسها لإختيار الأفضل بينهم...
تريد أن تملأ عيناه حتي لا يطالع غيرها و يتأكد أنها أجمل من جميلاته الذى يتحدث عنهم دائماً بإستفاضة أمامها دون مراعاة لمشاعرها و إحتراقها من حزنها..
إرتدت طقماً أحضرته منذ أيام و وقفت تطالع هيأتها بالمرآة واضعة مرطب الشفاة الذى جعل شفتاها تحمران بخجل و أظهر جمالهما و إكتنازهما..
ثم أزالته مسرعاً في حركة واحدة بكف يدها فهي تخجل من أن تخرج هكذا و مروان سيوبخها كما يفعل دائماً معها هي و لا يستطيع أن يثني سارة عما تضعه كما يستطيع قمعها..
هزت رأسها و هي تقول بداخلها:
_ هذا ليس يوم تلك الأفكار القمعية و السوداء.. فأنا سأرافقه للجامعة و هذا يكفي.
حملت حقيبة يدها و خرجت مسرعة و هي تكاد تكون طائفة على الأرضية لا تسير عليها من سعادتها...
بعد قليل نزلت سارة و مروان، دخلا للجدة و بعد إتمام روتينهم اليومي إنصرفوا ثلاثتهم و هى فى قمة سعادتها و عيونها قد تعلقت به و سارة كعادتها تهز رأسها بيأس على حالتها الهيمانة و العاشقة تلك ...
إستقلوا سيارة أجرة وظلت آية على حالتها طوال الطريق تتطلع إليه بفرحة لقربه منها ......
و هو لم تفارق عينيه هاتفه و هو يراسل أحدهم.. لن تسمح لعقلها البائس أن يخيل لها أنه يراسل فتاة لأنه أخبرها بعينيه منذ قليل و هو يطوف بهما عليها بإعجاب أنها جميلة..
لتحمل تلك اللحظات بداخلها أفضل لها من الإنصياع ورتء أفكارها التى باتت تؤذيها نفسياً...
وصلوا للجامعة.. دلفت لهذا العالم الكبير الواسع و هي تبتلع ريقها بتوتر و قلق و لا تدرى أي شئ يخبئ لها هذا المكان المكتظ بالشباب أمثالهم ...
إنبهرت الفتاتان بالجامعة فهي بالتأكيد أكبر من فناء المدرسة الذى تعودن عليه ، ساروا بداخله يتطلعون حولهم بشغف اخذتهم هالة و شموخ هذا الصرح الكبير و حلمهم الأكبر ...
قطع إنجذابهم و إندهاشهم قدوم فتاه تقترب منهم حيث مروان و هي تقول بنعومة :
_ مروان حبيبي إشتقت إليك .
رفعت آية طرف شفتها بحنق و هي تطالعها شرزاً ، رد عليها مروان بإبتسامة شقية :
_ يالا حظي .. و أنا إشتقت إليكي و إشتقت للجامعة فقط لرؤيتك .
ردت الفتاة بدلال قائلة :
_ لو كان الامر كذلك لكنت سألت عنى خلال فترة الإجازة .
إقترب منها و قال بنبرة هادئة :
_ حبيبتى لدى الكثير لأفعله بالإجازة و لكنني لم أنساكي و لو للحظات كنت المسيطرة بلا أدني شك على تفكيري و مشاعرى .
ضحكت وقالت :
_ أيها المحتال.. لقد إشتقت لحديثك الناعم جدا.
إقترب منها و هو يقول بهمس ناعم و آية تضغط أسنانها بقوة:
_ أبعد الله الشر عنكي يا قمر.
لوحت له بيدها وهى منصرفة موزعة أنظارها بين آية و سارة وقالت برقة :
_ سأتركك الآن يبدو أنك مشغول و نلتقي بوقتٍ آخر.
تركته مبتعدة وعيونه تتفحصها من قدميها حتى رأسها فهى
مرتدية ما يعريها أكتر ما يسترها.
