الفصل السادس
" الفصل السادس.. "
عقدت بين حاجبيها بعدم فهم ثم انتهت من التقليب وجلست أمام الطاولة تقطع الخضار جلس على المقعد المجاور لها وأخذ يتأمل ملامح وجهها البسيطة وحركة يديها الصغيرة وهي تقطع الخضار .. ثم بدأ ينتقل بـ عيناه بين شفاها وانفها الصغير .. و وجد نفسه يمسك بمعصمها فنظرت إليه في دهشة وهو يقول :
-يديكِ الجميلتين لا تمسك بسكين أبدا .. بل تمسك الورود والفواكه الجميلة ..
سحبت معصمها من يده وتابعت عملها باللامبالاة دون أن تعقب على حديثه فيما تعجب توماس وتساءل :
-لم يعجبك حديثي ؟!
لترد عليه بحده :
-لا .. لم يعجبني حديثك
نهض عن المقعد وتحدث ببرود :
-يوما ما سيعجبك
ثم اتجه نحو الباب وجاء يخرج اصطدم في جان فتبادلت نظرات توماس بينه وبين أديل ثم ابتسم له بلؤم وتابع السير .. فالتفت جان يتطلع إليه بنظرات حاده كادت أن تقتله .. ثم دلف إلى الداخل وجلس على المقعد الذي كان يحتله توماس منذ لحظات .. بينما تابعت أديل التقطيع ولم تنظر إليه رغما عنها و أخذ هو ينظر إليها بحب واشتياق ثم سحب السكين من يدها بلطف وضعه جانبًا فنظرت إليه بلهفة وهو يقول بجدية :
-أغار من ذاك السكين الذي منعك من النظر إلي ..
ثم أمسك بيدها الناعمة وحاولت سحبها لكن شدد عليها وقال بنبرة حب صادقة :
-يديكِ الجميلتين لا تمسك بسكين أبدا .. بل تمسك الورود والفواكه الجميلة
اتسعت عيناها في دهشة فـ تلك الكلمات أخبرها توماس بها منذ لحظات .. وأول ما جاء في رأسها هو أن جان يلعب بها بالاتفاق مع ابن عمه توماس .. نعم فكيف يخبرونها بذات الكلمات في آنٍ واحد .. شعرت بالغضب الشديد من جان وقامت بسحب يدها بعنف من يده وتناولت السكين كي تتابع عملها بعصبية وعنف وهي تقول بنبرة بكاء :
-دعني وشأني جان بك .. لا تعطلني عن عملي
جاء يتحدث استمع إلى نداء والده له فـ زفر بهدوء ثم تركها وخرج .. نظرت أديل إلى الباب والدموع تلألأت داخل عيناها ثم استندت بجبينها على معصمها تبكي وبكائها يتضاعف شيئا فشيئا وتعالت صوت شهقاتها التي تذبح صدرها .. ثم تركت ما في يدها ونهضت راكضة إلى المرحاض كي تغسل وجهها بالماء البارد .. رفعت رأسها لتنظر إلى انعكاسها في المرآة وأخذت تمسح على وجهها وهي تتحدث سرا :
-فوقي أديل .. رجل غني مثله لم يحبك أبدا .. توقفي عن التفكير به وفكري في عملك فقط
***
دلفت جين إلى غرفتها المقابلة لغرفة جوزيف و جلست على الفراش وهي تزفر بسأم واضح .. ثم نظرت إلى ساقها المصابة وقامت برفعها على الفراش لتقم بسحب الشاش ثم ضغطت عليها لتشعر بألم خفيف .. تركتها ونهضت متكأه على العصى وحاولت السير على قدميها لكن كلما خطت خطوة كانت تشعر بألم خفيف .. أخذت الغرفة ذهابا وإيابا مرتان ثم وضعت العصى جانبا كي تسير على قدميها بدونها وكانت علامات الألم تظهر على وجهها لكن تحملت فالألم قد خفى عن أول يوم من الاصطدام ..
ثم جلست على الفراش متأوه بخفة وتناولت الهاتف وقامت بفتحه أخيرا .. وجدت الكثير من الرسائل تخبرها بالمكالمات التي لم تصل لها تلاشت الرسائل ونظرت إلى رقم والدها بحزن وترددت أن تهاتفه .. هي نادمة على الهروب من المنزل ولكن مضطرة فهي لا زالت صغيرة على الزواج وتحب أن تعيش بحرية .. ومن حقها أن تختار شريك حياتها بنفسها ولكن بعد الشهادة الدراسية أولا ..
زفرت بسأم ثم اتصلت على صديقها بيير الذي كان يلتقط صور لفتاة موديل تعمل في ذات الشركة .. بمجرد أن وصل له الاتصال توقف عن العمل و أخرج هاتفه من جيب سرواله وعلى الفور أجاب على جين قائلًا بعصبية :
-جين أين أنتِ ؟! .. ولما هاتفك مغلق ؟!
-شيئا ما حدث معي .. سأخبرك بكل شيء حينما اراك
قال بحسم :
-جين لابد أن تأتي .. سيضعون تالة غلاف مجلة هذا الشهر بدلا منكِ
تحدثت في دهشة :
-ماذا ؟! .. لا سأعود يا بيير في خلال يومين .. أخبر الجميع
ثم انهت معه المكالمة وأخذت تقلب حديث بيير في رأسها وتذكرت جوزيف الذي هو مدير الشركة بأكملها .. نعم ستتحدث معه وتخبره أن ينهي هذا فورا ..
خرجت من الغرفة تسير على قدميها بلطف مناديه :
-مستر جوزيف أين أنت؟!
رفع عيناه إلى الدرج قائلًا بجمود :
-بالأسفل
هبطت إلى الطابق السفلي متجه نحوه وجلست إلى جواره ناظرة إليه وهو يشاهد التلفاز .. وجدت نفسها شارده به ونسى عقلها ما كانت ستتحدث عنه .. نعم أعجبت به لكن كيف ؟! من المحتمل لأنه ساعدها وسمح لها أن تقيم في منزله حتى تتعافى .. كما أنه انقذها من ورطة كبيرة كانت ستقع بها وهي الزواج من الرجل المجهول ..
فاقت من شرودها على سؤال جوزيف :
-ماذا تريدين ؟!
استجمعت أفكارها و قالت بهدوء :
-آآآ أنت تعلم انهم سيبدلون صورة غلاف المجلة ؟
-لا .. لكن من المحتمل أن أغيرها .. فأنتِ في عطلة
تحدثت على وجه السرعة :
-لا .. سأعود إلى العمل .. وسأعود إلى منزلي .. شكرا لك جوزيف بك على استضافتي
بدأ في مضغ المسليات ببطء ثم ابتلعه مع حديثها التي تحدثت به للتو وشعر وكأن قلبه توقف عن النبض حتى عقارب الساعة توقفت .. كان لا يطيق العيش معها لكن عندما أخبرته انها ستذهب شعر بالحزن والغضب معًا .. هذا جعله يتعجب من نفسه لماذا مهتم بأمرها ؟! .. مشاعر كثيرا اختلطت في بعضها البعض وايضا الأفكار التي كادت أن تفجر رأسه .. الفتاة اقتحمت كي تقلب إياها رأسا على عقب .. لم تخطف قلبه من المقابلة الأولى ولكن مع مرور الوقت خطفت قلبه وعقله وجعلت قلبه ينبض بالحب .. نعم أعترف داخله انه يحمل مشاعر لتلك الفتاة الفاتنة لم يشعر بها من قبل أحقا يا جوزيف وقعت في الحب أخيرا ؟! .. أجاب على ذاك السؤال بكل وضوح وهو أنه فقط إعجاب ولكن الإعجاب يتحول إلى ااحب في النهاية ..
وكأن كل شيء توقف عندما نبض قلبه بحبها حتى القمر انحنى له احتراما .. والنجوم كانت تلمع بشدة هذه الليلة بغير عادتها .. وهو الأن ينتظر الصباح ليستمع إلى زقزقة العصافير تهنيء قلبه بالحب وبالأميرة التي احتلت قلبه وحياته دون استئذان ..
بعد صمت دار بينهم للحظات ليست قليلة قال جوزيف بحنق :
-اذا سأوصلك بنفسي إلى المنزل .. ليلة سعيدة
-ليلة سعيدة لك ايضًا
تركها وصعد إلى الطابق العلوي قاصدًا غرفته .. بينما تناولت جين جهاز التحكم الخاص بالتلفاز وأخذت تقلب في القنوات حتى وقفت عند قناة معينة .. وبعد دقائق قليلة وجدت نفسها تمدد على الاريكة وما هي إلا لحظات وذهبت إلى النوم
***
في الصباح الباكر جلس توماس مع شقيقته بالخارج حديقة القصر .. أشعل سيجارة وسحب دخانها إلى صدره و زفره بالهواء .. في ذات اللحظة كانت تتجه أديل إلى مزرعة الطيور الصغيرة فانتبهت اوجين منها لتشعر بالغضب الشديد منها وتحدثت بنبرة اشمئزاز :
-تلك اللعينة ستكون سيدة من سيدات العائلة
-جوزيف وجان لا يهتمون بسمعة العائلة .. جوزيف هرب وجان وقع في غرام الخادمة
-ماذا سنفعل يا توماس ؟!
سحب أخر ما تبقى من دخان داخل السيجارة إلى صدره وزفره بالهواء ثم تحدث بتأكيد :
-جان لم يتزوج أبدا من فتاة المزرعة .. ثقي في حديثي
عقب انتهاء حديثه مباشرةً وجد جان على حصانه يتجول به بجميع انحاء الحديقة .. جز أضراسه يغيظ وقذف بالسيجارة على الأرض بعنف ثم نهض عن المقعد متجه إليه يناديه بصوت عال :
-جان .. جان
أوقف حصانه عن السير يتطلع إلى الأمام بهدوء ثم التفت برأسه لينظر إلى ذلك اللعين الذي يقترب منه وترجل من على الحصان ليقف في مواجهته .. وقف توماس أمامه واضعا يده على الحصان ثم تحدث بنبرة ساخرا :
-صديقك الحيوان .. يتحدث معك !
ليرد عليه ببرود واضح :
-نعم .. لغة خاصة بيننا فقط .. لا يعلم الأحمق عنها شيئا
ابتسم بخفة ثم تساءل :
-ستذهب معهم إلى منزل العروس اليوم ؟
-نعم .. تحب أن تأتي ؟! .. أعلم انك تحب التدخل في شؤن العائلة
ربت على الحصان ليلفت نظر جان إلى يده التي تربت على حصانه ليشعر بالغضب فيما قال توماس :
-لا .. فلدي موعد أهم من العائلة نفسها
ثم تركه وغادر ظل ينظر إليه بحده حتى اختفى عن أمام عيناه ثم زفر بسأم ونظر حوله ليجد أديل تخرج من المزرعة متجه إلى القصر .. فعاد إلى الاسطبل ليضع الحصان مكانه ثم عاد إلى القصر و وقف أمام باب المطبخ .. لفت نظر الخادمة مكفي وتساءلت اذا كان محتاج شيء .. فنظرت أديل إليه نظرة سريعة ليتعجب جان من تصرفاتها الغريبة معه اليوم .. ثم نظر إلى السيدة مكفي ويبدو عليه الحنق قائلًا :
-أود تغير ملاءة فراشي من فضلك
تركت ما في يدها وذهبت لتنفذ طلبه بترحاب فهي من قامت بتربية جوزيف وجان ودائما تنفذ طلباتهم بحب و رضا .. بمجرد أن غادرت مكفي دخل جان و وقف إلى جوار أديل الذي تقطع الخضار في توتر واضح .. وتضاعف التوتر عندما شعرت بوجوده جوارها مباشرة بينما هو لفت نظره يدها ترتعش فأمسك بها خوفا من أن تجرح يدها دون قصد .. ثم تساءل بعدم فهم :
-لماذا تغييرتي معي أديل ؟!
سحبت يدها المرتعشة من يده وهي ترمقه بنظرة سريعة و قالت بحزن :
-أخبرتك في السابق جان بك .. لقد تعرضت للإهانة بسببك
-و قولت لك لكل عاقبيني يا فتاتي
تنهدت بعمق ثم قالت بنبرة ألم :
-اذا كنت تحمل لي ذرة حب في قلبك .. ابتعد عني جان بك
-ذرة الحب تلك لعائلتي فقط يا أديل .. وأنتِ كل ما تبقى من القلب
احتارت حقا من حديث جان فكيف ينطق بهذا الحديث العذب الذي يحرك المشاعر ؟! .. أخذت تفكر كثيرا ولم تنتبه من جان الذي أغلق باب المطبخ وايضا النوافذ .. ثم تقدم نحوها وأمسك بيدها ليدير إياها إليه وضمها إلى صدره بقوة و أحكم ذراعيه على خصرها عنوة مما عقدت أديل بين حاجبيها ولم تحاول التحرر من قيده هذه المرة .. فهي تحمل له الكثير من الحب والعشق نعم تحبه كثيرا وتتمن أن تأخذه وتذهب به بعيدا عن عاداتهم المعقدة فالثري لا يتزوج فقيرة أبدا .. وجدت نفسها تغلق عيناها غارقة في ذاك العناق الذي لم تحلم به من قبل وشعرت برهبة في دقات قلبها المرتفعة وكل دقة تخبر ذاك العاشق انها تحبه كثيرا ثم حدثت نفسها سرًا :
-خذني يا جان بعيدا عن هنا .. لأعيش معك في سلام
مسح جان على جانب أذنها ثم وضع شفتيه على أذنها يقبلها برقة و همس داخلها :
-أحبك أديل .. أحبك كثيرا .. لا يستطيع قلبي أن ينبض بدون قلبك .. تحدثي إلي وانظري لي وأنتِ تضعين الطعام أعلى الطاولة .. حتى اتناول ذاك الطعام بشغف
ابتعدت عنه لتنظر إلى عيناه لتجد الصدق داخلهما فتذكرت البارحة عندما أخبرها بحديث أخبرها به توماس من قبله.. حقا تشعر بالحيرة البالغة ثم حركت رأسها موافقة على حديث جان ليبتسم ثم قبلها على جبينها بحنان .. وجاء يقبل شفاها ابتعدت برأسها فاحترم رفضها وغادر المطبخ .. وضعت يدها على صدرها الذي يعلو ويهبط برهبة شديدة ثم تناولت السكين واكملت تقطيع الخضار وحديث جان عالقا في رأسها ويتردد كأنها لا زالت تستمع إلى نبرة صوته
***
كانت جين قد جهزت للذهاب إلى المنزل التي تمكث به في باريس وكان جوزيف في انتظارها .. حتى جاء لها اتصال من صديقتها المقربة جوليا وأخبرتها أن والدها في المنزل و يود أن يعلم عنوان الشركة .. لكن أخبرته انها لم تعلم عنها شيئا مع العلم انها تشتغل معها في ذات الشركة .. كما اخبرتها بأنه لم يترك المنزل قط فقد جلس حتى تعود جين ..
عقب انتهاء المكالمة أغلقت الهاتف نهائيا ثم تناولت حقيبة يدها وخرجت متجه نحو الدرج .. و وقفت تنظر إلى الأسفل لتجد جوزيف جالسا يبعث في هاتفه المحمول فأخذت تفكر ماذا تقول له الأن ؟! .. فهي لا تريد أن تذهب إلى المنزل من أجل والدها الذي ينتظرها .. احتارت في حالها حقا وزفرت بسأم ثم هبطت الدرج درجة تليها درجة ببطء شديد لكونها مترددة .. لفتت نظر جوزيف ونهض واقفا يتطلع إليها بجمود على عكس ما يشعر به من إعجاب ومشاعر تبعث في قلبة لها فقط ..
وقفت أمامه تنظر إليه بخجل واضح وقالت بصوت مبحوح :
-لن أذهب إلى المنزل اليوم .. صديقتي لم تأتي بعد ولا استطيع المكوث بمفردي
ليبتسم جوزيف ثم تنهد بنشوة وقال بهدوء :
-لقد تعودت على وجودك في المنزل يا صغيرة .. ابقي هنا لأكثر وقت ممكن
اتسعت ابتسامتها الجميلة له ليجد قبله يذوب في تلك الشفاه المبتسمة ثم حركت رأسها متمته بالشكر .. غادر المنزل وهو يشعر بالسعادة لأنه سيعود في المساء ويجد الجميلة الصغيرة كما تعود على وجودها .. وحيناها سوف يشعر بالسعادة وسوف ينتزع الإرهاق من بدنه .. وجد نفسه يفكر بها كثيرا فأخذ يحرك رأسه علها تخرج من أفكاره ثم استقل سيارته وهم ان يغادر استمع إلى نداءها العالي فنظر اتجاه باب المنزل حتى خرجت ووقفت تلهث قائلة :
-تسمح لي أن اتي معك إلى الشركة ؟!
عقدت بين حاجبيها بعدم فهم ثم انتهت من التقليب وجلست أمام الطاولة تقطع الخضار جلس على المقعد المجاور لها وأخذ يتأمل ملامح وجهها البسيطة وحركة يديها الصغيرة وهي تقطع الخضار .. ثم بدأ ينتقل بـ عيناه بين شفاها وانفها الصغير .. و وجد نفسه يمسك بمعصمها فنظرت إليه في دهشة وهو يقول :
-يديكِ الجميلتين لا تمسك بسكين أبدا .. بل تمسك الورود والفواكه الجميلة ..
سحبت معصمها من يده وتابعت عملها باللامبالاة دون أن تعقب على حديثه فيما تعجب توماس وتساءل :
-لم يعجبك حديثي ؟!
لترد عليه بحده :
-لا .. لم يعجبني حديثك
نهض عن المقعد وتحدث ببرود :
-يوما ما سيعجبك
ثم اتجه نحو الباب وجاء يخرج اصطدم في جان فتبادلت نظرات توماس بينه وبين أديل ثم ابتسم له بلؤم وتابع السير .. فالتفت جان يتطلع إليه بنظرات حاده كادت أن تقتله .. ثم دلف إلى الداخل وجلس على المقعد الذي كان يحتله توماس منذ لحظات .. بينما تابعت أديل التقطيع ولم تنظر إليه رغما عنها و أخذ هو ينظر إليها بحب واشتياق ثم سحب السكين من يدها بلطف وضعه جانبًا فنظرت إليه بلهفة وهو يقول بجدية :
-أغار من ذاك السكين الذي منعك من النظر إلي ..
ثم أمسك بيدها الناعمة وحاولت سحبها لكن شدد عليها وقال بنبرة حب صادقة :
-يديكِ الجميلتين لا تمسك بسكين أبدا .. بل تمسك الورود والفواكه الجميلة
اتسعت عيناها في دهشة فـ تلك الكلمات أخبرها توماس بها منذ لحظات .. وأول ما جاء في رأسها هو أن جان يلعب بها بالاتفاق مع ابن عمه توماس .. نعم فكيف يخبرونها بذات الكلمات في آنٍ واحد .. شعرت بالغضب الشديد من جان وقامت بسحب يدها بعنف من يده وتناولت السكين كي تتابع عملها بعصبية وعنف وهي تقول بنبرة بكاء :
-دعني وشأني جان بك .. لا تعطلني عن عملي
جاء يتحدث استمع إلى نداء والده له فـ زفر بهدوء ثم تركها وخرج .. نظرت أديل إلى الباب والدموع تلألأت داخل عيناها ثم استندت بجبينها على معصمها تبكي وبكائها يتضاعف شيئا فشيئا وتعالت صوت شهقاتها التي تذبح صدرها .. ثم تركت ما في يدها ونهضت راكضة إلى المرحاض كي تغسل وجهها بالماء البارد .. رفعت رأسها لتنظر إلى انعكاسها في المرآة وأخذت تمسح على وجهها وهي تتحدث سرا :
-فوقي أديل .. رجل غني مثله لم يحبك أبدا .. توقفي عن التفكير به وفكري في عملك فقط
***
دلفت جين إلى غرفتها المقابلة لغرفة جوزيف و جلست على الفراش وهي تزفر بسأم واضح .. ثم نظرت إلى ساقها المصابة وقامت برفعها على الفراش لتقم بسحب الشاش ثم ضغطت عليها لتشعر بألم خفيف .. تركتها ونهضت متكأه على العصى وحاولت السير على قدميها لكن كلما خطت خطوة كانت تشعر بألم خفيف .. أخذت الغرفة ذهابا وإيابا مرتان ثم وضعت العصى جانبا كي تسير على قدميها بدونها وكانت علامات الألم تظهر على وجهها لكن تحملت فالألم قد خفى عن أول يوم من الاصطدام ..
ثم جلست على الفراش متأوه بخفة وتناولت الهاتف وقامت بفتحه أخيرا .. وجدت الكثير من الرسائل تخبرها بالمكالمات التي لم تصل لها تلاشت الرسائل ونظرت إلى رقم والدها بحزن وترددت أن تهاتفه .. هي نادمة على الهروب من المنزل ولكن مضطرة فهي لا زالت صغيرة على الزواج وتحب أن تعيش بحرية .. ومن حقها أن تختار شريك حياتها بنفسها ولكن بعد الشهادة الدراسية أولا ..
زفرت بسأم ثم اتصلت على صديقها بيير الذي كان يلتقط صور لفتاة موديل تعمل في ذات الشركة .. بمجرد أن وصل له الاتصال توقف عن العمل و أخرج هاتفه من جيب سرواله وعلى الفور أجاب على جين قائلًا بعصبية :
-جين أين أنتِ ؟! .. ولما هاتفك مغلق ؟!
-شيئا ما حدث معي .. سأخبرك بكل شيء حينما اراك
قال بحسم :
-جين لابد أن تأتي .. سيضعون تالة غلاف مجلة هذا الشهر بدلا منكِ
تحدثت في دهشة :
-ماذا ؟! .. لا سأعود يا بيير في خلال يومين .. أخبر الجميع
ثم انهت معه المكالمة وأخذت تقلب حديث بيير في رأسها وتذكرت جوزيف الذي هو مدير الشركة بأكملها .. نعم ستتحدث معه وتخبره أن ينهي هذا فورا ..
خرجت من الغرفة تسير على قدميها بلطف مناديه :
-مستر جوزيف أين أنت؟!
رفع عيناه إلى الدرج قائلًا بجمود :
-بالأسفل
هبطت إلى الطابق السفلي متجه نحوه وجلست إلى جواره ناظرة إليه وهو يشاهد التلفاز .. وجدت نفسها شارده به ونسى عقلها ما كانت ستتحدث عنه .. نعم أعجبت به لكن كيف ؟! من المحتمل لأنه ساعدها وسمح لها أن تقيم في منزله حتى تتعافى .. كما أنه انقذها من ورطة كبيرة كانت ستقع بها وهي الزواج من الرجل المجهول ..
فاقت من شرودها على سؤال جوزيف :
-ماذا تريدين ؟!
استجمعت أفكارها و قالت بهدوء :
-آآآ أنت تعلم انهم سيبدلون صورة غلاف المجلة ؟
-لا .. لكن من المحتمل أن أغيرها .. فأنتِ في عطلة
تحدثت على وجه السرعة :
-لا .. سأعود إلى العمل .. وسأعود إلى منزلي .. شكرا لك جوزيف بك على استضافتي
بدأ في مضغ المسليات ببطء ثم ابتلعه مع حديثها التي تحدثت به للتو وشعر وكأن قلبه توقف عن النبض حتى عقارب الساعة توقفت .. كان لا يطيق العيش معها لكن عندما أخبرته انها ستذهب شعر بالحزن والغضب معًا .. هذا جعله يتعجب من نفسه لماذا مهتم بأمرها ؟! .. مشاعر كثيرا اختلطت في بعضها البعض وايضا الأفكار التي كادت أن تفجر رأسه .. الفتاة اقتحمت كي تقلب إياها رأسا على عقب .. لم تخطف قلبه من المقابلة الأولى ولكن مع مرور الوقت خطفت قلبه وعقله وجعلت قلبه ينبض بالحب .. نعم أعترف داخله انه يحمل مشاعر لتلك الفتاة الفاتنة لم يشعر بها من قبل أحقا يا جوزيف وقعت في الحب أخيرا ؟! .. أجاب على ذاك السؤال بكل وضوح وهو أنه فقط إعجاب ولكن الإعجاب يتحول إلى ااحب في النهاية ..
وكأن كل شيء توقف عندما نبض قلبه بحبها حتى القمر انحنى له احتراما .. والنجوم كانت تلمع بشدة هذه الليلة بغير عادتها .. وهو الأن ينتظر الصباح ليستمع إلى زقزقة العصافير تهنيء قلبه بالحب وبالأميرة التي احتلت قلبه وحياته دون استئذان ..
بعد صمت دار بينهم للحظات ليست قليلة قال جوزيف بحنق :
-اذا سأوصلك بنفسي إلى المنزل .. ليلة سعيدة
-ليلة سعيدة لك ايضًا
تركها وصعد إلى الطابق العلوي قاصدًا غرفته .. بينما تناولت جين جهاز التحكم الخاص بالتلفاز وأخذت تقلب في القنوات حتى وقفت عند قناة معينة .. وبعد دقائق قليلة وجدت نفسها تمدد على الاريكة وما هي إلا لحظات وذهبت إلى النوم
***
في الصباح الباكر جلس توماس مع شقيقته بالخارج حديقة القصر .. أشعل سيجارة وسحب دخانها إلى صدره و زفره بالهواء .. في ذات اللحظة كانت تتجه أديل إلى مزرعة الطيور الصغيرة فانتبهت اوجين منها لتشعر بالغضب الشديد منها وتحدثت بنبرة اشمئزاز :
-تلك اللعينة ستكون سيدة من سيدات العائلة
-جوزيف وجان لا يهتمون بسمعة العائلة .. جوزيف هرب وجان وقع في غرام الخادمة
-ماذا سنفعل يا توماس ؟!
سحب أخر ما تبقى من دخان داخل السيجارة إلى صدره وزفره بالهواء ثم تحدث بتأكيد :
-جان لم يتزوج أبدا من فتاة المزرعة .. ثقي في حديثي
عقب انتهاء حديثه مباشرةً وجد جان على حصانه يتجول به بجميع انحاء الحديقة .. جز أضراسه يغيظ وقذف بالسيجارة على الأرض بعنف ثم نهض عن المقعد متجه إليه يناديه بصوت عال :
-جان .. جان
أوقف حصانه عن السير يتطلع إلى الأمام بهدوء ثم التفت برأسه لينظر إلى ذلك اللعين الذي يقترب منه وترجل من على الحصان ليقف في مواجهته .. وقف توماس أمامه واضعا يده على الحصان ثم تحدث بنبرة ساخرا :
-صديقك الحيوان .. يتحدث معك !
ليرد عليه ببرود واضح :
-نعم .. لغة خاصة بيننا فقط .. لا يعلم الأحمق عنها شيئا
ابتسم بخفة ثم تساءل :
-ستذهب معهم إلى منزل العروس اليوم ؟
-نعم .. تحب أن تأتي ؟! .. أعلم انك تحب التدخل في شؤن العائلة
ربت على الحصان ليلفت نظر جان إلى يده التي تربت على حصانه ليشعر بالغضب فيما قال توماس :
-لا .. فلدي موعد أهم من العائلة نفسها
ثم تركه وغادر ظل ينظر إليه بحده حتى اختفى عن أمام عيناه ثم زفر بسأم ونظر حوله ليجد أديل تخرج من المزرعة متجه إلى القصر .. فعاد إلى الاسطبل ليضع الحصان مكانه ثم عاد إلى القصر و وقف أمام باب المطبخ .. لفت نظر الخادمة مكفي وتساءلت اذا كان محتاج شيء .. فنظرت أديل إليه نظرة سريعة ليتعجب جان من تصرفاتها الغريبة معه اليوم .. ثم نظر إلى السيدة مكفي ويبدو عليه الحنق قائلًا :
-أود تغير ملاءة فراشي من فضلك
تركت ما في يدها وذهبت لتنفذ طلبه بترحاب فهي من قامت بتربية جوزيف وجان ودائما تنفذ طلباتهم بحب و رضا .. بمجرد أن غادرت مكفي دخل جان و وقف إلى جوار أديل الذي تقطع الخضار في توتر واضح .. وتضاعف التوتر عندما شعرت بوجوده جوارها مباشرة بينما هو لفت نظره يدها ترتعش فأمسك بها خوفا من أن تجرح يدها دون قصد .. ثم تساءل بعدم فهم :
-لماذا تغييرتي معي أديل ؟!
سحبت يدها المرتعشة من يده وهي ترمقه بنظرة سريعة و قالت بحزن :
-أخبرتك في السابق جان بك .. لقد تعرضت للإهانة بسببك
-و قولت لك لكل عاقبيني يا فتاتي
تنهدت بعمق ثم قالت بنبرة ألم :
-اذا كنت تحمل لي ذرة حب في قلبك .. ابتعد عني جان بك
-ذرة الحب تلك لعائلتي فقط يا أديل .. وأنتِ كل ما تبقى من القلب
احتارت حقا من حديث جان فكيف ينطق بهذا الحديث العذب الذي يحرك المشاعر ؟! .. أخذت تفكر كثيرا ولم تنتبه من جان الذي أغلق باب المطبخ وايضا النوافذ .. ثم تقدم نحوها وأمسك بيدها ليدير إياها إليه وضمها إلى صدره بقوة و أحكم ذراعيه على خصرها عنوة مما عقدت أديل بين حاجبيها ولم تحاول التحرر من قيده هذه المرة .. فهي تحمل له الكثير من الحب والعشق نعم تحبه كثيرا وتتمن أن تأخذه وتذهب به بعيدا عن عاداتهم المعقدة فالثري لا يتزوج فقيرة أبدا .. وجدت نفسها تغلق عيناها غارقة في ذاك العناق الذي لم تحلم به من قبل وشعرت برهبة في دقات قلبها المرتفعة وكل دقة تخبر ذاك العاشق انها تحبه كثيرا ثم حدثت نفسها سرًا :
-خذني يا جان بعيدا عن هنا .. لأعيش معك في سلام
مسح جان على جانب أذنها ثم وضع شفتيه على أذنها يقبلها برقة و همس داخلها :
-أحبك أديل .. أحبك كثيرا .. لا يستطيع قلبي أن ينبض بدون قلبك .. تحدثي إلي وانظري لي وأنتِ تضعين الطعام أعلى الطاولة .. حتى اتناول ذاك الطعام بشغف
ابتعدت عنه لتنظر إلى عيناه لتجد الصدق داخلهما فتذكرت البارحة عندما أخبرها بحديث أخبرها به توماس من قبله.. حقا تشعر بالحيرة البالغة ثم حركت رأسها موافقة على حديث جان ليبتسم ثم قبلها على جبينها بحنان .. وجاء يقبل شفاها ابتعدت برأسها فاحترم رفضها وغادر المطبخ .. وضعت يدها على صدرها الذي يعلو ويهبط برهبة شديدة ثم تناولت السكين واكملت تقطيع الخضار وحديث جان عالقا في رأسها ويتردد كأنها لا زالت تستمع إلى نبرة صوته
***
كانت جين قد جهزت للذهاب إلى المنزل التي تمكث به في باريس وكان جوزيف في انتظارها .. حتى جاء لها اتصال من صديقتها المقربة جوليا وأخبرتها أن والدها في المنزل و يود أن يعلم عنوان الشركة .. لكن أخبرته انها لم تعلم عنها شيئا مع العلم انها تشتغل معها في ذات الشركة .. كما اخبرتها بأنه لم يترك المنزل قط فقد جلس حتى تعود جين ..
عقب انتهاء المكالمة أغلقت الهاتف نهائيا ثم تناولت حقيبة يدها وخرجت متجه نحو الدرج .. و وقفت تنظر إلى الأسفل لتجد جوزيف جالسا يبعث في هاتفه المحمول فأخذت تفكر ماذا تقول له الأن ؟! .. فهي لا تريد أن تذهب إلى المنزل من أجل والدها الذي ينتظرها .. احتارت في حالها حقا وزفرت بسأم ثم هبطت الدرج درجة تليها درجة ببطء شديد لكونها مترددة .. لفتت نظر جوزيف ونهض واقفا يتطلع إليها بجمود على عكس ما يشعر به من إعجاب ومشاعر تبعث في قلبة لها فقط ..
وقفت أمامه تنظر إليه بخجل واضح وقالت بصوت مبحوح :
-لن أذهب إلى المنزل اليوم .. صديقتي لم تأتي بعد ولا استطيع المكوث بمفردي
ليبتسم جوزيف ثم تنهد بنشوة وقال بهدوء :
-لقد تعودت على وجودك في المنزل يا صغيرة .. ابقي هنا لأكثر وقت ممكن
اتسعت ابتسامتها الجميلة له ليجد قبله يذوب في تلك الشفاه المبتسمة ثم حركت رأسها متمته بالشكر .. غادر المنزل وهو يشعر بالسعادة لأنه سيعود في المساء ويجد الجميلة الصغيرة كما تعود على وجودها .. وحيناها سوف يشعر بالسعادة وسوف ينتزع الإرهاق من بدنه .. وجد نفسه يفكر بها كثيرا فأخذ يحرك رأسه علها تخرج من أفكاره ثم استقل سيارته وهم ان يغادر استمع إلى نداءها العالي فنظر اتجاه باب المنزل حتى خرجت ووقفت تلهث قائلة :
-تسمح لي أن اتي معك إلى الشركة ؟!