الفصل السابع

عساف علم من والدته قصة ميرنا كاملة و تأثر جدا حتى أنه كاد أن يذرف الدموع من الشفقة و أقسم في نفسه انه لن يجعلها تعيسة مرة أخرى و سيحاول بكل قدرته أن يسعدها مهما حدث ، هو ظل بالمدرسة الداخلية و كان يأتي بالعطلات وقتها ميرنا كانت هي و سجى يذهبون للمخيم الصيفي و هو لم يكن يلتقيها لهذا هو لم يعلم بأمرها من قبل ، تذكر انه ذات عطلة وجد سجى حزينة فعلم أن صديقتها انتقلت لكنه علم الآن أن تلك الصديقة هي ميرنا نفسها ، أراد أن يعرف ما تحب و ما تكره و كيف تعيش و ماذا تتمنى ، أراد معرفة كل ما يخصها ليحققه لها ، كان يفكر فقط كيف سوف يتقرب منها من دون أن تشعر بأنها شفقة و ليست حب ، أرادها أن تعلم أنه يُكن لها مشاعر صادقة و رقيقة و ليست شفقة على فتاة حزينة ، فكر كثيرا و عندما أصابه صداع حاول أن ينام من دون جدوى ...
.
.
سجى اشتاقت لساري الذي لم يتحدث معها منذ يومين و عندما طفح بها الكيل حملت هاتفها و أدخلت رقمه ، عندما رد عليها و قال " كنت أظن أنك لن تفعليها يا فتاة .... قالت حانقة " و هل كنت تختبر في صبري يا هذا  ؟؟ .... ضحك ساري و قال " و كيف أجرأ انا يا ملكتي  .... فقالت غاضبة " لن تنال عطفي بكلامك هذا ..... و بعدها اغلقت الهاتف غاضبة كيف يجرؤ على عدم محادثتها هكذا حسنا سوف تريه ما يمكنها فعله هي أيضا  .. أخرجت الشريحة من هاتفها و أدخلت أخرى لا يعرفها ساري و قالت " لنرى كيف ستجد هاتفي مفتوح يا هذا هااا  ... قم رمت الهاتف على السرير و خرجت غاضبة تتذمر و عند خروجها وجدت بوجهها سبانا و ليا خارجات و هن متأنقات و عندما سألتهم اخبروها سيذهبون للتبضع  ، نادت على ميرنا و قالت لها " هناك خيانة تحدث من خلفنا ...حينها جائت ميرنا بسرعة و قالت " ماذا ماذا
  عندها انصدمت ليا و سبانا و هما تنظران للفتاتين اللائي قلن أنهم متعبات و غير قادرات على الخروج منذ دقائق فقط ... علمت ميرنا و سجى أنهما هما من قلن متعبات و لكن هذا لا يبرر الخروج من دونهم لذا بدلوا ملابسهم بسرعة وسط صدمة ليا و سبانا و خرجوا جميعا و كان عساف يضحك بشدة فكما يبدو أن ميرنا هي عبارة عن نسخة متناقضة أخرى من سجى و المسكينة ليا صدمت فكأنها ترى سجى أمامها  ....
.
.
  عقاب و أيمن عادوا للعمل بعد عطلة امتدت لشهرين متتاليين ، و لكن عادوا بنشاط اكبر و رغبة عارمة اكبر في خوض تحديات عملهم الشاق و المرهق و الذي قد يكلفهم حياتهم في اي لحظة و هذا ما كان يقلق أمهاتهم ...
.
.
