الفصل السابع

بسم الله الذي لايضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم
اسفة للتأخير
الفصل السابع

ظلت تنظر لهم بنظرات حنونة اشتاقت لأخيها الأكبر يسير لجوارها كما هم الآن، تفق من شرودها على ربته خفيفة على كتفها الأيسر تنظر تجاهه بابتسامة بسيطة ترى والدها من قد أتى لاصطحابها، دقائق قليلة وكانت تركب لجواره بالسيارة عائدون لمنزلهم،

أما الأخوان فكانا يسيران متجاوران بجوار بعضهما البعض، لتبدأ بسؤاله عن سبب قدومه باكرا لاصطحابها على غير العادة،

رؤى : أبيه هو حضرتك جيت بدري ليه في حاجة!

انت تعبان يا أبيه! تحولت نبرتها لقلق على أخيها وسندها في هذه الحياة القاسية،

ليقاطعها : لا يا حبيبتي متقلقيش أنا كويس الحمد لله، بس مدير الشركة اللي احنا ساعدناه يلاقي بناته فاكراه، طلبني النهاردة وقالي انه مراته ومامت البنات عاوزة تيجي تشكرنا بنفسها

رؤى : ايه بس يا أبيه يعني الأغنياء دول بيكونوا متكبرين وكدة وممكن يعني...

محمد : لا متقلقيش مراته إنسانة بسيطة جدا وكمان من قرية، وكانت بتشتغل في الشركة ولما النصيب أراد اتجوزوا بس بعد معاناة، من النحية دي اطمني

رؤى : هنشوف، المهم يا أبيه نجهز لهم ايه يعني نجهز غداء ولا عشاء ولا إيه...

محمد : هما جايين الساعة 6 المغرب ،بصي هنعمل حسابنا ونجهز لهم عشاء، ونجيب شوية عصائر ومشروبات نأخذها واحنا في الطريق

رؤى : تمام يا أبيه

مروا بإحدى المحال واشتروا ما يلزمهم من مستلزمات، وبعدها توجهوا لمنزلهم لتحضير كل شيء لاستقبال الضيوف .
********************************************************
كانت تجلس مع والدتها على إحدى الأرائك تشاهد التلفاز بعقل شارد، تفكر وتتذكر الحديث الذي وضعته أمامه وتركت له حرية التصرف، لكن هل هذا الكلام الصحيح أم .....

يقطع سيل أفكارها حديث والدتها،

-مالك يا جميلة سرحانة ليه!

تنظر لوالدتها بعيون ملأها الحيرة لتصمت قليلا ثم تخبرها بما دار بينها وبينه في خرجتهم الأخيرة :

ماما انا قولت لمحمد يعجل بجوازنا عشان ...

سعاد : انتي بتقولي ايه يا مجنونة، انتي ازاي تعملي كدة من دماغك، يا بنتي خرتم عليكي ده الراجل متفق مع أخوكي من الأول وكانت قاعدة رجالة وانتي وافقتي ورضيتي، وظروفه قبلتي بيها من الأول، ليه تعملي كدة!

جميلة : يا ماما أنا .....

سعاد : بلا ماما بلا زفت هتضيعي الراجل من إديك وبعد كدة مش هتلاقي فرصة إنك تندمي ،

بقي الراجل عشان بيخاف عليكي ويحافظ عليكي تعملي معاه كدة،

ادعي ربنا ان أخوكي ميعرفش حاجة وإلا يقطع خبرك

جميلة : بخوف ملأ عينيها، طب أعمل ايه يا ماما، انا مش عارفة

سعاد : تستني شوية يكون رجع من شغله وتتصلي بيه وتعتذري له وتعرفيه وتقنعيه إن الكلام اللي قولتيه كان ساعة شيطان، وتحاولي ترجعي الأمور طبيعية بينكم فاهمة، وإلا هتكوني انتي الخسرانة

تتركها بحيرتها وتتجه للداخل، ظلت تفكر كثيرا حتى قررت تنفيذ ما قالت والدتها
*******************************************************
كان يجلس ينهي أوراقه الخاصة بالعمل حتى يتمكن من إنهائها قبل عودتهم لموطنهم، ظل فترة طويلة منكب على الأوراق إلى أن تنهد بيأس فما أخبره به والده في الفترة السابقة لا يجعله يرى النوم إطلاقا، تفكيره منصب حول هذا الأمر، تذكر حديثه عن عائلتهم المفقودة، والحادث الذي أصابهم حتى اضطروا لمغادرة البلاد، لكن الأمر الذي حيره كثيرا عندما أخبره والده عن أبناء عمه المفقودين، وأنهم كانوا دائما بجوار بعضهم البعض، حتى أنهم قد قرروا تزويجهم، صدمة احتلته حينها، ليخبر والده أنه لن يتزوج فتاة دون إرادتها مهما حدث، لا يدري هل هي الفتاة الصغيرة التي كان يحملها دوما وهي طفلة، أم ماذا؟!
قطع أفكاره دخول زوج أخته عليه كالعاصفة التي تريد الفتك بمن حولها،
رائف: بص بقي انا اختك دي يا اقتلها يا اخنقها، في كل الأحوال مستقبلي ضائع بسببها
سليم : طيب اهدى بس وفهمني مالك شايط كدة ليه، وداخل بزعابيبك زي أمشير!
رائف : مش عارف يا سليم انا خلاص تعبت منها، حاولت معاها مرة كمان النهاردة الصبح بس مفيش فايدة فيها أنا زهقت بجد يا سليم والله زهقت، نفسي ارجع من شغلي الاقي مراتي مستنياني مش واخدة ولا على بالها أصلا، ولما اجي أبدأ معاها الكلام عشان نتفاهم بلاقي واحدة عمري ما عرفتها، سليم أنا ...
سليم : متكملش يا صاحبي أنا أكتر واحد فاهمك وحاسس بيك، انا كلمتك وقولت لك على الحل إنت اللي صممت تحاول معاها تاني، بس حلها الوحيد إنك تهملها خالص ومتديهاش أهمية خاليها تحس باللي انت بتحس بيه لحد ما تلاقيك هتضيع منها صدقني هترجع لك من تاني
رائف : بتنهيدة ألم، صدقني مبقتش تفرق يا سليم أنا خلاص فقدت الأمل فيها، بص هقولك كلم بابا مصطفي واطلب منه يسيب الفرع اللي هنا زي ما هو خسارة كبيرة خاصة إنه له شهرة كبيرة، انت ممكن تنزل مصر وانا افضل هنا اديره زي فرع كدة خارجي
سليم وهو يدور حول الطاولة مستندا بجذعه عليها: مش عارف بابا هيوافق ولا إيه، الفرع ده له اسمه ومصداقيته وصعب نعمل فرع برة بسهولة، خليني اسأله واقول لك، بس مش متأكد أنه ممكن يوافق، خصوصا أنه عوزنا نستقر في مصر لأسباب معينة...
رائف: أسباب إيه يا سليم اللي تخليه يهد كل حاجة بسرعة كدة، ده شقى عمره، مش شغل سنة ولا سنتين!
سليم :للأسف سبب قوي هنعرفه بعدين أكيد، أنا عارف سبب طلبك ده بس صدقني الهروب بالبعد مش هو الحل، قولت على الحل لأني أكثر واحد عارف اختي، بس انت اللي مش راضي
رائف : سيبني شوية افكر وأنا هقولك موافق ولا لأ
سليم وهو يعاود الجلوس على طاولته مرة أخرى : براحتك فكر زي ما أنت عاوز وأنا معاك في اللي تختاره
رائف : خلاص كدة كويس انا ماشي بقي دلوقتي عشان أخلص شغلي، يلا سلام
سليم : سلام يا صاحبي، وبعد مغادرته
رنا غبية وستضيع جوزها من إديها، بس مش هتلحق تندم
***************************************************************

كانت تجلس في الحديقة تراقب أطفالها أثناء لعبهم بعينين سارحة للبعيد، أبعد ما يكون عن المكان التي تنظر إليه، عقلها شارد إلى ما حدث عقب مغادرة زوجها في الصباح، أتت مكالمة هاتفية جعلت أوصالها تتفكك،
.....: ازيك يا مدام، حمدا لله علي سلامة البنات، بس متخفيش مش هتتهني بيهم كتير
صدمة ألجمتها هذا يعني أن الخطر لا زال يحوم حولهم،
نجلاء : انتي عاوزة ايه مننا ابعدي عننا وسيبينا في حالنا
ضحكة صدرت من شخص ينبعث الشر منه كما الضوء المنبعث من مصباح يغطي المكان، لكن بدلا من ضيائه يغطيه سوادا،
- عاوزة منك ايه! عاوزة ادمر حياتك واحرق قلبك على اللي بتحبيهم، لازم اخليكي تتعذبي زي ما سرقتي مني كل حاجة هاخد جوزك وأولادك هاحرق قلبك عليهم
الآن قد فاض بها الكيل لن تصمت أكثر من ذلك ستدافع عن زوجها وأطفالها حتى رمقها الأخير،
نجلاء: بصي بقي أنا مكنتش حابة اتعرض لك واتكلم معاكي نهائي، لكن قسما بالله العلي العظيم لو قربتي من ولادي تاني أو فكرتي تقربي من جوزي هكون وكلاكي بأسناني ومش هيهمني حاجة انتي ايه السواد اللي جواكي ده، أنا أذيتك في ايه يخليكِ عاوزة تقتلي ولادي أطفال ملهاش ذنب في أي حاجة، الراجل اللي انتي بتقولي خطفته منك هو اللي خطفني من جوزي وكان عاوز يخدني عافية، أما بقي ردي عليكي كان رد على إهانتك ليا، بس أنا غلطانة إني اعتذرت لواحدة زيك، قسما بالله لو قربتي من عيلتي تاني يا نيهال المرة دي مش هراعي حاجة وهتشوفي مني رد فعل عمرك ما تتخيليه،
تغلق بعدها الهاتف في وجهها دون أن تستمع لردها، لكن منذ انتهاء المكالمة وهي شاردة، خائفة، تفق من شرودها على ربتةٍ من يد زوجها مصدر أمانها، يسألها بقلق واضح عما بها
أحمد: مالك يا نجلاء! انتي تعبانة!
تنظر لعينيه نظرة تريد منها إثبات أمانها، تريد أن تشعر بالأمان يغمرها، لم تدري إلا وهي تسرد له ما حدث، والمكالمة الهاتفية التي دارت بينهما ومن خلالها تأكدت أن هذه الحية هي من تحاول إيذاء أطفالها، وقد أعلنتها لها صباحا صريحة أنها لن تتركها تهنأ بحياتها أبداً،
كان ينظر لها نظرات قلقة يعلم جيدا ما تعانيه والحرب الدائرة داخلها التي تكاد تنهشها من الداخل كما يأكل السرطان العظام، تأكد الآن من أن هذه الحية هي خلف حادثة خطف الصغار، كان لديه شك وها هو أصبح يقينا، عزم على إنهاء أمرها من حياتهم بشكل لا رجعة فيه لكنه قرر طمأنتها قليلا، ليحتضن يديها بين راحتيه وهو ينظر داخل عينيها بكل الحب الكامن في أعماقه
أحمد: حبيبتي انتي عندك شك إني مقدرش أحميكِ انتِ والبنات
نجلاء: لأ عمري ما شكيت في كده، ده أنا مش برتاح غير معاك، أماني مبحسش بيه غير في حضنك اللي يغنيني عن الدنيا بحالها، دلوقتي بتسألني إذا عندي شك في إحساسي بالأمان!
أحمد انت مش بس جوزي، انت حبيبي، وابويا، واخويا وكل اللي ليا في الدنيا، أنا عشت معاك سعادة وفرحة عمري ما كنت اعرف إنهم موجودين
أحمد: دلوقتي أنا عندي استعداد انهيها من على وش الدنيا خالص ولا إني اشوفك خائفة ومتوترة وقلقانة كدة، أنا كنت متأكد إنها مش هتسكت بس خليها تكمل حفر قبرها بإديها، وبعدين اطمني هي بتعمل كدة واتصلت بيكي النهاردة عشان تخليكِ تقلقي، بس أنا عاوزك متاخديش بالك غير من نفسك ومن البنات وأنا طبعا الأول، اوعي تنسيني
نجلاء : عمري ما أقدر أنساك، أنساك ازاي وانت نفسي، في حد بينسى نفسه
أحمد : ياااه على الكلام الحلو اللي يخلي القلب يطير من الفرحة، أيوة بقي سيبك من القلق ومتخفيش، المهم أنا كلمت الشاب اللي أنقذ البنات وقولت له اننا هنروح نزورهم النهاردة لأنك حابة تشكريهم بنفسك، هتقدري تروحي
نجلاء: طبعا إن شاء الله هروح معاك، أنا عاوزة أشكرهم بنفسي
أحمد :طب يا حبيبتي قومي يلا عشان تجهزي

انتهى الفصل أنا عارفة إني اتأخرت بس والله غصب عني ظروفي هي اللي حكمت
رأيكم ودعمكم ليا بيشجعني
❣️❣️❣️❣️❣️
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي