الفصل العاشر
وبعد مدة تحركوا عائدين إلي منزلهم ليبدأوا بالتحضير للعزيمة الذي دُعي إليها أحمد وحسن وطارق خطيب رانيا وأيضاً حضر إيهاب وزوجته وأطفاله من السفر خصيصاً للإحتفال بنجاة شقيقته وشفائِها
حضر حسن ومعهُ هدايا قد أحضرها إلي الجميع بمناسبة ذاك الخَبر السعيد، وحضر الجميع عدا من كانت بإنتظارهِ علي أحر من الجمر، كانت تقف متوترة مرتديه أجمل وأرق ثيابها في مظهر يدعوا للذهول وكأنها تحولت وتبدلت بفضل سعادتِها بإستماعها لخبر شفائها
وقفت رانيا بجانبها وتحدثت بدعابه :
_ الجميل واقف متوتر ليه، مستنيه حد مُعين ؟
إرتبكت وتحدثت بنبرة خجلة :
_ وانا هرتبك ليه، وبعدين حد مين ده اللي هستناه .
ضحكت رانيا وتحدثت بدُعابة :
_حد كدة حليوة طول بعرض وكل ما بيشوفنا عيونه بطلع قلوب وتملا المكان وتفضحه.
نظرت لها سريعً وتساءلت بإرتباك :
_تقصدي مين بكلامك ده يا رانيا ؟
أجابتها بوضوح:
_ اقصد الدوك يا قلب رانيا.
وهُنا أتي طارق خطيب رانيا وتحدث إليها بدُعابه:
_ أظن كده يا أستاذة مبقاش ليكي عذر لتأجيل الجواز تاني، أمل وربنا شفاها وبقت زي الفل قدامك أهي.
ضحكتا الفتاتان وتحدثت أمل لمداعبته :
_ أنا كده عملت اللي عليا معاكم وزيادة،
وتحدثت متأثرة بتأسف :
_انا حقيقي أسفه ليكم علي كل اللي حصل لكم بسببي.
أجابها طارق بإحترام :
_ما تقوليش كده يا أمل، مين أصلاً كان هيجي له نفس يفرح وإنتِ تعبانه بالشكل كده، الحمدلله كابوس وعدي .
أردفت رانيا قائلة بسعادة :
_الحمدلله.
دق جرس الباب فأنتفض قلبها فغمزت لها رانيا وتحدثت :
_ روحي يا مولي شوفي مين علي الباب .
تحدث طارق برجوله:
_خليكي إنتِ يا أمل أنا هفتح.
أوقفه صوت رانيا التي جذبته من يده قائلة:
_ تعالي بس رايح فين، عوزاك في موضوع مهم.
ضحكت أمل علي مرح شقيقتها وتحركت وفتحت الباب، إنتفض قلبها وصار يدقُ كطبول الحرب من شدة وسامة ذاك الجذاب المبتسم وهو وينظر لها بعيون تكادُ تتأكلها
سالتهُ متلهفة:
_إتأخرت ليه، ورق العنب قرب يبرد .
أجابها بغمزة من عيناه :
_ورق العنب بتبان طعامته وهو بارد وهادي .
إبتسمت له وبسط هو ذراعيه ليقدم لها باقة الزهور التي بيده قائلاً بإحترام :
_إتفضلي
إبتسمت له وتناولتها منها وأشارت بيدها للداخل :
_إدخل، الكل مستنيك جوة.
غمز لها بعيناه وأردف قائلاً بحديث ذات مغزي:
_عقبال ما يستنوني وأنا جاي ومعايا اللي هيوصِل الفؤاد ويحقق لي حِلمي.
خجلت من تلميحاته ودلف هو للداخل، تحرك إليه إيهاب وقابلهُ بترحاب وابتسامة سعيده قائلاً :
_مهما حاولت أشكر حضرتك مش هوفيك حقك علي اللي عملته مع أمل.
إبتسم له وتحدث بتواضع :
_انا معملتش غير واجبي والشفا جه من عند ربنا، هو الوحيد اللي يستحق إننا نحمده ونشكر فضله.
اجابهُ إيهاب وهو يلف ذراعهُ حول شقيقته بحمايه وتحدث بحنان وهو ينظر لها :
_ونعم بالله، إنتَ أصلك مش عارف إنتَ رجعت لنا إيه، إنتَ رجعت لنا روحنا من جديد.
إبتسمت لشقيقها وشددت من إحتضانه تحت إستشاطة أحمد وفوران مشاعرة وهو يري حبيبته داخل أحضان غيرة، نعم إيهاب شقيقها الحنون ولكن- هو أناني بعشقه يريدها بكل ما فيها لحاله فقط
تحدثت أمل لشقيقها بعيون متأثرة :
_ ربنا يخليك ليا يا حبيبي.
هُنا أتت ندي زوجته التي تحدثت بدُعابه :
_هي بقت كده يا أستاذ، أحضان وبوس كده عيني عينك من غير ما تعمل لوجودي أي حساب ؟
ثم نظرت إلي أحمد الواقف والغيرة ظاهرة عليه وتحدثت :
_ يرضيك اللي بيحصل ده يا دكتور،
وتسائلت:
_مش دكتور أحمد بردوا ؟
اجابها بإبتسامة خافته:
_أيوة يا أفندم .
سحبها إيهاب هي الأخري ولف ذراعهُ الآخر عليها بحمايه ووجه حديثهُ إلي أحمد قائلاً :
_دي بقي يا سيدي تبقا نصي الحلو، بل كلي الحلو اللي مشاركاني حياتي ومنوراها.
إبتسم أحمد وتحدث إلي تلك الزوجه والتي تخطت سعادتها عنان السماء جراء إستماعِها لحديث زوجها المُثلج للصدور :
_اهلا وسهلاً يا أفندم، إتشرفت بمعرفة حضرتك.
ردت عليه وشكرته وتحدث إيهاب الذي تحرك بزوجته قائلاً :
_إتفضل يا دكتور.
أخذ إيهاب زوجتهُ وتحرك أمامهُما
في حين إقترب أحمد منها وهمس بأذنها مُحذراً إياها :
_لو شفتك في حضنه بالشكل ده تاني هتتعاقبي علي فكرة، أنا راجل غيرتي نار ومبحبش حد يلمس جواهري، مرة تانية مش هعديها لك، فخلي بالك من غيرة العاشق لان شرارتها بتدمر وأكيد هتطولك وهتحرقك .
قال كلماته وتركها وتحرك إلي سحر يلقي عليها التحية، كانت تنظر لظهرة بقلبٍ يصرخ يريد إحتضان ذلك العاشق المجنون، نعم.أحبته وبدأت بالتعلق به، ليس لأنه طبيبها الذي ساعدها كثيراً، وليس لأنهُ الشخص الوحيد الذي دعمها وأجبرها بإستماتة علي التمسك بالحياه، ولكن لشخصة الراقي ولرقة قلبه وعذوبة لسانه الرطب، لقلبهِ الحنون الملئ بالحب لها وللجميع، لإنسانيته وخلقه وأيضاً رجولتِهْ، مظهرة الذي يجذب أي آنثي تقع عليهِ عيناها
بعد التحيه والسلام إلتف الجميع حول الطاولة المليئة بأصناف الطعام المتعددة التي صنعتها سحر وإبنتيها وندي إحتفالاً بتلك المناسبة الجميلة، كان يجلس بجوارها
همست له قائلة :
_ علي فكره، ورق العنب ده من صنع إيديا
نظر لها وتحدث ليستفزها : ده بجد ولا هتطلع ماما هي اللي عملاه وإنتِ بتقولي كده علشان تجُري رِجلي .
إنكمشت ملامحها وتحدثت مُستغربه : إيه أجُر رِجلك دي كمان ؟
أردف قائلاً بنبرة دُعابيه : آه تجري رجلي ، طبعاً تلاقيكي قُلتي لنفسك ده دكتور حليوة طول بعرض ودمة زي الشربات، أما أجُر رِجلة بطاجن ورق العنب بالموزة اللي هو بيعشقة
هزت رأسها وتحدثت بنبرة رخيمة مصطنعة :
_ مغرور أوي حضرتك.
أجابها بنبرة حنون :
_ مغرور بحُبك يا أمل، ده أنا بحُبك ملكت الكون بحاله، إزاي عوزاني ما أكونش مغرور
إبتلعت لُعابها من جراء نظرات عيناه الهائمة التي تكاد من فرط السعادةِ تصرخُ
أما ذاك الحسن الذي همس بجانب آُذن حبيبته الجالسه بجوارة:
_ مش لو كُنتي سمعتي كلامي ووافقتي إني أجي أفاتح أولادك إمبارح في موضوع جوازنا كان زمان مائدة العشا دي علي شرف جوازنا، مش قرديحي كده.
ضحكت بخفة وتحدثت بنبرة خجِلة :
_ وبعدين معاك بقا يا حسن، إنتَ مش ناوي تعقل بقا
هو حُبك خلي فيا عقل يا سحر هانم، جملة قالها بعدم صبر
نظر أحمد إلي كارما التي تتناول طعامها وهي تنظر للجميع بإستغراب، فكُلٍ يجلس بجانب حبيبهُ ويتناولا الهمس والنظرات ويضحكا في هدوء
تحدث إليها قائلاً :
_ منورة القعدة والله يا كوكي.
إبتسمت له وتحدثت بأدب:
_ ميرسي يا أنكل.
كان الجميع سعداء تناولوا الأحاديث الشيقة بينهم وقضي الجميع سهرة سعيدة بوجود الأحباء والأصدقاء
عاد أحمد إلي منزله بوجه وقلب هائمان، مرت ستة أشهُر أخري، توطدت بها علاقة أحمد بأمل حتي أنها وصلت للعشق الجارف من الطرفين ، ذهبت أمل إلي أحمد في المركز بناءً علي طلبة حيث قام بفحصها جيداً وتأكد عدم ظهور المرض مرة أخري
________________
داخل منزل عزت سلام كان يجلس أمام عائلتهُ بعدما قرر إخبارهم لإنتوائةِ خطبته لحبيبته بعدما إطمئن قلبهُ عليها
نظرت إليه والدته وتحدثت بنبرة حادة رافضة :
_ يعني بعد صبرنا علي تأخيرك لجوازك السنين دي كلها جاي تقولنا إنك هتتجوز واحدة مطلقة وعندها بنت وكمان مريصة سرطان،إنتَ بتعمل فينا كده ليه يا أبني ؟
_ليه مش عاوز تريح قلوبنا اللي تِعبت وياك .
اجابها بهدوء مُحاولاً إقناعها :
_إزاي قررتي رفضك لأمل من قبل حتي ما تشوفيها يا ماما، شوفيها وأنا متأكد إنك هتنبهري بيها وبرقتها وثقافتها وهتعرفي إني إخترت صح
صاح والدهُ بنبرة حادة :
_ده كلام فارغ اللي إنتَ بتقوله ده يا دكتور، طب المرض أهو بتاع ربنا وكُلنا معرضين ليه والحمدلله ربنا شفاها،
وأكمل مُعترضً :
_ لكن إيه اللي يجبرك تتجوز واحدة مُطلقة وعندها طفلة، إيه العيب اللي فيك يخليك تتنازل بالشكل ده؟
تحدث حمزة محاولاً التهدئة فهو علي دراية كاملة بعشق شقيقهُ لأمل :
_ إسمح لي يا بابا، موضوع إن أمل مُطلقة وعندها طفلة ده شئ ما يعيبهاش، ياريت تدوها فرصة زي ما قال أحمد ونروح نزورهم ونتعرف عليها
أجابهُ عزت ساخراً:
_آه، أروح أزورهم علشان ألاقي أخوك المحترم مدبسني في قراية فاتحه وأنا قاعد وساعتها مش هقدر أتكلم وأوافق غصب عني.
دار الجدل بينهما وانتهي بالرفض التام من عزت وأنتصار، وأنفضت الجلسة بغضب أحمد وصعودهُ لغرفتهِ لأعلي
توالت الأيام ولم ييأس أحمد وبات محاولاً إقناع والديه يومياً وفي يوم فاتحهما من جديد
فتحدث والده بنبرة غاضبة مُستسلمة لشدة إصراره، وهو يتحرك للأعلي قاصداً غرفته العُليا :
_ إعمل اللي إنتَ عاوزة ، إنتَ اصلاً طول عُمرك واجع قلبي معاك وعمرك ما ريحتني.
حزن لأجل غضب والده حين تحدثت إنتصار بإستعطاف :
_يا أبني راجع نفسك أرجوك ، بقا بعد انتظارنا لجوازك السنين دي عاوز تتجوز متعافية سرطان وكمان مطلقة وعندها بنت، ليه يا احمد بتعمل في نفسك وفينا كده ، ده أنتَ أحمد سلام اللي بنات البلد كلها يتمنوا نظرة منه، ناقصك إيه يا ابني علشان تتجوز اللي إسمها أمل دي ؟
رد عليها بعيون تإنُ عِشقً :
_ناقصني روحي اللي هي هتكملها لي يا أمي، أنا بيها لقيت نصي اللي هيكملني ويجملني، لقيت فيها حلمي اللي عيشت عمري كله أدور عليه بين الناس لدرجة إني خلاص كنت هيأس وأقول لنفسي إني مش مكتوب لي ألاقيها،
وأقترب علي والدته وأمسك كفي يداها وتحدث مُستعطفً :
_ أرجوك يا أمي إفهميني، أنا بحب أمل وما صدقت إني ألاقيها، مش عاوز أعمل حاجة تزعلكم مني،
ورفع كتفيه بتأكيد قائلاً :
_ لأني مش هقدر أبعد عنها ولا أتخلي عن حبي ليها تحت أي ظروف.