  هناك كانت رؤى قلقة جدا جدا فخشيت على صغيرتها جدا ولم تعلم أين ذهبت لذا حجزت اول طائرة قادمة لتعود و تبحث عن ميرنا ، لم تخبرها ميرنا عن أنها تريد مغادرة منزل خالتها الظالمة و لكن هي خائفة أن تكون قد فعلت شئ بنفسها فقد كان آخر حديث بينهم حزين و كانت طفلتها بائسة و يائسة و في أقصى مرحلة من الحزن لذا كانت مرعوبة و مرتبكة و تخشى أن يحدث لميرنا شئ  ، شقيق زوجها الأصغر أحمد هو من ربته منذ صغره لذا معتاد على مناداتها اختي لم يطمئن لسفرها وحدها لذا أصر على مرافقتها و لم يريد أن يتركها في هذه اللحظات وحدها ، يعلم أنها تحب ميرنا كثيرا و الله لم يرزقهم بأطفال لكن أحبت ميرنا مثل ابنتها و أحبته هو و ربته كما تفعل مع ابنها من دمها و ليس مجرد شقيق لزوجها ، كانت معه في منتهى الرقة و اللطف و الرحمة ، و هو يحبها مثل المرحومة امه ، لذا اقسم أن يكون بارا بها كما يفعل مع والدته الحقيقية ..

    سجى منذ يومين و هي مغلقة هاتفها لم تتذكر حتى أنها أخرجت شريحتها من الهاتف لا الجميع يعلم بأن لديها واحدة ثانية ما عدا ساري الذي يحاول و لا يدخل معه الرقم ؤ في البداية ظن أنها حظرت رقمه و لكن أتضح له أن الهاتف مغلق بعد أن حاول الاتصال من هاتف والدته و شقيقته ، و ميرنا كانت تمرح هنا و هناك مع سجى و سبانا و تدريجيا أصبح عساف يتقرب منه و لكن لا تعلم لما ينتفض قلبها إذا ذكر اسمه و تشعر بالقشعريرة اللذيذة  ، تخجل منه وسط الجميع و هو لطيف للغاية و رقيق معها ، تحب معاملته الخاصة لها حتى أنه لا يخجل من إظهار هذا أمام الجميع و هذا يخجلها أحيانا  ، و في وسط تلك الأفكار التي تراودها و هي خارج حديقة السكن وجدت أعين من بعيد تنظر لها و لم تصدق عيناها هل هذه رؤى  ؟
هل هذه عمتها التي تحبها ؟؟
ركضت نحو تلك المذهولة التي لم تصدق عيناها و هي ترى أمامها حبيبتها و ابنتها أمام عيناها ، فدخلت معها في عناق طويل و دموع و عتاب و شوق  ، أحمد لم يتمالك نفسه و ذرف الدموع بسرعة فهو يحب رؤى كثيرا و بمقام والدة له ، اما ذلك الواقف و هو ينظر لطفلته امام عيناه لا يصدق هل حقا هذه ابنته التي فقد الامل في إيجادها  ، فهو منذ شهر يبحث عنها من دون جدوى ، و لكن الآن الحمد لله هي بخير ، بعدها نظرت رؤى لأحمد و قالت تتذكرينه أليس كذلك  ... ضحكت ميرنا و قالت " كيف لا أتذكر رأس الاجاصة  ... ضحك أحمد و هو يقول " اخرسي يا رأس المكنسة ... ثم عانقها و هو متأثر جدا فقد أصبحت أنحف بكثير من السابق و أيضا عيناها ذابلة جدا لا يصدق أن هذه هي نفسها ميرنا الفتاة الشقية التي اعتاد أن يتشاجر معها و يلعب معها ، مع أنه اكبر منها بخمسة أعوام  ، إلا أنه اعتاد حتى و هو كبير الركض معها هنا و هناك فهي تجذب الجميع نحو طفولتهم بقوة  .... اما هي عندما رأته شعرت برعشة تسري بجسدها و ألم اكتسح قلبها ، شعرت بالظلم و الأذى مرة أخرى  ، بعد أن بدأت تعود لها الحياة ، مالذي جاء به ، و هل هو لاحظ غيابها حتى ، اكيد خالتها أعطته التقارير ، رجعت ثلاث خطوات للوراء مبتعدة عنه بقلق و تردد  ، ضربات قلبها تنتفض داخلها كأنها حمم بركانية تأبى الخضوع داخل فوهة البركان ... هو نظر لها ألهذه الدرجة أصبح مجرد شبح أو سراب بالنسبة لبنته  ، هل هي خائفة ام كارهة له ؟؟
و كانت تنظر له نظرة فارغة مليئة بالكره و اللوم و لكن نظرة لم يعتاد عليها ، هو اصلا منذ زمن لم ينظر لها بعينيها و هي الآن تتحاشى النظر بعينيه حتى أنه عندما ألقى عليها التحية اومأت له برأسها فقط و لم تزيد على ذلك شئ و عندما رأى كمال أن ميرنا تأخرت و لم تأتي للغداء قلق عليها كثيرا و ذهب بنفسه ليرى ما يحدث معها و لم تتحمل سلمى أيضا فأخذت نفسها و ذهبت مع زوجها و جاؤا قلقين على ميرنا و عند وصولهم لم يروا اي أحد أمامهم سوى ميرنا و قال جمال قلق " هل أنت بخير يا ابنتي لقد قلقت عليك كثيرا .... و قالت سلمى بسرعة و هي تتفقد ميرنا و تلمس رأسها يمكن أن تكون مصابة بالحمى و قالت " هل انتي مريضة يا صغيرتي  ، هل بك شئ يزعجك ، اجيبي   ..... ضحكت ميرنا و قالت " على رسلكم يا قوم انا بخير  ، اطمئني يا امي انا لست مريضة ... فقال جمال بسرعة و لكن ماذا حدث .... فردت قائلة  " لو تركتني اكمل يا أبي لفهمت ما يحدث .... ضحك جمال و قال " يا عيون اباك لا تعلمي ما أصاب البيت في غيابك لقد تركنا الفتيات يغلوا من التوتر و سجى كانت سوف تطير إلى هنا ... ضحكت و قالت " دعها تشتاق لي قليلا فنحن بوجه بعض طوال الوقت  .... نظرت سلمى نحو رؤى المحتارة و قالت " من هؤلاء يا طفلتي .. فقالت " هذه عمتي الحبيبة رؤى و هذا أبنها أحمد ... و نظرت نحو جمال فقالت ميرنا بألم و صوت مكسور " هذا والدي .... رحب الجميع ببعضهم و قالت رؤى " شكرا لكم لوجودكم مع طفلتي ... فقالت سلمى " ميرنا طفلتي أيضا يا سيدتي و نحن نحبها ... فعانقتهم ميرنا بحب كبير ...
   أصر كمال و سلمى على ذهاب الجميع معهم و تناول الغداء و البقاء معهم و لكن أخبرتهم رؤى انهم حجزوا بفندق قريب لكن هذا لم يشفع لهم تناول الغداء في منزل كمال فذهبوا جميعا للمنزل و كان الجو لطيف و ميرنا تضحك من قلبها و تتحدث مع احمد في أمور كثيرة ،سجى وجدت نفسها منسجمة مع احمد بطريقة خيالية و حتى أنها لم تنتبه للباب الذي يطرق فذهبت سبانا و عند دخول سلاف تفاجئت سجى و كانت سعيدة جدا فقد عانقتها بقوة و دخلت تسلم على الجميع و كانت تعرفت على ميرنا لأول مرة فهي لم تلتقيها من قبل و لكن حدث ود بينهم بسرعة و أحمد كان قد سافر بخياله هو و سجى إلى أماكن كثيرة و عند مغادرة سلاف التي كانت قد أحضرت هدية صغيرة من والدتها لسجى و تلك احبتها جدا ، أصر أحمد أن يوصلها بالسيارة فقالت سجى إذن أنا أيضا سأذهب و في لحظة كانت الفتيات الأربعة بالسيارة ، اوصلو سلاف و تحدثوا قليلا ثم ذهبوا بطريق العودة و هناك كان ساري عائد و قد لمح طيف سجى تجلس بالأمام مع رجل و تضحك معه و من الغضب لم يرى سبانا أو ميرنا ، اقسم أنه سوف يلقنها درسا  ، كان غاضب جدا بسبب هاتفها المغلق و الآن رؤيتها مع ذلك الغريب أشعلت النيران أكثر  ....
حاول جدا الوصول لسجى في اليومين التاليين و لكن دون فائدة و هذا جعله يغلي من الداخل فذهب نحو منزلها دون تردد ، وجدها تجلس مع نفس الرجل الذي عندما سأل شقيقته الغبية عنه قالت " تقصد الرجل الوسيم جدا جدا  ... و كانت تغيظه بترديد كلمة وسيم بمرات كثيرة ..، أخبرته أنه قريبهم لا تعرف من أين و لكن هو قريبهم ..، 
وجد نفسه ينظر لها بغضب شديد و هي عند رؤيته اختبئت وراء أحمد مباشرة ... و كانت تنظر له متوترة و عندما سأل " هل اعلم لم السنيورة هاتفها مغلق ، نظرت له بتوتر و قالت " انظر هاتفي ليس مغلق انت فقط متسبب  .. رفع حاجبه و قال " حقا ؟؟
قالت " ساري أخبرتك الف مرة لا تجعلني اخاف منك  .. فقال " و لكن لما انت خائفة هل فعلت شيء  ... فقالت بتردد " طبعا و لكن .. المهم يا اخي،  نظر لها و قال " لست اخاك  ... قالت " حسنا يا صديقي الصدوق .. كان يحاول أن يكتم ضحكته عليها و لكن ليبدو جاد قال " و ... فقالت " حسنا و خطيبي ، المهم هذا الرائع هو أحمد  ... رفع حاجبه و هو ينظر لها فقالت بتوتر " أخ صديقتي و مثل اخي ..، قام أحمد و مد يده مصافحا ساري و استأذن منهم ليتركهم على راحتهم و هنا أعجب ساري بلباقته و حسن ذوقه جدا فعلى ما يبدو هو شخص متحضر جدا و لا يبدو أنه من النوع المتلاعب أو سئ الأخلاق  ... فقالت سجى " اخبر رأس المكنسة أن تأتي بسرعة يا احمد و إلا قتلتها .. ضحك وقال " حسنا ... ثم ذهب في سبيله و هنا نظرت لساري الذي كان يرمقها بنظراته فقالت " ماذا
قلب عيناه و امسكها من يدها فهو بالرغم من غضبه إلا أنه مشتاق لها كثيرا ، اخذها و جلس قربها و بدأ يتحدث معها و أراد منها أن تحكي له قصة ميرنا كاملة ، و فعلت ذلك و هي متأثرة جدا  ، حتى ساري تأثر بما يحدث مع ميرنا و تأثر كثيرا برقة محبوبته و حزنها على صديقتها ، حتى أنها تقطع الكلام من شدة تأثرها ، امسك يدها مواسيا يطبطب عليها و يخبرها أن هناك من يقف معها دائما  .... و بعد أن انتهت عاتبها كثيرا بما فعلت و هي أيضا كانت حزينة منه لانه لم يتحدث معها و أخبرته أن هذا عقاب له على فعلته  ، حقا هو يحب طفلة ...
.
.
  ميرنا خلال هذين اليومين كانت تتجنب التحدث مع والدها أو الاقتراب منه و لا تتواجد بمكان هو موجود فيه و لكن اوقفها و قال " هل تتجنبي الوجود معي في نفس المكان يا ابنتي ..  فقالت بأسى " بل أجنبك قرف رؤية وجهي الذي لا تحب رؤيته... ثم ذهبت و تركته يردد في كلماتها صدى داخل دماغه كأنها طرق على سنديان صلب يثقب الأذن صوته الحاد ....  
في المساء انتظرها حتى اتت و حاول التحدث معها فقال " جئت كي أخذك معي ... فقالت " انا احب المكان هنا ... فقال " لكن انا اشتقت للوجود مع بنتي ... فقالت " انا بالفعل لدي ام و اب و عائلة و سعيدة لا اريد الذهاب لأي مكان .... فقال " و لكن انا ابوك .... قالت " أبي مات مع امي هناك قبل عامين و نصف ... ردود ميرنا كانت تصدم جمال و تصفعه صفع هو من فعل بها هذا و عليه أن يتحمل ...
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي