الفصل السادس
الفصل السادس
*********
الفصل السادس
وعادت لنقطة البداية
عادت لغربتها من جديد
عادت وحيدة غريبة لاتعرف أحد ولا يعرفها أحدهم
إلاهو
وحده تميمة الأمان
إن وجد هو تواجد الأمان والراحة لها إن كانت فيما مضى تحمل خوفا ورعبا من القادم
الأن تشعر باطمئنان لأنه معها
لاتعلم إن قابلت غيره هل سيعاملها كما يعاملها جاسم أم لا
ولكن مستحيل كما أن هناك جاسم
هناك أيضا عصام والاثنان على النقيض تماما
................
منذ أن تركت بيت مريم واستقلت السيارة بجواره وهى صامتة جسدها يرتعش ذراعيها يلتفان حول جسدها وهو يلاحظها يرى رعشة جسدها وهى تبكى بصمت
يقبض على عجلة القيادة بغضب حتى شعر أنه يحتاج للتوقف يشعر أن نيران تسرى فى جسده كلما تذكر ماحاول عصام فعله بها
لايعرف إن كان تأخر قليلا ماذا سيكون مصيرها
مشهد عصام وهو عارى الجسد ومحاولاته للنيل منها رغم صراخها الذى سمعه قبل أن يصل للشقة لن ينساه أبدا
مشهد لن ينساه أبدا ماحييا
توقف بالقرب من شاطئ البحر ورجع برأسه للخلف محاولا إبعاد ماحدث عن تفكيره ولو مؤقتا
واتصال من مريم يجعله يكز على أسنانه غاضبا
لم يكن ذنبها يعرف ولكنه غاضب ساخط على كل من يكون له صلة بعصام
ولكن ماذنبها هي ضحية مثلها مثل همس
أجابها وهو يفتح باب السيارة ونظرة أخيرة على همس التي أغلقت عيناها بهدوء وصمت
أيوه يامريم
أنت فين ياجاسم قلقتنى
استند بذراعه للسيارة :أنا لسه في الطريق في إيه
وصمتت هي تشعر بالخزى من تصرف أخيها ولكنها تعلم أن جاسم سيتفهم أمرها هى ليست مثله وأبدا لن تكون
أبدا كنت بطمن على همس
-همس كويسة.........هى ساكتة وبتبكى بس هتبقى كويسة يامريم
-جاسم أنا مش عارفة أقولك إيه ولا أعتذر لهمس ازاى
-مش ذنبك يامريم .......أنا عارف أنه مش ذنبك
بس اللى أخوكى عمله مش عاوز يروح من بالى لو كنا أتاخرنا أكتر كان ممكن يحصلها إيه
-الحمدلله أن ياسين شافه وعزيزة كلمتنى عشان نلحقها
...........
فتحت عيناها وجدته منشغلا بمكالمة على هاتفه نظرت بجوارها وجدت السكون يعم المكان فى تلك الليلة الباردة وهى تحتاج لبعض الهواء البارد ........تحتاج لرياح قوية تضرب وجهها تصفعها صفعة تلو أخرى حتى تستعيد مافات تستعيد كل ذكرى كل ماضى تحتاجه الآن
فتحت الباب بهدوء وخرجت متجهة نحو الشاطئ
البحر هائج غاضب كقلبها
السماء معتمة إلا من بعض النجوم البعيدة ضمت جسدها بذراعيها تتطلب بعض الدفئ ورغم برودة الجو إلا أنها تريد البقاء ........تريد البحر
للحظة .........للحظة فقط فكرت أن تلقى بنفسها للبحر تحتضن أمواجه .......يضمها تغرق بين أمواجه العاتية
زادت اقترابها منه مشت على الرمال تبغى الوصول إليه
حتى وصلت إليه واقتربت أكثر .......وكأن موجاته ترحب بها ترغب بقربها واندفعت هي ملبية النداء
...............
ظل جاسم يتحدث مع مريم حتى لفت نظره إمراة متجهة نحو البحر مال بسرعة لداخل السيارة فلم يجدها أغلق الاتصال دون كلمة واتجه إليها بهدوء
هي تتقدم وهو خلفها يمشى بخفة يخشى أن تسعى لما فى خياله وأن تقدم نحوها أسرع ستلقى نفسها فى البحر
ويبدو أن كثرة علاقاته بالقضايا والجرائم جعلته يتوقع دائما الأسوء ولكنها هدمت نظريته
هي تتقدم مندفعة نحو البحر كأنها تلبى نداء أحدهم
ولكنها فجأة توقفت ........توقفت رافعة رأسها للخلف فاتحة ذراعيها لهواء البحر البارد
وابتسامة جذلة على ثغره وقدماه تتقدم منها بهدوء
يبدو أنها أقوى مما تخيل
يمكن لأن معرفته لكثير من النساء كن دائما ضعيفات منكسرات
مفعول بهن ليست فاعلات
فريدة.......مريم
وكاميليا حبيبته السابقة
كلهن ضعيفات مستسلمات
إلا رقية التي تعلم منها القوة والجلد
وأخيرا همس جاءت لتهدم جزء من نظرته لبعض النساء جاءت لتثبت له أن يمكن لرقية أن تتكرر وهو كان دائم الشك أن هناك مثل أمه
الجو برد عليكى تبردى
أنزلت رأسها بسرعة خائفة جسدها يرتعش لصوت من خلفها ولكن نبضات قلبها المتسارعة هدأت عندما رأته بجوارها
ضمت جسدها مرة أخرى وعيناها تعود للبحر
حاسة أنى عاوزة أغرق في البحر أعوم مع أنى معرفش إذا كنت بعرف أعوم ولا لأ
ظلت صامتة للحظة قبل أن تشعر به يضع شيء على كتفيها التفت إليه وجدته يضع سترته عليها
نظرت لها بحرج :كده أنت اللى هتبرد
أحكم وضع الچاكيت بابتسامة:لا متخافيش عليا
نظرت له للحظة قبل أن تعود ناظرة لأمواج البحر
وهو شاركها حديثها مع البحر الهادر وضع كفيه فى جيبى بنطاله وأغمض عيناه مستنشقا الهواء البارد ورائحة اليود تتسلسل لصدره رائحة يعشقها منذ الصغر رغم أنه لايفارق الأسكندرية إلا عند سفره لعمله ولكنه لايمل تلك الرائحة ولا يمل البحر صديقه الوفى يشاركه أسراره ويكتمه هو ......فلن يبوح بسره يعلم هذا جيدا
ويبدو أن همس ستشاركه صداقة البحر من الأن
فتح عيناه بهدوء والتف إليها يراقب ملامحها الهادئة المستكينة لقدرها الحالى ........ومستقبلها المجهول الهوية
شعرها هائج مثل البحر حر كالطير الطليق
موجاته ناعمة كشفتيها الوردية الناعمة
لايدرى لما أحب النظر إليها الأن وهى هادئة لاتراه لا ترى نظرته إليها
جميلة هي بحق ولكن جمالها لايعطى عصام الحق ليغتصبه ليقتل جمال روحها قبل جمال وجهها هو رغم قربه من مريم لم يتأملها من قبل نظرته إليها عابرة ......هى جميلة لاينكر رقيقة ولكن همس ........لايعرف وحيرته تؤنب ضميره
أبعد عيناه عنها يلوم نفسه يخشى أن يراها كما رأها عصام ولكنه أبدا لن يكون مثله
اعتدل في وقفته متنححا :همس يلا بينا أتاخرنا
فتحت عيناها ونظرت إليه بقلق :أنت متأكد أن محدش هيضايق من وجودى
ابتسم ليهديها الطمائنينة:ياستى متخافيش ........أنا متاكد أنك هتحبى أمى وأخواتى البنات وبابا كمان ......وهما كمان أنا متأكد أنهم هيحبوكى .......ده وعد منى ياهمس
بادلته الابتسامة بصمت واتجه سويا للسيارة وجد إمراة عجوز تجلس منزوية بيدها علب مناديل ورقية يبدو أنها فشلت فى بيعهم في تلك اللية العصيبة فجلست تستريح من عناء المشى والبحث عن رزقها
اتجه جاسم نحوها وانحنى إليها:بكام المناديل دى ياأمى
رفعت نظرها إليه بلهفة تتوق لبيع مامعها لترحل لبيتها
عاوزة كام واحدة ياابنى
ابتسم قائلا:كلهم معلش أصل عندى حساسية وبحتاج مناديل كتير
ابتسمت براحة وشكر لله :كلهم بعشرين ياابنى
أخرج محفظته ليضع بيدها ورقة مالية ويرحل
نظرت لما بيدها بجزع وأسرعت إليه :ياابنى استنى انت مش عارف ادتنى كام
التفت إليها بهدوء:عارف ياأمى ........يلا بقى روحى على بيتك الجو برد عليكى
ياابنى بس ده كتير
ربت على كتفها وابتسامته لاتفارق وجهه:لا مش كتير
يلا تصبحى على خير
وهمس تتابع تنقل نظرها بينهما حتى اتجه جاسم نحوها فتح لها باب السيارة والمرأة خلفه داعية :روح ياابنى ربنا يخليكوا لبعض ويرزقكم الذرية الصالحة
التفتا إليها سويا بدهشة يبدو أنها فهمت أنهم متزوجين فابتسم لها جاسم معلقا :يارب ادعيلى ياأمى
وهمس تترك المرأة لتنظر إليه هو بتعجب وهو فهم نظرتها فابتسم دون كلمة والتف لكرسى القيادة ليرحلا نظر إليها مبتسما :إيه مالك هتفضلى باصلى كده كتير
أشارت لخارج السيارة:هي الست كانت بتقولك إيه
وضع المفتاح بمكانه وأدار السيارة :اه قصدك على الست أنها افتكرتكً مراتى ........ياستى عادى ربنا يرزقنى بالذرية الصالحة ان شاء الله هى دى دعوة وحشة
-لا طبعا بس......
قاطعها وهو يقود السيارة :متخافيش مريم مش هتعرف أن الست افتكرتك مراتى وحتى لو عرفت مش فارقة
ودهشتها ازدادت ومابينهما شائك من منهما يريد الآخر مريم تسعى ليحبها جاسم لكنها لاتسعى لتحبه هى
وجاسم لايعينه أمر غيرتها من عدمه وهى بالفعل لاتهتم فكيف يبدأون سويا حياتهم الخاصة
هل سيكونون أغراب ........كل منهما يعيش فى عالمه الخاص ولايسمح للأخر بمشاركته؟
فهل هذا هو الحب.......مستحيل أن يكون هو !
...................
طوال الطريق وحالة من الصمت تعم
هي تريد السؤال
وهو غير مستعد للإجابة
وأخيرا وصلا للبيت ڤيلا صغيرة من دورين بحديقة صغيرة مكان راقى بمنطقة المعمورة المكان حولها ساكن خاصة أن الوقت اقترب من الساعة الحادية عشر مساءا
أوقف جاسم السيارة وانتبه إليه حارس البيت فأسرع نحوه ينتظر أوامره وهو اتجه نحوها وفتح الباب مشيرا لها :اتفضلى
هبطت ببطء تنظر للبيت للمكان بأكمله بنظرة شاملة وجاسم يدعوها للدخول
يلا ياهمس
تقدمها وهى خلفه تنظر حولها برهبة تخشى الدخول وليس لديها البديل تماما كيوم أخذها لبيت مريم
فتح جاسم الباب ونظر لها وأشار بيده ليفسح لها الطريق ولكنها ظلت مكانها لم تتقدم وكفيها يعتصران مقبض حقيبتها وهو ينظر إليها مشجعا:يلا ياهمس متخافيش أنا معاكى
نظرت إليه مبتسمة بحبور
دخل هو مسبقا وهى خلفه تتوارى خلف كتفه
وجد رقية وأخواته مجتمعين فى غرفة المعيشة يشاهدون التلفاز ورقية كعادتها تغدق عليهم بالمشروبات الساخنة والأكلات السريعة طوال جلستهم أمام التلفاز
رقية رغم زواجها من أحمد وانتقالها من منطقة بسيطة العيش لمنطقة راقية مازالت تحمل چينات المكان الذى ولدت وعاشت به بساطة ......تحمل مسئولية وصبر جعلها تتولى مسئولية أولادها تحنو ....تغضب ......تشد من أزرهم وهى ترى رغم نجاحها فى تربيتهم إلا أنها فشلت مع مروان وهذا مايحزن قلبها وخوفها يزداد أن يظل منصاعا لصوت سمر الذى تبثه فى أذنه ليل نهار من ناحيتها وناحية أخوته
وتخشى أن تسيطر أكثر فتفك الرباط الذى صنعته هى طوال سنوات طويلة
السلام عليكم
وصوته لفت انتباه الجميع ولكنهم لم يردوا سلامه وهم ينظرون خلفه للمتوارية عن أنظارهم
قامت رقية ماشية ببطء :وعليكم السلام
ونظرة لخلف كتفه دون كلمة ليفهم هو نظرتها ويبتعد بخفة لترى همس الواقفة خلفه مشيرا نحوها:دى همس ياماما
ونظرة متفحصة بدأتها من رأسها إلى كفيها اللاتى مازلتا متمسكين بحقيبتها
أهلا وسهلا ياهمس
وصوتها دافئ مريح شجعها على النظر إليها وابتسامة خائفة مترددة على شفتيها :أهلا بحضرتك
ورقية اقتربت وقلبها أشفق أهى تلك الفتاة التى تحدث عنها جاسم أهى تلك التى تعرضت للحادثة البشعة كما وصفها لها جاسم
إن كانت هى كيف تحملت ماحدث وهى ضعيفة وهنة
اقتربت أكثر مربتة على ظهرها :أزيك ياهمس عاملة إيه
التفت لها وقلبها بدأ بالاطمئنان ونظرة أخرى نحو جاسم الذى شجعها بابتسامة لتعود لرقية مجيبة:الحمدلله
وياسمين شقية كالعادة اندفعت نحوها :أنتى بقى همس ده أبيه جاسم كل شوية يقول همس .....همس ده أحنا عرفناكى من قبل مانشوفك
ولفة ذراعه حول عنق ياسمين مازحا بثها الضحكة المرحة من جديد وهو يشد على رقبتها :هو أنا مش قلت بطلى تحشرى نفسك في أى حاجة
ابتعدت تفرك رقبتها:هو أنا قلت حاجة .......مش بتعرف عليها
-روحى ذاكرى ياياسمين الامتحانات قربت يلا على أوضتك
أسرعت نحو فريدة التي تراقب بصمت :ياأبيه بالراحة هو كل شوية ذاكرى
دفعتها فريدة بخفة ضاحكة:أحسن عشان تبقى تعرفى تلعبى مع چودى و متذاكريش أهو جالك جاسم يطلع عينك
واقتربت من همس مرحبة:ازيك ياهمس نورتى
بادلتها التحية بابتسامة :شكرا لحضرتك
ورقية تمازحها :إيه حضرتك دى أنتى وفريدة خلاص أخوات
فريدة تشعر بها خائفة قلقة عيناها تنظر إليهم برهبة هى لم تجرب يوما شعور الغربة وفقد كل شئ ولكنها تعلم جيدا أحساس الضياع الذى تشعر به همس الآن
يلا يافريدة دخلى همس أوضتها .......وأنتى ياياسمين تعالى معايا نجهز العشاء
جاسم اطلع يلا غير هدوامك على ماالعشاء يجهز
رقية تملئ الأوامر وهم ينفذون برضا ليست كدولت أبدا أن كانت صديقتها كما علمت من مريم فرقية ليست كدولت حزمها حنون ليس قاسى جاف
أبناءها يطيعون بحب وليس بسخط
وفريدة أمسكت بيدها لتدخلها حجرتها وعيناها ثبتت على جاسم كأنها طفلة يبعدوها عن أبيها في أول يوم دراسى لها وجاسم تفهم نظرتها فاتجه نحوها مبتسما:يلا ياهمس عشان تشوفى أوضتك وتيجى تتعشى معانا مواعيد ماما رقية مظبوطة مفيش تأخير
-حاضر
وفريدة تنظر إليهم رافعة إحدى حاجبيها بدهشة مستغربة نظرة همس لجاسم لاتفهمها ويبدو أن جاسم وحده من يفهم نظرتها هي تعلم أنها خائفة بيت جديد عالم آخر ولكنها فضلت الصمت حين يحين موعد الحديث
أدخلت همس غرفتها مبتسمة بمرح:دى أوضتك بقى ياستى هى صغيرة بس أن شاء الله هتنفعك
ابتسمت همس بشكر:أكيد هتنفعنى ......أنا أسفة لو كنت عملت قلق في البيت ولا حاجة
ضحكت فريدة قائلة:إيه يابنتى قلق إيه بالعكس ده أنا ارتحتلك أوى ومريم كمان حكتلى عنك
ابتسمت بهدوء متذكرة مريم وصداقتهم التي كانت أول علاقة قوية صادقة فى عالمها الجديد
مريم طيبة أوى وجميلة أوى
-عندك حق مريم بنت حلال
اتجهت نحو الباب منبهة عليها :تغيرى هدومك وتحصلينى عشان العشاء طبعا أنتى سمعتى الأوامر
-مامتك شكلها طيبة أوى
-جدا بس لما بتتعصب اجرى يامجدى دورى على أى مكان واستخبى فيه
وضحكة من القلب بعد ليلة عصيبة قاسية
تركتها فريدة تحاول التأقلم على غرفتها وعالمها الجديد ويبدو أنها ستظل هنا فترة أكبر بكثير من وجودها في بيت مريم
...................
رياح قوية زخات مطر ضعيفة تلقى بقطراتها للحظة ثم تعود وتهدأ وهكذا طوال ليلة باردة
أما هى قلبها لايهدأ ولن تهدأ هي إلا أن عادت همستها
هى من أصرت على تسميتها عندما أنجبت سيف كانت تتمنى لو كان فتاة كانت تريدها ......وجاءت همس وقلبها تعلق بهاتخشى عليها من الهواء كل ماكانت تتمناه أن تراها عروس بفستانها الأبيض بجوار من تحب
وعندما وافقت على خطبتها لعدى أحست أن حلمها سيتحقق رغم أنها تعرف جيدا أن همس لم توافق عليه حبا ولكن رأته مناسب ويحبها يرغبها بشدة وهى استسلمت لنداء العقل خذ من يحبك واترك من تحبه وهى لم تجرب الحب بعد حسام وتجربة مريرة لم يشعر بها أحدا سواها
والأن اختفت همس واختفت فرحة عمرها
ضاعت في لحظة لاتعلم إلى أين تقضى ليلها في شرفتها عسى أن تراها آتية من بعيد تلوح لها كما كانت تفعل دائما قبل ذهابها وعند عودتها تشعر ببهجتها ومرحها ورغم أنهما على خلاف في أغلب الأحوال لكنها همس ابنتها جزء منها
بلسم الجو برد عليكى تعالى ادخلى جوه استريحى
لم تلتف إلى يوسف وهو يناديهاوظلت مكانها تراقب الطريق بأمل أن تراها آتية:لايايوسف أنا هستنى همس ادخل أنت
واتسعت عيناه رعبا بلسم لاتعى لاتصدق أن همس اختفت منذ عادت من المشفى وهى صامتة لاتتحدث إلا بالقليل وسؤالها ينحصر عن همس ولكن الأن تتحدث عنها كأنها تنتظرها بالفعل
نظرت إليه وفهمت نظرته وابتسمت بحزن يقتل وجدانها يقتل كل نبضة قلب
متخافش يايوسف أنا مش مجنونة أنا عارفة كويس أن همس مش موجودة ومرجعتش .
عادت تراقب الطريق من جديد:بس عندى أمل ألاقيها راجعةزى كل يوم وبتشاورلى عشان جعانة وعاوزانى اجهزلها الغداء يمكن ترجع يايوسف
واقترب وجلس أمامها أمسك بكفها مطمئنا:باذن الله هترجع أنا متأكد أنها هترجع بس لازم نبقى مؤمنين بقضاء الله أيا يكن
وبلهفة خائفة وضعت كفها على فمه:لا يايوسف الله يخليك أوعى تقول حاجة تحسسنى أن بنتى مش هترجع
أمسك بكفها يربت عليها:قضاء ربنا لازم نرضى بيه مهما يكون أصعب حاجة في الدنيا أنى أقولك كده بس لازم نكون مستعدين يابلسم
انتفضت من مكانها صارخة بغضب:أنت إيه مش أبوها أزاى بتقول عليها كده
أخفض رأسه للأرض ثم عاد ناظرا إليها يشعر بها يشعر بمدى وجعها ولكن كل مايريده أن تهيئ نفسها لأى خبر قد يصل إليهم عنها
قام نحوها محاولا الحصول على أقصى درجات ضبط النفس:بلسم أنتى مؤمنة ولازم ترضى
-أنا راضية بقضاء ربنا بس أنا عارفة أن همس هترجع وأنت قلت كده جاى دلوقتى وتقولى كده يبقى أنت أكيد عارف حاجة صح
والصرخة منه هو :بلسم اعقلى بلاش جنان أنا معرفش حاجة وموصلتش لحاجة
وسيف ولين يخرجان من غرفتهم على صوت نقاش والديهما تسائل سيف بقلق:في إيه بتتخانقوا ليه؟
أشار يوسف لزوجته:أسال أمك متسالنيش أنا
وبلسم تجاهلت حديثهم ونظرت ليوسف ودموعها تنحدر فوق وجنتها بألم :أنا بنتى هترجع يايوسف أنا متأكدة أنت مرة زمان قولتلى لايرد القضاء إلا الدعاء وأنا بدعى ربنا وهفضل أدعيه وأنا متأكدة أنه سامعنى وبكره تشوف همس لما ترجع وتصدق قلب الأم
.....................
يوم غريب مر عليها بالأمس من بدايته ومامرت به من محاولة عصام القذرة وتركها بيت مريم وحتى وصولها لبيت جاسم
مقابلتها لعائلته بأكملها رقية فريدة وياسمين وأحمد الذى وجدت منه ترحيبا لطيفا وعرفت عن وجود مروان وزوجته سمر اللذان سافرا لزيارة أهلها في محافظة البحيرة
غرفة تخصها سرير صغير دولاب يكفى ملابسها البسيطة حمام صغير متصل بالغرفة وهذا يكفيها جدا
قامت من سريرها متجهة لشرفة غرفتها المطلة على الحديقة ابتسمت برضا وشعور بالحرية ينعش صدرها لن ترى دولت بعد الأن .....لن ترى عصام ولن تسمع صوته تحمد الله أنه حماها منه ولكن مايؤلمها بعدها عن مريم ولكنها دوما ستلقاها وتحادثها
اتجهت لدولابها وأخرجت ماتريده
ارتدت ملابسها وأمسكت بمقبض الباب تنفست بهدوء وفتحت الباب وخرجت تسمع صوت رقية تحادث خادمتها بلوم وفريدة تجلس بجوار چودى على منضدة متوسطة فى المطبخ تتطعمها قبل ذهابها للعمل
صباح الخير
انتبهت إليها فريدة مبتسمة:صباح الفل ياهمس .....ها نمتى كويس
اتجهت نحوها وجلست بجوارها:جدا الحمدلله
صباح الخير ياطنط
التفت إليها رقية عابثة ولكنها ابتسمت لها :صباح الخير ياحبيبتى عاملة إيه
-الحمدلله كويسة
عادت والتفت لخادمتها :يابنتى اسمعى الكلام بقى أنا ايدى وجعانى ومش قادرة أقف
تذمرت الفتاة بسخط:والله ياحاجة أنا بعملها كويس أنا مش عارفة مش عجباكى ليه
نكزتها في ذراعها بخفة:يابت من غير وش وسايطة مش مستوية حد يعمل القهوة كده
-ماهى حلوة اهى ياحاجة أنتى بس اللى مش بيعجبك عمايلى
-يعنى هتعملى حاجة كويسة وأقول عليها وحشة ......كملى شغلك يلا مش عاوزة حاجة من خلقتك
اتجهت نحو الكرسى جذبته بأرهاق وهى تحادث فريدة:فطرى بنتك كويس عشان بتطلع عينى لما بتروحى شغلك
قبلت فريدة چودى وضمتها إليها:چودى فطرت والحمدلله وهتسمع كلام تيتة لحد مامى ماترجع من شغلها صح ياچوچو
-صح يامامى بس هضرب ياسمين لو مسمعتش الكلام
ضحكوا سويا ومازحتها همس قائلة:طب ليه بس دى ياسمين طيبة وبتحبك
قامت چودى نحو همس وجلست بجوارها:بس مش بتسمع كلامى لما أقولها العبى معايا
ربتت همس على ظهر الصغيرة مبتسمة :ماهى عشان بتذاكر ياچوچو .......طب إيه رأيك نلعب سوا أنا وأنتى
-وأنتى هتعرفى تلعبى مش أنتى مش فاكرة حاجة هتعرفى تلعبى ازاى بقى
ونظرة مرتبكة بين فريدة ورقية وابتسامة حزينة على شفتى همس :أنا مش فاكرة حاجة بس أنتى ممكن تعلمينى اتفقنا
-اتفقنا
خرجت چودى تجرى نحو الحديقة فلمست رقية كف همس باعتذار :همس متزعليش چودى عيلة مش فاهمة حاجة
بادلتها ابتسامة متفهمة:لا ياطنط أنا عارفة طبعا أنا مش هزعل من چودى أبدا
قامت فريدة تحمل حقيبتها لتغادر :ماما أنا هعملك القهوة وامشى
-لاياحبيبتى روحى شغلك أنتى وأنا هحاول أقف واعملها
تدخلت همس قائلة:أنا ممكن اعملها لحضرتك
سألتها رقية بتعجب:أنتى بتعرفى ياهمس
-أيوه اتعلمتها من عزيزة اللى بتشتغل عند مريم
-خلاص مادام كده قومى اعملى فنجانين ونشربها سوا
قامت همس متحمسة وفريدة تراقبها بشفقة ثم التفت لرقية التى وقفت بجوار همس تضع أمامها السكر والقهوة :ماما أنا همشى بقى عشان متأخرش
-طيب ياحبيبتى خدى بالك من نفسك
وضعت رقية كرسى بجوار همس تراقبها وهمس مرتبكة تخشى أن تخطئ لا خوفا منها وإنما رفضا للفشل في حد ذاته
أعدت القهوة كماتريد رقية تماما وأعجبها مذاقها فابتسمت وهى ترتشفها بتلذذ:تسلم إيدك ياهمس القهوة مظبوطة أوى
ابتسمت برضا :الحمدلله أنها عجبتك
-دى حلوة أوى حتى فريدة مش بتظبطها كده .......اشربى يلا قهوتك قبل ماتبرد
ارتشفت همس القليل من فنجانها لترى چودى تدخل مسرعة خائفة وسمر خلفها
انتفضت همس من رؤيتها وصاحت بها رقية:في إيه ياسمر بتجرى وراء چودى ليه
أشارت لچودى بغضب:البنت دى قليلة الأدب ومش متربيةبتقولى أنتى جاية ليه مش عاوزينك
نظرت رقية لچودى بغضب ثم عادت لسمر :معلش ياسمر دى طفلة متعمليش عقلك بعقلها وحقك عليا أنا متزعليش
نظرت سمر لهمس مستغربة :ودى تتطلع مين إن شاء الله دى خدامة جديدة ولا إيه
صاحت بها رقية غضبا:سمر .......دى همس ضيفة عندنا والضيف له احترامه
ودى ضيفتى يا مدام سمر وأظن أنتى فاهمة ضيفتى يعنى إيه
التفوا جميعا لجاسم الذى دلف للمطبخ واستمع لكلمة سمر وصوته وكلمته تنبيه قوى همس ضيفته ولا هى تجرأ على تخطى حدودها معها
نظرت لهم بارتباك حاولت إخفاءه:أنا بسأل بس عشان أول مرة أشوفها عن اذنكم أنا جاية تعبانة وعاوزة استريح
قالت كلمتها وغادرت مسرعة فابتسم جاسم واتجه نحو رقية مقبلا وجنتها:صباح الخير ياروكا
-صباح الخير ياحبيبى
نظر لهمس مبتسما:صباح الخير ياهمس
-صباح النور
-نمتى كويس
-أه الحمدلله تمام
نظر لچودى الممسكة بكف همس :چودى عيب تتكلمى كده مع طنط سمر عشان خالو مروان ميزعلش وعيب أصلا تكلمى حد كبير كده
ظلت ممسكة بكف همس :هي مش بتحبنى ياجاسم
نظرت لها همس بدهشة من لهجتها البريئة والذكية فى نفس الوقت وبراءتها جعلتها تفهم شعور سمر نحوها
جلس جاسم على مائدة المطبخ وجد فنجان قهوة همس أمامه اعتقد أن رقية أعدته له بدأ يرتشف منه بتلذذ
تسلم إيدك ياروكا القهوة مظبوطة أوى
نظرت إليه متعجبة لتراه يشرب من قهوة همس
جاسم القهوة دى مش بتاعتك دى بتاعت همس دى لسه عاملاه دلوقتى
تبادل وهمس النظرة فابتسم :معلش بقى ياهمس أنا كنت محتاج فنجان جدا
-لا أبدا بس عشان متتضايقش أنه مكانى
أكمل فنجانه مبتسما:لا ياستى أنا مش بقرف متقلقيش شكلى كده هدبسك كل يوم في قهوتى
ابتسمت بمرح:مش تدبيسة ولا حاجة المهم أنها عجبتك
ارتشف آخر ماتبقى من قهوته متجها للخارج:جدا بصراحة
أنا ماشى بقى مش محتاجة حاجة
-ربنا يخليك تعبتك كتير
-متقوليش كده أنا دلوقتى بقيت مطمئن وأنتى هنا في البيت
اتجه نحو رقية التي بدأت تعد طعام الفطور لباقى البيت :روكا أنا ماشى مش محتاجة حاجة
-عاوزة سلامتك ياحبيبى ربنا يحفظك يارب ياجاسم
................
الكل مستعد منهم من يقف خائف ومنهم من يقف متفائل بالخير
الضابط المسئول عن قضية همس يقف أمامهم طالبا رؤية يوسف وهنا أسرعت لعمها ليهبط لشقة والده لمقابلة الضابط
اتجه نحوه عبدالقادر بلهفة:ياابنى طمن قلبى وصلت لحاجة
وقف الشاب برسمية :أنا آسف ياحاج عبدالقادر لازم كلامى يكون مع دكتور يوسف
أنا أهو ياحضرة الظابط
وصوته لاهثا ووجهه يتصبب عرقا وخلفه بلسم ولين اللتى أسرعتا خلفه على أمل عودة همس
وقف الضابط ينظر حوله بقلق مما سيلقيه عليهم جميعا ولكنه كان يحتاج أن يكون يوسف وسط عائلته يكونوا سند له
في إيه ياابنى ماتتكلم ليه تعب الأعصاب ده أهو يوسف أودامك أهو
قالها على بغضب فنظر له عبدالقادر ليصمت
اتجه الشاب نحو يوسف الذى استشف من وجهه مايريد قوله ولكنه يكذب عيناه واحساسه عله يسمع أخبار سعيدة
نظر الشاب حوله بقلق وتنفس ببطء واعتزم القاء مابجعبته عليهم جميعا:أنا آسف يادكتور يوسف
وصمت قاتل وصوت قاضى يحكم بالإعدام عليهم جميعا بمجرد نطقه بكلمته
البقاء لله في الأنسة همس
*********
*********
الفصل السادس
وعادت لنقطة البداية
عادت لغربتها من جديد
عادت وحيدة غريبة لاتعرف أحد ولا يعرفها أحدهم
إلاهو
وحده تميمة الأمان
إن وجد هو تواجد الأمان والراحة لها إن كانت فيما مضى تحمل خوفا ورعبا من القادم
الأن تشعر باطمئنان لأنه معها
لاتعلم إن قابلت غيره هل سيعاملها كما يعاملها جاسم أم لا
ولكن مستحيل كما أن هناك جاسم
هناك أيضا عصام والاثنان على النقيض تماما
................
منذ أن تركت بيت مريم واستقلت السيارة بجواره وهى صامتة جسدها يرتعش ذراعيها يلتفان حول جسدها وهو يلاحظها يرى رعشة جسدها وهى تبكى بصمت
يقبض على عجلة القيادة بغضب حتى شعر أنه يحتاج للتوقف يشعر أن نيران تسرى فى جسده كلما تذكر ماحاول عصام فعله بها
لايعرف إن كان تأخر قليلا ماذا سيكون مصيرها
مشهد عصام وهو عارى الجسد ومحاولاته للنيل منها رغم صراخها الذى سمعه قبل أن يصل للشقة لن ينساه أبدا
مشهد لن ينساه أبدا ماحييا
توقف بالقرب من شاطئ البحر ورجع برأسه للخلف محاولا إبعاد ماحدث عن تفكيره ولو مؤقتا
واتصال من مريم يجعله يكز على أسنانه غاضبا
لم يكن ذنبها يعرف ولكنه غاضب ساخط على كل من يكون له صلة بعصام
ولكن ماذنبها هي ضحية مثلها مثل همس
أجابها وهو يفتح باب السيارة ونظرة أخيرة على همس التي أغلقت عيناها بهدوء وصمت
أيوه يامريم
أنت فين ياجاسم قلقتنى
استند بذراعه للسيارة :أنا لسه في الطريق في إيه
وصمتت هي تشعر بالخزى من تصرف أخيها ولكنها تعلم أن جاسم سيتفهم أمرها هى ليست مثله وأبدا لن تكون
أبدا كنت بطمن على همس
-همس كويسة.........هى ساكتة وبتبكى بس هتبقى كويسة يامريم
-جاسم أنا مش عارفة أقولك إيه ولا أعتذر لهمس ازاى
-مش ذنبك يامريم .......أنا عارف أنه مش ذنبك
بس اللى أخوكى عمله مش عاوز يروح من بالى لو كنا أتاخرنا أكتر كان ممكن يحصلها إيه
-الحمدلله أن ياسين شافه وعزيزة كلمتنى عشان نلحقها
...........
فتحت عيناها وجدته منشغلا بمكالمة على هاتفه نظرت بجوارها وجدت السكون يعم المكان فى تلك الليلة الباردة وهى تحتاج لبعض الهواء البارد ........تحتاج لرياح قوية تضرب وجهها تصفعها صفعة تلو أخرى حتى تستعيد مافات تستعيد كل ذكرى كل ماضى تحتاجه الآن
فتحت الباب بهدوء وخرجت متجهة نحو الشاطئ
البحر هائج غاضب كقلبها
السماء معتمة إلا من بعض النجوم البعيدة ضمت جسدها بذراعيها تتطلب بعض الدفئ ورغم برودة الجو إلا أنها تريد البقاء ........تريد البحر
للحظة .........للحظة فقط فكرت أن تلقى بنفسها للبحر تحتضن أمواجه .......يضمها تغرق بين أمواجه العاتية
زادت اقترابها منه مشت على الرمال تبغى الوصول إليه
حتى وصلت إليه واقتربت أكثر .......وكأن موجاته ترحب بها ترغب بقربها واندفعت هي ملبية النداء
...............
ظل جاسم يتحدث مع مريم حتى لفت نظره إمراة متجهة نحو البحر مال بسرعة لداخل السيارة فلم يجدها أغلق الاتصال دون كلمة واتجه إليها بهدوء
هي تتقدم وهو خلفها يمشى بخفة يخشى أن تسعى لما فى خياله وأن تقدم نحوها أسرع ستلقى نفسها فى البحر
ويبدو أن كثرة علاقاته بالقضايا والجرائم جعلته يتوقع دائما الأسوء ولكنها هدمت نظريته
هي تتقدم مندفعة نحو البحر كأنها تلبى نداء أحدهم
ولكنها فجأة توقفت ........توقفت رافعة رأسها للخلف فاتحة ذراعيها لهواء البحر البارد
وابتسامة جذلة على ثغره وقدماه تتقدم منها بهدوء
يبدو أنها أقوى مما تخيل
يمكن لأن معرفته لكثير من النساء كن دائما ضعيفات منكسرات
مفعول بهن ليست فاعلات
فريدة.......مريم
وكاميليا حبيبته السابقة
كلهن ضعيفات مستسلمات
إلا رقية التي تعلم منها القوة والجلد
وأخيرا همس جاءت لتهدم جزء من نظرته لبعض النساء جاءت لتثبت له أن يمكن لرقية أن تتكرر وهو كان دائم الشك أن هناك مثل أمه
الجو برد عليكى تبردى
أنزلت رأسها بسرعة خائفة جسدها يرتعش لصوت من خلفها ولكن نبضات قلبها المتسارعة هدأت عندما رأته بجوارها
ضمت جسدها مرة أخرى وعيناها تعود للبحر
حاسة أنى عاوزة أغرق في البحر أعوم مع أنى معرفش إذا كنت بعرف أعوم ولا لأ
ظلت صامتة للحظة قبل أن تشعر به يضع شيء على كتفيها التفت إليه وجدته يضع سترته عليها
نظرت لها بحرج :كده أنت اللى هتبرد
أحكم وضع الچاكيت بابتسامة:لا متخافيش عليا
نظرت له للحظة قبل أن تعود ناظرة لأمواج البحر
وهو شاركها حديثها مع البحر الهادر وضع كفيه فى جيبى بنطاله وأغمض عيناه مستنشقا الهواء البارد ورائحة اليود تتسلسل لصدره رائحة يعشقها منذ الصغر رغم أنه لايفارق الأسكندرية إلا عند سفره لعمله ولكنه لايمل تلك الرائحة ولا يمل البحر صديقه الوفى يشاركه أسراره ويكتمه هو ......فلن يبوح بسره يعلم هذا جيدا
ويبدو أن همس ستشاركه صداقة البحر من الأن
فتح عيناه بهدوء والتف إليها يراقب ملامحها الهادئة المستكينة لقدرها الحالى ........ومستقبلها المجهول الهوية
شعرها هائج مثل البحر حر كالطير الطليق
موجاته ناعمة كشفتيها الوردية الناعمة
لايدرى لما أحب النظر إليها الأن وهى هادئة لاتراه لا ترى نظرته إليها
جميلة هي بحق ولكن جمالها لايعطى عصام الحق ليغتصبه ليقتل جمال روحها قبل جمال وجهها هو رغم قربه من مريم لم يتأملها من قبل نظرته إليها عابرة ......هى جميلة لاينكر رقيقة ولكن همس ........لايعرف وحيرته تؤنب ضميره
أبعد عيناه عنها يلوم نفسه يخشى أن يراها كما رأها عصام ولكنه أبدا لن يكون مثله
اعتدل في وقفته متنححا :همس يلا بينا أتاخرنا
فتحت عيناها ونظرت إليه بقلق :أنت متأكد أن محدش هيضايق من وجودى
ابتسم ليهديها الطمائنينة:ياستى متخافيش ........أنا متاكد أنك هتحبى أمى وأخواتى البنات وبابا كمان ......وهما كمان أنا متأكد أنهم هيحبوكى .......ده وعد منى ياهمس
بادلته الابتسامة بصمت واتجه سويا للسيارة وجد إمراة عجوز تجلس منزوية بيدها علب مناديل ورقية يبدو أنها فشلت فى بيعهم في تلك اللية العصيبة فجلست تستريح من عناء المشى والبحث عن رزقها
اتجه جاسم نحوها وانحنى إليها:بكام المناديل دى ياأمى
رفعت نظرها إليه بلهفة تتوق لبيع مامعها لترحل لبيتها
عاوزة كام واحدة ياابنى
ابتسم قائلا:كلهم معلش أصل عندى حساسية وبحتاج مناديل كتير
ابتسمت براحة وشكر لله :كلهم بعشرين ياابنى
أخرج محفظته ليضع بيدها ورقة مالية ويرحل
نظرت لما بيدها بجزع وأسرعت إليه :ياابنى استنى انت مش عارف ادتنى كام
التفت إليها بهدوء:عارف ياأمى ........يلا بقى روحى على بيتك الجو برد عليكى
ياابنى بس ده كتير
ربت على كتفها وابتسامته لاتفارق وجهه:لا مش كتير
يلا تصبحى على خير
وهمس تتابع تنقل نظرها بينهما حتى اتجه جاسم نحوها فتح لها باب السيارة والمرأة خلفه داعية :روح ياابنى ربنا يخليكوا لبعض ويرزقكم الذرية الصالحة
التفتا إليها سويا بدهشة يبدو أنها فهمت أنهم متزوجين فابتسم لها جاسم معلقا :يارب ادعيلى ياأمى
وهمس تترك المرأة لتنظر إليه هو بتعجب وهو فهم نظرتها فابتسم دون كلمة والتف لكرسى القيادة ليرحلا نظر إليها مبتسما :إيه مالك هتفضلى باصلى كده كتير
أشارت لخارج السيارة:هي الست كانت بتقولك إيه
وضع المفتاح بمكانه وأدار السيارة :اه قصدك على الست أنها افتكرتكً مراتى ........ياستى عادى ربنا يرزقنى بالذرية الصالحة ان شاء الله هى دى دعوة وحشة
-لا طبعا بس......
قاطعها وهو يقود السيارة :متخافيش مريم مش هتعرف أن الست افتكرتك مراتى وحتى لو عرفت مش فارقة
ودهشتها ازدادت ومابينهما شائك من منهما يريد الآخر مريم تسعى ليحبها جاسم لكنها لاتسعى لتحبه هى
وجاسم لايعينه أمر غيرتها من عدمه وهى بالفعل لاتهتم فكيف يبدأون سويا حياتهم الخاصة
هل سيكونون أغراب ........كل منهما يعيش فى عالمه الخاص ولايسمح للأخر بمشاركته؟
فهل هذا هو الحب.......مستحيل أن يكون هو !
...................
طوال الطريق وحالة من الصمت تعم
هي تريد السؤال
وهو غير مستعد للإجابة
وأخيرا وصلا للبيت ڤيلا صغيرة من دورين بحديقة صغيرة مكان راقى بمنطقة المعمورة المكان حولها ساكن خاصة أن الوقت اقترب من الساعة الحادية عشر مساءا
أوقف جاسم السيارة وانتبه إليه حارس البيت فأسرع نحوه ينتظر أوامره وهو اتجه نحوها وفتح الباب مشيرا لها :اتفضلى
هبطت ببطء تنظر للبيت للمكان بأكمله بنظرة شاملة وجاسم يدعوها للدخول
يلا ياهمس
تقدمها وهى خلفه تنظر حولها برهبة تخشى الدخول وليس لديها البديل تماما كيوم أخذها لبيت مريم
فتح جاسم الباب ونظر لها وأشار بيده ليفسح لها الطريق ولكنها ظلت مكانها لم تتقدم وكفيها يعتصران مقبض حقيبتها وهو ينظر إليها مشجعا:يلا ياهمس متخافيش أنا معاكى
نظرت إليه مبتسمة بحبور
دخل هو مسبقا وهى خلفه تتوارى خلف كتفه
وجد رقية وأخواته مجتمعين فى غرفة المعيشة يشاهدون التلفاز ورقية كعادتها تغدق عليهم بالمشروبات الساخنة والأكلات السريعة طوال جلستهم أمام التلفاز
رقية رغم زواجها من أحمد وانتقالها من منطقة بسيطة العيش لمنطقة راقية مازالت تحمل چينات المكان الذى ولدت وعاشت به بساطة ......تحمل مسئولية وصبر جعلها تتولى مسئولية أولادها تحنو ....تغضب ......تشد من أزرهم وهى ترى رغم نجاحها فى تربيتهم إلا أنها فشلت مع مروان وهذا مايحزن قلبها وخوفها يزداد أن يظل منصاعا لصوت سمر الذى تبثه فى أذنه ليل نهار من ناحيتها وناحية أخوته
وتخشى أن تسيطر أكثر فتفك الرباط الذى صنعته هى طوال سنوات طويلة
السلام عليكم
وصوته لفت انتباه الجميع ولكنهم لم يردوا سلامه وهم ينظرون خلفه للمتوارية عن أنظارهم
قامت رقية ماشية ببطء :وعليكم السلام
ونظرة لخلف كتفه دون كلمة ليفهم هو نظرتها ويبتعد بخفة لترى همس الواقفة خلفه مشيرا نحوها:دى همس ياماما
ونظرة متفحصة بدأتها من رأسها إلى كفيها اللاتى مازلتا متمسكين بحقيبتها
أهلا وسهلا ياهمس
وصوتها دافئ مريح شجعها على النظر إليها وابتسامة خائفة مترددة على شفتيها :أهلا بحضرتك
ورقية اقتربت وقلبها أشفق أهى تلك الفتاة التى تحدث عنها جاسم أهى تلك التى تعرضت للحادثة البشعة كما وصفها لها جاسم
إن كانت هى كيف تحملت ماحدث وهى ضعيفة وهنة
اقتربت أكثر مربتة على ظهرها :أزيك ياهمس عاملة إيه
التفت لها وقلبها بدأ بالاطمئنان ونظرة أخرى نحو جاسم الذى شجعها بابتسامة لتعود لرقية مجيبة:الحمدلله
وياسمين شقية كالعادة اندفعت نحوها :أنتى بقى همس ده أبيه جاسم كل شوية يقول همس .....همس ده أحنا عرفناكى من قبل مانشوفك
ولفة ذراعه حول عنق ياسمين مازحا بثها الضحكة المرحة من جديد وهو يشد على رقبتها :هو أنا مش قلت بطلى تحشرى نفسك في أى حاجة
ابتعدت تفرك رقبتها:هو أنا قلت حاجة .......مش بتعرف عليها
-روحى ذاكرى ياياسمين الامتحانات قربت يلا على أوضتك
أسرعت نحو فريدة التي تراقب بصمت :ياأبيه بالراحة هو كل شوية ذاكرى
دفعتها فريدة بخفة ضاحكة:أحسن عشان تبقى تعرفى تلعبى مع چودى و متذاكريش أهو جالك جاسم يطلع عينك
واقتربت من همس مرحبة:ازيك ياهمس نورتى
بادلتها التحية بابتسامة :شكرا لحضرتك
ورقية تمازحها :إيه حضرتك دى أنتى وفريدة خلاص أخوات
فريدة تشعر بها خائفة قلقة عيناها تنظر إليهم برهبة هى لم تجرب يوما شعور الغربة وفقد كل شئ ولكنها تعلم جيدا أحساس الضياع الذى تشعر به همس الآن
يلا يافريدة دخلى همس أوضتها .......وأنتى ياياسمين تعالى معايا نجهز العشاء
جاسم اطلع يلا غير هدوامك على ماالعشاء يجهز
رقية تملئ الأوامر وهم ينفذون برضا ليست كدولت أبدا أن كانت صديقتها كما علمت من مريم فرقية ليست كدولت حزمها حنون ليس قاسى جاف
أبناءها يطيعون بحب وليس بسخط
وفريدة أمسكت بيدها لتدخلها حجرتها وعيناها ثبتت على جاسم كأنها طفلة يبعدوها عن أبيها في أول يوم دراسى لها وجاسم تفهم نظرتها فاتجه نحوها مبتسما:يلا ياهمس عشان تشوفى أوضتك وتيجى تتعشى معانا مواعيد ماما رقية مظبوطة مفيش تأخير
-حاضر
وفريدة تنظر إليهم رافعة إحدى حاجبيها بدهشة مستغربة نظرة همس لجاسم لاتفهمها ويبدو أن جاسم وحده من يفهم نظرتها هي تعلم أنها خائفة بيت جديد عالم آخر ولكنها فضلت الصمت حين يحين موعد الحديث
أدخلت همس غرفتها مبتسمة بمرح:دى أوضتك بقى ياستى هى صغيرة بس أن شاء الله هتنفعك
ابتسمت همس بشكر:أكيد هتنفعنى ......أنا أسفة لو كنت عملت قلق في البيت ولا حاجة
ضحكت فريدة قائلة:إيه يابنتى قلق إيه بالعكس ده أنا ارتحتلك أوى ومريم كمان حكتلى عنك
ابتسمت بهدوء متذكرة مريم وصداقتهم التي كانت أول علاقة قوية صادقة فى عالمها الجديد
مريم طيبة أوى وجميلة أوى
-عندك حق مريم بنت حلال
اتجهت نحو الباب منبهة عليها :تغيرى هدومك وتحصلينى عشان العشاء طبعا أنتى سمعتى الأوامر
-مامتك شكلها طيبة أوى
-جدا بس لما بتتعصب اجرى يامجدى دورى على أى مكان واستخبى فيه
وضحكة من القلب بعد ليلة عصيبة قاسية
تركتها فريدة تحاول التأقلم على غرفتها وعالمها الجديد ويبدو أنها ستظل هنا فترة أكبر بكثير من وجودها في بيت مريم
...................
رياح قوية زخات مطر ضعيفة تلقى بقطراتها للحظة ثم تعود وتهدأ وهكذا طوال ليلة باردة
أما هى قلبها لايهدأ ولن تهدأ هي إلا أن عادت همستها
هى من أصرت على تسميتها عندما أنجبت سيف كانت تتمنى لو كان فتاة كانت تريدها ......وجاءت همس وقلبها تعلق بهاتخشى عليها من الهواء كل ماكانت تتمناه أن تراها عروس بفستانها الأبيض بجوار من تحب
وعندما وافقت على خطبتها لعدى أحست أن حلمها سيتحقق رغم أنها تعرف جيدا أن همس لم توافق عليه حبا ولكن رأته مناسب ويحبها يرغبها بشدة وهى استسلمت لنداء العقل خذ من يحبك واترك من تحبه وهى لم تجرب الحب بعد حسام وتجربة مريرة لم يشعر بها أحدا سواها
والأن اختفت همس واختفت فرحة عمرها
ضاعت في لحظة لاتعلم إلى أين تقضى ليلها في شرفتها عسى أن تراها آتية من بعيد تلوح لها كما كانت تفعل دائما قبل ذهابها وعند عودتها تشعر ببهجتها ومرحها ورغم أنهما على خلاف في أغلب الأحوال لكنها همس ابنتها جزء منها
بلسم الجو برد عليكى تعالى ادخلى جوه استريحى
لم تلتف إلى يوسف وهو يناديهاوظلت مكانها تراقب الطريق بأمل أن تراها آتية:لايايوسف أنا هستنى همس ادخل أنت
واتسعت عيناه رعبا بلسم لاتعى لاتصدق أن همس اختفت منذ عادت من المشفى وهى صامتة لاتتحدث إلا بالقليل وسؤالها ينحصر عن همس ولكن الأن تتحدث عنها كأنها تنتظرها بالفعل
نظرت إليه وفهمت نظرته وابتسمت بحزن يقتل وجدانها يقتل كل نبضة قلب
متخافش يايوسف أنا مش مجنونة أنا عارفة كويس أن همس مش موجودة ومرجعتش .
عادت تراقب الطريق من جديد:بس عندى أمل ألاقيها راجعةزى كل يوم وبتشاورلى عشان جعانة وعاوزانى اجهزلها الغداء يمكن ترجع يايوسف
واقترب وجلس أمامها أمسك بكفها مطمئنا:باذن الله هترجع أنا متأكد أنها هترجع بس لازم نبقى مؤمنين بقضاء الله أيا يكن
وبلهفة خائفة وضعت كفها على فمه:لا يايوسف الله يخليك أوعى تقول حاجة تحسسنى أن بنتى مش هترجع
أمسك بكفها يربت عليها:قضاء ربنا لازم نرضى بيه مهما يكون أصعب حاجة في الدنيا أنى أقولك كده بس لازم نكون مستعدين يابلسم
انتفضت من مكانها صارخة بغضب:أنت إيه مش أبوها أزاى بتقول عليها كده
أخفض رأسه للأرض ثم عاد ناظرا إليها يشعر بها يشعر بمدى وجعها ولكن كل مايريده أن تهيئ نفسها لأى خبر قد يصل إليهم عنها
قام نحوها محاولا الحصول على أقصى درجات ضبط النفس:بلسم أنتى مؤمنة ولازم ترضى
-أنا راضية بقضاء ربنا بس أنا عارفة أن همس هترجع وأنت قلت كده جاى دلوقتى وتقولى كده يبقى أنت أكيد عارف حاجة صح
والصرخة منه هو :بلسم اعقلى بلاش جنان أنا معرفش حاجة وموصلتش لحاجة
وسيف ولين يخرجان من غرفتهم على صوت نقاش والديهما تسائل سيف بقلق:في إيه بتتخانقوا ليه؟
أشار يوسف لزوجته:أسال أمك متسالنيش أنا
وبلسم تجاهلت حديثهم ونظرت ليوسف ودموعها تنحدر فوق وجنتها بألم :أنا بنتى هترجع يايوسف أنا متأكدة أنت مرة زمان قولتلى لايرد القضاء إلا الدعاء وأنا بدعى ربنا وهفضل أدعيه وأنا متأكدة أنه سامعنى وبكره تشوف همس لما ترجع وتصدق قلب الأم
.....................
يوم غريب مر عليها بالأمس من بدايته ومامرت به من محاولة عصام القذرة وتركها بيت مريم وحتى وصولها لبيت جاسم
مقابلتها لعائلته بأكملها رقية فريدة وياسمين وأحمد الذى وجدت منه ترحيبا لطيفا وعرفت عن وجود مروان وزوجته سمر اللذان سافرا لزيارة أهلها في محافظة البحيرة
غرفة تخصها سرير صغير دولاب يكفى ملابسها البسيطة حمام صغير متصل بالغرفة وهذا يكفيها جدا
قامت من سريرها متجهة لشرفة غرفتها المطلة على الحديقة ابتسمت برضا وشعور بالحرية ينعش صدرها لن ترى دولت بعد الأن .....لن ترى عصام ولن تسمع صوته تحمد الله أنه حماها منه ولكن مايؤلمها بعدها عن مريم ولكنها دوما ستلقاها وتحادثها
اتجهت لدولابها وأخرجت ماتريده
ارتدت ملابسها وأمسكت بمقبض الباب تنفست بهدوء وفتحت الباب وخرجت تسمع صوت رقية تحادث خادمتها بلوم وفريدة تجلس بجوار چودى على منضدة متوسطة فى المطبخ تتطعمها قبل ذهابها للعمل
صباح الخير
انتبهت إليها فريدة مبتسمة:صباح الفل ياهمس .....ها نمتى كويس
اتجهت نحوها وجلست بجوارها:جدا الحمدلله
صباح الخير ياطنط
التفت إليها رقية عابثة ولكنها ابتسمت لها :صباح الخير ياحبيبتى عاملة إيه
-الحمدلله كويسة
عادت والتفت لخادمتها :يابنتى اسمعى الكلام بقى أنا ايدى وجعانى ومش قادرة أقف
تذمرت الفتاة بسخط:والله ياحاجة أنا بعملها كويس أنا مش عارفة مش عجباكى ليه
نكزتها في ذراعها بخفة:يابت من غير وش وسايطة مش مستوية حد يعمل القهوة كده
-ماهى حلوة اهى ياحاجة أنتى بس اللى مش بيعجبك عمايلى
-يعنى هتعملى حاجة كويسة وأقول عليها وحشة ......كملى شغلك يلا مش عاوزة حاجة من خلقتك
اتجهت نحو الكرسى جذبته بأرهاق وهى تحادث فريدة:فطرى بنتك كويس عشان بتطلع عينى لما بتروحى شغلك
قبلت فريدة چودى وضمتها إليها:چودى فطرت والحمدلله وهتسمع كلام تيتة لحد مامى ماترجع من شغلها صح ياچوچو
-صح يامامى بس هضرب ياسمين لو مسمعتش الكلام
ضحكوا سويا ومازحتها همس قائلة:طب ليه بس دى ياسمين طيبة وبتحبك
قامت چودى نحو همس وجلست بجوارها:بس مش بتسمع كلامى لما أقولها العبى معايا
ربتت همس على ظهر الصغيرة مبتسمة :ماهى عشان بتذاكر ياچوچو .......طب إيه رأيك نلعب سوا أنا وأنتى
-وأنتى هتعرفى تلعبى مش أنتى مش فاكرة حاجة هتعرفى تلعبى ازاى بقى
ونظرة مرتبكة بين فريدة ورقية وابتسامة حزينة على شفتى همس :أنا مش فاكرة حاجة بس أنتى ممكن تعلمينى اتفقنا
-اتفقنا
خرجت چودى تجرى نحو الحديقة فلمست رقية كف همس باعتذار :همس متزعليش چودى عيلة مش فاهمة حاجة
بادلتها ابتسامة متفهمة:لا ياطنط أنا عارفة طبعا أنا مش هزعل من چودى أبدا
قامت فريدة تحمل حقيبتها لتغادر :ماما أنا هعملك القهوة وامشى
-لاياحبيبتى روحى شغلك أنتى وأنا هحاول أقف واعملها
تدخلت همس قائلة:أنا ممكن اعملها لحضرتك
سألتها رقية بتعجب:أنتى بتعرفى ياهمس
-أيوه اتعلمتها من عزيزة اللى بتشتغل عند مريم
-خلاص مادام كده قومى اعملى فنجانين ونشربها سوا
قامت همس متحمسة وفريدة تراقبها بشفقة ثم التفت لرقية التى وقفت بجوار همس تضع أمامها السكر والقهوة :ماما أنا همشى بقى عشان متأخرش
-طيب ياحبيبتى خدى بالك من نفسك
وضعت رقية كرسى بجوار همس تراقبها وهمس مرتبكة تخشى أن تخطئ لا خوفا منها وإنما رفضا للفشل في حد ذاته
أعدت القهوة كماتريد رقية تماما وأعجبها مذاقها فابتسمت وهى ترتشفها بتلذذ:تسلم إيدك ياهمس القهوة مظبوطة أوى
ابتسمت برضا :الحمدلله أنها عجبتك
-دى حلوة أوى حتى فريدة مش بتظبطها كده .......اشربى يلا قهوتك قبل ماتبرد
ارتشفت همس القليل من فنجانها لترى چودى تدخل مسرعة خائفة وسمر خلفها
انتفضت همس من رؤيتها وصاحت بها رقية:في إيه ياسمر بتجرى وراء چودى ليه
أشارت لچودى بغضب:البنت دى قليلة الأدب ومش متربيةبتقولى أنتى جاية ليه مش عاوزينك
نظرت رقية لچودى بغضب ثم عادت لسمر :معلش ياسمر دى طفلة متعمليش عقلك بعقلها وحقك عليا أنا متزعليش
نظرت سمر لهمس مستغربة :ودى تتطلع مين إن شاء الله دى خدامة جديدة ولا إيه
صاحت بها رقية غضبا:سمر .......دى همس ضيفة عندنا والضيف له احترامه
ودى ضيفتى يا مدام سمر وأظن أنتى فاهمة ضيفتى يعنى إيه
التفوا جميعا لجاسم الذى دلف للمطبخ واستمع لكلمة سمر وصوته وكلمته تنبيه قوى همس ضيفته ولا هى تجرأ على تخطى حدودها معها
نظرت لهم بارتباك حاولت إخفاءه:أنا بسأل بس عشان أول مرة أشوفها عن اذنكم أنا جاية تعبانة وعاوزة استريح
قالت كلمتها وغادرت مسرعة فابتسم جاسم واتجه نحو رقية مقبلا وجنتها:صباح الخير ياروكا
-صباح الخير ياحبيبى
نظر لهمس مبتسما:صباح الخير ياهمس
-صباح النور
-نمتى كويس
-أه الحمدلله تمام
نظر لچودى الممسكة بكف همس :چودى عيب تتكلمى كده مع طنط سمر عشان خالو مروان ميزعلش وعيب أصلا تكلمى حد كبير كده
ظلت ممسكة بكف همس :هي مش بتحبنى ياجاسم
نظرت لها همس بدهشة من لهجتها البريئة والذكية فى نفس الوقت وبراءتها جعلتها تفهم شعور سمر نحوها
جلس جاسم على مائدة المطبخ وجد فنجان قهوة همس أمامه اعتقد أن رقية أعدته له بدأ يرتشف منه بتلذذ
تسلم إيدك ياروكا القهوة مظبوطة أوى
نظرت إليه متعجبة لتراه يشرب من قهوة همس
جاسم القهوة دى مش بتاعتك دى بتاعت همس دى لسه عاملاه دلوقتى
تبادل وهمس النظرة فابتسم :معلش بقى ياهمس أنا كنت محتاج فنجان جدا
-لا أبدا بس عشان متتضايقش أنه مكانى
أكمل فنجانه مبتسما:لا ياستى أنا مش بقرف متقلقيش شكلى كده هدبسك كل يوم في قهوتى
ابتسمت بمرح:مش تدبيسة ولا حاجة المهم أنها عجبتك
ارتشف آخر ماتبقى من قهوته متجها للخارج:جدا بصراحة
أنا ماشى بقى مش محتاجة حاجة
-ربنا يخليك تعبتك كتير
-متقوليش كده أنا دلوقتى بقيت مطمئن وأنتى هنا في البيت
اتجه نحو رقية التي بدأت تعد طعام الفطور لباقى البيت :روكا أنا ماشى مش محتاجة حاجة
-عاوزة سلامتك ياحبيبى ربنا يحفظك يارب ياجاسم
................
الكل مستعد منهم من يقف خائف ومنهم من يقف متفائل بالخير
الضابط المسئول عن قضية همس يقف أمامهم طالبا رؤية يوسف وهنا أسرعت لعمها ليهبط لشقة والده لمقابلة الضابط
اتجه نحوه عبدالقادر بلهفة:ياابنى طمن قلبى وصلت لحاجة
وقف الشاب برسمية :أنا آسف ياحاج عبدالقادر لازم كلامى يكون مع دكتور يوسف
أنا أهو ياحضرة الظابط
وصوته لاهثا ووجهه يتصبب عرقا وخلفه بلسم ولين اللتى أسرعتا خلفه على أمل عودة همس
وقف الضابط ينظر حوله بقلق مما سيلقيه عليهم جميعا ولكنه كان يحتاج أن يكون يوسف وسط عائلته يكونوا سند له
في إيه ياابنى ماتتكلم ليه تعب الأعصاب ده أهو يوسف أودامك أهو
قالها على بغضب فنظر له عبدالقادر ليصمت
اتجه الشاب نحو يوسف الذى استشف من وجهه مايريد قوله ولكنه يكذب عيناه واحساسه عله يسمع أخبار سعيدة
نظر الشاب حوله بقلق وتنفس ببطء واعتزم القاء مابجعبته عليهم جميعا:أنا آسف يادكتور يوسف
وصمت قاتل وصوت قاضى يحكم بالإعدام عليهم جميعا بمجرد نطقه بكلمته
البقاء لله في الأنسة همس
*********