شعرت بضعف ولدها وعشقهِ الهائل الذي يظهر من مقلتيه صارخً وهو يتحدثُ عنها، وما كان منها غير الإنصياع لرغبة صغيرها الحبيب
إبتسمت بوهن ومسحت علي شعر رأسهِ وتحدثت مجبرة :
_ هقول لك إية بس يا أبني، مبروك يا حبيبي
ذهُلَ وأتسعت عيناه مما إستمع منها وهتف بنبرة مُتلهفة :
_ اللي سمعتة ده حقيقي يا ماما، وافقتي علي أمل حقيقي؟
إبتسمت لسعادته الهائلة من مجرد موافقتها وتأكدت من عشق إبنها الهائل لتلك الأمل، وضعت كف يدها فوق وجنتهُ وتحسستها بحنان وتحدثت بإيجاب :
_ما أقدرش أقف قدام حاجة ممكن تسعدك يا حبيبي، أنا كل اللي يهمني هو راحتك وسعادتك إنتَ وأخوك .
إحتضنها بسعادة واقترب منه حمزة وأحتضنه ايضاً
حين تحدثت عُلا زوجة حمزة بنبرة أخوية سعيدة :
_ ألف مبروك يا دكتور، ربنا يتمم لك بخير.
نظر لها وتحدث بإمتنان :
_ مُتشكر يا عُلا
بعد مرور شهر، دلفت معهُ إلي غرفتهِ بمنزل والده وهي بثوب زفافها الإسطوري الذي أصر أحمد علي إرتدائها له داخل حفل الزفاف الهائل الذي أقامهُ عزت لنجلهِ الأكبر بحضور كبار رجال الدولة والاعمال الذين حضروا مُهنئين وهم يشهدون علي توديع أشهر عازب داخل الوسط لعزوبيته
أدخلها ودلف بها لداخل حُجرة النوم التي جهزتها لهما إنتصار علي أعلي مستوي، كانت تقف ناظرة أسفل قدميها، تفرك بكفيها من شدة توترها وكأنها تُزف لأول مّره، إقترب منها ومد يدهُ ممسكً ذقنها الرقيق وأجبرها علي النظر داخل عيناه التي تنطقُ عشقً
وتحدث بصوتٍ مبحوح تأثُراً بعشقة الهائل :
_أمل، بصي لي، بصي في عيوني وطمني قلبي وأروي لي عطش السَنين
كانت تستمع إليه بشفاه مُرتجفة مما أثار جنونهُ ولم يعي علي حاله إلي وهو يلتقطهما بين شفتاه ليذوبا بهما كقطعة الشيكولا الذائبة داخل قدح القهوة الساخن، وما كان منها إلا التجاوب معهُ بكل ذره بجسدها، ضمها وشدد من إحتوائهِ لها بجنون وما زالت شفتاه ذائبة بكريزتيها يعزفان معاً أجمل معزوفة موسيقية
إبتعد عنها قليلاً ليأخُذ كلاهُما نفسً، وتحدث وهو يلهث بإستمتاع:
_طعم حُبك حلو، حلو أوي يا حبيبي.
أنزلت بصرِها خجلاً مع إبتسامة لطيفة فتحدث هو بنبرة حاول التحكم بها بحاله :
_تعالي أساعدك في خلع الحجاب والفستان علشان نصلي، وبعدها
ونظر لها مُبتسمً قائلاً :
_علشان بعدها هحكي لك حكاية هتعجبك أوي.
خجلت من تلميحاته أما هو فبدأ بسحب سِحاب الثوب وساعدها بفك حجابها تحت خجلها المُميت، دلفت إلي المرحاض لتتوضأ وبعد مده كانت تقف خلفهُ وشرع هو في الصلاه ليبدأ حياتهما علي طاعة الله كي يُبارك لهما بها
بعد مده كانت تتمدد بجانبه فوق فراشهما، واضعه رأسها فوق صدرهِ العاري مُتشبثة بكتفهِ بقلبٍ مُطمأن ، أما هو فشعورة لا يوصف بمجرد كلمات، فحقاً وجد ملاذهُ الذي طال إنتظارة، كان يُشدد من ضمتهِ لخصرها وكأنه يخشي ضياعها
تحدثت هي بنبرة حنون:
_ أقول لك علي حاجة؟
همهم هو بصوتٍ هائم :
_ أممم.
إبتسمت لحالة العشق والسلطنه التي وصل إليها معها فتحدثت:
_ كنت فاكرة إني هكون مكسوفة أوي وانا معاك واتحرج منك، بس إستغربت نفسي وتجاوبي وإندماجي السريع معاك .
اخذ نفسً عميقً وتحدث بإستمتاع :
_عارفة ده حصل ليه؟
_علشان إحنا إتخلقنا لبعض يا أمل، حتي أجسامنا ما أستغربتش حالها وكأنها لقت اللي بتدور عليه، أنا كُنت مستنيكي إنتِ بالذات وعارف إني مش هعيش الحالة دي وأوصل للشعور ده غير معاكي إنتِ بالذات، إنتِ يا أمل مش حد غيرك .
شددت من إحتضانه وتحدثت بسعادة :
_ إنتَ هدية ربنا ليا اللي لو عشت عمري كله أسجد له وأشكره عليها مش كفاية يا أحمد .
رفع وجهها إليه وتحدث إلي عيناها :
_ وإنتِ ست قلبي وتاج راسي اللي كنت بدور عليه علشان يتوجني ويحسسني بقيمة وجودي في الدنيا يا أمل .
ثم غاص معها من جديد في عالم عشقهِ المميز الذي إحتفظ لها به طيلة سنوات وسنوات وهو يبحث عنها من خلال رحلة بحثهِ التي طالت ولكنها تُوجت بنهايه لا مثيل لها
بعد مرور حوالي عشرة أشهر، كان يقف بجانبها وهو يرتدي المريول الخاص بالعمليات، مُمسكً بكف يدها بكفه ويضرب بالأخر بخفة علي صدغِها كي تفيق قائلاً بنبرة حنون :
_ أمل، فوقي يا حبيبي، يلا فتحي عيونك، أمل .
تمللت برقدتها وبدأت بتحريك أهدابها الكثيفة وهي تفتحهما وتغلقهم مرات متتالية ثم تحدثت بهمس وكأنها تري حُلماً :
_أحمد، أنا فين ؟
إبتسم لها وتحدث :
_ إنتِ في أوضة العمليات يا حبيبي، يلا فوقي علشان تشوفي أولادك .
إبتسمت له عندما تذكرت تؤأمها الذكور الذي أنعم الله عليها بهما،
حين أتي إليها الطبيب المسؤول عن البنج وتحدث إلي احمد بإحترام :
_طمني يا دكتور، المريضة فاقت ؟
اجابهُ أحمد بهدوء :
_الحمدلله.
نظر لها طبيب البنج وهو يضرب علي أرنبة أنفها بسبابته وتحدث :
_حمدالله على السلامة يا مدام، فتحي عيونك .
أومات بضعف
حين تحدث أحمد إلي طبيب الأطفال الذي يبتعد عنهُما بقليل ويُتابع الكشف الطبي علي أطفالة ليطمأن علي مؤشرات جسديهما الحيوية :
_ لو خلصت كشف علي الأطفال وقطعت لهم الحبل السُري ياريت تبعتهم مع الممرضة للأم يا دكتور .
أومأ له الطبيب قائلاً:
_خلصت يا دكتور والأطفال ماشاء الله صحتهم زي الفل، مبروك يا دكتور ويتربوا في عزك إن شاء الله .
شكرهُ أحمد وأنهالت علي مسامعه المباركات من جميع فريق العمل الذي حضر العملية.
إقتربت إحدي الممرضات إليه تحمل أحد أطفاله وناولتهُ إياه وتحدثت :
_ألف ألف مبروك يا دكتور، اللي جاب لك يخلي لك
شكرها وحمل عنها طفلهِ العاري تمامً من الملابس وقربهُ من وجه أمل وتحدث :
_ملي عينك من حصاد حُبنا يا أمل، شُفتي عوض ربنا لينا قد إيه جميل وعظيم .
إبتسمت بوهن ووضعت شفتاها علي خد الصغير الذي قرب بالفطرة شفتاه من شفتاي والدتهُ وبدأ بالمَص بها وذلك لشدة جياعهُ
أبعدهُ سريعً ذلك المجنون عاشق إمرأتهُ وتحدث إلي صغيرهُ بدُعابه:
_إحنا من أولها كده هنبتدي قلة الأدب والتعدي علي حقوق الغير ولا إية يا أستاذ
ضحكت بوهن وتحدثت مستعطفة عندما إستمعت لصراخ صغيرها:
_حرام عليك يا أحمد، قرب الولد لحضني، ده يا حبيبي شكلة أتقمص منك
أجابها بدُعابة ونبرة عالية :
_أيوة بوظيه إنتِ بدلعك فيه ودفاعك عنه يا هانم.
ضحك جميع من في الغرفة علي دعاباته لطفليه وزوجته وهذا ما لم يعهدوا عليه من أحمد من ذي قبل
بعد مرور حوالي ثلاثة ساعات
داخل الغرفة المخصصة لها بالمشفي حيثُ زُينت بالزينة والبلالين بلونها الأزرق الخاطف للأبصار والخاص بإحتفالات المواليد من الذكور، كانت تتمدد علي تختها وحولها جميع أحبائِها
تحدثت إنتصار التي تحمل أحد الصِغار والذي أطلق عليه أحمد إسم، عُمر وتُشدد عليه برقة كمن وجد أخيراً ملاذهُ الذي كان يبحث عنه لسنواتٍ كُثر :
_ الله أكبر عليهم زي القمر يا حبايبي،
ونظرت إلي أمل التي باتت تعشقها وتعتبرها إبنتها التي لم تُنجبها لما وجدتهُ بها من أخلاق عالية وجمال لروحها، وما زاد غلاوتها في قلبها أنها جعلت من أحمد شخصً سعيداً للغايه وهذا كل ما تتمناهُ الأمهات الصالحات التي تريد الصلاح والفلاح لأبنائها
تحدثت إنتصار إلي أمل بنبرة حنون :
_ حمدالله على سلامتك يا بنتي، ربنا يبارك لك فيهم ويجعلهم بارين بيكي زي ما بباهم بار بيا وحنين عليا.
إبتسمت سحر التي تحمل الصغير الآخر والذي أطلق عليه أحمد إسم حمزة تيمُناً بإسم شقيقهُ الغالي وتحدثت :
_يسلم أصلك الطيب يا مدام إنتصار، ويتربوا في عزكم إن شاءالله .
تحدثت رانيا الواقفه بجانب زوجها طارق وبطنها مُنتفخ جراء حَملِها الاول:
_طمنيني علي الولاده يا أمل ؟
إبتسم لها أحمد وتحدث بدعابه كي يزيل عنها توترها:
_متقلقيش يا رانيا، الولاده أسهل مما يكون، بتنامي زي أمولة كده وتقومي تلاقي أولادك جنبك .
ضحك الجميع وتحدثت عُلا زوجة حمزة :
_لو الموضوع بالسهوله دي مكنش حد غُلب يا دكتور.
ثم تحدثت علا من جديد:
_ما فيش واحده في البيت ده تكسر الروتين وتخلف لنا بنت، عمو عزت جاب ولدين، وحمزة مخلف ولدين حتي الدكتور اللي كان مُضرب عن الجواز يوم ما فكر وخلف جاب لنا الولدين دُفعه واحده
قهقه الجميع في حين تحدثت إنتصار وهي تمسح علي ظهر كارما الجالسه بجانبها تُداعب شقيقها، والتي مُنذ زواج أمل وهي تعتبر كارما حفيدتها وتعلقت بها للغاية، وأيضاً كارما التي تُناديها نانا وتحبها كثيراً
تحدثت إنتصار بحديثٍ ملئ بالصِدق :
_ مين اللي قال لك يا ست عُلا إننا مكسرناش الروتين، أومال أميرتي حبيبة نانا دي تبقا إيه؟
شعرت علا بالخجل في حين سعد قلب أمل وسحر ورانيا علي حب تلك الصادقة لتلك الكارما
حين تحدثت كارما إلي إنتصار بإلحاح :
_ممكن يا نانا اشيل البيبي شوية صغيرين؟
أجابتها إنتصار بطاعة وحُب :
_إنتِ تؤمري يا عيون نانا، بس أنا همسكة علشان هو لسه صُغير وهيقع منك
أما ذاك العاشق الذي سحب مقعداً وجلس بجانبها وأمسك كف يدها ثم وقربهُ من فمة ووضع فوقهُ قُبله حنون بث بها شكرة وأمتنانه وعِرفانه لها
وتحدث بنبرة عاليه إستمع لها الجميع :
_شكراً علي كل حاجة حلوة إديتها لي، شكراً علي الحياة اللي منحتيهالي وما كُنتش فاكرها موجوده أصلاً، شكراً علي السعادة، علي الحب، علي الوفاء والأمان اللي حسيته وأنا جوة حُضنك، شكراً علي ولادي هدية ربنا ليا اللي منحهالي علي إديكي،
وأكمل بعيون تنطقُ عِشقً :
_أنا بشكر الظروف وممنون للمرض اللي وصلك ليا علشان تنوري لي حياتي يا أمل
كانت تستمع إليه ودموعها تسيل فوق خديها من شدة تأثُرها،، وتأثر أيضاً الجميع ونزلت دموعهم
يُتبع
حضر حسن ومعهُ هدايا قد أحضرها إلي الجميع بمناسبة ذاك الخَبر السعيد، وحضر الجميع عدا من كانت بإنتظارهِ علي أحر من الجمر، كانت تقف متوترة مرتديه أجمل وأرق ثيابها في مظهر يدعوا للذهول وكأنها تحولت وتبدلت بفضل سعادتِها بإستماعها لخبر شفائها
وقفت رانيا بجانبها وتحدثت بدعابه :
_ الجميل واقف متوتر ليه، مستنيه حد مُعين ؟
إرتبكت وتحدثت بنبرة خجلة :
_ وانا هرتبك ليه، وبعدين حد مين ده اللي هستناه .
ضحكت رانيا وتحدثت بدُعابة :
_حد كدة حليوة طول بعرض وكل ما بيشوفنا عيونه بطلع قلوب وتملا المكان وتفضحه.
نظرت لها سريعً وتساءلت بإرتباك :
_تقصدي مين بكلامك ده يا رانيا ؟
أجابتها بوضوح:
_ اقصد الدوك يا قلب رانيا.
وهُنا أتي طارق خطيب رانيا وتحدث إليها بدُعابه:
_ أظن كده يا أستاذة مبقاش ليكي عذر لتأجيل الجواز تاني، أمل وربنا شفاها وبقت زي الفل قدامك أهي.
ضحكتا الفتاتان وتحدثت أمل لمداعبته :
_ أنا كده عملت اللي عليا معاكم وزيادة،
وتحدثت متأثرة بتأسف :
_انا حقيقي أسفه ليكم علي كل اللي حصل لكم بسببي.
أجابها طارق بإحترام :
_ما تقوليش كده يا أمل، مين أصلاً كان هيجي له نفس يفرح وإنتِ تعبانه بالشكل كده، الحمدلله كابوس وعدي .
أردفت رانيا قائلة بسعادة :
_الحمدلله.
دق جرس الباب فأنتفض قلبها فغمزت لها رانيا وتحدثت :
_ روحي يا مولي شوفي مين علي الباب .
تحدث طارق برجوله:
_خليكي إنتِ يا أمل أنا هفتح.
أوقفه صوت رانيا التي جذبته من يده قائلة:
_ تعالي بس رايح فين، عوزاك في موضوع مهم.
ضحكت أمل علي مرح شقيقتها وتحركت وفتحت الباب، إنتفض قلبها وصار يدقُ كطبول الحرب من شدة وسامة ذاك الجذاب المبتسم وهو وينظر لها بعيون تكادُ تتأكلها
سالتهُ متلهفة:
_إتأخرت ليه، ورق العنب قرب يبرد .
أجابها بغمزة من عيناه :
_ورق العنب بتبان طعامته وهو بارد وهادي .
إبتسمت له وبسط هو ذراعيه ليقدم لها باقة الزهور التي بيده قائلاً بإحترام :
_إتفضلي
إبتسمت له وتناولتها منها وأشارت بيدها للداخل :
_إدخل، الكل مستنيك جوة.
غمز لها بعيناه وأردف قائلاً بحديث ذات مغزي:
_عقبال ما يستنوني وأنا جاي ومعايا اللي هيوصِل الفؤاد ويحقق لي حِلمي.
خجلت من تلميحاته ودلف هو للداخل، تحرك إليه إيهاب وقابلهُ بترحاب وابتسامة سعيده قائلاً :
_مهما حاولت أشكر حضرتك مش هوفيك حقك علي اللي عملته مع أمل.
إبتسم له وتحدث بتواضع :
_انا معملتش غير واجبي والشفا جه من عند ربنا، هو الوحيد اللي يستحق إننا نحمده ونشكر فضله.
اجابهُ إيهاب وهو يلف ذراعهُ حول شقيقته بحمايه وتحدث بحنان وهو ينظر لها :
_ونعم بالله، إنتَ أصلك مش عارف إنتَ رجعت لنا إيه، إنتَ رجعت لنا روحنا من جديد.
إبتسمت لشقيقها وشددت من إحتضانه تحت إستشاطة أحمد وفوران مشاعرة وهو يري حبيبته داخل أحضان غيرة، نعم إيهاب شقيقها الحنون ولكن- هو أناني بعشقه يريدها بكل ما فيها لحاله فقط
تحدثت أمل لشقيقها بعيون متأثرة :
_ ربنا يخليك ليا يا حبيبي.
هُنا أتت ندي زوجته التي تحدثت بدُعابه :
_هي بقت كده يا أستاذ، أحضان وبوس كده عيني عينك من غير ما تعمل لوجودي أي حساب ؟
ثم نظرت إلي أحمد الواقف والغيرة ظاهرة عليه وتحدثت :
_ يرضيك اللي بيحصل ده يا دكتور،
وتسائلت:
_مش دكتور أحمد بردوا ؟
اجابها بإبتسامة خافته:
_أيوة يا أفندم .
سحبها إيهاب هي الأخري ولف ذراعهُ الآخر عليها بحمايه ووجه حديثهُ إلي أحمد قائلاً :
_دي بقي يا سيدي تبقا نصي الحلو، بل كلي الحلو اللي مشاركاني حياتي ومنوراها.
إبتسم أحمد وتحدث إلي تلك الزوجه والتي تخطت سعادتها عنان السماء جراء إستماعِها لحديث زوجها المُثلج للصدور :
_اهلا وسهلاً يا أفندم، إتشرفت بمعرفة حضرتك.
ردت عليه وشكرته وتحدث إيهاب الذي تحرك بزوجته قائلاً :
_إتفضل يا دكتور.
أخذ إيهاب زوجتهُ وتحرك أمامهُما
في حين إقترب أحمد منها وهمس بأذنها مُحذراً إياها :
_لو شفتك في حضنه بالشكل ده تاني هتتعاقبي علي فكرة، أنا راجل غيرتي نار ومبحبش حد يلمس جواهري، مرة تانية مش هعديها لك، فخلي بالك من غيرة العاشق لان شرارتها بتدمر وأكيد هتطولك وهتحرقك .
قال كلماته وتركها وتحرك إلي سحر يلقي عليها التحية، كانت تنظر لظهرة بقلبٍ يصرخ يريد إحتضان ذلك العاشق المجنون، نعم.أحبته وبدأت بالتعلق به، ليس لأنه طبيبها الذي ساعدها كثيراً، وليس لأنهُ الشخص الوحيد الذي دعمها وأجبرها بإستماتة علي التمسك بالحياه، ولكن لشخصة الراقي ولرقة قلبه وعذوبة لسانه الرطب، لقلبهِ الحنون الملئ بالحب لها وللجميع، لإنسانيته وخلقه وأيضاً رجولتِهْ، مظهرة الذي يجذب أي آنثي تقع عليهِ عيناها
بعد التحيه والسلام إلتف الجميع حول الطاولة المليئة بأصناف الطعام المتعددة التي صنعتها سحر وإبنتيها وندي إحتفالاً بتلك المناسبة الجميلة، كان يجلس بجوارها
همست له قائلة :
_ علي فكره، ورق العنب ده من صنع إيديا
نظر لها وتحدث ليستفزها : ده بجد ولا هتطلع ماما هي اللي عملاه وإنتِ بتقولي كده علشان تجُري رِجلي .
إنكمشت ملامحها وتحدثت مُستغربه : إيه أجُر رِجلك دي كمان ؟
أردف قائلاً بنبرة دُعابيه : آه تجري رجلي ، طبعاً تلاقيكي قُلتي لنفسك ده دكتور حليوة طول بعرض ودمة زي الشربات، أما أجُر رِجلة بطاجن ورق العنب بالموزة اللي هو بيعشقة
هزت رأسها وتحدثت بنبرة رخيمة مصطنعة :
_ مغرور أوي حضرتك.
أجابها بنبرة حنون :
_ مغرور بحُبك يا أمل، ده أنا بحُبك ملكت الكون بحاله، إزاي عوزاني ما أكونش مغرور
إبتلعت لُعابها من جراء نظرات عيناه الهائمة التي تكاد من فرط السعادةِ تصرخُ
أما ذاك الحسن الذي همس بجانب آُذن حبيبته الجالسه بجوارة:
_ مش لو كُنتي سمعتي كلامي ووافقتي إني أجي أفاتح أولادك إمبارح في موضوع جوازنا كان زمان مائدة العشا دي علي شرف جوازنا، مش قرديحي كده.
ضحكت بخفة وتحدثت بنبرة خجِلة :
_ وبعدين معاك بقا يا حسن، إنتَ مش ناوي تعقل بقا
هو حُبك خلي فيا عقل يا سحر هانم، جملة قالها بعدم صبر
نظر أحمد إلي كارما التي تتناول طعامها وهي تنظر للجميع بإستغراب، فكُلٍ يجلس بجانب حبيبهُ ويتناولا الهمس والنظرات ويضحكا في هدوء
تحدث إليها قائلاً :
_ منورة القعدة والله يا كوكي.
إبتسمت له وتحدثت بأدب:
_ ميرسي يا أنكل.
كان الجميع سعداء تناولوا الأحاديث الشيقة بينهم وقضي الجميع سهرة سعيدة بوجود الأحباء والأصدقاء
عاد أحمد إلي منزله بوجه وقلب هائمان، مرت ستة أشهُر أخري، توطدت بها علاقة أحمد بأمل حتي أنها وصلت للعشق الجارف من الطرفين ، ذهبت أمل إلي أحمد في المركز بناءً علي طلبة حيث قام بفحصها جيداً وتأكد عدم ظهور المرض مرة أخري
________________
داخل منزل عزت سلام كان يجلس أمام عائلتهُ بعدما قرر إخبارهم لإنتوائةِ خطبته لحبيبته بعدما إطمئن قلبهُ عليها
نظرت إليه والدته وتحدثت بنبرة حادة رافضة :
_ يعني بعد صبرنا علي تأخيرك لجوازك السنين دي كلها جاي تقولنا إنك هتتجوز واحدة مطلقة وعندها بنت وكمان مريصة سرطان،إنتَ بتعمل فينا كده ليه يا أبني ؟
_ليه مش عاوز تريح قلوبنا اللي تِعبت وياك .
اجابها بهدوء مُحاولاً إقناعها :
_إزاي قررتي رفضك لأمل من قبل حتي ما تشوفيها يا ماما، شوفيها وأنا متأكد إنك هتنبهري بيها وبرقتها وثقافتها وهتعرفي إني إخترت صح
صاح والدهُ بنبرة حادة :
_ده كلام فارغ اللي إنتَ بتقوله ده يا دكتور، طب المرض أهو بتاع ربنا وكُلنا معرضين ليه والحمدلله ربنا شفاها،
وأكمل مُعترضً :
_ لكن إيه اللي يجبرك تتجوز واحدة مُطلقة وعندها طفلة، إيه العيب اللي فيك يخليك تتنازل بالشكل ده؟
تحدث حمزة محاولاً التهدئة فهو علي دراية كاملة بعشق شقيقهُ لأمل :
_ إسمح لي يا بابا، موضوع إن أمل مُطلقة وعندها طفلة ده شئ ما يعيبهاش، ياريت تدوها فرصة زي ما قال أحمد ونروح نزورهم ونتعرف عليها
أجابهُ عزت ساخراً:
_آه، أروح أزورهم علشان ألاقي أخوك المحترم مدبسني في قراية فاتحه وأنا قاعد وساعتها مش هقدر أتكلم وأوافق غصب عني.
دار الجدل بينهما وانتهي بالرفض التام من عزت وأنتصار، وأنفضت الجلسة بغضب أحمد وصعودهُ لغرفتهِ لأعلي
توالت الأيام ولم ييأس أحمد وبات محاولاً إقناع والديه يومياً وفي يوم فاتحهما من جديد
فتحدث والده بنبرة غاضبة مُستسلمة لشدة إصراره، وهو يتحرك للأعلي قاصداً غرفته العُليا :
_ إعمل اللي إنتَ عاوزة ، إنتَ اصلاً طول عُمرك واجع قلبي معاك وعمرك ما ريحتني.
حزن لأجل غضب والده حين تحدثت إنتصار بإستعطاف :
_يا أبني راجع نفسك أرجوك ، بقا بعد انتظارنا لجوازك السنين دي عاوز تتجوز متعافية سرطان وكمان مطلقة وعندها بنت، ليه يا احمد بتعمل في نفسك وفينا كده ، ده أنتَ أحمد سلام اللي بنات البلد كلها يتمنوا نظرة منه، ناقصك إيه يا ابني علشان تتجوز اللي إسمها أمل دي ؟
رد عليها بعيون تإنُ عِشقً :
_ناقصني روحي اللي هي هتكملها لي يا أمي، أنا بيها لقيت نصي اللي هيكملني ويجملني، لقيت فيها حلمي اللي عيشت عمري كله أدور عليه بين الناس لدرجة إني خلاص كنت هيأس وأقول لنفسي إني مش مكتوب لي ألاقيها،
وأقترب علي والدته وأمسك كفي يداها وتحدث مُستعطفً :
_ أرجوك يا أمي إفهميني، أنا بحب أمل وما صدقت إني ألاقيها، مش عاوز أعمل حاجة تزعلكم مني،
ورفع كتفيه بتأكيد قائلاً :
_ لأني مش هقدر أبعد عنها ولا أتخلي عن حبي ليها تحت أي ظروف.
شعرت بضعف ولدها وعشقهِ الهائل الذي يظهر من مقلتيه صارخً وهو يتحدثُ عنها، وما كان منها غير الإنصياع لرغبة صغيرها الحبيب
إبتسمت بوهن ومسحت علي شعر رأسهِ وتحدثت مجبرة :
_ هقول لك إية بس يا أبني، مبروك يا حبيبي
ذهُلَ وأتسعت عيناه مما إستمع منها وهتف بنبرة مُتلهفة :
_ اللي سمعتة ده حقيقي يا ماما، وافقتي علي أمل حقيقي؟
إبتسمت لسعادته الهائلة من مجرد موافقتها وتأكدت من عشق إبنها الهائل لتلك الأمل، وضعت كف يدها فوق وجنتهُ وتحسستها بحنان وتحدثت بإيجاب :
_ما أقدرش أقف قدام حاجة ممكن تسعدك يا حبيبي، أنا كل اللي يهمني هو راحتك وسعادتك إنتَ وأخوك .
إحتضنها بسعادة واقترب منه حمزة وأحتضنه ايضاً
حين تحدثت عُلا زوجة حمزة بنبرة أخوية سعيدة :
_ ألف مبروك يا دكتور، ربنا يتمم لك بخير.
نظر لها وتحدث بإمتنان :
_ مُتشكر يا عُلا
بعد مرور شهر، دلفت معهُ إلي غرفتهِ بمنزل والده وهي بثوب زفافها الإسطوري الذي أصر أحمد علي إرتدائها له داخل حفل الزفاف الهائل الذي أقامهُ عزت لنجلهِ الأكبر بحضور كبار رجال الدولة والاعمال الذين حضروا مُهنئين وهم يشهدون علي توديع أشهر عازب داخل الوسط لعزوبيته
أدخلها ودلف بها لداخل حُجرة النوم التي جهزتها لهما إنتصار علي أعلي مستوي، كانت تقف ناظرة أسفل قدميها، تفرك بكفيها من شدة توترها وكأنها تُزف لأول مّره، إقترب منها ومد يدهُ ممسكً ذقنها الرقيق وأجبرها علي النظر داخل عيناه التي تنطقُ عشقً
وتحدث بصوتٍ مبحوح تأثُراً بعشقة الهائل :
_أمل، بصي لي، بصي في عيوني وطمني قلبي وأروي لي عطش السَنين
كانت تستمع إليه بشفاه مُرتجفة مما أثار جنونهُ ولم يعي علي حاله إلي وهو يلتقطهما بين شفتاه ليذوبا بهما كقطعة الشيكولا الذائبة داخل قدح القهوة الساخن، وما كان منها إلا التجاوب معهُ بكل ذره بجسدها، ضمها وشدد من إحتوائهِ لها بجنون وما زالت شفتاه ذائبة بكريزتيها يعزفان معاً أجمل معزوفة موسيقية
إبتعد عنها قليلاً ليأخُذ كلاهُما نفسً، وتحدث وهو يلهث بإستمتاع:
_طعم حُبك حلو، حلو أوي يا حبيبي.
أنزلت بصرِها خجلاً مع إبتسامة لطيفة فتحدث هو بنبرة حاول التحكم بها بحاله :
_تعالي أساعدك في خلع الحجاب والفستان علشان نصلي، وبعدها
ونظر لها مُبتسمً قائلاً :
_علشان بعدها هحكي لك حكاية هتعجبك أوي.
خجلت من تلميحاته أما هو فبدأ بسحب سِحاب الثوب وساعدها بفك حجابها تحت خجلها المُميت، دلفت إلي المرحاض لتتوضأ وبعد مده كانت تقف خلفهُ وشرع هو في الصلاه ليبدأ حياتهما علي طاعة الله كي يُبارك لهما بها
بعد مده كانت تتمدد بجانبه فوق فراشهما، واضعه رأسها فوق صدرهِ العاري مُتشبثة بكتفهِ بقلبٍ مُطمأن ، أما هو فشعورة لا يوصف بمجرد كلمات، فحقاً وجد ملاذهُ الذي طال إنتظارة، كان يُشدد من ضمتهِ لخصرها وكأنه يخشي ضياعها
تحدثت هي بنبرة حنون:
_ أقول لك علي حاجة؟
همهم هو بصوتٍ هائم :
_ أممم.
إبتسمت لحالة العشق والسلطنه التي وصل إليها معها فتحدثت:
_ كنت فاكرة إني هكون مكسوفة أوي وانا معاك واتحرج منك، بس إستغربت نفسي وتجاوبي وإندماجي السريع معاك .
اخذ نفسً عميقً وتحدث بإستمتاع :
_عارفة ده حصل ليه؟
_علشان إحنا إتخلقنا لبعض يا أمل، حتي أجسامنا ما أستغربتش حالها وكأنها لقت اللي بتدور عليه، أنا كُنت مستنيكي إنتِ بالذات وعارف إني مش هعيش الحالة دي وأوصل للشعور ده غير معاكي إنتِ بالذات، إنتِ يا أمل مش حد غيرك .
شددت من إحتضانه وتحدثت بسعادة :
_ إنتَ هدية ربنا ليا اللي لو عشت عمري كله أسجد له وأشكره عليها مش كفاية يا أحمد .
رفع وجهها إليه وتحدث إلي عيناها :
_ وإنتِ ست قلبي وتاج راسي اللي كنت بدور عليه علشان يتوجني ويحسسني بقيمة وجودي في الدنيا يا أمل .
ثم غاص معها من جديد في عالم عشقهِ المميز الذي إحتفظ لها به طيلة سنوات وسنوات وهو يبحث عنها من خلال رحلة بحثهِ التي طالت ولكنها تُوجت بنهايه لا مثيل لها
بعد مرور حوالي عشرة أشهر، كان يقف بجانبها وهو يرتدي المريول الخاص بالعمليات، مُمسكً بكف يدها بكفه ويضرب بالأخر بخفة علي صدغِها كي تفيق قائلاً بنبرة حنون :
_ أمل، فوقي يا حبيبي، يلا فتحي عيونك، أمل .
تمللت برقدتها وبدأت بتحريك أهدابها الكثيفة وهي تفتحهما وتغلقهم مرات متتالية ثم تحدثت بهمس وكأنها تري حُلماً :
_أحمد، أنا فين ؟
إبتسم لها وتحدث :
_ إنتِ في أوضة العمليات يا حبيبي، يلا فوقي علشان تشوفي أولادك .
إبتسمت له عندما تذكرت تؤأمها الذكور الذي أنعم الله عليها بهما،
حين أتي إليها الطبيب المسؤول عن البنج وتحدث إلي احمد بإحترام :
_طمني يا دكتور، المريضة فاقت ؟
اجابهُ أحمد بهدوء :
_الحمدلله.
نظر لها طبيب البنج وهو يضرب علي أرنبة أنفها بسبابته وتحدث :
_حمدالله على السلامة يا مدام، فتحي عيونك .
أومات بضعف
حين تحدث أحمد إلي طبيب الأطفال الذي يبتعد عنهُما بقليل ويُتابع الكشف الطبي علي أطفالة ليطمأن علي مؤشرات جسديهما الحيوية :
_ لو خلصت كشف علي الأطفال وقطعت لهم الحبل السُري ياريت تبعتهم مع الممرضة للأم يا دكتور .
أومأ له الطبيب قائلاً:
_خلصت يا دكتور والأطفال ماشاء الله صحتهم زي الفل، مبروك يا دكتور ويتربوا في عزك إن شاء الله .
شكرهُ أحمد وأنهالت علي مسامعه المباركات من جميع فريق العمل الذي حضر العملية.
إقتربت إحدي الممرضات إليه تحمل أحد أطفاله وناولتهُ إياه وتحدثت :
_ألف ألف مبروك يا دكتور، اللي جاب لك يخلي لك
شكرها وحمل عنها طفلهِ العاري تمامً من الملابس وقربهُ من وجه أمل وتحدث :
_ملي عينك من حصاد حُبنا يا أمل، شُفتي عوض ربنا لينا قد إيه جميل وعظيم .
إبتسمت بوهن ووضعت شفتاها علي خد الصغير الذي قرب بالفطرة شفتاه من شفتاي والدتهُ وبدأ بالمَص بها وذلك لشدة جياعهُ
أبعدهُ سريعً ذلك المجنون عاشق إمرأتهُ وتحدث إلي صغيرهُ بدُعابه:
_إحنا من أولها كده هنبتدي قلة الأدب والتعدي علي حقوق الغير ولا إية يا أستاذ
ضحكت بوهن وتحدثت مستعطفة عندما إستمعت لصراخ صغيرها:
_حرام عليك يا أحمد، قرب الولد لحضني، ده يا حبيبي شكلة أتقمص منك
أجابها بدُعابة ونبرة عالية :
_أيوة بوظيه إنتِ بدلعك فيه ودفاعك عنه يا هانم.
ضحك جميع من في الغرفة علي دعاباته لطفليه وزوجته وهذا ما لم يعهدوا عليه من أحمد من ذي قبل
بعد مرور حوالي ثلاثة ساعات
داخل الغرفة المخصصة لها بالمشفي حيثُ زُينت بالزينة والبلالين بلونها الأزرق الخاطف للأبصار والخاص بإحتفالات المواليد من الذكور، كانت تتمدد علي تختها وحولها جميع أحبائِها
تحدثت إنتصار التي تحمل أحد الصِغار والذي أطلق عليه أحمد إسم، عُمر وتُشدد عليه برقة كمن وجد أخيراً ملاذهُ الذي كان يبحث عنه لسنواتٍ كُثر :
_ الله أكبر عليهم زي القمر يا حبايبي،
ونظرت إلي أمل التي باتت تعشقها وتعتبرها إبنتها التي لم تُنجبها لما وجدتهُ بها من أخلاق عالية وجمال لروحها، وما زاد غلاوتها في قلبها أنها جعلت من أحمد شخصً سعيداً للغايه وهذا كل ما تتمناهُ الأمهات الصالحات التي تريد الصلاح والفلاح لأبنائها
تحدثت إنتصار إلي أمل بنبرة حنون :
_ حمدالله على سلامتك يا بنتي، ربنا يبارك لك فيهم ويجعلهم بارين بيكي زي ما بباهم بار بيا وحنين عليا.
إبتسمت سحر التي تحمل الصغير الآخر والذي أطلق عليه أحمد إسم حمزة تيمُناً بإسم شقيقهُ الغالي وتحدثت :
_يسلم أصلك الطيب يا مدام إنتصار، ويتربوا في عزكم إن شاءالله .
تحدثت رانيا الواقفه بجانب زوجها طارق وبطنها مُنتفخ جراء حَملِها الاول:
_طمنيني علي الولاده يا أمل ؟
إبتسم لها أحمد وتحدث بدعابه كي يزيل عنها توترها:
_متقلقيش يا رانيا، الولاده أسهل مما يكون، بتنامي زي أمولة كده وتقومي تلاقي أولادك جنبك .
ضحك الجميع وتحدثت عُلا زوجة حمزة :
_لو الموضوع بالسهوله دي مكنش حد غُلب يا دكتور.
ثم تحدثت علا من جديد:
_ما فيش واحده في البيت ده تكسر الروتين وتخلف لنا بنت، عمو عزت جاب ولدين، وحمزة مخلف ولدين حتي الدكتور اللي كان مُضرب عن الجواز يوم ما فكر وخلف جاب لنا الولدين دُفعه واحده
قهقه الجميع في حين تحدثت إنتصار وهي تمسح علي ظهر كارما الجالسه بجانبها تُداعب شقيقها، والتي مُنذ زواج أمل وهي تعتبر كارما حفيدتها وتعلقت بها للغاية، وأيضاً كارما التي تُناديها نانا وتحبها كثيراً
تحدثت إنتصار بحديثٍ ملئ بالصِدق :
_ مين اللي قال لك يا ست عُلا إننا مكسرناش الروتين، أومال أميرتي حبيبة نانا دي تبقا إيه؟
شعرت علا بالخجل في حين سعد قلب أمل وسحر ورانيا علي حب تلك الصادقة لتلك الكارما
حين تحدثت كارما إلي إنتصار بإلحاح :
_ممكن يا نانا اشيل البيبي شوية صغيرين؟
أجابتها إنتصار بطاعة وحُب :
_إنتِ تؤمري يا عيون نانا، بس أنا همسكة علشان هو لسه صُغير وهيقع منك
أما ذاك العاشق الذي سحب مقعداً وجلس بجانبها وأمسك كف يدها ثم وقربهُ من فمة ووضع فوقهُ قُبله حنون بث بها شكرة وأمتنانه وعِرفانه لها
وتحدث بنبرة عاليه إستمع لها الجميع :
_شكراً علي كل حاجة حلوة إديتها لي، شكراً علي الحياة اللي منحتيهالي وما كُنتش فاكرها موجوده أصلاً، شكراً علي السعادة، علي الحب، علي الوفاء والأمان اللي حسيته وأنا جوة حُضنك، شكراً علي ولادي هدية ربنا ليا اللي منحهالي علي إديكي،
وأكمل بعيون تنطقُ عِشقً :
_أنا بشكر الظروف وممنون للمرض اللي وصلك ليا علشان تنوري لي حياتي يا أمل
كانت تستمع إليه ودموعها تسيل فوق خديها من شدة تأثُرها،، وتأثر أيضاً الجميع ونزلت دموعهم
يُتبع