فقالت له آية بغيظ :
_ من هذه الفتاة و لم تقول لك حبيبي؟!
فرد عليها محذراً :
_ لا دخل لكِ بما يحدث إهتمي بشئونك و فقط.
جحظت عيني آية مجدداً و هي ترى تقدم إحدى الفتيات منهم مرة أخرى وقالت موجهة حديثها لمروان :
_ مروان إشتقت إليك كثيراً أين انت؟!
كتمت سارة ضحكتها و هي تطالع آية التي وقفت بينهما و توزع أنظارها عليهما بإبتسامة ساخرة.. حتي إقترب مروان منها و أجابها قائلا بجرأة:
_ سامحيني يا قمر.. و لكن ما كل هذا الجمال إزداد جمالكِ و أصبحتي أجمل فتاة بالجامعة.
تغنجت الفتاة بكتفها وقالت هامسة :
_ حقاً يا مارو؟!
ضيقت آية عيناها و هي تحولها ناحية مروان الذي كان يحدجها بنظرات هائمة و هو يقول بنبرة تذيب الحجر:
_ أكيد.. ألا تمتلكين المرايا ببيتكم لتتأكدى من حديثي.
فضحكت ضحكة عالية ماجنة فقال بصياح :
_ أموت أنا .
نظرت له بدلال وتركته ومضت وعيونه تتبعها... نظر حوله
و تنهد قائلا :
_ هل هذا موسم حصاد الفاكهة.. الفتيات كلها قد طابت و أصبحت جاهزة للقطف.
إشتعلت عيني آية بغضب و قالت له بنبرة لاذعة :
_ إحترم حالك أو إحترم وجودنا على الأقل.
إنتبه لوجودهما فقال بنفاذ صبر :
_ و ما شأنك أنتي بما أفعل.. هل أنتي ضميري و أنا لا أعلم.. ها هي سارة تقف و لا تنطق كما تفعلين انتي فإفعلي مثلها كعادتك.
إبتلعت ريقها بخجل و نكست رأسها و هي تقول بحزن:
_ معك حق.. كنت فقط أنصحك.
تطلع إليها بغضب وقال بحدة :
_ وفرى نصائحك لنفسك هل تسمعيني؟!
إتسعت عيناها وقد بدت على مشارف البكاء و طالعته بصدمة متسائلة بتلعثم :
_ هل ترفع صوتك علي يا مروان؟!
تدخلت سارة أخيراً لفض النزاع بينهما كعادتها وقالت بصرامة :
_ هل ستتشاجرون هنا أيضاً.. فلنهدأ من انفسنا قليلاً.
إقترب منهم شابان من أصدقاء مروان .. رحب به محمد قائلا و هو يوزع أنظاره بين آية و سارة بإعجاب :
_ كيف حالك مروان.
رد عليه مروان بإيتسامته الشقية :
_ بخير حال و أنتما كيف حالكما؟!
أجابه عبده وهو يتطلع على الفتاتان أيضاً بإعجاب :
_ كما تركتنا ليلة أمس.. و لكن متي إستطعت صيد تلك اليمامتين.. يبدوان جديدتان بورقتيهما.
دفعه مروان بعيداً عن الفتاتين و هو يقول بغضب :
_ هل جننت إنهما إخوتي فلتهدأ قليلاً أفضل لك.
فقال له محمد وهو يلتهم آية بعينيه :
_ أنا اعرف أختك سارة و لكن من تلك الجميلة معها؟!
وقف مروان قبالتهم يحجب عنهما الرؤية بجسده العريض وقال محذرا :
_ إنها إبنة خالتي و إبتعدوا عن وجهي حالا قبل أن يطالكم غضبي.
إلتفت مروان للفتاتان وقال بحسم :
_ إنتظراني هنا ريثما أعود سأصور لكما جدول محاضراتكما و سأعود من فورى.
فقالت له سارة بضيق :
_ لأ نحن سنذهب و نصوره و انت تعامل مع من ينتظرونك.. ستبقي فاشل للأبد.
جذبت آية من ذراعها وإنطلقا لكليتهما تتبعهم عيني مروان بقلق.. في البداية كسي وجههما التعجب و الإنبهار و لكن بعد قليل و بسؤال بعض زميلاتهن صوروا جدولهما و جلستا سوياً لإلتقاط أنفاسهما فقالت سارة بإرهاق :
- الموضوع أصعب مما تخيلنا يا آية.
و لكن آية كانت بعالم آخر و هي تتطلع حولها وقالت بقلق :
_ أين مروان انا لا أراه؟!
زفرت سارة بعصبية و قالت :
_ هل تبحثين عنه لتكملوا شجاركما و تجعلونا فرجة للجميع بأول يوماً لنا هنا.. إتركيه لفتياته.
عدلت آية من حجابها و هي تقول بضيق :
- ربنا يهديه .
وقفت سارة مجدداً و قالت بجدية:
_ هيا بنا لنرى اماكن المحاضرات لا نريد مشاكل من البداية.
وقفت آية و سارت بجوارها و هي مازالت تبحث عنه بعيناها و فكرة انه الآن يقف مع إحدى الفتايات تزيد من إشتعال قلبها و تخرجها من تركيزها.....
..................................................................
...............
شعرت راما بالملل فوقفت بشرفة غرفتها تطالع البحر حتى وقفت بجوارها رمزية و سألتها قائلة:
_ هل تريدين شيئاً لتشربيه حبيبتي؟!
إلتفتت إليها راما و قالت بضيق:
_ أريد أن أعود لبيتنا فأنا منذ قدومي لهنا و أنا أشعر بالملل.
جلست رمزية على مقعد بجوارها و قالت ببديهية:
_ من المؤكد ستملين حبيبتي فأنتي لم تخرجي من هنا سوى مرتين فقط و البلد رائعة لم أتوقع أن تكون الإسماعيلية بذلك الجمال خاصة منطقة قناة السويس.
إبتسمت راما بهدوء و قالت بحماس:
_ ما رأيكِ أن تأخذيني بجولة داخل الإسماعيلية ربما أقع بعشقها كما تفعلين أنتي؟!
اجابتها رمزية بفرحة:
_ طبعاً.. سأنهي اعمالي المنزلية حتي تستعدى و ترتدى ملابسك.
و تركتها و خرجت.. وقفت راما أمام خزانتها تبحث عن شئ بسيط ترتديه فإرتدت بذلة رياضية سوداء و حذاء رياضي أبيض و أسدلت شعراتها الشقراء على ظهرها و وضعت بعض مساحيق التجميل التي ابرزت جمال ملامحها الرقيقة و عينيها العسلية و حملت حقيبتها و وضعت بها هاتفها و الكاميرا الخاصة بها و تعطرت و خرجت لتجد رمزية بإنتظارها...
أغلقتا الشقة التي إشتراها والدها لها لتبقي بها بآمان بعيداً عنمشاكل عمله و إستقلا المصعد حتي هبط بهما و خرجتا تضحكان.. وقفت راما امام سيارتها و ضغطت زر جهاز التحكم بها فإنفتحت و فجأة وقف أمامها شاب طويل يرتدى فقط بنطال صدره عارى ممتلأ بالعضلات و يستخدم سترته بتلميع السيارات المصفوفة و قال لها بهدوء:
_ مرحبا آنستي.. هل انتي صاحبة تلك السيارة؟!
إبتعدت راما بعينيها عنه بعدما طالعته مطولاً بإعجاب و قالت بإستحياء:
_ نعم هي سيارتي.
فقال لها بعملية:
_ لقد إهتممت بها الفترة السابقة و لم أجعل قطة صغيرة تقترب منها و كنت أنظفها كل يوم بإنتظام.
طالعت رمزية بعدم فهم.. فإقتربت منه رمزية و اخرجت من حقيبتها مبلغاً مالياً و أعطته إياه قائلة:
_ شكرا لك.. تفضل.
أخذ منها المبلغ المالي و قبله و وضعه ببنطاله و هو يقول بفرحة:
_ انا تحت أمركما بأى وقت و إن إحتجتا أي شئ فقط قولا يا غنام سأحضر على الفور.
ثم إعتدل بوقفته و تابع بتفاخر:
_ فأنا السايس المسئول عن السيارات بتلك المنطقة كلها.
إبتسمت راما على ثقته بنفسه و قالت و هي تفتح باب سيارتها:
_ تشرفنا يا غنام و فرصة سعيدة.
صعدت رمزية هي الآخرى بجوارها حتي أدارت راما السيارة فإقترب غنام من سيارتها و قال بصياح:
_ رافقتكما السلامة بآمان الله.
أشارت له راما بيدها و إنطلقت بالسيارة و هي تقول لرمزية بإبتسامة متسعة:
_ يبدو لذيذاً.
أشاحت رمزية بيدها و قالت بحنق:
_ أنا لا أحب أمثاله فهم لا يعملون و يأخذون من أصحاب السيارات أموالا بدون أي سبب.
طالعت راما الطريق و قالت بجدية:
_ و هل حراس القصر عندنا يفعلون شيئاً سوى الحراسة و مع ذلك يعد وجودهم أهم شئ لحماية البيت و حمايتنا.. لا تسخفي من عمل أى أحد فلولاه لكنا ننظف السيارة بنفسنا حاليا لأني لم اقودها منذ إسبوعين.
أشارت لها رمزية علي الطريق و هي تقول بإنصياع :
_ معكِ حق حبيبتي.. اترين هذا الطريق إسلكيه كي نتجه لقناة السويس سيعجبك المكان حتماً.
طوال الطريق وراما تتطلع حولها بإعجاب و هي تطالع الصيادون بهيأتهم التي لطالما رآتها بالأفلام القديمة بقبعاتهم المميزة و ستراتهم التي تلوثت خلال صيدهم و آثار الإجهاد على وجوههم حتي أصبحت علي طريق قناة السويس و بعد دقائق صفت سيارتها و خرجت منها مستنشقة رائحة البحر..
إلتفتت لرمزية و قالت بإعجاب:
_ المكان هنا رائع، بالمرة القادمة سأحضر معي أدوات الرسم و اجلس هنا و أرسم بأريحية.
اومأت رمزية برأسها و قالت مؤكدة:
_ معكِ حق فالمناظر الطبيعية هنا خلابة.
أخرجت راما الكاميرا الخاصة بها و بدأت بإلتقاط الصور للمكان حولها و اعطت الكاميرا لرمزية فأخذت لها الكثير من الصور عند مرور إحدى السفن العملاقة بالقناة و التي زادت المكان عظمة و كبرياء حتي إنتهيا و إستقلا السيارة و إتجها لمكان لتناول وجبة غذاء خفيفة.....
قد أسر المكان لُبها و ظلت لساعات تتجول بالسيارة حتي قررا العودة.. بطأت راما بسيارتها فوجدت غنام واقفاً بمكانه و ما أن رآها حتي إقترب منها و هو يقول بصياح عالي:
_ إلا اليمين آنستي و بهدوء.
إبتسمت راما و هي تصف سيارتها كما قال لها.. حتي أوقفتها تماماً و ترجلت منها فإستقبلها قائلاً:
_ أهلا آنستي.
ترجلت من السيارة و قالت له بود:
_ إسمى راما.
ضحك ضحكة عالية و قال متعجباً:
_ ماذا؟! راما.
رفعت عيناها بملل و هي تعدل من حقيبتها قائلة بسخط:
_ ألم يعجبك إسمي يا غنام.
تنحنح بخجل و قال مسرعاً:
_ لم أقصد السخرية و لكنه إسم غريب بعض الشئ.
هزت رأسها بتفهم و قالت و هي تنصرف:
_ أعلم ذلك.. أراك قريباً يا غنام و لن أوصيك بسيارتي.
اجابها و هو يطالع إبتعادها عنه:
_ سأحميها بعيناي آنسة راما.. طاب يومكِ.