الفصل ٦
جلست على الأريكة في الظلام تنظر أمامها بصمت لكنها انتفضت فجأة على صوت رنين هاتفها فأخرجته من جيب منامتها
لتجد أن المتصل صاحب رقما غريبا لم تدركه , فهمست بأمل
ربما كانت سلوان تتصل سائلة عن حصان روان ! لكن لو كانت هي لاتصلت من هاتفها
رفعت الهاتف الى أذنها وردت بحذر لكن الصوت الرجولي الذي وصلها كان مخيفا في خفوته رغم صلابة نبرته وهو يقول ساخرا
عرفت أنكِ ستجيبين حين أتصل بكِ من رقمٍ غريب لكن أتراكِ تحفظين رقمي يا درة ؟!
ارتعشت رغما عنها , لكنها أبت أن تظهر له ذرة من الخوف فرفعت وجهها و قالت بسخرية مماثلة
بالطبع تتصل بعد جولة لطيفة في مواقع التواصل ما رأيك في صورتي ؟! أنا عن نفسي أجدها لا تنصفني , فلدي أجمل منها بكثير
سمعت فجأة صوت تهشم عالٍ آتٍ من الهاتف فنظرت اليه بقلق ثم سألته بخشونة
ما هذا الصوت ؟! ماذا فعلت ؟!
لكنه لم يجب سؤالها , بل همس من بين أسنانه قائلا بصوتٍ مرير شرس
أخبرتكِ أنني لن أسمح , ولن أسامح لكنك لم تصدقيني , وهذا خطأ كبيركبير جدا يا درة ما كان عليكِ الوقوع فيه للمرة الثانية
أظلمت عيناها و هي تستمع الى نبرة صوته متنفسة بسرعة و أصابعها تشتد حول الهاتف, تريد معرفة الى أين سيصل بتهديده , ودون انتظار سألته بنبرة قاتمة
بالطبع , ستستخدم الورقة التي تملكها للضغط علي أليس كذلك ؟!
ضحك ضحكة خافتة أرعبتها , الا أنه حين أجابها قال بنبرةٍ حاقدة
لن أسمح فهذا سيكون مستقبلا أما لن أسامح فقد وقعتِ في المحظور و انتهى الأمر فلا تلومي الا نفسك
ودون انتظار جوابا منها أغلق الخط مما جعلها تنظر الى الهاتف بملامح شاحبة قبل أن تضعه جانبا وهي تعاود رفع ركبتيها الى صدرها عاقدة حاجبيها بقلق
ثم همست لنفسها , بغضب
ليتني لم أسجل نصف الشقة لسلوان لكنت بعتها الآن وألقيت له بما أدين
لعقت شفتها الجافة وهي تنظر حولها بصمت ربما لو كلمت عامر أن يقرضها المبلغ !
سرعان ما استرجعت اتهام سلوان لها و ما شعرت به من مهانة و صدمة .. فهزت رأسها نفيا بسرعة و هتفت همسا بقهر
والله ولو سأموت جوعا أو ينتهي بي الأمر محتجزة في أحد السجون فلن ألجأ إليها مطلقا
........
لا أعرف سر إصرارك على مرافقتي الآن !
تكلم خاطر بصوتٍ أجش متذمرا بينما هي تسير بجواره ملتهمة أحد ثمار الذرة المشوية و التي اشتراها لها فقالت ببساطة
نحن الآن متزوجان رافقتني و أنا أنفذ ما أريد , لذا سأرافقك لأدعمك
وقف قليلا فاضطرت للوقوف معه ناظرة اليه بعينين هادئتين وفم مبتسم بينما قال بخشونة وهو يمسك بذراعها
لم يعد هناك مجالا للدعم فالكاميرات على الأرجح صورتني بكل وضوح لا يدع مجالا للشك و أنا أقتحم الغرفة و أفتش ملفات النزلاء
تنهدت وهي تهز رأسها بأسف قائلة بينما تلتقط بأسنانها بضع حبات من الذرة و تنتزعها برفق
ماذا أقول ! ما كان يجب عليكِ أن تفعل ما فعلت ! على الأرجح ستخسر عملك لمجرد نوبة شهامة و تعاطف مع أم فقدت ابنها أردت مواساتها و البحث عنها مهما كلفك الأمر !
أخذت تمضغ الحبات في فمها ثم قالت بهدوء
كان هذا منتهى الغباء يا خاطر
نظراته الى أسنانها و هي تنتزع الحبات أشعلت به إثارة حاول اخمادها خاصة وهو يلمح لسانها النهم لكن الشعور الأكبر بداخله من الإثارة كان الضيق ,
الضيق من نفسه لأنها على حق لقد جازف بعمله دون تفكير ليعثر عليها مهما كانت العواقب !!
هاله أن ينسى أسرته و مسؤولياته في لحظة تهور و يهرع خلفها
لكنه لم يكن نادما , أليس هذا تناقضا في المشاعر سافرا وشديد الحماقة !
وكأنه أقر أنه سيظل خلفها كظلها الى أن يحين الفراق لكن كان عليه التفكير في الواجب الملقى على عاتقه واجبه تجاه والده و إخوته !
مش تفكيره الثقيل وملامحه المتجهمة , همست شغف مداعبة
على أن المواساة لم تكن فقط ما حصلت عليها ربما الأمر في النهاية يستحق فقدانك عملك
نظر إليها نظرة قاتمة لم تنجح في إفقادها ابتسامتها لكنها لمست بداخلها شيء رفضت إظهاره فأخفضت وجهها و أخفت تعابيره في التهام المزيد من حبات الذرة مما جعل خاطر يمسك بذراعها ويجرها معه مكملين طريقهما لدار الأمل
منذ أن سمع ما سمعه من ابنة عمتها وهو غير قادر على التحكم في انتفاضته كل مفاجأة تخصها تضربه ضربة أشد مما قبلها توجعه و تربطه بها أكثر
تلك الشابة الجميلة المتهادية أمامه ذاقت أشد أنواع المرار وهو ما جعل منها ذلك المسخ المشوه الروح خلف هذا الوجه الجميل الفاتن !
ربما لو سمعت أفكاره الآن لتصرفت تصرفها المثالي لضحكت عاليا بسخرية ...
رمقها بنظرةٍ جانبية وهي تسير بجواره بينما يمسك بذراعها , لكنها التفتت إليه مبتسمة بصمت قبل أن تمد له بالذرة فلم يرفض دعوتها
بل ابتسم وأمسك بكفها يقربها من فمه ملتهما العديد والعديد من حبيباتها دون أن يحيد بعينيه عن عينيها
مرا بمجموعة من الفتيات لم يرى أي منهن بل الحق أنه لم يلحظ أي أنثى منذ اليوم الذي دخلت حياته
فلم يرى همساتهن إزاء مظهرهما لم يدرك كما يبدوانِ في تلك اللحظة كعاشقين !
......
لم أصدق ما رأيته بعيني يا خاطر و لم أصدق ما سمعته بأذني ولا أصدق ما أسمع الآن
التفت خاطر ناظرا الى شغف التي كانت تجلس بجواره هادئة بابتسامة متحفظة في مواجهة مديرة الدار
ثم أعاد نظره إليها قائلا بصوتٍ صلب
أنا مستعد لمواجهة العواقب لكن ربما لو شرحت الأمر لك
فتحت كفيها ملوحة بهما قائلة بعصبية
ما الذي يمكنك شرحه ؟! لقد سجلت الكاميرات دخولك غرفة ليس مسموحا لك دخولها و التلصص على ملفات النزلاء وأنت تعرف مدى سريتها وفقا لقانون الدار
تكلمت شغف قائلة بهدوء دون أن تفقد ابتسامتها
الملف يخصني وأنا زوجته و لا أتهمه بشيء
رمقتها مديرة الدار بنظرةٍ سوداء تحمل اتهاما صريحا وبعضا من الاتهام الأخلاقي ثم قالت بنبرة مشتدة
هذا لا ينفي كسره لقواعد الدار يا سيدة شغف واختراقه قوانين السرية خاصة وأن شقيقة والدك هي المسؤولة عن وجوده هنا لا أنت ِ , أما بالنسبة لزواجكما فهو موضوع حرج بعد أن تلقيت منها شكوى منذ الصباح الباكر صارخة عبر الهاتف أن عامل لدينا استغل الحالة التي تمرين بها , وأقنعك بزواجٍ سريع غير متروٍ منتهكا شرفها وكرامة أسرتها والعديد من الألفاظ التي يأبى لساني تكرارها وهددت بتصعيد الأمر وإغلاق الدار لعدم تأكدنا من أمانة من نقوم بتوظيفهم
صمتت للحظة و هي تنقل عينيها بينهما ثم تابعت قائلة بازدراء
وأنا شخصيا مقتنعة بوجهة نظرها
ثم رمقت خاطر بنظرةٍ قاتلة وهي تقول بعنف
كنت تبحث عنها بإصرار ولم تكن تعرفها وما أن وجدتها حتى أحكمت الطوق من حولها وأوقعتها في تلك الزيجة المزرية لتبتز عائلتها ربما كما اتهمتك عمتها
انعقد حاجبا خاطر بشدة و تلبدت ملامحه وهو يهدر قائلا
انتظري لحظة ليس من حق عمتها أن
الا أن شغف مدت كفها ممسكة بمعصمه وهي تقاطعه موجهة كلامها للسيدة قائلة بنفس النبرة الهادئة
حقها , فهي عمتي وفوجئت بزواجنا و تستطيع الصراخ في لحظة غضبا خوفا على ابنة أخيها أما أنتِ سيدتي فليس من حقك إبداء رأيك بخصوص زواجي أتزوج عاملا , مهندسا , طبيبا أو حتى عاطلا أنا الدكتورة شغف عبد الرحيم راشدة و مسؤولة عن قراراتي ولا يحق لمخلوق مناقشتي فيها
شعرت مديرة الدار بالحرج فزمت شفتيها وشعر خاطر بالحرج لأجلها , فعلى الرغم من كل شيء هذه السيدة قدمت له عملا حين كان يائسا وبالطبع ترى زيجتهما المفاجئة مثيرة للريبة خاصة بعد إتصال العقربة بها
وحين تمكنت من التغلب على حرجها أخيرا نظرت الى خاطر وقالت بهدوءٍ قاطع
يؤسفني إبلاغك بأنك لم تعد فردا منا الآن يا خاطر , وسر أسفي هو القلوب التي علقتها بك خلال عملك هنا بينما أنت تبحث عن صيد ثمين وسريع لا يمكنني فعل ما هو أكثر , فأمر زيجتكما هو موضوع شخصي والسيدة شغف كما قالت مسؤولة عن قراراتها و الدار غير مسؤولة عنها أو عنك تفضلا الآن وشيء آخر الزيارة ممنوعة بالنسبة لك , ودخول الدار من الأساس
أطرق خاطر برأسه ببطء بينما هزت شغف كتفيها باستسلام وساد الصمت للحظات, ثم نظر اليها قائلا بخفوت
هل لي بطلبٍ أخير من باب الإنسانية فقط , هل يمكنني القيام بزيارة أخيرة لنعمات ؟
تجهمت ملامحها قليلا وهي تنظر إليه بعدم رضا لكن في عينيها كان الأسف حقيقيا
....
عامر ماذا تفعل ؟!
رفع عامر وجهه عن هاتفه ناظرا إليها مبتسما وهي تخرج من الحمام مرتدية ثوبا جديدا أقل ما يقال عنه أنه خلاب واستغرق وقته كاملا في تأملها بنهم بينما وضع الهاتف جانبا وهو يقول بهدوء
كنت أنهي شيئا
سألته بوداعة تحمل انبهارا
هل كتبت شيئا في قصتك الجديدة ؟!
نهض من مكانه ببطء و اقترب منها قائلا بصوته العميق المؤثر
لقد قاربت النهاية
هتفت بتشجيعٍ مخلص وكأنها تحاول أن تمده بكل ما تستطيع
رائع أتمنى لها النجاح
أمسك بكفيها يديرها حول نفسها حتى التف فستانها حول ساقيها و ارتفع قليلا ثم قال بخفوت
توقفي عن ابهاري كل مرة خلال ساعات قليلة
أخفضت وجهها و قالت بحرج
أنت من اشتريته لقد اشتريت الكثير من الأشياء وتكلفت الكثير
أخفض وجهه يقبلها بنعومة وهو يهمس لها بثقة
أستطيع تحمل التكلفة , فلا تقلقي حاولي التأقلم مع وضعك الحالي كزوجتي و أنني مسؤول عنك وعن يارا وروان مسؤولية كاملة
تنهدت وهي ترفع وجهها لتستقبل قبلته الحنونة بقلبٍ يغرد لعله بالأمس كان متوترا فقط , أما الآن فقد عاد الى طبيعته الحنونة الدمثة
تراجعت عنه للحظة و قالت بقلق
هل تظن أن روان ستكون بأمانٍ مع لوسي ؟! لم أعتد تركها مع أغراب ؟!
أجابها متشدقا وهو يلاعب خصلات شعرها وكأنه لم يشبع منه حتى هذه اللحظة
أنا واثق أنها ستكون في أمانٍ معها لكن لو كنتِ غير مرتاحة فلا تجبري نفسك , يمكننا اصطحابها معنا
عضت على شفتها وهي تشعر بتنازع بداخلها فرجل مثله يتوقع أن يمضي مع زوجته بعض الوقت منفردين في شهر العسل الا يكفي أنه أحضر روان معهما في ليلة زفافهما و ستلحق بها يارا !
لا تريد أن تكون شديدة الملل بالنسبة له يبدو أنها ستواجه الكثير محاولة التوفيق بين دورها كأم و دورها كزوجة له
لذا رفعت وجهها وقالت مستسلمة
لا مانع من تركها بعض الوقت وربما لدى عودتنا وبعد نومها نعد سهرة أمام التلفاز , ما رأيك ؟! هل تحب الفشار ؟ أستطيع اعداد برميلا منه
تنحنح قائلا وهو يجذبها إليه
أمام برنامج الدكتور البردويلي كما أظن ؟!
ردت سلوان بعفوية
بل أمام فيلما كنت أنتظره منذ زمن برنامج الدكتور البردويلي يأتي في الثالثة عصرا
مط عامر شفتيه قائلا بأسف
خسارة كنت أود إجراء تجربة عملية لإحدى وصفاته لزيادة القدرة ال
رفعت يدها بسرعة تكتم بها فمه شاهقة بخجل وهي تضحك بقوة فسارع بعض أصابعها مما جعلها تتأوه وتقفز مبتعدة هاتفة
مفترس
حاولت الخروج من الغرفة وهي تدلك أصابعها ضاحكة لكنه حاصرها يمنع خروجها مما جعلها تهتف بشقاوة تحاول الهرب منه
دعني أريد النزول للوسي لإعطائها بعض التعليمات بخصوص روان , والا لن نخرج
الا أنه اعتقل خصرها ورفعها عاليا فلوحت بساقيها صارخة والدوار يصيبها من جديد لكن هذه المرة كان الضحك مسيطرا عليها بجنون وهتفت بذعر
أنزلني يا عامر
لكن جوابه كان واضحا وهو يقول آمرا
ليس قبل أن أحصل منكِ على قبلة اعتذار
هزت رأسها نفيا ضاحكة بوجهٍ محمر حتى تدلى شعرها حول وجهه , فهزها قائلا بجدية
اذن والله لن أنزلك ولو أبقيتك هكذا بالأعلى حتى الغد
أغمضت عينيها غير قادرة على مواجهة عينيه ثم لم تجد بدا من الاستسلام لطلبه فأخفضت وجهها و هي مغمضة العينين لتقبله لكن عصبيتها جعلتها تخفض رأسها أسرع و أقوى من اللازم فضرب أنفها أنفه
تأوه كلا منهما وهو ينزلها أرضا ليحك أنفه من أثر الضربة بينما دمعت عيناها ألما بشدة هاتفة بصوتٍ مختنق من الألم
آسفة جدا لم أقصد
ثم رفعت وجهها إليه و قالت بحرج
سأنزل الآن
لكن و قبل أن تخرج من الغرفة كان قد أمسك بذراعها ليديرها إليه ثم قبض بأصابعه على أنفها يمنعها من النفس فاضطرت لفتح فمها طلبا للهواء فهمس مبتسما بخبث قبل أن يهوي بوجهه
لقد أقسمت .
.....
دخلت من باب البيت الضخم وهي تقول ضاحكة بسخرية
عجبا , لم يقوموا بتغيير المفاتيح ليمنعوا دخولي عامة هذا يسهل الأمر كثيرا
لم يبتسم خاطر متجاوبا مع ضحكتها , فقد كان يحمل من الهم ما يفوق قدرته على التجاوب و ظل صامتا , يدس يديه في جيبي بنطاله ثم قال أخيرا بنبرة ثقيلة
ها قد أوصلتك لبيتك , و الآن علي الرحيل
استدارت شغف ناظرة إليه بدهشة قائلة
الرحيل ! الى أين بالضبط ؟!
هز كتفيه قائلا بجمود
لبيتي لأسرتي لهمٍ لا علم لي من أين سأبدأ بجمعه !
ارتفع حاجباها بدهشة قبل أن تعقدهما قائلة
أنت الآن في بيتك لتفكر في همك الذي ستقوم بجمعه , هنا معي
هز خاطر رأسه نفيا ببطء قائلا
لم يكن و لن يكون هذا بيتي مطلقا , ما فعلته الا إرضاءًا لكِ
همست تسأله بتعالٍ
إرضاءًا لي ؟! وكيف هذا ؟!
أجابها بصوتٍ مثقل وهو يقترب منها مبعدا خصلة من شعرها عن عينيها
لقد خذلك الجميع , وتودين لو رددتِ لهم الألم بأفظع منه لم أفهمك قبلا , لكني الآن بدأت أتفهم حقيق ألمك ولو قليلا لكن هذا القليل لكن يكفيه أن تحرمينهم من كل أموالهم و بيوتهم و مشفاهم الغالي فالخسارة أكبر من كل هذه الصغائر لذا سأقولها لكِ مرة أخرى يا شغف هوني على نفسك , هوني على نفسك يا جميلة فأنتِ لن تتحملي طويلا .
انحنت شفتاها وعينيها للحظة , الا أنها سرعان ما استعادت هدوء ملامحها و قالت ببرود
وماذا عنك ؟! كيف ستتصرف بعد أن فقدت عملك ؟!
ابتسم لها وهو يلامس ذقنها
ليست المرة الأولى هذه حياتي يا شغف , فلا تلومي نفسك كثيرا
ارتفع حاجباها و هي تردد ساخرة
ألوم نفسي ؟! لا أنت مخطئ تماما يا خاطر , أنا لا ألوم نفسي فقد سجلت لك جزءا من هذا البيت , يساوي ثمنه مبلغا طائلا لم تحلم به في حياتك كلها وإن كنت تظن أنك لن تستطيع بيعه لأنه جزء من الكل فأنت مخطئ تماما , هناك المئات مستعدون لشراء هذا الجزء متهافتين خلفك بإشارة من إصبعك
تجهمت ملامح خاطر بشدة وهو يقول بصرامة محتدا
( لن أمد يدي الى قرشا من مالك ألم تدركي هذا بعد ؟!
أومأت برأسها قائلة بثقة مؤكدة ناظرة الى عينيه بعينين واسعتين بل ستفعل يا خاطر حين تغلق كل الطرق من حولك ستفعل
أمسك بذراعيها قائلا من بين أسنانه
أنا لن أستغلك أبدا افهمي هذا بعقلك الغبي المشوه
رفعت حاجبا مستهزئا و هي تردد قائلة
ألم تستغلني بعد ؟!
شدد من قبضتيه على ذراعيها وهو يقول بشراسة
اسمعيني جيدا أنا و أنتِ نعلم جيدا أنني لم أستغلك وأن ما حدث بيننا كان برغبة من كلينا
رفعت ذقنها تقول ببرود
قلت أن الشهوة لا تحكمني
رد عليها بحدة هادرا
لكنك في حاجة له أيا كانت رغبتك فأنا لم أستغلك
أبعدت كفيه عن ذراعيها بالقوة واستدارت عنه غير قادرة على الرد ومن موقعهما أسفل السلم , لم تراهما سلوان وهي تنزل السلالم بسرعة , لكن ما أن أبصرت خاطر حتى شهقت عاليا وهي ترفع يديها الى رأسها لتعود الصعود جريا بينما سارع خاطر يوليها ظهره مرتبكا
أما شغف فقد نظرت الى ما يحدث عاقدة حاجبيها ثم أشارت الى السلم حيث اختفت سلوان قائلة
ما بالها ؟! من هذه أساسا ؟!
رد خاطر متجهما ببديهية
من الواضح أنها محجبة لم تخبريني أن هناك نساء في البيت !
نظرت شغف لأعلى السلم مجددا ثم همست بتعجب عابسة
من هذه ؟!
لتجد أن المتصل صاحب رقما غريبا لم تدركه , فهمست بأمل
ربما كانت سلوان تتصل سائلة عن حصان روان ! لكن لو كانت هي لاتصلت من هاتفها
رفعت الهاتف الى أذنها وردت بحذر لكن الصوت الرجولي الذي وصلها كان مخيفا في خفوته رغم صلابة نبرته وهو يقول ساخرا
عرفت أنكِ ستجيبين حين أتصل بكِ من رقمٍ غريب لكن أتراكِ تحفظين رقمي يا درة ؟!
ارتعشت رغما عنها , لكنها أبت أن تظهر له ذرة من الخوف فرفعت وجهها و قالت بسخرية مماثلة
بالطبع تتصل بعد جولة لطيفة في مواقع التواصل ما رأيك في صورتي ؟! أنا عن نفسي أجدها لا تنصفني , فلدي أجمل منها بكثير
سمعت فجأة صوت تهشم عالٍ آتٍ من الهاتف فنظرت اليه بقلق ثم سألته بخشونة
ما هذا الصوت ؟! ماذا فعلت ؟!
لكنه لم يجب سؤالها , بل همس من بين أسنانه قائلا بصوتٍ مرير شرس
أخبرتكِ أنني لن أسمح , ولن أسامح لكنك لم تصدقيني , وهذا خطأ كبيركبير جدا يا درة ما كان عليكِ الوقوع فيه للمرة الثانية
أظلمت عيناها و هي تستمع الى نبرة صوته متنفسة بسرعة و أصابعها تشتد حول الهاتف, تريد معرفة الى أين سيصل بتهديده , ودون انتظار سألته بنبرة قاتمة
بالطبع , ستستخدم الورقة التي تملكها للضغط علي أليس كذلك ؟!
ضحك ضحكة خافتة أرعبتها , الا أنه حين أجابها قال بنبرةٍ حاقدة
لن أسمح فهذا سيكون مستقبلا أما لن أسامح فقد وقعتِ في المحظور و انتهى الأمر فلا تلومي الا نفسك
ودون انتظار جوابا منها أغلق الخط مما جعلها تنظر الى الهاتف بملامح شاحبة قبل أن تضعه جانبا وهي تعاود رفع ركبتيها الى صدرها عاقدة حاجبيها بقلق
ثم همست لنفسها , بغضب
ليتني لم أسجل نصف الشقة لسلوان لكنت بعتها الآن وألقيت له بما أدين
لعقت شفتها الجافة وهي تنظر حولها بصمت ربما لو كلمت عامر أن يقرضها المبلغ !
سرعان ما استرجعت اتهام سلوان لها و ما شعرت به من مهانة و صدمة .. فهزت رأسها نفيا بسرعة و هتفت همسا بقهر
والله ولو سأموت جوعا أو ينتهي بي الأمر محتجزة في أحد السجون فلن ألجأ إليها مطلقا
........
لا أعرف سر إصرارك على مرافقتي الآن !
تكلم خاطر بصوتٍ أجش متذمرا بينما هي تسير بجواره ملتهمة أحد ثمار الذرة المشوية و التي اشتراها لها فقالت ببساطة
نحن الآن متزوجان رافقتني و أنا أنفذ ما أريد , لذا سأرافقك لأدعمك
وقف قليلا فاضطرت للوقوف معه ناظرة اليه بعينين هادئتين وفم مبتسم بينما قال بخشونة وهو يمسك بذراعها
لم يعد هناك مجالا للدعم فالكاميرات على الأرجح صورتني بكل وضوح لا يدع مجالا للشك و أنا أقتحم الغرفة و أفتش ملفات النزلاء
تنهدت وهي تهز رأسها بأسف قائلة بينما تلتقط بأسنانها بضع حبات من الذرة و تنتزعها برفق
ماذا أقول ! ما كان يجب عليكِ أن تفعل ما فعلت ! على الأرجح ستخسر عملك لمجرد نوبة شهامة و تعاطف مع أم فقدت ابنها أردت مواساتها و البحث عنها مهما كلفك الأمر !
أخذت تمضغ الحبات في فمها ثم قالت بهدوء
كان هذا منتهى الغباء يا خاطر
نظراته الى أسنانها و هي تنتزع الحبات أشعلت به إثارة حاول اخمادها خاصة وهو يلمح لسانها النهم لكن الشعور الأكبر بداخله من الإثارة كان الضيق ,
الضيق من نفسه لأنها على حق لقد جازف بعمله دون تفكير ليعثر عليها مهما كانت العواقب !!
هاله أن ينسى أسرته و مسؤولياته في لحظة تهور و يهرع خلفها
لكنه لم يكن نادما , أليس هذا تناقضا في المشاعر سافرا وشديد الحماقة !
وكأنه أقر أنه سيظل خلفها كظلها الى أن يحين الفراق لكن كان عليه التفكير في الواجب الملقى على عاتقه واجبه تجاه والده و إخوته !
مش تفكيره الثقيل وملامحه المتجهمة , همست شغف مداعبة
على أن المواساة لم تكن فقط ما حصلت عليها ربما الأمر في النهاية يستحق فقدانك عملك
نظر إليها نظرة قاتمة لم تنجح في إفقادها ابتسامتها لكنها لمست بداخلها شيء رفضت إظهاره فأخفضت وجهها و أخفت تعابيره في التهام المزيد من حبات الذرة مما جعل خاطر يمسك بذراعها ويجرها معه مكملين طريقهما لدار الأمل
منذ أن سمع ما سمعه من ابنة عمتها وهو غير قادر على التحكم في انتفاضته كل مفاجأة تخصها تضربه ضربة أشد مما قبلها توجعه و تربطه بها أكثر
تلك الشابة الجميلة المتهادية أمامه ذاقت أشد أنواع المرار وهو ما جعل منها ذلك المسخ المشوه الروح خلف هذا الوجه الجميل الفاتن !
ربما لو سمعت أفكاره الآن لتصرفت تصرفها المثالي لضحكت عاليا بسخرية ...
رمقها بنظرةٍ جانبية وهي تسير بجواره بينما يمسك بذراعها , لكنها التفتت إليه مبتسمة بصمت قبل أن تمد له بالذرة فلم يرفض دعوتها
بل ابتسم وأمسك بكفها يقربها من فمه ملتهما العديد والعديد من حبيباتها دون أن يحيد بعينيه عن عينيها
مرا بمجموعة من الفتيات لم يرى أي منهن بل الحق أنه لم يلحظ أي أنثى منذ اليوم الذي دخلت حياته
فلم يرى همساتهن إزاء مظهرهما لم يدرك كما يبدوانِ في تلك اللحظة كعاشقين !
......
لم أصدق ما رأيته بعيني يا خاطر و لم أصدق ما سمعته بأذني ولا أصدق ما أسمع الآن
التفت خاطر ناظرا الى شغف التي كانت تجلس بجواره هادئة بابتسامة متحفظة في مواجهة مديرة الدار
ثم أعاد نظره إليها قائلا بصوتٍ صلب
أنا مستعد لمواجهة العواقب لكن ربما لو شرحت الأمر لك
فتحت كفيها ملوحة بهما قائلة بعصبية
ما الذي يمكنك شرحه ؟! لقد سجلت الكاميرات دخولك غرفة ليس مسموحا لك دخولها و التلصص على ملفات النزلاء وأنت تعرف مدى سريتها وفقا لقانون الدار
تكلمت شغف قائلة بهدوء دون أن تفقد ابتسامتها
الملف يخصني وأنا زوجته و لا أتهمه بشيء
رمقتها مديرة الدار بنظرةٍ سوداء تحمل اتهاما صريحا وبعضا من الاتهام الأخلاقي ثم قالت بنبرة مشتدة
هذا لا ينفي كسره لقواعد الدار يا سيدة شغف واختراقه قوانين السرية خاصة وأن شقيقة والدك هي المسؤولة عن وجوده هنا لا أنت ِ , أما بالنسبة لزواجكما فهو موضوع حرج بعد أن تلقيت منها شكوى منذ الصباح الباكر صارخة عبر الهاتف أن عامل لدينا استغل الحالة التي تمرين بها , وأقنعك بزواجٍ سريع غير متروٍ منتهكا شرفها وكرامة أسرتها والعديد من الألفاظ التي يأبى لساني تكرارها وهددت بتصعيد الأمر وإغلاق الدار لعدم تأكدنا من أمانة من نقوم بتوظيفهم
صمتت للحظة و هي تنقل عينيها بينهما ثم تابعت قائلة بازدراء
وأنا شخصيا مقتنعة بوجهة نظرها
ثم رمقت خاطر بنظرةٍ قاتلة وهي تقول بعنف
كنت تبحث عنها بإصرار ولم تكن تعرفها وما أن وجدتها حتى أحكمت الطوق من حولها وأوقعتها في تلك الزيجة المزرية لتبتز عائلتها ربما كما اتهمتك عمتها
انعقد حاجبا خاطر بشدة و تلبدت ملامحه وهو يهدر قائلا
انتظري لحظة ليس من حق عمتها أن
الا أن شغف مدت كفها ممسكة بمعصمه وهي تقاطعه موجهة كلامها للسيدة قائلة بنفس النبرة الهادئة
حقها , فهي عمتي وفوجئت بزواجنا و تستطيع الصراخ في لحظة غضبا خوفا على ابنة أخيها أما أنتِ سيدتي فليس من حقك إبداء رأيك بخصوص زواجي أتزوج عاملا , مهندسا , طبيبا أو حتى عاطلا أنا الدكتورة شغف عبد الرحيم راشدة و مسؤولة عن قراراتي ولا يحق لمخلوق مناقشتي فيها
شعرت مديرة الدار بالحرج فزمت شفتيها وشعر خاطر بالحرج لأجلها , فعلى الرغم من كل شيء هذه السيدة قدمت له عملا حين كان يائسا وبالطبع ترى زيجتهما المفاجئة مثيرة للريبة خاصة بعد إتصال العقربة بها
وحين تمكنت من التغلب على حرجها أخيرا نظرت الى خاطر وقالت بهدوءٍ قاطع
يؤسفني إبلاغك بأنك لم تعد فردا منا الآن يا خاطر , وسر أسفي هو القلوب التي علقتها بك خلال عملك هنا بينما أنت تبحث عن صيد ثمين وسريع لا يمكنني فعل ما هو أكثر , فأمر زيجتكما هو موضوع شخصي والسيدة شغف كما قالت مسؤولة عن قراراتها و الدار غير مسؤولة عنها أو عنك تفضلا الآن وشيء آخر الزيارة ممنوعة بالنسبة لك , ودخول الدار من الأساس
أطرق خاطر برأسه ببطء بينما هزت شغف كتفيها باستسلام وساد الصمت للحظات, ثم نظر اليها قائلا بخفوت
هل لي بطلبٍ أخير من باب الإنسانية فقط , هل يمكنني القيام بزيارة أخيرة لنعمات ؟
تجهمت ملامحها قليلا وهي تنظر إليه بعدم رضا لكن في عينيها كان الأسف حقيقيا
....
عامر ماذا تفعل ؟!
رفع عامر وجهه عن هاتفه ناظرا إليها مبتسما وهي تخرج من الحمام مرتدية ثوبا جديدا أقل ما يقال عنه أنه خلاب واستغرق وقته كاملا في تأملها بنهم بينما وضع الهاتف جانبا وهو يقول بهدوء
كنت أنهي شيئا
سألته بوداعة تحمل انبهارا
هل كتبت شيئا في قصتك الجديدة ؟!
نهض من مكانه ببطء و اقترب منها قائلا بصوته العميق المؤثر
لقد قاربت النهاية
هتفت بتشجيعٍ مخلص وكأنها تحاول أن تمده بكل ما تستطيع
رائع أتمنى لها النجاح
أمسك بكفيها يديرها حول نفسها حتى التف فستانها حول ساقيها و ارتفع قليلا ثم قال بخفوت
توقفي عن ابهاري كل مرة خلال ساعات قليلة
أخفضت وجهها و قالت بحرج
أنت من اشتريته لقد اشتريت الكثير من الأشياء وتكلفت الكثير
أخفض وجهه يقبلها بنعومة وهو يهمس لها بثقة
أستطيع تحمل التكلفة , فلا تقلقي حاولي التأقلم مع وضعك الحالي كزوجتي و أنني مسؤول عنك وعن يارا وروان مسؤولية كاملة
تنهدت وهي ترفع وجهها لتستقبل قبلته الحنونة بقلبٍ يغرد لعله بالأمس كان متوترا فقط , أما الآن فقد عاد الى طبيعته الحنونة الدمثة
تراجعت عنه للحظة و قالت بقلق
هل تظن أن روان ستكون بأمانٍ مع لوسي ؟! لم أعتد تركها مع أغراب ؟!
أجابها متشدقا وهو يلاعب خصلات شعرها وكأنه لم يشبع منه حتى هذه اللحظة
أنا واثق أنها ستكون في أمانٍ معها لكن لو كنتِ غير مرتاحة فلا تجبري نفسك , يمكننا اصطحابها معنا
عضت على شفتها وهي تشعر بتنازع بداخلها فرجل مثله يتوقع أن يمضي مع زوجته بعض الوقت منفردين في شهر العسل الا يكفي أنه أحضر روان معهما في ليلة زفافهما و ستلحق بها يارا !
لا تريد أن تكون شديدة الملل بالنسبة له يبدو أنها ستواجه الكثير محاولة التوفيق بين دورها كأم و دورها كزوجة له
لذا رفعت وجهها وقالت مستسلمة
لا مانع من تركها بعض الوقت وربما لدى عودتنا وبعد نومها نعد سهرة أمام التلفاز , ما رأيك ؟! هل تحب الفشار ؟ أستطيع اعداد برميلا منه
تنحنح قائلا وهو يجذبها إليه
أمام برنامج الدكتور البردويلي كما أظن ؟!
ردت سلوان بعفوية
بل أمام فيلما كنت أنتظره منذ زمن برنامج الدكتور البردويلي يأتي في الثالثة عصرا
مط عامر شفتيه قائلا بأسف
خسارة كنت أود إجراء تجربة عملية لإحدى وصفاته لزيادة القدرة ال
رفعت يدها بسرعة تكتم بها فمه شاهقة بخجل وهي تضحك بقوة فسارع بعض أصابعها مما جعلها تتأوه وتقفز مبتعدة هاتفة
مفترس
حاولت الخروج من الغرفة وهي تدلك أصابعها ضاحكة لكنه حاصرها يمنع خروجها مما جعلها تهتف بشقاوة تحاول الهرب منه
دعني أريد النزول للوسي لإعطائها بعض التعليمات بخصوص روان , والا لن نخرج
الا أنه اعتقل خصرها ورفعها عاليا فلوحت بساقيها صارخة والدوار يصيبها من جديد لكن هذه المرة كان الضحك مسيطرا عليها بجنون وهتفت بذعر
أنزلني يا عامر
لكن جوابه كان واضحا وهو يقول آمرا
ليس قبل أن أحصل منكِ على قبلة اعتذار
هزت رأسها نفيا ضاحكة بوجهٍ محمر حتى تدلى شعرها حول وجهه , فهزها قائلا بجدية
اذن والله لن أنزلك ولو أبقيتك هكذا بالأعلى حتى الغد
أغمضت عينيها غير قادرة على مواجهة عينيه ثم لم تجد بدا من الاستسلام لطلبه فأخفضت وجهها و هي مغمضة العينين لتقبله لكن عصبيتها جعلتها تخفض رأسها أسرع و أقوى من اللازم فضرب أنفها أنفه
تأوه كلا منهما وهو ينزلها أرضا ليحك أنفه من أثر الضربة بينما دمعت عيناها ألما بشدة هاتفة بصوتٍ مختنق من الألم
آسفة جدا لم أقصد
ثم رفعت وجهها إليه و قالت بحرج
سأنزل الآن
لكن و قبل أن تخرج من الغرفة كان قد أمسك بذراعها ليديرها إليه ثم قبض بأصابعه على أنفها يمنعها من النفس فاضطرت لفتح فمها طلبا للهواء فهمس مبتسما بخبث قبل أن يهوي بوجهه
لقد أقسمت .
.....
دخلت من باب البيت الضخم وهي تقول ضاحكة بسخرية
عجبا , لم يقوموا بتغيير المفاتيح ليمنعوا دخولي عامة هذا يسهل الأمر كثيرا
لم يبتسم خاطر متجاوبا مع ضحكتها , فقد كان يحمل من الهم ما يفوق قدرته على التجاوب و ظل صامتا , يدس يديه في جيبي بنطاله ثم قال أخيرا بنبرة ثقيلة
ها قد أوصلتك لبيتك , و الآن علي الرحيل
استدارت شغف ناظرة إليه بدهشة قائلة
الرحيل ! الى أين بالضبط ؟!
هز كتفيه قائلا بجمود
لبيتي لأسرتي لهمٍ لا علم لي من أين سأبدأ بجمعه !
ارتفع حاجباها بدهشة قبل أن تعقدهما قائلة
أنت الآن في بيتك لتفكر في همك الذي ستقوم بجمعه , هنا معي
هز خاطر رأسه نفيا ببطء قائلا
لم يكن و لن يكون هذا بيتي مطلقا , ما فعلته الا إرضاءًا لكِ
همست تسأله بتعالٍ
إرضاءًا لي ؟! وكيف هذا ؟!
أجابها بصوتٍ مثقل وهو يقترب منها مبعدا خصلة من شعرها عن عينيها
لقد خذلك الجميع , وتودين لو رددتِ لهم الألم بأفظع منه لم أفهمك قبلا , لكني الآن بدأت أتفهم حقيق ألمك ولو قليلا لكن هذا القليل لكن يكفيه أن تحرمينهم من كل أموالهم و بيوتهم و مشفاهم الغالي فالخسارة أكبر من كل هذه الصغائر لذا سأقولها لكِ مرة أخرى يا شغف هوني على نفسك , هوني على نفسك يا جميلة فأنتِ لن تتحملي طويلا .
انحنت شفتاها وعينيها للحظة , الا أنها سرعان ما استعادت هدوء ملامحها و قالت ببرود
وماذا عنك ؟! كيف ستتصرف بعد أن فقدت عملك ؟!
ابتسم لها وهو يلامس ذقنها
ليست المرة الأولى هذه حياتي يا شغف , فلا تلومي نفسك كثيرا
ارتفع حاجباها و هي تردد ساخرة
ألوم نفسي ؟! لا أنت مخطئ تماما يا خاطر , أنا لا ألوم نفسي فقد سجلت لك جزءا من هذا البيت , يساوي ثمنه مبلغا طائلا لم تحلم به في حياتك كلها وإن كنت تظن أنك لن تستطيع بيعه لأنه جزء من الكل فأنت مخطئ تماما , هناك المئات مستعدون لشراء هذا الجزء متهافتين خلفك بإشارة من إصبعك
تجهمت ملامح خاطر بشدة وهو يقول بصرامة محتدا
( لن أمد يدي الى قرشا من مالك ألم تدركي هذا بعد ؟!
أومأت برأسها قائلة بثقة مؤكدة ناظرة الى عينيه بعينين واسعتين بل ستفعل يا خاطر حين تغلق كل الطرق من حولك ستفعل
أمسك بذراعيها قائلا من بين أسنانه
أنا لن أستغلك أبدا افهمي هذا بعقلك الغبي المشوه
رفعت حاجبا مستهزئا و هي تردد قائلة
ألم تستغلني بعد ؟!
شدد من قبضتيه على ذراعيها وهو يقول بشراسة
اسمعيني جيدا أنا و أنتِ نعلم جيدا أنني لم أستغلك وأن ما حدث بيننا كان برغبة من كلينا
رفعت ذقنها تقول ببرود
قلت أن الشهوة لا تحكمني
رد عليها بحدة هادرا
لكنك في حاجة له أيا كانت رغبتك فأنا لم أستغلك
أبعدت كفيه عن ذراعيها بالقوة واستدارت عنه غير قادرة على الرد ومن موقعهما أسفل السلم , لم تراهما سلوان وهي تنزل السلالم بسرعة , لكن ما أن أبصرت خاطر حتى شهقت عاليا وهي ترفع يديها الى رأسها لتعود الصعود جريا بينما سارع خاطر يوليها ظهره مرتبكا
أما شغف فقد نظرت الى ما يحدث عاقدة حاجبيها ثم أشارت الى السلم حيث اختفت سلوان قائلة
ما بالها ؟! من هذه أساسا ؟!
رد خاطر متجهما ببديهية
من الواضح أنها محجبة لم تخبريني أن هناك نساء في البيت !
نظرت شغف لأعلى السلم مجددا ثم همست بتعجب عابسة
من هذه ؟!