الفصل التاسع

أمسك واكين العنوان الذي يكتب بخط جميل إدوارد ريفيرا وبدأ يقرأ  "  اكتشفنا أن المنزل الذي نمنا به واكلنا طعامه هو لرجل في  نهاية العقد السادس من عمره كان رجلا صارما وصعبا لكنه حنون وطيب القلب بسببه تعلمنا انا وروبرتو الخط وتعلمنا القراءة بالإنجليزية والروسية العم لوديس  كان مكتوب على محله بخط عريض كبير دكان لوديس أندروس، في ذلك الوقت لم نستطيع قرائتها ولكن عندما قرأنها بعد التعلم أحببنا هذا الاسم كثيرا، لوديس أندروس  العم لوديس هو أفضل ما حدث معنا هو من صقل فينا الرجولة والشجاعة علمنا إحترام المرأة مهما كان وقتها كنت انا على فكرة واحدة فقط هي أن جميع النساء عاهرات خائنات شريرات وهذا ليس ذنب طفل عاش بئس بسبب والدته الحقيرة، لكن العم لوديس غير لي هذه الفكرة تماما، كان رجلا صالحا حقا ومثقف ومتعلم يتحدث الإنجليزية كأنه بريطاني والروسية كما يجب عليه أن تكون في أعلى مستوى، كان يحببنا في القراءة ويجعلنا نلتهم الكتب بشراهة  علمنا اشياء كثيرة في علوم الأحياء والإحصاء والرياضيات والتاريخ وكل شئ كأننا ندرس مثل البقية فى المدارس، بل كنا انا و روبرتو أفضل منهم واذكى بكثير، تعلمنا منه اهم حرفة يفتخر بها وهي نحت الآلات الموسيقية الخشبية مثل التي بمتجره  العود،الكمان وكثيرا كما علمنا فن العزف، كان هناك رجل احترمته بعد ابي هو العم لوديس كلما تذكر وجهه البشوش والذي يحمل قليل من ملامح القسوة الروسية ابتسمت بذكرى حلوة مثل روحه، أتذكر آخر كلمات له قبل أن تغمض عيناه للأبد " إدوارد يا بني وانت يا روبرتو  أصغوا لي جيدا، أنتما أفضل أبناء حصلت عليهم تعلم أن أبنائي الأغبياء بعد موتي لن يتركوكم هنا و لكن أن تركت لكما شيئا عند سيانو صديقي تعلمانه صاحب اسطبل الخيول لدي شئ واحد فقط أوصيكم به مهما حدث لا تتركوا طرف ثالث يدخل بين صداقتكم هذه ومشاكلكم محصورة بينكما لا أحد يعلم بها تحلوها انتما معا انا احبكم كثيرا و إلى الأبد،  ثم اغمض عيناه للمرة الأخيرة كان هذا أسوأ شئ مر بي وقتها عند وفاة والدي كنت صغير ولكن عند وفاة الأب الروحي لي لوديس اصبت بصدمة وكان روبرتو يكاد يجن من هذا، لم نتحمل هذا أبدا، لانه كان بمثابة المنقذ لنا من وحشة هذا العالم أكثر من ستة أعوام حتى صار عمرنا سبعة عشر عاما كان لنا أب علمنا الكثير، كأننا أبنائه من كبده ولسنا مجرد طفلين مشردين تطفلوا على منزله واكلوا من طعامه ونامو بفرشه من التعب لكنه كان رحيما بهم ، حماهم من هذا العالم الجديد الذي دخلو فيه ولا يعلمون أين هم، هذا البلد الغريب حصلنا على هوية ومأوى واب وتعليم وتربية نظيفة لم نحصل عليها حتى في بيوت اهلنا تعلمنا اللابقة في الحديث ولم نكن همجيين كما جئنا اول مرة تعلمنا كيف نصبح بشرا وكيف نصبح ذوي إحساس بالمسؤولية وبغيرنا لوديس أندروس سيظل اسما محفورا في قلبي حتى ساعة مماتي  نصيحته هذه جعلتنا انا وروبرتو ننجو كثيرا من المصائب والفتن التي نصبت لنا لاحقا ، وكشفت لنا أكاذيب كثيرا فقد تعاهدنا ألا نخبر اي أحد بما بيننا وما يجري ونحله مع بعضنا البعض بصمت وهذا كان الشئ الذي أنقذ علاقتنا من اي تدخلات بشرية غبية.

    بعد أن دفن العم لوديس وانتهت الجنازة كان كما توقع طلب منا أبنائه إخلاء المكان و الذهاب بعيدا و فعلا ذهبنا انا وروبرتو و تركنا المكان وذهبنا إلى العم سيانو وعندما رأنا بدأ بالبكاء شعر بنا وبالصدمة التي نشعر بها وانا وروبرتو  ظللنا معه يومان وبعد انقضى اليوم الثالث أعطانا كمانين وقلادات منحوتة من الخشب ومطلية  بماء الذهب  والتي لازلت أحتفظ بها لليوم و روبرتو لا تفارقه  أبدا، أعطانا اشياء كثيرا وآخر شئ هو مفتاح وصك لمنزل صغير يبعد عدة شوارع من هنا كنا قد رأيناه ذات يوم وتحدثتنا أنه سيكون ملكنا وقد حقق لنا لوديس هذا قبل أن يموت، عندها بكى روبرتو بكل قوته وانا لم أعرف كيف اعبر سوى بدموع تحرق قلبي قبل عيني، ذهبنا للمنزل وجدناه مجهز بكل شئ مع أنها كانت اشياء بسيطة ولكن كانت تعني لنا الكثير، كان هذا ليس مجرد منزل بل هو الأمان الذي تركه لنا العم لوديس وهديته لنا وجدنا رسالة على الطاولة مكتوب عليها " هدية صغيرة من عجوز هرم"
ومع الرسالة وجه مبتسم وهذا جعلنا نبكي وللحق لليوم دموعنا تهطل كالشلالات اذا تذكرنا الشخص الذي ربانا وجعلنا أشخاص متعلمين وعطف علينا كان العم لوديس بمثابة قارب النجاة لنا من طفولة متشردة ولن ننسى له هذا أبدا مع أنه هذا الفصل انتهى وما جاء بعده كان كله نجاسة ولكن كان هذا انقى وأفضل فصل في قصة الحياة بالنسبة لنا انا وروبرتو.

أغلق واكين المذكرة ورأى أن الشمس اشرقت، لم يشعر بالوقت الذي مضى بسرعة كبيرة و هذا من غرابة قصة شقيقه لا يعلم لكن لوديس هذا شخص رائع و أمثاله نادرين وأخيه محظوظ للوقوع مع شخص مثله لن يكون هناك أناس مثله إلا ما ندر وحقا تمنى لو قابله، وقتها تذكر إبن شقيقه وكيف تمنى أن يقابل عائلته التي حكى له عنها.

   هناك كانت روبي ومايدا تتحدثان كثيرا وقد تحدثوا أكثر مما يجب حتى شعر الجميع بالصداع وقال لهما وليام " حظي دائما بالنساء عاثر نظرت له المرأتين نظرة ارعبته حتى انسحب بسرعة كبيرة قبل أن يتعرض للقتل  فروبي ليست سهلة ومايدا زوجته وهو يعرفها جيدا عندما تغضب ولن تفوت له هذه الكلمات فيما بعد ولن تتركه وليكن الله بعونه.
بيري كانت تتحدث مع واكين كثيرا فقد وجدته إنسانا مثقفا و متميز بالرغم من ظروفه التي عاشها بالطفولة والتي حكى لها عنها وعدته أن تتبرع للميتم الذي يقوم بدعمه وعلمت منه أن هذا الدار لشقيقها الماكر متى فكر باري هذه الفكرة الخلابة فهي حقا فكرة عظيمة أن يكون للعجائز مثلهم مكانا كهذا فهم يحتاجون الإسترخاء بهذا السن والسهول الخضراء هنا تساعد على ذلك وقرب نهر سانت لورانس يكون كل شئ جميل والمنتجع الذي بناه يمكن أن يكون تغيير جو لهم فهم لا يستطيعون الحركة لمسافات بعيدة  وهم بأعمار تتجاوز السبعين وهذا يجعل حركتهم صعبة وأيضا انعدام الرغبة في الحركة الكثيرة في هذا العمر يجعل هذا اسهل المكان جميل حقا وأفضل ما رأت  بحياتها بعد قصر عائلة دي وايت.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي