الفصل التاسع

سجى كانت تمسك يد ميرنا و دموعها ترفض التوقف ، كانت تتحدث معها بكل صدق في قلبها " هل تريدي أن نفترق بعد كل هذا العناء و البعد منذ سنوات ؟؟ هل تريدي ترك اختك و صديقتك وحدها مرة أخرى  ؟؟ ، انا عانيت مرة يا ميرنا بفقدك عندما غادرتم المدينة منذ سنين و حرمت من صديقتي الوحيدة و لن أسمح لك بفعل هذا بي مرة أخرى  ، ماذا سوف تقولين لخالتي نرجس ، هل سوف تقولي لها انك كنت فتاة جبانة و غادرت هذه الدنيا من دون قتال ؟؟
هل سوف تقولين انك سوف تتركي كل من يحبك من أجل أشخاص لا يستحقون  ؟؟ أخبريني  ؟؟ ... نحن جميعا نحبك انا و امي و ابي  ، سبانا ، عقاب و حتى عساف يحبك كثيرا و انا أعلم أنه أكثر شخص يحبك  ، أعلم أن اخي شقي و لكن هو يحبك بصدق و يريدك معه للأبد  ، لا تتركيه و تذهبي وحيدة ، العمة رؤى تحبك أكثر من أي شخص بالكون هل سوف تحرمينها منك و أحمد الذي يراك شقيقته بالرغم من أنه لا يوجد رابط دم بينكم ، و انا ، انا احبك يا صديقتي و اختي و كل شئ لي ، انا اعرف ميرنا المقاتلة القوية التي لا تخشى اي شئ ، ميرنا التي تقاتل بقوة و تبتسم رغما عن أنف العالم ، ميرنا الصامدة و الجبارة التي لا تسمح لأحد أن يقهرها ، ميرنا التي تشبه امها في كل شئ  ، أعلم أن عمي جمال مذنب و مخطئ في حقك و أعلم أن الايام قست عليك اكثر من اللازم و تحملت الكثير وحدك لكن انا هنا و لن أترك مرة أخرى يا شقيقتي ، لذا أرجوك قاومي من أجلنا جميعا و من أجل نفسك يا اختي فأنت لازلت صغيرة و مقبلة على الحياة فكوني دائما بخير لأنني لا أتخيل حياتي من دونك ... ثم انهارت باكية تقبل يد صديقتها التي تقطع القلب بمنظرها هذا و هي ممدة على فراش المرض ......
  جاء عقاب مصاب بالهلع و الخوف متمنيا من قلبه أن تكون ميرنا بخير ، لكن شد حواسه بحديقة المشفى منظر شقيقه الذي كان محني الرأس و يبكي ؟؟
هل عساف يبكي ؟؟ يالله هو يعلم أنه معجب بميرنا كثيرا لكن لم يظن أنه وصل مرحلة الحب هذه ليبكي عليها هكذا ، هل هذا عساف القوي سليط اللسان  و المتكبر ، ذهب نحو شقيقه من دون أن يشعر و جلست قربه و عندما اشتم عساف رائحة عطر بلاتنيوم و رأى اليد التي امسكته علم أنه شقيقه ، عقاب لم يعلم ما يقول فقط امسك يد شقيقه الذي في غنى عن الكلمات الآن  ، و كل ما يحتاجه هو يد تمسكه و تخبره بلمستها أن كل شئ سيكون بخير  ، و هو فعل ذلك عندها اشتدت يد عساف بقوة على عقاب الذي فهم خوف أخيه ، و زاد ذلك من زيادة قبضته على يد أخيه يشعره بالدعم له ، حينها فقط كان يعم الصمت و دموع عساف و رأسه المحني تحكي الكثير و يد أخيه الممسكة به تختصر كثيرا من الكلام  .....
.
.
.
.
.

  أما تلك التي ترقد ممدة ادخلها الأطباء إلى العملية و كانت هي في مكان داخل ذاكرتها جالسة بتعاسة حزينة ، تسمع صوت سجى يناديها و لكن الصوت بعيد جدا ، كانت سجى تصرخ " ميرنا لا تتركيني انا خائفة أين أنت  ، بحثت عن صديقتها و لم تجدها فكل مرة الصوت يصبح أبعد  ، جلست تبكي و حيدة و تتسائل كيف تجد صديقتها و تساعدها ، عندها شعرت بيد رقيقة امسكتها و سألت  " ما بك يا حلوتي  ؟؟
فقالت " اسمع صوت صديقتي تطلب المساعدة و لا اعلم أين أجدها  فقد بح... ...، و هنا انقطع صوت ميرنا هل قالت لها حلوتي ؟؟ هل هذا صوت والدتها ؟؟
عندها رفعت رأسها بكل قوة " امي هل هذه انت ؟
عندما وجدتها امها ارتمت ميرنا في أحضانها باكية بقهر و قوة و تعاتبها أن لما ذهبت و تركتها  ، كانت نرجس تواسي في ابنتها الحزينة ، فقالت ميرنا " أرجوك خذيني معك يا امي  ... فقالت نرجس " لما ؟؟
ردت " لا أحد يحبني بعدك اعاني وحدي منذ ذهابك  ،
فقالت نرجس " و من قال ذلك انظري هناك ... فنظرت ميرنا مكان أشارت لها والدتها ، كانت هناك سجى ، كمال ، سلمى ، سبانا ، عقاب ، عساف جميعهم يبتسمون لها و رؤى و أحمد  و اخيرا والدها و عندما نظرت له قالت مشيرة له " هو لا يحبني يا امي ... فقالت " بل انت أكثر شئ يحبه و لكنه  فقط حزين سامحيه ... ردت قائلة بدموع " أبدا  ... فقالت نرجس " و لا حتى من أجل ماما  ... فنظرت لوالدتها التي تترجاها بنظراتها و قالت " من اجلك فقط و لكن لن يكون لي معه احتكاك  .. فقالت رؤى " سنرى ذلك فيما بعد و لكن انظري لهم جميعهم يحبونك ... فقالت " و انا أيضا احبهم لكن أريد أن أذهب معك .... فقالت نرجس " انا وقتي إنتهى يا عزيزتي لكن انت لازال لديك الكثير لتعيشيه  ... فقالت " من دونك الحياة مشقة ... فقالت " بوجود من يحبوننا كل شئ يهون .... ثم أمسكت وضعت يدها على قلب ابنتها و قالت " انا موجودة هنا دائما  كلما احتجت لي اغمضي عيناك سوف تريني ... بكت و قالت " و لكن يا امي ... فقالت نرجس " أرجوك يا حبيبتي ألا تريدين أن تساعدي من تصرخ لك ... فقالت " سجى كيف نسيتها و لكن كيف يا امي .. فقالت " ابقي فقط دائما لها الصديقة و الأخت التي تراك فيها و لا تتركيها وحدها أنتما صديقات يا حبيبتي و من واجبك ألا تتركيها وحدها .... قم قبلتها برأسها و أعطتها مفتاح و أشارت نحو باب زهري و قالت " هناك اذهبي و انا دائما كما قلت لك بقلبك و روحك و عقلك  ... ثم ذهبت و تركتها تنظر للمفتاح و الباب و كل مرة صوت سجى يعلو .. حينها عزمت الأمر و ذهبت تساعد صديقتها ثم فتحت الباب و جاء ضوء بعدها فتحت عينيها وجدت نفسها ممدة على السرير و حولها كثير من الأجهزة و سجى تنظر لها باكية من خلف الزجاج ، حينها ابتسمت لها بتعب قم غفت مرة أخرى  ...  بعدها جاء الطبيب و طمأنهم أنها ستكون بخير فقد أشعلت فيها رغبة للحياة و لكن عليها أن تكون تحت المراقبة لعدة أيام و سوف يخرجونها لغرفتها  ..... 
    كان جمال يجلس وحيدا حزينا محني الرأس  ، هموم العالم كله برأسه  ، عندما رأى كمال و سلمى حالته حزنوا عليه كثيرا فذهب كمال مواسيا له و وضع يده على كتف جمال و طمأنه أنها بخير و يجب أن يأكل شئ ما فهو منذ يومين لم يدخل شئ إلى بطنه و لكنه رفض و أخبره  إن لم يرى ابنته عينيها مفتوحة لن يرتاح و لن يهدأ له بال ، أما سجى بعد أن رأت عيني صديقتها مفتوحة رفرف قلبها من الفرح و ركضت تصلي و تحمد الله كثيرا و بعثت برسالة إلى عقاب الذي بقى بالحديقة مع عساف الكئيب و عند رؤية رسالة سجى طار عقاب من الفرحة و بشر عساف الذي أبتسم أخيرا منذ يومين ، ساري رفض تركهم وحدهم و كان قد أخذ سجى و سبانا إلى كافيتريا المشفى و اجبرهم على تناول شئ فهما في حالة يرثى لها منذ وقوع ميرنا ، جائت ليا أيضا و كانت حزينة على حالة ميرنا المسكينة و كانت تواسي في صديقاتها المسكينات ظلت معهم لبعد العصر و ذهبت مع إياد ، أما سمر التي عادت للبيت بعد محايلات كثيرة كانت تشعر بالأسى على الذي يجري مع صديقتها و أسرتها  ، رأت كيف ذبلت سجى في يومين ، حقا الصداقة شئ عميق و ثمين و الصديق مثل الاخ ما يصيبه يؤلم قلوبنا بشدة كبيرة ...
.
.
   في الصباح فتحت ميرنا عيناها و كانت تبحث عن سجى و تقول اسمها بصعوبة و عندما تأكدت الممرضة من صاحبة الإسم سألت عن سجى التي هبت راكضة للداخل قبل أن تكمل الممرضة حديثها ، حينما دخلت قطبت حاجبيها و قالت " أنا عاتبة جدا على صديقتي التي كانت تريد أن تتركني وحيدة ... ابتسمت ميرنا بتعب و قالت " عدت لأنك كنت تصرخين طالبة مساعدتي فما استطعت تركك  ... فقالت " انا بحاجة لك دائما قربي حتى إن لم اكن بمشكلة ... فقالت " امي أخبرتني هذا أيضا  ... فقالت سجى " خالتي نرجس ؟؟
قالت ميرنا " أجل و هي تحبك جدا .. فقالت سجى بدموع " رحمها الله و انا أيضا احبها  ...فقالت ميرنا  " هل شقيقك بخير ؟؟ ... أبتسمت سجى بمكر و قالت " اي شقيق فيهم يا جميلة .... قالت غاضبة بتعب " سجى كمال ، تحدثي قبل أن اقوم و اضربك .... ضحكت سجى بقوة ثم قالت " يا عيني هل تهدديني  .... نظرت لها بحنق فقالت سجى بضحك " حسنا حسنا سوف أخبرك.. هو بخير بعد أن أصبحت بخير ، لن تصدقي أنه بكى و صلى كثيرا من اجلك ... تأثرت ميرنا جدا لهذه الدرجة هو معجب بها ... فقالت سجى " هل أطلبه فهو كان قلق جدا  ... قم أمسكت يدها و قالت " أرجوك يا ميرنا قابلي عمي جمال و لو مرة هو كاد أن يموت من خوفه عليك و كان يلومك كثيرا و عمتي رؤى لم تتركه حتى ينظر لك من الزجاج  ... قالت ميرنا متألمة " في كل الحالات يجب أن اقابله ...ثم ذهبت سجى للخارج و أخبرتهم أنها بخير و كانت سعيدة جدا و عزمت الأمر على توزيع الصدقات للمساكين شكرا لله ، عند ذهاب الجميع الإستراحة انتهز عساف الفرصة و دخل على تلك النائمة بتعب و امسك يدها يقبلها و يمسح على شعرها و قال " سينتهي كل هذا يا روح عساف ، لن تري الحزن مرة أخرى صدقيني ، فأنا لا أطيق حياة لست فيها و سأعمل على أخذك تحت مسؤوليتي  .... ثم قبل رأسها و أشتم شعرها و ذهب ... كان هناك كمال ينظر إلى ابنه الذي يحمل كل هذه المشاعر نحو ميرنا ، قرر أنها ستكون له ، ميرنا تحتاج عساف في حياتها و هو يحتاجها جدا و يبدوان لطيفان دمعت عينه و قال " لقد كبر أطفالي و صاروا رجالا يحبون بصدق و إحترام  ..... رؤى عند رؤية وجه أخيها شعرت أنها قست عليه كثيرا و لكن هو السبب و عندما رأى أحمد هذا التردد واضح فيها فهي قلقة على شقيقها و عاتبة عليه بنفس الوقت ، امسك يدها و قال " الحياة قصيرة يا امي و نحن لا نعلم اللحظة التي نموت أو نعيش فيها أو ننكسر ، لكن ما يهم الا نخسر بعضنا البعض و خالي عليه جبال مليئة بالهموم فلا تزيدي عليه ، اذهبي هو يحتاج ...قم قبل رأسها و ذهب تاركا تلك تشعر بالألم على الحالة التي وصلو لها .....
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي