الفصل الثامن

واكين حمل المذكرات التي بيده في المساء ونظر لها مطولا، كان متردد في فتحها ولكن قرر أخيرا أن يفتحها بعد فكر كثيرا، كان مكتوب على الصفحة الأولى، إدوارد ريفيرا بخط كبير ومتقن، إذن شقيقه حصل على نصيبه من التعليم الجيد حتى يستطيع أن يكتب بإتقان وصحة هكذا، فتح الصفحة الأولى وللحقيقة لم يكن يظن أنه سوف يتغمس هكذا في القراءة بدأ يلتهما بشراهة تلك الكلمات كان مكتوب هناك على الصفحات الأولى "
  هنا إدوارد ريفيرا  الرجل الضخم يقول البعض أنني وسيم جدا لذا تركض النساء خلفي ولكن هذا الوسيم ذو أعين الصقر التي لقبت بها لخوف الجميع مني، ما هو إلا فتى بائس عاش طفولة مشؤومة أكثر من البوم نفسه، كان لنا عائلة لطيفة ام واب واخوة كنا سعداء بالرغم من فقرنا الشديد والمهلك والدي العزيز الرجل الوحيد الذي أفتخر به في حياتي، ألكسندر ريفيرا  ذلك الرجل الساخر يقال أنني ورثت عيناه انا وشقيقي الأصغر  نسمع هذا منذ الطفولة كان والدي رجل بسيط فقير على حاله لكنه قوي ومقاتل يهابه الجميع، لم يقهره إلا الفقر الذي حرمنا منه ومات يحتاج إلى علاج بسبب مرضه الذي بالنسبة للاغنياء هو حمى خفيفة تعالج في لمح البصر بسبب المال اللعين، امي تلك العاهرة والتي لا تستحق لقب الام، لا أعلم هل قهرها الفقر ام نفسها اللعينة لو كان الفقر يجر إلى الظلام لجر والدي قبلها ولكنها منذ البداية كانت ساحرة شريرة فما كانت تغمرنا كما يفعل ابي ولا كانت تحملنا كما يفعل هو وابي كان يغطي كل هذا بحبه الذي يغمرنا ويعم كل مكان إمرأة جاحدة إخوتي لا يتذكرون ولكنني أذكر جيدا أنها كانت دائما تصرخ طالبة المال رغم كل ما يفعله ابي من جهد تتهمه بالتقصير وهو يفعل كل ما بوسعه حتى مات هالكا من التعب لا أعلم ما حل بها بعد رحيلي فقد ذهبت بعيدا في اول فرصة سنحت لي واعدا نفسي بأن أعود من أجل اخي الصغير واكين وأختي ألميرا ذهبت إلى مونتريال وعشت هناك أقسى ايام حياتي من ذل و تعب ومعاناة فقد عملت هناك في تنظيف المداخن حتى اهترأت رئتي من الدخان كان أرباب العمل متسلطون يعاملوننا كأننا احذية بالية لا معنى لها كنت في العاشرة من عمري عندما ضربني اول مرة رب عملي وقتها تألم قلبي وانا طفل صغير في العاشرة وتذكرت كلمات ابي أن الرجل يأخذ حقه فلا أحد يستطيع ضربه، حينها عزمت الأمر وطلبت من صديقي روبرتو أن نضربه ونهرب وكان هذا، انتظرت الليل وقمت بضربه بالعصى التي على حديقة المنزل ورسمت له على وجهه بالخنجر وهربنا من ذلك العجوز الهرم، على عربة ذاهبة الى مكان لا نعرف أين وعندما وصلت العربة للميناء صعدنا على قارب وقررنا المبيت هنا حتى الصباح.
  في الصباح تفاجئنا أن ذلك القارب على سفينة في وسط البحر لا نعلم إلى أين هي ذاهبة ومعظم الأشخاص هنا يتحدثون بلغة غريبة لا نعلم ما هي عندما وجدنا البحارة الذين كان تبدو ملامح القسوة في وجوههم اطعمونا و أعطونا عمل ظنناه سهل ولكن كان قاس ومتعب جدا كنا انا وروبرتو نقوم بتنظيف ظهر السفينة كله ونقوم بإخراج السمك من الشباك كما أنه علينا تقشير الخضروات وغسل الأواني وكل هذا مقابل البقاء والطعام لم نكن نملك حل آخر للبقاء ونحن بوسط البحر متوجهين إلى مكان مجهول لا نعلم أين هو.

عند وصولنا لذلك المكان علمنا أن هذه المدينة تدعى موسكو، كانت جميلة جدا ولكن ممتلئة بالأشخاص المغرورين كالربان وبحارته، تبدو ملامح القسوة على الجميع رجالا ونساء هنا، قررنا الهرب فقد تعبنا من معاملة الكلاب التي نتلقاها من طاقم السفينة، فذهبنا راكضون لا نعلم الى أين المهم أن ننفد بجلودنا مهما حدث  كنا ننام بالشارع لمدة يومان كالبؤساء والجوع كاد أن يقطع بطوننا عندها وجدنا باب مفتوح و نحن نتجول في ضواحي المدينة، كان المكان دافئ و مريح، وجدنا طعام على الطاولة حينها لم نستطيع المقاومة، قمنا بالأكل حتى شبعنا وشربنا الحليب كله وبعدها من التعب نمنا على الأرض.
  هنا أغلق واكين المذكرة وقد لاحظ أن الفجر بدأ بالدخول قصة أخيه كالخيال الذي لا يصدق لقد عانى شقيقه أكثر منه على الأقل هو كان له سقف يقيه و وجبة تسد رمقه في اليوم حتى لو كانت وجبة بائسة، ذهب نحو الشرفة أستنشق هواء طلق يفكر في شقيقه الذي عانى كثيرا ولو كان هو يعلم ما يحدث مع إخوته إذن أين شقيقته ألميرا وماذا حدث لها يا ترى في هذه الحياة البائسة التي اذاقت كل واحد منهم كأس من السم النقيع على الأقل يعلم أن إدوارد كان بخير وبالنهاية صارت عنده أسرة وأبناء ولكن اخته المسكينة وهي فتاة ماذا حل بها يا ترى سوف يواصل قراءة المذكرات حتى يعلم ما حدث فقد بدأ قلبه بنغشه على حقائق غابت عنه وماض ربما ظن أنه نسيه و لكن هو لايزال يتبعه لليوم.

   باري كان نائم بغرفته في سبات عميق ولكنه شعر بحركة غريبة، كان هناك أشياء تتحرك في سريره فمثل أنه نائم وكان يستمع للحديث الذي يدور، قال أحدهم " هي جوزي انا من سينام هنا، فقال مارك " توني جوزي فتاة وهي الأصغر بيننا لذا ستنام اقرب من جدي، فقال مارك " حسنا حسنا ولكن اتركوا لي مساحة لكي اشتم رائحة جدي، فقالت جوزي " رائحة جدي جميلة جدا لم أكن أظن أنه وسيم هكذا، ضحك مارك وقال " لهذا انا وسيم مثله، فقال توني  " وانا أيضا وسيم مثل جدي ، قالت جوزي "  انا رأيت انا انها جميلة جدا حتى انها اجمل من امي، فقال توني  " ششش لننام بهدوء سوف نوغظ باري، فسكت الثلاثة وناموا بسرعة كانوا يبدون لطفاء جدا وحقا كما تقول لويزا مثل الأرانب  وبذكر لويزا جائت غرفة وقالت بصوت خافت " خيانة كبري يا أرانبي  تنامون مع جدي وحدكم انا أيضا سانام هنا وبسرعة نامت قربهم كان السرير يسع الجميع والمنظر كان لطيف جدا حتى لويزا بدت كالأطفال ضحك عليهم باري وقال في نفسه كم هم مثل قطع السكاكر حلوين و ظريفين، نام قربهم حتى غفى بسرعة وفي الصباح مايدا كانت تبحث عن صغارها الشقيين وعلمت انهم بعد أن علموا أن باري هو جدهم سيكون الله في عونه، بحثت هنا وهناك ولم تجدهم ولويزا مفقودة هذا يعني انهم سيقومون بفعل المتاعب، لويزا عبارة عن طفلة في الثامنة عشر خصوصا عندما تجد ابناء خالها الشقيين ، تعبت مايدا من البحث وشعرت بالارق فجلست تحت ظل مظلة بالأرض تأخذ نفسها وتريح أقدامها، الساعة ذاهبة للحادية عشرة ولا أثر لهم قررت أن تذهب نحو غرفة باري وهناك بالطريق وجدت واكين الذي استغرب أن صديقه اليوم أيضا للان لم ينهض وهنا قالت له مايدا " اختفاء الأطفال ولويزا له علاقة بباري فهم منذ أن علموا أنه جدهم لا يكفون عن التفكير في الذهاب له وبعد تعب ليلة البارحة جعلتهم ينامون واليوم فقدتهم الصباح، هي لا تعلم انهم خدعوها وذهبوا إلى جدهم  خلسة ينامون قربه عند دخولهم جناح باري وجدوا ذلك المنظر الذي تأثروا له كثيرا كان باري مستيقظا ينظر لاحفاده بحب كبير وعند دخولهم أشار لهم أن يخفضوا أصواتهم، قالت مايدا في نفسها كم هو لطيف وذو قلب حنون ولكن لم يكتمل الهدوء حتى اقتحمت الاخوات الثلاثة الغرفة يتحدثن بصوت عال أين اخي أين اخي هنا أستيقظ الصغار ولويزا على أصواتهم ولم تصدق أعينهم فركض الأطفال بسرعة جدتي جدتي وكانوا يقبلون فيهم واحدة واحدة ذهبت الثلاثة نحو باري ولكن يتحدثن بسرعة كعادتهن عندما يكون مريض أو مصاب بأذى، هل أنت بخير؟ هل تتألم ، هل تأكل جيدا،هل تأخذ علاجك بوقته، ماذا حدث ليدك وبعدها احتضنهم باري في مشهد يقطع القلب جدا وكان الجميع يبكي حتى واكين تأثر و وجد دموعه تنزل من دون أن يشعر كيف تحمل صديقه البعد عن أخواته الحنونات كل هذه العشرة أعوام  بالرغم من المشاكل لكن الحب هو ما يبقينا مع بعضنا لن يشعر بهذا إلا من عاش مثله يفتقد للروابط الأسرية بعد كل هذا البعد سامحنه ويسألن عن حاله مع انهم ليس لديهم ذنب في ما فعل وليام.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي